الربيع بن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن جعدة بن هبيرة المخزومي عن أبيه عن جده ، عن أم هانئ أخت علي بن أبي طالب قالت : قال لي النبي صلىاللهعليهوسلم : «أخبرك أن الله تعالى يجمع الأولين والآخرين يوم القيامة في صعيد واحد ، فمن يدري أين الطرفان؟ ـ قالت : الله ورسوله أعلم ـ ثم ينادي مناد من تحت العرش : يا أهل التوحيد ، فيشرئبون ـ قال أبو عاصم يرفعون رؤوسهم ـ ثم ينادي : يا أهل التوحيد ، ثم ينادي الثالثة : يا أهل التوحيد ، إن الله قد عفا عنكم ـ قال ـ فيقوم الناس قد تعلق بعضهم ببعض في ظلمات الدنيا ـ يعني المظالم ـ ثم ينادي : يا أهل التوحيد ليعف بعضكم عن بعض ، وعلى الله الثواب».
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧)
يقول تعالى مخبرا عن إبراهيم أنه آمن له لوط ، يقال إنه ابن أخي إبراهيم ، يقولون هو لوط بن هاران بن آزر ، يعني ولم يؤمن به ، من قومه سواه وسارة امرأة إبراهيم الخليل ، لكن يقال كيف الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الوارد في الصحيح أن إبراهيم حين مر على ذلك الجبار فسأل إبراهيم عن سارة ما هي منه ، فقال : أختي ، ثم جاء إليها فقال لها : إني قد قلت له إنك أختي فلا تكذبيني ، فإنه ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فأنت أختي في الدين. وكأن المراد من هذا ـ والله أعلم ـ أنه ليس على وجه الأرض زوجان على الإسلام غيري وغيرك ، فإن لوطاعليهالسلام آمن به من قومه ، وهاجر معه إلى بلاد الشام ، ثم أرسل في حياة الخليل إلى أهل سدوم وأقام بها ، وكان من أمرهم ما تقدم وما سيأتي.
وقوله تعالى : (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) يحتمل عود الضمير في قوله (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ) على لوط. لأنه هو أقرب المذكورين ، ويحتمل عوده إلى إبراهيم ، قال ابن عباس والضحاك ، وهو المكنى عنه بقوله : (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ) أي من قومه ، ثم أخبر عنه بأنه اختار المهاجرة من بين أظهرهم ابتغاء إظهار الدين والتمكن من ذلك ولهذا قال : (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي له العزة ولرسوله وللمؤمنين به ، الحكيم في أقواله وأفعاله وأحكامه القدرية والشرعية.
وقال قتادة : هاجروا جميعا من كوثى ، وهي من سواد الكوفة إلى الشام. قال : وذكر لنا أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنها ستكون هجرة بعد هجرة ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم ، ويبقى في الأرض شرار أهلها حتى تلفظهم أرضهم ، وتقذرهم روح الله عزوجل ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل ما سقط منهم».
وقد أسند الإمام أحمد (١) هذا الحديث فرواه مطولا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص
__________________
(١) المسند ٢ / ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠٩.