تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

التيمي البصري القيرواني

تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

المؤلف:

التيمي البصري القيرواني


المحقق: الدكتورة هند الشلبي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-4440-5
الصفحات: ٤٩٦
الجزء ١ الجزء ٢

قال يحيى : هذه الاية في الحرائر.

واما الإماء (فحدثنا) (١) سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك ان عمر بن الخطاب رأى أمة عليها قناع فضربها بالدّرّة في حديث سعيد. وقال عثمان : فتناولها بالدرة وقال اكشفي رأسك. وقال سعيد : ولا تشبهي بالحرائر.

[قال](٢) : وحدثني حماد ونصر بن طريف عن ثمامة بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك قال : كنّ جواري عمر يخدمننا كاشفات الرؤوس ، تضطرب ثديهن بادية خدامهن. (٣)

قوله : (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَ) (٣١) تسدل الخمار على جيبها وهو نحرها.

(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) (٣١) وهذه الزينة الباطنة.

(إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) يعني أزواجهن.

(أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَ) (٣١) المسلمات يرين منها ما يرى ذو المحرم ، ولا (ترى) (٤) ذلك منها اليهودية ، و (لا) (٥) النصرانية ، ولا المجوسية.

قال : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) (٣١) فهذه ثلاث حرم بعضها أعظم من بعض منهن الزوج الذي يحل له كل شيء منها فهذه حرمة ليست لغيره. ومنهن الأب ، والابن ، والاخ ، والعم ، والخال / وابن الاخ وابن الاخت. والرضاع في هذا بمنزلة النسب فلا يحل لها ولا في تفسير الحسن ان ينظر الى الشعر والصدر والساق وأشباه ذلك.

[ا](٦) الحسن بن دينار عن الحسن قال : لا تضع المرأة خمارها عند أبيها ولا ابنها ولا [أختها](٧) ولا أخيها.

__________________

(١) في ١٦٩ : فحدثني.

(٢) إضافة من ١٧٩.

(٣) هكذا في ع و ١٦٩. وفي لسان العرب ، مادة : خدم ، الخدمة يعني الخلخال ، وتجمع على خدم وخدام. في ابن محكّم ، ٣ / ١٧٤ : خدامهنّ.

(٤) في ع : ترى.

(٥) ساقطة في ١٦٩.

(٦) إضافة من ١٦٩.

(٧) نفس الملاحظة.

٤٤١

وقال ابن عباس : ينظرون الى موضع القرطين والقلادة والسوارين والخلخالين.

قال يحيى : وهذه الزنية الباطنة.

(حدثني) (١) ابن لهيعة عن بكير بن الأشج عن عكرمة عن ابن عباس قال : لا ينبغي ان يبدو من المرأة لذوى المحرم الا السوار والخاتم والقرط.

[قال](٢) : وحدثني ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب انه كان يقول : القصّة والقرطان ، والقلادة ، من الزينة.

[ا](٣) سفيان عن منصور عن إبراهيم قال : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَ) أو أبنائهن والاخ وابن الأخ وابن الأخت والعم والخال). (٤)

قال : [ما](٥) فوق الذراع (٦). وحرمة اخرى الثالثة فيهم ابو الزوج وابن الزوج والتابع الذي قال الله : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ) غير أولي الحاجة الى النساء. وهم قوم كانوا بالمدينة فقراء طبعوا على غير شهوة النساء.

[ا](٧) عاصم بن حكيم ان مجاهدا قال : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) الذين لا يهمهم إلّا بطونهم. (٨)

وقال ابن مجاهد عن أبيه : (و) (٩) لا يخافون على النساء (١٠)

[ا](١١) سعيد عن قتادة قال : هو الرجل الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل.

[ا](١٢) ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب قال : هو الكبير الذي لا يطيق النساء.

__________________

(١) في ١٦٩ : ا.

(٢) إضافة من ١٦٩.

(٣) إضافة من ١٦٩.

(٤) ساقطة في ١٦٩.

(٥) إضافة من ١٦٩.

(٦) في ع : الذرع.

(٧) إضافة من ١٦٩.

(٨) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٠.

(٩) ساقطة في ١٦٩.

(١٠) ساقطة في ١٦٩.

(١١) إضافة من ١٦٩.

(١٢) نفس الملاحظة.

٤٤٢

وقال الحسن : يتبع الرجل منهم الرجل يخدمه بطعام بطنه.

ومملوك المرأة لا بأس ان تقوم بين يدي هؤلاء في درع ضيق ، وخمار ضيق بغير جلباب.

(وحدثني) (١) حماد بن سلمة عن (سعيد) (٢) بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن ان عمر بن الخطاب قال : لا تخلو المرأة مع الرجل الا ان يكون محرما وان قيل (حمؤها) (٣) ، إنما حمؤها الموت.

[قال :](٤) وحدثني ابو بكر بن عياش عن المغيرة عن الشعبي قال : لا تضع المرأة خمارها عند مملوكها (فان فجأها) (٥) فلا شيء.

