معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: علي محمّد البجاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر العربي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٤٣

(الخير (١)) : الخيل ، سميت بذلك لما فيها من المنافع ، وفى الحديث : الخير معقود فى فراصى الخيل. وقيل المال. وهذا يختلف بحسب الاختلاف فى القصة.

فأما الذين قالوا إن سليمان عقر الخيل لما اشتغل بها حتى فاتته الصلاة ، فاختلفوا فى هذا على ثلاثة أقوال : الأول وهو الذى قدمناه. وأحببت بمعنى آثرت ، أو بمعنى فعل يتعدى بعن ، كأنه قال : آثرت حب الخير فشغلنى عن ذكر ربى.

والآخر أن الخيل هنا يراد به المال ، لأن الخيل وغيرها مال ؛ فهو كقوله تعالى : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً)(٢) : أى مالا.

والثالث أن المفعول محذوف وحب الخير مصدر ، والتقدير أحببت هذه الخيل مثل حبّ الخير ، فشغلنى عن ذكر ربى.

وأما الذين قالوا إنه كان يصلّى فعرضت عليه الخيل فأشار بإزالتها ؛ فالمعنى أنه قال : أحببت حبّ الخير الذى عند الله فى الآخرة بسبب ذكر ربى ، فشغلنى ذلك عن النظر إلى الخيل.

(أكفلنيها) ضمها إلىّ ، واجعلنى كافلها ؛ أى تلزم نفسى حياطتها ؛ وأصله اجعلها فى كفالتى. وقيل اجعلها كفلى ؛ أى نصيبى.

(أتراب) أقران ، واحدها ترب ، يعنى أن أسنان الآدميات وأسنان أزواجهنّ سواء ، من سن ثلاثين سنة والطول ستين ذراعا. وأما الحور العين فعلى حسب ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين.

(أشرقت الأرض) أضاءت.

((٣) أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين) هذا كقوله : ((٤) كُنْتُمْ أَمْواتاً

__________________

(١) من قوله تعالى : إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (ص : ٣٢)

(٢) البقرة : ١٨٠

(٣) غافر : ١١

(٤) البقرة : ٢٨

٥٤١

فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ). فالموتة الأولى عبارة عن كونهم عدما ، أو كونهم فى الأرحام ، أو فى الأصلاب. والموتة الثانية الموتة المعروفة. والحياة الأولى حياة الدنيا. والحياة الثانية حياة البعث فى القيامة.

وقيل الحياة الأولى حياة الدنيا ، والثانية الحياة فى القبر. والموتة الأولى الموتة المعروفة ، والموتة الثانية بعد حياة القبر. وهذا قول فاسد ؛ لأنه لا بد من الحياة للبعث فتجيء الحياة ثلاث مراتب.

فإن قيل : كيف اتصال قولهم : أمتّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين بما قبله؟

فالجواب أنهم كانوا فى الدنيا يكفرون بالبعث ، فلما دخلوا النار مقتوا أنفسهم على ذلك ، فأقرّوا به حينئذ ليرى الله إقرارهم بقولهم : (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ؛ إقرارا بالبعث على أكمل الوجوه ؛ طمعا منهم أن يخرجوا عن المقت الذى مقتهم الله ؛ إذ كانوا يدعون إلى الإيمان فيكفرون.

(أقوات) أرزاق بقدر ما يحتاجون إليه. وقيل يعنى أقوات الأرض من المعادن وغيرها من الأشياء التى بها قوام الأرض. والأول أظهر.

(أردأكم (١)) أهلككم.

(أكمامها) أوعيتها التى كانت فيها مستترة قبل تفطّرها ، واحدها كم (٢). وقوله (٣) : (وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) ؛ أى [الطّلع](٤) قبل أن ينفتق.

(أكواب) : أباريق ، لا عرى لها ولا خراطيم ، واحدها كوب.

__________________

(١) من قوله تعالى : وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ .. بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ (سورة فصلت : ٣٢)

(٢) بكسر الكاف ، كما فى القاموس.

(٣) الرحمن : ١١

(٤) مكان هذه الكلمة بياض فى ب ، والمثبت فى ا ، والقرطبى (١٧ ـ ١٥٦)

٥٤٢

(أبرموا) أحكموا.

(آنفا) أى الساعة ، من قولك : استأنفت الشيء : ابتدأته.

(أحقاف) : جمع حقف (١) ، وهو الكدس من الرمل. واختلف أين كانت؟ فقيل بالشام. وقيل : بين عمان وحضرموت. والصحيح أن بلاد عاد كانت باليمن.

(أثخنتموهم) : أكثرتم فيهم القتل والأسر.

(آسن (٢)) متغيّر الرائحة والطعم.

