معجم مقاييس اللغة - ج ٥

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٥

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦

* ووتَّر الأساوِرُ القياسَا (١) *

وحكى بَعضُهم أنَ القَوْسَ : السَّبْق ، وأنَّ أصل القياسِ منه ؛ يقال : قاسَ بنو فلانٍ بنى فلان ، إذا سَبَقُوهم ، وأنشد :

لَعَمْرِى لقد قَاسَ الجميعَ أبوكُم

فهَلّا تَقِيسون الذى كان قائسا

وأصل ذلك كلِّه الواو ، وقد ذَكَرْناه.

ومما شذّ عن هذا الباب القَوْس : ما يَبقَى فى الجُلَّة من التَّمر. والقَوْس : نَجْمٌ. والمِقْوَس : المكانُ تُجرَى منه الخيلُ ، يُمَدُّ فى صدورها بذلك الحبلِ لتَتَساوَى ، ثُمَّ تُرْسَل. فأمَّا القُوسُ فصَومعةُ الرَّاهب ، وما أُراها عربيَّة ، وقد جاءت فى الشِّعر. قال :

 ... كأنّها

عَصا قَسِ قُوسٍ لينُها واعتدالُها (٢)

وقال جرير :

 ... ولو وقَفَتْ

لاستَفْتَنَتْنِى وذَا المِسْحَينِ فى القُوسِ (٣)

قوض القاف والواو والضاد كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ بناء. يقال : قَوَّضْت البناءَ : نقضْتُه من غير هَدْم. وتقوَّضَتِ الصُّفوف : انتَقَضَتْ.

قوط القاف والواو والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون : القَوْط : اليسير من الغَنَم ، والجمع أقْواط.

__________________

(١) فى الأصل : «القسيا» ، صوابه فى المجمل (قيس) واللسان (قوس) والجمهرة (٣ : ٤٤) والمخصص (٤ : ٤٦ / ١٧ : ٩). والرجز للقلاخ بن حزن ، كما فى اللسان. وفى الموضع الأخير من المخصص : «ووتر القساور».

(٢) أنشد هذه القطعة كذلك فى المجمل. وأنشد الجواليقى عجز البيت فى المعرب ٢٧٨.

(٣) تمام صدره كما فى الديوان ٣٢١ واللسان (قوس) :

لاوصل إذا صرفت هند لو ولفت

٤١

قوع القاف والواو والعين أصلٌ يدلُّ على تبسُّط فى مكانٍ. من ذلك القاع : الأرض المَلْساء. والألِفُ فى الأصل واو ، يقال فى التصغير قُوَيْعٌ. قال ابن دريد (١) : القَوْع : المِسْطح الذى يُبسَط فيه التَّمر ، والجمع أَقْوَاع. فأمّا القَوْع ، وهو ضِرابُ الفحلِ الناقةَ ، فليس من هذا الباب ، لأنَّه من المقلوب. وأصله قَعْو ؛ وقد ذُكِر.

وممّا شَذّ عن هذا الباب قولُهم : إنّ القُوَاعَ : الذَّكر من الأرانب.

قوف القاف والراء والفاء كلمةٌ ، وهى من باب القَلْب وليست أصلا. يقولون : هو يَقُوف الأثَرَ ويَقْتافُه بمعنَى يقفو. ويقولون : أَخَذَ بقُوفَةِ قَفاه (٢) ، وهو الشَّعْرَ المتدلِّى فى نُقْرة القَفا.

قوق القاف والواو والقاف كلمةٌ ، يقولون : القُوق (٣) : الرَّجُل الطويل.

قول القاف والواو واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يقلُّ كلمه ، وهو القَول من النُّطق. يُقال: قَالَ يَقُول قَولاً. والمِقْوَل : اللِّسان. ورجل قُوَلةٌ وقَوَّالٌ : كثير القَول. وأمّا أَقْوَال(٤) ...... (٥).

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ١٣٤).

(٢) وبقوفها أيضا ، بطرح التاء.

(٣) والقاق أيضا والقواق ، كغراب.

(٤) كذا. ولعله : «ابن أقوال».

(٥) بياض فى الأصل. وفى اللسان : «وهو ابن أقوال وابن قوال ، أى جيد الكلام فصيح».

٤٢

قوم القاف والواو* والميم أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على جماعةِ ناسٍ ، وربَّما استُعِير فى غيرهمْ ، والآخَر على انتصابٍ أو عَزْم.

فالأوّل : القوم ، يقولون : جمع امرىءٍ ، ولا يكون ذلك إلَّا للرِّجال. قال الله تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم ٍ) ، ثمَّ قال : (وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ).

وقال زُهَير :

وما أدرِى وسَوْف إخالُ أدْرِى

أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِساءُ (١)

ويقولون : قومٌ وأَقوامٌ ، وأَقَاوِمُ جمعُ جمعٍ. وأمَّا الاستعارة فقولُ القائل :

إذ أقْبَلَ الدِّيكُ يَدعُو بَعْضَ أُسْرَتِهِ

عنْدَ الصَّباحِ وهو قَوْمٌ مَعازيلُ (٢)

فجمع وسَمَّاها قَوماً.

وأمّا الآخَر فقولُهم : قامَ قيامًا ، والقَوْمة المَرَّةُ الواحدة ، إذا انتصب. ويكون قامَ بمعنى العَزيمة ، كما يقال : قامَ بهذا الأمر ، إذا اعتنَقَه. وهم يقولون فى الأوَّل : قيامٌ حتم ، وفى الآخر : قيامٌ عَزْم.

