بحار الأنوار - ج ٣١

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار - ج ٣١

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


المحقق: الشيخ عبد الزهراء العلوي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الرضا
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فعاده علي عليه السلام ، فقال عثمان (١) :

وعائدة تعود لغير نصح

تود لو أن (٢) ذا دنف يموت

وروى ابن أبي الحديد (٣) أيضا ، عن أبي سعد الآبي ، قال : وروى (٤) في كتابه ، عن ابن عباس ، قال : وقع بين عثمان وعلي عليه السلام كلام ، فقال عثمان : ما أصنع إن كانت قريش لا تحبكم وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأن وجوههم شنوف (٥) الذهب يسرع أنفهم (٦) قبل شفاههم؟!.

قال : وروى المذكور أيضا ـ ، أن عثمان لما نقم الناس عليه ما نقموا ، قام متوكئا على مروان ، فخطب الناس ، فقال : إن لكل أمة آفة (٧) ، وإن آفة هذه الأمة وعاهة هذه النعمة قوم عيابون طعانون يظهرون لكم ما تحبون ويسرون ما تكرهون ، طغام (٨) مثل النعام يتبعون أول ناعق ، ولقد نقموا علي ما نقموا على عمر (٩) فقمعهم ووقمهم (١٠) ، وإني لأقرب ناصرا وأعز نفرا فما لي لا أفعل في فضول الأموال ما أشاء.

__________________

(١) لا توجد في ( س ) : فقال عثمان.

(٢) في ( س ) : أولو ، وفي المصدر : لغير نصح تود لو أن.

(٣) شرح نهج البلاغة ٩ ـ ٢٣.

(٤) لا توجد الواو في ( س ) ، وفي شرح النهج : وروى أبو سعد الآبي في كتابه عن ابن عباس.

(٥) الشنف ـ بالضم ـ : لحن القرط الأعلى ، أو معلاق في قوف الأذن ، أو ما علق في أعلاها ، قاله في القاموس ٣ ـ ١٦٠ ، وسيأتي.

(٦) في ( ك‍ ) نسخة بدل : أنوفهم.

(٧) في شرح النهج : ولكل نعمة عاهة.

(٨) قال في الصحاح ٥ ـ ١٩٧٥ : الطغام : أوغاد الناس .. والطغام أيضا : رذال الطير.

(٩) في المصدر : عمر مثله.

(١٠) يقرأ في ( س ) : وقمهم ، وقد خط على الواو الثانية. أقول : قممت البيت : كنسته ، والقمامة : الكناسة ، قاله في النهاية ٤ ـ ١١٠ ، وغيره.

٤٦١

وروى (١) أيضا ، عن الموفقيات (٢) ، عن ابن عباس ، أنه قال عثمان في كلامه لعمار بعد ذكره عليا عليه السلام ـ : أما إنك من شناتنا (٣) وأتباعهم.

بيان :

أقول : لا يريب عاقل بعد النظر في تلك الأخبار التي رواها أتباع عثمان وأحباؤه في أنها تدل على أنه كان ينزل أمير المؤمنين عليه‌السلام منزلة العدو ، ويرى أتباعه عليه‌السلام من المبغضين له ، كما هو الواقع والحق ، وكفى بمعاداة أمير المؤمنين عليه‌السلام له آية للنفاق وخزياً في الدنيا والاخرة.

وقال في القاموس (٤) : الخمر بالتحريك ما واراك من شجر وغيره .. وجاءنا على خمرة بالكسر وخمر محركة ـ : في سر ، وغفلة وخفية.

وفي الصحاح (٥) : يقال (٦) للرجل إذا اختل (٧) صاحبه : هو يدب له الضراء ويمشي له الخمر.

قوله : تشط بكسر الشين وضمها ـ .. أي تبعد (٨).

وفي الصحاح (٩) : تجرم علي فلان .. أي ادعى ذنبا لم أفعله (١٠).

قوله عليه‌السلام : ما أنا ملقى على وضمة .. أي لست بذليل كاللحم المطروح يأخذ منه من شاء.

__________________

(١) ابن أبي الحديد في شرحه ٩ ـ ١١.

(٢) الموفقيات للزبير بن بكار : ٦٠٨.

(٣) في المصدر : شنائنا.

(٤) القاموس ٢ ـ ٢٣ ، وانظر : لسان العرب ٤ ـ ٢٥٦ ـ ٢٥٧.

(٥) الصحاح ٢ ـ ٦٥٠.

(٦) في ( ك‍ ) : فقال.

(٧) في الصحاح : ختل.

(٨) كما في القاموس ٢ ـ ٣٦٨ ، والصحاح ٣ ـ ١١٣٧ ، ولسان العرب ٧ ـ ٣٣٣.

(٩) الصحاح ٥ ـ ١٨٨٦.

(١٠) ومثله في لسان العرب ١٢ ـ ٩١ وغيره.

٤٦٢

قال الجوهري (١) : الوضم : كل شيء يجعل عليه اللحم من خشب أو بارية يوقى به من الأرض.

وقال (٢) : هاض العظم يهيضه هيضا .. أي كسره بعد الجبور .. ويقال : هاضني الشيء : إذا ردك في مرضك.

وقال (٣) : الدرية : البعير أو غيره يستتر به الصائد فإذا أمكنه الرمي رمى. قال أبو زيد : هو (٤) مهموز لأنها تدرأ نحو الصيد .. أي تدفع.

وقال (٥) والدرية أيضا ـ : حلقة يتعلم عليها الطعن.

أقول : وذكر في المعتل (٦) ، عن الأصمعي : الدرية بالمعنيين بالياء المشددة من غير همز.

والفيروزآبادي (٧) : الدرية بالمعنى الأخير (٨) كذلك ، وبالجملة يظهر منهما أن الوجهين جائزان.

والشنوف بالضم ـ : جمع الشنف بالفتح وهو القرط الأعلى (٩).

