تراثنا ـ العدد [ 132 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 132 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣٣٤

٤٠ ـ معالم العلماء : ابن شهرآشوب المازندراني ، (ت ٥٨٨ هـ). مكتبة أهل البيت عليهم السلام الالكترونية ، الإصدار الثاني ، ١٤٣٣ هـ ـ ٢٠١٢ م.

٤١ ـ المغني في الضعفاء : شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت ٧٤٨ هـ). دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، بيروت ، لبنان ١٤١٨ هـ ـ ١٩٩٧م.

٤٢ ـ مناقب آل أبي طالب : مشير الدين أبو عبد الله محمّد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني ، (ت ٥٨٨ هـ). قام بتصحيحه وشرحه ومقابلته على عدة نسخ خطّية لجنة من أساتذة النجف الأشرف ، المطبعة الحيدرية ، النجف ، ١٣٧٦ هـ ـ ١٩٥٦ م.

٤٣ ـ مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام : علي بن محمّد بن محمّد الواسطي الجُلابي الشافعي الشهير بابن المغازلي (ت ٤٨٣ هـ). انتشارات سبط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٦ هـ.

٤٤ ـ موسوعة طبقات الفقهاء : جعفر سبحاني. مطبعة اعتماد ، قم ، ١٤٢٤ هـ.

٤٥ ـ النجم الثاقب في أحوال الإمام الحجة الغائب : حسين النوري الطبرسي (ت ١٣٢٠ هـ). ترجمة وتحقيق : السيّد ياسين الموسوي.

٤٦ ـ اليقين : رضي الدين علي بن موسى جعفر بن طاووس (ت٦٦٤ هـ). مؤسّسة دار الكتاب الجزائري ، الطبعة الأولى ، قم ، ١٤١٣ هـ.

٢٤١

الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره

وجهوده الأدبيّة والنقديّة

د. حسين لفته حافظ

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمّد الأمين وآل بيته الطيبين الطاهرين وبعد ...

فقد خلّف الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء رحمه الله تراثاً أدبيّاً واسعاً ، ترك بصمته الواضحة في مسيرة الأدب العربي ، وقد تنوّع هذا التراث الأدبي ، ليشمل فنّ الشعر متمثّلا بالمراثي الحزينة التي كتبها الإمام بحقّ أهل البيت عليهم السلام ، فضلاً عن فنّ الخطابة ذلك الفنّ الرفيع الذي أجاد فيه الإمام كاشف الغطاء أيّما إجادة ، فضلاً عن اختيارات الشيخ الأدبية ، فقد برع في فنّ الاختيارات ليترك لنا أثراً أدبيّاً مهمّاً تمثّل بـ : (مختار كتاب الأغاني) إذ ركّز فيه على الأدب الشيعي متمثّلاً بأشهر أعلامه من شعراء المذهب الأمامي (دعبل الخزاعي) و (الكميت بن زيد الأسدي) وسواهم ، وكذلك ناقش

٢٤٢

البحث فنّ المقالة عند الشيخ الإمام كاشف الغطاء ، فقد كتب عدّة مقالات وقد نشرت أغلب هذه المقالات في مجلاّت متعدّدة ، منها مجلّة البيان ومجلّة العدل ومجلّة الغري ومجلّة الاعتدال وغيرها من المجلاّت والصحف التي كانت تصدر آنذاك ، فضلاً عن الجهود النقدية التي تمثّلت بملاحظاته النقدية التي انتشرت في طيّات كتبه ومنها كتابه (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)(١) ، و (المراجعات الريحانية) ، فضلاً عن ديوان شعره.

أمّا عن منهج الدراسة فقد اتبعت فيه المنهج التحليلي الفنّي ، الذي حاول رصد جهود الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء الأدبية والنقدية وتحليلها فنّيّاً من خلال ربط السابق باللاحق لكي يقف القارئ على الإسهامات والإضافات المعرفية التي جاء بها ، أمّا عن الصعوبات التي واجهت الباحث فقد تمثّلت في أنّ أكثر نتاج الشيخ محمّد حسين كان مخطوطاً فضلاً عن تنوّعه وكثرته ، أمّا عن مصادر الدراسة فقد تنوّعت هذه المصادر لتشمل كتب الحديث والسيرة والأدب والتاريخ والنقد والمعاجم والدواوين الشعرية ، والمباحث الآتية تكشف عن طبيعة الدراسـة.

