تراثنا ـ العددان [ 47 و 48 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العددان [ 47 و 48 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٢

فهرس المصادر والمراجع

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ نهج البلاغة / شرح ابن أبي الحديد المعتزلي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، وشرح محمد عبده ، المطبعة الرحمانية ، مصر.

٣ ـ الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد / الشيخ المفيد (ت ٤١٣ ه) ، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، قم.

٤ ـ الإستبصار / الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران.

٥ ـ أصول الحديث / الأستاذ الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي ، الطبعة الثانية ، مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر ، ١٤١٦ ه.

٦ ـ إعلام الورى / الطبرسي ، دار الكتب الإسلامية ، طهران.

٧ ـ أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين العاملي (ت ١٣٧٣ ه) ، دار التعارف للمطبوعات ، بيروت.

٨ ـ الأمالي / الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) مكتبة الداوري ، قم.

٩ ـ بحار الأنوار / المجلسي (ت ١١١٠ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٠ ـ بصائر الدرجات / الصفار (ت ٢٩٠ ه) ، نشر مؤسسة الأعلمي ، طهران.

١١ ـ تاريخ ابن خلدون / ابن خلدون (ت ٨٠٨ ه) ، دار الكتاب

٢٦١

اللبناني ، والدار الإفريقية العربية.

١٢ ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام / السيد حسن الصدر (ت ١٣٥٤ ه) ، شركة النشر والطباعة العراقية المحدودة ، ١٣٧٠ ه.

١٣ ـ تدوين السنة الشريفة / السيد محمد رضا الحسيني الجلالي ، الطبعة الأولى ، مركز النشر ، مكتب الإعلام الإسلامي ، ١٤١٣ ه ، قم. (وقد اقتبست منه ما يرجع إلى المصادر الآتية بالأرقام : ١٥ و ١٧ و ٦١ فهو الواسطة إليها لعدم وقوعها بيدي أثناء البحث ، والبيانات المثبتة إزائها هي بيانات المصدر المذكور باختصار).

١٤ ـ تذكرة الحفاظ / الذهبي (ت ٧٤٨ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٥ ـ تقييد العلم / الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣ ه) ، دار إحياء السنة النبوية. (راجع التسلسل ١٣).

١٦ ـ تهذيب الأحكام / الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) ، دار الكتب الإسلامية ، طهران.

١٧ ـ جامع بيان العلم وفضله / ابن عبد البر (ت ٤٦٣ ه) ، المطبعة المنيرية ، مصر. (راجع التسلسل ١٣).

١٨ ـ جامع المقال في ما يتعلق بأحوال الرجال / الطريحي (ت ١٠٨٥ ه) ، تحقيق محمد كاظم الطريحي ، مطبعة الحيدري ، طهران.

١٩ ـ الحديث والمحدثون / أبو زهو ، دار الكتاب العربي ، بيروت.

٢٠ ـ خاتمة مستدرك الوسائل / الميرزا حسين النوري (ت ١٣٢٠ ه) ، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر ، قم.

٢١ ـ الخصال / الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ ه) ، جماعة المدرسين في

٢٦٢

الحوزة العلمية ، قم.

٢٢ ـ دراسات في الحديث والمحدثين / السيد هاشم معروف الحسني ، دار التعارف ، بيروت.

٢٣ ـ الدراية في علم مصطلح الحديث / الشهيد الثاني (ت ٩٦٦ ه) ، مطبعة النعمان ، النجف الأشرف.

٢٤ ـ دلائل الإمامة / الطبري ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف.

٢٥ ـ رجال الخاقاني / الشيخ علي الخاقاني (ت ١٣٣٤ ه) ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.

٢٦ ـ رجال العلامة الحلي / العلامة الحلي (ت ٧٢٦ ه) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف.

٢٧ ـ رجال النجاشي / النجاشي (ت ٤٥٠ ه) ، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم.

٢٨ ـ الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية / المحقق الداماد (ت ١٠٤١ ه) ، منشورات المكتبة المرعشية ، قم ١٤٠٥ ه.

٢٩ ـ زاد المجتهدين في شرح بلغة المحدثين / الشيخ أحمد البحراني القطيفي (ت ١٣١٥ ه) ، تحقيق ونشر ضياء بدر آل سنبل ، ط ١ ، قم ١٤١٤ ه.

٣٠ ـ سنن الترمذي / الترمذي (ت ٢٧٩ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٣١ ـ سنن أبي داود / أبو داود (ت ٢٧٥ ه) ، تعليق محمد محي الدين عبد الحميد ، دار إحياء السنة النبوية.

٣٢ ـ سنن ابن ماجة / ابن ماجة القزويني (ت ٢٧٣ ه أو ٢٧٥ ه) ،

٢٦٣

دار إحياء الكتب العربية ، مصر.

٣٣ ـ شرح المواقف (لعضد الدين الإيجي) / الجرجاني (ت ٨١٦ ه) مطبعة أمير ، قم ، مصورة عن الطبعة الأولى بمطبعة السعادة ، مصر.

٣٤ ـ صحيح البخاري / البخاري (ت ٢٥٦ ه) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٣٥ ـ صحيح مسلم / مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت ٢٦١ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

٣٦ ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد (ت ٢٣٠ ه) ، دار صادر ، بيروت.

٣٧ ـ عدة الأصول / الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) ، مصورة نسخة مخطوطة محفوظة في خزانة مخطوطات مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث برقم ٤٥٧٥ / ٥٤ / ٣٥٣ / ١٧.

٣٨ ـ عدة الرجال / السيد محسن الأعرجي الكاظمي (ت ١٢٢٧ ه) ، مؤسسة الهداية ، قم.

٣٩ ـ علل الشرائع / الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ ه) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف.

٤٠ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) ، مطبعة بهمن ، قم.

٤١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ النعماني ، من أعلام القرن الرابع الهجري ، مكتبة الصدوق ، طهران.

٤٢ ـ فرائد السمطين / الجويني الشافعي (ت ٧٣٠ ه) ، مؤسسة المحمودي ، بيروت.

٤٣ ـ الفوائد المدنية / المولى محمد أمين الأسترآبادي (ت ١٠٣٦ ه) ، مطبعة أمير ، قم ، ١٤٠٥ ه ، أوفسيت على الطبعة الحجرية.

٢٦٤

٤٤ ـ الفهرست / الشيخ الطوسي (ت ٤٦٠ ه) ، منشورات الشريف الرضي ، قم.

٤٥ ـ الفهرست / ابن النديم (ت ٣٨٥ ه) ، المطبعة الرحمانية ، مصر.

٤٦ ـ قاموس الرجال / التستري (ت ١٤١٦ ه) مؤسسة النشر الإسلامي ، قم.

٤٧ ـ قواعد الحديث / السيد محي الدين الموسوي الغريفي ، ط ١ ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف.

٤٨ ـ الكافي / ثقة الإسلام الكليني (ت ٣٢٩ ه) ، دار الأضواء ، بيروت.

٤٩ ـ كشف الظنون / حاجي خليفة (ت ١٠٦١ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

٥٠ ـ كمال الدين / الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ ه) ، مؤسسة النشر الإسلامي ، قم.

٥١ ـ لزوم ما لا يلزم / أبو العلاء المعري (ت ٤٤٩ ه) شرح نديم عدي ، ط ٢ ، دمشق ، ١٩٨٨ م.

٥٢ ـ مرآة العقول / المجلسي (ت ١١١٠ ه) ، مطبعة خورشيد حيدري ، طهران.

٥٣ ـ المستدرك على الصحيحين / الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

٥٤ ـ مستدرك الوسائل / العلامة النوري (ت ١٣٢٠ ه) تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، قم.

٥٥ ـ المسند / لأحمد بن حنبل (ت ٢٤٠ ه) ، دار الفكر ، بيروت.

٢٦٥

٥٦ ـ المعتبر / المحقق الحلي (ت ٦٧٦ ه) ، ط ١ ، إيران ، ١٣١٧ ه.

٥٧ ـ معراج أهل الكمال / المحقق البحراني الماحوزي (ت ١١٢١ ه) ، مطبعة سيد الشهداء (عليه‌السلام) ، قم.

٥٨ ـ مقباس الهداية / المامقاني (ت ١٣٥١ ه) ، نشر مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، قم.

٥٩ ـ المناقب / ابن شهرآشوب (ت ٥٨٨ ه) ، طهران.

٦٠ ـ منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان / الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني (ت ١٠١١ ه) ، ط ١ ، جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ، قم ، ١٤٠٤ ه.

٦١ ـ نقد العلم والعلماء (تلبيس إبليس) / ابن الجوزي (ت ٥٩٧ ه) ، المطبعة المنيرية ، مصر. (راجع التسلسل ١٣).

