معجم مقاييس اللغة - ج ٥

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٥

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦

باب الميم والقاف وما يثلثهما

مقل الميم والقاف واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ مُنقاسة. قالوا : مُقْلة العَين ، وهي ناظِرُها. ومَقَلْتُه : نظرتُ إليها.

والكلمة الأُخْرى المَقْلة : الحصاة تُلقِيها في الماء تعرِف قَدْرَه. قال :

قَذَفُوا سَيِّدَهُمْ في ورطةٍ

قذْفَكَ المَقْلةَ وَسْطَ المُعْتَرَكْ (١)

ويقال : هي الحصاة التي يُقْسَم عليها الماءُ في المَفَاوز. ومَقَلهُ في الماء : غَوَّصَه فيه.

وتماقَلَا : تغَاوَصا.

والكلمة الأخرى المُقْل : حَمْل الدَّوْم.

مقه الميم والقاف والهاء كلمةٌ تدل على لون. يقولون : المَقَهُ : بياضٌ في زرقة. وامرأة مَقهاءُ وشرَابٌ أمْقَهُ. قال :

إذا خفَقَت بأمْقَه صَحصحانٍ

رءُوسُ القَوم والتَزَموا الرِّحالا (٢)

مقو الميم والقاف والحرف المعتلّ. يقال فيه : امْقُ هذا مَقْوكَ مالَك ، أي صُنْه صِيانَتَك مالَك. ومَقَوْتُ السَّيف : جَلَوْتُه ، وكذا المِرْآة. قال ابن دريد : جاء بهما يُونس وأبو الخَطَّاب (٣).

مقت الميم والقاف والتاء كلمةٌ واحدةٌ تدل على شَناءَةٍ وقُبْح.

__________________

(١) ليزيد بن طعمة الخطمى ، فى اللسان (مقل) وشروح سقط الزند ١٤٧٣.

(٢) لذى الرمة فى ديوانه ٤٣٩ واللسان (مقه).

(٣) الذى فى الجمهرة (٣ : ١٦٦) : «جاء به يونس وأبو الخطاب وغيرهما».

٣٤١

ومَقَته مَقْتًا فهو مَقِيتٌ وممقوت. ونِكاح المَقْت كان في الجاهليّة أن يتزوَّح الرَّجُل امرأة أبِيه.

مقد الميم والقاف والدال لا نَعرِف فيه شيئاً ، إلّا أنَ المَقدِّىَ : شرابٌ منسوبٌ إلى قريةٍ بالشَّام ، يتَّخَذُ من العَسَل.

مقر الميم والقاف والراء كلمةٌ واحدة ، هي المَقِر (١) : شِبْه الصَّبِر. وأمْقَرَ الشَّيءُ : أمَرَّ. واللَّبنُ الحامضُ مُمْقِر. ومن هذا قولهم : سَمَكٌ مَمْقُورٌ. والمَقْر : إنْقاع (٢) السَّمَك المالح في الماء. وقال ابن دريد (٣) : أمقرتُ لفلانٍ الشَّرَابَ : أمْررتُه له.

مقس الميم والقاف والسين كلمةٌ واحدة. يقال مَقِسَتْ نفسُه : غَثَت وتمقَّستْ * أيضاً. قال :

* نَفْسِي تَمقَّسُ عن سُمَانَى الأقْبُرِ (٤) *

مقط الميم والقاف والطاء كلماتٌ لا تَرجِع إلى قياسٍ واحد ، بل هي متباينةٌ حِدًّا. فالمِقَاط : حبلٌ شديد الإغارة. والمَقْط : ضَربُك بالكُرة على الأرض ثم تأخذُها إذا نَزَلتْ. قال :

__________________

(١) المقر بقتح فكسر ، وربما قيل بالفتح.

(٢) فى الأصل : «إيقاع» ، تحريف.

(٣) الجمهرة (٢ : ٤٠٧).

(٤) فى اللسان : «قال أبو زيد : صاد أعرايى هامة فأكلها فقال ما هذا؟ فقيل سمانى. فغثت نفسه فقال ...». وأنشد الشعر.

٣٤٢

* بكفّى مَاقِطٍ في صاعِ (١) *

ومَقَطْتُ صاحبي أمْقُطُه ، إذا غِظتَه. والماقِط : الحازِي (٢) الذي يتكهّن ويطرُق بالحَصَى.

