الملة النصرانية ولا قبل ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فأما الحديث الذي رواه الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ، حدثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني ، حدثنا حسين الأشقر ، حدثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «السبق ثلاثة : فالسابق إلى موسى عليه الصلاة والسلام يوشع بن نون ، والسابق إلى عيسى عليه الصلاة والسلام صاحب يس ، والسابق إلى محمد صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه» فإنه حديث منكر ، لا يعرف إلا من طريق حسين الأشقر ، وهو شيعي متروك ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) (٣٢)
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) أي يا ويل العباد (١). وقال قتادة (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) أي يا حسرة العباد على أنفسهم على ما ضيعت من أمر الله ، وفرطت في جنب الله ، وفي بعض القراءات : يا حسرة العباد على أنفسهم ، ومعنى هذا يا حسرتهم وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب ، كيف كذبوا رسل الله ، وخالفوا أمر الله ، فإنهم كانوا في الدار الدنيا المكذبون منهم (ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي يكذبونه ويستهزئون به ويمجدون ما أرسل به من الحق.
ثم قال تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) أي ألم يتعظوا بمن أهلك الله قبلهم من المكذبين للرسل ، كيف لم يكن لهم إلى هذه الدنيا كرة ولا رجعة ، ولم يكن الأمر كما زعم كثير من جهلتهم وفجرتهم من قولهم (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا) [المؤمنون : ٣٧] وهم القائلون بالدور من الدهرية ، وهم الذين يعتقدون جهلا منهم أنهم يعودون إلى الدنيا ، كما كانوا فيها ، فرد الله تبارك وتعالى عليهم باطلهم ، فقال تبارك وتعالى: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ).
وقوله عزوجل : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) أي وإن جميع الأمم الماضية والآتية ستحضر للحساب يوم القيامة بين يدي الله جل وعلا ، فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها ، ومعنى هذا كقوله جل وعلا : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) [هود : ١١١] وقد اختلف القراء في أداء هذا الحرف ، فمنهم من قرأ وإن كلا لما بالتخفيف فعنده أن إن للإثبات ، ومنهم من شدد (لَمَّا) وجعل أن نافية ، ولما بمعنى إلا ، تقديره وما كل إلا جميع لدينا محضرون ، ومعنى القراءتين واحد ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ١٠ / ٤٣٨.