ومن الباب : قوَّمْتُ الشَّىءَ تَقْويماً. وأصل القِيمة الواو ، وأصلُه أنَّك تُقِيم هذا مكانَ ذاك.

وبلَغَنا أنَّ أهلَ مكّةَ يقولون : استَقَمْتُ المَتاعَ ، أى قوَّمْتُه.

ومن الباب : هذا قِوام الدين والحقّ ، أى به يَقُوم. وأمَّا القَوَام فالطُّول الحَسَن. والقُومِيَّة : القَوام والقامة. قال :

__________________

(١) ديوان زهير ٧٣ واللسان والمجمل (قوم) والمخصص (٣ : ١١٩) وشرح شواهد المغنى ٤٨ ، ١٤١.

(٢) البيت لعبدة بن الطبيب كما فى الحيوان (٢ : ٢٥٤) والمفضليات (١ : ١٤١).

٤٣

* أيَّامَ كُنتُ حَسَنَ القُومِيَّهْ (١) *

باب القاف والياء وما يثلثهما

قيأ القاف والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. قَاءَ يَقِيءُ قَيْئاً ، واسْتَقَاءَ استفعل من القَيء. ويقولون للثَّوب المُشْبَع الصِّبغ : هو يَقِيء الصِّبْغ.

قيح القاف والياء والحاء كلمة. قاح [الجُرحُ (٢)] يَقِيح ، وهو مِدّةٌ لا يخالطها دمٌ.

قيد القاف والياء والدال كلمةٌ واحدة ، وهى القَيْد ، وهو معروفٌ ، ثُمَّ يستعارُ في كل شىءٍ يَحْبِس. يقال : قيَّدْتُه أُقَيِّده تَقْيِيداً. ويقال : فَرَسٌ قَيْدُ الأَوَابِدِ ، أى فكأنَّ الوحشَ من سُرعةِ إدراكه لها مُقيَّدة. قال :

وقَدْ أَغْتدِي والطَّيْرُ في وُكْنَاتها

بمُنجرِدٍ قَيدِ الأوابدِ هيكلِ (٣)

والمُقَيَّد : موضعُ القَيْدِ من الفَرَس.

قيل القاف والياء واللام أصْلُ كَلِمِهِ الواو ، وإنّما كُتِب هاهنا لِلَّفْظ. فالقَيْل : الملكُ من مُلوكِ حِمْيرَ ، وجَمْعُه أَقْيَال. ومَن جَمَعه على الأَقْوال فواحدهم قَيِّل بتشديد الياء. والقيلُ والقَال ، قال ابن السِّكِّيت : هما اسمانِ لا مصدران. واقْتَالَ عَلَى فُلانٍ (٤) ؛ إذا تَحكَّم. ومعناه عندنا أنَّه يُشبَّه بالملك الذى هو قَيْلٌ. قال :

__________________

(١) الرجز العجاج ، كما فى اللسان (قوم). وأرجوزثه فى ديوانه ٧٢ وليس فيها هذا الشطر.

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) البيت لامرىء القيس فى معلقته.

(٤) فى المجمل : «واقتال فلان على فلان».

٤٤

وماءُ سَماءِ كانَ غَيْرَ مَحَمَّةٍ

وما اقتالَ فى حُكْمٍ عليَّ طبيبُ (١)

ومما شَذَّ عن هذا الأصل القَيْل : شُرْبُ نصفِ النَّهار. والقَائِلة : نومُ نِصف النّهار. وقولهم : تقيَّلَ فلانٌ أباه : أشْبَهَه ، إنّما الأصل تَقَيَّضَ ، واللام مُبدَلةٌ من ضاد ، ومعناه أنَّهما كانا فى الشَّبَه قَيْضَيْنِ.

قين القاف والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على إصلاحٍ وتزيين. من ذلك القَيْن : الحَدَّاد ، لأنَّه يُصلِحُ الأشياءَ ويَلُمُّها ؛ وجمعه قُيُون. وقِنْتُ الشَّىءَ أَقِينُه قَيْنًا : لَمَمْتُه. قال:

ولي كبدٌ مقروحةٌ قد بَدا بِها

صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها (٢)

ويقولون : التَّقيين : التَّزيين. واقْتَانَتِ الرَّوضةُ : أخذَتْ زُخْرُفَها. ومنه يقال للمرأَة مُقَيِّنة ، وهى التى تُزيِّن النِّساءِ. ويقال : إنَ القَيْنةَ : الأَمةُ ، مغنِّيةً كانت أو غَيْرَها. وقال قومٌ: إنّما سمِّيت بذلك لأنَّها قد تُعَدُّ للغِناء. وهذا جيِّد. والقَيْنُ : العَبْد.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَيْنُ : عَظْم السَّاق ، وهما قَيْنانِ. قال ذو الرُّمَّة :

* قَيْنَيْهِ وانحسَرَتْ عنه الأناعيم (٣) *

__________________

(١) البيت لكعب بن سعد الغنوى ، من قصيدة فى الأصمعيات. وأنشده فى اللسان (قول) والمخصص (٣ : ١٣٥).

(٢) وأنشده كذلك فى المجمل. والبيت من أبيات لشاعر حجازى ، اللسان (قين) وإصلاح المنطق ٤١١ ومعجم ما استعجم ٤٥١.

(٣) صدره كما فى الديوان ٥٧٠ واللسان (قين) وإصلاح المنطق ٤٤١ :

دانى له القيد في ديمومة الذل

٤٥

باب القاف والألف وما يثلثهما

والألف فيه منقلبةٌ ، وربَّما كانت همزةً.