__________________

(١) الكتاب يقع في جزأين ، حقّق الجزء الأوّل منه الدكتور جودت القزويني ، أمّا الجزء الثاني فقد قام بتحقيقه لجنة التحقيق في مكتبة الإمام كاشف الغطاء وعلى رأسهم حفيده الشيخ أمير شريف محمّد الحسين كاشف الغطاء ، وقد استطعت من خلاله الاطّلاع على هذا الجزء والاستفادة منه في موضوع بحثي.

٢٤٣

المبحث الأول

خطب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره

يرى أغلب الباحثين أنّ الخطابة أخذت تتطوّر وتنتعش منذ أواخر القرن الماضي ، ويعدّ عصر الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء من العصور التي تفنّن فيها الخطباء ، وذلك طبيعي في مثل هذه النهضة الجديدة التي كثرت فيها الجمعيّات والأحزاب وتطوّرت فيها الحياة السياسية والاجتماعية ، وفتحت أبواب شتّى لمخاطبة الجمهور ، ونشأت في الأقطار العربية المختلفة ضروب من الخطب لم يعنى فيها القدماء(١) ، وهي عادة من الأسلوب السهل المرسل ، على أنّه يمتاز عن الأسلوب الكتابي السائد في المقالات والمؤلّفات بما يكثر فيه من صنع المخاطبة والاستفهام والإيهام والتكرير والتعجّب والقسم وتقطيع العبارات تقطيعاً يناسب نبرات المتكلّم وإشاراته ، مع الإكثار من الشواهد الموضّحة والعبر المؤثّرة وهو ما يتلائم وخطب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، فقد عرف الشيخ أنّ للخطابة دوراً هامّاً في حركة الكلمة في العقل وفي القلب وفي الواقع من خلال تأثيرها الإيجابي على قناعات الناس في مختلف جوانب الفكر والحياة ، حتّى استطاع الشيخ رحمه الله أن يعيد إليها الروح ، فقد اهتم بالأسلوب الجميل والتعبير بالكلمة الطيّبة والقول الحسن.

__________________

(١) ينظر الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث : ٤٥٨.

٢٤٤

لقد امتلك الشيخ محمّد حسين قوّة الخطابة والشاعرية وهما صنوان في قوّة الحسّ وجيشان العاطفة وسرعة البديهة(١) ، وقد اعتمد الشيخ على تقنيّات خاصّة في خطبه منها توازن الجمل وطريقة إلقائها ، والإيجاز الذي يعطيك ألفاظاً قليلة ومعاني كثيرة.

لقد امتلك الشيخ أسلوباً مشرقاً في الخطابة اذ امتلأ بعناصر الأدب الرفيع ونصاعة البيان واللباقة المدهشة فلا عجب في ذلك فهو : «أشعر الشعراء وأخطب الخطباء ، ربّ الفصاحة والبلاغة ... زعيم النهضة العلمية والأدبية في العراق»(٢).

ورأى بعض الدارسين أنّ كتابات الشيخ تجمع بين الأدب والسياسة والاجتماع ، وهي صفات يندر أن نجدها في رجال الدين ، فصرنا نسمع على لسانه نغمات الحرّية ، والوطنية والشعب والاستقلال ... وموضوعات مقتنصة من مناسبات مختلفة ليتّخذ منها عنواناً للتعبير عن رأى أو مناقشة ظاهرة من

__________________

(١) ينظر معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام : ١٠٤٨. ، كتب الكثيرون عن شخصيته الفذّة ومنهم الشيخ الكاظمي (ت١٣٩١هـ) في قوله : «العلاّمة الكبير ، والعلم الشهير ، والفقيه النحرير ، والمتكلّم الخبير ، الشيخ محمّد حسين بن الشيخ علي كاشف الغطاء النجفي قدس سرّهما ... ، وكان رحمه الله مخلص الطويّة ، دمث الأخلاق ، ليّن العريكة ، صادق النيّة ، خطّ على صفحات القلوب ، ورسم على صحف الجنان (حبّ الوطن من الإيمان) وكان رحمه الله بعيداً عن التعصّب ، كارهاً للتملّق والرياء ، كثير الحياء ، لطيف المعاشرة ، حسن المحاضرة» ينظر : فهرس التراث : ٤١٤ ـ ٤١٥.

(٢) أحسن الأثر : ٢٠.