وبعضهم يقول : ((أَوْ (٦) ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) الإماء وليس العبيد.

[قال](٧) ابن لهيعة عن ابي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : لا تضع المرأة خمارها عند عبد سيدها. (٨)

قوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) (٣١)

[ا](٩) ابن لهيعة (١٠) عن يزيد بن ابي حبيب قال : الغلام الذي لم يبلغ الحلم.

(سعيد عن قتادة قال : الذي لم يبلغ الحلم ولا النكاح.

وقال ابن مجاهد عن ابيه : لم يدروا ما هن لصغر قبل الحلم) (١١).

قال : واما (ابو) (١٢) زوجها ، وابن زوجها ، والتابع غير أولي الإربة ،

__________________

(١) في ١٦٩ : ا.

(٢) في ١٦٩ : سعد.

(٣) في طرة ع : الحمؤ والد الزوج.

(٤) إضافة من ١٦٩.

(٥) في ١٦٩ : قال فجيها.

(٦) في ع : و.

(٧) إضافة من ١٦٩.

(٨) في طرة ع : عند عبد سيدها ، يريد الزوج.

(٩) إضافة من ١٦٩.

(١٠) بداية [٢] من ١٦٩.

(١١) ساقطة في ١٦٩. في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤١ لا يدرون ما النساء من الصّغر.

(١٢) ساقطة في ١٦٩.

٤٤٣

ومملوكها فانهم لا ينظرون الى ما ينظر اليه الابن ، والأب ، والأخ ، وابن الأخ ، وابن الأخت ، والعم ، والخال ، ومن كان له رضاع ، لان المرأة قد كانت تحل لابن زوجها قبل نكاح الاب اياها ، وقد كانت تحل (لابي) (١) زوجها قبل ان تحل للتابع. فليس هؤلاء مثل هؤلاء في الحرمة ، فلا يجوز لهم ان ينظروا الى الزينة الباطنة ولكن (ينظرون) (٢) اليها وعليها درع وخمار لانها قد كانت تحل لهم في حال. وكذلك مملوك المرأة ، لانه إذا اعتق حلت له. فهؤلاء مثل (الأجنبيين) (٣) في الدخول عليها.

كما قال عمر بن الخطاب : لا تسافر المرأة مع حموها.

قال يحيى : ولا تسافر المرأة الا مع ذي محرم لم (تكن تحل) (٤) له قبل ذلك ولا تحل له ابدا ، (وأما) (٥) من كانت تحل له قبل ثم صارت لا تحل له بعد فلا تسافر معه.

قوله : (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) (٣١)

[ا](٦) سعيد عن قتادة قال : كانت المرأة تضرب (برجليها) (٧) إذا مرت بالمجلس لتسمع قعقعة الخلخالين.

وبعضهم يقول : تضرب إحدى رجليها بالأخرى حتى يسمع صوت الخلخالين فنهين عن ذلك.

قوله : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) (٣١) من ذنوبكم.

(لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣١) لكي تفلحوا فتدخلوا الجنة.

قوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) (٣٢) يعني كل امرأة ليس لها زوج.

قال الحسن : هذه فريضة.

[قال : وا](٨) عثمان عن محمد بن المنكدر عن سليمان بن يسار ان قوما

__________________

(١) هكذا في ع و ١٦٩.

(٢) في ع : ينظروا.

(٣) في ع : الأجنبين.

(٤) في ع : يكن يحل.

(٥) في ١٦٩ : فأما.

(٦) إضافة من ١٦٩.

(٧) في ١٦٩ : برجلها.

(٨) إضافة من ١٦٩.

٤٤٤

نزلوا منزلا ثم ارتحلوا ، وبغت امرأة منهم فرفعت الى عمر بن الخطاب فجلدها عمر الحد وقال : استوصوا بها خيرا وزوّجوها فانها من الأيامى.

(و) (١) حدثني الخليل بن مرة عن أبان بن ابي عياش عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٢) ينهى عن التبتل نهيا شديدا ويقول : «تزوجوا الولود الودود فإنّي مكاثر (بكم) (٣) البشر يوم القيامة» (٤).

(وحدثني) (٥) خالد عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٦) : «من تزوج فقد استكمل نصف الدّين ، فليتق الله في / النصف الباقي».

قوله : (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ) (٣٢) اي وأنكحوا الصالحين من عبادكم ، يعني المملوكين المسلمين.

(وَإِمائِكُمْ) (٣٢) (أي) (٧) وأنكحوا الصالحين من إمائكم المسلمات.

وهذه رخصة. وليس على الرجل بواجب ان يزوج امته وعبده.

قوله : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٣٢)

[حدثنا](٨) عبد العزيز بن ابي (الرواد) (٩) ان رسول الله صلّى الله عليه [وسلم](١٠) قال : «اطلبوا الغنى في هذه الآية : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

[حدثنا](١١) سعيد عن قتادة ان عمر بن الخطاب كان يقول : ما رأيت مثل رجل لم يلتمس الغنى في الباءة والله يقول : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).

