تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

التيمي البصري القيرواني

تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

المؤلف:

التيمي البصري القيرواني


المحقق: الدكتورة هند الشلبي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-4440-5
الصفحات: ٤٩٦
الجزء ١ الجزء ٢

(وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ) (٣٨) أي بمصدقين.

(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ (٣٩) قالَ) (٤٠) الله.

(عَمَّا قَلِيلٍ) (٤٠) أي عن قليل. والميم والالف صلة في الكلام. وهو تفسير السّدّي.

قال : (لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) (٤٠)

قال الله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِ) (٤١)

تفسير الحسن : الصّيحة ، العذاب.

(فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً) (٤١) كالشيء البالي في تفسير المعلّى عن أبي يحيى عن مجاهد. (١)

وقال بعضهم مثل النّبات إذا صار غثاء ، فتهشّم بعد إذ كان أخضر.

قال : (فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤١) المشركين.

قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) (٤٢) من بعد الهالكين.

(قُرُوناً آخَرِينَ (٤٢) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها) (٤٣) يعني الوقت الذي يهلكها فيه.

(وَما يَسْتَأْخِرُونَ) (٤٣) عن الوقت ساعة ولا يستقدمون من قبل الوقت.

قوله : (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) (٤٤)

قال قتادة : متتابعة أي تباعا بعضهم على إثر بعض.

(كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها) (٤٤) الذي أرسل إليها.

(كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) (٤٤) يعني العذاب الّذي أهلكهم به ، أمّة بعد أمّة حين كذبوا رسلهم.

(وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) (٤٤) لمن بعدهم.

(فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (٤٤)

قال : (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٤٥) أي وحجّة بّينة.

(إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) (٤٦) يعني قومه.

(فَاسْتَكْبَرُوا) (٤٦) عن عبادة الله.

(وَكانُوا قَوْماً عالِينَ) (٤٦) مشركين.

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣١ : يعني كالرّميم الهامد ، الذي يحمله السّيل. يعني به ثمود.

٤٠١

وقال الحسن : في الاستكبار في الأرض على النّاس.

قوله : (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) (٤٧) أي أنصدق بشرين مثلنا ، فلو كانا ملكين لآمنّا بهما. يعنون موسى وهارون.

(وَقَوْمُهُما) (٤٧) يعنون بني إسرائيل.

(لَنا عابِدُونَ) (٤٧) وكانوا قد استعبدوا بني إسرائيل ، ووضعوا عليهم الجزية. وليس يعني انّهم يعبدوننا.

قال الله : (فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) (٤٨) فأهلكهم الله بالغرق.

قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) (٤٩) التوراة.

(لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (٤٩) لكي يهتدوا.

قوله : (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) (٥٠)

قال قتادة : خلق لا والد له ، آية ، ووالدته ولدته من غير رجل ، آية.

وقال السدي : (آيَةً) عبرة.

قوله : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) (٥٠)

سعيد عن قتادة : قال : الرّبوة هي بيت المقدس. (١)

قال يحيى : ذكر لنا أن كعبا كان يقول : هي أدنى الأرض إلى السّماء ، ثمانية عشر ميلا. (٢)

المعلى عن أبي يحيى عن مجاهد قال : بقعة في مكان مرتفع يقرّ فيه الماء.

وتفسير ابن مجاهد عن أبيه : الرّبوة المستوية (٣). وهو نحو حديث المعلى.

سعيد عن الحسن قال : الرّبوة دمشق.

نعيم بن يحيى عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال : هي دمشق. (٤)

وقال : (ذاتِ قَرارٍ) يعني المنازل ، والمعين : الماء الذي أصله من العيون ، الظاهر الجاري.

وقال الكلبي : المعين ، الجاري وغير الجاري ، اذا نالته الدّلاء.

__________________

(١) في الطبري ، ١٨ / ٢٧ : عن معمر عن قتادة.

(٢) في الطبري ، ١٨ / ٢٧ : عن معمر عن قتادة قال : كان كعب يقول.

(٣) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣١.

(٤) تفسير الطبري ، ١٨ / ٢٦.

٤٠٢

شريك عن جابر عن عكرمة قال : الماء المعين : الظّاهر.

سعيد عن قتادة قال : (ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ). ذات ثمر كثير وماء جاري (هكذا). (١)

قوله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) (٥١) يعني الحلال من الرزق. وهو تفسير السدي.

(وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٥١) هكذا أمر الله الرّسل.

قوله : (٢) (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ) (٥٢) ملّتكم.

(أُمَّةً واحِدَةً) (٥٢) ملّة واحدة.

وقال قتادة : دينكم دين واحد يعني الإسلام ، والشّريعة مختلفة. قال : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً)(٣).

[وقال السدي : يعني ملتكم ملة واحدة ، يعني الإسلام]. (٤)

قال : (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (٥٢) ان تعبدوا غيري.

[وقال السدي : (فَاتَّقُونِ) يعني فاعبدون]. (٥)

قوله : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ)(٦) (٥٣) يعني دينهم الإسلام الّذي أمر الله به نبيّهم.

(زُبُراً) (٥٣) فدخلوا (٧) في غيره. وهو تفسير السدي.

وقال [الحسن](٨) : (زُبُراً) قطعا.

