تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

التيمي البصري القيرواني

تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

المؤلف:

التيمي البصري القيرواني


المحقق: الدكتورة هند الشلبي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-4440-5
الصفحات: ٤٩٦
الجزء ١ الجزء ٢

(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ) (٥٩) هكذا يبين الله.

(لَكُمْ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ) (٥٩) بخلقه.

(حَكِيمٌ) (٥٩) في امره.

قوله : (وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي) (٦٠) قد قعدت من المحيض والولد.

(لا يَرْجُونَ نِكاحاً) (٦٠) لا يردنه. تفسير مجاهد. (١)

قال يحيى : قد كبرن عن ذلك.

(فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) (٦٠) غير متزينة ولا متشوفة.

واما التي قد قعدت من المحيض ولم تبلغ هذا الحد فلا.

والجلباب ، الرداء الذي يكون فوق الثياب ، وان كان كساء ، او (ساجا) (٢) او ما كان من ثوب.

سعيد عن قتادة قال : القواعد من النساء التي لا تحيض ولا تحدث نفسها بالازواج ، رخص لها ان تضع جلبابها.

ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب عن نافع عن ابن عمر قال : (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) قال : تضع الجلباب. قال فلقيت سليمان بن يسار فقال : تضع الخمار ان شاءت.

وقال عكرمة عن ابن عباس : لا ينبغي ان يبدو من المرأة لذوى المحرم الا السوار والخواتم والقرط. ذكره ابن لهيعة عن بكير بن الاشج عن عكرمة.

قال : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) (٦٠) يعني (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) عن ترك الجلباب.

(خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٦٠)

قوله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) (٦١) يعني من كان به شيء من مرض. تفسير السدي.

وتفسير الكلبي ان اهل المدينة قبل ان يسلموا كانوا يعزلون الاعمى والأعرج والمريض فلا يؤاكلونهم. وكانت الانصار فيهم تنزّه وتكرّم. فقالوا ان الاعمى لا

__________________

(١) تفسير الطبري ، ١٨ / ١٦٦.

(٢) الساج : الطيلسان الضخم الغليظ. لسان العرب ، مادة : سوج.

٤٦١

يبصر طيب الطعام / والأعرج لا يستطيع الزحام عند الطعام ، والمريض لا يأكل كما يأكل الصحيح ، فاعزلوا لهم طعامهم على ناحية. وكانوا يرون ان عليهم في مؤاكلتهم جناحا. وكان الاعمى والاعرج والمريض يقولون : لعلنا نؤذيهم اذا اكلنا معهم ، فاعتزلوا مؤاكلتهم. فانزل الله : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) ليس عليهم في ذلك ولا على الذين تأثموا من امرهم عليهم في ذلك حرج.

وبعضهم يقول : كان قوم من اصحاب النبي يغزون ويخلفون على منازلهم من يحفظها ، فكانوا يتأثمون ان يأكلوا منها شيئا ، فرخص لهم ان يأكلوا منها. وقال بعضهم : كانوا يخلفون عليها الاعرج والاعمى والمريض والزمنى الذين لا يخرجون في الغزو ، فرخص لهم ان يأكلوا منها. (١)

سعيد عن قتادة قال : منعت البيوت زمانا. كان الرجل لا يتضيف احدا ولا يأكل في بيت غيره تأثما من ذلك.

قال يحيى : بلغني ان ذلك حين نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)(٢).

قال قتادة : فكان اول من رخص الله له الاعمى ، والاعرج ، والمريض. ثم رخص لعامة المؤمنين فقال : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) (٦١) مما تخبون. (هكذا)

(أَوْ صَدِيقِكُمْ) (٦١)

قال قتادة : فلو اكلت من بيت صديقك من غير مؤامرته لكان الله قد أحل لك ذلك. (٣)

قوله : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) (٦١)

ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب قال : كان الناس يغزون على عهد رسول

__________________

(١) جاءت رواية قريبة من هذا عن عبيد الله بن عبد الله في الطبري ، ١٨ / ١٦٩ ، ١٧١.

(٢) النساء ، ٢٩.

(٣) في الطبري ، ١٨ / ١٧١ : عن معمر عن قتادة ، فلو اكلت من بيت صديقك من غير امره لم يكن بذلك بأس.

٤٦٢

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيخلفون الضمناء على خزائنهم ، فكانوا يتحرجون ان يصيبوا منها شيئا ، فاحل الله لهم ان يصيبوا منها.

وقال بعضهم : هم المملوكون الذين هم خزنة على بيوت مواليهم.

وقال الحسن : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) خزانته مما كنتم عليه أمناء.

وحدثنا الحسن بن دينار عن الحسن انه سأله رجل فقال : الرجل يدخل على الرجل ، يعني صديقه ، فيخرج الرجل من بيته ويرى الآخر الشيء من الطعام في البيت ، أياكل منه؟ فقال : كل من طعام اخيك.