__________________

(١) ساقطة في ١٦٩.

(٢) إضافة من ١٦٩.

(٣) ساقطة في ١٦٩.

(٤) في طرة ع : الحض على النكاح.

(٥) في ١٦٩ : ا.

(٦) إضافة من ١٦٩ بآخرها تمزيق سقطت من جرائه كلمة يدل السياق عليها وهي : سلم.

(٧) ساقطة في ١٦٩.

(٨) في ١٦٩ : ا.

(٩) في ١٦٩ : رواد.

(١٠) إضافة من ١٦٩.

(١١) إضافة من ١٦٩.

٤٤٥

قال : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٣٢) واسع لخلقه عليم بهم.

قوله : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (٣٣) حتى يجدوا ما (يتزوجون). (١)

قوله : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) (٣٣) وليست بفريضة إن شاء كاتبه وان شاء لم يكاتبه. وقوله : (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً).

[قال السدي : مالا.

ا](٢) سعيد عن قتادة عن الحسن قال : ان علمتم عندهم مالا.

وقال قتادة : ان علمتم (منهم) (٣) صدقا ووفاء وامانة.

[ا](٤) المعلى عن الأشعث عن محمد بن سيرين قال : اذا صلوا وأقاموا الصلاة.

[قال يحيى : كان سفيان يكره ان يكاتب المملوك وليس له حيلة ، يكون عيالا على الناس]. (٥)

قال يحيى : (نكره ان نكاتبه) (٦) وليست له حرفة ولا عمل الا على مسألة الناس. فان كانت له حرفة او عمل ثم تصدق عليه من الفريضة او التطوع فلا بأس على سيده في ذلك. فان عجز فلم يؤد المكاتبة على نجومها كما اشترط سيده فهو رقيق الا ان (شاء) (٧) سيده ان يؤخره. فان رجع مملوكا وقد تصدق عليه جعل سيده ما أخذ منه من الصدقة في المكاتبين. واذا كاتبه وعنده مال لم يعلم به سيده ثم ادّى مكاتبته فذلك المال (للسيد) (٨). وكل (مال) (٩) أصابه في كتابته فهو له اذا أدى كتابته وولاؤه لسيده الذي كاتبه. وان كانت (مملوكته) (١٠) فولدت في مكاتبتها فأولادها بمنزلتها ، اذا أدّت خرجوا أحرارا معها ، وان عجزت فرجعت مملوكة رجعوا مملوكين معها. (١١)

__________________

(١) في ع : ينزوجون.

(٢) إضافة من ١٦٩.

(٣) في ١٦٩ : عندهم.

(٤) إضافة من ١٦٩.

(٥) نفس الملاحظة.

(٦) في ١٦٩ : يكره ان يكاتبه.

(٧) في ١٦٩ : يشاء.

(٨) في ١٦٩ : لسيده.

(٩) في ١٦٩ : ما.

(١٠) في ١٦٩ : مملوكة.

(١١) هنا توقفت المقارنة مع ١٦٩. في طرة ع : ذكر المكاتب.

٤٤٦

حدثنا سعيد وحماد عن قتادة ان ابن عمر وجابر بن عبد الله قالا : لمواليه شروطهم ، فان عجز ردّ في الرق. به يأخذ يحيى.

وحدثني بحر بن كنيز عن الزهري قال : قضى عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وعائشة وابن عمر وعمر بن عبد العزيز انه عبد قنّ ما بقي عليه درهم حياته وموته.

قال : ولو ترك مالا فهو عبد أبدا حتى يؤدّى ، لو لم يبق عليه الا درهم واحد حتى يوفيه.

وحدثنا سعيد عن ابي معشر عن إبراهيم ان ابن مسعود قال : اذا أدى الثلث أوقف رقبته فهو غريم.

قال يحيى : يعني بالوقوف الثمن.

وحدثنا المسعودي عن الحكم بن عتيبة قال : المكاتب تجرى فيه العتاقة في أول نجم يؤدى.

وحدثنا سعيد عن قتادة عن خلاس ان عليا قال : اذا عجز استسعى سنتين فان أدّى والا ردّ في الرق. لا يأخذ به يحيى.

قال : وحدثني عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر ان مكاتبا له جاءه فقال : اني قد عجزت. فقال له ابن عمر : لا تفعل فاني رادك في الرق. فقال : اني قد عجزت. فرده في الرّقّ ثمّ أعتقه بعد ذلك.

قوله : (وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) (٣٣)

سعيد عن قتادة قال : أمروا ان يدع طائفة من مكاتبيه او يساغ له.

قال يحيى : وبلغني ان عليا قال : يدع له الربع.