وقال مجاهد : قطعا. وهم اهل الكتاب. (٩)

__________________

(١) في الطبري ، ١٨ / ٢٨ : عن معمر عن قتادة : هي ذات ثمار وهي بيت المقدس. وعلق الطبري على هذا الشرح بقوله : وهذا القول الذي قاله قتادة في معنى ذاتِ قَرارٍ وان لم يكن أراد بقوله : انها إنّما وصفت بأنها (ذات قرار) لما فيها من الثمار ، ومن اجل ذلك يستقر فيها ساكنوها ، فلا وجه له نعرفه.

(٢) بداية المقارنة مع ١٦٩ ، ورقة [١].

(٣) المائدة ، ٤٨.

(٤) إضافة من ١٦٩.

(٥) نفس الملاحظة.

(٦) ساقطة في ع.

(٧) في ١٦٩ : دحلوا.

(٨) إضافة من ١٦٩.

(٩) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣١ : يعني الكتب فرقوها قطعا.

٤٠٣

[ا](١) سعيد عن قتادة قال : (فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً) قال كتبا. (٢)

قال سعيد : وقال الحسن : تقطعوا كتاب الله بينهم (فحرفوه) ، (٣) وبدّلوه كتابا كتبوه على ما حرّفوا.

قال يحيى وهي تقرأ على وجهين : زبرا مثل قراءة مجاهد ، وزبرا مثل قراءة قتادة (٤).

فمن قرأها ، زبرا قال : قطعا ، ومن قرأها : (زُبُراً) قال : كتبا. وهي كقوله : (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً)(٥) : فرقا وهذا هو مقرأ الحسن وغيره. وكان عليّ بن أبي طالب (وغيره) (٦) يقرؤها : فارقوا دينهم وكانوا شيعا.

قال : (كُلُّ حِزْبٍ) (٥٣) كل قوم / منهم.

(بِما لَدَيْهِمْ) (٥٣) بما عندهم مما اختلفوا فيه.

(فَرِحُونَ) (٥٣) يقول : راضون. تفسير السدي.

[حدثني](٧) حماد بن سلمة عن أبي غالب عن أبي أمامة قال : قال رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٨) : «تفرّقت بنو إسرائيل على سبعين فرقة ، فرقة واحدة في الجنة وسايرها في النار ، ولتفترقنّ هذه الأمة على إحدى وسبعين ، واحدة (٩) في الجنة وسائرهم في النار».

[وحدثني](١٠) (خالد عن زيد بن أسلم) (١١) عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١٢) : «لتتبعن سنة من كان

__________________

(١) إضافة من ١٦٩.

(٢) في الطبري ، ١٨ / ٢٩ : عن معمر عن قتادة.

(٣) في ع فخرقوه وهو خطأ من الناسخ. في ابن ابي زمنين ، ورقة : ٢٢٧ : فحرفوه.

(٤) لم يرد الاختلاف في هذا الحرف في كتاب السبعة لابن مجاهد ولا في النشر لابن الجزري. ذكره الطبري في : ١٨ / ٢٩. ٣٠. انظر كذلك : التحرير والتنوير لابن عاشور ١٨ / ٧٣.

(٥) الروم ، ٣٢.

(٦) ساقطة في ١٦٩.

(٧) إضافة من ١٦٩.

(٨) نفس الملاحظة.

(٩) في ١٦٩ : لتزيدن هذه الامة عليهم بواحدة فواحدة.

(١٠) إضافة من ١٦٩.

(١١) في طرة ع : في كتاب ابي داود : خالد عن صفوان بن سليم.

(١٢) إضافة من ١٦٩.

٤٠٤

قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر حتى لو سلكوا جحر ضبّ لسلكتموه. قالوا يا رسول الله : اليهود والنّصارى؟ قال : فمن؟»

[حدثني](١) خداش عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٢) مثله غير أنّه قال : لدخلتموه.

[ا](٣) عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن النّبي [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٤) مثله.

قوله : (فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ) (٥٤) في غفلتهم.

(و) (٥) قال قتادة : في ضلالتهم.

(حَتَّى حِينٍ) (٥٤) يعني إلى آجالهم. تفسير السدي. وهي منسوخة نسخها القتال.

قوله : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ) (٥٥)

[ا](٦) عاصم بن حكيم أن مجاهدا قال : (أي) (٧) نزيدهم ، نملي لهم. (٨)

(مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) (٥٦) أي (لذلك) (٩) نمدّهم بالمال والولد يعني المشركين.

(بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٦) أنّا لا نعطيهم ذلك مسارعة لهم في الخيرات ، وأنهم يصيرون إلى النار [أي و](١٠) أن ذلك شرّ لهم.

وقال ابن مجاهد عن أبيه (نُمِدُّهُمْ) نعطيهم (١١). وهو تفسير السدي.

قوله : (إِنَّ)(١٢) (الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) (٥٧) خائفون.

(وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ) (٥٨) القرآن.

__________________

(١) نفس الملاحظة.

(٢) نفس الملاحظة.

(٣) نفس الملاحظة.

(٤) نفس الملاحظة.

(٥) ساقطة في ١٦٩.

(٦) إضافة من ١٦٩.

(٧) ساقطة في ١٦٩.

(٨) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٢.

