تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

التيمي البصري القيرواني

تفسير يحيى بن سلّام - ج ١

المؤلف:

التيمي البصري القيرواني


المحقق: الدكتورة هند الشلبي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN: 978-2-7451-4440-5
الصفحات: ٤٩٦
الجزء ١ الجزء ٢

قوله : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٩٥)

[ا سفيان و](١) المعلّى [بن هلال](٢) عن داود بن أبي هند عن [عكرمة عن ابن عباس والمعلّى عن عطاء بن السّائب عن](٣) سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأها (وَحَرامٌ (٤) عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) [وفسّرها في حديث سفيان والمعلى قال (٥)] : (اي) (٦) وجب على قرية أهلكناها أنهم لم يكونوا ليؤمنوا.

[وقال سفيان : وجب عليهم أنّهم لا يؤمنون.

ا](٧) سعيد عن قتادة (عن) (٨) الحسن : (أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (يعني) (٩) لا يتوبون.

وقال ابن عباس : [(وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) أي وجب عليه أنها اذا هلكت](١٠) (لا يرجعون إلى دنياهم). (١١)

[قال يحيى](١٢) : والعامة يقرأونها : (وَحَرامٌ) وتفسيرها عندهم : حرام عليهم أنهم لا يرجعون. وهي على الوجهين في التفسير : إلى التوبة وإلى الدنيا.

قوله : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ) (٩٦) [يعني فلما فتحت يأجوج ومأجوج. تفسير السدي](١٣) : يموجون في الأرض فيفسدون فيها.

[ا يونس بن أبي إسحاق عن سعيد بن عمرو بن جعدة عن الزهري قال :

قالت ام سلمة : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نائما في بيته فاستيقظ محمرة عيناه ، (١٤) فقال : «لا إله الا الله ثلاثا ، ويل للعرب من أمر قد اقترب ، قد فتح اليوم من يأجوج ومأجوج مثل هذا» ، وعقد يونس بيده تسعين مفرجة شيئا.

حدثني](١٥) أبو أمية عن حميد بن هلال عن أبي الضيف عن كعب

__________________

(١) إضافة من ١٦٩. (٢) نفس الملاحظة.

(٣) نفس الملاحظة.

(٤) قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم : (وَحَرامٌ) بالالف وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية ابي بكر : وحرم بكسر الحاء بغير الف. ابن مجاهد ، ٤٣١.

(٥) إضافة من ١٦٩. (٦) ساقطة في ١٦٩.

(٧) إضافة من ١٦٩. (٨) في ١٦٩ : قال : قال.

(٩) ساقطة في ١٦٩.

(١٠) إضافة من ١٦٩.

(١١) في ١٦٩ : لا ترجع الى دنياها.

(١٢) إضافة من ١٦٩.

(١٣) نفس الملاحظة.

(١٤) بداية [٣] من ١٦٩.

(١٥) إضافة من ١٦٩.

٣٤١

(الأحبار) (١) قال : إن يأجوج ومأجوج ينقرون كل يوم بمناقرهم في السّدّ فيسرعون فيه ، فإذا امسوا قالوا : نرجع غدا فنفرغ منه. فيصبحون وقد عاد كما كان. فإذا أراد الله (تبارك وتعالى) (٢) خروجهم ، قذف على ألسن بعضهم الاستثناء (فقالوا) (٣) : نرجع غدا إن شاء الله فنفرغ منه ، فيصبحون وهو كما تركوه ، (فينقرونه) ، (٤) فيخرجون على الناس ، فلا يأتون على شيء الا أفسدوه. فيمر أولهم على البحيرة فيشربون ماءها ، ويمرّ أوسطهم فيلحسون طينها / ويمر آخرهم فيقول : قد كان هاهنا (ماء مرة) (٥) فيقهرون النّاس ، ويفرّ النّاس منهم في البرية والجبال. فيقولون : قد قهرنا أهل الأرض فهلمّوا إلى أهل السّماء. فيرمون (نبالهم) (٦) إلى السماء فترجع تقطر دما. فيقولون : قد فرغنا من أهل الأرض وأهل السماء. فيبعث الله عليهم أضعف خلقه : النغف (وهي) (٧) (دود) (٨) تأخذهم في رقابهم فتقتلهم ، حتى تنتن الأرض من جيفهم. ويرسل الله الطّير فتنقل جيفهم إلى البحر ، ثم يرسل الله (تبارك وتعالى) (٩) السماء فتطهر الأرض.

وفي حديث عبد الرحمن بن يزيد عن عطاء بن يزيد : ويستوقد المسلمون من قسيّهم ، وجعابهم ، ونشابهم ، و (أترستهم) (١٠) سبع سنين.

قال كعب : وتخرج الأرض زهرتها وبركتها ، ويتراجع النّاس ، حتى إن الرمانة لتشبع السكن. قيل وما السكن؟ قال : أهل البيت. (قال) (١١) وتكون سلوة من عيش.

فبينما الناس كذلك إذ جاءهم خبر أن ذا السويقتين صاحب الجيش قد غزا البيت. فيبعث المسلمون جيشا ، فلا يصلون اليهم ولا يرجعون الى أصحابهم حتى يبعث الله (تبارك وتعالى) (١٢) ريحا طيّبة يمانية من تحت العرش ، فتكفت روح كل مؤمن. ثم لا أجد مثل السّاعة إلّا كرجل أنتج مهرا فهو ينتظر متى يركبه ، فمن تكلف من أمر الساعة ما وراء هذا فهو متكلف.

