معجم مقاييس اللغة - ج ٥

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٥

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦

الأوَّل المَنْطِق ، ونَطَق يَنطِق نُطْقًا. ويكون هذا لما لا نفهمه نحن. قال الله تعالى في قِصّة سليمان : (عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ).

والآخَر النِّطاق : إزارٌ فيه تِكَّة. وتسمَّى الخاصرة : الناطقة ، لأنَّها بموضع النِّطاق. ويقال للشَّاة التي يُعْلَمُ عليها في موضِع النِّطاق بحُمْرَة : منَطَّقة. وذات النِّطاق : أكَمَةٌ لهم. والمِنْطَق : كلُّ ما شَدَدتَ به وَسَطك. والمِنْطَقة : اسمٌ لشيء بعينه. وجاء فلانٌ منتطِقًا فرسَه ، إذا جانَبَه ولم يركبْه ، كأنّه عِندَ النِّطاق منه ، إذْ كان بجَنْبه. فأمَّا قولُه :

أبْرَحُ ما أدَامَ اللهُ قَومي

على الأعداءِ منتطقًا مُجِيدا (١)

فقد قال قومٌ : أراد به هذا ، وأنَّه لا يزال يَجنُبُ فرساً جوادا. ويقال هو من الباب الأوَّل ، أي منتطقٌ قائلٌ مَنْطِقًا في الثَّناء على قومى.

ويقولون ـ وهو من الثَّانى ـ «منْ يَطُلْ ذَيلُ أبيه ينتطِقْ به (٢)». وهو مثلٌ ، أي من كَثُر بنو أبيه أعانُوه.

نطل النون والطاء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون : النَّاطِل : مكيالُ من مَكاييل الخمر. ويقال : بل النَّاطِل : الفَضْلةُ تَبقَى في الإناء من الشَّراب. وهو أشْبَهُ بقوله :

__________________

(١) كذا ورد البيت بالخرم فى الأصل ، وأنشده تاما فى المجمل : «وأبرح». وهو لخداش بن زهير ، كما سبق فى حواشى (برح).

(٢) وكذا ورد بهذه الكناية فى المجمل. وفى اللسان : «أير أبيه» ، مع نسبة المثل إلى على بن أبى طالب. وعند الميدانى : «هن أبيه». وروى الميدانى أيضاً : «من يطل ذيله ينتطق به».

٤٤١

ولو أنَّ ما عندَ ابن بُجْرَةَ عندها

من الخمر لم تَبْلُلْ لَهَاتِى بناطلِ (١)

ويقولون إن كان صحيحًا : إن النَّيْطَل : الدَّلو ، والدَّاهية.

نطي النون والطاء والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على تباعُدٍ في الشَّيء وتطاوُل. وأرضٌ نَطِيَّةٌ : بعيدة. قال امرؤ القيس :

تَرَوَّحَ من أرضٍ لأرضٍ نَطيّة

لذكرةِ قَيض حولَ بيض مُفَلَّقِ (٢)

وأنْطَاه ، إذا أعطاه. ومَن أعطى أحداً شيئًا فقد جَعلَ الشّيءَ عن نفسه بعيداً. ويحتمل أنّه من باب الإبدال ، من الإعطاء.

وممّا حُمِل على هذا : لا تُنَاطِ الرِّجَال ، أي لا تَمَرَّسْ بهم وتطاوِلْهُم العداوَةَ.

نطح النون والطاء والحاء أصلٌ واحد. وهو نَطَح. يقال : نَطَح الكبشُ يَنْطِحُ : ويحمَل عليه فيقال للوحشىِّ إذا أتاكَ مستقبلاً لك : نطيحٌ وناطِح. ويقولون : إنّه لا يُتَبرَّك به ، ولذلك يقال للمشئوم : نَطِيح. وفرسٌ نَطيحٌ : يأخذُ فودَىْ رأسِه بياض.

ومن الباب نَوَاطِحُ لدَّهر ، أي شدائده. وأصابَهُ ناطحٌ : أمر شديد. وقياس كلّ واحد. ويقال للشَّرَطَينِ : النَّطْحُ والنّاطح. وقولهم :

* الليلُ داجٍ والكباشُ تَنْتطِحْ (٣) *

أي ينطَح بعضُها بعضا. وهذا عبارةٌ عن اقتتال الأبطال ، واصطِدام الكُماة. وتناطَحت الأمواج والسُّيولُ والرِّجالُ في الحرب.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ١٤٤) ، واللسان (نطل). وأنشد فى المجمل كذلك.

(٢) ديوان امرئ القيس برواية الطوسى وخرابنداذ ، نسختى دار الكتب.

(٣) أنشده فى اللسان (نطح).

٤٤٢

نطس النون والطاء والسين كلمتانِ متباينتان لا يرجعانِ إلى قياسٍ واحد. التَّنطُّس ، وهو التقذُّر والتقزُّز. ومنه حديث عمر لما خَرجَ من الخلاء ، قيل له : ألا تتوضّأ؟ فقال : «لو لا التَّنَطُّس ما باليتُ ألّا أَغْسِلَ يَدىَّ».

والكلمةُ الأخرى النَّطِيس (١) والنِّطاسيّ : العالم. وتَنَطَّسْتُ الأخبار : تجَسَّستُها.

نطش النون والطاء والشين أصلٌ يدلُّ على حركةٍ وقُوّة. يقولون : النَّطْش : شِدَّة الْجَبْلَة. وما به نَطِيشٌ ، أي قُوّة. قال ابنُ دريد (٢) : قولهم : عَطْشانُ نَطْشان ، من قولهم : ما به نَطِيش ، أي حَرَكة.