قاب القاف والألف والباء. القابُ : القَدْر. وعندنا أنّ الكلمةَ فيها معنيان : إبدالٌ ، وقَلْبٌ. فأمّا الإبدال فالباء مبدلة من دال ، والألف منقلبة من ياء ، والأصل* القِيدُ. قال الله تعالى (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ). ويقال : القَابُ : ما بين المَقْبِض والسِّيَة. ولكلِّ قوسٍ قابَانِ.

ومما ليس من هذا الباب ولكنِّه مهموز ، قولهم : قَئِبَ من الشَّراب ، إذا امتلَأَ.

قاق القاف والألف والقاف كلمةٌ واحدة ، وهى القَاقُ : الرّجُل الطَّويل.

قام القاف والألف والميم قد مضى ذِكرُ ذلك ، والأصل فى جميعه الواو. والقَامَة : البَكَرة بأداتِها. قال :

لمَّا رأيتُ أنَّها لا قامَهْ

وأَنَّنى مُوف على السَّآمهْ

نزعتُ نَزعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ (١)

قاه القاف والألف والهاء كلمةٌ. يقولون : القَاه : الطاعةُ والجاه ويُنْشِدون :

* لَمَا رأَيْنَا لأميرٍ قَاهَا (٢) *

__________________

(١) الرجز فى اللسان (قوم). وأنشده فى كتاب المداخل لغلام ثعلب مخطوطة دار الكتب ، فى باب (اللوأص).

(٢) الرجز للزفيان فى ديوانه الملحق بديوان العجاج ٩٢. وأنشده فى اللسان (قيه). وإنشاده فى المجمل واللسان: «لما سمعنا». وفى الديوان : «لما عرفنا».

٤٦

باب القاف والباء وما يثلثهما

قبح القاف والباء والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلاف الحُسْن ، وهو القُبْح. يقال قَبحَه الله ، وهذا مقبوحٌ وقَبيح. وزعم ناسٌ أنَّ المعنى في قَبَحه : نحّاهُ وأبعدَه. [ومنه] قولُه تعالى : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ).

ومما شذَّ عن الأصل وأحسَبُه من الكلام الذى ذَهَبَ مَن كان يُحْسِنُه ، قولُهم كِسْرُ قَبيحٍ ، وهو عَظْمُ السَّاعد ، النِّصف الذى يلى المِرْفَق. قال :

لو كنتَ عَيْرًا كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ

ولو كنتَ كِسْرًا كُنْتَ كِسْرَ قَبِيحِ (١)

قبر القاف والباء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غموضٍ في شيء وتطامُن. من ذلك القَبْر : قَبْر الميِّت. يقال قَبَرْتُه أقْبُرُه. قال الأعشى :

لو أسندَتْ ميتاً إلى قبرها

عاشَ ولم يُنْقَلْ إلى قابِرِ (٢)

فإن جعلتَ له مكاناً يُقْبَرُ فيه قلتَ : أقْبَرْتُهُ ، قال الله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ). قلنا : ولو لا أنَّ العلماءَ تجوَّزُوا فى هذا لَمَا رأينا أنْ يُجمَعَ بين قَوْلِ الله وبين الشِّعْرِ فى كتابٍ ، فكيف فى وَرَقَةٍ أو صفحة. ولكنَّا اقتدَيْنَا بهم ، والله تعالى يَغفر لنا ، ويعفو عَنَّا وعنهم(٣).

وقال ناسٌ من أهل التَّفسير فى قوله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) : ألهمَ كيف

__________________

(١) سبق الكلام على البيت وعروضه فى مادة (قبح). وبحره من الطويل أو من الكامل.

(٢) ديوان الأعشى ١٠٥.

(٣) هذا نموذج صادق من ورع ابن فارس.

٤٧

يُدْفَن. قال ابنُ دُرَيد : أرض قَبُورٌ : غامضة. ونَخْلَةٌ قَبُور [وكَبُوسٌ (١)] : يكون حَمْلُها فى سَعَفها. ومكانُ القبور مَقْبَرَة ومَقْبُرَة.

قبس القاف والباء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صفةٍ من صفات النَّار ، ثمَّ يستعار. من ذلك القَبَس : شُعْلَةُ النَّار. قال الله تعالى فى قِصَّة موسى عليه السلام : (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ). ويقولون : أَقْبَسْتُ الرّجُلَ عِلماً ، وقَبَسْتُه ناراً.

قال ابنُ دريد (٢) : قَبَسْتُ من فلانٍ ناراً ، واقتَبَسْتُ منه علماً ، وأَقْبَسَنِي قَبَساً.

ومن هذا القياس قولهم : فَحْلٌ قَبِيسٌ ، وذلك إذا كان سريعَ الإلقاح ، كأنَّهُ شُبِّهَ بِشُعْلَةِ النّار. قال :

* فَأُمٌّ لَقْوَةٌ وأبٌ قَبِيسُ (٣) *

فأمَّا القِبْس فيقال إنّه الأصل.

قبص القاف والباء والصاد أصلانِ يدُلُّ أحدَهما على خِفّةٍ وسُرعة ، والآخَر على تجمُّع.

__________________

(١) التكملة من الجمهرة (١ : ٢٧١).

(٢) الجمهرة (١ : ٢٨٧).

