الإمام الصادق عليه السلام - ج ٢

الشيخ محمّد حسين المظفّر

الإمام الصادق عليه السلام - ج ٢

المؤلف:

الشيخ محمّد حسين المظفّر


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٤
الصفحات: ١٨٧
الجزء ١ الجزء ٢

معادن الجواهر ، وإيّاكم أن تمدّوا أطرافكم الى ما في أيدي أبناء الدنيا ، فمن مدّ طرفه الى ذلك طال حزنه ولم يشف غيظه واستصغر نعمة الله عنده ، فيقلّ شكره لله ، وانظر الى من هو دونك فتكون لأنعم الله شاكرا ، ولمزيده مستوجبا ، ولجوده ساكنا (١).

الاستباق الى الخيرات :

إن تهيئة العمل الصالح فرصة لا ينبغي إضاعتها ، ولربّما كان تقويتها مدعاة للندم ، وشئون الحياة كلّها فرص تمرّ ليس في أيدينا إعادتها ، لأن آلاف الأسباب المهيّأة لظرف العمل اكثرها خارج عن قدرتنا وإرادتنا ، ولكن حثّ أبو عبد الله عليه‌السلام على انتهاز مثل هذه الفرص السوانح فقال :

« إذا هممت بشيء من الخير فلا تؤخّره ، فإن الله عزّ وجلّ ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من الطاعة فيقول : وعزّتي وجلالي لا اعذّبك بعدها أبدا » والكلمات الواردة عنه في ذلك كثيرة.

وكما حثّ على المسارعة الى الخير عند العزيمة عليه نهى عن امضاء العزيمة اذا كانت في المعصية فقال عليه‌السلام :

« واذا هممت بسيّئة فلا تعملها فإنه ربّما اطّلع على العبد وهو على شيء من المعصية فيقول : وعزّتي وجلالي لا أغفر لك بعدها أبدا » (٢).

ووصاياه في مثل ذلك لا يحيط بها الحصر.

__________________

(١) كتاب زيد النرسي ، وهو من الاصول المعتبرة ، وما يزال مخطوطا.

(٢) وسائل الشيعة : ١ / ١٨.

٦١

التفقّه في الدين :

إن التفقّه في الدين طريق لعبادته تعالى ، وبه الاحتفاظ بنظام الشريعة الاسلاميّة وقوانينها ، بل الدين الاسلامي إنما يقوم ويدوم بفقهاء شريعته العالمين بأحكامه المناضلين عنه ، ومن هاهنا جاء عن الصادق عليه‌السلام حديث جمّ عن التفقّه وقد سلف في ( ١ ـ ١٤٣ ) شيء من ذلك ونضيف هنا أحاديث اخرى ، قال عليه‌السلام :

« العامل على غير بصيرة كالساير على السراب بقيعة لا يزيده سرعة سيره إلاّ بعدا » وقال : « لا خير فيمن لا يتفقّه من أصحابنا » وعنه « لا يسع الناس حتّى يسألوا ويتفقّهوا » (١) وقال عليه‌السلام : « اذا أراد الله بعبد خيرا فقّهه في الدين » وقال : « الكمال كلّ الكمال : التفقّه في الدين ، والصبر على النائبة ، وتقدير المعيشة » (٢).

ولعظم خطر الفقاهة وأثرها في الدين الاسلامي قال عليه‌السلام عن شأن الفقيه وموته : « ما من أحد يموت من المؤمنين أحبّ إلى ابليس من موت فقيه » وعنه : « اذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدّها شي » (٣).

النعم وشكرها :

ومن وصاياه في النعم والمحافظة عليها ابقاء لها قوله عليه‌السلام : احسنوا جوار النعم واحذروا أن تنتقل عنكم الى غيركم ، أما أنها لم تنتقل عن أحد قط

__________________

(١) بحار الأنوار : ١ / ٢٢١ / ٦١.

(٢) الكافي ، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.

(٣) بحار الأنوار : ١ / ٢٢٠ / ٥٦.

٦٢

فكادت ترجع إليه ، وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : « قلّما أدبر شيء فأقبل » (١) وعلّمهم كيف يحافظون على النعم فقال لسدير الصيرفي : ما كثر مال رجل قط إلاّ عظمت الحجّة لله تعالى عليه ، فإن قدرتم أن تدفعوها فافعلوا ، فقال : يا ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما ذا؟ قال عليه‌السلام : بقضاء حوائج اخوانكم من أموالكم ، ثمّ قال : تلقّوا النعم يا سدير بحسن مجاورتها ، واشكروا من أنعم عليكم ، وأنعموا على من شكركم ، فإنكم اذا كنتم كذلك استوجبتم من الله الزيادة ومن إخوانكم المناصحة. ثمّ تلا قوله : « ولئن شكرتم لأزيدنكم » (٢).