باب النون والظاء وما يثلثهما

نظف النون والظاء والفاء كلمة واحدة ، وهي قولهم : شيءٌ نظيف : نقىٌّ ، بيِّن النظافة. وقد* نَظُف ينظُف. واستنظَفْتُ ما عند فلانٍ : استوفيتُه وأخذتُه كلَّه. ونظَّفتُه : نقّيته ، تنظيفًا.

نظم النون والظاء والميم : أصلٌ يدلُّ على تأليف شيءٍ وتأليفه (٣). ونَظَمْتُ الخرَزَ نَظْمًا ، ونَظَمْتُ الشِّعْرَ وغيره. والنِّظام : الخَيط يَجمَع الخَرَز. والنِّظامانِ من الضَّبِّ : كُشْيَتَانِ من جَنبيه ، منظومانِ من أصل الذَّنَب إلى الأُذُن.

__________________

(١) ويقال نطيس كسكيت أيضا.

(٢) الجمهرة (٣ : ٤٢٩) فى (باب جمهرة من الإتباع).

(٣) كذا وردت هذه الكلمة ، ولعلها «وتكثيفه».

٤٤٣

وأنْظَمَتِ الدّجاجةُ : صار في جَوفها بَيض. ويقال لكواكب الجوزاء : نَظمٌ. وجاءنا نظْمٌ من جَرادٍ : أي كَثير.

نظر النون والظاء والراء أصلٌ صحيح يرجع فروعُه إلى معنًى واحد وهو تأمُّلُ الشّيْءِ ومعاينتُه ، ثم يُستعار ويُتَّسَع فيه. فيقال : نظرت إلى الشّيءِ أنظُر إليه ، إذا عاينْتَه. وحَىٌّ حِلَالٌ نَظَرٌ : متجاوِرون ينظُرُ بعضُهم إلى بعض. ويقولون : نَظَرتُه ، أي انتظرته. وهو ذلك القياس ، كأنّه ينظر إلى الوقت الذي يأتي فيه. قال :

فإنّكُما إن تَنْظُرَانِي ليلةً

من الدَّهر ينفَعْني لدى أمِّ جُندَبِ (١)

ومن باب المجاز والاتِّساع قولُهم : نظَرَتِ الأرضُ : أرَتْ نَباتَها (٢). وهذا هو [القياس. و] يقولون : نَظَرَت بعَينٍ. ومنه نَظرَ الدهرُ إلى بني فلانٍ فأهلكَهم. [و] هذا نظيرُ هذا ، من هذا القياس ؛ أي إنّه إذا نُظِرَ إليه وإلى نَظِيرِهِ كانا سواءً. وبه نَظْرَةٌ ، أي شُحوب ، كأنّه شيءٌ نُظِرَ إليه فشَحَب لونُه. والله أعلمُ بالصَّواب.

باب النون والعين وما يثلثهما

نعف النون والعين والفاء كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ فى شيءٍ. منه النَّعْف : مكانٌ مرتفع في اعتراض. والنَّعْفة : ذُؤابة الرَّحْل ، سمِّيت لأنها سامية.

__________________

(١) لامرئ القيس فى ديوانه ٧٣ ، ويروى : ساعة من الدهر تنفعني أى ينفعنى الانتظار.

(٢) فى المجمل : «إذا أرت العين نباتها».

٤٤٤

وانتَعَفَ الرَّجُل الشيءَ ، إذا تركهُ إلى غيرِه ، كأنّه سَمَا بنفسه عنه.

ومن الكلمة الأولى ناعَفْتُ (١) الرّجُل : عارضتُه. وتَنَعَّفَ (٢) الرّجُلُ : ارتقَى نَعْفا.

نعق النون والعين والقاف كلمةٌ تدلُّ على صَوت. ونعَق الراعى بالغَنَم يَنْعَق ويَنْعِق ، إذا صاح بهِ زجراً ، نعيقا.

نعل النون والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على اطمئنانٍ فى الشيء وتسفُّل. منه النَّعْل المعروفة ، لأنها في أسفل القَدَم. ورجلٌ ناعل ذو نعل ، ومُنْتَعِلٌ أيضًا. وأنْعَلْتُ الدّابّة. ولا يقال نَعَلْتُ. وحِمار الوحشِ ناعلٌ لصَلابةِ حافرِه. والنَّعْلُ للسَّيفِ : ما يكون أسفَلَ قِرَابِهِ (٣) من حديدٍ ، أو فِضّة. [قال] :

ترى سَيفَه لا يَنصُفُ السّاقَ نعلُهُ

أجَلْ [لا] وإنْ كانت طِوالاً مَحامِلُه (٤)

وفرسٌ مُنْعَلٌ : بياضُه في أسفل رُسْغِه على الأشْعَر لا يَعدُوه. والنَّعْل : عَقَبٌ يُلْبَسُ ظَهْرَ السِّيَةِ من القوس. والنَّعل من الأرض : موضعٌ ، يقال هي الْحَرَّة ، ويقال إنّه لا يُنبِتُ شيئًا. قال الخليل : والنَّعل : الذّليل من الرِّجال الذي يُوطَأ كما يُوطَأ النَّعل.

__________________

(١) فى الأصل : «اعفته» ، صوابه فى المجمل.

(٢) الذى فى اللسان والقاموس : «انتعف».

(٣) فى الأصل : «أسفل أو قرابه» ، تحريف.

(٤) روى لابن ميادة فى اللسان (نصف) ، ولذى الرمة فى ديوانه ٤٧٥ واللسان (نعل) يمدح المهاجر بن عبد الله الكلابى والى اليمامة. وقد سبق فى (نصف).

