البلاغة :
(وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ؟) استفهام للتفخيم والتعظيم ورفعة الشأن.
(يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) كناية ، كنى بالصلب عن الرجل ، وبالترائب عن المرأة.
المفردات اللغوية :
(وَالسَّماءِ) كل ما علاك فأظلك. (وَالطَّارِقِ) النجم الطالع ليلا ، وأصله عرفا : كل آت ليلا ، أو الذي يجيئك ليلا ، ثم استعمل للبادي فيه ، وأطلق على النجوم لطلوعها ليلا. (وَما أَدْراكَ) وما أعلمك؟ وفيه تعظيم لشأن الطارق. (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) المضيء ، كأنه يثقب الظلام بضوئه ، فينفذ فيه ، والمراد به كل نجم ، أو الثريا. (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) أي ما كل نفس إلا عليها حافظ ، أو إن الشأن كل نفس لعليها ، إذا جعلت (إِنْ) مخففة من الثقيلة ، و (حافِظٌ) : رقيب وهو الله أو الملائكة تحفظ عملها من خير وشرّ. والجملة على الوجهين جواب القسم ، والمراد بالقراءتين واحد.
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) فلينظر نظر اعتبار واتعاظ وتأمل من أي شيء خلق ؛ لأن وجود الحافظ يستدعي النظر إلى المبدأ ليعلم صحة قضية إعادته بالبعث ، فلا يملي على حافظه إلا ما يسرّه في عاقبته. (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) أي ماء مدفوق منصب بدفع وسرعة سواء من الرجل والمرأة في رحمها ، والمراد : الممتزج من الماءيين في الرحم ، بدليل ما يأتي : (الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) ، والجملة جواب الاستفهام في قوله : (مِمَّ خُلِقَ). (الصُّلْبِ) أي من النخاع الشوكي في ظهر الرجل ، ثم ينصب إلى عروق في البيضتين. (وَالتَّرائِبِ) عظام صدر المرأة ، جمع تريبة ، مثل فصيلة وفصائل ، والمراد : من الماء المتكون من الدم في العروق والشعب النازلة إلى الترائب ، ويعتبر الصلب والترائب أقرب أوعية المني ، فلذلك خصّا بالذّكر.
(إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) أي إن الله تعالى على بعث الإنسان بعد موته لقدير ، فإذا تأمل الإنسان في أصله ، علم أن القادر على خلقه ابتداء ، قادر على بعثه. (تُبْلَى) تختبر وتكشف ، والمراد : تظهر السرائر وتعرف المكنونات ويميز بين ما طاب من الضمائر وما خفي من الأعمال ، وما خبث منهما. (السَّرائِرُ) ضمائر القلوب وما يسرّ فيها من العقائد والنيات وما خفي من الأعمال ، جمع سريرة. (فَما لَهُ) ما لمنكر البعث وهو الإنسان الكافر. (مِنْ قُوَّةٍ) يمتنع بها من العذاب. (وَلا ناصِرٍ) ينصره ويدفع عنه السوء.