__________________

(١) الصحاح ٥ ـ ٢٠٥٣ ، وانظر ما جاء في النهاية ٥ ـ ١٩٩ ، ولسان العرب ١٢ ـ ٦٤٠.

(٢) الصحاح ٣ ـ ١١١٣ ، وأورده في مجمع البحرين ٤ ـ ٢٣٣ ، والنهاية ٥ ـ ٢٨٨.

(٣) الصحاح ١ ـ ٤٩.

(٤) في المصدر : وهو.

(٥) الصحاح ١ ـ ٤٩ ، وانظر هذا والذي قبله في لسان العرب ١ ـ ٧٤ ، والنهاية ٢ ـ ١١٠ وغيرهما.

(٦) أي الجوهري في الصحاح في مادة : درى. قال ٦ ـ ٢٣٣٥ : الدرية ـ غير مهموز ـ وهي دابة يستتر بها الصائد فإذا أمكنه رمى ، وقال أبو زيد : هو مهموز لأنها تدرأ نحو الصيد .. أي تدفع.

أقول : لعل مراده من المعنيين : الاستتار ، والدفع. فإن الدرية بمعنى حلقة يتعلم .. لا توجد في المعتل من الصحاح. ومثله في لسان العرب ١٤ ـ ٢٥٥. نعم قد أورد المعنى الأخير في النهاية ٢ ـ ١١٠ ، ونسبه إلى القيل.

(٧) القاموس ٤ ـ ٣٢٧.

(٨) المراد من المعنى الأخير هو ما يتعلم عليه الطعن.

(٩) قاله في الصحاح ٤ ـ ١٣٨٣ ، والقاموس ٣ ـ ١٦٠ ، ولاحظ مجمع البحرين ٥ ـ ٧٦ ، والنهاية ٢ ـ ٥٠٥.

٤٦٣

وقوله : يسرع أنفهم .. بيان لطول أنوفهم وهو مما يزيد في الحسن.

٣ ـ ج (١) : روي أن يوما من الأيام قال عثمان (٢) لعلي بن أبي طالب عليه السلام : إنك إن تربصت بي فقد تربصت بمن هو خير منك ومني (٣) ، قال علي عليه السلام : ومن هو خير مني؟. قال : أبو بكر وعمر. فقال علي عليه السلام : كذبت أنا خير منك ومنهما ، عبدت الله قبلكم وعبدته بعدكم.

٤ ـ كا (٤) : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إن جماعة من بني أمية في إمرة (٥) عثمان اجتمعوا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم جمعة وهم يريدون أن يزوجوا رجلا منهم ، وأمير المؤمنين عليه السلام قريب منهم ، فقال بعضهم لبعض : هل لكم أن نخجل عليا عليه السلام الساعة ، نسأله أن يخطب بنا ويتكلم (٦) فإنه يخجل ويعين [ يعيا ] بالكلام؟! ، فأقبلوا إليه ، فقالوا : يا أبا الحسن! إنا نريد أن نزوج فلانا فلانة ونحن نريد أن تخطب (٧) ، فقال : فهل تنتظرون أحدا؟. فقالوا : لا ، فالله (٨) ما لبث حتى قال : الحمد لله المختص بالتوحيد ، المقدم (٩) بالوعيد ، الفعال لما يريد ، المحتجب بالنور دون خلقه ، ذي (١٠) الأفق الطامح ،

__________________

(١) الاحتجاج ١ ـ ١٥٧ ـ طبعة إيران ـ ، ١ ـ ٢٢٩ ـ طبعة النجف ـ.

(٢) في المصدر : عثمان بن عفان.

(٣) في المصدر : بتقديم وتأخير : مني ومنك.

(٤) الكافي ـ الفروع ـ ٥ ـ ٣٦٩ ـ ٣٧٠ ، باب خطب النكاح ، حديث ١.

(٥) في المصدر : إمارة ، وهي نسخة على مطبوع البحار.

(٦) في المصدر : ونتكلم.

(٧) في الكافي زيادة : بنا.

(٨) في ( س ) : والله ، وفي الفروع من الكافي : فو الله.

(٩) في المصدر : المتقدم.

(١٠) في ( س ) : ذوي.

٤٦٤

والعز الشامخ ، والملك الباذخ ، المعبود بالآلاء ، رب الأرض والسماء ، أحمده على حسن البلاء ، وفضل العطاء ، وسوابغ النعماء ، وعلى ما يدفع ربنا من البلاء ، حمدا يستهل له العباد ، وينمو به البلاد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يكن شيء قبله ولا يكون شيء بعده ، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل ، اختصه لنفسه ، وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه ، يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإقرار بربوبيته والتصديق بنبيه صلى الله عليه وآله ، بعثه على حين ( فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ) ، وصدف عن الحق ، وجهالة (١) ، وكفر بالبعث والوعيد ، فبلغ رسالاته ، وجاهد في سبيله ، ونصح لأمته ، وعبده حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ، أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم ، فإن الله عز وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون ، والرزق من حيث لا يحتسبون ، فتنجزوا من الله موعده (٢) ، واطلبوا ما عنده بطاعته ، والعمل بمحابه ، فإنه لا يدرك الخير إلا به ، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته ، ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله:

أما بعد ، فإن الله أبرم الأمور وأمضاها على مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك ، وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاق (٣) ، وجرت به الأسباب (٤) من تناهي القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلاءه وحسن بلائه ، وتظاهر نعمائه ، فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإياكم عليه (٥) ، وساقنا وإياكم إليه ، ثم إن فلان بن فلان ذكر فلانة

__________________

(١) في المصدر زيادة : بالرب.

(٢) في الكافي : موعوده.

(٣) في المصدر : الأخلاف.

(٤) في الكافي زيادة : وقضى.

(٥) في ( س ) : إليه.

