إلا منهم فقلت ما يمنعك جعلت فداك قال ذلك باب أغلق إلا أن الحسين بن علي صلوات عليهما فتح منه شيئا يسيرا ثم قال يا أبا محمد إن أولئك كانت على أفواههم أوكية.
______________________________________________________
ذلك إلا منهم ، وإنما أصابهم البلايا والفتن لأخبارهم بما علموا من ذلك ، فما زعمت مانعا صار مؤيدا ، أو المعنى لم ينفعهم العلم لدفعه لأنهم فعلوا ما استحقوا بذلك نزول البلاء عليهم من عدم إطاعته عليهالسلام كما ينبغي ، ولا ينافي ذلك علو مرتبتهم ، لأن المقر بين قد يؤاخذون بشيء قليل فيكون إشارة إلى قوله تعالى : « ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ » (١).
وقيل : المراد بما أصابهم القرب والمنزلة عند الإمام عليهالسلام ، واطلاعهم على العلوم الغريبة والأسرار العجيبة ، منضما إلى ما علموا من علم المنايا والبلايا ، والجواب حينئذ أنه لم يكن ذلك إلا منهم لكونهم قابلين مستعدين لذلك « فقلت : ما يمنعك »؟ أي من أن تخبر أصحابك بمناياهم وبلاياهم كما أخبر علي عليهالسلام؟ فأجاب عليهالسلام بأن ذلك باب مغلق عليهم لم يؤذن لهم في فتحه إلا يسيرا ، وهو ما أخبر به الحسين عليهالسلام أصحابه من ذلك « إن أولئك » أي أصحاب الحسين عليهالسلام « كانت على أفواههم أوكية » وكانوا كاتمين للإسرار فلذا أخبرهم ، وأنتم مذيعون لها فلذا لم يخبركم ، أو المراد أعم من أصحاب الحسين وأصحاب علي عليهماالسلام ، فالمعنى أنهم كانوا قادرين على ضبط الأسرار وكتمها ، ولم يكتموا حتى قتلوا بذلك فكيف أنتم ولا تقدرون على الكتم ، أو هم كانوا كاتمين لبعض الأسرار وأنتم لا تكتمون شيئا.
__________________
(١) سورة الشورى : ٣٠.