٤٤٥

نعم النون والعين والميم فروعُه كثيرة ، وعندنا أنّها على كثرتها راجعةٌ إلى أصلٍ واحدٍ يدلُّ على ترفُّهٍ وطِيب عيش وصلاح. منه النِّعمة : ما يُنعِم الله تعالى على عبدِه به من مالٍ وعيش. يقال : للهِ تعالى عليه نِعمة. والنِّعمة : المِنَّة ، وكذا النَّعْماء. والنَّعْمة : التنعُّمُ وطيبُ العيش. قال الله تعالى : (وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ). والنُّعامَى : الرِّيح اللَّيِّنة. والنَّعَم : الإبل ، لما فيه من الخَيْر والنِّعمة. قال الفرّاء : النَّعم ذَكَرٌ لا يؤنَّثُ فيقولون : هذا نَعَمٌ وارِدٌ ؛ وتُجمَع أنعامًا. والأنعام : البهائم ، وهو ذلك القياس. والنَّعامة معروفة. لنَعْمةِ رِيشِها. وعلى معنى التَّشبيه النَّعامة ، وهي كالظُّلَّة تُجعَل على رءوس الجبل ، يستظلُّ بها. قال:

لا شَيءَ في رَيدِها إلَّا نَعامَتُها

منها هزيمٌ ومنها قائمٌ باقِ (١)

ويقولون : نَعَمْ ونُعْمَى عَينٍ ، ونُعْمَةَ عين (٢) ، أي قُرّةَ عين. ونَعِم الشَّيءُ من النَّعْمَة.* وقد نَعَّم فلانٌ أولادَه : تَرَّفهم. ويقولون : ابنُ النَّعامة : صَدْرُ القَدَم. قال :

* فَيكُونُ مَركبُكَ القَعودَ ورَحْلَهُ

وابن النَّعامةِ يوم ذلكِ مَركِبى (٣)

وسمِّي به لأنَّه مكانٌ ليِّن ناعم. وتنعَّمَ الرّجلُ : مشَى حافيًا. ويعبَّر عن الجماعة بالنَّعامة فيقال. شَالَتْ نعامتُهم ، إذا تفرقوا (٤). وهذا على معنى التَّشبيه ، أي كما تطير النّعامةُ فقد تفرَّقوا هؤلاء. ويقولون. أتيتُ أرضَ بني فُلانٍ فَتَنَعَّمَتْنِي

__________________

(١) وكذا ورد فى اللسان (نعم) بدون نسبة. والبيت لتأبط شرا فى المفضليات (١ : ٢٨).

(٢) فيه لغات أخرى كثيرة ذكرت فى اللسان والقاموس.

(٣) لعنترة فى ديوانه واللسان (نعم).

(٤) فى الأصل : «إذا مروا» ، صوابه من المجمل ومما سيأتى بعد.

٤٤٦

إذا وافَقَتْهُ. ونِعْمَ : ضدُّ بئْسَ. ويقولون : إنْ فعلت ذاكَ فَبِها ونِعْمَتْ ، أي نِعْمَت الْخَصْلة هي.

ومن الباب قولهم : نَعَمْ ، جواب الواجب ، ضدُّ لا ، وهي أيضاً من النّعمة. وعلى معنى التَّشبيه النَّعائم : كوكب. والنَّعائم ، خَشَبات يُنصَبْنَ على الرَّكِىّ تُعلَّق إليهنَّ القَامةُ ، إذا لم تكنْ للرَّكِىِّ زَرَانيق. ويقال : إنَّ شقائق النُّعمان حماه ابنُ المنذِر فنُسِبَ إليه. ويقال : بل النّعمان هاهنا : الدَّم. والأوَّلُ أشبه. قال ابن دريد (١) : «تنعَّمْتُ زيداً : طلبتُه» ، كأنّه أراد : أَعْمَلَ إليه نَعامَتَه ، وهي باطن قَدمِهِ. ويقولون : نَعِمَ اللهُ بك عيناً ، [ونَعِمَكَ عيناً(٢)]، بمعنى.

نعي النون والعين والحرف المعتلّ : أصلٌ صحيح يدلُّ على إشاعةِ شيء. منه النَّعِيُ : خبَرُ الموت (٣) ، وكذا الآتى بخَبرِ المَوْت يقال له نَعِيٌ أيضًا. ويقال : نَعَاءِ فلانًا ، أي انْعَه. قال :

نَعَاء جُذامًا غير موتٍ ولا قَتْلِ

ولكنْ فراقًا للدَّعائمِ والأصلِ (٤)

ومن الباب : هو يَنْعَى على فلانٍ ، إذا وبَّخَه ، كأنَّه يُشِيعُ عليه ذنوبَه. وهو يستَنْعي الظِّباء : يدعوها ، يتقدَّمُها فَتَتْبعُه. واستنعَيتُ القوم ، إذا تقدّمتَهم ليتْبَعوك ، وهذا على إشاعة الصَّوت بالدُّعاء. ويقال : شاعَ ذِكرُ فلانٍ واستَنْعَى بمعنًى. قال الأصمعىّ : استَنْعَى ، بفلانٍ الشَّرّ ، أي تَتابَعَ به الشّرّ. واستَنْعَى به

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٤٥٤) فى (باب من النوادر).

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) ويقال فيه النعى أيضاً سكون العين.

(٤) للكميت فى إصلاح المنطق ٢٠١ واللسان (نعا). وفى إصلاح المنطق : «غير هلك».

٤٤٧

[حُبُ] الخَمْر (١) : تمادَى به. ومعنى هذا أنَّ الخمر كأنَّها دعَتْه وصوَّتَتْ به فتبِعَها.