(٣) أنشد هذا العجز فى مجالس ثعلب ٦٤٠. وصدره كما فى اللسان (لقو ، قبس) :

حلت ثلاثة فوضعت فما

وفى الألفاظ لابن السكيت ٣٤٥ :

حلت ثلاثة فوضعت فما

٤٨

فالأوَّل القَبَص ، وهو الخِفَّة والنَّشاط. والقَبُوص : الذي إذا جَرَى لم يُصِبِ الأرضَ منهُ إلّا أطرافُ سَنابِكهِ ومن ذلك القَبْصُ ، وهو تناوُلُ الشَّيءِ بأطراف الأصابع ، ولا يكون ذلك إلَّا عن خِفّةٍ وعَجَلة. وقُرِئَت : فَقَبَصْتُ قَبْصَةً من أَثَرِ الرَّسُولِ (١) ، بالصَّاد. وذلك المأخوذُ قَبْصة.

والأصل الآخر القِبْص ، وهو العَدَد الكثير. قال :

لكم مَسجدَا اللهِ المَزُورَانِ والحَصَى

لكُمْ قِبْصُه من بينِ أثْرَى وأَقتَرَا (٢)

ومن هذا الباب القَبَص فى الرَّأس : الضَّخَم ، ويقال منه هامَةٌ قَبْصاء. قال أبو النجم:

* [قَبْصاءَ لَم تُفطَحْ ولم تُكَتَّلِ (٣)] *

ومما شذَّ عن هذين الأصلين : القَبْصَ ، وهو وجعٌ عن أكْل الزَّبيب. قال :

* أرفقة تشكو الجُحافَ والقَبَصْ (٤) *

__________________

(١) قرأ الجمهور : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً) بالضاد المعجمة. وقرأ عبد الله وأبى وابن الزبير وحميد والحسن : (فقبصت قبصة) بفتح قاف (قبصة). وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف. تفسير أبى حيان (٦ : ٢٧٣). وانظر إتحاف فضلاء البشر ٣٠٧.

(٢) البيت للكميت ، كما فى اللسان (قبص). والبيت من شواهد النحويين ، استشهد به فى الإنصاف ٤٢٧ على حذف الموصول وإبقاء صلته ، وفى شرح الأشمونى للألفية على حذف المنعوت الذى ليس بعض مجرور قبله بمن أوفى.

(٣) موضعه بياص فى الأصل. وأنشده فى اللسان منسوبا لأبى النجم فى (فطح) ، وفى (قبص) بدون نسبة. وتجد البيت محرفا فى أرجوزة أبى النجم التى نشرها العلامة بهجة الأثرى فى مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق ، أغسطس سنة ١٩٢٨ ص ٤٧٤. وقبله :

تحت حجاجي هامة لم لعجل

(٤) أنشده فى اللسان (جحف ، قبص) ومجالس ثعلب ٢٢١.

٤٩

قبض القاف والباء والضاد أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على شىء مأخوذٍ ، وتجمُّع في شيء.

تقول : قَبَضْتُ الشَّيءَ من المال وغيرِه قَبْضاً. ومَقْبِض السَّيف ومَقْبَضُه : حيث تَقبِضُ * عليه. والقَبَض ، بفتح الباء : ما جُمِع من الغنائم وحُصِّل. يقال اطرَحْ هذا في القَبَض ، أي فى سائر ما قُبِض من المَغْنَم. وأمَّا القَبْض الذي هو الإسراع ، فمن هذا أيضاً ، لأنَّه إذا أسرَع جَمَع (١) نَفْسَهُ وأطرافَه قال الله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَ) ، قالوا : يُسْرِعْن فى الطَّيَران. وهذه اللَّفظَةُ من قولهم : راعٍ قُبَضةٌ ، إذا كان لا يتفسَّح في مَرعى غَنَمه. يقال : هو قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ ، أى يَقبِضُها حَتَّى إذا بَلَغَ المكانَ يؤُمُّه رَفَضها. ويقولون للسَّائق العنيف : قَبَّاضةٌ وقَابِض. قال رؤبة :

* قبّاضَةٌ بينَ العنيفِ واللَّبِقْ (٢) *

ومن الباب : انقبَضَ عن الأمر وتقبّض ، إذا اشمأَزَّ (٣).

قبط القاف والباء والطاء أصلٌ صحيح. قال ابن دريد (٤) : القَبْط : جَمْعُكَ الشَّيءَ بيدِك. يقال : قَبَطْتُه أَقْبِطُه قَبْطا. قال : وبه سُمِّي القُبَّاط (٥) ، هذا التَّاطف ، عربيٌّ صحيح.

__________________

(١) فى الأصل : «لأنه إذا ساغ وجمع».

(٢) ديوان رؤبة ١٠٥ واللسان (قبض).

(٣) بعده الأصل : «قال رؤبة أيضا : قباضة بين العنيف واللبق».

(٤) الجمهرة (١ : ٣٠٧).

(٥) هذا يطابق نص الجمهرة. وفى المجمل عن ابن دريد : «القبيطى» ، وهى لغة فيه.

٥٠

ومما ليس من هذا الباب القِبط : أهلُ مصر ، والنِّسبة إليهم قِبطيٌ ، والثِّياب القُبطيّةُ لعلَّها منسوبةٌ إلى هؤلاء ، إلَّا أنَّ القافَ ضُمَّت للفَرْق.

قال زُهَير :

لَيَأْتِيَنَّكَ مِنِّى مَنْطِقٌ قَذَعٌ

باقٍ كَمَا دَنَّسَ القُبْطِيّةَ الوَدَكُ (١)

وتجمع قَباطيّ.