قال : وحدثنا المبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن فضالة ابي المبارك عن ابيه قال : سالت عمر بن الخطاب المكاتبة على أربعين ومائة وقية ، ففعل ولم يستزدني. ثم أرسل الى حفصة فقال : اني كاتبت غلامي ، وانه ليس عندي اليوم شيء ، فابعثي لي بمائتي درهم حتى يأتيني شيء ، او قال يخرج عطائي. (فبعثت) (١) اليه بمائتي درهم ، فاخذها في يده ثم تلا هذه الآية : (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) ثم قال : هاك

__________________

(١) في ع : فبعتث.

٤٤٧

بارك الله لك. فدفعها إليّ من قبل ان أؤدي شيئا. فبارك الله لي حتى أديت مكاتبتي ، وعتقت ، وفعلت.

قوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) (٣٣) يعني الزنا.

(إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (٣٣)

سعيد عن قتادة قال : عفة وإسلاما.

(لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (٣٣) سعيد عن قتادة قال : كان الرجل يكره مملوكته على البغاء / فيكثر ولدها.

قال يحيى : بلغني عن الزهري قال : نزلت في أمة لعبد الله بن ابي ابن سلول كان يكرهها على رجل من قريش رجاء ان تلد منه ، فيفدي ولده ، فذلك العرض الذي كان ابن ابي يبتغي.

قوله : (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٣٣)

سعيد عن قتادة قال : فان الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم وليست لهم. وكذلك هي في حرف ابن مسعود.

قوله : (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) (٣٤) الحلال ، والحرام ، والأمر ، والنهي والإحكام.

(وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) (٣٤) اخبار الأمم السالفة.

وقال السدي : سنن العذاب في الأمم الخالية.

قال : (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٣٤)

قال قتادة : وهو القرآن.

وحدثني النضر بن معبد عن أبي قلابة عن ابي الدرداء قال : نزل القرآن على ست ايات : آية مبشرة ، وآية منذرة ، وآية فريضة ، وآية قصص وإخبار ، وآية تامرك وآية تنهاك.

قوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣٥) يعني هدى السماوات والأرض.

(مَثَلُ نُورِهِ) (٣٥) يعني مثل هداه. وهو تفسير السدي.

(كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) (٣٥)

قال قتادة : منير ضخم.

(يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ

٤٤٨

تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣٥)

أما قوله : (مَثَلُ نُورِهِ) (٣٥)

حدثني أشعث عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ) لا مثل لنور الله ، مثل نور المؤمن كمشكاة.

قال يحيى : يقول مثل نوره الذي أعطى المؤمن في قلبه كمشكاة.

قرة بن خالد عن عطية العوفي عن ابن عمر قال : المشكاة ، الكوة في البيت التي ليست بنافذة. وهي بلسان الحبشة. وهي مثل صدر المؤمن.

أشعث عن عاصم الجحدري عن سليمان بن قتة عن ابن عباس قال : المشكاة الروزنة في البيت.

قال يحيى : وهي بالفارسية.

قال : (فِيها مِصْباحٌ) (٣٥) وهو النور الذي في قلب المؤمن.

قال : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) صافية. والزجاجة القنديل. وهو مثل قلب المؤمن.

قلبه صاف.

(الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) (٣٥)

قال قتادة : منير ضخم.

(يُوقَدُ) (٣٥) من قرأها (١) بالياء يعني المصباح ، ومن قرأها بالتاء : توقد يعني الزجاجة بما فيها. فكذلك قلب المؤمن يتوقد نورا.

(مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) (٣٥) وهي مثل المؤمن.

(لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال بعضهم لا شرقية تصيبها الشمس اذا أشرقت ولا تصيبها إذا غربت ، ولا غربية تصيبها الشمس إذا غربت ولا تصيبها اذا أشرقت ليس يغلب عليها الشرق دون الغرب ، ولا الغرب دون الشرق ، ولكن يصيبها في الشرق والغرب.

وقال قتادة : لا يفيء عليها ظل شرقي ولا غربي. كنا نحدث انها ضاحية للشمس. وهي أصفى الزيت ، وأعذبه ، وأطيبه.

__________________

(١) قرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم : يُوقَدُ. وقرأ حمزة وعاصم في رواية ابي بكر والكسائي : توقد. ابن مجاهد ، ٤٥٦.

٤٤٩

وقال بعضهم : لا تصيبها في شرق ولا في غرب. هي في سفح جبل ، وهي شديدة الخضرة ، وهي مثل المؤمن. لا شرقية ، لا نصرانية تصلي الى الشرق ، ولا غربية ، ولا يهودية تصلي الى المغرب ، الى بيت المقدس. الموضع الذي نزل فيه القرآن غربيه بيت المقدس.

(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) (٣٥) يكاد زيت الزجاجة يضيء ولو لم تمسسه نار. وهو مثل قلب المؤمن يكاد ان يعرف الحق من قبل ان يبين له فيما يذهب اليه قلبه من موافقة الحق فيما أمر به وفيما يذهب اليه من كراهية ما نهي عنه. وهو مثل لقوله : (وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ).