٢٤٥

مظاهر المجتمع الكبير(١) ، يقول علي الخاقاني صاحب مجلّة البيان : «بأنّ له شخصيّة فذّة يصعب على الزمن أن يأتي بمثلها ، فقد جمعت كثيراً من النواحي التي عزّ أن تجتمع في فقيه أو في زعيم ديني»(٢).

إذاً الشيخ محمّد حسين له قدرة خطابية فائقة عزيزة النظير ، واطلاع واسع ودقيق في الآداب واللغة ، فكتب ردوداً على فحولها المعاصرين له ، مثل الريحاني ، والأب إنستاس الكرملي ، وجرجي زيدان وغيرهم(٣).

__________________

(١) ينظر أساليب المقالة وتطوّرها : ٣٠.

(٢) شعراء الغري : ٨ / ١١٥.

(٣) ينظر معجم مؤرّخي الشيعة : ١٧٨.

٢٤٦

المبحث الثاني

شاعرية الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاءقدس‌سره

برع الشيخ في نظم الشعر ، حتّى وصل مرحلة متقدّمة ، وقصائده التي نظمها تشهد على قوّة شاعريته ، إلاّ أنّه توقّف عن نظم الشعر ليتفرّغ للزعامة الدينية بعدما وصل مرحلة الاجتهاد ، فقد ذكر في مقدّمة ما جمعه من شعره الذي سمّاه بـ : (الحسن من شعر الحسين) قوله : «ولمّا تكمّل نصيبي منه وأستتمّ ـ أي الشعر ـ قطعت علائقي منه ، وجرتها لما هو منه أهمّ ، وقلت لنفسي : هذا أوان الحرب فأشتدّي زيم(١) ، لست براعي إبل ولا غنم ، العلم خير مستعاد يغتنم»(٢) وعلى الرغم من قلّة شعره المنشور ، إلاّ أنّه أخذ حيّزاً بين الأدباء ، وأخذوا يذكرونه في محافلهم ومؤلّفاتهم ، لأنّهم وجدو فيه قوّة الشاعرية وطول النفس الشعري ، ومنهم روفائيل بطي فقد عدّه واحداً من روّاد الشعر العراقي الحديث ، والدكتور يوسف عزّ الدين وربّما وجدوا أنّ أغلب أشعاره تندرج بما بات يعرف بالأدب الملتزم أو الموجّه ، فقد سخّر الشيخ أغلب أشعاره لخدمة مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ورثاء رمز من رموزه ألا وهو الإمام الحسين عليه‌السلام ، فضلاً عن قضايا الأمّة المصيريّة كقضية

__________________

(١) (هذا أوان الشدّ فاشتدّي زيم) مثل من أمثال العرب. وزيم أسم فرس.

ينظر : كتاب جمهرة الأمثال : ٢ / ٣٦٢.

(٢) الحسن من شعر الحسين. للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء. ديوان مخطوط في مكتبة كاشف الغطاء العامّة في النجف الأشرف. تسلسل: ٣.

٢٤٧

فلسطين وسواها من القضايا التي تهمّ الشعوب العربية ، فقد عرف عن الشيخ كثرة أسفاره في تلك البلدان ، وقد كان يحمل همّ هذه الشعوب المضطهدة ، وقد عبّر عن هذا الهمّ في بعض قصائده ، وهو ما لاحظه الدكتور يوسف عز الدين في قوله معلقا على قصيدته النونية :

«لقد كان أوضح أسلوباً وأسطع قصداً ... فقد تجلّت في قصيدته روح العالم القائد الذي يشعر بالمسؤولية الملقاة على كاهله ، وتجلّت روح إسلامية أصلية عميقة تطالب بالكفاح والنضال والمساعدة السريعة للمسلمين ، وصوّر الحادث تصويراً يدفع كلّ مسلم إلى المشاركة العاجلة فيها ، لما فيها من تأنيب واستفزاز ونداء لإغاثة الإسلام الذي صمّ المسلمون آذآنهم عن سماعه»(١).

ونبّه الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء إلى قضيّة مهمّة لها علاقة بالشاعرية تتمثل في علاقة البيئة بالإنتاج الشعري وذلك في مقدّمة كتاب (سحر بابل وسجع البلابل) في حديث خاصّ عن الحلّة الفيحاء وبيئتها الغنّاء جاء فيه :

«أمّا حضارتها في الشعر ـ فحدّث ولا حرج ـ فإنّ لتربتها ومائها وهوائها تأثيراً عجيباً في تلطيف الشعور ، وتنشيط القرائح ، وتوسيع الخيال ، وتمكين الخفّة والأريحية .... وأعان على ذلك ما عرفت من حسن هوائها وطيب

__________________

(١) الشعر العراقي الحديث وأثر التيّارات السياسية والاجتماعية فيه : ٥٧.