٦٢ ـ نهاية الدراية (شرح الوجيزة للشيخ البهائي) / السيد حسن الصدر (ت ١٣٥٤ ه) ، تحقيق الشيخ ماجد الغرباوي ، نشر المشعر ، مطبعة اعتماد ، قم.

٦٣ ـ هداية المحدثين (مشتركات الكاظمي) / محمد أمين بن محمد علي الكاظمي ، من أعلام القرن الحادي عشر ، نشر المكتبة المرعشية ، قم.

٦٤ ـ هدي الساري / ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه) ، مصر ، ١٣٨٣ ه.

٦٥ ـ الوافي / الفيض الكاشاني (ت ١٠٩١ ه) ، منشورات المكتبة المرعشية ، قم ، ١٤٠٤ ه ، مع الطبعة الأولى ، أصفهان ، ١٤٠٦ ه.

٢٦٦

٦٦ ـ وسائل الشيعة / الشيخ الحر العاملي (ت ١١٠٤ ه) ، تحقيق مؤسسة آل البيت (عليهم‌السلام) لإحياء التراث ، قم.

٦٧ ـ وصول الأخيار إلى أصول الأخبار / الشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي (ت ٩٨٤ ه) ، تحقيق السيد عبد اللطيف الكوهكمري ، نشر مجمع الذخائر الإسلامية ، مطبعة الخيام ، قم ١٤٠١ ه.

٦٨ ـ ينابيع المودة / القندوزي الحنفي (ت ١٢٧٠ ه) مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، والطبعة المحققة ، قم ١٤١٦ ه.

* * *

٢٦٧

إقناع الرافض

لجواز عطف الظاهر على الضمير المخفوض

من دون إعادة الخافض

السيد حسن الحسيني

آل المجدد الشيرازي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الخافض الرافع ، الضار النافع ، الجواد الواسع ، وصلى الله على رسوله ومصطفاه سيدنا محمد النبي الشافع ، وعلى آله ، وخلص صحبه ، وخيار شيعته وحزبه ، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد :

فإن كثيرا ممن أعمى الله بصائرهم ، وختم على قلوبهم ، فلا يكادون يفقهون حديثا ، ما زالوا مذ وقوع الفتنة ، وحدوث المحنة في هذه الأمة ، بعد لحوق نبيها (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) بالرفيق الأعلى ، يتربصون بأهل الحق الدوائر (عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا) (١) ويلتمسون لهم الزلات والعثرات في كل مضمار ، وحيثما ظنوا أنه من تلك الموارد أقدموا ـ بزعمهم ـ على كشف العوار ،

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ٦.



٢٦٨

وإشهار العار والبوار.

وقد سرى بغيهم وإرجافهم بأهل الإيمان إلى علم العربية ، الذي تنزه منهله عن تلك النعرات المذهبية ، وصفا مورده من كدر التناحرات والتشاجرات الطائفية.

فمما أنكروه على شيعة آل الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وجعلوه آية التباين بين مذهب الشيعة ومذهب أهل السنة والجماعة ، قولهم ـ في التصلية على النبي عليه وآله الصلاة والسلام ـ : «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» بعطف الظاهر على الضمير المخفوض من دون إعادة الخافض.

وزعموا أن الشيعة تعمدوا ذلك واستندوا إلى حديث وضعوه ، وهو ما عزوه إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) أنه قال : لا تفصلوا بيني وبين آلي بعلى ـ كما قاله الشيخ ياسين بن زين الدين العليمي الحمصي في حاشية «التصريح» (١) للأزهري ـ.

وقد سبقه إلى ذلك بعض المرجفين من المخالفين (٢) ، وقانا الله من شرورهم ، ورد كيدهم إلى نحورهم ، آمين.

قال العلامة الشريف الجزائري (رحمه‌الله) في حاشيته على «الفوائد الضيائية» : قال الفاضل المحشي : منع الشيعة إدخال «على» على الآل عند

__________________

(١) التصريح في شرح التوضيح ١ / ١٤.

(٢) ذكر المناوي في فيض القدير ١ / ١٧ ـ ١٨ : أن في الإتيان بلفظ «على» فائدة وهي الإشارة إلى مخالفة الرافضة والشيعة ، فإنهم مطبقون على كراهة الفصل بين النبي وآله بلفظ «على» وينقلون في ذلك حديثا ـ كما بينه المحقق الدواني وصدر الأفاضل الشيرازي وغيرهما ـ. انتهى.