قبع القاف والباء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شبه أنْ يَخْتَبِئ الإنسانُ أو غيرُه. يقال : [قَبَع] الخنزيرُ والقنفذُ ، إذا أدْخَلَ رأسَه في عُنقه ، قَبْعاً. وجارية قُبَعَة طُلَعة ، إذا تخبَّأت تارةً وتطلَّعَتْ تارة. والقُبَعة : خِرقة كالبُرنُس ، تسمِّيها العامة : القُنْبُعَة (٢). والقُبَاع : مكيالٌ واسعٌ ، كأَنَّه سمِّي قُباعاً لما يَقْبَعُ فيه من شيء. وقَبَع الرّجُلُ : أعيا وانبَهَر وسُمِّي قابعاً لأنَّه يَتقبض عند إعيائه عن الحركة.

ومما شذَّ عن هذا الباب قَبِيعةُ السَّيف ، وهي التي على طَرَف قائِمِه من حديدٍ أو فِضَّة.

قبل القاف والباء واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ تدلُّ كلمهُ كلُّها على مواجهةِ الشَّيء للشَّيء ، ويتفرع بعد ذلك.

فالقُبُل من كلِّ شيء : خلافُ دُبُره وذلك أنَّ مقْدِمَه يُقْبِلُ على الشَّيء. والقَبيل : ما أقبَلَتْ به المرأةُ من غَزْلها حين تَفتِله. والدَّبير : ما أدبرَتْ به. وذلك

__________________

(١) ديوان زهير ١٨٣ واللسان (قبط ، فذع).

(٢) كذا فى الأصل واللسان (قنبع). وفى المجمل : «قبيعة».

٥١

معنَى قولهم : «ما يَعْرِف قبيلاً من دَبِير». والقِبلةُ سُمِّيت قِبلةً لإِقْبَال النَّاس عليها فى صَلاتِهِم ، وهى مُقْبِلةٌ عليهم أيضاً. ويقال : فَعَل ذلك قِبَلاً ، أى مُواجَهَة. وهذا من قِبَل فلانٍ ، أى من عنده ، كأنَّه هو الذي أقبَلَ به عليك. والقِبَال : زمام البَعيرِ والنَّعل. وقابَلْتُها : جَعَلْتُ لها قِبالَينِ ، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يُقْبِلُ على الآخَر. وشاةٌ مُقابَلة : قُطِعَت من أذنها قِطعةٌ لم تَبِنْ وتُرِكَتْ مُعلَّقة من قُدُم. [فإن كانت (١)] من أُخُرٍ فهي مُدابَرة. والقابلة : الليلة المقْبلة. والعامُ القابل : المُقْبل. ولا يقال منه فَعَلَ. والقَابِلَة : التي تَقْبَلُ الولدَ عند الوِلادِ. والقَبُول من الرِّياح : الصَّبا ، لأنّها تُقابِل الدَّبور أو البيتَ (٢). وقَبِلْتُ الشَّيءَ قَبولاً. والقَبَل في العين : إقبالُ السَّوادِ على المَحْجِر ، ويقال بل هو إقْبَالُه على الأنف. والقَبَل : النَّشْزُ من الأرض يستقبِلُك. تقول : رأيتُ بذلك القَبَل شخصاً. والقبيل : الكفيل ؛ يقال قَبِل به قَبالةً (٣) ، وذلك أَنَّه يُقْبِل على الشَّيء يَضْمنُه. وافعَلْ ذلك إلى عشرٍ من ذى قَبَل (٤) ، أي فيما يُستَأنف من الزَّمان. ويقال : أقبَلْنا على الإبل ، إذا استقينا على رءوسها وهى تشرب. [و] ذلك هو القَبَل. وفلانٌ مُقْتَبَل الشَّباب : لم يَبِنْ فيه أثر كِبَرٍ ولم يُولِّ شبابُه. وقال :

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) هذا التعريف لأهل العراق ، إذ أن القبول أو الصبا هى التى تهب من ناحية المشرق ، والبيت فى مغرب أهل العراق ، فهى تقابله.

(٣) هى بالفتح كما فى المجمل واللسان والقاموس. وأما بالكسر فمصدر لقبلت القابلة المرأة عند الولادة.

(٤) فى الأصل : «عشرين ذى قبل» ، صوابه فى اللسان والقاموس. و «قبل» تقال بالتحريك وكعنب.

٥٢

ليس بِعَلٍّ كبيرٍ لا شبابَ به

لكن أُثَيْلةُ صافي اللَّونِ مُقْتَبَلُ (١)

والقابل : الذي يَقْبَل دَلْوَ السّانيَة. قال :

وقابلٌ يتغنَّى كلَّما قَبضتْ

على العَراقِي يداه قائماً دَفَقَا (٢)

قال ابن دُريد : القَبَلة : [خرزة شبيهة بالفَلْكَة تُعَلَّق فى أعناق الخيل (٣)] ، ويقال القَبَلة : شيءٌ تتخذه السّاحرة تقبل بوجه الإنسان على الآخَر (٤). وقبائل الرَّأس : شُعَبُه التي تَصل بينها الشُّؤون ؛ وسمِّيت ذلك لإقبال كلِّ واحدةٍ منها على الأخرى ؛ و* بذلك سمِّيت قبائلُ العرب. وقَبِيل القوم : عَرِيفُهم. وسمِّي بذلك لأنّه يُقبِل عليهم يتعرَّف أمورَهم. قال :

أوَ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قَبِيلَة

بَعثوا إليَ قبيلَهم يتوسَّمُ (٥)

ونحن في قَبَالة (٦) فلانٍ ، أي عِرافته ، وما لفلانٍ قِبلةٌ ، أي جهةٌ يتوجَّه إليها ويُقبِل عليها. ويقولون : القَبِيل : جماعةٌ من قبائلَ شتَّى ، والقَبِيلَة : بنو أبٍ واحد. وهذا عندنا قد قيل ، وقد يقال لبني أبٍ واحدٍ قبيل. قال لبيد :

__________________

(١) البيت للمتتخل الهذلى ، كما سبق فى (عل).