ومن طرق الشكر أن يتظاهر العبد بما أفاض المولى سبحانه عليه من سوابغ النعم ، ومن ثمّ تجد الامام المرشد أبا عبد الله عليه‌السلام يلفتنا الى هذه الخلّة الحميدة فيقول : إن الله يحبّ الجمال والتجمّل ، ويكره البؤس والتباؤس ، فان الله عزّ وجلّ اذا أنعم على عبد نعمة أحبّ أن يرى عليه أثرها ، قيل : وكيف ذلك؟ قال عليه‌السلام : ينظف ثوبه ، ويطيب ريحه ، ويكنس افنيته ، ويجصّص داره حتّى أن السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر ، ويزيد في الرزق (٣).

هذه بعض تلك الطرق التي هي مظهر للشكر ولإظهار النعم وفسّروا التحدّث النعم « وأما بنعمة ربّك فحدّث » بما أشار إليه الإمام وبأمثاله.

حسن الصحبة :

ليس حسن الصحبة أمرا يأتيك عفوا دون ترويض النفس وكبح جماحها ،

__________________

(١) مجالس الشيخ الطوسي المجلس / ٩.

(٢) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ١١ ، والآية ٧ من سورة إبراهيم.

(٣) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ١٠.

٦٣

لأنها كثيرا ما تتطلّب منك التنازل لصاحبك عن بعض رغائبك وشهواتك ، وإيثاره ببعض ما عندك ، ولذا قال أبو عبد الله عليه‌السلام :

« وطّن نفسك على حسن الصحابة لمن صحبت ».

ولمّا كان حسن الصحبة كثير المسالك ، وقد يجهل المرء أفضلها سلوكا ، علّمنا كيف نحسن صحبة من نصحب ، فقال عليه‌السلام : حسّن خلقك ، وكفّ لسانك ، واكظم غيظك ، وأقل لغوك ، وتغرس عفوك ، وتسخو نفسك (١).

بل أراد أن نجعل حسن الصحبة شعارا دائميّا ، مع كلّ من نصحبه فقال : يا شيعة آل محمّد ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه ، ومن لم يحسن صحبة من صحبه (٢). الى كثير من أمثال هذا.

وألزم بالتحرّي عن الصاحب بعد فراقه ومعرفة شأنه وحاله فقال للمفضّل بن عمر بعد ما دخل عليه من سفر : من صحبك؟ فقال : رجل من اخواني ، قال :

فما فعل؟ قال : منذ دخلت لم أعرف مكانه ، فقال له : أما علمت أن من صحب مؤمنا أربعين خطوة سأله الله عنه يوم القيامة (٣).

الصحبة في السفر :

إن للسفر آدابا خاصّة لا تضارعها الآداب في الحضر وقد تجد عند أوّل نظرة أن من الفتوّة وشرف النفس وعلوّ الهمّة بل حسن الصحبة أن تتوسّع في النفقة والإطعام بما يربو على رفاقك ، ولكن الصادق عليه‌السلام ينهي عن ذلك في السفر ، لأنه تكليف للرفيق بما لا يقدر عليه إن أراد المباراة أو

__________________

(١) الوسائل : ٨ / ٤٠٢ / ٢.

(٢) نفس المصدر : ٨ / ٤٠٢ / ٣.

(٣) الوسائل : ٨ / ٤٠٣ / ٨.

٦٤

إذلال له إن أمسك عن المجاراة ، وليس من الأدب وجميل العشرة أن تكلّف رفيقك أو تذلّه ، فيقول لشهاب بن عبد ربّه (١) : لا تفعل يا شهاب إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم ، وإن هم أمسكوا أذللتهم ، فاصحب نظراءك ، اصحب نظراءك.

هذا بعد أن قال شهاب للإمام : قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسيعي على إخواني ، فأصحب النفر منهم في طريق مكّة فأوسع عليهم (٢).

أقول : وكما يذلّ المرء سواه اذا ربا عليه بالإنفاق ، يذلّ نفسه اذا ربا عليه غيره ، وكما نهى الإمام في الأوّل عن صحبة الأضعف حالا ، نهى في الثاني عن صحبة الأقدر مالا ، فقال لأبي بصير : ما احبّ أن يذلّ نفسه ، ليخرج مع من هو مثله.

وهذا بعد أن سأله أبو بصير عن الرجل يخرج مع القوم المياسير ، وهو أقلّهم شيئا فيخرج القوم النفقة ، ولا يقدر هو أن يخرج مثلما أخرجوا.