قاتلهم الله أنى يؤفكون.

٢٦٩

التصلية ، ونقلوا في ذلك حديثا ، والتزم أهل السنة ذكرها ردا عليهم ، فإنها موجودة في الأحاديث الصحيحة ، والظاهر أن ما نقلوه يكون موضوعا. انتهى.

وتعقبه الجزائري (رحمه‌الله) بقوله : أما الحديث الذي أشار إليه هو قوله : «من فصل بيني وبين آلي بعلى فقد جفاني». وأما نسبته إلى الشيعة ، فإن أراد به الإمامية ، فهو كذب عليهم ، لعدم وروده في أخبارهم ، وورد عن أئمتهم (عليهم‌السلام) الفصل ب «على». وإن أراد غيرهم من الفرق فالحال على ما قال ، لأنا روينا بطريقنا إلى شيخنا البهائي (رحمه‌الله) أنه رآه في كتب الإسماعيلية. انتهى.

وقال الشيخ العلامة أبو طالب (رحمه‌الله) في حاشيته على «البهجة المرضية»  ـ عند قول الشارح جلال الدين السيوطي : (و) على (آله) أي أقاربه المؤمنين ... إلى آخره ـ ما لفظه : تقدير لفظ (على) على الآل للرد على الخاصة ، فإن هذا من دأب العامة رغما لأنف الخاصة ، زعما منهم استقباح ذلك عند الخاصة لحديث مشهور معتبر عندهم ـ بزعم العامة ـ وهو ما أسند إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : «من فصل بيني وبين آلي بعلى لم ينل شفاعتي».

قال (رحمه‌الله) : ولم يعلموا أن هذا الحديث مصنوع عند الخاصة ، ودخول (على) على الآل كثير في الأدعية المروية عن أئمتنا (عليهم‌السلام). انتهى.

وسئل الشيخ الإمام فخر الدين ابن المطهر (رحمه‌الله) عن هذا الحديث والوجه المبني عليه.

فأجاب : أنه لا وجه لهذا القول ، بل القول ما قاله النحاة.

قال (رحمه‌الله) : ولولا اتباع النقل ما جاز إلا بإعادة الحرف الخافض ، على

٢٧٠

أنه قد ورد في كثير من الأدعية عنهم عليهم‌السلام (١). انتهى.

قلت :

ينبغي أن يحمل قوله «ما جاز إلا بإعادة الحرف الخافض» على ضرب من المبالغة ، لكثرة الاستعمال كذلك وشيوعه في كلامهم ، لا أن غيره لا يجوز ، كيف؟! وستعرف إن شاء الله أن عطف الظاهر على المخفوض من دون تكرار الخافض مذهب الكوفيين وجماعة من المحققين ، مضافا إلى ورود النقل به.

نعم ، يظهر من كلام شيخ الإسلام المجلسي (رحمه‌الله) مرجوحية الفصل ب «على» ، فقد حكي عنه أنه قال في «شرح الأربعين» : اشتهر بين الناس عدم جواز الفصل بين النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) وآله بعلى مستدلين بالخبر المشهور بينهم ، ولم يثبت عندنا هذا الخبر ، ولا هو موجود في كتبنا ، ويروى عن شيخنا البهائي (رحمه‌الله) أن هذا من أخبار الإسماعيلية.

قال (رحمه‌الله) : لكن لم نجد في الدعوات المأثورة عن أرباب العصمة (عليهم‌السلام) الفصل بها إلا شاذا ، وتركه أولى وأحوط. انتهى.

وتعقبه صاحب «مصابيح الأنوار» (رحمه‌الله) بأن الفصل بها موجود في كثير من الأدعية والأذكار سيما الصحيفة السجادية (٢).

قلت : والأمر كما قال ، وقد مر نحو ذلك عن أبي طالب (رحمه‌الله).

وأما ما اشتهر بين الناس فلا حجة فيه ما لم ينهض عليه دليل صالح معتبر ، فرب مشهور لا أصل له ، وقد عرفت حال مستندهم في ذلك.

__________________

(١) أجوبة المسائل المهنائية : ١٧٢.

(٢) مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار ١ / ٤١٩.