نعب النون والعين والباء : أصلان صحيحان : أحدُهما يدلُّ على صوتٍ ، والآخرُ على حركةٍ من الحركات.

فالأوَّل نَعَبَ الغراب : صَوَّتَ ، نَعْبًا ونَعيبًا ونَعَبَانًا.

والآخر فَرسٌ مِنْعَبٌ : جواد. وناقة نَعّابة : سريعة. ويقال : النَّعْب : أن تحرِّكَ رأسَها في مَشيها إلى قُدّامِها. وهي ناقَةٌ نَعُوب.

نعت النون والعين والتاء : كلمةٌ واحدة ، وهي النَّعْت ، وهو وَصْفُك الشيءَ بما فيه من حُسْن. كذا قاله الخليل ، إلَّا أن يتكلَّفَ متكلِّف فيقول : ذا نَعْتُ سَوءٍ. قال : وكلُّ شيءٍ جيِّدٍ بالغٍ نعتٌ. وناعِتُونَ : مكانٌ (٢).

نعج النون والعين والجيم : أصلٌ صحيح يدلُّ على لونٍ من الألوان. منه النَّعَج : البَياضُ الخالص. وجَملٌ ناعج ؛ حسنُ اللَّون كريم. ومنه النَّعْجة من الضَّأن ، ويكون من بَقَر الوحش ومِن شاءِ الجَبَل. يقال لإناثِ هذه الأجناس نِعَاج. ونعاجُ الرّمْلِ : البَقَر. ونَعِجَ الرَّجُل : أكل لحمَ نعجةٍ فأُتْخِمَ عنه. قال :

كأنَّ القَومَ عُشّوا لحمَ ضانٍ

فهُمْ نَعِجُون قد مالت طُلاهمْ (٣)

وأنعَجُوا : سمِنَت نِعاجُهم. أمّا نَوَاعج الإبل ، فيقال هي السِّراع. وعندنا

__________________

(١) فى الأصل : «الخير» ، وتصحيحه والتكملة قبله من المجمل.

(٢) منه قول عوف بن الخرع :

يحمران أو بقفا ناهتين

أو المستوى إذ علون الستارا

(٣) فى الأصل : «عجوا نعج» تحريف. والبيت لذى الرمة كما فى اللسان (نعج). وانظر الحيوان (٤ : ٣٠١ / ٥ : ٤٧٩) والمخصص (٥ : ٨٠) وفقه اللغة ١٣٩.

٤٤٨

أنَّها الكرائم ، لما ذكرناه من القياس. وامرأةٌ ناعجة : حسنة اللَّون. والنَّاعجة من الأرض : السَّهلة المستوِية ، وهي مَكْرُمَة للنَّبات ، تُنبِت الرِّمث وأطَايبَ العُشْب.

نعر النون والعين والراء : أصلانِ مُتقارِبان : أحدهما صوتٌ من الأصوات ، والآخر حركةٌ من الحركات.

فالأوَّل نَعَرَ الرّجُل ، وهو صَوتٌ من الخيشوم. وجُرْحٌ نَعَّارٌ ونَعور ، إذا صَوَّتَ دمُه عِند خُروجِه منه. والنَّاعور : ضربٌ من الدِّلاء يُستقَى به ، سمِّي لصوته.

والثاني نَعَرَ في الفِتنة : سعَى وجاءَ وذهبَ. وهو نَعَّارٌ في الفِتَن : سَعَّاء. ونَعَر في البلاد : ذهب. وهو نَعِير الهَمِّ : بَعيدُه. وإنَّ في رأسه نُعْرَةً (١) ، أي نَخوةً وتكبُّرا ، ورُكوبَ رأسٍ ، يمضي به على جَهله. والنُّعَرة : ذبابٌ يقعُ* في أُنوف البَعير والخيل ويمكن أنّها سمِّيت لنَعيرِها ، أي صوتِها. ونَعِرَ الخمارُ ، وهو نَعِرٌ. وأمّا قولُه :

* والشَّدَنيّات يُساقِطْن النُّعَرْ (٢) *

فإنَّه شبَّه أجِنَّتَها في أرحامها بذلك الذُّباب. وأنْعَرَ الأراكُ : أثْمر ، وكأنَ

__________________

(١) ويقال : «نعرة» أيضا بالتحريك.

(٢) للعجاج فى ديوانه ١٧ واللسان (نعر) وإصلاح المنطق ٤٣١ والمخصص (١ : ٢٠ ، ٥٥ ، ١٠٢).

٤٤٩

ثمرَه شُبِّه بالنُّعَر. ويمكن أنَّ الأصلَ في جميعها الأوّل. والنَّعَّار في الفِتَن يَسعَى فيها ويُصوِّت بالنَّاس.

نعس النون والعين والسين أُصَيلٌ يدلّ على وَسَن. ونَعَس يَنْعَسُ (١) نُعاسًا. وناقةٌ نَعُوسٌ ، تُوصَف بالسَّماحة بالدّرّ ، لأنَّها إذا دَرَّت نَعَست. قال :

نَعوسٌ إذا درّت جَروزٌ إذا شَتَتْ

بُويزلُ عامٍ أو سديسٌ كبازِلِ (٢)

نعش النون والعين والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاع. قال الخليل : النَّعْش: سَرير الميّت ، كذا تعرفه العرب. وميِّتٌ منعوشٌ : محمولٌ على النَّعش. وانتَعَش الطّائر : نهض عن عَثرته. يقال : نَعَشَه اللهُ وأنعَشَه. قال ابن السِّكِّيت : لا يقال أنْعَشَه. وبناتُ نعشٍ : كواكب. وهذا تشبيه. قال : أبو بكر (٣) : النَّعش شبه مِحَفَّةٍ يُحمَل عليه المَلِك إذا مَرِض ، ليس بنَعْشِ الميّت.