__________________

(١) ساقطة في ١٦٩.

(٢) نفس الملاحظة.

(٣) في ١٦٩ : فقال.

(٤) في ١٦٩ : فينقبونه.

(٥) في ١٦٩ : مرة ماء.

(٦) في ١٦٩ : بنبالهم.

(٧) ساقطة في ١٦٩.

(٨) في ١٦٩ : دودة.

(٩) ساقطة في ١٦٩.

(١٠) في ١٦٩ : ترستهم.

(١١) ساقطة في ١٦٩.

(١٢) نفس الملاحظة.

٣٤٢

[ا](١) سعيد عن قتادة عن ابي رافع عن أبي هريرة ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ يأجوج ومأجوج (يخرقونه) (٢) كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال (الذين) (٣) عليهم ارجعوا ، (فستخرقونه) (٤) غدا ، فيعيده الله كأشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال (الذين) (٥) عليهم ارجعوا (فستخرقونه) (٦) إن شاء الله غدا ، فيعودون اليه وهو كهيئة حين تركوه (فيخرقونه) (٧) فيخرجون على الناس ، فينشفون المياه ويتحصّن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون (نشابهم) (٨) إلى السّماء (فيرجع) (٩) فيها كهيئة (الدّم) (١٠) فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء ، فيبعث الله عليهم نغفا في (أقفائهم) (١١) فيقتلهم بها ، فقال رسول الله [صلى‌الله‌عليه‌وسلم](١٢) : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن و (تشكر) (١٣) من لحومهم [شكرا»](١٤).

[ا](١٥) سعيد عن قتادة أن أبا سعيد الخدري قال : إنّ الناس يحجّون ، ويعتمرون ويغرسون بعد خروج يأجوج ومأجوج.

قوله : (وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٩٦)

[ا](١٦) سعيد عن قتادة قال : من كل أكمة (١٧) ومن كل (نجو) (١٨) ينسلون يخرجون.

[ا عاصم بن حكيم أنّ مجاهدا قال : جمع النّاس من كلّ مكان جاءوا منه

__________________

(١) إضافة من ١٦٩.

(٢) في ١٦٩ : يحفرونه.

(٣) في ١٦٩ : الذي.

(٤) في ١٦٩ : فستحفرونه.

(٥) في ١٦٩ : الذي.

(٦) في ١٦٩ : فستحفرونه.

(٧) في ١٦٩ : فيحفرونه.

(٨) في ١٦٩ : سهامهم.

(٩) في ع هكذا : فيترجع.

(١٠) في ١٦٩ : الدماء.

(١١) في ١٦٩ : اقفاهم.

(١٢) إضافة من ١٦٩.

(١٣) في ١٦٩ : تسكر بالسين. وفي طرة ع : قال ابو الحسن : الرواية تسكر. في لسان العرب ، مادة : شكر : شكرت الإبل تشكر اذا أصابت مرعى فسمنت. ومادة سكر : السّكر ، الامتلاء.

(١٤) إضافة من ١٦٩.

(١٥) إضافة من ١٦٩.

(١٦) إضافة من ١٦٩.

(١٧) في الطبري ، ١٧ / ٩١ : معمر عن قتادة.

(١٨) لعل الصواب هو : نجوة ، وهو ما ارتفع من الأرض. انظر ابن محكّم / ٣ / ٩١ ، هامش : ٣.

٣٤٣

يوم القيامة فهو حدب. (١)

ا](٢) سعيد عن قتادة عن نوف البكالي عن عبد الله بن عمرو قال : إنّ الله (تبارك وتعالى) (٣) خلق الملائكة ، والجنّ ، والإنس فجزّأهم عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منها الملائكة ، وجزء واحد الجنّ والإنس. وجزأ الملائكة عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم الكروبيون الذين يسبّحون اللّيل والنّهار لا يفترون ، وجزء منهم واحد لرسالته ، ولخزائنه ، وما يشاء من أمره (٤). وجزأ (الجنّ والإنس) (٥) عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم الجنّ ، والإنس جزء واحد ، فلا يولد من الإنس مولود إلّا ولد من الجنّ تسعة. وجزّأ الإنس عشرة أجزاء ، تسعة أجزاء منهم يأجوج ومأجوج ، وسائرهم بنو آدم.

قال يحيى : يعني ما سوى يأجوج ومأجوج من ولد آدم.

وكان الحسن يقول : الإنس كلّهم من عند آخرهم ولد آدم ، والجنّ كلّهم من عند آخرهم ولد إبليس.

[ا](٦) الحسن بن دينار عن عبد الله بن محمد بن عروة (عن) (٧) رجل من آل مسعود الثقفي قال : حدثني [أخي أو](٨) (ابن أخي أو) (٩) ابن عمّي قال : قلت لعبد الله بن عمرو : يأجوج ومأجوج الأذرع هم أم الأشبار؟ فقال : يا ابن أخي ما أجد من ولد آدم بأعظم منهم ولا أطول ، ولا يموت الميت منهم حتى يولد له ألف فصاعدا. فقلت ما طعامهم؟ قال : هم في ماء ما شربوا ، وفي شجر ما هضموا وفي نساء ما نكحوا.