٢٧١

وأما عدم وجدانه (رحمه‌الله) الفصل ـ إلا شاذا ـ فلا يدل على عدم وجوده كثيرا ، على أنني أرى أن كلامه هذا إلى طغيان القلم أقرب منه إلى زلة القدم ، والمعصوم من عصمه الله تعالى ، فإن الأدعية المأثورة والأحاديث المشهورة قد تضمنت الفصل ، وحسبك من ذلك قول زين العابدين وسيد الساجدين عليه الصلاة والسلام في الصحيفة المباركة ـ زبور آل محمد (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ـ : «فصل عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم» وقوله (عليه‌السلام) : «فصل عليهم وعلى الروحانيين من ملائكتك» وقوله (عليه‌السلام) : «وصلى الله عليه وعلى آله» وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع في مطاوي الأدعية الشريفة.

فظهر أن الاحتياط المذكور لا محل له في المقام ، وأنه لا وجه لأولوية الترك ، إذ لم يقم دليل على ذلك سوى حديث منكر ، آثار الوضع تلوح عليه بوضوح ، وريح الاختلاق منه تفوح ، مضافا إلى استعمال العرب العرباء ومعاشر النحاة والأدباء لكلا الوجهين ـ كما سنبينه إن شاء الله تعالى ـ.

هذا ، وقد اجتهد بعضهم (١) في الاعتماد على ذلك الحديث المنحول مستندا إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن والكراهة ، وأن وجوده في كتب الإسماعيلية غير قادح فيها ، لأنها ليست بأقل اعتبارا من كتب الواقفية ـ بني فضال ـ ونظائرهم الذين ورد عنهم (عليهم‌السلام) في حق كتبهم «خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا».

وفيه : أن العلماء رحمهم‌الله تعالى إنما بنوا الأمر على التسامح في

__________________

(١) هو الشيخ باقر بن أحمد بن خلف ، وتجد كلامه هذا في ص ٢٣ ـ ٢٤ من رسالته «المزايا والأحكام لاسم نبي الإسلام» المطبوعة في النجف الأشرف.

٢٧٢

أدلة السنن والكراهة في الحديث الضعيف ـ وإن اشتد ضعفه ـ ما لم يبلغ حد الوضع ، ولا ريب أن هذا الحديث موضوع مختلق ـ كما مر آنفا ـ وركاكة معناه شاهد صدق على ذلك.

وأما كتب بني فضال فقد ثبت النص الصريح باعتبارها والعمل بمضمونها ـ وإن كان مذهبهم باطلا ـ وما ذلك إلا لصدق لهجتهم ، فتقبل مروياتهم بشرط أن تكون عن ثقة.

وبالجملة : فروايات بني فضال إنما أمرنا بقبولها بعد الفراغ عن حال الرواة قبلهم وبعدهم ، وأما هم فرواياتهم من جملة روايات الثقات.

وليس مثل هذا الاعتبار موجودا في كتب الإسماعيلية ، مع أن الموضوع موضوع سواء كان في كتب الإسماعيلية أم في كتب بني فضال أم في كتب غيرهم ، فليس طرح الحديث المذكور لوجوده في كتب الإسماعيلية ، كيف؟! وقد اعتمد فقهاء أصحابنا الإمامية ـ أدام الله بركاتهم ـ في الفقه على جملة وافرة من أحاديث كتاب «دعائم الإسلام» للقاضي أبي حنيفة النعمان التميمي ـ وكان من فقهاء الإسماعيلية وقضاتهم ـ بل لما اطلعت عليه من وضعه واختلاقه ، والله تعالى أعلم.

إذا عرفت ذلك فلا بد من تحرير محل النزاع أولا ، ثم الخوض في النقض والإبرام ، وتحقيق الحق في المقام ، فنقول ـ وعلى الله التوكل وبه الاعتصام ـ :

اختلفوا في جواز عطف الاسم الظاهر على الضمير المجرور من دون إعادة الجار ، حرفا كان أم اسما ، فجمهور البصريين على المنع في السعة والاختيار ، وذهب الكوفيون ويونس والأخفش وقطرب والزجاج إلى

٢٧٣

جوازه (١) ، ووافقهم عليه ثلة من الجهابذة المحققين كأبي علي الشلوبين وأبي حيان ، وجرى عليه ابن هشام في بعض كتبه ، لثبوت ذلك في فصيح الكلام ـ كما في «الحدائق الندية» (٢) ـ.

وحكى الخلاف في ذلك الإمام أبو عبد الله جمال الدين محمد بن مالك في (الخلاصة) ، حيث قال :

وعود خافض لدى عطف على

ضمير خفض لازما قد جعلا

وليس عندي لازما إذ قد أتى

في النظم والنثر الصحيح مثبتا

انتهى.