٤٦٥

بنت فلان وهو في الحسب من قد عرفتموه ، وفي النسب من لا تجهلونه ، وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه ، فردوا خيرا تحمدوا عليه ، وتنسبوا إليه ، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

بيان :

المختص بالتوحيد .. أي بتوحيد الناس له (١) أو بتوحيده لنفسه ، فإنه لم يوحده حق توحيده غيره (٢).

المحتجب بالنور .. أي ليس له حجاب إلا الظهور الكامل أو الكمال التام ، أو عرشه محتجب بالأنوار الظاهرة.

ذي الأفق الطامح : الطموح : الارتفاع (٣) ، ولعله كناية عن ارتفاعه عن إدراك الحواس والعقول والأوهام ، أو عن أن يصل إليه أحد بسوء ، وكذا الفقرتان الآتيتان ، ويحتمل التوزيع.

والشامخ : العالي (٤) ، وكذا الباذخ (٥).

يستهل له العباد .. أي يرفعون به أصواتهم (٦) أو (٧) يستبشرون بذكره.

وينمو به البلاد .. بزيادة النعم على أهاليها.

بالتفضيل .. أي بان فضله على جميع الخلق.

من التضليل .. أي لئلا يضلهم الشيطان أو يجدهم ضالين ، أو لئلا يكونوا مضلين.

__________________

(١) لا توجد : له ، في ( س ).

(٢) في ( ك‍ ) : غير ـ بدون ضمير ـ.

(٣) قاله في مجمع البحرين ٢ ـ ٣٩٣ ، والصحاح ١ ـ ٣٨٨ ، والقاموس ١ ـ ٢٣٨.

(٤) كما في النهاية ٢ ـ ٥٠٠ ، والقاموس ١ ـ ٢٦٢ ، ومجمع البحرين ٢ ـ ٤٣٥.

(٥) ذكره في الصحاح ١ ـ ٤١٨ ، ومجمع البحرين ٢ ـ ٤٢٩ ، والنهاية ١ ـ ١١٠.

(٦) نص عليه في النهاية ٥ ـ ٢٧١ ، ولسان العرب ١١ ـ ٧٠١ ، والقاموس ٤ ـ ٧٠ ، ومجمع البحرين ٥ ـ ٥٠٠.

(٧) في ( ك‍ ) : واو ، بدلا من : أو.

٤٦٦

وصدف .. أي ميل وإعراض (١).

حتى أتاه اليقين .. أي الموت المتيقن.

وتنجز الحاجة : طلب قضاءها لمن وعدها (٢).

والتوكل : إظهار العجز والاعتماد على الغير ، والاسم التكلان بالضم ـ (٣).

وقال الجوهري : انتهى عنه وتناهى .. أي كف (٤).

وقال : شعبت الشيء : فرقته ، وشعبته : جمعته ، وهو من الأضداد (٥).

٥ ـ كا (٦) : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : حج النبي صلى الله عليه وآله فأقام بمنى ثلاثا يصلي ركعتين ، ثم صنع ذلك أبو بكر ، ثم صنع ذلك عمر ، ثم صنع ذلك عثمان ست سنين ثم أكملها عثمان أربعا ، فصلى الظهر أربعا ثم تمارض ليشد بذلك بدعته ، فقال للمؤذن : اذهب إلى علي عليه السلام فليقل (٧) له فليصل (٨) بالناس العصر ، فأتى المؤذن عليا عليه السلام ، فقال له : إن أمير المؤمنين (٩) يأمرك أن تصلي بالناس العصر ، فقال : لا (١٠) ، إذن لا أصلي إلا ركعتين كما صلى رسول الله

__________________

(١) صرح به في مجمع البحرين ٥ ـ ٧٨ ، والقاموس ٣ ـ ١٦١ ، ولسان العرب ٩ ـ ١٨٧ ، والصحاح ٤ ـ ١٣٨٤.

(٢) ذكر ذلك في المصباح المنير ٢ ـ ٢٩٢ ، والقاموس ٢ ـ ١٩٣ ، والصحاح ٣ ـ ٨٩٨ ، ونظيره في لسان العرب ٥ ـ ٤١٤.

(٣) كما أورده الطريحي في مجمع البحرين ٥ ـ ٤٩٣ ، وقاله في القاموس ٤ ـ ٦٦ ، ولسان العرب ١١ ـ ٧٣٦ ، والصحاح ٥ ـ ١٨٤٥.

(٤) الصحاح ٦ ـ ٢٥١٧ ، وفي لسان العرب ١٥ ـ ٣٤٣ مثله.

(٥) الصحاح ١ ـ ١٥٦ ، وبنصه في لسان العرب ١ ـ ٤٩٧.

(٦) الكافي ٤ ـ ٥١٨ ـ ٥١٩ ، حديث ٣ ، مع اختصار في الإسناد من الماتن طاب ثراه.

(٧) في المصدر : فقل ، وهو الظاهر.

(٨) في ( ك‍ ) : فليصلي.

(٩) في الكافي زيادة : عثمان.

(١٠) لا توجد : لا ، في المصدر.

٤٦٧

صلى الله عليه وآله ، فذهب المؤذن فأخبر عثمان بما قال علي عليه السلام ، فقال : اذهب إليه وقل (١) له : إنك لست من هذا في شيء ، اذهب فصل كما تؤمر. قال علي : لا والله لا أفعل .. فخرج عثمان فصلى بهم أربعا ، فلما كان في خلافة معاوية واجتمع الناس عليه وقتل أمير المؤمنين عليه السلام حج معاوية فصلى بالناس بمنى ركعتين الظهر ثم سلم ، فنظرت بنو أمية بعضهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شيعة عثمان ثم قالوا : قد قضى على صاحبكم وخالف وأشمت به عدوه ، فقاموا فدخلوا عليه ، فقالوا : أتدري ما صنعت؟ ما زدت على أن قضيت على صاحبنا ، وأشمت به عدوه ، ورغبت عن صنيعه وسنته ، فقال : ويلكم! أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى في هذا المكان ركعتين وأبو بكر وعمر ، وصلى صاحبكم ست سنين كذلك ، فتأمروني أن أدع سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وما صنع أبو بكر وعمر وعثمان قبل أن يحدث ، فقالوا : لا والله ، ما نرضى عنك إلا بذلك!. قال : فأقبلوا فإني متبعكم (٢) وراجع إلى سنة صاحبكم ، فصلى العصر أربعا فلم تزل (٣) الخلفاء والأمراء على ذلك إلى اليوم.

