قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المعجزة الكبرى القرآن

المعجزة الكبرى القرآن

المعجزة الكبرى القرآن

المؤلف :محمد أبو زهرة

الموضوع :القرآن وعلومه

الناشر :دار الفكر العربي

الصفحات :432

تحمیل

المعجزة الكبرى القرآن

143/432
*

فصلة المسيح عليه‌السلام بالله من حيث الخلق والتكوين كصلته بأى مخلوق سواه ، ولا يؤثر فى هذه الصلة التكوينية أنه عبد ممتاز ، وأنه رسول من رب العالمين ، وإن كانت طريقة تكوينه أنه وجد من غير أب ، فإن ذلك لا يجعله إلها أو ابن إله ، كما قال تعالى فى مقام آخر فيه إشارة إلى قصة عيسى ، إذ قال الله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٥٩) [آل عمران : ٥٩].

واقرأ قصة أخرى لسيدنا عيسى عليه‌السلام ، فقد قال الله تعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٧٢) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٣) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٧٦) [المائدة : ٧١ ـ ٧٦].

وهنا نجد الرد على من يجعلون المسيح إلها ، لقد نفى الدعوى من أصلها إذ بين أن المسيح الأمين لم يكن يدعيها ، ولا يمكن أن يدعيها فقد كان هو داعيا إلى التوحيد ، نافيا للشرك بربوبية الله ، وأنه كسائر الناس مخلوق وأن الله ربه كما هو رب الناس جميعا ، وبين سبحانه بطلان دعوى الألوهية له ولأمه بأنهما محتاجان ، ويأكلان الطعام كسائر الناس ، والله تعالى غنى لا يحتاج ، وليست له صفة الحوادث من طعام وغذاء ، وبين ثالثا أنه لا يضر ولا ينفع إلا بإذن من الله تعالى خالقه من غير أب ، وأنه من بعد ذلك عبد لا يستنكف ولا يستكبر.

ونرى أن نفى التثليث وإثبات بطلانه بالدليل ، جاء فى ضمن قصة فكان تصريفا فى الاستدلال ، إذ إن سوق الدليل فى ضمن قصة يجعله أكثر سريانا فى النفس ، وانسيابا فى أطوائها.

الحث على المعاملة الطيبة فى القصص :

٨٥ ـ وإنه مما جاء فى القصص أن دعوة النبيين عليهم الصلاة وأتم السلام جاءت للخير إلى حسن التعامل ، وإصلاح الأرض ، وأن إصلاح الأعمال والنفوس ومنع الفساد فى الأرض من أعظم المقاصد فى الشرائع السماوية بعد عبادة الله تعالى والإيمان باليوم الآخر ، وإذا كان ذلك فى ضمن قصة استمكنت فى النفس واتجهت إلى مداخلها من غير تعويق من ملاحاة جديدة ، غير ما كان فى عهد النبى الذى ذكرته القصة.