مقع الميم والقاف والعين كلمةٌ تدلُّ على نوعٍ من الضَّربِ والرَّمْي. ومُقِع فلانٌ بالشَّيءِ رُمِيَ به. والمَقْع : أشدُّ الشُّرب. والفصيل يمقَع أُمَّه ، إذا رَضِعها. ومن الباب : امتُقِع لونُه : تغيَّر ، كأنَّه ضُرِب بشيء حَتَّى يتغيَّر ؛ وكذا انتُقِعَ ، وسيأتي. والله أعلم.

باب الميم والكاف وما يثلثهما

مكل الميم والكاف واللام كلمةٌ تدل على اجتماعِ ماء. ومَكَلَت البئرُ : اجتمعَ ماؤُها في وَسَطها. ومجتمع الماء مَكْلَة. وبئر مَكُول ، والجمع مُكُل.

مكن الميم والكاف والنون كلمةٌ واحدة. المَكْن : بَيض الضَّبّ. وضَبٌ مَكُونٌ. [قال] :

ومَكْنُ الضِّباب طَعامُ العُرَيبِ

ولا تَشتهيهِ نفوسُ العَجَمْ (٣)

__________________

(١) لمسيب بن علس فى المفضليات (١ : ٦٠). وهو بتمامه فيها :

مرحت يداها للنجاة كأنما

تكرو ويكفى ماقط في ضاع

(٢) فى الأصل : «الجارى» ، تحريف.

(٣) لأبى الهندى ، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس. اللسان (مكن) وهو من أبيات فى الحيوان (٦ : ٨٨ ـ ٨٩) رعيون الأخبار (٣ : ٢١٠) ومحاضرات الراغب (٢ : ٣٠٣) والفصول والغايات للمعرى ٤٧١. وانظر المخصص (١٦ : ٨٣ / ١٧ : ١٠).

٣٤٣

والمكُنات : أوكار الطّير ، ويقال مَكِنات (١).

مكا الميم والكاف والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على معان ثلاثة : أحدها شيءٌ من الأصوات ، والآخَر خشونة في الشيء ، والآخَر ضربٌ من الغَسْل.

فالأوَّل مكا يمكو : صَفَر في يَدِه وقد جَمَعها ، مُكَاءً (٢). قال عنترة :

* تمكُو فَريصتُه كشِدق الأعلم (٣) *

يصف طعنةً [تسمع] لها صوتًا حين تنفرِج وتنضمّ (٤). والمُكَّاء : طائرٌ ، سمِّي لأنه يَمْكُو. قال :

إذا غَرَّدَ المُكَّاءُ في غيرِ روضةٍ

فوَيلٌ لأهل الشَّاءِ والحُمُراتِ (٥)

ويقولون : مَكَتِ اسْتُه تمكُو ، إذا حَبَق. وأمَّا المَكَا والمَكْو فمجثِم الأرنب. قال الطِرمّاح :

* كم بِهِ من مَكْوِ وحشِيَّةٍ (٦) *

__________________

(١) ضبطت فى اللسان والقاموس بفتح فضم ، ثم بفتح فكسر. وأثبت هذين الضطين من المجمل.

(٢) فى اللسان : «مكا يمكو مكوا ومكاء : صفر بفيه. قال بعضهم : هو أن يجمع بين أصابع يديه ثم يدخلها فى فيه ثم يصفر فيها».

(٣) من معلقته. وصدره :

وحليل غانية تركت مجدلا

(٤) فى المجمل : «يصف الطعنة حين يسمع صوتها تنفرج وتنضم».

(٥) البيت بدون نسبة فى اللسان (مكا) وأمالى القالى (٢ : ٣٢) والمخصص (١٦ : ٣٩) والصاحبى ٢١٠ والاقتضاب ٣٥٤. وقد سبق بدون نسبة فى (حمر).

(٦) استشهد بهذا الصدر فى اللسان (مكا). وعجزه كما فى ديوان الطرماح ٩٦ :

فيض في منتشل أو شيام

٣٤٤

والأخرى قولهم : مَكِيَتْ يدُه تَمْكَى مَكًى : غلُظت وخَشُنت.

والثالثة تمكَّى ، إذا توضّأ. قال :

* كالمتمَكِّي بدمِ القتيل (١) *

وأصله قولهم تمكّى الفَرَس : حكَّ عينَه بركبَتِه (٢).

مكث الميم والكاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على توقف وانتظار. ومَكَثَ مَكْثًا ومُكْثًا ورجل مَكِيث : رزينٌ غير عجول. ومَكَثَر مَكُثَ. والتمكُّث : الانتظار.

مكد الميم والكاف والدال كلمةٌ تدلُّ على ثباتٍ. ومَكَدَ بالمكان : أقام. قال أبو عبيد : وهو من قولهم : ناقَةٌ مَكُودٌ ، إذا ثَبَت غُزْرُها. ويقال إنَّ البئر المَاكدة : التي ثبت ماؤُها على قَرْنٍ واحد لا يتغيَّر. والقَرْن قَرْن القامة.

مكر الميم والكاف والراء كلمتانِ متباينتان : إحداهما المَكْر : الاحتيال والخِداع. ومَكَرَ به يمكُر. والأخرى المَكْر : خَدَالة السَّاق. وامرأةٌ ممكورة السَّاقَين.

مكس الميم والكاف والسين كلمةٌ تدلُّ على جَبْىِ مالٍ وانتقاصٍ من الشيء. ومَكَس ، إذا جَبَى. والمَكْسُ : الجِباية قال زُهير (٣) :

__________________

(١) لعنترة الطائى فى اللسان (مكا). وصدره :

إنك؟ على سبيل

(٢) فى الأصل : «عنه بركبتيه» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) كذا. والصواب أنه جابر بن حنى الثعلبى ، كما فى اللسان (مكس). وقصيدته فى المفضليات (٢ : ٨ ـ ١٢).

٣٤٥

وفي كلِّ أسواقِ العراقِ إتاوةٌ

وفي كلِّ ما باعَ امرؤٌ مَكْسُ دِرهم (١)

والله أعلمُ بالصَّواب.

باب الميم واللام وما يثلثهما

ملي (٢) الميم واللام والحرف المعتل. كلمة واحدةٌ هي الزَّمن (٣) الطّويل. وأقامَ ملِيًّا ، أي دهراً طويلا. وتَملَّيْتُ الشّيءَ ، إذا أَقامَ (٤) معك زماناً طويلا. والمَلَوانِ : طرَفا اللَّيل والنهار. والمُلاوة : الحِين.

وإذا هُمِز دلَّ على المساواة والكمال في الشَّيء. وملَأْتُ الشّيءَ أملَؤُه مَلْئاً. والْمِلء : الاسم للمِقدار الذي يُملَأ ؛ وسمِّي لأنّه مساوٍ لوِعائه في قَدْره. ويقال : أعطِنِي مِلْأَه ومِلْأَيْهِ وثلاثة أمْلائِه. ومنه أمْلَأَ النَّزْعَ في القَوس ، إذا بالَغَ. ومنه* المَلأ : الأشْراف من الناس ، لأنَّهم ملِئُوا كرمًا. فأمّا قولُ الشَّاعر (٥) :

تنادَوْا يالَ بُهْثَةَ إذا لَقُونا

فقُلْنا أحسنى مَلَأً جُهَينا (٦)

فقال قوم : أراد به الخُلُق. وجاء في الحديث : «أَحْسِنُوا أملاءكم». والمعنى فيه أنَّ حسن الخُلُق من سجايا المَلأ ، وهم الشِّراف الكِرام.

__________________

(١) رواية اللسان : «أفى كل».

(٢) هذا الموضع موضع مادة (مله) ، ولكن هكذا ورد فى الأصل فآثرت إبقاء الترتيب حرصا على أرفام الأصل.

(٣) فى الأصل : «الدم».

(٤) فى الأصل : «قام».

(٥) هو الجهنى اللسان (ملأ) وإصلاح المنطق ٤٢٣ وهو عبد الشارق بن عبد العزى ، كما فى الحماسة.

(٦) فى اللسان وإصلاح المنطق : «إذ روأنا».

٣٤٦

مله (١) الميم واللام والهاء. يقولون : هو مُمْتَلَه العقلِ : ذاهبُه.

ملث الميم واللام والثاء كلمة. يقال أتيتُه مَلَثَ الظَّلامِ ، كما يقال مَلَسَ الظلامِ ، وهو احتلاطُه

ملج الميم واللام والجيم كلمة. يقال : مَلَجَ الصِبىُّ : تناولَ الثَّدي للِرَّضاع بأدنى فمه. وفي الحديث : «لا تُحرِّم الإملاجةُ والإملاجَتانِ». وهي أن تُمِصَّه لَبَنَهَا مرَّةً أو مرّتين.

ملح الميم واللام والحاء أصلٌ صحيح له فروع تتقاربُ في المعنى وإن كان في ظاهرها (٢) بعضُ التَّفاوت.

فالأصل البَياض ، منه المِلح المعروف ، وسمِّي لبياضه. قال :

أحْفِزُها عنَّي بذي رونقٍ

أبْيضَ مِثلِ المِلح قَطَّاعِ (٣)

ويقال ماء مِلحٌ ، وقد قالوا مالح ، ذكره ابنُ الأعرابىِّ واحتجَّ بقوله :

صَبَّحنَ قَوًّا والحَمَامُ واقِعُ (٤)

وماءُ قَوٍّ مالحٌ وناقِعُ (٥)

وملح الماءُ (٦). وسَمكٌ مملوحٌ ومَليح. وأملَحْنا : أصبنا ماءً مالحا. وأملَحَ الماءُ أيضاً. قال نُصَيب :

__________________

(١) فى الأصل : «مثل» ، تحريف. وقد سبق التنبيه على أن حق هذه المادة أن تنصدر الباب.

(٢) فى الأصل : «فى ظهرها».

(٣) البيت لأبى قيس بن الأسلت الأنصارى فى المفضليات (٢ : ٨٤).

(٤) الرجز لأبى زياد الكلابى فى اللسان (ملح). وضبطت «الحمام» فى اللسان بكسر الحاء ، والصواب فتحها كما فى المجمل ، أى والحمام فى مجثمه فى أواخر الليل قبل أن يطير.

(٥) فى الأصل : «نافع» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٦) يقال ملح يملح ملوحة وملاحة ، مثل سهل يسهل سهولة ، وملح يملح ملوحا ، بفتح لامى الفعلين وضم ميم المصدر.

٣٤٧

وقد عاد عَذبُ الماءِ مِلحاً فزادنى

على مَرضى أنْ أَملَحَ المشرَبُ العذبُ

ومَلَحْتُ القدر : ألقَيْت مِلحَها بقَدَر. وأملَحتُها : أفسَدْتُها بالمِلح. ويقال مَلَّحت النّاقةَ تمليحاً ، إذا لم تَلقَح فعولِجَتْ داخِلَتُها بشيءٍ مالح. ومَلُح الشَّيءُ مَلاحةً ومِلْحا. والمُمَالَحة : المُواكلة. ثم يستعار المِلْح فيسمَّى الرَّضاع مِلْحًا. وقالت هَوَازِنُ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : «لو كُنَّا مَلَحْنا للحارث بن أبي شَمِر أو للنُّعمان بن المُنذِر لحَفِظ ذلك فينا». أرادوا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مُسترضَعًا فيهم.

ويستعيرون ذلك للشَّحم يسمُّونه المِلْح. يقال أملَحْت القِدرَ : جعلتُ فيها شيئاً من شَحم. وعليه فُسِّر قوله :

لا تلُمْها إنَّها من نِسْوةٍ

مِلحُها موضوعةٌ فوقَ الرُّكَبْ (١)

هَمُّها السِّمَن والشّحم. والمُلْحة في الألوان : بياضٌ ، وربَّما خالَطَه سواد. ويقال كبشٌ أملَحُ. ويقال لبعضِ شُهور الشِّتاء مَلْحان ، لبياض ثلجه. والمَلْحاء : كَتيبةٌ كانت لآل المنذر.

والمَلّاح : صاحبُ السفينة ، قياسُه عندنا هذا ، لأنَّ ماءَ البَحرِ ملحٌ وقال ناسٌ : اشتقاقُهُ من المَلْحِ : سُرعة خَفَقان الطَّيرِ بجَناحَيه. قال :

__________________

(١) البيت لمسكين الدارمى فى اللسان (ملح ٤٣٩) والمخصص (١٧ : ٨). وورد بدون نسبة فيه (٤ : ١٤١ / ١٣ : ١٢٥). قال ابن سيده : «أنث ، فإما أن يكون جمع ملحة ، وإما أن يكون التأنيث فى الملح لغة». وقد اختلف اللغويون فى تفسير هذا البيت ، فقال بعضهم : إنه يقال للرجل الحديد الطبع : ملحه على ركبتيه. وقال : الأصمعى : هذه زنجبة ، والملح شحمها هنا ، وسمى الزنج فى أفخاذها. وقال ابن الأعرابى : هذه قليلة الوفاء ، والملح ها هنا يعنى الملح ـ أى الملح المعروف ـ يقال فلان ملحه على ركبتيه ، إذا كان قليل الوفاء.

٣٤٨

* مَلْحَ الصُّقورِ تحت دجن مُغْيِنِ (١) *

ومما شذَّ عن الباب المُلَّاح من نَبات الحَمْض ، إلَّا أن يكون في طَعمِهِ مُلوحة. والمَلْحاء : ما انحدر (٢) عن الكاهل والصُّلب. والملَح : ورمٌ في عُرقوب الفَرَس.

ملخ الميم واللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إخراج شيء من وعائه أو من غيره. وامتَلَخَت العُقَاب عينه : أخرجَتْها. وامتلَخْتُ اللِّجامَ من رأس الدابَّة. والمليخ : اللَّحمُ لا طَعمَ له. و [المَلَّاخ : الملّاق (٣)] لأنَّه يستخرج الإنسان أو ما عنده بملَفِه. قال رؤبة :

* ملّاخُ المَلَقْ (٤) *

و [منه] قول الحسن : «يَمْلَخُ في الباطل».

ملد الميم واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على نَعْمةٍ ولِين وملاسةٍ. وشاب أَمْلَدُ : ناعِمٌ. والمَلد المصدر. وامرأةٌ مَلْداء : معتدلة الخَلْق حَسنة. وغصنٌ أُمْلُودٌ : ناعم. وملّدتُ الأديم : مَرَّنتُه. والإمليد من الصَّحارى كإمليس : الصَّحصَح (٥). [و] منه المَلَدان

ملذ الميم واللام والذال ذكروا فيه كلمتين أيضاً. الملْذ : أن يكون يمُدُّ الفرس ضَبْعَيْه في عَدْوه حتَّى لا يجد مزيداً. ومَلَذَه بالرُّمح : طعَنَه به. قال

__________________

(١) الرجز فى اللسان (ملح) والمخصص (٨ : ١٣٨).

(٢) فى الأصل : «ماء انحدر» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) ديوان رؤبة ١٠٦ واللسان (ملخ ، ملق). وفى الديوان :

إذا تتلاهن صلصال الصعق

معتزم انتجليح ملاخ الملق

(٥) الصحصح : المستوية الجرداء : المستوية الجرداء. وفى الأصل : «الصحيح» وليس به.

٣٤٩

أبو بكر (١) : المَلْذ : السُّرعة في المجيء والذهاب. وذئبٌ مَلَّاذٌ.

ملس الميم واللام والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تجرُّدٍ في شيءٍ ، وألّا يعْلَقَ به شيء ، فهو أملَسُ. ويقال للرّجُل الذي لا يَلْصَق به ذمٌّ : هو* أملَسُ الجِلد قال :

* فَمُوتَنْ بها حُرًّا وجلدُك أمْلَسُ (٢) *

وأرضٌ أمالِيسُ : لا نباتَ بها. ويقال في البيع : «المَلَسَى لا عُهْدَةَ له» ، أي لا متعلَّق له. وقد سبق ذكره ومن الباب المَلْس : سَلُّ الخُصيةِ بعروقها. وكبش مملوسٌ. ومنه المَلْس : السَّوق الشَّديد ، أي إنَّه يمضي حتى لا يمكن أن يُتعلَّقَ به. وقولهم : أتيتُه مَلَسَ الظَّلام من باب الثاء ، وقد فسَّرْناه ورُمَّانٌ إملِيسيٌ.

ملص الميم واللام والصاد قريبٌ من ملس ، وهو يدلُّ على إفلات الشَّيء بسرعة. وامَّلَص الشيءُ من يدي : أفلَتَ ، امِّلاصاً. ومَلِصَ الرِّشاء من اليد يَمْلَص. قال :

فرَّ وأعطانِي رِشَاءً مَلِصا (٣) *

ومنه أَمْلَصَت المرأةُ : رمَت بولدها إملاصاً ؛ والولد مَلِيص. ومنه سير إمليص : سريع.