(أشراطها) : علاماتها ، ويقال أشرط نفسه الأمر (٣) إذا جعل نفسه علما فيه. ولهذا سمى أصحاب الشّرط ؛ للبسهم لباسا يكون علامة لهم. والشرط فى البيع علامة بين المتبايعين ، والذى كان قد جاء من أشراط الساعة مبعث مولانا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأنه قال : أنا من أشراط الساعة ، وبعثت أنا والساعة كهاتين.

(أملى لهم) : أى مدّ لهم فى الأمانى والآمال. والفاعل هو الشيطان. وقيل الله تعالى. والأول أظهر ، لتناسب الضميرين الفاعلين فى سوّل وأملى (٤).

(أضغانهم) أحقادهم ، ويراد به هنا النفاق والبغض فى الإسلام وأهله.

(ألقى السّمع وهو شهيد (٥)) أى استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم ، ليس بغافل ولا ساه.

__________________

(١) الحقف ـ بالكسر : المعوج من رمل (القاموس).

(٢) من قوله تعالى : مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ (محمد : ١٥)

(٣) فى القاموس : أشرط نفسه لكذا : أعلمها وأعدها.

(٤) الآية : الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (محمد : ٢٥)

(٥) ق : ٣٧

٥٤٣

(ألقيا فى جهنم (١)) خطاب للملكين السائق والشهيد. وقيل : إنه خطاب للواحد على أن يكون بالنون المؤكدة الخفيفة ، ثم أبدل منها ألفا ، على أن يكون معناه ألق ألق ، فثنّى مبالغة وتأكيدا ، وعلى أن يكون على عادة العرب من مخاطبة الاثنين كقولهم : خليلىّ وصاحبىّ. وهذا كله تكلف بعيد.

ومما يدل على أن الخطاب للاثنين قوله (٢) : (فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ).

(أدبار السّجود) جمع دبر. والإدبار مصدر أدبر. قال عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما : الركعتين بعد المغرب. وقال ابن عباس : هى النوافل بعد الفرائض. وقيل الوتر.

(اللّات والعزى) أصل اللات رجل كان يلتّ السويق للحاجّ. والعزّى كانت صخرة بالطائف ، مؤنثة الأعز.

وقيل : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث خالد بن الوليد فقطع شجرة يقولون لها العزّى ، فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها تدعو بالويل والثبور ، فضربها بالسيف حتى قتلها.

وهذه مخاطبة لمن كان يعبدها من العرب على جهة التوبيخ لهم.

(أكدى) أى قطع العطاء ، وأمسك ، مأخوذ من كدية الركيّة ، وهو أن يحفر الحافر فيبلغ إلى الكدية ، وهى الصلابة من حجر أو غيره ، فلا يعمل معوله شيئا فييئس وينقطع عن الحفر.

__________________

(١) ق : ٢٤

(٢) ق. ٢٦

٥٤٤

(أقنى (١)) : أكسب عباده المال ، فهو من كسب المال وادّخاره.

وقيل معنى أقنى أفقر ؛ وهذا لا تقضيه اللغة. وقيل معناه أرضى. وقيل أقنع عبده.

(أزفت) ؛ أى قربت ، سميت بذلك لقربها ، يقال : أزف شخص فلان أى قرب. وقوله (٢) : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) ؛ يعنى القيامة.

(أعجاز نخل (٣)) : أصول نخل منقعر. وأعجاز نخل منقطع. وأعجاز (٤) نخل خاوية ؛ أى بالية. شبّه الله عادا لما هلكوا بذلك ، لأنهم طوال عظام الأجسام ، كان طول أحدهم مائة ذراع كالنخل. وقيل : كانت الريح تقلعهم حتى حفروا حفرا يمتنعون بها من الرّيح فهلكوا فيها ؛ فشبههم بأعجاز النخل إذا كانت فى حفرها.

(أبشرا (٥)) : هو صالح عليه‌السلام ؛ وانتصب بفعل مضمر. والمعنى أنهم أنكروا أن يتبعوا بشرا ، وطلبوا أن يكون الرسول من الملائكة ؛ ثم زادوا أن أنكروا أن يتبعوا واحدا وهم جماعة كثيرون.

(أشر) ؛ أى بطر (٦) متكبر ، وربما كان للمدح من النشاط.

(الأنام) : الخلق كلهم. وقيل الحيوان كله.

__________________

(١) من قوله تعالى : وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (النجم : ٤٨).

(٢) غافر : ١٨

(٣) أى ذاهب فى قعر الأرض (المفردات) ، والآية فى سورة القمر ، آية ٢٠

(٤) الحاقة : ٧

(٥) القمر : ٢٤

(٦) من قوله تعالى : بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ : (القمر : ٢٥)

٥٤٥

(الأعلام) : الجبال ، شبه السّفن بها ، وإنما سمّاها منشآت لأن الناس ينشئونها.

(أفنان) : أغصان ، واحدها فنن (١) وهو الغصن. أو جمع فن ، وهو الصنف من الفواكه وغيرها.

(أول الحشر (٢)) ، فى معناه أربعة أقوال :

أحدها ـ أنه حشر القيامة ؛ أى خروجهم من حصونهم أول الحشر ، والقيام من القبور آخره.