(٩) في ١٦٩ : ليس بذاك. وفي ابن ابي زمنين ، ورقة : ٢٢٧ ، وابن محكّم ، ٣ / ١٤١ : «ليس لذلك».

(١٠) إضافة من ١٦٩.

(١١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٢.

(١٢) ساقطة في ع.

٤٠٥

(يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩))

(وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا) (٦٠) ممددة.

(وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (٦٠) خائفة.

(أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) (٦٠)

[حدثني](١) ابو الأشهب عن الحسن قال : كانوا يعملون ما عملوا من أعمال البرّ ويخافون ألّا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم.

[ا سعيد عن قتادة قال ........ على خوف من الله جل وعزّ ويعلمون أنهم راجعون إلى ربّهم.

وحدثني](٢) المعلى عن ابي يحيى عن مجاهد قال : (يعملون ما عملوا من الخير وهم يخافون ألّا يقبل منهم). (٣)

[قوله] : (٤) (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) (٦١) في الأعمال الصّالحة.

وقال الحسن : أي فيما افترض الله عليهم ، يعني (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) (٦٠).

قوله : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (٦١) (وَهُمْ لَها) للخيرات ، مدركون في تفسير الحسن.

وقال بعضهم : (لَها سابِقُونَ) بها سابقون أي بالخيرات.

[قال : وحدثني](٥) عبد الرحمن (٦) بن أبي بكر بن أبي مليكة القرشي المكيّ (ابن) (٧) أخي عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس وعائشة أنهما كانا يقرآن هذا الحرف : والذين يؤتون ما أتوا خفيفة بغير مدّ أي يعملون ما عملوا ممّا نهوا عنه (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) خايفة أن يؤخذوا به.

__________________

(١) إضافة من ١٦٩.

(٢) إضافة من ١٦٩ بها تمزيق بقدر ٣ كلمات.

(٣) في ١٦٩ : المؤمن ينفق وقلبه وجل من خشية الله انه الى ربه راجع.

(٤) إضافة من ١٦٩.

(٥) نفس الملاحظة.

(٦) بداية [٢] من ١٦٩.

(٧) في ١٦٩ : بن.

٤٠٦

قوله : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٦٢) : إلّا طاقتها.

قوله : (وَلَدَيْنا) (٦٢) أي وعندنا.

(كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦٢)

[حدثني](١) نعيم بن يحيى عن الأعمش عن ابي ظبيان عن ابن عباس قال : أوّل ما خلق الله القلم فقال : اكتب. قال : ربّ ما أكتب قال : ما هو كائن. [قال] : (٢) فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. قال : فأعمال العباد تعرض كلّ يوم اثنين وخميس ، فيجدونه على ما في الكتاب.

قال يحيى : وسمعت بعضهم يزيد فيه : ثم تلا ابن عباس هذه الاية : (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٣) ثم قال : ألستم قوما عربا؟ هل تكون النسخة إلّا من كتاب؟

قوله : (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) (٦٣)

قال قتادة : يقول في غفلة من هذا ، ممّا ذكر من أعمال المؤمنين في الآية الأولى.

(وَلَهُمْ)(٤) (٦٣) يعني المشركين.

(أعمال من دون ذلك) (٦٣) دون أعمال المؤمنين هي شرّ من أعمال المؤمنين.

(هُمْ لَها عامِلُونَ) (٦٣) لتلك الأعمال.

وتفسير مجاهد : (فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) يعني القرآن. ولهم أعمل من دون ذلك : خطايا من دون ذلك ، من دون الحق (٥).

وبعضهم يقول : أعمال لم يعملوها ، سيعملونها.

[ا](٦) بحر السّقاء عن الزّهري عن سعيد بن المسيّب أن عمر [بن

__________________

(١) إضافة من ١٦٩.

(٢) نفس الملاحظة.

(٣) الجاثية ، ٢٩.

(٤) في ع : وليس. وهو خطأ.

(٥) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٢. ٤٣٣ يعني في عمى من هذا القرآن ، يعني خطايا من دون ذلك لا بد لهم أن يعملوها.

(٦) إضافة من ١٦٩.

٤٠٧

الخطاب](١) قال : يا رسول الله أنعمل لما قد فرغ منه أو لما نأتنف؟ (٢) قال : لا ، بل اعمل لما قد فرغ منه. قال : (ففيم) (٣) العمل إذا؟ قال : اعملوا فكل لا ينال إلّا بعمل. قال : هذا حين نجتهد.

[ا](٤) درست عن يزيد [بن أبان](٥) الرّقّاشي أن عمر بن الخطاب قال : يا رسول الله ما العمل [اليوم](٦) ، أشيء مستأنف (أم) (٧) شيء قد فرغ منه؟ قال : قد فرغ منه. قال : ففيم العمل اليوم؟ (فقال) (٨) : كل عبد (موتّى) (٩) لما خلق له.

[حدثني](١٠) حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله بن الشّخّير قال : لم (تكلوا) (١١) / إلى القدر وإليه تصيرون.

قوله : (حَتَّى إِذا) (٦٤) [يعني فلمّا في تفسير السّدّي]. (١٢)

(أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ) (٦٤) يعني أبا جهل وأصحابه الّذين قتلوا يوم بدر.

نزلت هذه الآية قبل ذلك بمكّة.

قال : (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) (٦٤)

قال قتادة : يجزعون.

(لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) (٦٥) لا تجزعوا اليوم.

قال قتادة : ذكر لنا أنها نزلت في الّذين قتل الله يوم بدر.

(إِنَّكُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) (٦٥) أي لا يمنعكم منّا أحد.

وقال الحسن : (يَجْأَرُونَ)(١٣) (٦٥) (يصرخون) (١٤) إلى الله بالتّوبة فلا يقبل منهم.

(قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) (٦٦) يعني القرآن.

__________________

(١) نفس الملاحظة.

(٢) استأنف الشيء وأتنفه ابتدأه. لسان العرب.

(٣) مادة : أنف في ١٦٩ : فيم.

(٤) إضافة من ١٦٩.

(٥) نفس الملاحظة.

(٦) نفس الملاحظة.

(٧) في ١٦٩ : او.

(٨) في ١٦٩ : قال.

(٩) في ١٦٩ : موتّا.

(١٠) إضافة من ١٦٩.

(١١) في ابن محكّم ، ٣ / ١٤٣ : لم توكلوا.

(١٢) إضافة من ١٦٩.

(١٣) في ع : تجارون.

(١٤) في ع : تصرخون.

٤٠٨

(فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ) (٦٦)

قال ابن مجاهد عن أبيه : أي تستأخرون عن الإيمان (١).

(مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) (٦٧) بالحرم.

(سامِراً تَهْجُرُونَ) (٦٧)

[حدثني](٢) أبو الأشهب عن الحسن قال : مستكبرين بحرمي ، تهجرون رسولي.

وفي تفسير عمرو عن الحسن في قوله : (سامِراً) يقول : قد بلغ من أمانكم أنّ سامركم يسمر بالبطحاء ، يعني سمر اللّيل ، والعرب تقتل بعضها بعضا ، وتسيء بعضها بعضا ، وأنتم في ذلك تهجرون كتابي ورسولي.

وقال الكلبي : وأنتم سمّرا حول البيت.

قال يحيى : مقرأ الكلبي في هذا الحرف سمّرا.

[ا](٣) سعيد عن قتادة قال : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ) بالحرم ، يعني : أهل مكة.

(سامِراً) سامرهم لا يخاف شيئا ، كانوا يقولون : نحن أهل الحرم فلا نقرب ، لما أعطاهم الله من الأمن. (٤)

(تَهْجُرُونَ) تتكلمون بالشّرك والبهتان في حرم الله.

[ا](٥) عاصم بن حكيم أن مجاهدا قال : (سامِراً ،) مجلسا. (٦)

[قال وحدثني](٧) المعلى عن أبي يحيى عن مجاهد قال : (٨) هو منكر القول ، وهجر القول (٩).

قوله : (أَفَلَمْ (١٠) يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) (٦٨) يعني القرآن.

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٣.

(٢) إضافة من ١٦٩.

(٣) إضافة من ١٦٩.

(٤) في الطبري ، ١٨ / ٣٩. ٤٠ : عن معمر عن قتادة ، بلفظ قريب.

(٥) إضافة من ١٦٩.

(٦) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٣ : يعني بالليل.

(٧) إضافة من ١٦٩.

(٨) نفس الملاحظة.

(٩) في الطبري ، ١٨ / ٤٠ : بالقول السيىء في القرآن.

(١٠) في ع : أو لم.

٤٠٩

(أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِينَ) (٦٨) أي لم يأتهم إلّا ما أتى آباءهم الأوّلين.

وقال السدي : (أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ يَأْتِ) يعني الّذي لم ياتءباءهم الأوّلين ، وهو واحد.

قوله : (١) (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ) (٦٩) أي الّذي أرسل إليهم ، يعني محمّدا.

(فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) (٦٩)

سعيد عن قتادة قال : بل يعرفون وجهه ونسبه.

قوله : (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) (٧٠) أي بمحمّد جنون. أي قد قالوا ذلك.

قال الله : (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ) (٧٠) القرآن.

(وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) (٧٠) يعني جماعة من لم يؤمن منهم.

قوله : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ) (٧١) أهواء المشركين.

(لَفَسَدَتِ) (٧١) يعني لهلكت.

(السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَ) (٧١)

وتفسير الحسن : لو كان الحقّ في أهوائهم ، لوقعت أهواؤهم على هلاك السّماوات والأرض ومن فيهنّ.

وقال بعضهم : الحقّ هاهنا : الله ، كقوله : (وَتَواصَوْا بِالْحَقِ)(٢) يعني بالحقّ الله (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) (على) (٣) فرائضه.

قال : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) (٧١) : بشرفهم ، شرف لمن آمن به.

قال الحسن وقتادة : يعني القرآن ، أنزلنا عليهم فيه ما يأتون ، وما يتقون ، وما يحرّمون ، وما يحلّون.

(فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ) (٧١) عما بيّنا لهم.

(مُعْرِضُونَ) (٧١)

وقال قتادة : معرضون عن القرآن.

__________________

(١) هنا توقفت المقارنة مع ١٦٩.

(٢) العصر ، ٣.

(٣) في ع : غلى.

٤١٠

وقال السدي : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ :) بشرفهم (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ) يعني عن شرفهم (مُعْرِضُونَ).

قال يحيى : سمعت سفيان الثوري يذكر في هذه الآية : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ)(١) : فيه شرفكم.