ملط الميم واللام والطاء أُصيلٌ يدلُّ على تسويةِ شيءٍ وتسطيحه

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٣١٨).

(٢) البيت للمتلمس فى ديوانه ٥ نسخة الشنقيطى ، والحماسة (١ : ٢٦٨). وصدره :

فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة

(٣) أنشده فى اللسان (ملص).

٣٥٠

وملَّطت الحائطَ بالمِلاط أُملِّطه تمليطاً : طيَّنته وسوّيْتُه والمِلاطان : الجَنْبان ، كأنَّهما مُلِطا مَلْطًا. وابنا مِلَاطٍ : العضدان. والأمْلَط : الذي لا شَعْرَ عليه. ويقاس على هذا فيُقال للرّجُل القليل الخيرِ المتمرِّد : ملْطٌ. قال أبو بكر (١) : وكلُّ شيء ملّطته فهو مِلاطٌ.

ملع الميم واللام والعين أُصَيْلٌ يدلُّ على سرعةٍ وخِفّةٍ. ومَلَعْت النّاقةُ في سَيرها وناقةٌ مَيْلَع فَيْعَلٌ منه. والمَلْع : السُّرْعة في المرور والاختطاف. ومن الباب المَلِيع : الأرضُ لا نباتَ بها.

ملغ الميم واللام والغين كلمةٌ. يقولون : المِلْغ : الأحمق. والتملّغ : التحمُّق.

ملق الميم واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على [تجرُّد] في الشيء ولين. قال ابن السكِّيت : المَلَق من التملُّق ، وأصله التَّليين. والمَلَقَة : الصَّفاة المَلْسَاء. ويقال الإملاق : إتلافُ المال حَتَّى يُحوِج. والقياس واحد ، كأنَّه تجرَّدَ عن المال. وانْمَلَقَ ساعدُ الرجل : انسحَجَ من حَمْل الأحمال. قال :

وحَوْفَلٌ ساعدُه قد انْمَلَقْ

يقول قَطْبًا ونعِمَّا إن سَلَق (٢)

والمَلَقَة : الأرض لا يكاد يَبِين فيها أثر ، والجمع المَلَق والمَلَقَات. ومَلَقْتُ الثوب : غَسَلتُه ، لأنَّك تجرِّده عن الوسَخ.

ملك الميم واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ في الشيء

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١١٦).

(٢) أنشده فى اللسان (ملق).

٣٥١

وصحّة. يقال : أملَكَ عجِينَه : قوَّى عَجنَه (١) وشَدَّه. وملّكتُ الشَّيءَ : قوّيته قال :

فملّكَ باللِّيط الذي فوق قِشرها

كَغِرقئِ بيض كنَّه القيضُ من عَلِ (٢)

والأصل هذا. ثم قيلَ مَلَك الإنسانُ الشَّيء يملِكُه مَلْكا. والاسم الملْك ؛ لأنَّ يدَه فيه قويّةٌ صحيحة. فالمِلْك : ما مُلِك من مالٍ. والمملوك : العبْد. وفلانٌ حسَن المَلَكة ، أي حسن الصَّنيع إلى مماليكه. وعبدُ مَمْلكة : سُبِيَ ولم يُملَك أبواه. وما لفلانٍ مولى مَلَاكةٍ دونَ الله تعالى ، أي لم يملكْه إلّا هو. وَكَنّا [في](٣) إملاكِ فلانٍ ، أي أملكناه امرأتَه. وأملكناه مثل ملّكناه. والمَلَك : الماء يكون مع المسافر ، لأنَّه إذا كان معه مَلَك أمرَه.

ملو الميم واللام والحرف المعتلّ أصل صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ زمانٍ أو غيره. وأملَيت القيدَ للبعير إملاءً ، إذا وسَّعته. وتملّيت عُمْرِي ، إذا استمتَعت به. والمَلَوانِ : اللّيل والنهار. والملاوة (٤) : ملاوة العيش ، أي قد أُملِيَ له. ومن الباب إملاء الكتاب.

والله أعلم بالصَّواب.

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ميم

.... (٥).

تم كتاب الميم والله أعلم بالصواب

__________________

(١) فى الأصل : «عجينة».

(٢) لأوس بن حجر فى ديوانه ١٩ واللسان (ملك ، ليط).