وأَنْشَد :

ألَمْ ترَ خيرَ النَّاسِ أصبَحَ نعشُه

على فِتيةٍ قد جاوَزَ الحىَّ سائرا (٤)

__________________

(١) من باب قتل ، كما فى المصباح ، والبصائر لصاحب القاموس ، ومن باب منع كما فى القاموس. وضبط فى اللسان بضم عين المضارع.

(٢) فى الأصل : «جزور» ، تحريف. صوابه فى المجمل واللسان والبيت للراعى كما فى اللسان (نعس).

(٣) فى الجمهرة (٢ : ٦٢).

(٤) للنابغة الذبيانى. ديوانه ٣٩ واللسان والجمهرة (نعش).

٤٥٠

ثمَّ يقول :

* ونحن لديه نسألُ اللهَ خُلْدَه (١) *

فهذل يدلُّ على أنَّه ليس بميِّت.

نعض النون والعين والضاد. يقولون : النُّعْض : نبت (٢).

نعط النون والعين والطاء. يقولون : ناعِط : حىٌّ من هَمْدان.

نعظ النون والعين والظاء. يقولون : نَعَظَ الرّجلُ يَنْعَظُ نَعْظًا ونُعوظًا (٣) : تحرَّك ما عِندَه.

باب النون والغين وما يثلثهما

نغق النون والغين والقاف. ليس فيه إلَّا نَغَقَ الغُرابُ نَغِيقًا. وحكى بعضُهم : ناقةٌ نَغِيقٌ ، وهي التي تَبْغِمُ بُعَيداتِ بَين ، أي مَرَّةً بعد مرّة.

نغل النون والغين واللام كلمةٌ تدلُّ على فسادٍ وإفساد. النَّغِل : الأديم الفاسد. يقولون: «وقد يُرْقَع النَّغِل». يقال إن النَّغَل (٤) : الإفساد بين القوم والنَّميمةُ.

__________________

(١) عجزه فى المراجع المتقدمة :

يرد لنا ملكا وللأرض عامرا

(٢) زاد فى المجمل : «ينبت بالحجاز» ، ونحوه فى اللسان.

(٣) ومثله أنعظ إنعاظا. وقد اقتصر على هذا الأخير فى المجمل.

(٤) بفتح الغين ، كما فى المجمل واللسان.

٤٥١

نغم النون والغين والميم ليس إلَّا النَّغْمة : جَرْس الكَلام وحُسْن الصَّوت بالقِراءةِ وغيرها. وهو النَّغْم (١). وتَنَغّم الإنسانُ بالغِناء ونحوِه.

نغي النون والغين والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على كلامٍ طيّب. يقولون : هو ينَاغِي الصّبِىَّ : يكلِّمهُ بما يسرُّه ويُجْذِلُه من الكلام. ومنه : كلَّمته فَمَا نَغَى بحرف. وسمِعْت نَغْية. قال :

* لما أتانِي نَغْيةٌ كالشُّهدِ (٢) *

ومنه جبلٌ يناغِي السَّماء ، كأنَّه داناها فهو يكلِّمها. والمُناغاة المُغازَلة.

نغب النون والغين والباء كلمةٌ واحدة ، هي النُّغْبة : الجُرْعة. ونَغَبت ، إذا جَرَعْتَ ، والجمع نُغَب. قال ذو الرّمّة يصف حميراً وردت ماءً فلم تَرْوَ :

حَتَّى إذا زَلَجَتْ عن كلِّ حنجرةٍ

إلى الغَليل ولم يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ (٣)

نغر النون والغين والراء أصلٌ يدلُّ على غَلَيانٍ واغتياظ. ونَغِرَت القدرُ (٤) : غَلَتْ. ونَغِر الرّجلُ : اغتاظ. ومنه قول المرأة في حديث علىٍ

__________________

(١) ويقال النغم أيضا بالتحريك.

(٢) لأبى نخيلة ، كما فى المجمل واللسان (نغى) وإصلاح المنطق ٦٤٤ برواية «لما أتتنى». فى جميعها. وفى اللسان : «يعنى ولاية بعض ولد عبد الملك بن مروان. قال ابن سيده : أظنه هشاما».

(٣) ديوان ذى الرمة ١٦ واللسان (نغب).

(٤) بابه فرح ، وضرب ، ومنع ، فى جميع معانيه.

٤٥٢

عليه السلام : «رُدُّونى إلى أهلي غَيْرَ نَغِرة». ونَغَرت النّاقةُ : ضَمَّت مُؤَخَّرها ومضَتْ ، كأنّها اغتاظت من شيء فمضَتْ لوجهها وهو يتنغَّر علينا ، أي يتنكَّر (١). وهو من الأوّل. وفِراخُ العصافير يقال لها النَّغَر ولعلَّ ذلك لصوتها المتدارِك ، الواحدة نُغَرة ، والذّكَر نُغَر ، والجمع نُغْران. قال :

يَحْمِلنَ أوعيةَ المُدامِ كأنما

يحمِلْنَها بأكارع النُّغْرانِ (٢)

يصف عناقيدَ العِنب.

نغش النون والغين والشين كلمةٌ تدلُّ على اضطرابٍ وحركة. منه النَّغَشان : الاضطراب. ويقال : دارٌ تَنْتَغِشُ ، لكثرة مَن فيها. ويقال النُّغاشِيُ (٣) : الرّجلُ القَصير.

