أن يسوي بين الصحابة في ذلك فإن هذا من باب التعظيم والتكريم ، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه رضي الله عنهم أجمعين.
قال إسماعيل القاضي حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب بن زياد حدثني عثمان بن حكيم بن عبادة بن حنيف عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : لا تصح الصلاة على أحد إلا على النبيصلىاللهعليهوسلم ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالمغفرة ، وقال أيضا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان قال كتب عمر بن عبد العزيز رحمهالله : أما بعد فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة ، وإن ناسا من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين عامة ويدعوا ما سوى ذلك. أثر حسن.
قال إسماعيل القاضي حدثنا معاذ بن أسد حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا ابن لهيعة حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب أن كعبا دخل على عائشة رضي الله عنها فذكروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال كعب : ما من فجر يطلع إلا نزل سبعون ألفا من الملائكة حتى يحفون بالقبر يضربون بأجنحتهم ويصلون على النبي صلىاللهعليهوسلم سبعون ألفا بالليل وسبعون ألفا بالنهار حتى إذا انشقت عنه الأرض خرج في سبعين ألفا من الملائكة يزفونه.
[فرع] قال النووي إذا صلى على النبي صلىاللهعليهوسلم فليجمع بين الصلاة والتسليم فلا يقتصر على أحدهما فلا يقول : صلى الله عليه فقط ولا عليهالسلام فقط ، وهذا الذي قاله منتزع من هذه الآية الكريمة وهي قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فالأولى أن يقال صلىاللهعليهوسلم تسليما.
(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٥٨)
يقول تعالى متهددا ومتوعدا من آذاه بمخالفة أوامره وارتكاب زواجره وإصراره على ذلك وإيذاء رسوله بعيب أو بنقص ـ عياذا بالله من ذلك ـ قال عكرمة في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) نزلت في المصورين. وفي الصحيحين من حديث سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يقول الله عزوجل : يؤذيني ابن آدم ، يسب الدهر وأنا الدهر أقلب ليله ونهاره» (١) ومعنى هذا أن الجاهلية كانوا يقولون يا خيبة الدهر فعل بنا كذا وكذا فيسندون أفعال الله وتعالى إلى الدهر ويسبونه وإنما الفاعل لذلك هو اللهعزوجل فنهى عن ذلك. هكذا قرره الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من العلماء رحمهمالله.
__________________
(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٤٥ ، باب ١ ، والتوحيد باب ٣٥ ، ومسلم في الألفاظ حديث ٢ ، ٣.