قوله : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) (٧٢)

قال قتادة : أم تسألهم على ما أتيتهم به جعلا ، أي إنك لا تسألهم عليه أجرا.

قال : (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) (٧٢) أجر ربّك أي ثوابه في الآخرة خير من أجرهم لو أعطوك في الدّنيا أجرا.

قال : (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٧٢)

وقد يجعل الله رزق العباد بعضهم من بعض ، يرزق الله إيّاهم ، يقسم رزق هذا على يدي هذا (وَهُوَ خَيْرُ) أفضل (الرَّازِقِينَ). وهو تفسير السدي.

عبد الرحمن بن يزيد الشّامي عن عثمان بن حيان عن أم الدرداء قالت : ما بال أحدكم يقول : اللهم ارزقني ، وقد علم أنّ الله لا يمطر عليه من السّماء دنانير ولا دراهم ، وإنّما يرزق بعضكم من بعض ، فمن ساق الله إليه رزقا فليقبله ، وإن لم يكن إليه محتاجا فليعطه في أهل الحاجة من إخوانه ، وإن كان محتاجا استعان به على حاجته ، ولا يردّ على الله رزقه الّذي رزقه.

الخليل بن مرة عن عمران القصير قال : لقيت مكحولا بمكة ، فأعطاني شيئا فانقبضت عنه فقال : خذه فإنّي سأحدّثك فيه بحديث. فقلت : حدّثني به فإنّه أحبّ إليّ منه. فقال : أعطى رسول الله عمر شيئا ، فكأنّه انقبض عن أخذه ، فقال له رسول الله : «إذا أتاك الله بشيء لم تطلبه ولم تعرض له فخذه ، فان كنت محتاجا إليه فأنفقه ، وإن لم تكن إليه محتاجا فضعه في أهل الحاجة».

ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن قبيصة بن ذويب أن عمر بن الخطّاب دفع إلى عبد الله بن سعد ، رجل من قريش ، ألف دينار ، فقال : لا إرب لي بها يا أمير المؤمنين ، ستجد من هو أحوج إليها منّي. فقال خذها / فإنّما قلت لي كما قلت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يا عمر ، ما أتاك من عطاء غير مشرفة له نفسك ولا سائلة فأقبله».

__________________

(١) الأنبياء ، ١٠.

٤١١

قوله : (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٧٣) الى دين مستقيم ، وهو الطريق إلى الجنة.

قوله : (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) (٧٤) يعني بالبعث يوم القيامة. وهو تفسير السدي.

(عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ) (٧٤) لجائرون في تفسير قتادة.

وقال الحسن : تاركون له.

وقال الكلبي : معرضون عنه.

قال يحيى : وهو واحد.

قوله : (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ) (٧٥) يعني أهل مكّة ، وذلك حيث أخذوا بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الميتة والعظام ، وأجهدوا حتّى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السّماء دخانا (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)(١) نزلت هذه قبل أن يؤخذوا بالجوع ، ثمّ أخذوا بالجوع فقال الله وهم في ذلك الجوع : (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيانِهِمْ) (٧٥) في ضلالتهم.

(يَعْمَهُونَ) (٧٥) يتمادون في تفسير الحسن.

وقال قتادة يلعبون.

قوله : (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) (٧٦) يعني ذلك الجوع في السّبع السّنين.

(فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) (٧٦) يقول : لم يؤمنوا. وقد سألوا أن يرفع ذلك عنهم فيؤمنوا فقالوا : (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ)(٢) وهو ذلك الجوع (إِنَّا مُؤْمِنُونَ) فكشف عنهم فلم يؤمنوا.

قال : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) (٧٧) يعني يوم بدر ، القتل بالسيف. نزلت بمكة قبل الهجرة ، فقتلهم الله يوم بدر.

قال : (إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (٧٧) يائسون. (٣)

قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ) (٧٨) خلق لكم.

(السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) (٧٨) يعني سمعهم ، وأبصارهم ، وأفئدتهم.

__________________

(١) الدخان ، ١٠.

(٢) الدخان ، ١٢.

(٣) في ابن ابي زمنين ، ورقة : ٢٢٨ : يئسوا من كل خير.

٤١٢

(قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٧٨) أقلكم من يشكر ، أي يؤمن.

قال : (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ) (٧٩) خلقكم في الأرض.

(وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٧٩) يوم القيامة.

(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٨٠) يقوله للمشركين (يذكّره) (١) نعمته عليهم. يقول : فالذي أنشأ لكم السّمع والأبصار والأفئدة ، ويحيي ويميت ، وله اختلاف الليل والنهار ، قادر على أن يحيي الموتى.

قال : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) (٨١) ثم أخبر بذلك القول فقال :

(قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ) (٨٣) أي وعدنا أن نبعث نحن وآباؤنا فلم نبعث. كقوله : (فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٢).

قوله : (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٨٣) كذب الأولين وباطلهم. فأمر الله نبيّه أن يقول لهم :

(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (٨٥) أي : فإذا قالوا ذلك ف (قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٨٥) فتؤمنوا وأنتم تقرّون أنّ الأرض ومن فيها لله.

(قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (٨٧) فاذا قالوا ذلك ف (قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ) (٨٧) وأنتم تقرّون أن الله خالق هذه الأشياء وربّها.

