فقلت له : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) (١) إلى آخر الآية. فقال عثمان : وهذه أيضا فينا نزلت؟! فقلت له : فأعطنا بما أخذت من الله تعالى (٢). فقال عثمان : يا أيها الناس! عليكم بالسمع والطاعة وإن (٣) يد الله على الجماعة ، وإن الشيطان مع القذ (٤) فلا تسمعوا (٥) إلى قول هذا ، فإن (٦) هذا لا يدري من الله؟ ولا أين الله؟. فقلت له : أما قولك عليكم بالسمع والطاعة ، فإنك تريد منا أن نقول غدا : ( رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ) (٧) ، وأما قولك : إني لا أدري من الله ، فإن الله ربنا ورب آبائنا الأولين ، وأما قولك : إني لا أدري أين الله؟ ، فإن الله تعالى بالمرصاد. قال : فغضب وأمر بصرفنا وغلق الأبواب دوننا.
٢ ـ مع (٨) : القطان ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن حسان بن علي المدائني ، عن العباس بن مكرم ، عن سعد الخفاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : كتب عثمان بن عفان حين أحيط به إلى علي بن أبي طالب عليه السلام : أما بعد ، فقد جاوز الماء الزبى ، وبلغ الحزام الطبيين (٩) ، وتجاوز الأمر بي قدره ، وطمع في من لا يدفع عن نفسه ، فإن كنت مأكولا فكن خير آكل ، وإلا
__________________
(١) الحج : ٤٠.
(٢) لا توجد : تعالى ، في الأمالي.
(٣) في المصدر : فإن.
(٤) في الأمالي : الفذ ـ بالفاء ـ ، وهو الظاهر ، ومعناها : الفرد ، كما في القاموس ١ ـ ٣٥٧.
(٥) في الأمالي : تستمعوا.
(٦) في المصدر : وإن.
(٧) الأحزاب : ٦٧.
(٨) معاني الأخبار : ٣٤٠ ، بتفصيل في الإسناد.
(٩) في ( س ) : الحزام. أقول : الحزام الطبيين ـ بالحاء المهملة والزاء المعجمة ـ كناية عن المبالغة في تجاوز الحد في الشر والأذى ، كما سيأتي من المصنف ـ طاب ثراه ـ ويعد من الأمثال كما قاله في المستقصى ٢ ـ ١٣. وقال في مجمع الأمثال ١ ـ ١٦٦ : بلفظ جاوز الحزام الطبيين. ونظيره في فرائد اللآل ١ ـ ١٤٠.