نغص النون والغين والصاد كلمةٌ تدل على القطع عن المُرادِ. ونَغِصَ الرجل : لم يتمَّ له مراده ، ونُغِّص عليه. والنَّغَصْ يقولون : هو أن تورد إبلَكَ الحوض فإذا شرِبَتْ صرفْتَها وأورَدْتَ مكانها غيرها. وعندنا أنَ النَّغَص ألا تُتْرَكَ* تتمِّم الشُّرب.

نغض النون والغين والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على هَزٍّ وتحريك.

__________________

(١) فى القاموس : «تنكر أو تذمر» ، وفى اللسان : «يتذمر». والتذمر : التنكر. لكن فى المجمل : «تتنغر علينا ، أى تتكبر».

(٢) فى اللسان : «أزقاق المدام» ، و «بأظافر النقران».

(٣) والنغاش أيضا ، كغراب.

٤٥٣

من ذلك النَّغَضان : تحرُّك الأسنان. والإنغاض : تحريك الإنسان [رأسه (١)] نحو صاحبه كالمتعجّب (٢) منه. قال الله سبحانه : (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ). والنَّغِض : الظليمُ ؛ لاضطراب رأسِه عند مَشْيِه. قال :

* والنَّغْضُ مثل الأجرب المدجَّلِ (٣) *

والنَّاغض والنَّغْض : غرضوف (٤) الكَتِف ، سمِّي لاضطرابه ، ويكون للأُذُن أيضاً. والنَّغُوض : النّاقة العظيمة السَّنام ، وإذا عَظُم اضطَرَب. ونَغَض الغَيمُ : سار.

باب النون والفاء وما يثلثهما

نفق النون والفاء والقاف أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على انقطاعِ شيءٍ وذَهابه ، والآخر على إخفاءِ شيءٍ وإغماضِه. ومَتَى حُصِّل الكلامُ فيهما تقارَبا.

فالأوّل : نَفَقَت الدّابةُ نُفوقًا : ماتت. ونَفَق السِّعر نَفَاقًا ، وذلك أنَّه يمضي فلا يَكْسُد ولا يَقِف. وأنْفَقُوا : نَفَقت سُوقُهم. والنَّفَقة لأنَّها تمضي لوجهها. ونَفَق الشيءُ : فني يقال قد نَفِقَتْ نفقةُ القوم. وأنْفَق الرّجُل : افتَقَر ، أي ذهب ما عِندَه.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) فى الأصل : «كالمتحرك» ، صوابه من المجمل.

(٣) لأبى النجم العجلى فى أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمى العربى بدمشق سنة ١٣٤٧.

(٤) كذا فى الأصل ، والقاموس وفى المجمل : «غضروف» ، وهما لغتان.

٤٥٤

قال ابنُ الأعرابى : ومنه قوله تعالى : (إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ). وفرسٌ نَفِقُ الجرْي ، أي سريعُ انقطاع الجري.

والأصل الآخر النَّفَق : سَرَبٌ في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكان. والنّافقاء : موضعٌ يرقِّقه اليَربوعُ من جُحْرِه فإذا أُتِيَ من قِبَل القاصعاء ضَرَب النّافقاءَ برأسه فانتَفَق ، أي خرج. ومنه اشتقاق النِّفاق ، لأن صاحبَه يكتُم خلافَ ما يُظهِر ، فكأن الإيمان يَخرُج منه ، أو يخرج هو من الإيمانِ في خفاء. ويمكن أنَّ الأصلَ في الباب واحد ، وهو الخُرُوجُ. والنَّفَق : المَسلك النَّافذ الذي يُمكن الخروجُ منه.

أمَّا نَيْفَق السَّراويل فقد قال أبو بكر (١) : هو فارسىٌّ معرَّب.

نفل النون والفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطاء وإعطاء. منه النَّافلة : عَطِيَّة الطَّوْعِ من حيثُ لا تَجِب. ومنه نافلة الصَّلاة. والنَّوْفل : الرّجُل الكثيرُ العطاء. قال :

* يأبَى الظُّلامةَ منه النَّوفلُ الزُّفَر (٢) *

ومن الباب النفَل : الغُنْم. والجمع أنفال ، وذلك أن الإمام ينفِّل المحارِبِين ،

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٥٥) ، ونصها : «ونئفق القميص مهمرز مكسور الفاء فارسى معرب».

(٢) لأعشى باهلة فى اللسان (زفر) من قصيدة يرثى بها المنتشر بن وهب الباهلى. انظر الأصمعيات ٨٩ طبع المعارف وجمهرة أشعار العرب ١٣٥ ومختارات ابن الشجرى ١٠ وأمالى المرتضى (٣ : ١٠٥ ـ ١١٣) والخزانة (١ : ٧٩ ـ ٩٧). وقد سبق فى (زفر).

وصدره :

أخو رغائب يعطيها ويسألها

٤٥٥

أي يُعطِيهم ما غَنِموه. يقال : نفَّلتُك : أعطيتُك نَفَلا. وقولهم : انتَفَلَ من الشَّيء انتفى منه ، فمن الإبدال ، واللام بدل من الياء. قال المتلمِّس :

أَمُنْتِفلاً من نَصْر بُهْثة خِلْتَني

أَلَا إنَّني منهم وإن كنتُ أيْنَما (١)

نفه النون والفاء والهاء أصلٌ واحد يدلُّ على إعياءٍ وضعف. منه نَفِهت النَّفسُ : أَعْيَتْ وكَلَّت : وهو نافِهٌ ونُفَّهٌ. قال :

* بنا حَرَاجِيجُ المَهَارِىَ النُّفَّهِ (٢) *

وهو مُنَفَّهٌ ومَنْفُوهٌ : ضعيفٌ جَبان.