٦ ـ مع (٤) : المكتب ، عن أحمد بن محمد الوراق ، عن محمد بن إسماعيل بن أبان ، عن عبد الله بن أبي سعيد ، عن فضيل بن عبد الوهاب ، عن يونس بن أبي يعفور (٥) العبدي ، عن أبيه ، عن قنبر مولى علي عليه السلام ، قال : دخلت مع علي بن أبي طالب عليه السلام على عثمان بن عفان فأحب الخلوة وأومى (٦) إلي علي عليه السلام بالتنحي ، فتنحيت غير بعيد ، فجعل عثمان يعاتب عليا عليه

__________________

(١) في الكافي : فقل.

(٢) في الكافي : فأقيلوا فإني مشفعكم.

(٣) في المصدر : يزل.

(٤) معاني الأخبار : ٢٩٣ ، مع تفصيل في الإسناد.

(٥) في المصدر : بن أبي يعقوب ، والظاهر ما أثبتناه.

(٦) في المعاني : فأومى.

٤٦٨

السلام وعلي عليه السلام مطرق ، فأقبل عليه عثمان ، فقال : ما لك لا تقول؟. فقال : إن قلت لم أقل إلا ما تكره ، وليس لك عندي إلا ما تحب.

قال المبرد : تأويل ذلك إن قلت اعتديت عليك بمثل ما اعتديت (١) به علي ، فليدغك (٢) عتابي ، وعندي أن لا أفعل فإن (٣) كنت عاتبا إلا ما تحب.

٧ ـ نهج (٤) : من كلام له عليه السلام : إن بني أمية ليفوقونني (٥) تراث محمد صلى الله عليه وآله تفويقا (٦) ، والله لئن بقيت لهم لأنفضنهم نفض اللحام الوذام التربة.

ويروى : التراب الوذمة وهو على القلب.

قال السيد رضي‌الله‌عنه : قوله عليه‌السلام : ليفوقونني .. أي يعطونني من المال قليلا قليلا كفواق الناقة وهو الحلبة الواحدة من لبنها.

والوذام جمع وذمة وهي الحزة من الكرش أو الكبد تقع في التراب فتنفض (٧).

بيان :

الحزة بالضم ـ : هي القطعة من اللحم وغيره (٨) ، وقيل : خاصة بالكبد (٩) وقيل : قطعة من اللحم قطعت طولا (١٠).

__________________

(١) في المصدر : اعتددت ـ في الموردين ـ.

(٢) كذا ، والظاهر : فيلدغك. وفي المصدر : فيلذعك.

(٣) خ. ل : وإن.

(٤) نهج البلاغة ١ ـ ١٢٦ ـ محمد عبده ـ ، وصفحة : ١٠٤ خطبة ٧٧ ـ صبحي صالح ـ.

(٥) في مطبوع البحار : ليوفقونني. وما أثبت من المصدر.

(٦) في ( س ) : تفريقا.

(٧) وانظر ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه على النهج ٦ ـ ١٧٤ ، وابن ميثم في شرحه ٢ ـ ٢١٢ ، ومنهاج البراعة للقطب الراوندي ١ ـ ٣٠٩ ، وغيرها.

(٨) كما في النهاية ١ ـ ٣٧٧ ، وانظر : لسان العرب ١٤ ـ ٣٣٤ ، وغيره.

(٩) ذكره في القاموس ٢ ـ ١٧٢ ، ولسان العرب ١٤ ـ ٣٣٤.

(١٠) قاله في الصحاح ٣ ـ ٨٧٣ ، والنهاية ١ ـ ٣٨٨ ، والقاموس ٢ ـ ١٧٢.

٤٦٩

والكرش ككتف كما في بعض (١) النسخ ، وبالكسر (٢) : لكل مجتر بمنزلة المعدة للإنسان ، وهي مؤنثة (٣).

ونفض الثوب وغيره : تحريكه (٤) ليسقط منه التراب وغيره.

وقال ابن الأثير في النهاية (٥) : التراب : جمع ترب تخفيف ترب .. يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب.

والوذمة : المنقطعة الأوذام ، وهي السيور التي (٦) يشد بها عرى الدلو. قال الأصمعي : سألت (٧) شعبة عن هذا الحرف فقال (٨) : ليس هو هكذا ، إنما هو نفض القصاب الوذام التربة ، وهي التي قد سقطت في التراب. وقيل : الكروش كلها تسمى تربة لأنها تحصل (٩) فيها التراب من المرتع. والوذمة : التي أخمل (١٠) باطنها ، والكروش : وذمة لأنها مخملة ، ويقال لخملها الوذم ، ومعنى الحديث : لئن وليتهم لأطهرنهم من الدنس ولأطيبنهم من الخبث (١١).

وقيل : أراد بالقصاب السبع ، والتراب أصل ذراع الشاة ، والسبع إذا أخذ الشاة قبض على ذلك المكان ثم نفضها. انتهى (١٢).

__________________

(١) لا توجد في ( س ) : بعض.

(٢) أي الكرش.

(٣) كما جاء في القاموس ٢ ـ ٢٨٦ ، والصحاح ٣ ـ ١٠١٧ ، وغيرهما.