وروى فى هذا المعنى أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لهم : امضوا ، هذا أول الحشر وأنا على الأثر.

الثانى ـ أن المعنى لأول موضع الحشر ، وهو الشام ؛ وذلك أن أكثر بنى النّضير خرجوا إلى الشام ، وقد جاء فى الأثر أن حشر القيامة إلى الشام.

وروى فى هذا المعنى أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لبنى النّضير : اخرجوا ، قالوا : إلى أين؟ قال : إلى أرض الحشر.

الثالث ـ أن المراد بالحشر فى الدنيا هو الجلاء والإخراج ، فإخراجهم من حصونهم أول الحشر ، وإخراج أهل خيبر آخره.

الرابع ـ أن معناه إخراجهم من ديارهم لأول الحشر لقتالهم ؛ لأنه قال قاتلهم.

قال الزمخشرى (٣) : اللام فى قوله «لأوّل» بمعنى عند ، كقولك : جئت لوقت كذا.

(أوجفتم) ؛ من الإيجاف ، وهو السير السريع. والمعنى أنّ ما أعطى الله

__________________

(١) فى ب : فن ، والفن : الصرب من الشيء (القاموس)

(٢) الحشر : ٢

(٣) الكشاف : ٢ ـ ٤٤٤

٥٤٦

رسوله من أموال بنى النّضير لم يمش المسلمون إليه بخيل ولا ركاب ، ولا تعبوا فيه ولا؟ حمّلوه؟ بقتال ، ولكن حصل بتسليط رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بنى النضير ، فأعلم الله فى هذه الآية أن ما أخذ لبنى النضير وما أخذ من فدك (١) ، فهو خاصّ بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يفعل فيه ما شاء ؛ لأنه لم يوجف عليها ولا قوتلت كبير قتال ، بخلاف الغنيمة التى تؤخذ بالقتال ؛ فأخذ صلى‌الله‌عليه‌وسلم لنفسه من أموال بنى النضير قوت عياله ، وقسّم سائرها فى المهاجرين ، ولم يعط الأنصار شيئا ، غير أن أبا دجانة وسهل بن حنيف شكوا فاقة فأعطاهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم منها. هذا قول جماعة.

وقال عمر بن الخطاب : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ينفق منها على أهله نفقة سنة ، وما بقى جعله فى السلاح والكراع عدة فى سبيل الله.

قال قوم من العلماء : وكذلك كل ما فتحه الأئمة مما لم يوجف عليه فهو لهم خاصة يأخذون منه حاجتهم ، ويصرفون باقيه فى مصالح المسلمين.

(أفاء الله) ، من الفيء. ويعنى أن الله جعل فيئا لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(الذى) ، واحد الألى والذين جميعا (٢). واللّاتى واحدها التى.

(أرجائها (٣)) : نواحيها وجوانبها ، واحدها رجا ـ مقصور ، يقال ذلك لحرف البئر ولحرف القبر وشبههما. والضمير يعود على السماء ؛ لأنها إذا وهت (٤)

__________________

(١) فدك ـ بالتحريك ، وآخرها كاف : قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان ، أفاءها الله على رسوله فى سنة سبع صلحا (ياقوت).

(٢) قال ابن مالك :

جمع الذى الأنى الذين مطلقا

وبعضهم بالواو رفعا نطقا

(٣) الحاقة : ١٧ ، والملك على أرجائها.

(٤) فى قوله تعالى : وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ ، وهى الآية التى قبلها فى السورة نفسها.

٥٤٧

وقفوا على أطرافها. وقيل يعود على الأرض ؛ لأن المعنى يقتضيه وإن لم يتقدم ذكرها. وروى فى ذلك : إن الله يأمر الملائكة فتقف صفوفا على جوانب الأرض.

والأول أظهر وأشهر.

(أوسطهم) : أعدلهم وأفضلهم. ومنه (١) : (أُمَّةً وَسَطاً).

(أوعى) ، يقال : أوعيت المال وغيره إذا جمعته فى وعائه ، فالمعنى جمع المال وجعله فى وعاء. وهذه إشارة إلى قوم من أغنياء الكفار جمعوا المال من غير حلّه ، ووضعوه فى غير محله.

(أصرّوا) : أقاموا على المعصية.

(أطوارا) ؛ أى طورا بعد طور ، يعنى أن الإنسان كان نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة إلى سائر أحواله.

وقيل : الأطوار الأنواع المختلفة ، فالمعنى أن الناس على أنواع فى ألوانهم وألسنتهم وأخلاقهم وغير ذلك.

(أقوم قيلا) : أصحّ قولا ؛ لهدأة الناس وسكون الأصوات. والمعنى تحريض على قيام الليل لكثرة الأجر فيه.

(أنكالا) : جمع نكل (٢) وهو القيد من الحديد. وروى أنها قيود سود من نار لو وضع قيد منها على الأرض لأحرقها.