أما النثر الصحيح ـ والمراد به الكتاب العزيز ـ :

١ ـ فمنه : قوله تعالى : (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) (٣) بخفض الأرحام عطفا على الهاء المجرورة بالباء في قراءة حمزة بن حبيب الزيات ـ من السبعة ـ وهي أيضا قراءة ابن عباس (رضي‌الله‌عنه) وابن مسعود والحسن البصري والقاسم ومجاهد وقتادة وإبراهيم النخعي والأعمش ويحيى بن وثاب الكوفي وطلحة بن مصرف وأبي رزين ، ورواية الأصبهاني والحلبي عن عبد الوارث.

قال شيخنا (رحمه‌الله) في «شرح البهجة المرضية» (٤) ـ في رد الاستشهاد

__________________

(١) وفي المسألة قول ثالث بالتفصيل وهو : أنه يجب عود الخافض إن لم يؤكد ، نحو : مررت بك وبزيد ، بخلاف ما إذا أكد ، نحو : مررت بك أنت وزيد ، ومررت به نفسه وزيد ، ومررت بهم كلهم وزيد ، وهذا قول الجرمي والزيادي كما حكاه السيوطي في همع الهوامع ـ شرح جمع الجوامع ـ ٢ / ١٣٩.

(٢) الحدائق الندية في شرح الصمدية : ١٥٩.

(٣) سورة النساء ٤ : ١.

(٤) شرح البهجة المرضية المعروف ب «مكررات المدرس» ٣ / ١٦٣.

٢٧٤

بهذه القراءة ـ : إن الاستدلال بالقراءة المرجوحة لإثبات القواعد مرجوح ـ لو لم تكن القراءة ضعيفة ـ وإن قيل : إن القراءة سنة متبعة ، لأنه لا يدل على كونها فصيحة. انتهى.

والجواب : أنها قراءة بعض الصحابة والتابعين ، مضافا إلى أنها قراءة حمزة ـ وهي من السبع المتواترة ـ فهي حجة وصحيحة ، وقد ذكر الإمام أمين الدين الطبرسي (رحمه‌الله) في مقدمة «مجمع البيان» (١) أن حمزة قرأ على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما الصلاة والسلام ، وقرأ على حمران ابن أعين أيضا ، وهو قرأ على أبي الأسود الدؤلي ، وهو قرأ على علي بن أبي طالب (عليه‌السلام) ، فأين مشرع الفصاحة إن لم يكن ها هنا؟!

وأما قوله (رحمه‌الله) : «إن الاستدلال بالقراءة المرجوحة لإثبات القواعد مرجوح».

ففيه : أنا لو سلمنا ـ جدلا ـ مرجوحية قراءة حمزة ـ مع ما قد عرفت من مأخذها ـ فهو لا يكاد يصح أيضا ، بل هو مخالف لما تقرر في أصول النحو من أن كل ما ورد أنه قرئ به جاز الاحتجاج به في العربية سواء كان متواترا ـ كالقراءات السبع المشهورة ـ أم آحادا ـ كقراءة الثلاثة الذين هم تمام العشرة ـ أم شاذا ، وهي ما وراء العشرة (٢).

قال السيوطي في «الاقتراح» (٣) : وقد أطبق الناس على الاحتجاج بالقراءات الشاذة في العربية إذا لم تخالف قياسا معروفا ، بل ولو خالفته يحتج بها في مثل ذلك الحرف بعينه ، وإن لم يجز القياس عليه.

__________________

(١) مجمع البيان ١ / ١٢.

(٢) كما في «الاقتراح» في أصول النحو للسيوطي : ٤٨.

(٣) الاقتراح : ٤٨.

٢٧٥

قال : وما ذكرته من الاحتجاج بالقراءة الشاذة لا أعلم فيه خلافا بين النحاة.

وقال في «الاقتراح» (١) أيضا : كان قوم من النحاة المتقدمين يعيبون على عاصم وحمزة وابن عامر قراءات بعيدة في العربية ، وينسبونهم إلى اللحن ، وهم مخطئون في ذلك ، فإن قراءاتهم ثابتة بالأسانيد المتواترة الصحيحة التي لا مطعن فيها.

قال : وثبوت ذلك دليل على جوازه في العربية ، وقد رد المتأخرون  ـ منهم ابن مالك ـ على من عاب عليهم ذلك بأبلغ رد ، واختار هو جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار.