قال مجاهد : نور النار على الزيت في المصباح ، فكذلك قلب المؤمن ، اذا تبين له صار نورا على نور كما صار المصباح حين جعلت فيه النار نورا على نور. فكذلك قلب المؤمن نورا على نور ، نور الزجاجة ، ونور الزيت ، ونور المصباح. (١)

(يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ) (٣٥)

قال السّدّي : يعي لدينه.

وقال في قوله : (نُورٌ (٢) عَلى نُورٍ) يعني نبيا من نسل نبي.

قال : (مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣٥)

قوله : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) (٣٦)

ابن مجاهد عن ابيه قال : ان تبنى.

(وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) (٣٦)

سعيد عن قتادة قال : هي المساجد.

مندل عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن ابي ذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : / «من بنى مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بني له بيت في الجنة».

ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن علي قال : قال رسول الله :

__________________

(١) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٣ يعني النار على الزيت ، ضوءه وجودته ، وصفاءه. م في ع : نورا.

٤٥٠

«من بنى مسجدا من ماله بنى الله له بيتا في الجنة» (١).

سعيد عن قتادة ان كعبا قال : ان في التوراة (مكتوب) (٢) : إنّ بيوتي في الأرض المساجد فمن توضأ فأحسن الوضوء ثم زارني في بيتي أكرمته ، وحق على المزور كرامة الزائر.

قوله : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (٣٦) الغدو صلاة الصبح ، والآصال العشي ، الظهر والعصر. وقد ذكر في غير هذه الآية المغرب والعشاء وجميع الصلوات الخمس في غير آية.

قال : (رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ) (٣٧) التجارة ، الجالب ، والبيع الذي يبيع على يديه.

قال : (عَنْ ذِكْرِ اللهِ) (٣٧)

قال السدي : يعني عن الصلوات الخمس.

قال : (وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ) (٣٧) كانوا اذا سمعوا المؤذن تركوا بيعهم وقاموا الى الصلاة. وذكر الله في هذا الموضع الأذان والصلاة ، والصلوات الخمس. وإيتاء الزكاة ، الزكاة المفروضة.

عاصم بن حكيم عن مسلم ابي عبد الله عن إبراهيم قال : قوم لا تلهيهم التجارة عن وقت الصلاة ، وهم هؤلاء الذين سمى الله.

إبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم ان رسول الله رأى امرأة في المسجد فقال : «يا أيها الناس كفوا عليكم نساءكم فانما عذبت بنو إسرائيل حين أرسلوا نساءهم الى المساجد والأسواق».

حماد بن سلمة بن كهيل عن أبي عمرو الشيباني عن ابن مسعود قال : ما صلت امرأة في مكان خير من قعر بيتها ، الا ان يكون المسجد الحرام ومسجد النبي ، الّا ان تخرج في منقليها. قال حماد : المنقلان ، الخفان. (٣)

إبراهيم بن محمد عن أسيد بن سليمان الساعدي عن سعيد بن المنذر عن أم حميد الساعدية ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «صلاة المرأة في بيتها

__________________

(١) في طرة ع : ذكر فضل بناء المساجد واتيانها.

(٢) هكذا في ع.

(٣) ضبطت لفظة منقليها في ع بضم الميم. ولم تضبط كذلك في كتب اللغة. انظر لسان العرب ، مادة : نقل.

٤٥١

أفضل من صلاتها في حجرتها ، وحجرتها خير لها من دارها ، ودارها خير لها من مسجد عشيرتها ، ومسجد عشيرتها خير لها من مسجدي».

همام عن قتادة ان كعبا قال : صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في صفتها وصلاتها في صفّتها أفضل من صلاتها في حجرتها. ثم يتبعه قتادة : وما ستر امرأة فهو خير لها (١).

قال يحيى : وهذا الحرف يقرأ على وجهين : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها) في المسجد (رِجالٌ) ، قال : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ) والحرف الآخر (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) ثم قال : (رِجالٌ) فهم الذين يسبحون له فيها بالغدو والآصال. (٢)

قوله : (يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ) (٣٧) قلوب الكفار وأبصارهم.

وتقلّب القلوب أنّ القلوب انتزعت من أماكنها ، فغصت به الحناجر ، فلا هي ترجع الى اماكنها ولا هي تخرج ، وهو قوله : (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ)(٣) وأما تقلب الابصار ، فالزرق بعد الكحل (٤) ، والعمى بعد البصر.

قوله : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) (٣٨) ثواب ما عملوا ، الجنة.

(وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (٣٨) فأهل الجنة أبدا في مزيد.

حماد عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله عن كعب قال : وجدت في التوراة : ان بيوتي في الأرض المساجد فمن توضأ في بيته ثم زارني في بيتي اكرمته وحق على المزور ان يكرم الزائر ، ووجدت في القرآن : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧)

__________________

(١) في طرة ع : كراهية صلاة المرأة في المسجد. الصّفّة من البنيان شبه البهو. لسان العرب ، مادة : صفف.

(٢) قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم : يسبّح. وقرأ ابن عامر وعاصم في رواية ابي بكر : يسبّح. ابن مجاهد ، ٤٥٦. انظر الطبري ، ١٨ / ١٤٥. ١٤٦.