(٢) لزهير فى ديوانه ٤٠ واللسان (قبل) وبرواية : «كلما قدرت». وقبله :

لها أداة وأعوان غدون لها

قتب وغرب إذا ما أفرغ؟

(٣) التكملة من الجمهرة (١ : ٣٢١) ، وهى ثابتة فى المجمل بدون عزو إلى ابن دريد.

(٤) فى الأصل : «يتخذه الساحر يقبل» الخ. ووجهه من المجمل. وفى اللسان والجمهرة : «والقبلة خرزة من خرز نساء الأعراب يؤخذن بها الرجال ، يقلن فى كلامهن : يا قبلة اقبليه «ويا كرار كريه» :

(٥) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. والرواية المشهورة : «عريفهم». اللسان (عرف) والأصمعيات ٦٧ لببسك ومعاهد التنصيص (١ : ٧٠) والعقد وكامل ابن الأثير (يوم مبايض). والبيت من أبيات لطريف بن مالك العنبرى.

(٦) كذا ضبط فى اللسان والقاموس ، وضبط فى المجمل بكسر القاف.

٥٣

* وقَبِيلٌ من عُقَيلٍ صادقٌ (١) *

فأمّا قولهم : لا قِبَلَ لي به (٢) ، أي لا طاقَة ، فهو من الباب ، أي ليس هو كما يمكِّنني الإقبال. فأمَّا قَبْلُ الذي هو خلافُ بعد ، فيمكن أن يكون شاذًّا عن الأصل الذي ذكرناه ، وقد يُتَمحَّل له بأن يقال هو مقبلٌ على الزّمان. وهو عندنا إلى الشُّذوذ أقرب.

قبن القاف والباء والنون. يقولون : قَبَن في الأرض : ذهب. وحمار قَبَّان : دويْبّة.

قبو القاف والباء والواو كلمةٌ صحيحة ، تدلُّ على ضمٍّ وجَمع. يقال قَبَوْت الشَّيءَ : جمعتُه وضَممتُه. وأهلُ المدينة يسمُّون الرّفعَ في الحركات قَبْواً. وهذا حَرفٌ مقْبُوّ. ويقال : إنَ القَبَاء مشتقٌّ منه ، لأنّ الإنسانَ يجمعُه على نفْسه.

باب القاف والتاء وما يثلثهما

قتد القاف والتاء والدال أصلٌ صحيح ، وَهو كلمتان : القَتَد : خشَبُ الرَّحْل ، وجمعه أقتادٌ وقُتود. وَالكلمة لأخرى القَتَاد : ضربٌ من العِضاهِ ،

__________________

(١) تمامه كما سبق فى (عصل) ، حيث سبق التخريج :

كليوث بين غارب و؟

(٢) فى الأصل : «لا قبل له بى» ، والتفسير بعده يقتضى ما أثبت.

٥٤

ليس فيه غير هذا. ويقولون : قُتَائِد (١) : مكان.

قتر القاف والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجميعٍ وتضييقٍ. من ذلك القُتْرة : بيت الصَّائد ؛ وسمِّي قُترةً لضيقِهِ وتجمُّع الصَّائد فيه ؛ والجمع قُتَر. والإقْتار : التَّضييق. يقال: قَتَرَ الرّجلُ على أهله يَقتُر ، وأقْتَر وقَتَّر. قال الله تعالى : (وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُو)ا. ومن الباب : القَتَر : ما يَغْشَى الوجهَ من كَرْب. قال الله تعالى : (وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ). والقَتَر : الغُبار. والقَاتِر من الرجال : الحسَنُ الوقوعِ على ظَهْر البعير. وهو من الباب ، لأنَّه إذا وقع وُقوعاً حَسَنا ضَمَّ السَّنام. فأمَّا القُتَار فالأصل عندنا أنَّ صيادَ الأسدِ كان يُقتِّر في قُتْرتِه بلحمٍ يَجِدُ الأسدُ ريحَهُ فيُقْبِل إلى الزُّبْية ، ثمَّ سمِّيت ريحُ اللَّحمِ المشويِّ كيف كان قُتَاراً. قال طرَفة :

وتَنادَى القومُ في نادِيهِمُ

أقُتَارٌ ذاكَ أم رِيحُ قُطُرْ (٢)

وقَتَّرت للأسد ، إذا وضعتَ له لحماً يجد قُتارَه. قال ابن السِّكِّيت : قتَر اللَّحمُ يَقْتُر: ارتفَع دخانُه ، وهو قَاتِر.

ومن الباب القتير ، وهو رءوس الحَلَق في السَّردِ. والشَّيبُ يسمِّى قتيراً تشبيهاً برءوس المسامير في البياضِ والإضاءة. وأمَّا القُتْر فالجانب ، وليس من هذا لأنَّه من الإبدال ، وهو القُطْر ، وقد ذُكر.