(أسفر) : أضاء ، ومنه الإسفار بصلاة الصبح.

(أمشاج (٣)) : أى أخلاط ، واحدها مشج ـ بفتح الميم والشين. وقيل مشج بوزن عدل.

__________________

(١) البقرة : ١٤٣

(٢) بكسر النون ، كما فى القاموس.

(٣) الإنسان : ٢

٥٤٨

وقال الزمخشرى (١) : ليس أمشاج بجمع ، وإنما هو مفرد ، كقولهم : برمة (٢) أعشار. ولذلك وقع صفة للمفرد. واختلف فى معنى الاختلاط هنا ؛ فقيل اختلاط الدم والبلغم والصفراء والسوداء. وقيل اختلاط ماء الرجل والمرأة. وروى أن عظام الإنسان وعصبه من ماء الرجل ، وأن لحمه وشحمه من ماء المرأة. وقيل معناه أطوار ، وألوان : أى يكون نطفة ثم علقة ... الخ.

(أسرهم (٣)) : خلقتهم. وقيل المفاصل والأوصال. وقيل القوة.

(ألفافا) : ملتفّة من الشجر ، وهو جمع لف ـ بضم اللام. وقيل بالكسر. وقيل لا واحد له.

(أفواجا) : جماعات يعنى بعد نفخة القيامة من القبور.

(أحقابا) : جمع حقبة أو حقب (٤) وهى المدّة الطويلة من الدهر غير محدودة. ثم اختلف فى مقدارها ؛ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنها ثلاثون سنة. وقال ابن عباس : ثمانون سنة. وقيل ثلاثمائة. وعلى القول بالتحديد فالمعنى أنهم يبقون فيها أحقابا كلما انقضى حقب جاء آخر إلى غير نهاية. وقيل : إنه كان يقتضى أن مدة العذاب تنقضى ، ثم نسخ بقوله (٥) : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) ، وهذا خطأ ؛ لأن الأخبار لا تنسخ. وقيل هى فى عصاة المؤمنين الذين يخرجون من النار ؛ وهذا خطأ لأنها فى الكفار لقوله (٦) : (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً).

__________________

(١) الكشاف : ٢ ـ ٥١٠

(٢) البرمة : قدر من حجارة. وبرمة أعشار : مكسرة على عشر قط. أو عظيمة لا يحملها إلا عشرة (القاموس).

(٣) من قوله تعالى : نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ (الإنسان : ٢٨).

(٤) بالضم ، وبضمتين (القاموس).

(٥) النبأ : ٣٠.

(٦) النبأ : ٢٨

٥٤٩

وقيل معناه أنهم يبقون أحيانا لا يذوقون لا بردا ولا شرابا ، ثم يبدّل لهم نوع آخر من العذاب ؛ وهذا أليق.

(أغطش (١) ليلها) : أى جعله مظلما. يقال غطش الليل إذا أظلم ، وأغطشه الله.

(أقبره (٢)) : جعله ذا قبر ، يقال قبرت الميّت إذا دفنته ، وأقبرته إذا أمرت أن يدفن.

(أنشره (٣)) : أى بعثه من قبره يوم القيامة.

(أذنت لربّها (٤)) : أى استمعت ، وهو هنا عبارة عن طاعتها لربها ، وإنما انقادت إليه حين أراد انشقاقها ، وكذلك طاعة الأرض لمّا أراها مدّها وإلقاء ما فيها ؛ وحقّ لها أن تنشقّ من أهوال يوم القيامة. أقال الله عثراتنا.

(أفلح (٥)) : نجا ، يعنى ظفر من طهّر نفسه بالعمل ، وجانب الظفر من أهملها بالكفر والمعاصى.

(أهانن (٦)) : يعنى لم يحسن إلىّ. وقد أنكر الله على الإنسان قوله عند النعماء أكرمنى (٧) ، ويقول عند الضرر به «أهانن» ، على وجه التشكّى من الله وقلّة التسليم لقضائه ، فاعتبر هذا العبد الدنيا ، وجعل بسط الرزق فيها كرامة ، وتضييقه إهانة ؛ وليس الأمر كذلك ؛ فإن الله يبسط الرزق لأعدائه ، ويضيّقه لأوليائه ، ولم يكن فى زمان موسى أكرم على الله منه ، وقد قطع الشوك

__________________

(١) النازعات : ٢٩

(٢) عبس : ٢١

(٣) عبس : ٧٢

(٤) الانشقاق : ٢

(٥) الآية : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (الشمس : ١٠) دساها : أغواها.

(٦) الفجر : ١٦

(٧) الآية التى قبلها.

٥٥٠

رجليه من الحفا ، وكان يرى على بطنه أثر البقول. وفرعون حينئذ يدّعى الربوبية ، وقد أمر الله نبيّه بالإعراض عن زهرة الدنيا ، والنظر إليها فى قوله (١) : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ).