انتهى كلام السيوطي.

وحكى الشيخ العلامة أبو الفضل الكازروني في حاشيته على «أنوار التنزيل» (٢) عن الجزري في كتاب «النشر» أنه قال : كم من قراءة أنكرها بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم ، بل أجمع الأئمة المقتدى بهم من السلف على قبولها كخفض (والأرحام). انتهى.

وقال نظام الدين النيسابوري في تفسيره (٣) : من قرأ بالجر فلأجل العطف على الضمير المجرور في (به) وهذا وإن كان مستنكرا عند النحاة بدون إعادة الخافض إلا أن قراءة حمزة مما ثبت بالتواتر عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فلا يجوز الطعن فيها لقياسات نحوية واهية كبيت العنكبوت. انتهى.

__________________

(١) الاقتراح : ٤٩.

(٢) أنوار التنزيل ٢ / ٦٤.

(٣) غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٤ / ١٧٩.

٢٧٦

وقال القرطبي في تفسيره (١) : قال الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري ـ واختار العطف ـ : ومثل هذا الكلام مردود عند أئمة الدين ، لأن القراءات التي قرأ بها القراء ثبتت عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) تواترا يعرفه أهل الصنعة ، وإذا ثبت شئ عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) فمن رد ذلك فقد رد على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) واستقبح ما قرأ به ، وهذا مقام محذور ، ولا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو ، فإن العربية تتلقى من النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، ولا يشك أحد في فصاحته. انتهى.

وحكى الثعالبي في «الجواهر الحسان» (٢) عن الصفاقسي أنه قال : إن الصحيح جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ـ كمذهب الكوفيين ـ ولا ترد القراءة المتواترة بمثل مذهب الكوفيين.

واستحسن الثعالبي كلامه.

وقال الإمام فخر الدين الرازي في «مفاتح الغيب» (٣) ـ بعد ما حكى كلام جماعة في فساد قراءة حمزة ـ : واعلم أن هذه الوجوه ليست وجوها قوية في دفع الروايات ، وذلك لأن حمزة أحد القراء السبعة ، والظاهر أنه لم يأت بهذه القراءة من عند نفسه ، بل رواها عن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ، وذلك يوجب القطع بصحة هذه اللغة ، والقياس يتضاءل عند السماع لا سيما بمثل هذه الأقيسة التي هي أوهن من بيت العنكبوت. انتهى.

وقال ابن يعيش في «شرح المفصل» (٤) ـ بعد ما ذكر أن أبا العباس

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ٥ / ٤٥.

(٢) الجواهر الحسان ـ تفسير الثعالبي ـ ١ / ٣٤٦.

(٣) التفسير الكبير ٩ / ١٦٣.

(٤) شرح المفصل ٣ / ٧٨.

٢٧٧

محمد بن يزيد المبرد قد رد هذه القراءة ، وأنه قال : لا تحل القراءة بها ـ : وهذا القول غير مرضي من أبي العباس ، لأنه قد رواها إمام ثقة ، ولا سبيل إلى رد نقل الثقة ، ثم ذكر بعض من قرأ بها وقال : وإذا صحت الرواية لم يكن سبيل إلى ردها. انتهى.

وبالغ أبو حيان الأندلسي في الرد على ابن عطية إذ رد قراءة حمزة (١) وقال في «البحر المحيط» (٢) : لسنا متعبدين بقول نحاة البصرة ولا غيرهم ممن خالفهم ، فكم حكم ثبت بنقل الكوفيين من كلام العرب لم ينقله البصريون! وكم حكم ثبت بنقل البصريين لم ينقله الكوفيون!

قال : وإنما يعرف ذلك من له استبحار في علم العربية لا أصحاب الكنانيس ، المشتغلون بضروب من مبادئ العلوم ، الآخذون عن الصحف دون الشيوخ. انتهى.

وبالجملة : فكلامهم في هذا المعنى يدل على اتفاقهم على قبول قراءة حمزة ورد ما يعارضها من الأقيسة ، وقد وردت من الشواهد المصححة لتلك القراءة ما لا يبقى معها ريب في جواز العطف على النحو المذكور ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما قول الإمام الرضي (رضي‌الله‌عنه) (٣) : إن الظاهر أن حمزة جوز ذلك بناء على مذهب الكوفيين ـ لأنه كوفي ـ ولا نسلم تواتر القراءات ، فعندي غير مرضي ، لأنا نمنع أن يكون حمزة قد قرأ بذلك متابعة لمذهب الكوفيين ، فإن القراءة سنة متبعة ـ كما هو مشهور ـ لا يتصرف فيها بقواعد العربية

__________________

(١) النهر الماد ـ المطبوع بهامش «البحر المحيط» ـ ٣ / ١٥٦.