وقال الحسن بن دينار : كنا في بيت قتادة فأتينا ببسر ، فأخذ رجل منا بسرات ثم قال : يا ابا الخطاب ، اني قد اخذت من هذا البسر. فقال : هو لك حلال وان لم تذكره لي لانك مؤاخيّ.

قال يحيى : لم يذكر الله في هذه الآية بيت الابن ، فرأيت ان النبي عليه‌السلام انما قال : انت ومالك لأبيك من هذه الاية ، لانه قال : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) ولم يقل : او بيوت ابنائكم ، ثم ذكر ما بعد ذلك من القرابة حتى ذكر الصديق ولم يذكر الابن.

قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) (٦١)

سعيد عن قتادة قال : كان بنو كنانة بن خزيمة يرى احدهم ان محرما عليه ان يأكل وحده في الجاهلية ، حتى ان كان الرجل ليسوق الذود (١) والحفل (٢) وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه. وكان الرجل يتخذ الخيال الى جنبه اذا لم يجد من يؤاكل ويشارب ، فانزل الله هذه الآية. (٣)

قوله : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) (٦١) يعني على اهل دينكم. تفسير السدي ، بعضكم على بعض.

(تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦١) لكي تعقلوا.

__________________

(١) الذود : القطيع من الإبل ولا يكون الا من الاناث. لسان العرب ، مادة : ذود.

(٢) الحفل : حفل القوم اجتمعوا واحتشدوا. الحفل : الجمع ، وحفل اللبن في الضرع حفلا اجتمع.

(٣) انظر الرواية عن معمر عن قتادة في الطبري ، ١٨ / ١٧٢.

٤٦٣

سعيد عن قتادة قال : (اذ) (١) دخلت فسلم على اهلك فهم احق من سلمت عليه.

فاذا دخلت بيتا لا احد فيه فقل : سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فانه كان يؤمر بذلك. حدّثنا ان الملائكة ترد عليه. وان دخل على قوم سلم عليهم ، واذا خرج من عندهم سلم ، وان مر بهم او لقيهم سلّم عليهم ، وان كان رجلا واحدا ، سلم عليهم ، وقوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) على اخوانكم. واذا دخل الرجل بيته سلم عليهم واذا دخل المسجد قال : بسم الله سلام على رسول الله صلّى الله على محمد وسلم. اللهم اغفر لي ذنبي وافتح لي باب رحمتك. فان كان مسجدا كثير الاهل سلم عليهم يسمع نفسه ، وان كانوا قليلا / اسمعهم التسليم ، وان لم يكن فيه احد قال : السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، السّلام علينا من ربنا. وان دخل بيتا غير مسكون مما قال الله : (فِيها مَتاعٌ لَكُمْ)(٢) وهي الفنادق ينزلها الرجل المسافر ويجعل فيها متاعه ، فاذا دخل البيت قال : السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. السّلام علينا من ربنا.

خالد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يسلم الراكب على الماشي ، والماشي على القاعد ، والراكب على القاعد ، والصغير على الكبير والقليل على الكثير».

قال يحيى يعني ويسلم راكب الدابة على راكب البعير ويسلّم الفارس على صاحب الحمار والبغل.

خالد عن زيد بن اسلم قال : قال رسول الله : «اذا سلم رجل على القوم فرد رجل منهم اجزأ عنهم ، واذا كانوا ناسا فسلم رجل منهم على المجلس اجزأ عنهم».

وكان الحسن يقول : كن النساء يسلمن على الرجال ولا يسلم الرجال على النساء. وكان ابن عمر يسلم على النساء.

وحدثني حيوة بن شريح عن زهرة بن معبد انه سمع محمد بن المنكدر وابا حازم يسلمان على النساء اذا مرا عليهن.

وحدثني خداش عن حميد الطويل عن انس بن مالك قال : انتهى رسول الله

__________________

(١) هكذا في ع : ولعلها اذا ، او إن. انظر ابن محكّم ، ٣ / ١٩٥.

(٢) النّور ، ٢٩.

٤٦٤

صلى‌الله‌عليه‌وسلم الينا ونحن غلمان ، فسلم علينا.

وحدثنا قرة بن خالد عن الحسن قال : قال رسول الله عليه‌السلام : «ان السّلام اسم من أسماء الله».

وحدثني الخليل بن مرة ان ابن مسعود قال : السّلام اسم من اسماء الله وضعه في الأرض ، فافشوه بينكم ، فان المرء المسلم اذا مر بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كانت له عليهم فضيلة درجة بأنه ذكرهم السلام ، فان لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب : الملائكة.

وحدثني الحسن بن دينار عن معاوية بن قرة عن رجل انه كان يمشي مع ابي هريرة قال : فمررنا بقوم فسلمنا عليهم قال : فلا ادري أشغلهم الحديث او ما منعهم من ان يردوا السّلام. فقال ابو هريرة بيده : سلام ربي والملائكة احبّ اليّ ، سلام ربي والملائكة احبّ اليّ. (١)

وحدثني المبارك والحسن عن الحسن قال : قال رسول الله : «للمسلم على اخيه من المعروف ست خصال يسلم عليه اذا لقيه ، ويشمّته اذا عطس ، ويجيبه اذا دعاه ويعوده اذا مرض ، وينصح له اذا تغيب عنه ، ويشهد جنازته اذا مات» (٢).