٢٤٨

تربتها ومائها حتّى أنّ الداخل إليها يحسّ بتغيير دفعي وانتقال فجائي»(١).

ولاشكّ في أنّ مثل هذا الحديث يندرج ضمن دوافع قول الشعر ، وهو موضوع مهمّ لأنّ له علاقة مباشرة بالإبداع الشعري والعوامل التي تقف وراءه.

ومن الجدير بالذكر أن المتتبّع لشاعرية الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء يجد أنّه برع وأكثر من القول في غرض الرثاء دون غيره من الأغراض الشعرية وخاصّة في قصائده التي يرثي فيها سيد الشهداء عليه السلام : «فليس في الدنيا واقعة أليمة كواقعة كربلاء ، التي هزّت العالم وأثّرت في النفوس ، وأهاجت لوعة الشعراء منذ أكثر من ألف وثلاثمئة وستّين سنة ، حيث كوّنت قصائدهم ومراثيهم ذلك الأدب النثر والشعر الفيّاض الذي ملأ مئات الدواوين والمجلّدات»(٢).

وتعدّى اهتمام الشيخ بالشعر إلى تضمينه في أغلب مؤلّفاته الأدبية ومنها (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية)(٣).

ويبدوا أنّ للبيئة التي عاش فيها الشيخ تأثير على إنتاجه الأدبي ، فقد كانت بيئة غنيّة تساعد على قول الشعر ، نتيجة وجود حركة شعرية في ذلك الوقت ، وقد كانت ثقافة الشيخ واطلاعه الواسع رافداً آخر من روافد الشعر.

__________________

(١) سحر بابل وسجع البلابل : ٥.

(٢) ينظر : أدب الطفّ أو شعراء الحسين (ع) / من القرن الأوّل الهجري حتّى القرن الرابع عشر : ١ / ١٨ ، ٢١.

(٣) ينظر العبقات العنبريّة : ج١ : ٣٢ ، ٤١ ،٤٩ ، ٥١ ، ج٢ : ١١ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٣٤.

٢٤٩

المبحث الثالث

فن المقالة الأدبية

وهو فنّ آخر من الفنون الأدبية التي برع فيها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، حتّى عدّه الدارسون من روّاده ومنهم الدكتور منير بكر الذي رأى أنّه : «مُنح قدرة المصلح ، وموهبة الأديب ، فاستطاع أن يتحرّى الحقائق ، ويستقصي الأدلّة والشواهد ، وأن يلتزم بالحيدة والإنصاف في كلّ كلمة خطّها ، والبعد عن التحيّز والهوى في كلّ رأي جاهر به ودعا له ، (فضلاً عن) ما يسبغه على تلك الموضوعات والآراء من الوحدة الموضوعية والصياغة الفنّية ، فاستحقّ أن يكون بحقّ فقيهاً متحرّراً ، وكاتباً مجيداً وصحفيّاً لامعاً»(١).

وذلك يدلّ على القدرة الفنّية والموهبة والطبع الذي امتاز به الشيخ رحمه الله ، وتكشف أغلب مقالاته التي نشرت في المجلاّت النجفيّة التي كانت تصدر آنذاك عن شخصيّته التي كانت تقف في صدارة هذا العصر ، ولا عجب في هذا ، لأنّ هذه الشخصيّة امتلكت مقوّمات العالمية في بعدها التفكيري الإنساني وأدبيّتها التي تجمع بين آليّات المنطق ومتطلّبات الإجادة الفنّية ، تتجاوز الأفق المحلّي إلى الآفاق العالمية إبداعاً وتلقّياً ، ويشير جعفر الخليلي إلى هذه الشهرة في قوله :

«ولعلّ أوّل باب فتح لشهرة الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء في

__________________

(١) هكذا عرفتهم : ٢٣٠.

٢٥٠

خارج النجف كان عن طريق المراسلات التي جرت بينه وبين أمين الريحاني ، تلك المراسلات التي تتضمّن تبادل آراء في ردود أعجبت جميع قرّاء العربية على اختلاف نحلهم ، ثمّ جمعت وطبعت باسم (المراجعات الريحانيّة(١).