(حدثني) (١٠) يونس بن أبي إسحاق عن أبيه قال : بلغني أن هؤلاء الترك ممّا سقط من دون الرّدم من ولد يأجوج ومأجوج.

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ١ / ٤١٥.

(٢) إضافة من ١٦٩.

(٣) ساقطة في ١٦٩.

(٤) بداية [٤] من ١٦٩.

(٥) في ١٦٩ : الإنس والجن.

(٦) إضافة من ١٦٩.

(٧) ساقطة في ١٦٩.

(٨) إضافة من ١٦٩.

(٩) ساقطة في ١٦٩.

(١٠) في ١٦٩ : ا.

٣٤٤

قوله : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) (٩٧) (يعني) (١) النّفخة الآخرة.

(فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (٩٧) إلى إجابة الدّاعي إلى بيت المقدس.

(يا وَيْلَنا) (٩٧) يقولون :

(قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) (٩٧) يعنون تكذيبهم بالسّاعة.

(بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ) (٩٧) لأنفسنا.

قوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (٩٨)

[ا سفيان عن عبد الملك بن أبحر عن عكرمة وهو تفسير قتادة : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) حطب جهنم](٢) يحصب بهم فيها.

(أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٩٨) داخلون.

[و](٣) تفسير الحسن : يعني الشياطين الذين دعوهم إلى عبادة الأوثان ، لأنّهم بعبادتهم الأوثان عابدون للشّياطين (وهو قوله عزوجل) (٤) : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ)(٥).

و (في) (٦) تفسير الكلبي ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قام مقابل باب الكعبة ثم (قرأ) (٧) هذه الآية ، فوجد (أهل مكة منها) (٨) وجدا شديدا. فقال ابن الزّبعرى : يا محمد ، أرأيت الآية التي قرأت آنفا ، أفينا وفي آلهتنا خاصة ، أم في الأمم وآلهتهم معنا؟

(فقال) (٩) : لا ، بل فيكم ، وفي آلهتكم ، وفي الأمم ، و (في) (١٠) آلهتهم. (قال) (١١) : خصمتك و (ربّ) (١٢) الكعبة. قد علمت أن النّصارى يعبدون عيسى وأمّه ، وأن طائفة من النّاس يعبدون الملائكة ، أفليس هؤلاء مع آلهتنا في النّار؟ فسكت رسول الله (عليه‌السلام) (١٣) ، وضحكت قريش / [وضجوا](١٤). فذلك

__________________

(١) في ١٦٩ : الحق.

(٣) إضافة من ١٦٩.

(٥) يس ، ٦٠.

(٧) في ١٦٩ : افترا.

(٩) في ١٦٩ : قال.

(١١) في ١٦٩ : فقال.

(١٣) في ١٦٩ : صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٢) إضافة من ١٦٩. الطبري ، ١٧ / ٩٤.

(٤) في ١٦٩ : قال.

(٦) ساقطة في ١٦٩.

(٨) في ١٦٩ : منها أهل مكة.

(١٠) ساقطة في ١٦٩.

(١٢) ساقطة في ١٦٩.

(١٤) إضافة من ١٦٩.

٣٤٥

قوله : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)(١) (يعني): (٢) يضجّون. وَقالُوا) يعني قريشا (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) قال الله (تبارك وتعالى): (٣) (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)(٤) وقال هاهنا في هذه الآية في جواب قولهم :

(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (١٠١) (وهم) (٥) عيسى وعزير ، والملائكة.

(وقال مجاهد : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) عيسى ، وعزير ، والملائكة). (٦)

وقال قتادة : إنّ اليهود قالت : ألستم تزعمون أن عزيرا في الجنّة ، وأن عيسى في الجنّة ، وقد عبدا من دون الله؟ فأنزل الله (تبارك وتعالى) (٧) : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ). فعيسى وعزير ممن سبقت لهم الحسنى (وهي) (٨) الجنة. وما عبدوا من الحجارة ، والخشب ، و (من) (٩) الجن ، وعبادة بعضهم بعضا ، فهم و (ما) (١٠) عبدوا حصب جهنم.

(قال يحيى) (١١) : حدثني أبي؟ وبحر بن كنيز [السقاء](١٢) وخالد ودرست عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الشمس والقمر ثوران عقيران في النار». قال درست ثم قال يزيد الرقاشي : الستم تقرءون : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ؟)

قال يحيى : أظنهما يمثّلان لمن عبدهما في النار ، يوبّخون بذلك.

[قال : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) (٩٩)](١٣). وفي كتاب الله أنّ الشّمس والقمر يسجدان لله. قال (الله عزوجل) (١٤) : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)(١٥).

__________________

(١) الزخرف ، ٥٧.

(٣) ساقطة في ١٦٩.

(٥) ساقطة في ١٦٩.

(٦) ساقطة في ١٦٩. تفسير مجاهد ، ١ / ٤١٧.

(٧) ساقطة في ١٦٩.

(٩) نفس الملاحظة.

(١١) ساقطة في ١٦٩.

(١٣) إضافة من ١٦٩.

(١٥) الحج ، ١٨.

(٢) في ١٦٩ : اي.

(٤) الزخرف ، ٥٨.