__________________

(١) كذا فى الأصل ، وفى المجمل : «قتائدة» ، وكل منهما اسم موضع ، كما فى معجم البلدان. أما شاهد «قتائدة» فهو قول عبد مناف بن ربع الهذلى :

حتى إذا أسلكوهم في قتائده

شلا كما تطرد الجمالة الشردا

(٢) ديوان طرفة ٦٨ واللسان (قتر). والرواية فيهما :

حين قال الناس في مجلسهم

٥٥

ومما شذَّ عن هذا الباب : ابن قِتْرة : حيّة خبيثةٌ ، إلى الصِّغر ما هُو. كذا قال الفراء. قال : كأنَّه إنما سمِّي بالسَّهم الذي لا حديدة فيه ، يقال له قِتْرَة ، والجمع قِتْر.

قتع القاف والتاء والعين كلمةٌ. يقال : إنَ القَتَع : دودٌ حُمرٌ (١) يأكل الخشَب ، واحدتها قَتعَة قال :

* خُشْبٌ تَقصَّعُ في أجوافها القَتَعُ (٢) *

وحكى ابنُ دريد (٣) : قَتَعَ الرّجُل قتُوعاً ، إذا انقمَعَ من ذُلّ.

قتل القاف والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إذلالٍ وإماتةٍ ، يقال : قَتَلَهُ قَتْلاً. والقِتْلَة : الحالُ يُقْتَلُ عليها. يقال قَتَله قِتلةَ سَوءٍ. والقَتْلة : المرّة الواحدة. ومَقاتِلُ الإنسان : المواضع التي إذا أُصِيبت قَتَلَه ذلك. ومن ذلك : قَتلتُ الشيءَ خُبراً وعِلْماً. قال الله سبحانه: (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً). [ويقال : تقتَّلت الجاريةُ للرّجُل حتَّى عَشِقَها ، كأنَّها خَضَعَتْ له. قال (٤)] :

تَقَتَّلْتَ لي حَتَّي إذا ما قَتَلْتِني

تنسَّكْتِ ، ما هذا بفعل النواسِكِ (٥)

__________________

(١) فى المجمل : «أحمر».

(٢) فى اللسان (قتع) : «دود تقصف». ورواية المجمل مطابقة للمقاييس. وصدره فى اللسان :

فداة فارتهم قتلى كأنهم

ورواية الجمهرة :

فادرتهم باللوى قتلى كأنهم

خشب تنقب في أجوافها القتم

(٣) الجمهرة (٢ : ٢١).

(٤) التكملة من المجمل.

(٥) أنشده فى المجمل واللسان (قتل).

٥٦

وأقْتَلتُ فلاناً : عرّضْته للقَتل. وقلبٌ مُقَتَّلٌ ، إذا قَتَّلَهُ العِشْق. قال امرؤ القيس :

وما ذَرَفَتْ عيناك* إلّا لتَضربِي

بسهميكِ في أعشارِ قلبٍ مُقَتَّلِ (١)

قال أهلُ اللُّغة : يقال قُتِلَ الرّجل ، فإنْ كان من عشقٍ قيل : اقْتُتِل ، وكذلك إذا قَتَلَهُ الجِنّ. قال ذو الرُّمَّة :

إذا ما امرؤٌ حاوَلْنَ أن يَقتَتِلنَه

بلا إحنَةٍ بين النُّفوس ولا ذَحلِ (٢)

وقُتِلَتِ الخمرُ بالماء ، إذا مُزِجَت ؛ وهذه من حَسَن الاستعارة. قال :

إنّ التي عاطَيتَني فرددتُها

قُتِلَتْ قُتِلْتَ فهاتِها لم تُقتَلِ (٣)

ومما شَذّ عن هذا الباب ويمكنُ أن يقاسَ عليه بلُطف نَظَرٍ : القِتْل : العدوّ ، وجمعه أَقْتَال. قال :

واغترانِي عن عامرِ بن لؤيٍ

في بلادٍ كثيرةِ الأقتالِ (٤)

ووجهُ قياسِه أن يجعل القِتل هو الذي يقاتِل كالسِّبِّ الذي [يُسَابُ (٥)] ، وليس هذا ببعيد. وقولهُم : هما قَتْلَانِ ، أي مثلان ، وهو من هذا. فأمّا القَتَال فيقال هي النَّفْس (٦) ، يقال : ناقةٌ ذات قَتَالٍ ، إذا كَانتْ وثيقةً. وقال بعضُ أهلِ العلم : هذا إبدالٌ ، والأصل الكَتَال. وهو يدلُّ على تجمُّع الجسم ، يقال : تكتَّلَ الشَّيءُ ، إذا تجمَّع. وهذا وجهٌ جَيِّد.

__________________

(١) من معلقته المشهورة.

(٢) ديوان ذى الرمة ٤٨٧ واللسان (قتل) وأمالى الفالى (٢ : ٢٦٤) والأضداد ٢٢٠.

(٣) البيت لحسان بن ثابت فى ديوانه ٣١١ واللسان (قتل).

(٤) البيت لابن قيس الرقيات فى ديوانه ٢٠٨ واللسان (قتل) وإصلاح المنطق ١٩.

(٥) تكملة يقتضيها الكلام ، وفى المعاجم المتداولة : «السب : الذى يسابك».

(٦) فى اللسان : «القتال : النفس ، وقيل بقيتها».

٥٧

قتم القاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غُبْرَةٍ وسَواد. وكلُّ لونٍ يعلوه سوادٌ فهو أقْتَمُ. ويقال : القَتَام الغُبار الأسود ، ومنه بازٍ أَقْتمُ الرِّيش. ومكانٌ قاتِمٌ : مُغْبَرٌّ مظلمُ النَّواحي. قال رؤبة :

* وقاتِم الأعماقِ خاوِي المخْترَقْ (١) *

قتن القاف والتاء والنون كلمة صحيحة. يقولون. القَتِين : المرأةُ القليلة الطُّعم ، وقد قَتُنَتْ قَتانةً : قال الشّماخ :

وقد عَرقَتْ مغاينُها فجادَتْ

بدِرَّتِها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ (٢)

أراد به القُرَادَ القليلَ الدّم.