ومن الجدير بالذكر أنّ لبيئة النجف الأثر الكبير في إنتاج الشيخ محمّد حسين الأدبي ، فهي مدينة شهدت نهضة علمية وأدبية لم تشهدها المدن العراقية قاطبة ، ولعلّ ازدهار الأدب فيها نتيجة منطقية لازدهار علوم الدين.

وقد قال الريحاني عن هذه المدينة : «ليست النجف عظيمة بطبيعتها ولا في مقدّساتها بل في رجالها»(٢).

وقد تطلّب كتابة المقالة عند الشيخ طاقات فنّية متنوّعة تتعلّق بالدقّة في اختيار الألفاظ وحسن تنميقها ، وحلاوة تركيب الجمل وصياغة العبارات في تأليف المعاني ، والموازنة بينها وبين الكلمات التي تعبّر عنها ، إلى جانب توخّي الإمتاع الفنّي لنفس القارئ.

أمّا فيما يتعلّق بالبناء الفنّي للمقالة عند الشيخ فقد التزم بمنهج محدّد يتمثّل في البدء والعرض والخاتمة ، وقد ضمّن هذا الأسلوب الكثير من المسائل الفنّية نحو التنويع الشعري ، فقد كان يضمّن المقالة أبياتاً من الشعر ، أغلب هذه الأبيات تشتمل على فنّ الحكمة وما يلائم سياق المقالة ، فضلاً

__________________

(١) أساليب المقالة وتطوّرها في الأدب العراقي الحديث والصحافة العراقية : ٣٨٨.

(٢) العراق : ٢٢٤.

٢٥١

عن ظاهرة أخرى هي الاقتباس والتضمين ، فقد حرص الشيخ محمّد حسين على الاقتباس من القران الكريم ، كما ضمّن مقالته بعض الأمثال والحكم.

أمّا الميزة الأخرى لمقالاته تتمثّل بالإيجاز ، فقد أظهر الكاتب مهارته الفنّية وثروته الفكرية من خلال عرضه للمسائل والقضايا التي يريد أن يوضّحها للمتلقّي ، وقد مال الشيخ إلى السهولة والوضوح والابتعاد عن التعقيد في أغلب مقالاته.

لعلّ أبرز سمات فنّ المقالة عند الإمام كاشف الغطاء هو قصرها ، فهي عنده وحدة قائمة بذاتها ، يعالج فيها موضوعاً محدّداً ، ويلعب الخيال دوراً مهمّاً في مقالاته الأدبية ، لأنّ هذا الخيال يساعد على ابتداع المعاني ، بحيث ينسجها حول الخاطرة ويجلوها في أروع صورة ، ومن ذلك مقالة الإمام التي تحمل عنوان (العدل أساس الملك) استهلّها بحديث نبويّ شريف هو «عدل ساعة في الحكم خير من عبادة سبعين سنة»(١).

لقد جعل الإمام كاشف الغطاء من عباراته والأفكار التي عرض لها في المقالة موجّهة لإبراز الفكرة الأساسية وإيضاحها ، لذلك تجنّب الحشو والإطالة ، وابتعد عن العبارات التي لا تؤدّي وظيفة جوهرية في إظهار القصد الذي يتوخّاه من مقالته.

ومن الجدير بالذكر أنّ عنوان المقالة له خطره(٢) ، ومن المستحسن أن

__________________

(١) نشر هذا المقال في مجلّة العدل : ٣ ، العدد ١٩ ـ ٢٠ ، عام ١٣٨٦.

(٢) ينظر : النقد الأدبي : ٨٨.

٢٥٢

يكون مما يثير الانتباه ، وقد برع الإمام في وضع عناوين مقالاته واذكر منها : (بين الهدى والضلال أو التوحيد والإلحاد) ، و (الشباب) ، و (التضحية في ضاحية الطفّ) ، و (علي فوق العبقريّات) ، و (إلى فلسطين) و (المولد النبويّ صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، و (الفردوس الأعلى) و (موقف الحسين يوم الطفّ)(١).

أي أنّ الإمام الراحل كان يهتمّ كثيراً بانتقاء عنوان المقالة التي يكتبها ، ومن هنا جاءت عناوين مقالاته منسجمة تمام الانسجام مع المضمون.