وحدثني عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول قال : بينما رسول الله جالس اذ دخل رجل فقال : السّلام عليكم. فقال رسول الله : وعليكم السّلام ، عشر ، أي عشر حسنات. ثم جاء آخر فقال : السّلام عليكم ورحمة الله ، فقال رسول الله : وعليكم السّلام ورحمة الله ، عشرون حسنة. ثم جاء آخر فقال : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال رسول الله : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ثلاثون حسنة. ثم قال : هكذا يتفاضل الناس : من قعد فليسلم ، ومن قام فليسلم. قال : ثم قام رجل فلم يسلم فقال رسول الله صلّى الله عليه : «ما اسرع ما نسي هذا».

وحدثني حماد عن سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اذا لقيتم اليهودي او النصراني فلا تبدأوه بالسلام. واذا لقيتموه في طريق فاضطروه الى اضيقه.

سعيد عن قتادة ان رجلا من اليهود مرّ على النبي وهو في نفر من اصحابه فقال : السام عليكم. فقال رسول الله وعليكم السّلام. فجاء جبريل الى النبي

__________________

(١) في طرة ع : ذكر السّلام.

(٢) في طرة ع : حق المسلم على اخيه.

٤٦٥

فاخبره انه قال : السام عليكم. فقال رسول الله : اذا سلم عليكم احد من اهل الكتاب فقولوا : وعليك ما قلت.

حماد عن سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السّلام وآمين».

قوله : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) (٦٢) الجمعة ، والعيدين ، والاستسقاء ، وكل شيء تكون فيه الخطبة.

(لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ) (٦٢) اي مخلصين غير منافقين.

(فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) (٦٢) كما امر الله عن الغائط والبول.

(فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) (٦٢) وقد أوجب الله على النبي والإمام بعده ان يأذن لهم ولكن زاد / الله بذلك إكرام النبي عليه‌السلام وإعظام منزلته. فاذا كانت لرجل حاجة قام حيال الامام وامسك بأنفه واشار بيده.

قال : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٦٢)

قال يحيى : وسمعت سعيدا يذكر عن قتادة انها نسخت الاية في براءة : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ)(١) وهي عنده في الجهاد ، لان المنافقين كانوا يستأذنونه في المقام عن الغزو بالعلل ، فرخص الله للمؤمنين ان يستأذنوا اذا كان لهم عذر.

وقال مجاهد : (وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) على امر طاعة ، وهو واحد.

قوله : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) (٦٣)

تفسير ابن مجاهد عن ابيه قال : امرهم ان يدعوه يا رسول الله في لين وتواضع ولا يقولوا : يا محمد. (٢)

وقال قتادة : امر الله ان يهاب نبيه ، وان يعظم ويسود ، وامروا ان يجيبوه لما دعاهم اليه من الجهاد والدين. (٣)

__________________

(١) التوبة ، ٤٣.

(٢) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٥ إضافة : في تجهم في آخر الكلام.

(٣) في الطبري ، ١٨ / ١٧٧ عن معمر عن قتادة امرهم ان يفخموه ويشرفوه.

٤٦٦

قوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) (٦٣)

سعيد عن قتادة قال : اي عن نبي الله وعن كتابه وذكره.

وقال مجاهد : خلفا يعني التخلف ، اي فرارا من الجهاد في سبيل الله. يعني المنافقين يلوذ بعضهم ببعض استتارا من النبي حتى يذهبوا. (١)

قال : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) (٦٣) عن امر الله ، يعني المنافقين.

(أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) (٦٣) بلية. يقول : فليحذروا ان تصيبهم فتنة ، بلية.

(أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) اي يستخرج الله ما في قلوبهم من النفاق حتى يظهروه شركا فيصيبهم بذلك العذاب الأليم ، القتل.

قوله : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) (٦٤) من النفاق ، يعني المنافقين.

(وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) (٦٤) يقول للنبي : ويوم يرجع المنافقون اليه يوم القيامة.

(فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) (٦٤) من النفاق والكفر.

(وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤)

ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب عن ابي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال : رأيت رسول الله وهو يقرأ هذه الاية ، خاتمة النور ، فجعل اصبعه تحت عينه فقال : بكل شيء بصير. (٢)

__________________

(١) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٦ : خلافا.

(٢) جاء في ع : في آخر تفسير هذه السورة : تم الجزء السادس عشر والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمد النبي المبارك المهدي وسلم تسليما.

٤٦٧

سورة الفرقان

(١) بسم الله الرّحمن الرّحيم

تفسير سورة الفرقان (*) وهي مكّيّة كلّها

قوله : (تَبارَكَ) (١) وهو من باب البركة كقوله : تعالى ، ارتفع.

قوله : (الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ) (١)

قال قتادة : وهو القرآن. وفرقانه حلاله وحرامه.