وقال لهشام بن الحكم وقد سأله عن مثل ذلك : « اصحب مثلك » (٣) فالإمام قد جعل المحور في الحالين صحبة النظير ، لئلاّ يذلّ غيره أو يذلّ نفسه ، وهذه إحدى حكمه البليغة ، ورغباته في حسن الأدب للناس.

حسن الجوار :

من أدب المرء ورجحان نهاه حسن الجوار ، وهو خلق فاضل يدعو إليه

__________________

(١) الكوفي وهو من أصحاب الصادق عليه‌السلام وثقات الرواة ، وروى عنه الثقات أمثال ابن أبي عمير.

(٢) الوسائل ، باب أنه يستحب للمسافر أن يصحب نظيره : ٨ / ٣٠٢ / ١.

(٣) المصدر السابق : ٨ / ٣٠٣ / ٥.

٦٥

العقل ، وكانت العرب تتفاخر فيه وتناضل عن الجار ما استطاعت ، وقد أقرّ الاسلام تلك السجيّة النبيلة ، وزاد في تقديرها والحثّ عليها ، فكانت وصايا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متوالية فيه ، حتّى قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما زال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوصينا بالجار حتّى ظننا أنه سيورّثه.

وعلى هذا المنوال نسج بنوه فقال صادقهم عليه‌السلام في وصيّة له : عليكم بتقوى الله ـ إلى أن قال ـ وحسن الخلق وحسن الجوار (١).

وتكرّرت منه هذه الوصيّة في عدّة مواطن حتّى عيّر تاركيه ، فقال عليه‌السلام : أما يستحي الرجل منكم أن يعرف جاره حقّه ولا يعرف حقّ جاره (٢).

بل أخرج عنهم من لم يحسن مجاورة جاره ، فقال عليه‌السلام من حديث :

وليس منّا من لم يحسن مجاورة من جاوره (٣).

قبول النصح :

إن رجاحة عقل الفتى تعرف بالإصغاء للنصح ، والأخذ بقول الناصح ، لأن الجاهل تأخذه الحميّة فلا يستمع للنصح ، ظنّا منه أن الناصح يكشف له عن عيوبه ، ولا يرضى الجاهل أن يقف على نقص في نفسه ، وقد فاته أن انكشاف عيوبه لديه يحثّه على سترها بالإصلاح ، ولذا قال الصادق عليه‌السلام ـ تعليما لنا وإلاّ فهو المنزّه عن النقص ـ : أحبّ اخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي (٤).

__________________

(١) الوسائل ، باب وجوب عشرة الناس : ١١ / ١٥٦ / ٨.

(٢) المصدر السابق : ٨ / ٣٩٩ / ٤.

(٣) الوسائل ، باب استحباب حسن المعاشرة : ٨ / ٤٨٩ / ٥.

(٤) الوسائل ، باب استحباب قبول النصح : ٨ / ٤١٣ / ٢.

٦٦

أقول : وكيف لا يكون أحبّهم إليه ، وهو يريد به أن يتخلّى عن الرذيلة ويتحلّى بالفضيلة ، والحسن تلك الخلّة من الأخ جعل ذلك الكشف عن العيوب هديّة ، وهذه هي الغاية القصوى بالترغيب في هذه الخلّة للاخوان وتبادلها بينهم.

وقد جعل قبول النصح للمؤمن أمرا لا غنى عنه ، فقال عليه‌السلام : لا يستغني المؤمن عن خصلة به ، والحاجة الى ثلاث خصال : توفيق من الله عزّ وجلّ ، وواعظ من نفسه ، وقبول من ينصحه (١).

المشاورة :

إن من يشاور ذوي البصائر تتجلّى له أوجه المداخل والمخارج ، وينكشف له الحجاب عن سبل النجاح ، وينحاد عن مزالق الأخطار ، وقد كشف لنا أبو عبد الله عليه‌السلام عن هذه الحقيقة فقال : « لن يهلك امرؤ عن مشورة » (٢) وأرشدنا الى المستشار في الغوامض من العوارض فقال : « ما يمنع أحدكم اذا ورد عليه ما لا قبل له به أن يستشير رجلا عاقلا له دين وورع » (٣).

وزاد في شروط الاستشارة والمستشار فقال عليه‌السلام : إن المشورة لا تكون إلاّ بحدودها فمن عرفها بحدودها وإلاّ كانت مضرّتها على المستشير اكثر من منفعتها ، فأوّلها أن يكون الذي تشاوره عاقلا ، والثانية أن يكون حرّا متديّنا ، والثالثة أن يكون صديقا مواخيا ، والرابعة أن تطلعه على سرّك فيكون علمه به كعلمك بنفسك ، ثمّ يسرّ لك ويكتمه ، فإنه اذا كان عاقلا انتفعت بمشورته ،

__________________

(١) الوسائل : ٨ / ٤١٣ / ٣.