(٨) نفس الملاحظة.

(١٠) في ١٦٩ : من.

(١٢) إضافة من ١٦٩.

(١٤) ساقطة في ١٦٩.

٣٤٦

حدثني](١) المعلى عن أبي إسحاق الهمداني عن وهب بن جابر عن عبد الله ابن عمرو قال : إنّ الشمس تطلع من حيث يطلع الفجر ، و (تغيب) (٢) من حيث (يغيب) (٣) الفجر ، فإذا أرادت أن تطلع تقاعست حتى تضرب بالعمد وتقول : يا ربّ ، إني إذا طلعت (٤) عبدتّ دونك. فتطلع على ولد آدم كلّهم ، فتجري إلى المغرب فتغرب ، فتسلّم ، فيردّ عليها ، وتسجد ، فينظر إليها ، ثم تستأذن ، فيؤذن لها حتى تأتي المشرق ، والقمر كذلك. حتى يأتي عليها يوم تغرب فيه فتسلّم فلا يردّ عليها ، وتسجد فلا ينظر إليها ، ثم تستأذن فلا يؤذن لها. فتقول يا ربّ إنّ المشرق بعيد ولا أبلغه إلّا بجهد ، فتحبس حتى يجيء القمر ، فيسلّم فلا يردّ عليه ، فيسجد فلا ينظر إليه ، ويستأذن فلا يؤذن له ، ثم يقال لهما : ارجعا من حيث جئتما. يطلعان من المغرب كالبعيرين المقترنين ، وهو قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً)(٥) وهو طلوع الشمس من المغرب.

قال : (لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها) (٩٩) يعني جهنّم ما دخلوها ، لامتنعوا بآلهتهم.

قال : (وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ) (٩٩) العابدون والمعبودون.

قوله : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ) (١٠٠)

قال الحسن : الزفير اللهب ، ترفعهم بلهبها ، حتّى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع الحديد فهووا إلى أسفلها سبعين خريفا.

وقال قتادة : إنّ أهل النار يدعون مالكا فيذرهم مقدار أربعين عاما لا يجيبهم ثم يقول : (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ)(٦). ثم يدعون ربّهم فيذرهم قدر عمر الدّنيا مرّتين ، ثم يجيبهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(٧) قال : فما نبسوا بعدها بكلمة ، ولا كان إلّا الزّفير والشهيق في نار جهنّم. فشبه أصواتهم بأصوات الحمير ، أوّله زفير وآخره شهيق قوله :

(وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ) (١٠٠)

__________________

(١) إضافة من ١٦٩.

(٢) في ١٦٩ : تغرب.

(٣) في ١٦٩ : يغرب.

(٤) نهاية المقارنة مع ١٦٩.

(٥) الأنعام ، ١٥٨.

(٦) الزخرف ، ٧٧.

(٧) المؤمنون ، ١٠٨.

٣٤٧

قال يحيى : وبلغني عن ابن مسعود قال : إذا خرج من خرج من النار وبقي في النّار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من نار فيها مسامير من نار ، ثم جعلت التوابيت في توابيت أخر ، تلك التوابيت في توابيت أخر ، فلا يرون أنّ أحدا يعذّب في النّار غيرهم ثم قرأ ابن مسعود : (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ)(١).

قال الحسن : ذهب الزّفير بسمعهم فلا يسمعون معه شيئا.

قوله : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى) (١٠١) يعني الجنّة.

(أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (١٠١) قد فسرناه قبل هذا الموضع في أمر عيسى وعزير والملائكة.

قوله : (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) (١٠٢) يعني صوتها في تفسير الحسن.

وقال ابن عباس : حسيسها : (مسها) (٢) قال : ولا صوتا ، وانها تلتظي على أهلها.

قوله : (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) (١٠٢)

قال يحيى : يعني إنّ أهل الجنّة يكون الطعام في في أحدهم فيخطر على قلبه طعام آخر ، فيتحول في فيه ذلك الطّعام الذي اشتهى. وهو قوله عزوجل : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ)(٣).

قوله : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (١٠٣)

قال الحسن : النّفخة الآخرة.

قال سفيان الثوري : بلغني أنّه إذا أخرج من النّار من أخرج فلم يبق فيها إلّا أهل الخلود ، فعند ذلك يقول أهل النّار : (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ)(٤)

فيقول الله تبارك وتعالى : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(٥) فإذا قال ذلك أطبقت

__________________

(١) الطبري ، ١٧ / ٩٥.

(٢) هكذا في ع : بالميم ، ولعلها : حسّها بالحاء. انظر الطبري ، ١٧ / ٩٨. في ابن محكّم ، ٣ / ٩٥ : حسّها.

(٣) الزخرف ، ٧١.

(٤) المؤمنون ، ١٠٧.

(٥) المؤمنون ، ١٠٨.

٣٤٨

عليهم فلم يخرج منها أحد. فذلك الفزع الأكبر.

قوله : (وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) (١٠٣)

قال الحسن : تلقاهم بالبشارة حين يخرجون من قبورهم وتقول :

(هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (١٠٣)

قوله : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)(١) (١٠٤) /

سعيد عن قتادة قال : كطيّ الصّحيفة فيها الكتاب.