(٣) غافر ، ١٨.

(٤) الكحل في العين إذ تسود مواضع الكحل. لسان العرب ، مادة كحل.

٤٥٢

لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٨).

قوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) بغير ان يحاسب نفسه ، اي لا ينقص ما عند الله كما ينقص ما في ايدي الناس.

وقال السدي : (بِغَيْرِ حِسابٍ) يقول : ليس فيه تباعة فيما يرزق. ويقول : انا الملك اعطي من شئت بغير حساب أخافه من احد ، ليس فوقي ملك يحاسبني.

وبعضهم يقول : لا أحد يحاسبهم بما اعطاهم الله كقوله : (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(١) غير محسوب.

وقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) (٣٩)

قال مجاهد : وهو القاع القرقرة. (٢)

وقال قتادة : بقيعة من الأرض. (٣) (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ) (٣٩) العطشان /

(ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) (٣٩) كقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)(٤).

والعطشان مثل الكافر ، والسراب مثل عمله ، يحسب انه يغني عنه شيئا حتى يأتيه الموت ، فاذا جاءه الموت لم يجد عمله اغنى عنه شيئا الا كما ينفع السراب العطشان.

سعيد عن قتادة قال : هذا مثل عمل الكافر ، يرى ان له خيرا وانه قادم على خير حتى اذا كان يوم القيامة لم يجد خيرا قدّمه.

قوله : (وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ) (٣٩) ثواب عمله.

(وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٣٩)

قال : (أَوْ كَظُلُماتٍ) (٤٠) هذا مثل قلب الكافر.

(فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) (٤٠)

__________________

(١) فصلت ، ٨ ، الانشقاق ، ٢٥.

(٢) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٣ يعني السراب يكون بقاع من الأرض ، والسراب عمل الكافر.

(٣) الطبري ، ١٨ / ١٤٩.

(٤) إبراهيم ، ١٨.

٤٥٣

قال قتادة : أي عميق (١) قعير (٢). اي غمر.

(يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ) (٤٠) ثم وصف ذلك الموج فقال :

(مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) (٤٠) ظلمة البحر ، وظلمة الموج وظلمة السحاب ، وظلمة الليل.

وقال السدي : يعني به الكافر يقول : قلبه مظلم ، في صدر مظلم ، في جسد مظلم. قلبه بالشرك ، وصدره بالكفر ، وجسده بالشّكّ ، وهو النفاق.

قال : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) (٤٠) من شدة الظلمة.

(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (٤٠) يعني الكافر.

سعيد عن قتادة قال : هذا مثل عمل الكافر ، في ضلالات متكسع (٣) فيها (٤).

قوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) (٤١)

قال قتادة : صافات بأجنحتها.

(كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) (٤١)

تفسير ابن مجاهد عن ابيه : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) الصلاة للإنسان يعني المؤمن ، (وَتَسْبِيحَهُ) التسبيح لما سوى ذلك من خلقه. (٥)

(وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) (٤١)

قوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٤٢) البعث.

قوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً) (٤٣) ينشىء سحابا.

(ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ) (٤٣) يجمع بعضه الى بعض.

(ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً) (٤٣) بعضه على بعض.

__________________

(١) في الطبري ، ١٨ / ١٥٠ : عن معمر عن قتادة.

(٢) قعير : بعيد القعر. لسان العرب ، مادة : قعر.

(٣) في طرة ع : الكسع ان تضرب بيدك على دبر شيء. ويقال كسعهم بالسيف اذا اتبع ادبارهم. انظر لسان العرب مادة : كسع. وفي طرة ع : كذلك متسكع فيها ، جاء في غير هذا الموضع ، وهو الصواب ان شاء الله والمتسكع المتعسف. ويقال : ما ادري اين سكع. انظر لسان العرب ، مادة : سكع.

(٤) في الطبري ، ١٨ / ١٥٠ : عن معمر عن قتادة. وهو مثل ضربه الله للكافر يعمل في ضلالة وحيرة.

(٥) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٤٣. ٤٤٤.

٤٥٤

(فَتَرَى الْوَدْقَ) (٤٣) المطر.

(يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) (٤٣) من خلل السحاب.

(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) (٤٣) ينزل من تلك الجبال التي هي من برد. ان في السماء جبالا من برد.

(فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ) (٤٣) فيهلك الزرع كقوله : (رِيحٍ فِيها صِرٌّ)(١) برد.

وقال بعضهم ريح باردة (أَصابَتْ) الريح (حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ)(٢).

وما أصاب العباد من مصيبة فبذنوبهم ، وما يعفو الله عنه اكثر كقوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)(٣).

نصر بن طريف ان رجلا قال لابن عباس : بتنا الليلة نمطر الضفادع. فقال ابن عباس : صدق ، ان في السماء بحارا.

قوله : (وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ) (٤٣) يصرف ذلك البرد عمن يشاء.