(٢) الوسائل ، باب استحباب مشاورة أهل الرأي ٨ / ٤٢٤ / ٤.

(٣) نفس المصدر ، باب استحباب مشاورة التقيّ العاقل الورع : ٨ / ٤٢٦ / ٧.

٦٧

واذا كان حرّا متديّنا أجهد في النصحية لك ، واذا كان صديقا مواخيا كتم سرّك اذا اطلعته عليه ، واذا اطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك به ، تمّت المشورة ، وكملت النصيحة (١).

وحذّر عليه‌السلام من مخالفة المستشار اذا كان جامعا للشروط فقال :

استشر العاقل من الرجال الورع ، فإنه لا يأمر إلاّ بخير ، وإيّاك والخلاف فإن مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا (٢).

وألزم المستشار بالنصح وحذّره المغبّة إن لم ينصح فقال عليه‌السلام : من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه الله عزّ وجلّ رأيه (٣).

وهذه طرف ممّا اتحف به المستشير والمستشار ، اكتفينا بها عن الكثير من كلامه في هذا الباب.

الإكثار من الاخوان :

إن المرء كثير بأخيه ، لأنه عون في النوائب ، ومواس في البأساء وأنيس في الوحشة ، وأليف في الغربة ، ومشير عند الحيرة ، ومسدّد عند السقطة ، حافظ عند الغيبة ، الى ما يعجز القلم عن العدّ لفوائده ، ولهذا أمر الصادق عليه‌السلام بالإكثار منهم ، وأشار الى الجدوى من اتخاذهم ، فقال عليه‌السلام :

اكثر من الأصدقاء في الدنيا فإنهم ينفعون في الدنيا والآخرة ، أمّا الدنيا فحوائج يقومون بها ، وأمّا الآخرة فإن أهل جهنم قالوا : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم (٤).

__________________

(١) الوسائل : ٨ / ٤٢٦ / ٨.

(٢) الوسائل : ٨ / ٤٢٦ / ٥.

(٣) الوسائل ، باب وجوب نصح المستشير ٨ / ٤٢٧ / ٢.

(٤) الوسائل ، باب استفادة الاخوان والأصدقاء : ٨ / ٤٠٧ / ٥.

٦٨

ولعلّ قصده عليه‌السلام من النفع في الآخرة أن الصديق في الله صاحب العقل والدين لا يرشد صديقه إلاّ إلى صالح الدارين ، فيستنقذه بالهداية والنصح من العطب ، وأيّ نفع في الآخرة اكبر من هذا.

أو لأنه يستفيد من دعائه لاخراه كما قال في حديث آخر : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن دعوة مستجابة.

أو لأنه يستشفع به كما قال عليه‌السلام : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن شفاعة ، وقال عليه‌السلام : اكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإن لهم عند الله يدا يكافيهم بها يوم القيامة (١).

بل إن الأخ المؤمن جدير بأن يجمع هذه الخلال كلّها في هذه الدانية وتلك الباقية.

الإغضاء عن الاخوان :

إن العصمة لا تكون في البشر كلّهم ، فمن الذي لا يخطأ ولا يسهو ولا يغفل ولا ينسى ، فيستحيل أن تظفر بصديق خال من عيب أو رفيق منزّه عن سقطة ، فمن أراد الاكثار من الأصدقاء لا بدّ له من أن يتغاضى عن عيوبهم ويتغافل عن مساوئهم ومن هنا قال عليه‌السلام : وأنّى لك بأخيك كلّه أيّ الرجال المهذب (٢) وقال : من لم يواخ من لا عيب فيه قلّ صديقه (٣).

واذا أراد المرء بقاء المودّة من أخيه فلا يستقص عليه كما قال عليه‌السلام :

__________________

(١) الوسائل : ٨ / ٤٠٨ / ٧.

(٢) الوسائل ، باب استحباب الإغضاء عن الاخوان : ٨ / ٤٥٨ / ١.

(٣) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٧٨.

٦٩

الاستقصاء فرقة (١) وكما قال : لا تفتّش الناس فتبقى بلا صديق (٢).

بل يجب على ذي الخبرة والتجارب أن يقنع من أخيه بما دون ذلك إبقاء للودّ ، كما قال عليه‌السلام : ليس من الإنصاف مطالبة الاخوان بالإنصاف ، ومن لم يرض من صديقه إلاّ بإيثاره على نفسه دام سخطه (٣).