معمر بن عيسى أنّ الحسن قال : إنّ السّماء إنّما تطوى من أعلاها كما يطوي الكتاب الصحيفة من أعلاها إذا كتب.

قوله : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (١٠٤)

عاصم بن حكيم أنّ مجاهدا قال : حفاة ، عراة ، غرلا ، غلفا. (٢)

وفي تفسير الكلبي : إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يبعث الموتى عاد النّاس كلّهم نطفا ، ثم علقا ، ثم مضغا ، ثم عظاما ، ثم لحما ، ثم ينفخ فيه الرّوح. فكذلك كان بدؤهم.

قال يحيى : وبلغني عن ابن مسعود قال : ينزل الله تبارك وتعالى مطرا منيّا كمنيّ الرّجال فتنبت به جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء ، كما (تنبت) (٣) الأرض من الثرى. قال : ثم قرأ عبد الله بن مسعود : (وَاللهُ (٤) الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ)(٥) يعني البعث.

قوله : (وَعْداً عَلَيْنا) (١٠٤) يعني : كائنا ، البعث.

(إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (١٠٤) أي نحن فاعلون.

قوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) (١٠٥) تفسير مجاهد : يعني بالزبور الكتب : التوراة ، والإنجيل ، والقرآن ، (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) الكتاب عند الله

__________________

(١) قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية ابي بكر : للكتاب. وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم : للكتب. ابن مجاهد ، ٤٣١.

(٢) تفسير مجاهد ، ١ / ٤١٧.

(٣) في ع : ينبت.

(٤) في ع : الله.

(٥) فاطر ، ٩.

٣٤٩

الّذي في السّماء ، وهو أم الكتاب. (١)

(أَنَّ الْأَرْضَ) (١٠٥) يعني أرض الجنّة.

(يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (١٠٥)

وفي تفسير ابن عباس : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) يعني زبور داود (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) من بعد التوراة (٢) (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) يعني أمة محمد.

قوله : (إِنَّ فِي هذا) (١٠٦) القرآن.

(لَبَلاغاً) (١٠٦) إلى الجنة.

(لِقَوْمٍ عابِدِينَ) (١٠٦) الذين يصلّون الصّلوات الخمس.

وفي تفسير قتادة : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ) يعني : زبور داود ، (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) يعني : التوراة ، (أَنَّ الْأَرْضَ) يعني : أرض الجنة ، (يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ). وكتب الله تبارك وتعالى ذلك في هذا القرآن فقال : إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ) أي عاملين.

قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧) يعني لمن آمن من الإنس والجنّ. وهو تفسير السّدّي وغيره.

يحيى عن صاحب له عن المسعودي عن سعيد بن جبير قال : من آمن بالله ورسوله تمت عليه الرّحمة في الدنيا والآخرة ، ومن كفر بالله ورسوله عوفي مما عذبت به الأمم ، وله في الآخرة النّار. (٣)

قال يحيى لأن تفسير الناس أن الله تبارك وتعالى أخّر عذاب كفّار هذه الأمة

__________________

(١) اقتصر في تفسير مجاهد ، ١ / ٤١٧ على تفسير الذكر بأمّ الكتاب. وفي الطبري ، ١٧ / ١٠٣ : الزبور قال : الكتاب ، بعد الذكر قال : أم الكتاب عند الله.

(٢) في الطبري ، ١٧ / ١٠٣ عن ابن عباس : الذكر التوراة والزبور الكتب.

(٣) في الطبري ، ١٧ / ١٠٦ إسحاق بن يوسف الازرق عن المسعودي عن رجل يقال له سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله الله في كتابه : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ). قال من آمن بالله واليوم الآخر كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عوفي مما اصاب الأمم من الخسف والقذف.

وفي رواية ثانية ، عيسى بن يونس عن المسعودي عن ابي سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.) قال : تمت الرحمة لمن امن به في الدنيا والاخرة ، ومن لم يؤمن به عوفي مما أصاب الأمم قبل.

٣٥٠

بالاستثصال إلى النّفخة الأولى بها يكون هلاكهم.

قوله : (قُلْ إِنَّما) (١٠٨) أنا بشر مثلكم.

(يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٠٨)

وكذلك جاءت الرسل. قال : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)(١) ، لا تعبدوا غيري.

قوله : (فَإِنْ تَوَلَّوْا) (١٠٩) يعني كفروا.

(فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ) (١٠٩) يعني على أمر بيّن. وهو تفسير السدي.

وقال قتادة : على مهل.

وقال الحسن : من كذّب بي فهو عندي سواء ، أي جهادهم كلهم سواء عندي وهو كقوله : (وَإِمَّا (٢) تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)(٣) أي ليكون حكمك فيهم سواء : الجهاد والقتل لهم أو يؤمنوا. وهؤلاء مشركو العرب.

ويقاتل أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقرّوا بالجزية. وجميع المشركين ما خلا العرب بتلك المنزلة. وأما نصارى العرب فقد فسّرنا أمرهم في غير هذه السورة.

(وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) (١٠٩) يعني به الساعة.

قوله : (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) (١١٠) يعني ما تسرّون.

وفي تفسير السّدّي : إنه يعلم ما كان قبل الخلق وما يكون بعده.

قوله : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ) (١١١)

تفسير الحسن : لعل ما أنتم فيه من الدنيا من السعة والرخاء ، وهو منقطع زائل

(فِتْنَةٌ لَكُمْ) (١١١) يعني بليّة لكم.