نفي النون والفاء والحرف المعتلّ أُصَيلٌ يدلُّ على تعْرِية (٣) شيء من شيءٍ وإبعاده منه. ونَفَيتُ الشّيءَ أُنفيه نفيًا ، وانتفى هو انتفاء. والنُّفَاية : الرَّدِىُ يُنفَى. ونَفِيُ الرِّيحِ: ما تَنفيه من التُّرابِ حتى يصيرَ في أُصولِ الحِيطان. ونَفِيُ المطر : ما تنفيه الرِّيحُ أو ترُشُّه. ونَفِيُ الماء : ما تطاير من الرِّشاءِ على ظهر المائح. قال :

* على تِلك الجِفَارِ من النّفيِ *

* * *

والمهموز منه كلمةٌ واحدة ، هي النُّفأُ : قطعٌ من الكلأ متفرّقة من (٤) عُظْم الكلأ ، الواحدة نُفَأَة. قال :

__________________

(١) ديوان المتلمس الورقة ١ ومخطوطة الشنقيطى ، واللسان (نفل).

(٢) لرؤبة فى ديوانه ١٦٧ واللسان (نفه). وقبله :

به تمطت غول كل مليه

(٣) فى الأصل : «تغرية».

(٤) فى الأصل : «عن» ، صوابه فى المجمل واللسان.

٤٥٦

جَادَتْ سوارِيه وآزَرَ نَبتَهُ

نُفَأٌ من الصَّفراءِ والزُّبَّادِ (١)

نفت النون والفاء والتاء. يقولون : نَفَتَت القِدرُ : غَلَتْ ويَبِسَ مَرَقُها عليها. قال :

وصاحبٍ لِصدرِهِ كَتِيتُ

علىَّ مثَل المِرْجَلِ النَّفُوتِ

ونفت صَدْرُه بالعَداوة : غَلَا.

نفث النون والفاء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ من فمٍ أو غيره بأدنَى جَرْس. منه نَفَثَ الرّاقِي رِيقَه ، وهو أقلُّ من التَّفْل. والساحرة تَنْفُثُ السمّ. و «لا بدَّ للمصدور أن يَنْفُث (٢)» مثَل. و «لو سألني نُفَاثَةَ سِوَاكٍ ما أعطيته» ، وهو ما بقي في أسنانه فنفَثَه. ودمٌ نفيثٌ : نَفَثَهُ الجُرحُ ، أي أظهَرَه.

نفج النون والفاء والجيم : أصلٌ يدلُّ على ثُؤُورِ شيءٍ وارتفاعِه. ونفجَ اليَربوعُ : ثار. وأنْفَجَه صائدُه. ونَفَجَت الفَرُّوجة من بَيضها : خرجَتْ. وانْتَفَجَ جَنْبَا البعيرِ : ارتفعا. والنَّوَافج : مؤخَّرات الضُّلوع ، واحدتها نافجة (٣). والنَّفّاج : المفتخر بما ليس عنده. ونَفَجَتِ الرِّيح : جاءت بقُوَّة. والنَّفِيجة : الشّطبية من النَّبْع تُتَّخذ قوساً ، كأنّها تنتفج على الشّجرة.

__________________

(١) للأسود بن يعفر فى المفضليات (٢ : ١٩) واللسان (نفأ).

(٢) انظر البيان (٢ : ٩٧ / ٤ : ٤٦). وأنشد فى المختار من شعر بشار وحواشيه ١٤٦ :

لابد المصدور في ينفثا

والذي في الصدر أن يبعثا

(٣) ونافج أيضا.

٤٥٧

نفح النون والفاء والحاء : أصلٌ يدلُّ على اندفاعِ الشَّيء أو رَفْعِه. ونَفَحتْ رائحةُ الطِّيب نَفحاً : انتشرَتْ واندفعت. ولهذا الطِّيب نَفحةٌ طيِّبة. ثم قيس عليه فقيل : نَفَح بالمال نَفحاً ، كأنّه أرسله من يده إرسالا. ولا تزالُ لفلانٍ نَفَحاتٌ من معروف. ونَفَحت الرِّيحُ : هبَّت. وقوسٌ نَفُوحٌ : بعيدة الدَّفع للسَّهم. ونَفَحت الدّابّةُ : رمَتْ بحافرها فضربَتْ به. وكذلك نَفَحَه بالسَّيف : تناوَلَه به. والنَّفوح من النُّوق : ما يخرُج لبنُها من أحاليها من غير حَلْب.

نفخ النون والفاء والخاء : أصلٌ صحيح يدلُّ على انتفاخٍ وعلوّ. منه انتفَخَ الشّيءُ انتفاخاً. ويقال انتفَخَ النَّهار : علا. ونَفْخَة الرَّبيع : إعْشابه (١) ؛ لأنَّ الأرضَ تربو فيه وتنتفِخ. والمنْفُوخ : الرَّجل السَّمين. والنَّفْخاء من الأرض مثلُ النَّبْخاء ؛ وقد مَضَى.

نفد النون والفاء والدال : أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انقطاعِ شيء وفَنائِه. ونفِدَ الشّيءُ يَنفَد نَفاداً : وأنفَدُوا : فَنِيَ زادُهم. ويقال للخَصْم مُنافِدٌ ، وذلك أن يَتخاصمَ الرَّجُلانِ يريد كلٌّ منهما إنفادَ حجَّةِ صاحِبه. وفي الحديث : «إنْ نافَدْتَهم نافَدُوك». أي إنْ قلتَ لهم قالوا لك.