نعم إن العتاب لا يخدش في بقاء الالفة والوداد ، بل ربّما جلا درن الصدور ، وأزاح الحقد الكامن في القلوب ، إلاّ أن يكثر فينعكس الحال فلذلك قال عليه‌السلام : من كثر تعتيبه قلّ صديقه ، وقال : ومن عاتب على كلّ ذنب دام تعتيبه (٤).

حقوق الاخوان :

إن للاخوان حقوقا جمّة يفوت حصرها ، ولا نريد الاستقصاء لما جاء عنها في هذا الصدد ، ولكن نذكر حديثا واحدا فحسب ، وبه الكفاية لو عمل به الأخ في شأن أخيه ، قال للمعلّى بن خنيس بعد أن ذكر أن له سبع حقوق :

أيسر حقّ منها : أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك ، والحقّ الثاني : أن تجتنب سخطه ، وتتّبع مرضاته ، وتطيع أمره ، والحقّ الثالث : أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك ، والحقّ الرابع ، أن تكون عينه ودليله ومرآته ، والحقّ الخامس ، ألاّ تشبع ويجوع ، ولا تروى ويظمأ ، ولا تلبس ويعرى ، والحقّ السادس : أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن

__________________

(١) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٥٣ / ١٠٩.

(٢) الوسائل ، باب استحباب الاغضاء عن الإخوان : ٨ / ٤٥٨ / ٢.

(٣) نفس المصدر : ٨ / ٤٥٨ / ٣.

(٤) بحار الأنوار : ٧٨ / ٢٧٨.

٧٠

تبعث خادمك فتغسل ثيابه وتصنع طعامه وتمهد فراشه ، والحقّ السابع : أن تبرّ قسمه ، وتجيب دعوته ، وتعود مريضه ، وتشهد جنازته ، وإذا علمت أنّ له حاجة تبادر إلى قضائها ، ولا تلجئه الى أن يسألكها ، ولكن تبادره مبادرة ، فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته ، وولايته بولايتك (١).

أقول : وأنّى لنا بالقيام بهذه الحقوق ، ولئن كنّا قادرين على أدائها وعلى العمل بها فإن النفوس لأمّارة بالسوء ، وحبّ الذات والأنانيّة تحول دون الشعور بمثل هذه الفضائل فضلا عن فعلها.

مواساة الاخوان

ذكرنا في العنوان السالف حقوق الاخوان ومنها المواساة ، غير أنه جاء لها ذكر خاصّ في أحاديثه فقال عليه‌السلام : انظر ما أصبت فعد به على اخوانك (٢) وقال عليه‌السلام : تقرّبوا الى الله بمواساة إخوانكم (٣).

ولمّا كانت المواساة شديدة على النفوس جدّا قال أبو عبد الله عليه‌السلام :

وإن من أشدّ ما افترض الله على خلقه ثلاثا : إنصاف المؤمنين من نفسه حتّى لا يرضى لأخيه المؤمن من نفسه إلاّ بما يرضى لنفسه ، ومواساة الأخ المؤمن في المال ، وذكر الله على كلّ حال ، وليس سبحان الله والحمد لله ، ولكن عند ما حرّم الله عليه فيدعه (٤).

أقول : وحقا أن تكون هذه الثلاث من أشقّ الأعمال على المرء ، لأنها

__________________

(١) الوسائل ، باب وجوب اداء حقّ المؤمن ٨ / ٥٤٤ / ٧.

(٢) الوسائل ، باب استحباب مواساة الاخوان : ٨ / ٤١٥ / ٤.

(٣) خصال الصدوق طاب ثراه ، باب الواحد.

(٤) الوسائل ، باب استحباب مواساة الاخوان ٨ / ٤١٥ / ٥.

٧١

تصادم أشدّ الغرائز والشهوات النفسيّة صرامة وقوّة ، من نحو حبّ الذات وحبّ المال والاستعلاء ، ولعظم الانصاف والمواساة جعلهما من الفرائض تنزيلا ، وإن كانا ليسا من الفرض حقيقة.

البرّ بالإخوان :

إن البرّ غصن من دوحة المواساة ، وقد جاء عن الصادق عليه‌السلام الحثّ الكثير عليه فقال في وصيّته لجميل بن درّاج : ومن خالص الايمان البرّ بالإخوان ، والسعي في حوائجهم ، وأن البارّ بالإخوان ليحبّه الرحمن ـ الى أن يقول ـ يا جميل اخبر بهذا غرر أصحابك ، قال : قلت : جعلت فداك ومن غرر أصحابي؟ قال : هم البارّون بالإخوان في العسر واليسر (١).