وأخرج البزار وأبو يعلى عن أبى رافع ، قال : أضاف النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضيفا ، فأرسلنى إلى رجل من اليهود أن أسلفنى دقيقا إلى هلال رجب. فقال : لا ، إلا برهن. فأتيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبرته ، فقال : والله إنى لأمين من فى السماء أمين من فى الأرض ، فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية : (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ).

فإن قلت : قد أثبت الله تعالى فى قوله (٢) : (رَبِّي أَكْرَمَنِ).

فالجواب من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه لم ينكر عليه ذكره الإكرام ، وإنما أنكره عليه ما يدل عليه كلامه من الفخر والخيلاء ، وقلّة الشكران ، ومن اعتبار الدنيا دون الآخرة.

الثانى : أنه أنكر عليه قوله : ربى أكرمن إذ اعتقد أنّ إكرام الله باستحقاقه الإكرام على وجه التفضّل والإنعام ، كقول قارون (٣) : (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي).

الثالث : أن الإنكار إنما هو لقوله : ربّى أهانن ، لا لقوله : ربّى أكرمن ؛ فإن قوله : ربى أكرمن اعتراف بنعمة الله ، وقوله : ربى أهانن شكاية من فعل الله.

__________________

(١) طه : ١٣١

(٢) الفجر : ١٥

(٣) القصص : ٧٨

٥٥١

(أنقض (١) ظهرك) : النّقض البعير الذى قد أتعبه السفر والعمل فنقض لحمه ، فيقال له حينئذ نقض ، وهو هنا عبارة عن ثقل الوزر المذكور وشدته عليه.

قال الحارث المحاسبى : إنما وصفت ذنوب الأنبياء بالثقل وهى مغفورة لهم لو صدرت منهم ، فهى ثقيلة عندهم لشدة خوفهم من الله ، وهى عند الله خفيفة. وهذا كما جاء فى الأثر أن المؤمن يرى ذنوبه كالجبل يقع عليه ، والمنافق يرى ذنوبه كالذبابة تطير فوق أنفه. وعلى هذا قول من جوّز صغائر الذنوب على الأنبياء. أو على أن ذنوبه كانت قبل النبوة. والصحيح أن الوزر هى أثقال النبوة وتكاليفها ، فأعانه عليها.

(أثقالها (٢)) : جمع ثقل ، وإذا كان الميت فى بطن الأرض فهو ثقل لها ، وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها. وقيل هى الكنوز ؛ وهذا ضعيف ؛ لأن إخراجها للكنوز وقت الدجّال. والمراد إخراج الموتى الذين فى جوفها عند النفخة الثانية فى الصور.

(أوحى لها (٣)) : أوحى إليها ؛ إما بكلام أو إلهام. وقيل معناه أوحى إلى الملائكة من أجلها ؛ وهذا بعيد. وفى التفسير أوحى إليها أمرها.

(ألهاكم (٤) التكاثر) : أى شغلكم التكاثر فى الدنيا للمباهاة بكثرة الأموال والأولاد عن محاسبة أنفسكم ، ستعلمون ما يحلّ بكم. وإنما كرر (كَلَّا (٥) سَوْفَ تَعْلَمُونَ) للتأكيد والتهويل ، وعطفه «بثمّ» إشارة إلى أن الثانى أعظم من الأول ، وإنما حذف معمول «تعلمون» لقصد التهويل ، فيقدر السامع أعظم ما يخطر بباله.

__________________

(١) الشرح : ٣

(٢) الزلزلة : ٢

(٣) الزلزلة : ٥

(٤) التكاثر : ١

(٥) فى السورة نفسها.

٥٥٢

(أبابيل (١)) : جماعات متفرقة ، شيئا بعد شىء.

قال الزمخشرى (٢) : واحدها إبّالة (٣). وقال جمهور الناس : هو جمع لا واحد له من لفظه.

وقصتهم أنّ الله أرسل على أصحاب الفيل طيورا سودا وقيل خضرا ، عند كل طائر ثلاثة أحجار فى منقاره ورجليه ، فرمتهم الطيور بالحجارة ، فكان الحجر يقتل من وقع عليه.

وروى أنه كان يدخل فى رأسه ويخرج من دبره ، ووقع فى سائرهم الجدرىّ والأسقام وانصرفوا ، فماتوا فى الطريق متفرقين فى المراحل ؛ وتقطع أبرهة أنملة أنملة.

وروى أن كلّ حجر منها فوق العدسة ودون الحمّصة. وقال ابن عباس : أدركت عند أم هانئ نحو قفيز من هذه الحجارة ، وأنها كانت مخطّطة مجمرة.

وروى أنه كان على كل حجر اسم من يقع عليه مكتوب.