(٤) كما أورده في النهاية ٥ ـ ٩٧ ، وقبله في الصحاح ٣ ـ ١١٠٩ ، والقاموس ٢ ـ ٣٤٦.

(٥) قاله ابن الأثير في النهاية ١ ـ ١٨٥. وقال ـ قبل ذلك ـ : وفي حديث علي ( لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة ) ، التراب .. إلى آخره.

(٦) في ( س ) : الذي.

(٧) كذا في البحار واللسان ، وفي المصدر : سألني.

(٨) كذا في البحار واللسان ، وفي النهاية : فقلت.

(٩) في المصدرين : يحصل.

(١٠) في ( ك‍ ) : احمل.

(١١) في المصدر : بعد ، بدلا من : من. وأشير إليها في حاشية ( ك‍ ) بما يلي : بعد. نهاية.

(١٢) وقريب منه ما في لسان العرب ١ ـ ٢٣١.

٤٧٠

والظاهر أن المراد من النفض منعهم (١) من غصب الأموال وأخذ ما في أيديهم من الأموال المغصوبة ، ودفع بغيهم وظلمهم ومجازاتهم بسيئات أعمالهم.

وقال ابن أبي الحديد (٢) : اعلم أن أصل هذا الخبر قد رواه أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني (٣) ، بإسناد رفعه إلى حرب (٤) بن حبيش ، قال : بعثني سعيد بن العاص وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل عثمان بهدايا إلى أهل المدينة ، وبعث معي هدية إلى علي عليه السلام ، وكتب إليه : أني لم أبعث إلى أحد أكثر مما بعثت به إليك ، إلا أمير المؤمنين (٥) ، فلما أتيت عليا وقرأ كتابه (٦) قال : لشد ما تخطر [ يحظر ] علي بنو أمية تراث محمد صلى الله عليه [ وآله ] ، أما والله لئن وليتها لأنفضنها نفض القصاب التراب الوذمة.

قال أبو الفرج : وهذا خطأ ، وإنما هو : الوذام التربة.

قال (٧) : وحدثني (٨) بذلك أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، عن عمر بن شيبة ، بإسناده ذكره في الكتاب أن سعيد بن العاص حيث كان أمير الكوفة بعث مع ابن أبي عائشة مولاه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام بصلة ، فقال علي عليه السلام : والله لا يزال غلام من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما ( أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) بمثل قوت الأرملة ، والله لئن بقيت لأنفضنها كما ينفض القصاب التراب

__________________

(١) في ( ك‍ ) : منهم.

(٢) في شرحه على نهج البلاغة ٦ ـ ١٧٤ ، بتصرف.

(٣) الأغاني ٢ ـ ١٤٤ ( طبعة دار الكتب ) ، مع اختلاف كثير أشرنا له.

(٤) في المصدر : الحارث ، وفي ( س ) : الحرب ـ بالألف واللام ـ.

(٥) في الأغاني : إلا شيئا في خزائن أمير المؤمنين.

(٦) في الأغاني زيادة : فأخبرته.

(٧) أي ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة ٦ ـ ١٧٥ ، بتصرف.

(٨) الخبر في الأغاني : عن أبي زيد ، عن عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي ، عن السعدي ، عن أبيه ..

٤٧١

الوذمة (١).

٨ ـ نهج (٢) : ومن كلام له عليه السلام وقد وقعت مشاجرة بينه وبين عثمان ، فقال المغيرة بن الأخنس لعثمان : أنا أكفيكه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام (٣) للمغيرة : يا ابن اللعين الأبتر ، والشجرة التي لا أصل لها ولا فرع ، أنت تكفيني؟! فو الله ما أعز الله من أنت ناصره ، ولا قام من أنت منهضه ، اخرج عنا أبعد الله نواك ، ثم أبلغ جهدك فلا أبقى الله عليك إن أبقيت.

إيضاح :

المغيرة : هو ابن أخنس الثقفي.

وقال ابن أبي الحديد (٤) وغيره (٥) : إنما قال عليه‌السلام : يا ابن اللعين .. لأن الأخنس كان من أكابر المنافقين ، ذكره أصحاب الحديث كلهم في المؤلفة الذين أسلموا يوم الفتح بألسنتهم دون قلوبهم ، وأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائة من الإبل من غنائم حنين يتألف بها قلبه، وابنه أبو الحكم بن الأخنس قتله أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم أحد كافرا في الحرب، وإنما قال عليه‌السلام : يا ابن الأبتر ، لأن من كان عقبه ضالا خبيثا فهو كمن لا عقب له ، بل من لا عقب له خير منه ، وكنى عليه‌السلام بنفي أصلها وفرعها من دناءته وحقارته ، وقيل لأن في نسب ثقيف طعنا. وقتل المغيرة مع عثمان في الدار ، وقوله عليه‌السلام : ما أعز الله .. يحتمل الدعاء والخبر.

قوله عليه‌السلام : أبعد الله نواك .. النوى : الوجه الذي تذهب فيه ،

__________________

(١) في المصدر : نفض القصاب الوذام التربة.

(٢) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ٢ ـ ١٨ ، صبحي صالح : ١٩٣ ، خطبة ١٣٥ ، بتصرف.

(٣) في المصدر : علي كرم الله وجهه.

(٤) في شرح نهج البلاغة ٨ ـ ٣٠١.

(٥) شرح النهج لابن ميثم البحراني ٣ ـ ١٦٣ ، ومنهاج البراعة ٢ ـ ٥٥ ، وغيرهما.

٤٧٢

والدار (١) .. أي أبعد الله مقصدك أو دارك ، ويروى : أبعد الله نوأك بالهمزة ـ .. أي خيرك (٢) من أنواء النجوم التي كانت العرب تنسب المطر إليها (٣).

ثم أبلغ جهدك .. أي غايتك وطاقتك في الأذى (٤) ، وفي النهاية : أبقيت عليه .. إذا (٥) رحمته وأشفقت عليه (٦).