ويقول في وصيّة لعبد الله بن جندب السالفة : أما أنه ما يعبد الله بمثل نقل الأقدام الى برّ الإخوان.

ولعظم البرّ بالإخوان عند الله تعالى يجهد الشيطان في الحيلولة دونه ، قال عليه‌السلام في هذه الوصيّة : يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه ومصائده ، قال : يا ابن رسول الله وما هي؟ قال : أمّا مصائده فصدّ عن برّ الاخوان.

وما اكثر ما جاء عنه في برّ الإخوان والحثّ عليه وبما ذكرناه كفاية.

صدق الحديث وأداء الأمانة :

كان أبو عبد الله عليه‌السلام يوصي من دخل عليه من أصحابه ومن فارقه

__________________

(١) الوسائل ، باب استحباب البرّ بالإخوان.

٧٢

بصدق الحديث وأداء الأمانة ، وقد سبق بعضه.

وهاتان الخلّتان وإن كانتا من أفضل الصفات بذاتيهما إلاّ أن لهما أثرا في الدين جليّا ، وهو المحبوبيّة في النفوس وكثرة التعامل وثقة الناس به وفي ذلك الغنى والثروة ، ونذكر لذلك حادثه واحدة وكفى.

قال عليه‌السلام لعبد الرحمن بن سيابة وقد دخل على الصادق بعد موت أبيه وهو شاب : ألا اوصيك؟ فقال : بلى جعلت فداك ، قال : عليك بصدق الحديث وأداء الأمانة تشرك الناس في أموالهم هكذا ـ وجمع بين أصابعه ـ قال :

فحفظت الحديث فزكّيت ثلاثمائة الف درهم (١).

أقول : وهذا آخر ما أردت جمعه من وصايا الصادق ونصائحه في شتّى الشؤون التي أرادها لسعادة الناس في الدارين ، وفوزهم في الحياتين.

* * *

__________________

(١) بحار الأنوار : ٤٧ / ٣٨٤ / ١٠٧.

٧٣

٤ ـ حكمه

إن له عليه‌السلام من طرائف الحكم وشوارد الكلمات ما يسمو بالنفوس الخيّرة الى صفوف الملائكة ويجلب الناس الى الفضيلة والسعادة وذلك لمن عمل بها وتدبّرها ، وقد جمعت شطرا منها مجاهدا في الجمع والانتقاء ، قال عليه‌السلام :

١ : العقل ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان.

٢ : إن الثواب على قدر العقل.

٣ : أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا.

٤ : دعامة الإنسان العقل.

٥ : العقل دليل المؤمن (١).

٦ : كمال العقل في ثلاث : التواضع لله ، وحسن اليقين ، والصمت إلاّ من خير.

٧ : الجهل في ثلاث : الكبر ، وشدّة المراء (٢) والجهل بالله.

٨ : أفضل طبائع العقل العبادة ، وأوثق الحديث له العلم ، وأجزل حظوظه

__________________

(١) الكافي ، باب العقل.

(٢) الجدال.

٧٤

الحكمة (١).

٩ : كثرة النظر في العلم يفتح العقل (٢).

١٠ : العلم جنّة ، والصدق عزّ ، والجهل ذلّ ، والفهم مجد ، والجواد نجح ، وحسن الخلق مجلبة للمودّة ، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس ، والحزم مساءة الظن.

١١ : إن شئت أن تكرم (٣) فلن ، وإن شئت أن تهان فاخشن.

١٢ : من كرم أصله لان قلبه ، ومن خشن عنصره غلظ كبده.

١٣ : من فرّط تورّط ، ومن خاف العاقبة تثبّت عن الدخول فيما لا يعلم.

١٤ : من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه (٤).

١٥ : العلماء امناء ، والأتقياء حصون ، والأوصياء سادة (٥).

١٦ : إن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة (٦).

١٧ : العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق ، لا يزيده سرعة السير إلاّ بعدا.

١٨ : لا يقبل الله عملا إلاّ بمعرفة ، ولا معرفة إلاّ بعمل ، فمن عرف دلّته المعرفة على العمل ، ومن لم يعمل فلا معرفة له ، ألا إن الايمان بعضه من بعض.

١٩ : لا يتمّ المعروف إلاّ بثلاثة : بتعجيله ، وتصغيره ، وستره (٧).

__________________

(١) بحار الأنوار : ١ / ١٣١ / ٢٤.

(٢) بحار الأنوار : ١ / ١٥٩ / ٣٢.