(٣) التكملة من المجمل.

(٤) هذه مثلثة الميم.

(٥) كذا ورد هذا العنوان بدون كلام بعده. ومكانه فى المجمل : «مهيم معناها ما حالك وما شأنك».

٣٥٢

كتاب النون

باب النون وما بعدها في المضاعف والمطابق

نه النون والهاء كلمةٌ واحدة. يقال : نَهْنه فلانٌ فلاناً : كفُّه وزَجَره.

نأ النون والهمزة أصلٌ يدلُّ على ضَعف في الشّيء. فالنَّأنأة : الضَّعف. ورجلٌ نَأنَاءٌ ، إذا كان ضعيفًا. قال امرؤ القيس :

لعمركَ ما سعدٌ بِخُلَّة آثمٍ

ولا نأْنأٍ عِند الحفاظِ ولا حَصِرْ (١)

قال أبو زيد في كتاب الهمز (٢) : نَأْنَأْتُ رأيي نَأْنَأَةً ، إذا خلَّطت فيه (٣).

نب النون والباء كلمتان. نَبَ التَّيس نبيباً : صوَّتَ عند السِّفاد. والأُنبوب : ما بين كل عُقدتينِ من رُمحِ وغيرِه.

نث النون والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نَشْر شيءٍ وانتشاره. ونثُ

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ١٣٨ واللسان (١١) ، يمدح به سعد بن الضباب الإيادى.

(٢) كتاب الهمز لأبى زيد ٥ ـ ٦.

(٣) فى كتاب الهمز : «إذا خلطت فيه تخليطا فلم تبرمه».

٣٥٣
٣٥٤
٣٥٥

فالأوَّل نَسَ إبلَه ينُسُّها نَسًّا : ساقها.

والثاني قولهم : نسَّت القطاةُ : عَطِشت. ويقال لمَكَّة النّاسَّة ، لقلّة الماءِ بها. ونَسَّتِ الخُبْزةُ نَسًّا : يبست. ونسّت الجُمَّة : تشعَّثَت (١) ، وذلك لقِلّة الدُّهن فيها. ويقال للبلَل الذي يكون برأس العود إذا أُوقِدَ : النَّسِيسة ، وبه تُشَبَّهُ بقيّةُ النّفْس. قال : ويقال له النَّسيس.

نش النون والشين ليس بشَيء ، وإنَّما يُحكَى به صوتٌ. منه النَّشِيش : صوت الماء وغيرِه إذا غُلِيَ. ومنه أرضٌ نَشِيشَة (٢) ، * إذا كانت مِلحة لا تُنبت ، وأرض نَشَّاشة (٣). ومنه نَشَ الغديرُ : أخَذَ ماؤُه في النُّضوب.

نص النون والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاعٍ وانتهاء في الشّيء. منه قولُهم نَصَ الحديث إلى فلان : رفَعَه إليه. والنَّصُ في السَّير أرفَعُه. يقال : نَصْنَصْتُ نافتي (٤). وسيرٌ نصٌ ونَصِيص. ومِنَصَّة العروس منه أيضاً. وبات فلانٌ منتَصًّا على بعيره ، أي مُنْتَصِبا. ونصُ كلِّ شيءٍ : مُنتهاه. وفي حديث علىٍّ عليه السلام : «إذا بلَغَ النساء نَصَ الحِقاق (٥)». أي إذا بلَغْنَ غايةَ الصِّغر وصِرنَ في حدِّ البُلوغ. والحِقَاقُ : مصدر المُحاقَّة ، وهي أن يقول بعضُ

__________________

(١) فى الأصل : «الحمة تشقت» ، صوابه فى المجمل.

(٢) فى الأصل : «نشنشة» ، تحريف ، صوابه من القاموس.

(٣) وكذا فى المجمل ، ويقال «نشناشة» أيضا.

(٤) النصنصة : التحريك والقلقلة ، وأكثر ما تستعمل فى البعير لازمة ، يقال نصنص البعير ونصنص الرجل. والمألوف أن يقال نصصت البعير ، بالمضاعف لا المطابق.

(٥) تمام الحديث : «فالعصبة أولى» ، أى أولى بها من الأم.