ومن الباحثين من يرى أنّ الدوافع وراء كتابة المقالة هو محاولة الكاتب تغيير الوضع نحو الأحسن ، لذلك تكون نقمة الكاتب على الأوضاع الفاسدة سبباً أساسيّاً وراء صياغة المقالة(٢).

وقد لاحظ أكثر الدارسين لجهود الشيخ كاشف الغطاء إبداعه في هذا المجال فقد جاء في (سلسلة رواد التقريب) أنّ الإمام كاشف الغطاء برع في مجال النثر ، حيث كان رحمه الله ذا بيان ساحر جذّاب وأسلوب مشرق وهّاج ، يرسل الكلام في تعبير قويّ ولسان ذلق وفصاحة نادرة ، حتّى لتنقضي الساعات الطويلة على السامع وهو لا يحسبها سوى دقائق قصيرة ، وطالما كان يرقى المنابر في شتّى المناسبات ، فيملك القلوب بسحر بيانه ، ويستولي

__________________

(١) نشرت هذه المقالات في مجلّة الاعتدال والغري والبيان والعدل.

(٢) ينظر أدب المقالة.

٢٥٣

على العقول بحلاوة منطقه ، وكان يصدح بخطاباته الرشيقة في أماكن شتّى(١).

أمّا السمة الأخرى التي اشتملت عليها مقالات الشيخ رحمه‌الله فتتمثّل بفنّ التضمين ، وهي سمة فنّية امتازت بها أغلب مقالاته ، وقد تنوّع التضمين عنده ، فنجده تارة يستعين بالنصّ القرآني نحو قوله في مقالة كتبها مخاطباً الشباب جاء فيها :

«انهضوا نهضة شريفة تعيدون بها مجد أسلافكم ، تعاشروا بعضكم مع بعض بروح الحنان والرحمة ، والإخاء والمودّة ... كونوا كأوائلكم أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم»(٢).

فهو هنا يشير إلى قوله تعالى :

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْع أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)(٣).

أمّا فيما يتعلّق بتضمين الحديث النبويّ الشريف فقد أجاد الإمام أيّما إجادة في توظيف الحديث ، فقد جاء في مقالة عنوانها (علي فوق العبقريّات)

__________________

(١) ينظر : سلسلة روّاد التقريب (الإمام كاشف الغطاء) : ٨٧.

(٢) الشباب ، مقالة منشورة في مجلّة الاعتدال. والآية ٢٩ من سورة الفتح.

(٣) سورة محمّد(صلى الله عليه وآله) : ٢٩.

٢٥٤

قوله :

«وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيه : (يا عليّ ما عرف الله إلاّ أنا وأنت ، وما عرَفنا إلاّ الله)»(١).

أمّا الشعر فقد كان له حضوره في مقالات الشيخ ، إذ استفاد من الأبيات التي تحمل مضموناً إنسانيّاً عالياً ، ويغلب عليها طابع الحكمة ، نحو قوله في مقالة عنوانها (موقف الحسين يوم الطفّ) جاء فيها :

«وعلى كلّ فالمسلمون جميعاً بل والإسلام من ساعة قيامه إلى قيام الساعة رهين شكر للحسين عليه‌السلام وأصحابه على ذلك الموقف الذي أقلّ ما يقال فيه :

لقد وقفوا في ذلك اليوم موقفاً

إلى الحشر لا يزداد إلاّ معاليا»(٢).

__________________

(١) عليّ فوق العبقريّات : ٢ ، مقال منشور في مجلّة العدل ، العدد ٢٤ ، شعبان ١٣٧٣هـ

(٢) موقف الحسين يوم الطفّ : ٤٢٠ ، مقال منشور في مجلّة النشاط الثقافي ، ١٣٧٨هـ.

٢٥٥

المبحث الرابع

جهود الشيخ محمّد حسينقدس‌سره النقديّة

وهناك سمة أخرى حوتها مقالات الإمام الراحل وهي تطرّقها إلى بعض القضايا النقدية ، فهو يرى أنّ النقد يحتاج إلى درية وثقافة عالية كي يستطيع من خلالها أن يمحّص الأشياء ويخضعها لميزان النقد ، ونجد هذا عنده في حديثه الخاصّ عن الريحاني ، وقد نشره تباعاً في جريدة النجف التي كانت تصدر عام (١٩٢٦م) تحت عنوان (الريحاني في ميزان النقد) أو (نظرة في كتابه ملوك العرب)(١) ، جاء فيه : «إنّ كاتباً كالريحاني يؤلّف سفراً ككتاب (ملوك العرب) يدخل فيه من باب إلى باب وينتقل فيه من موضوع إلى موضوع ... وأهل العلم له بالمرصاد ، يضعونه تحت مطرقة النقد ، وفي بوتقة التمحيص ، وعلى معيار الاختبار»(٢).