نفذ النون والفاء والذال : أصلٌ صحيح يدلُّ على مَضاء في أمْرٍ وغيرِه. ونَفذ السَّهمُ الرمية نَفاذاً (٢). وأنْفذْتُه أنا. وهو نافذٌ : ماضٍ في أمره.

__________________

(١) بدله فى المجمل واللسان : «حين أعشب».

(٢) يقال : نفذ السهم الرمية ، ونفذ فيها أيضا.

٤٥٨

نفر النون والفاء والراء : أصلٌ صحيح يدلُّ على تجافٍ وتباعد. منه نَفر الدّابّةُ وغيرُه نِفاراً ، وذلك تَجافِيهِ وتباعُدُه عن مكانِه ومَقرِّه. ونَفَر جلدُه : وَرِمَ. وفي الحديث : «أنَّ رجلاً تخلَّلَ بالقَصَب فنَفَرَ فَمُه». أي وَرم. قال أبو عبيد : وإنّما هو من نِفَار الشّيءِ عن الشّيءِ وتَجافِيهِ عنه ؛ لأنّ الجلد يَنفِر عن اللَّحم للدَّاء الحادِثِ بينهما. ويَوم النَّفْر : يومَ يَنفِر النّاسُ عن مِنًى. ويقولون : لقيته قبل صَيحٍ ونَفْرٍ ، أي قبلَ كلِّ صائح ونافر. والمنافرة : المحاكمة إلى القاضي بين اثنَين ، قالوا : معناه أنَّ المُبتغَى تفضيلُ نَفرٍ عَلَى نفرٍ (١). وأنفرت أحدَهما على الآخر. والنَّفَر أيضاً من قياس الباب لأنَّهم يَنفِرون للنُّصْرة. والنَّفير : النَّفَر ، وكذا النَّفْر والنَّفْرة ، كلُّ ذلك قياسُه واحد. وأنشَدَ الفرّاء في النَّفْرة :

حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ إنَ نَفْرَتَنا

اليومَ كلّهُمُ يا عُرْوَ مشتَغِلُ (٢)

وتقول العرب : نَفَّرْتُ عن الصَّبىِّ ، أي لقَّبتُه لَقَبا ، كأنَّه عِندهم تنفيرٌ للجِنّ عنه وللعَيْن. قال أعرابىّ : قيل لأبِي لما وُلِدْت : نَفِّرْ عن ابنك! فسمَّاني قُنفُذا ، وكَنَّاني أبا العَدّاء.

نفز النون والفاء والزاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الوُثوب وشِبْه الوُثوب. ونَفَزَ الظَّبي : وثَبَ في عَدْوِه. والمرأة تنفِّز ولدها : ترقِّصه. وأنْفَزتُ السَّهمَ على ظهر يدي : أدَرْتُه. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «عن نفر». وفى المجمل : «كأن معناها تفضيل أحد الرجلين على الآخر».

(٢) فى الأصل : «ياعز» ، صوابه فى اللسان (نفر).

٤٥٩

يَخُرْنَ إذا أُنْفزْن في ساقِط النَّدَى

وإن كانَ يومًا ذَا أهاضيبَ مُخْضِلا (١)

نفس النون والفاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خُروج النَّسيم كيف كان ، من ريح أو غيرها ، وإليه يرجعُ فروعه. منه التَّنَفُّس : خُروج النَّسِيم من الجوف. ونَفَّسَ الله كُربَته ، وذلك أنَّ في خُروج النَّسيم رَوْحاً وراحة*. والنَّفَس : كلُّ شيءٍ يفرَّجُ به عن مكروب. وفي الحديث : «لا تَسُبُّوا الرِّيح فإنَّها من نَفَس الرَّحمن». يعني أنَّها رَوحٌ يتنفَّس به عن المكروبين. وجاء في ذكر الأنصار : «أَجِدُ نَفَس رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَن». يراد أن بالأنصار نُفِّسَ عن الذين كانوا يؤذَوْن من المؤمنين بمكَّة (٢). ويقال للعَيْن نَفَسٌ. وأصابت فلاناً نَفْسٌ. والنَّفْس : الدَّم ، وهو صحيح ، وذلك أنَّه إذا فُقِد الدّمُ من بَدَنِ الإنسان فَقَدَ نَفْسَه. والحائض تسمَّى النُّفساءَ (٣) لخرُوج دَمِها. والنِّفاس : وِلادُ المرأة ، فإذا وَضَعت فهي نُفَساء. ويقال : ورِثْتُ هذا قبل أن يُنْفَسَ فلانٌ ، أي يولَد. والولدُ منفوس. والنِّفاس أيضاً : جمع نُفَساء. ويقال : كَرَع فى الإناء نَفَساً أو نَفَسَيْن. ويقال : للماء نَفَسٌ ، وهذا على تسميته الشَّيء باسم غيرِه ، ولأنَّ قِوام النَّفس به. والنَّفْسُ قِوامُها بالنَّفَس. قال :

__________________

(١) لأوس بن حجر فى ديوانه ٢٢ والمجمل (نفز) واللسان (نفز ، خور). وفى الأصل : «وإن كان مابوذا أهاديب» ، صوابه فى المراجع السابقة. وبعده :

خوار الطايل اللمعة الشوى

وأطلائها صادفن عرنان مبتلا

 (٢) والأنصار يمانون ، لأنهم من الأزد. اللسان (نفس).

(٣) فى اللسان : «ثعلب : النفساء : الوالدة ، والحامل ، والحائض».

٤٦٠