(عَلى عَبْدِهِ) (١) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ) (١) يعني الإنس والجن. تفسير السدي.

(نَذِيراً) (١) ينذرهم النار وعذاب الدنيا قبل عذاب النار في الآخرة إن لم يؤمنوا.

قال : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (٢)

حدثني عبد القدوس بن مسلم عن ابي الصهباء عن سعيد بن جبير عن علي قال : كل شيء بقدر حتى هذه : ووضع طرف اصبعه السبابة على طرف لسانه ، ثم وضعها على ظفر إبهامه اليسرى.

قوله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) (٣) من دون الله.

(آلِهَةً) (٣) يعني الاوثان.

(لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (٣) يصنعونها بأيديهم.

__________________

(١) في [٥٨ أ] الجزء السابع عشر من تفسير القرآن لابن سلام. رواية ابي داود احمد بن موسى بن جرير. فيه تفسير سورة الفرقان وسورة الظلة والنمل الى آخرها.

(*) القطعة المعتمدة في تحقيق سورة الفرقان : الأم : ع.

٤٦٨

وقال سعيد عن قتادة في قوله : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ)(١) يعني اصنامهم التي عملوا بايديهم (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)(٢) بايديكم.

وقال السدي : (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) يعني وهم يصوّرون.

قوله : (وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ) (٣) يعني الاوثان.

(ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً) (٣) اي لا يميتون احدا.

(وَلا حَياةً) (٣) اي ولا يحيون احدا.

(وَلا نُشُوراً) (٣)

قال قتادة : اي ولا بعثا. لا يملكون شيئا من ذلك.

قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا) (٤) يعنون القرآن.

قوله : (إِلَّا إِفْكٌ) (٤)

قال قتادة : إلا كذب.

(افْتَراهُ) (٤) يعنون محمدا.

(وَأَعانَهُ عَلَيْهِ) (٤) على القرآن.

(قَوْمٌ آخَرُونَ) (٤) يهود ، في تفسير مجاهد. (٣)

وقال الحسن : يعنون عبد ابن الحضرمي.

وقال الكلبي : عبد ابن الحضرمي ، وعدّاس غلام عتبة.

قال الله : (فَقَدْ جاؤُ) (٤)

قال قتادة : فقد أتوا.

(ظُلْماً) (٤) اثما وشركا.

(وَزُوراً) (٤) كذبا.

(وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٥)

قال قتادة : أحاديث الاولين ، أي كذب الاولين ، وباطلهم.

(اكْتَتَبَها) (٥) يقول : اكتتبها محمد. كتب الاساطير من عند ابن الحضرمي.

__________________

(١) الصّافّات ، ٩٥.

(٢) الصّافّات ، ٩٦.

(٣) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٧ : يهود تقوله. وفي الطبري ، ١٨ / ١٨١ : عن مجاهد ، يهود.

٤٦٩

وقال الكلبي : وعداس غلام عتبة.

(فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ) (٥) على محمد.

(بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٥) والأصيل ، العشي.

قال الله : (قُلْ أَنْزَلَهُ) (٦) أنزل القرآن.

(الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (٦)

قوله : (وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ) (٧) فيما يدعي انه رسول.

(يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْ لا) (٧) هلا.

(أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (٧) فيصدقه بمقالته.

(أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ) (٨) فإنه فقير.

(أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) (٨)

وبعض الكوفيين يقرأها : نأكل منها. (١)

(وَقالَ الظَّالِمُونَ) (٨) المشركون ، يعنيهم.

(إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) (٨)

قال الكلبي : بلغني ان ابا سفيان بن حرب ، وابا جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة في رهط من قريش ، قاموا من المسجد الى دار في اصل الصفا فيها نبي الله يصلي فاستمعوا. فلما فرغ نبي الله من صلاته قال ابو سفيان : يا أبا الوليد ، لعتبة انشدك الله ، أتعرف شيئا مما يقول؟ فقال عتبة : اللهم اعرف بعضا وانكر بعضا.

فقال ابو جهل : فأنت يا أبا سفيان ، هل تعرف شيئا مما يقول؟ فقال : اللهم نعم. فقال ابو سفيان لابي جهل : يا أبا الحكم ، هل تعرف مما يقول شيئا؟ فقال ابو جهل : لا ، والذي جعلها بنية ، يعني الكعبة ، ما اعرف مما يقول قليلا ولا كثيرا و (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً).

قوله : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) (٩) يعني قوله : (إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ،) وقولهم : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) وقولهم : ساحر ، شاعرو مجنون

__________________

(١) قرأ حمزة والكسائي : نأكل منها بالنون ، وباقي السبعة بالياء. ابن مجاهد ، ٤٦٢.

٤٧٠

وكاهن (لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها).

قال الله : (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) (٩)

يعني مخرجا من الامثال التي ضربوا لك ، في تفسير مجاهد (١).

وقال بعضهم : الى الخير.

قوله : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) (١٠) مما قالوا ، يعني المشركين ، وتمنوا له : (أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها) اي يجعل لهم مكان ذلك خيرا من ذلك.

(جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (١٠) فانما قالوا هم جنة واحدة.

(وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) (١٠) مشيّدة في الدنيا ان شاء. كل هذا قالته قريش في تفسير مجاهد (٢). وهذا على مقرأ من (لم يرفعها). (٣) ومن قرأها بالرفع (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(٤) في / الاخرة.

قال : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) (١١) بالقيامة.

(وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً) (١١) اسم من اسماء جهنم.

قوله : (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (١٢) مسيرة مائة سنة.

(سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً) (١٢) عليهم.

(وَزَفِيراً) (١٢) صوتا.

قوله : (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً) (١٣)

سعيد عن قتادة قال : ذكر لنا ان عبد الله بن عمرو كان يقول : ان جهنم

__________________

(١) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٧.

(٢) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٧. ٤٤٨ : خَيْراً مِنْ ذلِكَ يعني خيرا مما قالواجنات : الجنات الحوائط .. (قُصُوراً) يعني بيوتا مبنية مشيدة.

(٣) في ع : يرفعها ، وهو خطأ. في ابن محكّم ، ٣ / ٢٠٢ : لم يرفعها. انظر : حجة القراءات لابن زنجلة ، ٥٠٨.

(٤) قرأ ابن كثير وعاصم في رواية ابي بكر وابن عامر : ويجعل بالرفع. وقرأ نافع وابو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم والكسائي عن ابي بكر عن عاصم : ويجعل بجزم اللّام. ابن مجاهد ، ٤٦٢.

٤٧١

لتضيق على الكافر كمضيق الزّج (١) على الرمح.

قوله : (مُقَرَّنِينَ) (١٣) يقرن هو وشيطانه الذي كان يدعوه الى الضلالة في سلسلة واحدة ، يلعن كل واحد منهما صاحبه ، يتبرأ كل واحد منهما من صاحبه.

قوله : (دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) (١٣)

قال قتادة : ويلا وهلاكا.

(لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً) (١٤) ويلا وهلاكا واحدا.

(وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً) (١٤) ويلا كثيرا وهلاكا طويلا.

ثم قال على الاستفهام : (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) (١٥) اي ان جنة الخلد خير من ذلك.

(الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً) (١٥)

قال قتادة : جزاء بأعمالهم ، (وَمَصِيراً) اي منزلا ومثوى.

(لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ) (١٦) لا يموتون ولا يخرجون منها.

(كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) (١٦) سأل المؤمنون الله الجنة فاعطاهم اياها.

وقال بعضهم : سألت الملائكة الله للمؤمنين الجنة ، وهي في سورة حم المؤمن : (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) الى آخر الاية. (٢)

قوله : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) (١٧) نجمعهم.

(وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ) (١٧) على الاستفهام. وقد علم انهم لم يضلوهم. يقوله للملائكة في تفسير الحسن.

وقال مجاهد : يقوله لعيسى وعزير والملائكة. (٣)

قال يحيى : ونظير قول الحسن في هذه الاية : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ)(٤) أي الشياطين من الجن.

(أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ) (١٧) قالت الملائكة في تفسير الحسن.

__________________

(١) الزّج : الحديدة التي تركب في اسفل الرمح. لسان العرب ، مادة : زجج.

(٢) غافر ، ٨.

(٣) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٨.

(٤) سبأ ، ٤٠ ـ ٤١.

٤٧٢

وقال مجاهد : الملائكة وعيسى وعزير.

(قالُوا سُبْحانَكَ) (١٨) ينزهون الله عن ذلك.

(ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) (١٨) اي لم نكن نواليهم على عبادتهم ايانا.

وبعضهم يقرأها : (أَنْ (نَتَّخِذَ (١) مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) يعبدوننا من دونك.

(وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ) (١٨) في عيشهم في الدنيا بغير عذاب.

(حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ) (١٨) حتى تركوا الذكر لما جاءهم في الدّنيا.

(وَكانُوا قَوْماً بُوراً) (١٨)

وقال قتادة : والبور ، الفاسد ، يعني فساد الشرك.

وقال ابن مجاهد عن ابيه : بورا ، هالكين. (٢)

قال الله لهم في الآخرة : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) (١٩)

حدثني إسماعيل بن مسلم قال : سألت الحسن عن قوله : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) فقال : (بِما تَقُولُونَ) قال : يقول للمشركين : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) أي انهم آلهة.

وقال ابن مجاهد عن ابيه : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) عيسى ، وعزير ، والملائكة. قال : يكذبون المشركين بقولهم. اي اذ جعلوهم الهة ، فانتفوا من ذلك ونزهوا الله عنهم. (٣)

وبعضهم يقرأها بالياء : بما يقولون (٤) يعني قول الملائكة في قول الحسن.

وفي قول مجاهد : عيسى ، وعزير والملائكة.

قال : (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً) (١٩)

حدثني إسماعيل بن مسلم قال : سألت الحسن : (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً).

قال : لا تستطيع لهم آلهتهم صرفا ، اي من العذاب ، ولا نصرا.

