سورة الأحزاب
مدنية وآياتها ٧٣ نزلت بعد آل عمران
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سورة الأحزاب) (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) نداء فيه تكريم له ، لأنه ناداه بالنبوّة ، ونادى سائر الأنبياء بأسمائهم (اتَّقِ اللهَ) أي دم على التقوى وزد منها (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) أي لا تقبل أقوالهم وإن أظهروا أنها نصيحة ، ويعني بالكافرين المظهرين للكفر ، وبالمنافقين الذين يظهرون الإسلام ويخفون الكفر ، وروي أن الكافرين هنا. أبيّ بن خلف ، والمنافقين هنا : عبد الله بن أبيّ بن سلول ، والعموم أظهر.
(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) قال ابن عباس : كان في قريش رجل يقال له ذو القلبين لشدّة فهمه ، فنزلت الآية نفيا لذلك وقيل : إنما جاء هذا اللفظ توطئة لما بعده من النفي ، أي كما لم يجعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، كذلك لم يجعل أزواجكم أمهاتكم ولا أدعياءكم أبناءكم (اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَ) أي تقولون للزوجة : أنت عليّ كظهر أمي ، وكانت العرب تطلق هذا اللفظ بمعنى التحريم ، ويأتي حكمه في سورة المجادلة ، وإنما تعدى هذا الفعل بمن لأنه يتضمن معنى يتباعدون منهنّ (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) الأدعياء جمع دعيّ ، وهو الذي يدعى ولد فلان وليس بولده ، وسببها أمر زيد بن حارثة : وذلك أنه كان فتى من [قبيلة] كلب ، فسباه بعض العرب وباعه من خديجة ، فوهبته للنبي صلىاللهعليهوسلم فتبناه (١) ؛ فكان يقال له زيد بن محمد حتى أنزلت هذه الآية (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ) الإشارة إلى نسبة الدعي إلى غير أبيه ، أو إلى كل ما تقدم من
__________________
(١). تبنى النبي صلىاللهعليهوسلم زيد بن حارثة حينما جاء حارثة وأخوه يطلبان مفاداة ولدهما زيد فعرض عليهما النبي صلىاللهعليهوسلم تخيير زيد فإن اختارهما فهو لهما بغير فداء ، وإن اختار البقاء مع النبي صلىاللهعليهوسلم فالنبي صلىاللهعليهوسلم يكون حينئذ أولى به. فوافقا على ذلك ، واستدعي زيد فاختار النبي صلىاللهعليهوسلم فحزن أبوه أشد الحزن ، فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم عند ذلك : إن زيدا حر وهو ابني يرثني وأرثه. فخفف ذلك من لوعته ورجع راضيا. كان ذلك قبل بعثة النبي صلىاللهعليهوسلم. مصححة.