(الأبتر) : هو الذى لا عقب له ، ونزلت هذه الآية فى العاصى بن وائل : وقيل فى أبى جهل على وجه الردّ عليه ؛ قال : إن محمدا أبتر ، لا ولد له ؛ فإذا مات استرحنا منه وانقطع أمره بموته ، فأخبر الله أن هذا الكافر هو الأبتر ، وإن كان له أولاد ؛ لأنه مبتور من رحمة الله ؛ أى مقطوع عنها ، وأنه لا يذكر ـ إذا ذكر ـ إلا باللعنة ، بخلاف نبينا ومولانا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) من قوله تعالى : وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (الفيل : ٣).

(٢) الكشاف (٢ ـ ٥٦١)

(٣) الإبالة كإجانة : ويخفف : القطعة من الطير ، والخيل ، والإبل أو المتتابعة منها (القاموس).

٥٥٣

فإنّ ذكره خالد إلى آخر الدهر بالصلاة والسلام ، مرفوع على المنابر والصوامع ، مقرون بذكر الله.

(الفلق) : قيل الضبح. ومنه (١) : (فالِقُ الْإِصْباحِ). قال الزمخشرى (٢) : هو فعل بمعنى مفعول. وقيل : إنه كلّ ما يفعله الله ؛ كفلق الأرض عن النبات ، والجبال عن العيون ، والسحاب عن المطر ، والأرحام عن الأولاد ، والحبّ والنّوى ، وغير ذلك.

وقيل : إنه جبّ فى جهنم. وقد روى عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(أهلّ) بضم الهمزة : ذكر عند ذبحه اسم غير الله. وأصل الإهلال رفع الصوت.

(اضطرّ) : ألجئ ، وهو مشتقّ من الضرورة ، ووزنه افتعل وأبدل التاء طاء. واختلف فى حدّ الاضطرار ؛ والصحيح أنه ثلاثة أيام. والحكمة فيه أن الميتة إنما حرمت لسمّها وضرّها ، والآدمىّ إذا خلت معدته من الطعام نشأ منها سمّ قاتل ، يغلب على سم الميتة ؛ فلذا أبيح أكلها.

(أمّة) : يرد لمعان : جماعة ؛ ومنه (٣) : (وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً). ورجل جامع للخير ، ومنه (٤) : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً). ودين وملّة ؛ كقوله (٥) : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ). وحين وزمان ؛ كقوله تعالى (٦) : (إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ).

((٧) وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) ؛ أى نسيان. و ((٨) أُمَّةٌ قائِمَةٌ). يقال فلان حسن

__________________

(١) الأنعام : ٩٦

(٢) الكشاف : (٢ ـ ٥٦٨).

(٣) القصص : ٢٣

(٤) النحل : ١٢٠

(٥) الزخرف : ٢٢

(٦) هود : ٨. والآية : وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ.

(٧) يوسف : ٤٥

(٨) آل عمران : ١١٣

٥٥٤

الأمة ؛ أى (١) قائمة.

وأمة رجل منفرد بدين لا يشركه فيه أحد ، كقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده.

وأمة أم ، يقال هذه أمّة زيد ؛ أى أمه.

(أحصرتم) : منعتم. والمشهور فى اللغة أحصره المرض بالألف ، وحصره العدو. وقيل بالعكس. وقيل هما بمعنى واحد ؛ فقال مالك : أحصرتم هنا بالمرض على مشهور اللغة ، فأوجب عليه الهدى ولم يوجبه على من حصره العدو.

وقال الشافعى وأشهب : يجب الهدى على من حصره العدوّ ؛ وحملا الآية على ذلك ، واستدلا بنحر الهدى بالحديبية.

وقال أبو حنيفة : يجب الهدى على المحصر بعدو وبمرض.

(أخراكم) : آخركم ؛ وفيه مدح للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ فإن الآخر هو موقف الأبطال يرفع جريهم ، ويقوّى منهزمهم.

(أجورهنّ) : مهورهن وصداقهنّ ، يعنى إذا استمتعتم بالزوجة بالوطء فيجب إعطاء الصداق كاملا.

(أبسلوا (٢)) : ارتهنوا وأسلموا للهلكة.

(استهوته) ؛ أى ذهبت به الشياطين فى مهامه الأرض ، وأخرجته عن الطريق ، فهو استفعال من هوى فى الأرض إذا ذهب فيها.

__________________

(١) هكذا فى الأصول : وفى القرطبى : قال الأخفش : التقدير من أهل الكتاب ذو أمة :أى ذو طريقة حسنة ، وقيل فى الكلام حذف ، والتقدير : من أهل الكتاب أمة قائمة ، وأخرى غير قائمة فترك الأخرى اكتفاء بالأولى ، وفى المفردات (٢٣) : أمة قائمة : أى جماعة ، وجعلها الزجاج هنا للاستقامة ، وقال : تقديره ذو طريقة واحدة.

(٢) من قوله تعالى : «أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا. (الأنعام : ٧٠) ،

٥٥٥

وقال الفارسى : استهوى بمعنى أهوى ، مثل استزل بمعنى زل.