(وَمَتاعٌ) (١١١) تستمتعون به ، يعني بذلك المشركين.

وقوله : (إِلى حِينٍ) (١١١)

__________________

(١) الأنبياء ، ٢٥.

(٢) في ع : فإما.

(٣) الأنفال ، ٥٨.

٣٥١

إلى يوم القيامة. تفسير الحسن.

وقال قتادة : إلى الموت.

قوله : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) (١١٢)

سعيد عن قتادة قال : كانت الأنبياء تقول : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِ)(١) فأمر الله تبارك وتعالى نبيّه أن يقول : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِ) أي (اقض) (٢) بالحق. وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علم أنه على الحقّ ، وان عدوه على الباطل ، فكان إذا لقي العدوّ يقول : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ). وكان النبيّ إذا سأل الله ان يحكم بينه وبين قومه بالحقّ هلكوا.

وقال الحسن : أمره الله أن يدعو أن ينصر أولياءه على أعدائه ، فنصره الله عليهم.

قوله : (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١١٢).

قال قتادة : على ما تكذبون ، يعني به المشركين.

__________________

(١) الأعراف ، ٨٩.

(٢) في ع : اقضي.

٣٥٢

سورة الحجّ

سورة الحجّ (*) وهي مدنيّة إلّا أربع آيات مكّيّات (١) / قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) إلى قوله : (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ). فان هذه الأربع آيات مكّيّات وما سوى ذلك من السورة فهو مدنيّ.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (١)

(يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ) (٢) يعني تعرض.

(كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) (٢) وهذه النّفخة الآخرة.

ابو الاشهب عن الحسن قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسير له لا يقصر ، إذ رفع صوته فقال : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) حتى انتهى الى قوله : (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) فلما سمعوا صوت نبيهم (اعصوصبوا) (٢) به فتلاهما عليهم ثم قال لهم : «هل تدرون أيّ يوم ذاكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال : ذاكم يوم يقول الله تبارك وتعالى لآدم : يا آدم قم ابعث بعث النار. قال : فيقول : يا رب وما بعث النار؟ قال : من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين إنسانا الى النار وواحد الى الجنة.

فلما سمعوا ما قال نبيهم أبلسوا حتى ما يجلى أحدهم عن واضحة. فلما رأى ما بهم قال : ابشروا فما أنتم في الناس الا كالرقمة في ذراع الدابة ، او

__________________

(*) القطع المعتمدة في تحقيق سورة الحجّ : الأم : ع. قطع المقارنة : القيروان : ٢٥١ ، ١٥٨ / ١ ، ١٦٩.

(١) في طرة ع حزب.

(٢) اعصوصبوا يعني استجمعوا. لسان العرب ، مادة : عصب.

٣٥٣

كالشّامة في جنب البعير ، وانكم مع خليقتين ما كانتا مع شيء قط الا كثرتاه ، يأجوج ومأجوج ومن هلك ، يعني ومن كفر من بني إبليس ، وتكمل العدة من المنافقين».

أخبرنا حماد عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : المسلمون يومئذ في جموع الكفار كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود ، فعند ذلك يهرم الكبير ، ويشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها الى اخر الآية.

قال يحيى : وبلغني ان الكبير يحط يوم القيامة الى ثلاث وثلاثين سنة ، ويرفع الصغير الى ثلاث وثلاثين سنة.

الحسن بن دينار عن الحسن قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تقوم الساعة الا بغضبة يغضبها ربكم لم يغضب قبلها مثلها».

قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٣) يعني المشرك يلحد في الله فيجعل معه آلهة.

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٣) أتاه من الله.

(وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) (٣) مرد يعني اجترا على المعصية. والشياطين هي التي أمرتهم بعبادة الأوثان.

قوله : (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ) (٤) تولى الشيطان ، اتّبعه.

(فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٤) وهو اسم من أسماء جهنم.

قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) (٥) في شك من البعث.

(فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) (٥) وهذا خلق آدم.

(ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) (٥) يعني نسل آدم.

(ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) (٥) قال : هو السقط.

وقال مجاهد : هما جميعا السقط مخلق وغير مخلق. (١)

(وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) (٥) يعني التمام.

يحيى عن صاحب له عن الأعمش عن ابي وائل عن عبد الله بن مسعود قال :

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤١٩.

٣٥٤

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ان خلق احدكم يجمع في بطن أمه ، أو يكون في بطن أمّه نطفة اربعين يوما ، ثم يكون علقة اربعين يوما ، ثم يكون مضغة اربعين يوما ، ثم يؤمر الملك او قال يأتي الملك فيؤمر ان يكتب أربعا رزقه وعمله ، وشقي أم سعيد».

حدثني ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن ابي تميم الجيشاني عن ابي ذر أنّ المنيّ اذا مكث في الرحم اربعين ليلة ، اتاه ملك النّفوس فخرج به الى الله تبارك وتعالى في راحته فقال : أي رب ، عبدك أذكر أم أنثى؟ فيقضي الله ما هو قاض. أشقي أم سعيد؟ فيكتب ما هو لاق بين عينيه. ثم قرأ ابو ذر من فاتحة سورة التغابن خمس آيات.