٩ ـ نهج (٧) : من كلام له عليه السلام قاله (٨) لعبد الله بن العباس رحمهما الله وقد جاءه برسالة من عثمان بن عفان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع ليقل هتف الناس باسمه للخلافة بعد أن كان سأله مثل ذلك من قبل ، فقال عليه السلام : يا ابن عباس! ما يريد عثمان أن يجعلني إلا جملا (٩) ناضحا بالغرب أقبل وأدبر ، بعث إلي أن أخرج .. بعث (١٠) إلي أن أقدم ، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج ، والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما (١١).

__________________

(١) قاله في القاموس ٤ ـ ٣٩٧ ، ولسان العرب ١٥ ـ ٣٤٧ ، وانظر : الصحاح ٦ ـ ٢٥١٦.

(٢) قال في القاموس ١ ـ ٣١ : طلب نوأه .. أي عطاءه. وقال في النهاية ٥ ـ ١٢٢ : مطرنا بنوء كذا ..

أي وقت كذا .. وإن الله خطأ نوأها .. قيل : هو دعاء عليها ، كما يقال : لا سقاه الله الغيث ، وأراد بالنوء الذي يجيء فيه المطر.

(٣) انظر : النهاية ٥ ـ ١٢٢ ، والصحاح ١ ـ ٧٩ ، وما سبق.

(٤) قال في النهاية ١ ـ ٣٢٠ : قد تكرر لفظ الجهد والجهد في الحديث كثيرا ، وهو بالضم : الوسع والطاقة ، وبالفتح المشقة ، وقيل : المبالغة والغاية ، وقيل : هما لغتان في الوسع والطاقة ، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير ، وجاء نظيره بزيادة في لسان العرب ٣ ـ ١٣٣.

(٥) لا توجد : إذا ، في ( س ).

(٦) النهاية ١ ـ ١٤٧.

(٧) نهج البلاغة ـ محمد عبده ـ ٢ ـ ٢٣٣ ، صبحي صالح : ٣٥٨ ، خطبة ٢٤٠ ، باختلاف يسير بينهما ، وكذا مع المتن.

(٨) في ( ك‍ ) : قال.

(٩) في المصدر : ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا.

(١٠) في النهج : ثم بعث.

(١١) قال ابن ميثم في شرح نهجه ٤ ـ ٣٢٣ : أقول : ... وسبب الرسالة ، أن القوم الذين حضروه كانوا يكثرون نداه والصياح به ، وتوبيخه على أحداثه ، من تفريق بيت المال على غير مستحقيه ،

٤٧٣

بيان :

لم يكن هذا الفصل في أكثر نسخ النهج.

والناضح : البعير يستقى عليه (١).

والغرب : الدلو العظيمة (٢).

أقبل وأدبر .. أي يقال له أقبل وأدبر على التكرار (٣).

__________________

ووضعه في غير مواضعه ، وسائر الأحداث التي ذكرنا أنها نسبت إليه .. وقد كان قصده بتلك الرسالة من بين سائر الصحابة لأحد أمرين :

أحدهما : اعتقاده أنه كان أشرف الجماعة ، والناس له أطوع ، وأن قلوب الجماعة معه حينئذ.

والثاني : أنه كان يعتقد أن له شركة مع الناس في فعلهم به ، وكانت بينهما هناة ، فكان بعثه له من بين الجماعة متعينا ، لأنهم إن رجعوا بواسطته فهو الغرض ، وإن لم يرجعوا حصلت بعض المقاصد أيضا ، وهو تأكد ما نسبه إليه من المشاركة في أمره ، وبقاء ذلك حجة عليه لمن بعده ممن يطلب بدمه حتى كان لسبب هذا الغرض الثاني ما كان من الوقائع بالبصرة وصفين وغيرهما.

وانظر : ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ١٢ ـ ٢٩٦.

(١) ذكره في الصحاح ١ ـ ٤١١ ، والنهاية ٥ ـ ٦٩ ، وانظر ما أورده الطريحي في مجمع البحرين ٢ ـ ٤١٩.

(٢) كما قاله في القاموس ١ ـ ١٠٩ ، ومجمع البحرين ٢ ـ ١٣١ ، والصحاح ١ ـ ١٩٣.

(٣) ما ذكره في المتن من الإعراب في كليهما ( أقبل وأدبر ) لا يوافق ما استفاده قدس‌سره.

٤٧٤

[٢٩] باب

كيفية قتل عثمان وما احتج عليه القوم في ذلك ونسبه وتاريخه

١ ـ ما (١) : المفيد ، عن علي بن خالد المراغي ، عن محمد بن أحمد البزاز ، عن أحمد بن الصلت ، عن صالح بن أبي النجم ، عن الهيثم بن عدي ، عن عبد الله بن اليسع ، عن الشعبي ، عن صعصعة بن صوحان العبدي رحمه الله ، قال : دخلت على عثمان بن عفان في نفر من المصريين ، فقال عثمان : قدموا رجلا منكم يكلمني ، فقدموني ، فقال عثمان : هذا ..! ، وكأنه استحدثني ، فقلت له : إن العلم لو كان بالسن لم يكن لي ولا لك فيه سهم ، ولكنه بالتعلم. فقال عثمان :هات!.

فقلت : ( ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ ) (٢). فقال عثمان : فينا نزلت هذه الآية؟!. فقلت له : فمر بالمعروف وانه عن المنكر ، فقال عثمان : دع ذا (٣) ، وهات ما معك.

__________________

(١) أمالي الشيخ الطوسي ١ ـ ٢٤١ ـ ٢٤٢ ، مع اختصار في الإسناد من الماتن رحمه‌الله.

(٢) الحج : ٤١.

(٣) في المصدر : هذا.