(يَكادُ سَنا بَرْقِهِ) (٤٣)

قال قتادة : اي ضوء برقه. (٤)

(يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٤٣)

حدثني إبراهيم بن محمد عن سليمان بن عويمر عن عروة بن الزبير قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اذا رأى احدكم البرق او الودق فلا يشر اليه ولينعت».

وحدثني إبراهيم عن عبد العزيز بن عمر عن مكحول قال : قال رسول الله : «اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش ، وإقامة الصلاة ، وعند نزول الغيث».

قوله : (يُقَلِّبُ اللهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) (٤٤) هو اخذ كل واحد منهما من صاحبه كقوله : (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ)(٥).

__________________

(١) آل عمران ، ١١٧.

(٢) نفس الملاحظة.

(٣) الشورى ، ٣٠.

(٤) في الطبري ، ١٨ / ١٥٤ : عن معمر عن قتادة لمعان البرق يذهب بالأبصار.

(٥) الحديد ، ٦.

٤٥٥

قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) (٤٤) لآية.

وقال السدي : لمعرفة.

(لِأُولِي) (٤٤) لذوي.

(الْأَبْصارِ) (٤٤) وهم المؤمنون أبصروا الهدى.

قوله : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) (٤٥) يعني النطفة تفسير السدي.

وحدثنا همام عن قتادة عن ابي ميمونة عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كل شيء خلق من الماء» اراه يعني الحيوان. نحو قول السدي.

قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ) (٤٥) الحية.

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) (٤٥) اي ومنهم من يمشي على اكثر من ذلك. وانما قال فمنهم من يمشي على كذا ، ومنهم من يمشي على كذا ، ومنهم يمشي على كذا ، خلق الله كثير. قال : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ)(١).

قوله : (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٥)

قوله : (لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) (٤٦) القرآن ، ما يبين الله فيه.

(وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤٦) الى دين مستقيم.

والصراط ، الطريق المستقيم الى الجنة.

قوله : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) (٤٧) من بعد ما قالوا : (آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا).

(وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧))

(وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ / وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (٤٨) عن الله ، وعن رسوله ، وكتابه يعني المنافقين ، يظهرون الإيمان ويسرون الشرك.

قوله : (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) (٤٩)

عاصم بن حكيم وابن مجاهد عن مجاهد قال : (مُذْعِنِينَ ،) سراعا. (٢)

المبارك بن فضالة عن الحسن قال : كان الرجل يكون له على الرجل الحق

__________________

(١) النحل ، ٨.

(٢) الطبري ، ١٨ / ١٥٦.

٤٥٦

على عهد النبي ، فاذا قال : انطلق معي الى النبي ، فان عرف ان الحق له ذهب معه وان عرف انه يطلب باطلا ابى ان يأتي النبي ، فانزل الله : («وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠) إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥١).

فقال رسول الله : «من كان بينه وبين آخر خصومة فدعاه الى حكم من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم».

وحدثني ابو الاشهب عن الحسن قال : قال رسول الله عليه‌السلام : «من دعي الى حكم من حكّام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له».

وفي تفسير عمرو عن الحسن قال : كانوا يدعون الى وثن كان أهل الجاهلية يتحاكمون اليه.

وقال في قوله : (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) (٥٠) وهو الشرك في قول الحسن.

وقال قتادة : نفاق.

(أَمِ ارْتابُوا) (٥٠) فشكّوا في الله وفي رسوله على الاستفهام ، أي قد فعلوا.

(أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) (٥٠) والحيف ، الجور. اي قد خافوا ذلك.

(بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٥٠) ظلم النفاق والشرك.

(إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) (٥١) فهذا قول المؤمنين ، وذلك القول الأول قول المنافقين.

قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ (وَيَخْشَ (١) اللهَ) (٥٢) فيما مضى من ذنوبه.

(وَيَتَّقْهِ) (٥٢) (٢) فيما بقي.

(فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٥٢) الناجون من النار الى الجنة.

قوله : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) (٥٣) يعني المنافقين.

(لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَ) (٥٣) الى الجهاد. واقسموا ولم يستثنوا ، وفيهم

__________________

(١) في ع : يخشى.

(٢) في ع : يتقيه.

٤٥٧

الضعيف والمريض ، ومن يوضع عنه الخروج.

قال الله : (قُلْ لا تُقْسِمُوا) (٥٣) اي لا تحلفوا. ثم استأنف الكلام فقال :

(طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) (٥٣) خير. وهذا إضمار. اي خير مما تضمرون من النفاق.

(إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٥٣)

(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (٥٤) يعني المنافقين.

ثم قال : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) (٥٤) يعني فان اعرضتم عنهما ، وهو تفسير السدي ، عن الله وعن الرسول.

(فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) (٥٤) اي من البلاغ.

(وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) (٥٤) من طاعته. وهذا تفسير الحسن.