(أملى لهم) ؛ أى أطيل لهم المدة ، وأتركهم ملاوة من الدهر مع إرادة العقوبة ؛ فظاهره إحسان وباطنه خذلان.

(أذن (١)) يعنى يقبل كلّ ما قيل له ويصدقه. وروى أن قائل هذه المقالة نبتل بن الحارث ، وكان من مردة المنافقين. وقيل عتّاب بن قيس (٢) فرد الله عليه قوله بأنه يسمع الخير والحق ويؤمن للمؤمنين.

(اجتثّت) ؛ معناه استؤصلت واقتلعت ، وحقيقة الاجتثاث أخذ الجثّة ، وهذا فى مقابلة قوله (٣) : (أَصْلُها ثابِتٌ).

(أخفيها (٤)) : أسترها وأظهرها أيضا ؛ فهو من الأضداد. قال ابن عطية : هذا قول مختلّ ؛ وذلك أن المعروف فى اللغة أن يقال أخفى بالألف من الإخفاء ، وخفى بغير ألف بمعنى أظهر ؛ فلو قال بمعنى الظهور لقال أخفيها بفتح الهمزة فى المضارع. وقد قرئ بذلك فى الشاذ.

وقال الزمخشرى (٥) : قد جاء فى بعض اللغة أخفى بمعنى (٦) خفى ؛ أى ظهر ؛ فلا يكون هذا القول مختلا على هذه اللغة. والصحيح أن الله أبهم وقت الساعة فلم يطلع عليه أحدا حتى كاد أن يخفى وقوعها لإبهام وقتها ، ولكنه لم يخفها

__________________

(١) التوبة : ٦١ ، وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ.

(٢) فى القرطبى : عتاب بن قشير.

(٣) إبراهيم : ٢٥ ، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ.

(٤) طه : ١٥ ، إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى.

(٥) الكشاف (٢ ـ ٢١)

(٦) عبارة الكشاف : من خفاه : إذا أظهره ، أى قرب إظهارها.

٥٥٦

إذ أخبر بوقوعها ؛ فالإخفاء على معناه فى اللغة ، «وكاد» على معناها من مقاربة الشيء دون وقوعه ؛ وهذا هو اختيار المحقّقين.

(اضمم (١)) واسلك (٢) ، بمعنى الدخول.

(اغضض) : أنقص منه. ومنه (٣) : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) ؛ أى ينقصوا من نظرهم عما حرم الله عليهم ، فقد أبيح لهم ما سوى ذلك.

(اركض) برجلك : اضرب الأرض. والتقدير قلنا له اركض الأرض ؛ فضرب الأرض برجله ، فنبعت له عين باردة صافية ، فشرب منها ، فذهب كلّ مرض كان فى جسده. وروى أنه ركض الأرض مرتين ، فنبع له عينان ، فشرب من إحداهما واغتسل من الأخرى.

(أمّ الكتاب) : أصل كلّ كتاب ، وهو اللوح المحفوظ الذى كتب الله فيه مقادير الأشياء كلها.

(أولو) العزم من الرسل : نوح وإبراهيم وعيسى وموسى. وقيل هم الثمانية عشرة المذكورون فى سورة الأنعام بقوله (٤) : (فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ). وقيل كلّ من لقى من أمّته شدّة. وقيل الرسل كلّهم أولو عزم.

(ازدجر) : انتهر وشتم ، وقالوا له (٥) : (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ).

(أجلت) : أخّرت ، وهو من الأجل ، كالتوقيت من الوقت ، وفيه توقيف

__________________

(١) فى المفردات : الضم : الجمع.

(٢) القصص : ٢٢ ، اسلك يدك فى جنبك تخرج بيضاء من غير سوء.

(٣) النور : ٣٠

(٤) الأنعام : ٩٠

(٥) الشعراء : ١١٦

٥٥٧

يراد به تعظيم لذلك اليوم ، ثم بيّنه بقوله (١) : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ).

(إبليس) : إفعيل من أبلس أى يئس. وقد كان اسمه أولا عزرائيل. وأخرج ابن أبى حاتم وغيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان اسم إبليس عزرائيل. وقال السدّى : إبليس هو عزرائيل. وقال ابن عسكر : قيل اسمه قترة (٢). وقيل أبو مرّة (٣) ، وقيل أبو لبينى (٤) ، حكاه السهيلى فى «الرّوض الأنف».

(استوقد) ؛ أى أوقد. وقيل طلب الوقود على الأصل فى استفعل.

(ارهبون) : خافونى. وإنما حذفت الياء لأنها فى رأس آية ، ورءوس الآيات بنوا الوقوف عليها ، والوقوف على الياء يستثقل ، فاستغنوا عنها بالكسرة.

(ادّارأتم (٥)) ؛ أى اختلفتم ، وهو من المدارأة أى المدافعة ، وأصله تدارأتم ، أى تدافعتم ، أى ألقى بعضكم على بعض ، فأدغمت التاء فى الدال لأنهما من مخرج واحد ، فلما أدغمت سكنت ، فاجتلبت لها ألف الوصل للابتداء ، وكذلك ادّاركوا (٦) فيها واثّاقلتم (٧).