وقوله : (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) (٥) بدو خلقكم.

قوله : (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ) (٥) أرحام النساء.

(ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) (٥) الوقت الذي يولد فيه.

(ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) (٥) يعني الاحتلام.

(وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى) (٥) وفيها إضمار : اي يتوفى من قبل ان يبلغ أرذل العمر.

وقال في حم : (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ)(١) ان يبلغ أرذل العمر.

(وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) (٥) الهرم.

(لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) (٥) يصير بمنزلة الصبي الذي لا يعقل شيئا.

قوله : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) (٥) اي غبراء متهشمة.

(فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) (٥) وفيها تقديم : رب للنبات / انفتحت واهتزت بالنبات اذا أنبتت.

قال : (وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٥) حسن. وكل ما ينبت في الأرض فالواحد منها زوج. وحسن ذلك النبات انها تنبت ألوانا من صفرة ، وحمرة ، وخضرة وغير ذلك من الالوان.

قال : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) (٦) والحق اسم من أسماء الله.

__________________

(١) غافر ، ٦٧.

٣٥٥

(وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٦) ان الذي أخرج من هذه الأرض الهامدة الميتة ما أخرج من النبات قادر على ان يحيى الموتى.

قال : (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) (٧) لا شك فيها.

(وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٧)

قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (٨) يعني المشرك يلحد في الله فيجعل معه الآلهة يعبدها بغير علم أتاه من الله.

(وَلا هُدىً) (٨) أتاه منه.

(وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٨) قضى بعبادة الأوثان.

(ثانِيَ عِطْفِهِ) (٩) ثاني رقبته ، معرض عن الله ، وعن رسوله ، ودينه.

(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) (٩) القتل.

(وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ) (٩) عذاب جهنم ، يحرق بالنار.

وتفسير الكلبي أنّها نزلت في النضر بن الحارث فقتل ، أحسبه قال يوم بدر.

قال : (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١٠)

قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ) (١١)

تفسير مجاهد (١) وقتادة (٢) : على شكّ.

(فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ) يقول رضي به.

(وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) (١١) هذا المنافق ، يعني إن رأى في الإسلام رخاء وطمأنينة طابت نفسه بما يصيب من ذلك وقال : أنا منكم ومعكم ، وان رأى في الإسلام شدة او بليّة لم يصبر على مصيبتها او لم يرج عاقبتها (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) يعني كافرا. تفسير مجاهد. (٣)

قال الله : (خَسِرَ الدُّنْيا) (١١) فذهبت عنه وزالت.

(وَ) (١١) خسر (وَالْآخِرَةَ) فلم يكن له فيها نصيب.

وقال قتادة : يقول ان اصاب خصبا ورفاغة (٤) في العيش وما يشتهي اطمأنّ

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٢٠.

(٢) الطبري ، ١٧ / ١٢٣.

(٣) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٢٠.

(٤) الرفاغة : سعة العيش والخصب. لسان العرب ، مادة : رفغ.

٣٥٦

اليه وقال : انا على حق وانا اعرف الذي انا عليه. (وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) اي ترك ما كان عليه من الحق وأنكر معرفته.

(خَسِرَ الدُّنْيا) (١١) يعني خسر دنياه التي كان لها عمل وفيها يفرح ، فهي همّه وطلبته ، ثمّ أفضى الى الآخرة وليس له فيها نصيب.

قوله : (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) (١١)

قوله : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) (١٢) يعني الوثن.

(ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) (١٢)

قال : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) (١٣) يعني الوثن ، ينفق عليه وهو كلّ عليه ، وهو يتولاه. يقول الله : (لَبِئْسَ الْمَوْلى) (١٣) لبئس الولي.

(وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) (١٣) لبئس الصاحب ، يريد بذلك الوثن. تفسير مجاهد (١) وقتادة.

ثم قال : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) (١٤)

قوله : (مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ) (١٥) يعني المنافق ؛ اي إنّه يائس من ان ينصر الله محمدا ، لا يصدق بما وعد الله رسوله من نصره في الدنيا والاخرة. ونصره في الآخرة الحجة (٢).

قال : (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) بحبل (إِلَى السَّماءِ) سماء البيت ، يعني سقف البيت ، اي فليعلّق حبلا من سقف البيت فليختنق حتى يموت. يعني بقوله : ف (لْيَقْطَعْ) فليختنق. وذلك كيده.

قال : (فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَ) ذلك غيظه : اي إنّ ذلك لا يذهب غيظه.

وقال مجاهد : (أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ) ان لن يرزقه الله. (٣)

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٢٠.

(٢) في ابن محكّم ، ٣ / ١٠٤ : الجنّة ..

(٣) في الطبري ، ١٧ / ١٢٧ عن مجاهد في قول الله : (أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ) قال : يرزقه الله (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ) قال : بحبل (إِلَى السَّماءِ) سماء ما فوقك (ثمّ ليقطع) ليختنق (هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ) ذلك خنقه ان لا يرزق.

٣٥٧

قوله : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) (١٦) القرآن.

(آياتٍ بَيِّناتٍ) (١٦) الحلال والحرام.

(وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ) (١٦)

قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا) (١٧) اليهود.

(وَالصَّابِئِينَ) (١٧) هم قوم يعبدون الملائكة ويقرءون الزبور.