(٢) البحر المحيط ٣ / ١٥٩ ، النهر الماد ٣ / ١٥٧.

(٣) شرح الكافية ١ / ٣٢٠.

٢٧٨

المختلفة ، وقد مر عليك آنفا أنه قرأ على أبي عبد الله (عليه‌السلام) وكذا على حمران بن أعين ، فالقول في حمزة بمثل ذلك مما لا ينبغي.

ولو فتح هذا الباب لجاز أن يتصرف كل قارئ بما يقتضيه مذهبه ، وأن يقرأ كل من شاء كيفما شاء ، فحينئذ لا يجوز الاعتماد على قراءة السبعة فضلا عن غيرهم ، فما استظهره (رحمه‌الله) غير ظاهر ، بل الظاهر خلافه ، على أنه ينبغي أن ينزل النحو على القرآن وأن يكون مستقيما به لا العكس ، فتنبه.

وأما عدم تسليمه تواتر القراءات ، فإن جماعة من أصحابنا ادعوا تواترها إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ـ كما في «مفتاح الكرامة» (١) ـ فضلا عن تواترها إلى أربابها ، والله تعالى أعلم.

تنبيه

ذكر بعض من منع العطف من دون إعادة الخافض أن الواو في (والأرحام) للقسم لا للعطف فلا يتم الاستشهاد على المطلوب.

وأجيب : بأنه عدول عن الظاهر ، مع أنه لو كان قسم الطلب في قوله : (واتقوا الله) ورد عليه أن قسم السؤال إنما يكون بالباء ـ كما قاله الرضي وغيره (٢) ـ وإن كان قسم خبر محذوف تقديره : والأرحام إنه لمطلع على ما تفعلون ـ كما قيل ـ كان زيادة في التكلف ، كذا في حاشية الصبان على شرح الأشموني (٣).

__________________

(١) مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة ٢ / ٣٩٠.

(٢) شرح الكافية ١ / ٣٢٠.

(٣) حاشية الصبان على شرح الأشموني ٣ / ١١٥.

٢٧٩

٢ ـ ومنه : قوله تبارك اسمه : (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا) (١) وقد جعل الزمخشري في «الكشاف» (٢) (أشد) معطوفا على الكاف والميم من (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) ولم يجز عطفه على الذكر.

قال الإمام جمال الدين ابن مالك في «شواهد والتوضيح والتصحيح لحل مشكلات الجامع الصحيح» (٣) : والذي ذهب إليه هو الصحيح ، لأنه لو عطف على (الذكر) لكان (أشد) صفة ل : (ذكر) ، وامتنع نصب (الذكر) بعده ، لأنك لا تقول : وذكرك أشد ذكرا ، وإنما تقول : ذكرك أشد ذكر ، وتقول : أنت أشد ذكرا ، ولا تقول : أنت أشد ذكر ، لأن الذي يلي أفعل التفضيل من النكرات إن جر فهو كل لأفعل ، وأفعل بعض له ، وإن نصب فهو فاعل في المعنى للفعل الذي صيغ منه أفعل ، ولذلك تقول : أنت أكبر رجل ، وأكثر مالا ، و (أكثر) بعض ما جر به ، وأكثر بمنزلة أفعل وما انتصب به بمنزلة الفاعل ، كأنك قلت : كثر مالك أو فاق مالك غيره كثرة. انتهى.

٣ ـ ومنه : قوله عز من قائل : (قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام) (٤) الآية. فجر (المسجد) ـ بالعطف على الهاء المجرورة بالباء ، لا بالعطف على سبيل ـ خلافا لما اختاره الزمخشري في «الكشاف» (٥) ـ لاستلزامه الفصل بأجنبي بين جزأي الصلة ، وهو ممنوع بإجماع ، فإن عطف على الهاء خلص من ذلك ، فحكم

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٢٠٠.

(٢) الكشاف ١ / ١٢٥.

(٣) شواهد التوضيح والتصحيح : ٥٦ و ٥٧.

(٤) سورة البقرة ٢ : ٢١٧.

(٥) الكشاف ١ / ١٣١.

٢٨٠