__________________

(١) في الكشاف للزمخشري ، ٣ / ٢٧٠ : وقرأ ابو جعفر المدني نتّخذ على البناء للمفعول.

(٢) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٨.

(٣) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٩.

(٤) ذكر قنبل عن ابن ابي بزة عن ابن كثير : (يقولون) بالياء. ابن مجاهد ، ٤٦٣.

٤٧٣

قوله : (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) (١٩) من يشرك منكم.

(نُذِقْهُ) (١٩) نعذبه.

(عَذاباً كَبِيراً) (١٩)

قال يحيى : كقوله : (إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) (٢٤) (١).

قوله : (وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) (٢٠)

إلّا إنّهم كانوا يأكلون الطعام. كقوله : (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ)(٢) ولكن جعلناهم جسدا يأكلون الطعام.

قال : (وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ) (٢٠) وهذا جواب للمشركين حيث قالوا : (ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ)(٣).

قوله : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً) (٢٠)

ابو الاشهب عن الحسن ، والمبارك عن الحسن قال : قال رسول الله : «ويل للمالك من المملوك ، ويل للمملوك من المالك ، ويل للعالم من الجاهل ، ويل للجاهل من العالم ، ويل للغني من الفقير ، ويل للفقير من الغنيّ ، ويل للشّديد من الضّعيف ، ويل للضّعيف من الشّديد».

قال المبارك : قال الحسن : ويل لهذا المالك اذ رزقه الله هذا المملوك كيف لم يحسن اليه ويصبر. ويل لهذا المملوك الذي ابتلاه الله فجعله لهذا المالك كيف لم يصبر ويحسن. ويل لهذا الغني اذ رزقه الله ما لم يرزق هذا الفقير كيف لم يحسن ويصبر / ويل لهذا الفقير الذي ابتلاه الله بالفقر ولم يعطه ما اعطى هذا الغني كيف لم يصبر. وبقية الحديث على هذا النحو.

وحدثني جعفر بن برقان الجزري عن ميمون بن مهران عن ابي الدرداء قال : ويل لمن لا يعلم ، مرة ، ويل لمن يعلم ثم لا يعمل ، سبع مرات.

قال يحيى : وبعضهم يقول : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً) الأنبياء وقومهم.

__________________

(١) الغاشية ، ٢٣ ـ ٢٤.

(٢) الأنبياء ، ٨.

(٣) الفرقان ، ٧.

٤٧٤

(أَتَصْبِرُونَ) يعني الرسل على ما يقول لهم قومهم.

واخبرني صاحب لي عن الصلت بن دينار عن الحسن ، واظنني قد سمعته من الصلت مثل حديث ابي الاشهب والمبارك عن الحسن ، وقال : هو قوله : (وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ).

وحدثني ابو الاشهب عن الحسن قال : لما عرض على آدم ذريته فرأى فضل بعضهم على بعض قال : يا رب الا سويت بينهم؟ : قال : يا آدم اني احب ان اشكر ليرى ذو الفضل فضله فيحمدني ويشكرني.

قوله : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) (٢١) وهم المشركون لا يقرون بالبعث.

(لَوْ لا) (٢١) هلا.

(أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) (٢١) فيشهدوا انك رسول الله يا محمد.

(أَوْ نَرى رَبَّنا) (٢١) معاينة فيخبرنا انك رسوله.

قال الله : (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) (٢١) و (عصوا) (١) عصيانا كبيرا.

ثم قال : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) (٢٢) وهذا عند الموت.

(لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) (٢٢) للمشركين ، لا بشرى لهم يومئذ بالجنة. وذلك ان المؤمنين تبشرهم الملائكة عند الموت بالجنة. قال : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) عند الموت (أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)(٢).

وتفسير ابن مجاهد عن ابيه : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) يوم القيامة. (٣)

قال : (وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (٢٢)

سعيد عن قتادة قال : حراما محرما على الكافر البشرى يومئذ. (٤)

المعلّى بن هلال عن إدريس عن عطيّة العوفي قال : (حِجْراً مَحْجُوراً) قال :

__________________

(١) في ع : عصو.

(٢) فصّلت ، ٣٠.

(٣) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٩.

(٤) في الطبري ، ١٩ / ٢ : عن الحسن عن قتادة ... هي كلمة كانت العرب تقولها. كان الرجل اذا نزل به شدة قال حجرا. يقول : حراما محرما.

٤٧٥

حراما محرما.

المعلّى عن ابي يحيى عن مجاهد قال : هو كقوله للشيء : معاذ الله ، اي ان يكون لهم البشرى بالجنة. (١)

قوله : (وَقَدِمْنا) (٢٣) اي وعمدنا في تفسير ابن مجاهد عن ابيه. (٢)

(إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) (٢٣) اي حسن ، يعني المشركين.

(فَجَعَلْناهُ) (٢٣) في الآخرة.

(هَباءً مَنْثُوراً) (٢٣) وهو الذي يتناثر من الغبار الذي يكون من اثر حوافر الدواب اذا سارت. والآية الاخرى : (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا)(٣) وهو الذي يدخل البيت من الكوة من شعاع الشمس.