وقد كان مشركو العرب يقرّون بهذا.

(قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (٨٨) أي ملك كلّ شيء.

قال ابن مجاهد عن أبيه ، خزائن كلّ شيء. (٣)

(وَهُوَ يُجِيرُ) (٨٨) من يشاء فيمنعه فلا يوصل إليه.

(وَلا يُجارُ عَلَيْهِ) (٨٨) أي من أراد أن يعذبه لم يستطع أحد منعه.

(إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) (٨٩) فاذا قالوا ذلك ف (قُلْ فَأَنَّى

__________________

(١) في ابن ابي زمنين : ورقة ٢٢٨ ، وابن محكّم ، ٣ / ١٤٧ : يذكّرهم.

(٢) الدخان ، ٣٦.

(٣) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٤.

٤١٣

تُسْحَرُونَ) (٨٩) عقولكم. فشبههم بقوم مسحورين ، ذاهبة عقولهم.

ثم قال : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِالْحَقِ) (٩٠) : القرآن. أنزله الله على النّبيّ.

وهي تقرأ على وجه آخر : بل (آتيناهم) (١) يا محمد بالحقّ : بالقرآن.

(وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) (٩١) وذلك لقول المشركين : إنّ الملائكة بنات الله.

(وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ) (٩١) وذلك لما عبدوا من الأوثان ، اتّخذوا مع الله آلهة.

قال : (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) (٩١) يقول : لو كان معه آلهة : (إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ).

(وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٩١) لطلب بعضهم ملك بعض حتى يعلو عليه ، كما يفعل ملوك الدّنيا.

(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٩١) ينزه نفسه (كما) (٢) يكذبون.

قال : (عالِمِ الْغَيْبِ) (٩٢) الغيب هاهنا في تفسير الحسن : ما لم يجىء من غيب الآخرة.

(وَالشَّهادَةِ) (٩٢) : ما أعلم العباد.

(فَتَعالى)(٣) (٩٢) ارتفع الله.

(عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٩٢) يرفع نفسه عمّا قالوا.

قوله : (قُلْ) (٩٣) يا محمّد.

(رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ) (٩٣) من العذاب.

(رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٩٤) لا تهلكني معهم إن أريتني ما يوعدون.

قال : (وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ) (٩٥) من العذاب.

(لَقادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) (٩٦) يقول : ادفع بالعفو / والصّفح القول القبيح والأذى. تفسير السدي.

__________________

(١) هكذا في ع. وفي ابن ابي زمنين ورقة : ٢٢٨ : اتيتهم.

(٢) في طرة ع : كما في الأم ، وفي غيرها : عن ما. في ابن محكّم ، ٣ / ١٤٨ : عمّا.

(٣) في ع : إضافة : الله ، وهو خطأ.

٤١٤

قال يحيى : وذلك قبل أن يؤمر بقتالهم.

(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ) (٩٦) بما يكذبون.

قوله : (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) (٩٧) وهو الجنون.

(وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ) (٩٨) فأطيع الشيطان ، فأهلك ، أمره الله أن يدعو بهذا.

قوله : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (٩٩)

قال الحسن : ليس أحد من خلق الله ليس لله بوليّ إلّا وهو يسأل الله الرّجعة إلى الدّنيا عند الموت بكلام يتكلم به ، وإن كان أخرس لم يتكلم في الدّنيا بحرف قط وذلك ، إذا استبان له أنّه من أهل النّار سأل الله الرّجعة ولا يسمعه من يليه.

(لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) (١٠٠) فيما صنعت.

قال الله : (كَلَّا) (١٠٠) لست براجع إلى الدّنيا ، وهي مثل قوله : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) (١٠) (١).

ثم قال : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) (١٠٠) هذه الكلمة : (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) (١٠٠).

خالد وإبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم عن سليمان بن عطاء عن رجل من بني حارثة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا حضر الإنسان الموت جمع كلّ شيء له كان يمنعه من الحقّ ، فجعل بين عينيه» ، في حديث خالد ، وفي حديث إبراهيم كلّ شيء كان يمنعه من حقه فجعل بين يديه ، فعند ذلك يقول (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ).

قال يحيى : وأخبرني رجل من أهل الكوفة عن السدي قال : إنّ الكافر إذا نزل به الموت وعاين حسناته قليلة وسيئاته كثيرة ، نظر إلى ملك الموت من قبل أن يخرج من الدّنيا ، فتمنى الرّجعة وصدّق بما كذّب به ، فعند ذلك يقول : (رَبِّ ارْجِعُونِ) يعني إلى الدنيا (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ). يقول الله : (كَلَّا) يعني لا يرجع إلى الدّنيا. ثم استأنف فقال : (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) ولا يسمع بها بنو آدم. ونحو ذلك مثل قول فرعون في سورة يونس (٢).

__________________

(١) المنافقون ، ١٠.

(٢) لعله يقصد الآية : ٩٠ من سورة يونس.

٤١٥

قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٠٠)

فطر بن خليفة قال : سألت مجاهدا عن هذه الآية فقال : ما بين الموت إلى البعث. (١)

سعيد عن قتادة : قال : أهل القبور في البرزخ ، وهو الحاجز بين الدّنيا والآخرة (٢).

وقال السّدّي : البرزخ ما بين النفختين.