فضلاً عن هذا ناقش الإمام كاشف الغطاء قضيّة التحريف وعدم الدقّة في النقل في مقالته المنشورة في جريدة النجف في قوله :

«إن ّالوهن في كتاب (ملوك العرب) تجاوز إلى التشويه والمسخ والقلب والإبدال والتغيير والتحريف في كثير مما يستشهد من آية محكمة أو مثل

__________________

(١) ينظر جريدة النجف ، تحرير يوسف رجيب ٢٨ ما يس ١٩٢٦م مقال للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء بعنوان (الريحاني في ميزان النقد).

(٢) مقال الريحاني في ميزان النقد ، جريدة النجف : ١.

٢٥٦

سائر أو بيت شعر شايع ، فتراه يذكر الآية محرّفة مصحّفة ، قد امتلخ بالتصحيف فصاحتها ، ومسخ بالتحريف صورتها ، وهبط بها من سماء سنائها إلى حضيض ظلمائها ، وهكذا قد يروي الشعر الفصيح الذي هو غاية في البلاغة والانسجام ممسوخاً منسوخاً قد اضطرب حتّى وزنه وزهقت منه حتّى روحه وتفسّخ حتّى معناه ولفظه ، وقد ينسب الشعر الشايع المشهور إلى غير قائله ويعزوه إلى غير أبيه»(١).

يتّضح لنا حرص الإمام على الأمانة في النقل وخاصّة مع النصوص القرآنية والحديث النبويّ الشريف ، وتظهر لنا قدرة الإمام اللغوية والأدبية في نقد النصوص ، فهو يرسم لنا طريقة الحوار في النقد البنّاء الذي يهدف إلى إصلاح النصوص وتقويمها ، وهذا النوع من النقد يصحّ أن نطلق عليه بالنقد البنّاء الهادف.

تنوّعت جهود الشيخ محمّد حسين النقدية ، فقد عالج في مؤلّفاته مختلف أنواع القضايا النقدية ، وقد انتشرت هذه القضايا في ثنايا مؤلّفاته الأدبية ، ومنها كتاب (مختار الأغاني) الذي تعرّض فيه إلى بعض الشعراء الذين ورد ذكرهم في موسوعة كتاب (الأغاني) ، كما وأنّه اختار من شعر الشعراء ما يعطي القارئ صورة عن منزلته الشعرية ونواحي امتيازه فيه ، لقد مارس الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء دور الناقد الواعي ، بدءاً بقضيّة

__________________

(١) مقال الريحاني في ميزان النقد ، جريدة النجف : ٢.

٢٥٧

حذف السند واختصار النسب وذكر الأخبار المهمّة وحذف كلّ ما هو ماجن طلباً للإيجاز ، فضلاً عن غربلة وتنقيح الأشعار والأخبار الواردة في الكتاب ، فكان لا يدوّن إلاّ القصيدة المستحسنة النظم ، ومعياره في ذلك جودة حسّه وذوقه الرفيع المدرّب كونه أحد الشعراء الذين عرفوا مسالك الشعر ، ومن ثمّ قام بعمليّة نقدية أخرى تتعلّق بالمنهج الإسلامي الملتزم الذي كان يتّبعه في أغلب مؤلّفاته ، فنجده يختار للشاعر الجيّد من شعره والذي يحمل عادة مضموناً إسلاميّاً هادفاً لا يتعارض وتعاليم الدين الإسلامي ، حتّى أنّه كان ينتقد على صاحب (الأغاني) إيراده للنوادر التافهة أو الماجنة ، فهو يأخذ على الأصفهاني إيراده لنماذج من شعر أبو الأسود الدؤلي لم تكن بالقوّة الكافية في قوله : «ثمّ إنّ أبا الفرج ذكر جملة وافية من شعره ولكنّه ليس بتلك القوّة والمتانة ، ونحن نذكر ما ننتخبه من أشعاره ، وجميع ما أورده من شعره إنّما كان في وقايع خاصّة ولكنّه لا يخلو أكثره عن حكم وآداب من ذلك قوله :

وأهوج ملحاح تصاممت قبله

إلى سمعه وما بسمعي من باس»(١).