٣٥٦

الأولياء : أنا أحقُّ بها ، وبعضُهم : أنا أحقّ. ونَصَصْت الرّجُل : استقصيتُ مسألتَه عن الشَّيء حتَّى تَستخرِجَ ما عنده وهو القياس ، لأنَّك تبتغي بلوغَ النِّهاية. ومن هذه الكلمة [النَّصنصة] : إثبات البعير رُكبتَيه في الأرض إذا هَمَّ بالنُّهوض. والنَّصنصة : التَّحريك. والنُّصَّة : القُصَّة من شَعر الرّأس ، وهي على موضعٍ رفيع

نض النون والضاد أصلانِ صحيحان أحدُهما يدلُّ على تيسيرِ الشَّيء وظُهورِه ، والثاني على جنسٍ من الحركة.

الأوّل : قولُ العرب : خذ ما نضَ لك من دَينٍ ، أي تَيَّسر. وفلانٌ يستنضُ مال فلانٍ ، أي يأخذه كما تيَّسر. والنَّضيض من الماء : القَليل. فأمَّا النَّاضُ من المال فيقال : هو ما له مادَّةٌ وبقاء ، ويقال بل هو ما كان عَيناً. وإلى هذا يذهب الفُقهاءُ في النضّ.

نط النون والطاء. يقولون النّطانِط من الرِّجال : الطِّوال ، الواحد نَطْنَاط. ونطنطت الشَّيء : مددتُه.

نع النون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيلٍ واضطراب. ويقال للشَّيء إذا مالَ واضطرب : تنَعنَع. والنُّعنُع : الهَنُ المسترخى. والنُّعنُعِ : الطَّويل من الرِّجال المضطرِب الخَلْق. ويقولون : تَنَعنَعَ منّا ، أي تباعَدَ. قال ذو الرُّمة :

النازحُ المتنعنِعُ (١) *

__________________

(١) البيت بتمامه كما فى الديوان ٣٥١ واللسان (نعع) :

على مثلها يدنو البعيد وببعد

قريب ويطوى النازح بالتصنع

٣٥٧
٣٥٨
٣٥٩

نفسَه عن طلبِها. والنَّهْي والنِّهْي : الغدير ، لأنَّ الماء ينتهي إليه. وتَنهِيَةُ الوادي : حيثُ يَنتهي إليه السُّيول. ويقال إنَ نِهاءَ النَّهار : ارتِفاعُه. فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ تلك غايةُ ارتفاعِه

ومما شذَّ عن هذا الباب إن صح يقولون النُّهاء (١) : القوارير ، وليس كذلك عندنا. وينشدون :

تَرُضُّ الحصَى أخفافُهنَّ كأنّما

يُكسَّر قَيْضٌ بيْنها ونِهاءُ (٢)

نهأ النون والهاء والهمزة. إذا همز ففيه كلمةٌ واحدة ، وهي من الإبدال ، يقول : أنهأْتُ اللَّحم ، إذا لم تُنضِجْه. وهذا عندنا في الأصل : أنيأْته (٣) من النّيء ، فقلبت الياء هاء (٤).

نهب النون والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على توزع شيءٍ في اختلاسٍ لا عن مساواة. منه انتهابُ المالِ وغيرِه. والنُّهْبى : اسم ما اتُهِب. ومنه المُناهَبة : أنْ يتبارى الفَرَسانِ في حُضْرِهما. يقال : ناهب الفَرسُ [الفرسَ (٥)] ، كأنهما يتناهبان الحُضْر والسَّبَق ويقال نَهَبَ النّاسُ فلاناً بكلامهم : تناوَلُوه به والقياسُ واحد.

__________________

(١) كذا ورد فى الأصل واللسان بضم النون فى التفسير والشاهد بعده ، فقيل إن هذا لا واحد له من لفظه ، وقيل واحدته نهاءة. وفى المجمل بكسر النون فى الموضعين.

(٢) البيت مجهول القائل فى المجمل واللسان. ويروى أيضا : «نهاء» بالفتح ، كما فى المجمل ، وقال ابن برى فى هذا : إنه جمع نهاة جمع الجنس ومده لضرورة الشعر. ويروى أيضا «نهاء» بالكسر جمع نهاة بالفتح.

(٣) هذه هى صورته قبل الإعلال ، وإنما يقال أنأته إناءة ، إذا لم تنضجه.

(٤) فى الأصل : «همزة» ، تحريف.

(٥) التكملة من المجمل.

٣٦٠