(وَالنَّصارى) (١٧) تنصروا. وانما سمّوا نصارى لانهم كانوا بقرية يقال لها ناصرة.

(وَالْمَجُوسَ) (١٧)

قال قتادة : وهم عبدة الشمس ، والقمر ، والنيران. (١)

(وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) (١٧) عبدة الاوثان.

(إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (١٧) فيما اختلفوا فيه من الدنيا ، فيدخل المؤمن الجنة ، ويدخل جميع هؤلاء النار على ما أعد لكل قوم. وقد ذكرنا ذلك في هذه الآية في سورة الحجر : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ)(٢).

قوله : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١٧) شاهد على كل شيء وشاهد كل شيء.

قوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) (١٨) يعني انّ جميع أهل السماء يسبّحون له وبعض أهل الأرض ، يعني الذين يسجدون له.

وكان الحسن لا يعد السجود إلا من المسلمين ، ولا يعد ذلك من المشركين.

وقال مجاهد : يسجد المؤمن طايعا ، ويسجد الكافر كارها.

قال : (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ) (١٨) كلّها.

(وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ) (١٨) كلها.

(وَالدَّوَابُ) (١٨) ثم رجع إلى صفة الإنسان فاستثنى فيه فقال :

(وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ) (١٨) يعني المؤمنين.

__________________

(١) الطبري ، ١٧ / ١٢٩.

(٢) الحجر ، ٤٤.

٣٥٨

(وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ) (١٨) يعني من لم يؤمن.

وقال : (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ) (١٨) فيدخله النار.

(فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ) يدخله الجنة.

(إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) (١٨).

قوله : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) / (١٩)

سعيد عن قتادة قال : اختصم المسلمون وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيّكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن خير منكم. وقال المسلمون : كتابنا يقضي على الكتب كلّها ونبيّنا خاتم النبيين ، ونحن أولى بالله منكم. فأفلج الله أهل الإسلام فقال : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) الى آخر الآية.

وقال : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) الى آخر الآية. (١)

قال يحيى : وكذلك حدثني ابو حفص عن عمرو عن الحسن. وقوله : (خَصْمانِ اخْتَصَمُوا) أهل الكتاب خصم والمؤمنون خصم ، اختصموا يعني جماعتهم.

وقال بعضهم : كل مؤمن وكافر الى يوم القيامة قد اختصموا في الله وان لم يلتقوا في الدنيا قط لاختلاف الملّتين. اما المؤمن فوحّد الله ، فأخبره الله بثوابه وأمّا الكافر فألحد في الله ، فعبد غيره ، فأخبره الله بثوابه.

وقال بعضهم نزلت في ثلاثة من المؤمنين وثلاثة من المشركين الذين تبارزوا يوم بدر. فأما الثلاثة من المؤمنين : فعبيدة بن الحارث ، وحمزة ، وعليّ. وأما الثلاثة من المشركين : فعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة. (٢)

قوله : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) (١٩) وقال في آية أخرى : (سَرابِيلُهُمْ) «أي قمصهم» (مِنْ قَطِرانٍ)(٣). قال الحسن : القطران الذي يطلى به الإبل.

وقال مجاهد : من (طفر) (٤).

__________________

(١) الحجّ ، ٢٣.

(٢) جاءت هذه الرواية في الطبري ، ١٧ / ١٣١ عن عطاء بن يسار.

(٣) إبراهيم ، ٥٠.

(٤) هكذا في ع. ولا معنى لها. في ابن محكّم ، ٣ / ١٠٦ : صفر. وهو النّحاس. لسان العرب ، مادة : صفر.

٣٥٩

قال الحسن : وهي من نار.

وقوله : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) (١٩) وهو الحار الشديد الحر.

(يُصْهَرُ بِهِ) (٢٠) يحرق به.

وقال الحسن : يقطع به.

وقال مجاهد : يذاب به. (١)

وقال الكلبي : ينضح به.

(ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) (٢٠) يعني وتحرق به الجلود. وهو الذي قال الحسن : تقطع به.

قوله : (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) (٢١) يعني من نار ، يقمع رأسه بالمقمعة ، فيحترق رأسه ، فيصب في الحميم حتى يبلغ جوفه.

حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس ان ابا العوام سادن بيت المقدس قرأ (٢) هذه الآية : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ)(٣) فقال للقوم : ما تقولون تسعة عشر ملكا او تسعة عشر ألف ملك؟ فقالوا : الله اعلم فقال : هم تسعة عشر ملكا ، بيد كل ملك مرزبة من حديد لها شعبتان ، فيضرب بها الضربة فتهوي بها سبعون ألفا ، أي من أهل النار.

قوله : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) (٢٢)

قال الحسن : ترفعهم بلهبها ، فاذا كانوا في أعلاها قمعتهم الملائكة بمقامع من حديد من نار ، فيهوون فيها سبعين خريفا.

قال : (وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٢٢)

قوله : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) (٢٣)

يحيى عن صاحب له عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال : ليس من أهل الجنة أحد الا وفي يده ثلاثة أسورة : سوار من ذهب ، وسوار من فضة وسوار من لؤلؤ. وهو قوله : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) أم

__________________

(١) تفسير مجاهد ، ٢ / ٤٢١.

(٢) في ع : فرا.

(٣) المدثّر ، ٣٠.

٣٦٠