وتفسير ابن مجاهد عن ابيه (هَباءً مَنْثُوراً) هو عنده هذا. (٤)

قال : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) (٢٤) أهل الجنّة.

(يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) (٢٤) من مستقر المشركين.

(وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (٢٤) منهم.

قوله : (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) منزلا ، الجنة يستقرون فيها لا يخرجون منها. ومستقرّ المشركين جهنم لا يخرجون منها.

قال : (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) (٢٤)

قال قتادة : (خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) قال : مأوى ومنزلا.

حدثني صفوان بن محرز قال : يجاء يوم القيامة برجلين كان احدهما ملكا في الدنيا ، الى الحمرة والبياض ، فيحاسب ، فاذا عبد لم يعمل خيرا فيؤمر به الى النار ، والآخر كان مسكينا ، او كما قال ، في الدنيا فيحاسب فيقول : يا رب ، ما اعطيتني من شيء فتحاسبني به ، فيقول : صدق عبدي ، فارسلوه ، فيؤمر به الى الجنة. ثم يتركان ما شاء الله. ثم يدعى بصاحب النار فاذا هو مثل الحممة السوداء. فيقال له : كيف وجدت مقيلك؟ فيقول : رب شر مقيل. فيقال له : عد. ثم

__________________

(١) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٩ : ... يعني عوذا معاذا ، الملائكة تقوله.

(٢) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٩.

(٣) الواقعة ، ٦.

(٤) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٩.

٤٧٦

يدعى صاحب الجنة فاذا هو مثل القمر ليلة البدر. فيقال له : كيف وجدت مقيلك؟ فيقول : رب خير مقيل. فيقال له : عد.

الخليل بن مرة عن ابان بن ابي عياش عن انس بن مالك قال : قال رسول الله : «يخرج بعد ما يستقر اهل الجنة في الجنة في الجنة واهل النار في النار رجل من النار ورجل من الجنة ، فيستنطق الله الرجل الذي يخرج من الجنة فيقول له : كيف وجدت مقيلك؟ فيقول : يا رب خير مقيل وخير مصير صار اليه العبد. فيقول له ربه : ان لك عندي الزيادة والكرامة ، فارجع. ويسأل الذي يخرج من النار : كيف وجدت مقيلك؟ فيقول : يا رب شر مقيل ومصير صار اليه العبد. ثم يقول : يا رب يا رب. فيقول له ربه : ما تعطيني ان اخرجتك؟ فيقول : يا رب اعطيك ما سألتني. فيقول فاني اسألك ملء الأرض ذهبا ، فيقول : يا رب ، لا اقدر عليه ، لو قدرت عليه اعطيتك. فيقول له : كذبت وعزتي ، قد سألتك ما هو اهون من ذلك فلم تعطنيه. سألتك ان تسألني فاعطيك ، وتدعوني فاستجيب لك ، وتستغفرني فاغفر لك».

وحدثني ابان العطار ان ابن عباس قال : من لم / يقل في الجنة يومئذ فليس من اهلها.

قال يحيى وبلغني ان ابن عباس قال : إني لأعلم ايّ ساعة يدخل اهل الجنة الجنة قبل نصف النهار حين يشتهون الغداء.

قوله : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) (٢٥) يجيء الغمام هذا بعد البعث ، تشقق فتراها واهية ، متشققة كقوله : (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً)(١) ويكون الغمام سترة بين السماء والأرض.

قال : (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً) (٢٥) مع الرحمن. هو مثل قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ)(٢). ومثل قوله : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(٣).

قال يحيى : واخبرني صاحب لي عن ليث بن ابي سليم عن شهر بن حوشب قال : اذا كان يوم القيامة مدّت الأرض مد الاديم العكاظي ، ثم يحشر الله فيها

__________________

(١) النبأ ، ١٩.

(٢) البقرة ، ٢١٠.

(٣) الفجر ، ٢٢.