٤٧٥

فقلت له : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) (١) إلى آخر الآية. فقال عثمان : وهذه أيضا فينا نزلت؟! فقلت له : فأعطنا بما أخذت من الله تعالى (٢). فقال عثمان : يا أيها الناس! عليكم بالسمع والطاعة وإن (٣) يد الله على الجماعة ، وإن الشيطان مع القذ (٤) فلا تسمعوا (٥) إلى قول هذا ، فإن (٦) هذا لا يدري من الله؟ ولا أين الله؟. فقلت له : أما قولك عليكم بالسمع والطاعة ، فإنك تريد منا أن نقول غدا : ( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) (٧) ، وأما قولك : إني لا أدري من الله ، فإن الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، وأما قولك : إني لا أدري أين الله؟ ، فإن الله تعالى بالمرصاد. قال : فغضب وأمر بصرفنا وغلق الأبواب دوننا.

٢ ـ مع (٨) : القطان ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن حسان بن علي المدائني ، عن العباس بن مكرم ، عن سعد الخفاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : كتب عثمان بن عفان حين أحيط به إلى علي بن أبي طالب عليه السلام : أما بعد ، فقد جاوز الماء الزبى ، وبلغ الحزام الطبيين (٩) ، وتجاوز الأمر بي قدره ، وطمع في من لا يدفع عن نفسه ، فإن كنت مأكولا فكن خير آكل ، وإلا

__________________

(١) الحج : ٤٠.

(٢) لا توجد : تعالى ، في الأمالي.

(٣) في المصدر : فإن.

(٤) في الأمالي : الفذ ـ بالفاء ـ ، وهو الظاهر ، ومعناها : الفرد ، كما في القاموس ١ ـ ٣٥٧.

(٥) في الأمالي : تستمعوا.

(٦) في المصدر : وإن.

(٧) الأحزاب : ٦٧.

(٨) معاني الأخبار : ٣٤٠ ، بتفصيل في الإسناد.

(٩) في ( س ) : الحزام. أقول : الحزام الطبيين ـ بالحاء المهملة والزاء المعجمة ـ كناية عن المبالغة في تجاوز الحد في الشر والأذى ، كما سيأتي من المصنف ـ طاب ثراه ـ ويعد من الأمثال كما قاله في المستقصى ٢ ـ ١٣. وقال في مجمع الأمثال ١ ـ ١٦٦ : بلفظ جاوز الحزام الطبيين. ونظيره في فرائد اللآل ١ ـ ١٤٠.

٤٧٦

فأدركني ولما أمزق.

قال الصدوق رحمه‌الله : قال المبرد : قوله : قد جاوز الماء الزبى .. فالزبية مصيدة الأسد ولا تتخذ إلا في قلة جبل ، وتقول العرب : قد بلغ الماء الزبى (١) ، وذلك أشد ما يكون من السبل ، ويقال في العظيم من الأمر : قد علا الماء الزبى ، وبلغ السكين العظم ، وبلغ الحزام الطبيين ، وقد انقطع السلى في البطن ، قال العجاج : فقد علا الماء الزبى إلى غير .. أي قد جل الأمر عن أن يغير أو يصلح. وقوله : وبلغ الحزام الطبيين .. فإن السباع والطير (٢) يقال لموضع الأخلاف منها أطباء (٣) واحدها طبي ، كما يقال في الخف والظلف : خلف وضرع (٤) هذا مكان هذا ، فإذا بلغ الحزام الطبيين فقد انتهى في المكروه ، ومثل هذا من أمثالهم : التقت حلقتا البطان ، ويقال : التقت حلقة البطان (٥).

والحقب ويقال حقب البعير .. إذا صار الحزام في الحقب منه.

مزيد توضيح :

قال في النهاية (٦) : في حديث عثمان : .. أما بعد فقد بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين (٧) .. هي جمع زبية وهي الرابية التي لا يعلوها الماء ، وهي من الأضداد. وقيل : إنما أراد الحفرة .. للسبع ولا تحفر إلا في مكان عال من

__________________

(١) ذكر المثل في مجمع الأمثال ١ ـ ٩١ ، وفرائد اللآل ١ ـ ٧٥ ، والمستقصى للزمخشري ٢ ـ ١٤.

(٢) في ( س ) : الطين.

(٣) في ( ك‍ ) : الأطباء.

(٤) في المصدر : خف وظلف.

(٥) كما يقال ( تلاقت ) ، والمثل يضرب في الحادثة إذا بلغت النهاية ، كما في فرائد اللآل في مجمع الأمثال ٢ ـ ١٥٥ ، ومجمع الأمثال للميداني ٢ ـ ٢٢١.

(٦) النهاية ٢ ـ ٢٩٥ ، وانظر : لسان العرب ١٤ ـ ٣٥٣.

(٧) لا توجد في المصدر : وجاوز الحزام الطبيين.

٤٧٧

الأرض لئلا يبلغها السيل فتنطم وهو (١) مثل يضرب للأمر يتفاقم ويتجاوز (٢) الحد.

وقال (٣) : الأطباء : الأخلاف واحدها طبي بالضم والكسر ـ ، وقيل : يقال لموضع الأخلاف من الخيل والسباع أطباء كما يقال في ذوات الخف والظلف : خلف وضرع.

و (٤) قوله : جاوز الحزام الطبيين .. كناية عن المبالغة في تجاوز حد الشر والأذى ، لأن الحزام إذا انتهى إلى الطبيين فقد انتهى إلى بعد غايته فكيف إذا جاوزه (٥).

وقال الجوهري (٦) : السلى مقصورا (٧) ـ : الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي إن نزعت عن وجه الفصيل ساعة يولد وإلا قتلته ، وكذلك (٨) إن انقطع السلى في البطن ، فإذا خرج السلى سلمت الناقة وسلم الولد ، وإن انقطع في بطنها هلكت وهلك الولد. يقال (٩) : انقطع السلى في البطن إذا ذهبت الحيلة ، كما يقال : بلغ السكين العظم.