(٣) بالبناء للمفعول.

(٤) الكافي ، باب العقل.

(٥) الكافي ، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.

(٦) الكافي ، باب سؤال العلم وتذاكره.

(٧) حلية الأولياء ، عن سفيان الثوري : ٣ / ١٩٨.

٧٥

٢٠ : ما كلّ من رأى شيئا قدر عليه ، ولا كلّ من قدر على شيء وفّق له ، ولا كلّ من وفّق له أصاب موضعا ، فإذا اجتمعت النيّة والمقدرة والتوفيق والإصابة فهناك السعادة.

٢١ : أربعة أشياء القليل منها كثير : النار ، والعداوة ، والفقر ، والمرض.

٢٢ : صحبة عشرين يوما قرابة.

٢٣ : من لم يستح عند الغيب ، ويرعو عند الشيب ، ويخش الله بظهر الغيب فلا خير فيه.

٢٤ : من اكرمك فاكرمه ، ومن استخفّ بك فأكرم نفسك عنه.

٢٥ : منع الجود سوء ظنّ بالمعبود.

٢٦ : إن عيال المرء اسراؤه ، فمن انعم عليه فليوسّع على اسرائه ، فإن لم يفعل يوشك أن تزول تلك النعمة عنه.

٢٧ : ثلاثة لا يزيد الله بها الرجل المسلم إلاّ عزّا : الصفح عمّن ظلمه ، والإعطاء لمن حرمه ، والصلة لمن قطعه.

٢٨ : المؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ، وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.

٢٩ : للصداقة خمسة شروط ، فمن كانت فيه فانسبوه إليها ، ومن لمن تكن فيه فلا تنسبوه الى شيء منها ، وهي أن يكون زين صديقه زينه ، وسريرته له كعلانيّته ، وألاّ يغيره عليه مال ، وأن يراه أهلا لجميع مودّته ، ولا يسلمه عنا النكبات (١).

٣٠ : أربع لا ينبغي لشريف أن يأنف منها : قيامه من مجلسه لأبيه ،

__________________

(١) نور الأبصار ، للشبلنجيّ : ١٤١.

٧٦

وخدمته لضيفه ، وقيامه لدابّته ولو أن له مائة عبد ، وخدمته لمن يتعلّم منه.

٣١ : العلماء امناء الرسل ما لم يأتوا أبواب السلاطين (١).

٣٢ : وكان يتردّد عليه رجل من أهل السواد فانقطع عنه ، فسأل عنه ، فقال بعض القوم : إنّه نبطي ، يريد أن يضع منه ، فقال عليه‌السلام : أصل الرجل عقله ، وحسبه دينه ، وكرمه تقواه ، والناس في آدم مستوون (٢).

٣٣ : المكارم عشر ، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده ، وتكون في الولد ولا تكون في أبيه ، وتكون في العبد ولا تكون في الحر قيل : وما هي؟ قال عليه‌السلام : صدق الناس ، وصدق اللسان ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وإقراء الضيف ، وإطعام السائل ، والمكافاة على الصنائع ، والتذمّم للجار ، والتذمّم للصاحب ، ورأسهنّ الحياء (٣).

٣٤ : من صحّة يقين المرء المسلم ألاّ يرضي الناس بسخط الله ، ولا يلومهم على ما لم يؤته الله ، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص ، ولا يردّه كراهة كاره ، ولو أن أحدكم فرّ من رزقه كما يفرّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت.

٣٥ : إن الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا ، وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسخط (٤).

٣٦ : رأس طاعة الله الصبر والرضا عن الله فيما أحبّ الله للعبد أو كره ، ولا يرضى عبد عن الله فيما أحبّ أو كره ، إلاّ كان له خيرا فيما أحبّ أو كره.

__________________

(١) لواقح الأنوار ، للشعراني : ١ / ٢٨.

(٢) تذكرة الخواص ، لسبط ابن الجوزي : ٣٤٣.

(٣) الكافي ، باب المكارم.

(٤) الكافي ، باب فضل اليقين.

٧٧

٣٧ : إن أعلم الناس بالله أرضاهم لقضاء الله (١).

٣٨ : لا تغتبّ فتغتب (٢) ، ولا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها ، فإنك كما تدين تدان (٣).

٣٩ : إيّاكم والمزاح فإنه يذهب بماء الوجه ومهابة الرجال.

٤٠ : لا تمار فيذهب بهاؤك ؛ ولا تمزح فيجترأ عليك (٤).

٤١ : إيّاكم والمشارّة (٥) فإنها تورث المعرّة (٦) وتظهر العورة (٧).

