______________________________________________________
سنان يقول بالتفويض ، فقال : وما التفويض؟ قلت : إن الله تبارك وتعالى خلق محمدا وعليا صلوات الله عليهما ففوض إليهما فخلقا ورزقا وأماتا وأحييا؟ فقال عليهالسلام : كذب عدو الله إذا انصرفت إليه فاتل عليه هذه الآية في سورة الرعد : « أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ » (١) فانصرفت إلى الرجل فأخبرته فكأني ألقمته حجرا أو قال : فكأنما خرس.
وقد فوض الله عز وجل إلى نبيه أمر دينه ، فقال عز وجل : « وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (٢) وقد فوض ذلك إلى الأئمة عليهمالسلام ، وعلامة المفوضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم مشايخ قم وعلماءهم إلى القول بالتقصير ، وعلامة الحلاجية من الغلاة دعوى التجلي مع العبادة ، مع تركهم الصلاة وجميع الفرائض ، ودعوى المعرفة بأسماء الله العظمى ، ودعوى انطباع الحق لهم ، وأن الولي إذا خلص وعرف مذهبهم فهو عندهم أفضل من الأنبياء عليهمالسلام ، ومن علامتهم دعوى علم الكيمياء ولم يعلموا منه إلا الدغل ونفيف الشبه والرصاص على المسلمين ، انتهى.
وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح هذا الكلام : الغلو في اللغة هو تجاوز الحد والخروج عن القصد ، قال الله تعالى : « يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ » (٣) الآية فنهى عن تجاوز الحد في المسيح وحذر من الخروج عن القصد في القول ، وجعل ما ادعته النصارى فيه غلوا لتعدية الحد على ما بيناه ، والغلاة من المتظاهرين بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين والأئمة من ذريته عليهمالسلام إلى الإلهية والنبوة ، ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد وخرجوا عن القصد ، وهم ضلال كفار ، حكم فيهم أمير المؤمنين صلوات ـ الله عليه بالقتل والتحريق بالنار وقضت الأئمة عليهمالسلام فيهم بالإكفار والخروج عن الإسلام.
والمفوضة صنف من الغلاة ، وقولهم الذي فارقوا به من سواهم من الغلاة ،
__________________
(١) الآية : ١٦.
(٢) سورة الحشر : ٧.
(٣) سورة النساء : ١٧١.