وقال (١٠) : البطان للقتب : الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير. ويقال : التقت حلقتا البطان للأمر : إذا اشتد ، وهو بمنزلة التصدير للرجل (١١).

__________________

(١) لا توجد : هو ، في ( س ).

(٢) في ( ك‍ ) : يجاوز.

(٣) أي ابن الأثير في النهاية ٣ ـ ١١٥ ، وانظر : لسان العرب ١٥ ـ ٤.

(٤) لا توجد الواو في ( ك‍ ).

(٥) قاله في النهاية ٣ ـ ١١٥ ، ولسان العرب ١٥ ـ ٤.

(٦) في الصحاح ٦ ـ ٢٣٨١ ، ومثله في لسان العرب ١٤ ـ ٣٩٦.

(٧) في المصدر : مقصور ـ بالرفع ـ.

(٨) لا توجد الواو في الصحاح ، وفي ( ك‍ ) : وكذا ، بدلا من : وكذلك.

(٩) في المصدر زيادة : أيضا ، بعد : يقال.

(١٠) في الصحاح ٥ ـ ٢٠٧٩.

(١١) في المصدر : للرحل ، وهو الصواب.

٤٧٨

وقال (١) : الحقب بالتحريك ـ : حبل يشد به الرحل إلى بطن البعير مما يلي ثيله كيلا يجتذبه التصدير ، تقول منه أحقبت البعير وحقب البعير بالكسر إذا أصاب حقبه ثيله (٢) فاحتبس بوله.

٣ ـ ب (٣) : محمد بن عيسى ، عن القداح ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : لما حصر الناس عثمان جاء مروان بن الحكم إلى عائشة وقد تجهزت للحج ـ ، فقال : يا أم المؤمنين! إن عثمان قد حصره الناس فلو تركت الحج وأصلحت أمره كان الناس يستمعون (٤) منك ، فقالت : قد أوجبت الحج وشددت غرائري (٥) ، فولى مروان وهو يقول :

حرق قيس علي البلاد

حتى إذا اضطرمت أجذما

(٦) فسمعته عائشة ، فقالت : تعال ، لعلك تظن أني في شك من صاحبك ، والله (٧) لوددت أنك وهو في غرارتين من غرائري مخيط عليكما تغطان في البحر حتى تموتا.

بيان :

قال الجوهري (٨) : الإجذام : الإقلاع عن الشيء. قال الربيع بن زياد :

__________________

(١) أي الجوهري في الصحاح ١ ـ ١١٤ ، ومثله في لسان العرب ١ ـ ٣٢٤.

(٢) في مطبوع البحار قد تقرأ : يثله ـ بتقديم الياء على الثاء ـ ولا معنى لها هنا.

(٣) قرب الإسناد : ١٤ ، مع تفصيل في الإسناد.

(٤) في المصدر : يسمعون.

(٥) قد مر معناها قريبا في نكير عائشة على عثمان ، وستأتي قريبا. وقد تقرأ في مطبوع البحار : عزائري.

(٦) جاء البيت في الفتوح هكذا :

ضرم قيس على البلاد دما

حتى إذا اضطرمن فأحجما

(٧) في قرب الإسناد : فو الله.

(٨) الصحاح ٥ ـ ١٨٨٤ ، وجاء في لسان العرب ١٢ ـ ١٩ بنصه.

٤٧٩

وحرق قيس .. البيت (١).

أقول : وروى ذلك الأعثم في الفتوح (٢) ، وفيه مكان : أجدما : أحجما .. أي نكص وتأخر (٣).

والغرارة بالكسر ـ : الجوالق (٤).

وقال الجوهري (٥) : واحدة الغرائر التي للطين (٦) وأظنه معربا.

٤ ـ سر (٧) : موسى بن بكر ، عن المفضل (٨) ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن فلانا وفلانا غصبانا (٩) حقنا وقسماه بينهم ، فرضوا بذلك عنهما (١٠) ، وإن عثمان لما منعهم واستأثر عليهم غضبوا لأنفسهم.

٥ ـ قب (١١) : نقلت المرجئة (١٢) ، عن أبي الجهم العدوي وكان معاديا لعلي عليه السلام ـ ، قال : خرجت بكتاب عثمان والمصريون قد نزلوا بذي خشب (١٣) إلى معاوية وقد طويته طيا لطيفا وجعلته في قراب سيفي ، وقد تنكبت عن الطريق وتوخيت سواد الليل حتى كنت بجانب الجرف ، إذا رجل على حمار مستقبلي ومعه

__________________

(١) أي إلى آخر البيت السالف.

(٢) تاريخ ابن الأعثم ـ الفتوح ـ ٣ ـ ٤٢٠.

(٣) كما ذكره في النهاية ١ ـ ٣٤٧ ، ولسان العرب ١٢ ـ ١١٦ ، ولاحظ : مجمع البحرين ٦ ـ ٣٢ ، والقاموس ٤ ـ ٩٣.

(٤) ذكره في القاموس ٢ ـ ١٠١ ، ولسان العرب ٥ ـ ١٨.

(٥) في الصحاح ٢ ـ ٧٦٩ ، ولاحظ : لسان العرب ٥ ـ ١٨.

(٦) في ( س ) : للتبن ، وهو الظاهر.

(٧) مستطرفات السرائر ( النوادر ) : ١٧ ـ تحقيق مدرسة الإمام المهدي عليه‌السلام ـ.

(٨) في المصدر : الفضيل.

(٩) في السرائر : ظلمانا.

(١٠) في المستطرفات : منهما.

(١١) مناقب ابن شهرآشوب ٢ ـ ٢٥٩ ـ ٢٦٠.

(١٢) في المصدر زيادة كلمة : والناصبة.

(١٣) في المناقب : خشر ، وما هنا نسخة هناك.

٤٨٠