(ابتلى) ؛ أى اختبر ، أى اختبره بما تعبّده به من السنن. وقد اختلف فيها اختلافا كثيرا ، فقيل خصال الفطرة. وقيل مناسك الحج. وقيل ثلاثون خصلة ،

__________________

(١) المرسلات : ١٣ ، ١٤

(٢) فى القاموس : وأبو قترة : إبليس. أو قترة : علم للشيطان.

(٣) فى القاموس : أبو مرة : كنية إبليس.

(٤) فى ب : لبنى. والمثبت فى القاموس. قال : ولبينى. اسم ابنة إبليس (لبن).

(٥) البقرة : ٧٢ ، وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها.

(٦) الأعراف : ٣٨ ، حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ. واداركوا : اجتمعوا.

(٧) التوبة : ٣٨ ، ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض.

٥٥٨

عشرة ذكرت فى «براءة» من قوله (١) : (التَّائِبُونَ ...) ، وعشرة فى الأحزاب من قوله (٢) : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ...). وعشرة فى المعارج من قوله (٣) : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ).

(الإمام) : الذى يؤمّ الناس إليه فى الطريق ويتبعونه ، ويقال للطريق إمام. ومنه قوله (٤) : (وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ) ، أى بطريق واضح يمرّون عليها فى أسفارهم ـ يعنى القريتين المهلكتين : قريتى قوم لوط ، وأصحاب الأيكة ، فيرونهما ، ويعتبر بهما من خاف وعيد الله تعالى. والإمام الكتاب ، ومنه قوله تعالى (٥) : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ، أى بكتابهم. ويقال بدينهم. والإمام كل ما ائتممت به واقتديت به.

(اصطفى) : اختار.

(استجاب) : أجاب.

(اعتمر) ؛ أى زار البيت ، ومنه سميّت العمرة ، لأنها زيارة للبيت. ويقال : اعتمر ، أى قصد.

(استيسر) ؛ أى تيسّر وسهل ، وذلك شاة.

(انفصام) : انقطاع.

(إعصار) : ريح عاصف ، ترفع ترابا إلى السماء كأنه عمود نار فيه سموم محرقة.

(إلحافا) : إلحاحا فى السؤال. والمعنى أنهم إذا سألوا يتلطّفون ولا يلحّون. وقيل : هو نفى للسؤال والإلحاف معا.

__________________

(١) التوبة : ١١٢

(٢) الأحزاب : ٣٥

(٣) المعارج : ٢٢

(٤) الحجر : ٧٩

(٥) الإسراء : ٧١

٥٥٩

(ائذنوا بحرب) : اعلموا ذلك واسمعوه وكونوا على إذن منه ، ومن قرأ : فآذنوا (١) ، أى فأعلموا ذلك غيركم. ولما نزلت قالت ثقيف (٢) : لا طاقة لنا بحرب الله ورسوله.

(إنجيل) : إفعيل من النجل ، وهو الأصل. والإنجيل أصل العلوم. ويقال : هو من نجلت الشيء إذا استخرجته وأظهرته. والإنجيل مستخرج به علوم وحكم.

(استكانوا) : خضعوا (٣). قال بعض النحاة : استكان مشتق من السكون ، ووزنه افتعلوا ، أشبعت (٤) فتحة الكاف فحدث عن شبعها ألف ، وذلك كالإشباع. وقيل إنه من كان يكون فوزنه استفعلوا (٥) ، وهذا تعريض بما صدر من بعض الناس يوم أحد.

(إسرافنا) : إفراطنا (٦).

(انفضّوا (٧)) ؛ أى تفرقوا ، وأصل النقض الكسر.

(ادرءوا (٨)) : ادفعوا. والمعنى ردّ عليهم.

(إناثا (٩)) : مواتا (١٠). واختلف ما المراد بقوله؟ فقيل : هى الأصنام ؛ لأن العرب كانت تسمّى الأصنام بأسماء مؤنثة ، كاللّات والعزى. وقيل المراد

__________________

(١) البقرة : ٢٧٩

(٢) القرطبى (٣ ـ ٣٦٤)

(٣) آل عمران : ١٤٦.

(٣) أى استكنوا.

(٤) فى ب : بطلت فتحة ... بطلها. والمثبت فى القرطبى (٤ ـ ٢٣٠)

(٥) فى القرطبى : والأول أشبه بمعنى الآية.

(٦) آل عمران : ١٤٧

(٧) آل عمران : ١٥٩

(٨) آل عمران : ١٦٨

(٩) النساء : ١١٧

(١٠) فى القرطبى : ٥ ـ ٣٨٧ : لأن الموات لا روح فيه كالخشبة والحجر. والموات تخبر عنه كما يخبر عن المؤنث لا تضاع المنزلة.

٥٦٠