٤٧٧

الخلائق من الجن والإنس ، ثم اخذوا مصافهم من الأرض ، ثم ينزل اهل السماء الدنيا بمثل من في الأرض وبمثلهم معهم من الجن والإنس ، حتى اذا كانوا على رؤس الخلائق اضاءت الأرض لوجوههم وخرّ اهل الأرض ساجدين وقالوا : ا فيكم ربنا؟ قالوا ليس فينا وهو آت ، ثم اخذوا مصافهم من الأرض. ثم ينزل اهل السماء الثانية بمثل من في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم ، حتى اذا كانوا مكان اصحابهم اضاءت الأرض لوجوههم وخر اهل الأرض ساجدين وقالوا : افيكم ربنا؟ قالوا ليس فينا وهو آت ، ثم اخذوا مصافهم من الأرض. ثم ينزل اهل السماء الثالثة بمثل من في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم ، حتى اذا كانوا مكان اصحابهم اضاءت الأرض لوجوههم وخرّ اهل الأرض ساجدين وقالوا : أفيكم ربنا؟ قالوا ليس فينا وهو آت ، ثم ينزل اهل السماء الرابعة على قدرهم من التضعيف ، ثم ينزل اهل السماء الخامسة على قدر ذلك من التضعيف ، ثم ينزل اهل السماء السادسة على قدر ذلك من التضعيف ، ثم ينزل أهل السماء السابعة على قدر ذلك من التضعيف. ثم ينزل الجبار تبارك وتعالى قال : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ)(١) تحمله الملائكة على كواهلها بأيد وقوة وحسن وجمال حتى اذا جلس على كرسيه نادى بصوته (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) فلا يجيبه أحد فيرد على نفسه : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧) (٢). ثم اتت عنق من النار تسمع وتبصر وتكلّم حتى اذا اشرفت على رؤوس الخلائق نادت بصوتها : الا إني قد وكلت بثلاثة ، الا اني قد وكلت بثلاثة ، الا اني قد وكلت بثلاثة : بمن دعا مع الله الها اخر ، ومن دعا لله ولدا ومن زعم انه العزيز الحكيم. ثم صوبت رأسها وسط الخلائق فالتقطتهم كما يلتقط الحمام حبّ السمسم ، ثم غاضت بهم فالقتهم في النار ، ثم عادت حتى اذا كانت بمكانها نادت : الا اني قد وكلت بثلاثة : بمن سب الله ، وبمن كذب على الله ، وبمن آذى الله. فاما الذي سب الله فالذي زعم انه اتخذ ولدا وهو الواحد الصمد (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(٣). وأما الذي كذب على الله فقال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا

__________________

(١) الحاقة ، ١٧.

(٢) غافر ، ١٦ ـ ١٧.

(٣) الاخلاص ، ٣ ـ ٤.

٤٧٨

وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) (٣٩) (١).

واما الذين اذوا الله فالذين يصنعون الصور فتلتقطهم كما تلتقط الطير الحبّ حتى تغيض بهم في جهنم.

قال : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) (٢٦) يخضع الملوك يومئذ لملك الله والجبابرة لجبروّة (٢) الله.

قال : (وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً) (٢٦) شديدا.

قوله : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) (٢٧) أبيّ بن خلف : يأكلها ندامة يوم القيامة.

(يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ) (٢٧) مع محمد الى الله.

(سَبِيلاً) (٢٧) باتباعه.

(يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) (٢٨) عقبة بن ابي (معيط). (٣)

(لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) (٢٩) عن القرآن.

(بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) (٢٩)

حدثني المعلى عن ابي يحيى عن مجاهد قال : كان ابي يحضر النبي ، فزجره عقبة بن ابي معيط عن ذلك فهو قول أبيّ بن خلف في الاخرة : (يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ) مع محمد (سَبِيلاً).

قال قتادة : (سَبِيلاً) بطاعة الله (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) يعني عقبة ابن ابي معيط (خَلِيلاً).

وقال ابن مجاهد عن ابيه : الشيطان. (٤)

(لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي) (٢٩)

__________________

(١) النحل ، ٣٨ ـ ٣٩.

(٢) الجبروّة والجبروّة والجبروت : الكبر ، لسان العرب ، مادة : جبر.

(٣) في ع : مغيط. وفي ابن ابي زمنين ، ورقة : ٢٣٩ ، معيط. وكذلك هي في الطبري ، ١٩ / ٧.

(٤) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٥٢.

٤٧٩

قال الله : (وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) (٢٩) يأمره بمعصية الله ثم يخذله في الاخرة. كقوله : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ)(١). /

وحدثني الحسن بن دينار عن حميد بن هلال عن بشير بن كعب قال : اذا قبضت نفس الكافر مرّ بروحه على ابليس فيقول : اشفع لي. فيقول : ما املك لك ولا لنفسي شيئا.

قوله : (وَقالَ الرَّسُولُ) (٣٠) محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي) (٣٠) يعني من لم يؤمن به.

(اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (٣٠) هجروه فلم يؤمنوا به.

وقال مجاهد : يهجرون بالقول فيه ، يقولون هو كذب. (٢)

سعيد عن قتادة قال : هذا محمد يشتكي قومه الى ربه.

قال الله يعزي نبيه : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) (٣١) من المشركين.

قال : (وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً) (٣١) الى دينه.

(وَنَصِيراً) (٣١) للمؤمنين على أعدائهم.

قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا) (٣٢) يعني هلّا.

(نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً) (٣٢)

قال قتادة : اي كما انزل على موسى وعلى عيسى.

قال الله : (كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) (٣٢)

قال قتادة : وبيناه تبيينا. نزل في ثلاث وعشرين سنة.

(وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ) (٣٣) يعني المشركين فيما كانوا يحاجونه به.

(إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) (٣٣) تبيينا في تفسير مجاهد. ذكره

__________________

(١) إبراهيم ، ٢٢.

(٢) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٥٢ : يهجرون فيه بالقول ، يقولون هو سحر.

٤٨٠