قوله : (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) (١٠١) والصور : قرن. وقد فسّرنا ذلك قبل هذا الموضع.

(فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (١٠١)

سعيد عن قتادة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ثلاثة مواطن لا يسأل فيها أحد أحدا : اذا وضعت الموازين حتى يعلم أيثقل ميزانه أم يخفّ ، وإذا تطايرت الكتب حتى يعلم أيأخذ كتابه بيمينه أم بشماله ، وعند الصّراط حتى يعلم أيجوز الصّراط أم لا يجوز».

وفي تفسير عمرو عن الحسن أن أنسابهم يومئذ قائمة معروفة قال : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) (٣٥) (٣).

قال يحيى : وسمعت بعض الكوفيين يقول (يُبَصَّرُونَهُمْ)(٤) أي يرونهم. يقول :

يعرفونهم في مواطن ، ولا يعرفونهم في مواطن.

وقال الحسن : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) يتعاطفون عليها كما كانوا يتعاطفون عليها في الدّنيا ، (وَلا يَتَساءَلُونَ) عليها أن يحمل بعضهم عن بعض كما كانوا يتساءلون في الدّنيا بأنسابهم. كقول الرّجل أسألك بالله وبالرّحم.

قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٢) : السّعداء ، وهم أهل الجنّة.

(وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) (١٠٣) أن يغنموها فصاروا

__________________

(١) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٤ : البرزخ : الحاجز بين الموت والرجوع الى الدنيا؟

(٢) في الطبري ، ١٨ / ٥٣ : عن معمر عن قتادة : برزخ بقية الدنيا.

(٣) عبس : ٣٤ ـ ٣٥.

(٤) المعارج ، ١١.

٤١٦

في النّار.

قال : (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) (١٠٣) لا يخرجون منها ولا يموتون.

(تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) (١٠٤)

قال يحيى : وبلغني عن ابن مسعود قال : مثل الرّأس المشيط (١).

قال : وأخبرني صاحب لي عن يحيى بن عبد الله المدني عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : «شفته السّفلى ساقطة على صدره ، والعليا قالصة قد غطّت وجهه».

حاجب بن عمر عن عمّه الحكم بن الأعرج عن أبي هريرة قال : يعظم الكافر في النّار مسيرة سبع ليال ، ضرسه مثل أحد ، شفاههم عند صدرهم ، سود ، زرق حبن (٢) ، مفتوحون ، يتهافتون في النّار ، ويقول : هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع الرّحمن قدمه فيها فتقول : رب قط قط.

قوله : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (١٠٥) يقول لهم ذلك في النّار.

(قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) (١٠٦)

تفسير ابن مجاهد عن أبيه : التي كتبت علينا (٣).

(وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) (١٠٦)

فطر عن أبي الطّفيل قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : الشّقيّ من شقي في بطن أمّه ، والسّعيد من وعظ بغيره. /

قال يحيى : وقد ذكرنا الحديث عن النّبي عليه‌السلام أنه يكتب في بطن أمّه شقيّا أو سعيدا في غير هذه السورة.

قوله : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) (١٠٧)

سعيد عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو أن أهل جهنّم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ، ثمّ يردّ عليهم : (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ)(٤). ثم ينادون

__________________

(١) الطبري ، ١٨ / ٥٦.

(٢) في طرة ع : الحبن : عظم البطن.

(٣) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٢ التي كتبت عليهم.

(٤) الزخرف ، ٧٧.

٤١٧

ربّهم : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ ،) فيسكت عنهم قدر عمر الدّنيا مرّتين ، ثمّ يردّ عليهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) فو الله ما نبس القوم بعدها بكلمة وما هو إلّا الزّفير والشّهيق. فشبّه أصواتهم بأصوات الحمير : أوّلها زفير ، وآخرها شهيق. (١)

أبو أمية عن سليمان التيمي أن أهل النّار يدعون خزنة أهل النّار أربعين سنة ، ثم يكون جوابهم إيّاهم : ألم تأتكم رسلكم بالبينات؟ (قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ)(٢) ثم ينادون مالكا فلا يجيبهم مقدار ثمانين سنة. ثم يكون جواب مالك إيّاهم : (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ). ثم يدعون ربهم : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها ،) فلا يجيبهم مقدار الدنيا مرّتين ، ثم يكون جوابه إياهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) ثم إنما هو الزّفير والشّهيق.

قوله : (اخْسَؤُا فِيها) (١٠٨)

تفسير الحسن والسدي : اصغروا فيها ، الخاسىء عندهما الصّاغر.

وتفسير قتادة : الخاسىء : الذي لا يتكلّم ، ليس إلّا الزّفير والشهيق.

قوله : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي) (١٠٩) يعني المؤمنين.

(يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) (١٠٩) أفضل من رحم.

وقد جعل الله الرّحمة في قلب من يشاء ، وذلك من رحمة الله وهو أرحم من خلقه.

الصلت بن دينار عن أبي عثمان النّهدي (٣) عن سلمان الفارسي قال : إن الله خلق يوم خلق السّماوات والأرض مائة رحمة ، كلّ رحمة منها طباقها السماوات والأرض ، فأنزل منها رحمة واحدة فيها تتراحم الخليقة ، حتّى ترحم البهيمة بهيمتها ، والوالدة ولدها ، حتى إذا كان يوم القيامة (جاء) (٤) بتلك التسع والتسعين الرحمة ، ونزع تلك الرّحمة من قلوب الخليقة فكمّلها مائة رحمة ، ثم نصبها بينه وبين خلقه. فالخائب من خيّب من تلك المائة الرّحمة.