بعدها يعلّق الشيخ محمّد حسين على هذه القصيدة بقوله :

«وهذه الأبيات أكثرها في غاية التعقيد ، وكذا أكثر شعره ، وليته حين أخذ النحو عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أخذ منه علم المعاني والبيان حتّى يفصح في بيان ما يريد»(٢).

__________________

(١) مختار من شعراء الأغاني : ١١ ـ ١٢.

(٢) المصدر نفسه : ١٣.

٢٥٨

إذاً الشيخ كان مع الشعر الواضح البيّن الذي لا يحتاج معه القارئ إلى كدّ الذهن وإتعاب الخاطر ، وأن يتجنّب التعقيد الذي تسبّبه استعمالات الشاعر لألفاظ مهجورة أو تراكيب غامضة معقّدة ، والمسألة لها علاقة بطريقة تركيب الشاعر للجمل ، ومدى التزامه بالقواعد النحوية ، وإشارة الناقد هنا إلى أن يتسلّح الشاعر بالبلاغة العربية المتمثّلة بعلم المعاني والبيان ، وأن يتّخذ الشاعر من طريقة وأسلوب الإمام عليّ عليه‌السلام منهجاً يحتذيه فيما ينظم من قصائد.

ويتّضح من هذا أنّ الشيخ عمل على إعادة إنتاج وإخراج كتاب (الأغاني) بروح نقديّة ، فقد كثرت الملاحظات النقديّة والمؤاخذات من قبل الشيخ رحمه الله على صاحب (الأغاني).

ولا يخلو الكتاب النفيس للشيخ الإمام محمّد حسين كاشف الغطاء المسمّى بـ : (المراجعات الريحانية) من وجود آراء نقدية ، فقد كان النقد الأدبي عنده لون من ألوان الحوار ، كما وللحوار والمناظرة أدب خاصّ ، فضلاً عن النقد اللغوي الذي احتلّ حيّزاً لا بأس به ، وقد تطرّق من خلاله إلى مسائل لغويّة منها قضيّة الاشتراك اللفظي والترادف وتأثيره على تفسير وفهم النصّ ، فقد ردّ الشيخ على الأب انستاس الكرملي عندما اتّهمه بأنّ آفة كلامه الإكثار والتفريط فقد ردّ عليه بأنّ هذا الاستعمال اللغوي ليس من التكرير أو الزيادة ، إنّما هو محاكاة للكلام البليغ ، وقد استشهد على ذلك بنصوص من القران الكريم والشعر العربي الفصيح.

٢٥٩

ومن القضايا النقدية المهمّة التي تطرّق إليها الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء قضيّة اللفظ والمعنى ، محاولاً البحث عن سرّ الجمال في النصوص ، هل يرجع إلى اللفظ أم المعنى ، أم إلى تآزر اللفظ مع المعنى وجودة صياغتهما ، وهو الرأي الذي يميل إليه الشيخ ، ويعتمد إلى إثبات جودة النصّ من خلال تحليل أجزاء النصّ ومكوّناتها البنائية لكي يصل إلى إثبات جودته ، وخاصّة في معرض ردّه على بعض الرسائل التي تتّهم بعض الخطب بعدم الاعتدال ، أو الإيجاز المخلّ أو ركاكة التركيب ، قائلاً :

«أمّا الألفاظ فقد نظرنا كلّ واحد ممّا اشتملت عليه الخطبتان ... نظرناها بالعين المجرّدة فلم نجد فيهما ولا لفظة واحدة خارجة عن حدّ الاعتدال ، لا مرذولة سافلة ، ولا وحشية نافرة ، هذا من حيث مفردات الألفاظ ، وأمّا من حيث الصياغة والتركيب فليس في شيء منهما إيجاز مخلّ أو إطناب مملّ ، أو تقديم وتأخير موهم»(١).

ومن الجدير بالذكر أنّ الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء تأثّر بالتراث العربي القديم في مجال النقد ، وربّما يعود السبب في ذلك إلى ثقافته وتأثّره بالموروث العربي من أدب ونقد ، فقد كان يحفظ الكثير من النصوص القديمة ، ويتّضح هذا من كثرة استشهاداته بهذه النصوص والتي يعود بعضها إلى أمراء البيان في العصر الجاهلي ، أمثال أكثم وقس بن ساعدة الأيادي.

__________________

(١) المراجعات الريحانية : ٢ / ٤٣.

٢٦٠