٤٢ : من لم يستح من طلب الحلال خفّت مؤونته ، ونعم أهله (٨).

٤٣ : عجبت لمن يبخل بالدنيا وهي مقبلة عليه ، أو يبخل عليها وهي مدبرة عنه ، فلا الإنفاق مع الاقبال يضرّه ، ولا الإمساك مع الإدبار ينفعه (٩).

٤٤ : المسجون من سجنته دنياه عن آخرته (١٠) ٤٥ : لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات ، فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت (١١).

٤٦ : استنزلوا الرزق بالصدقة ، وحصّنوا أموالكم بالزكاة ، وما عال من

__________________

(١) لكافي ، باب الرضا بالقضاء.

(٢) الفعل الأول بالبناء للفاعل ، والثاني للمفعول.

(٣) مجالس الصدوق ، المجلس / ٦٥.

(٤) الكافي ، باب الدعابة والضحك.

(٥) المخاصمة.

(٦) الأمر القبيح المكروه.

(٧) الكافي ، باب المماراة والخصومة والمعاداة.

(٨) مجالس الشيخ الطوسي ، المجلس / ٤٢.

(٩) مجالس الصدوق ، المجلس / ٣٢.

(١٠) إرشاد الشيخ المفيد طاب ثراه ، في أحواله عليه‌السلام.

(١١) الكافي ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها.

٧٨

اقتصد ، والتدبير نصف المعيشة ، والتودّد نصف العقل ، وقلّة العيال أحد اليسارين ، ومن أحزن والديه فقد عقّهما ، والصنيعة لا تكون صنيعة إلاّ عند ذي حسب ودين ، والله تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة ، ومنزل الرزق على قدر المئونة ، ومن قدر معيشته رزقه الله تعالى ، ومن بذر معيشته حرمه الله تعالى (١).

أقول : وبعض هذه الفقرات منسوبة الى أمير المؤمنين في نهج البلاغة ولعلّ الصادق عليه‌السلام ذكرها استشهادا.

٤٧ : أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسيرا (٢).

٤٨ : لا شيء أحسن من الصمت ، ولا عدوّ أضرّ من الجهل ، ولا داء أدوى من الكذب (٣).

٤٩ : ثلاثة لا يضرّ معهنّ شيء : الدعاء عند الكرب ، والاستغفار عند الذنب ، والشكر عند النعمة (٤) ٥٠ : المؤمن مألوف ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (٥).

٥١ : قيل : ما حدّ حسن الخلق؟ فقال عليه‌السلام : تلين جناحك ، وتطيب كلامك ، وتلقي أخاك ببشر.

٥٢ : من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيّته زيد في رزقه ، ومن حسن برّه بأهل بيته مدّ له في عمره (٦).

__________________

(١) حلية الأولياء : ٣ / ١٩٤.

(٢) الكافي ، باب حبّ الدنيا والحرص عليها.

(٣) حلية الأولياء : ٣ / ١٦٩.

(٤) الكافي ، باب الشكر.

(٥) الكافي ، باب حسن الخلق.

(٦) الكافي ، باب الصدق وأداء الامانة.

٧٩

٥٣ : الحياء من الايمان.

٥٤ : من رقّ وجهه رقّ علمه.

٥٥ : لا إيمان لمن لا حياء له (١).

٥٦ : ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة : تعفو عمّن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم اذا جهل عليك (٢).

٥٧ : أيّما أهل بيت اعطوا حظّهم من الرفق فقد وسّع الله عليهم في الرزق ، والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال ، والرفق لا يعجز عنه شيء ، والتبذير لا يبقي معه شيء ، إن الله عزّ وجلّ رفيق يحبّ الرفق.

٥٨ : من كان رفيقا في أمره نال ما يريد من الناس (٣).

٥٩ : من قنع بما رزقه الله فهو أغنى الناس.

٦٠ : وشكا إليه رجل أنه يطلب فيصيب ولا يقنع ، وتنازعه نفسه الى ما هو اكثر منه ، وقال : علّمني شيئا أنتفع به ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إن كان ما يكفيك يغنيك فأدنى ما فيها يغنيك ، وإن كان ما يكفيك لا يغنيك فكلّ ما فيها لا يغنيك (٤).

٦١ : العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن.

٦٢ : ما أوسع العدل وإن قلّ.

٦٣ : من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره (٥).

__________________

(١) الكافي ، باب الحياء.

(٢) الكافي ، باب العفو.

(٣) الكافي ، باب الرفق.

(٤) الكافي ، باب القناعة.

(٥) الكافي ، باب الانصاف والعدل.

٨٠