__________________

(١) في الطبري ، ١٨ / ٦٠ : عن معمر عن قتادة بلفظ قريب.

(٢) غافر ، ٥٠.

(٣) هو عبد الرحمن بن ملّ انظر ترجمته في تهذيب التهذيب ٦ / ٢٧٧.

(٤) في ع : خا.

٤١٨

قوله : (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) (١١٠) يقوله لأهل النّار.

(حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) (١١٠) كانوا يسخرون بأصحاب الأنبياء ، يضحكون منهم.

وقوله : (حَتَّى (أَنْسَوْكُمْ (١) ذِكْرِي) ليس يعني أنّ أصحاب الأنبياء أنسوهم ذكر الله فأمروهم ألّا يذكروه ، ولكن جحودهم ، واستهزاؤهم ، وضحكهم منهم هو الذي انساهم ذكر الله ، كقول الرّجل : أنساني فلان كل شيء ، وفلان غائب عنه ، بلغه عنه أمر فشغل ذلك قلبه. وهي كلمة عربية.

قوله : (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا) (١١١) في الدّنيا.

(أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) (١١١) ذلك جزاؤهم (أَنَّهُمْ) أي بأنهم (هُمُ الْفائِزُونَ). وهي تقرأ على وجه آخر : إنّي جزيتهم اليوم الجنّة بما صبروا في الدّنيا.

ثم قال : (أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ) وقوله : (الْفائِزُونَ) النّاجون من النّار ، فازوا من النار إلى الجنّة.

قوله : (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ) (١١٢) يقوله لهم في الآخرة.

(فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (١١٢) أي كم عدد السّنين التي لبثتم في الأرض؟ يريد بذلك أن يعلمهم قلّة بقائهم كان في الدّنيا ، فتصاغرت الدّنيا عندهم.

(قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) (١١٣) وذلك لتصاغر الدّنيا عندهم.

(فَسْئَلِ الْعادِّينَ) (١١٣) : الملائكة. تفسير مجاهد. (٢)

وقال قتادة : الحسّاب (٣) الذين كانوا يحسبون آجالنا مثل قوله : (إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا)(٤) الأنفاس ، وهي آجالهم.

(قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) (١١٤) إنّ لبثكم في الدّنيا في طول ما أنتم لابثون في النار كان قليلا وهو كقوله : (وَتَظُنُّونَ) أي في الآخرة (إِنْ لَبِثْتُمْ) في الدنيا (إِلَّا قَلِيلاً)(٥).

__________________

(١) في ع : انساكم. وضع فوق الكلمة علامة للاستدراك لكن ذلك لم يتم.

(٢) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٥.

(٣) في الطبري ، ١٨ / ٦٣ : عن معمر عن قتادة.

(٤) مريم ، ٨٤.

(٥) الإسراء ، ٥٢.

٤١٩

قوله : (لَوْ (١) أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١١٤) أي لو كنتم علماء لم تدخلوا النار. والمشركون هم (٢) الذين لا يعلمون كقوله : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٥٩) (٣) ، وأشباه ذلك. وقال في المؤمنين : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً)(٤) و (أشباه) (٥) ذلك.

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) (١١٥) لغير بعث ولا حساب.

(وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) (١١٥) وهو على الاستفهام. اي قد حسبتم ذلك ، ولم نخلقكم عبثا ، إنما خلقناكم للبعث والحساب.

قوله : (فَتَعالَى اللهُ) (١١٦) من قبل العلّو.

(الْمَلِكُ الْحَقُ) (١١٦) اسمان من أسماء الله.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (١١٦) على الله.

وبعضهم / يقرؤها : الكريم ، بالرفع يقول : الله الكريم (٦). مثل هذا الحرف :

(ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) (١٥) (٧) أي الكريم على الله ، (على) (٨) مقرأ من قرأها بالجرّ.

ومن قرأها بالرّفع يقول : الله المجيد ، أي الكريم.

[وتفسير السدي بالرّفع ، يعني الله تبارك وتعالى يتجاوز ويصفح]. (٩)

قوله : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ) (١١٧) : لا حجّة له به. تفسير مجاهد. (١٠)

وكان قتادة يقول : لا بيّنة له به بأنّ الله أمره أن يعبد إلها من دونه.

(فَإِنَّما حِسابُهُ) (١١٧) يعني فإنّما جزاؤه على ربّه. وهو تفسير السّدّي.

__________________

(١) ساقطة في ع.

(٢) بداية المقارنة مع ١٧٩ ورقمها : ٧٢٤.

(٣) الروم ، ٥٩.

(٤) القصص ، ٨٠.

(٥) في ١٧٩ : شباه.

(٦) قرأ أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل عن ابن كثير : الكريم بالرّفع صفة لربّ العرش. البحر المحيط ، ٦ / ٤٢٤.

(٧) البروج ، ١٥.

(٨) ساقطة في ١٧٩.

(٩) إضافة من ١٧٩.

(١٠) في تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٣٥ : لا بيّنة له به.

٤٢٠