قتو القاف والتاء والواو. يقولون : القَتْو : حُسْنُ الخدمة. وفلان يَقتُو الملوكَ : يخدُمهم. قال :

 ................ لا

أُحسِنُ قَتْوَ الملوكِ والْخَببا (٣)

فأمَّا المَقْتوِىُ والمَقْتَوِينُ. (٤) ..

__________________

(١) ديوان رؤبة ١٠٤ وأراجيز العرب للسد البكرى ٢٢ حيث شرح الأرجوزة واللسان (قتم).

(٢) ديوان الشماخ ٩٥ واللسان (جحن ، حجن ، قتن) ، وسبق إنشاده فى (جحن).

(٣) أنشد عجزه فى اللسان (خبب) ، وأنشده كاملا فى (قتا). وصدره فيه :

إن امرؤ من بنى خزيمة لا

وصدره فى مجالس ثعلب ٥٢٤ :

إنى امرؤ عاكب القتامة لا

(٤) كذا ورد الكلام مبتورا. وفى المجمل : «والمقتوى الخادم». وفى اللسان : «والمقاتية هم الخدام ، الواحد مقتوى بفتح الميم وتشديد الياء ، كأنه منسوب الى المقتى ، وهو مصدر ... ويجوز تخفيف ياء النسبة ... وإذا جمعت بالنون خففت الياء مقتوون ، وفى الخفض والنصب مقتوين ، كما قالوا أشعرين ... ويروى عن المفضل وأبى زيد أن أبا عون الحرمازى قال : رجل مقتوين ورجلان مقتوين ورجال مقتوين ، كله سواء».

٥٨

قتب القاف والتاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على آلة من آلات الرِّحال أو غيرها. فالقَتَب للجمل معروفٌ. ويقال للإِبل تُوضَع عليها أحمالها : قَتُوبة. قال ابنُ دريد : [القَتَب(١)] : قَتَب البعير ، إذا كان ممَّا يحمل عليه ، فإنْ كان من آلة السّانية فهو قِتْب بكسر القاف. وأمَّا الأقتابُ فهي الأمعاء ، واحدها قتب (٢) ، وتصغيرها قُتَيْبة ، وذلك على معنى التّشبيهِ بأقتاب الرِّحال.

باب القاف والثاء وما يثلثهما

قثد القاف والثاء والدال ليس بشيءِ ، غير أنّه يقال : القَثَد : نبتٌ.

قثم القاف والثاء والميم أصلٌ يدلُّ على جمعٍ وإعطاء. من ذلك قولهم : قَثَمَ مِن مالِهِ ، إذا أعطاه. ورجلٌ قُثَمٌ : مِعْطاء. والقَثُوم : الرّجُل الجَموع للخير. قال :

فللكُبَراءِ أكلٌ كيف شاءُوا

وللصُّغَراء أكلٌ واقتِثامُ (٣)

قثا القاف والثاء والألف الممدودة. القِثَّاءُ معروف.

__________________

(١) التكملة من المجمل والجمهرة (١ : ١٩٦).

(٢) يقال بالكسر وبالتحريك أيضا ، وكذلك القتبة بالكسر.

(٣) أنشده فى المجمل ، وأنشده فى اللسان (قثم) ، وقبله :

لأصبح بطن مكة مقشعرا

كأن الأرض ليس بها هشام

والشعر للحارث بن خالد بن العاص كما فى الاشتقاق ١٠١ والأغانى (١٥ : ١٨).

٥٩

باب القاف والحاء وما يثلثهما

قحد القاف والحاء والدال كلمةٌ واحدة هي القَحَدَة : أصلُ السَّنام ، والجمع قِحادٌ. وناقة مِقْحادٌ : ضخمة السَّنام.

قحر القاف والحاء والراء كلمةٌ واحدة ، وهي القَحْر ، يقال إنَّه الفحلُ المُسِنُّ على بقيّةٍ فيه وجَلَد. وقد يقال للرَّجُل. والقُحارِيَةُ مثل القَحْر. وامرأة قَحْرةٌ : مُسِنَّة.

قحز القاف والحاء والزاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قلَقٍ أو إقلاقٍ وإزعاج. من ذلك القَحْزُ ، وهو الوَثَبَانُ والقَلَقُ. والقاحِزَات : الشدائد المُزعِجات من الأُمور.

قال ابنُ دريد (١) : القَحْزُ : أن يَرمِيَ الرّامي السّهمَ فيسقطَ بين يدَيه. قَحَزَ السَّهم قَحْزاً. قال :

* إذا تَنَزَّى قاحِزاتُ القَحْزِ (٢) *

والقُحازُ : داءٌ يصيبُ الغَنَم.

قحط القاف والحاء والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على احتباسِ الخير ، ثمّ يستعار. فالقَحْط : احتباس المطَر ؛ أَقْحَطَ النّاسُ ، إذا وقعوا في القَحْط. وأقْحَطَ الرّجلُ ، إذا خالط أهلَه ولم يُنْزِل. وقَحْطانُ : أبو اليَمَن.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٤٨).

(٢) البيت لرؤبة فى ديوانه ٦٤ والجمهرة واللسان (قحز).

٦٠