يضمن عدم استبداد أيّ من الهاشميين على حساب بني عمومتهم ، ويمثّل المساواة بين الاطراف المتنازعة على السلطة المرتقب ممن حضر اجتماع الأبواء.
ولكن سرعان ما التفّ العباسيون بدهاء على ثمار تلك الدعوة التي أتت أكلها بقتل مروان الحمار آخر طغاة الامويين سنة ( ١٣٢ / هـ ) فاستفردوا بالسلطة ، وصاروا حربا شعواء على العلويين بأشدّ أما كان عليه حالهم أيام دولة الطلقاء.
وهكذا تحقّقت نبوءة الإمام الصادق عليهالسلام بشأن بني الحسن في ذلك الاجتماع كما سنرى ، إلاّ من القائد المنكوب محمد بن عبد الله لم يقدر على تحمّل الصدمة ، فاخذ يعدّ العدة في الخفاء للثار من العباسيين الذين استحوذوا على السلطة ونكثوا بيعته ، وبقي هكذا إلى أن استخلف المنصور الدوانيقي بعد هلاك أخيه السفاح ( ١٣٢ ـ ١٣٦ هـ ) ، فكان همّه معرفة أمر محمد وأخيه إبراهيم ابني عبد الله بن الحسن اللذين اختفايا عنه ، ولم يقف أحد من عيونه على أثر لهما في أي مكان ، وزاد من تخوّفه ان ابن عمّهما الحسن بن زيد بن الحسن قد حرّضه على محمد قائلا : « والله ما آمن وثوبه عليك ، فإنه لا ينام عنك » ولهذا كان موسى بن عبد الله بن الحسن يقول بعد ذلك : « اللهم اطلب الحسن بن زيد بدمائنا » (١) الأمر الذي حمل المنصور على سجن أبيه عبد الله بن الحسن وأخوته وأعمّامه وبني عمومته في المدينة المنورة عند مروره بها حاجاً سنة ( ١٤٤ / هـ ) ، ثم ساقهم عند عودته من
__________________
١ ـ الكامل في الأثير / ابن الأثير ٥ : ١٣٧ ـ ١٣٨ في حوادث سنة / ١٤٤ هـ.