وحدثني حماد وشريك عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الحضرمي قال : قام يزيد بن سلمة الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت اذا كان علينا امراء يأخذوننا بالحق ومنعوناه فكيف نصنع؟ فاخذ الاشعث بثوبه فأجلسه في حديث حماد ، ثم قام فعاد ايضا ، فأخذ الأشعث بثوبه فقال : لا أزال أسأله حتى تغيب الشمس او (تخبرني) (١). فقال رسول الله : «انما عليكم ما حمّلتم وعليهم ما حمّلوا».

قوله : (وَإِنْ تُطِيعُوهُ) (٥٤) يعني النبي.

(تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٥٤) كقوله : (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً)(٢) تحفظ عليهم أعمالهم حتى تجازيهم بها.

قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٥٥) من الأنبياء والمؤمنين.

(وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ) (٥٥) اي سينصرهم بالإسلام حتى (يظهرهم) (٣) على الدين كله ، فيكونوا الحكام على أهل الأديان.

عبد الرحمن بن يزيد عن سليم بن عامر الكلاعي قال : سمعت المقداد بن الأسود يقول : سمعت رسول الله يقول : «لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا

__________________

(١) هكذا في ع. في ابن محكّم ، ٣ / ١٨٩ ، لا أزال أسأله حتى يجيبني.

(٢) الأنعام ، ١٠٧.

(٣) في طرة ع : اصلاح لهذه الكلمة ب : ينصرهم.

٤٥٨

وبر الا ادخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أو ذل ذليل ، إمّا يعزهم الله فيجعلهم من اهلها وإما يذلهم الله فيدينون لها».

الفرات بن سلمان عن ميمون بن مهران الجزري ان عمر بن عبد العزيز قال : الله أجلّ وأعظم من ان يتخذ في الأرض خليفة واحدا والله يقول : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ،) ولكنّي أثقلكم حملا.

قال : (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (٥٥) كقوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ)(١) فارس والروم.

(فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ)(٢). قال : (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ / ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (٥٥) يقول من اقام على كفره بعد هذا الذي انزلت (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) يعني فسق الشرك.

قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (٥٦) الصلوات الخمس ، وإقامتها ان تحافظ على وضوئها ، ومواقيتها ، وركوعها ، وسجودها.

(وَآتُوا الزَّكاةَ) (٥٦) يعني الزكاة المفروضة.

(وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٥٦) لكي ترحموا ، فانكم اذا فعلتم ذلك رحمتم.

قوله : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) (٥٧)

قال قتادة : سابقين في الأرض.

(وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٥٧) أي لا تحسبنهم يسبقوننا حتى لا نقدر عليهم فنحاسبهم ، وحسابهم ان يكون (وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ) المرجع. والمأوى ، المنزل.

قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) (٥٨)

تفسير مجاهد : لم يحتلموا. (٣)

(ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ) (٥٨) وهو نصف النهار عند القائلة.

__________________

(١) الأنفال ، ٢٦.

(٢) الأنفال ، ٢٦.

(٣) في الطبري ، ١٨ / ١٦٢ لم يحتلموا من احراركم.

٤٥٩

(وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٥٨) وهي الساعات التي يخلو فيهن الرجل باهله لحاجته منها.

فاما قوله : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) فهم المملكون ، الرجال والنساء الذين يخدمون الرجل في بيته ومن كان من الاطفال من المملوكين.

(وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) قال : الذين لم يبلغوا الحلم منكم ، يعني الاطفال الذين يحسنون الوصف اذا رأوا شيئا. وكذلك من كان مثلهم من المملوكين ، الا الصغار الذين لا يحسنون الوصف اذا رأوا شيئا من الاحرار والمملوكين فلا ينبغي لها ولا الكبار ، والذين يحسنون الوصف ان يدخلوا هذه الثلاث ساعات الّا بإذن ، إلّا ألّا يكون للرجل الى أهله حاجة. ولا ينبغي له اذا كانت له الى اهله حاجة ان يطأ اهله ومعه في البيت من هؤلاء احد. فلذلك لا يدخلون في هذه الثلاث ساعات إلّا باذن.

قال : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَ) بعد هذه الثلاث الساعات ان يدخلوا بغير اذن.

(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ) يدخلون بغير اذن.

(بَعْضُكُمْ عَلى بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

حدثني نصر بن طريف واشعث عن عبيد الله بن ابي يزيد قال : دخلت على ابن عباس فأراني وصيفة له خماسية. وقال نصر : نحو الخماسية او اصغر. فقال : ما تدخل علي هذه في هذه الثلاث الساعات الا باذن.

نصر بن طريف عن يونس عن الحسن قال : اذا كانوا معك في البيت فهو اذنهم.

وحدثنا الحسن بن دينار قال : قال رجل للحسن : إنا قوم تجار نسافر ونشترى (الجواري) (١) فننزل في الخباء ، فيكنّ جميعا. افيغشى الرجل منا جارية من جواريه في الخباء وهن فيه فغضب وقال : لا.

قوله : (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (٥٩) يعني من احتلم.

__________________

(١) في ع : الجوار.

٤٦٠