معجم مقاييس اللغة - ج ٥

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٥

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦

ذلك. وامتَحَضْتُ أنا : شرِبت المَحْض. وأمحضْتُك الحديثَ : صَدَقْتُكَه. وكذا النصيحة [و] الوُدّ. قال :

قُلْ لِلْغَواني أما فيكُنَّ فاتكةٌ

تَعلُو الّلئيم بضربٍ فيه إمحاضُ (١)

محق الميم والحاء والقاف كلماتٌ تدلُّ على نُقصان. ومَحَقَه : نَقصه. وكلُّ شيءٍ نَقَصَ وُصِف بهذا. والمحَاق (٢) : آخِر الشَّهر إذا تمحَّق الهِلال. ومَحَقه الله : ذهَب ببَركتِه (٣). وقال قوم : أمْحَقَه ؛ وهو رديء. وقال أبو عمرو : الإمحاق أن يَهلِك كمحاقِ الهلال. وقولهم : ماحِقُ الصَّيف : شِدّة حَرِّه ، أي إنّه بشدَّة الحرِّ يَمحَق النّبات ، أي يُوبِسُه ، ويذهبُ به. وقال ابن دريد (٤) ، في قول القائل (٥) :

يقلّب صعدةً جرداءَ فيها

نَقيع السّمّ أو قَرْنٌ مَحيقُ

إنّه ليس من المحق ، إنَّما هو مفعول من حُقْت أَحُوق وحِقت أَحيق ، أي دَلكت وملَّست.

محك الميم والحاء والكاف كلمةٌ واحدة. المَحْكُ : التَّمادي واللَّجاج. وتماحَكَ الخصمانِ : تلاجَّا. وهو مَحِكٌ.

__________________

(١) وكذا أنشده فى المجمل والجمهرة (٢ : ١٦٩) بدون نسبة.

(٢) المحاق ، بتثليث الميم.

(٣) فى الأصل : «بتركته».

(٤) الجمهرة (٢ : ١٨٢).

(٥) هو المفضل النكرى ، كما فى اللسان (محق) والأصمعيات ٥٤. والبيت فى المجمل والجمهرة بدون نسبة. ورواية الأصمعيات :

بهزهز صعدة جرداء فيها

سنان الموت أو قن محيق

٣٠١

محل الميم والحاء واللام أصلٌ صحيح له معنيانِ : أحدهما قِلّة الخير ، والآخَر الوِشاية والسِّعاية.

فالمَحْل : انقطاع المطر ويُبْس الأرضِ من الكلأ. يقال : أرضٌ مُحُول ، على فُعول بالجمع. قال الخليل : يحمل ذلك على المواضع. وأمْحَلَت فهي مُمْحِل. وأمْحَل القوم. وزمانٌ ماحِل.

والمعنى الآخَر مَحَل به ، إذا سعَى به. وفي الدعاء : «لا تجعل القرآنَ بنا ماحلا». أي لا تجعله يَشهد عندك علينا بتركنا اتِّباعَه ، أي اجعَلْنا ممّن يتبع القرآن ويَعمَل به.

ومما يُبايِن هذه المعنيين : لبنٌ مُمَحَّل ، محَّله القوم ، أي حَقَنوه.

محن الميم والحاء والنون كلماتٌ ثلاثٌ على غير قياس.

الأولى المَحْن : الاختبار. ومَحَنَه وامتحنه.

والثانية : أتيتُه فما مَحَنني شيئًا ، أي ما أعطانيه.

والثالثة مَحَنَه سَوطاً : ضربَه.

محو الميم والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الذَّهاب بالشيء. ومَحَتِ الرِّيحُ السحابَ : ذهبَتْ به. وتسمَّى الشّمالُ مَحْوَةَ ، لأَنها تَمحو السَّحاب. ومَحَوْت الكتابَ(١) أَمْحُوه مَحْواً. وامَّحَى الشّيءُ : ذهب أثرُه ، كذلك امْتَحَى.

__________________

(١) فى الأصل : «ومحوت الكتاب أثره».

٣٠٢

محت الميم والحاء والتاء ليس بأصل ، إنّما هو مقلوب. يقولون : المَحْت : الشَّديد من كلِّ شيء. ويومٌ مَحْتٌ : شديدُ الحر. والأصل الحَمْتُ.

محج الميم والحاء والجيم. يقولون : مَحَجت الأرضَ الرِّيحُ : مسحت التُّرابَ عنها. ومَحَجْتُ اللَّحمَ : قشَرته. قال الخليل : والمَحْج : مسحُ شيءٍ عن شيء. قال ابن دريد (١) : ومَحَجت الأديمَ والحبْلَ ، إذا دلكته لِيَلين. قال : وماحَجْتُه مُماحجةً ومِحاجاً ، إذا ما طَلته. وإن صحَّ الباب فأصله المَسْح.

باب الميم والخاء وما يثلثهما

مخر الميم والخاء والراء أصلٌ يدل على شَقٍّ وفَتْح. يقال مَخَرت السّفينةُ الماءَ مخراً : شَقَّته. قال الراجز في نساء يختصمن ويستعنَّ بأيديهنّ ، كما يفعل السَّابح :

* مقدِّمات أيدِىَ المَوَاخِرِ (٢) *

ويقال : مَخَرْتُ الأرضَ ، إذا أرسلْتَ فيها الماء. ويقال استمخَرْتُ الرِّيحَ ، إذا استقبلتَها بأنفِك. وقياسُه صحيح ، كأنَّك تشقُّ الرِّيح بأنفك. وقولهم : امتخَرْتُ القومَ ، إذا انتقَيْتَ خِيارَهم ، كأنَّه شقَّ النّاس إليه حتَّى انتخَبَه. قال :

* من نُخْبةِ النّاسِ التي كان* امتخَرْ (٣) *

ومما شذَّ عن هذا الباب اليَمخُور : الرَّجل الطَّويل. فأما بناتُ مخْرٍ فهي

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٥٩).

(٢) أنشده فى اللسان (مخر).

(٣) للعجاج فى ديوانه ١٩ واللسان (مخر) برواية : «من مخة الناس».

٣٠٣

سحابٌ تنشأ في الصَّيف ، وليس من الباب ، لأنَّه من الإبدال والأصل الباء «بَخْرٌ» ، وقد مرَّ.

مخض الميم والخاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابِ شيء في وِعائه مائعٍ ، ثم يستعار. ومَخَضت اللَّبَن أمخضه مَخْضا. والمَخْض : هدر البَعير ، وهو على التَّشبيه ، كأنّه يمخض في شِقْشِقته شيئاً. والماخِض : الحامل إذا ضَرَبها الطَّلْق. وهذا أيضاً على معنى التَّشبيه ، كأنَّ الذي في جوفها شيءٌ مائع يتمخَّض. والمَخَاض : النُّوق الحوامل ، واحدتها خَلِفة. ويقال لولد النَّاقة إذا أُرسِل الفحلُ في الإبل التي فيها أمُّه : ابنُ مَخَاضٍ ، لَقِحت أُمُّه أمْ لا.

مخط الميم والخاء والطاء أُصَيلٌ ، يدلُّ على بُروزِ شيءٍ من كِنِّه ، صحيحٌ. وامتَخَط السَّيفَ : انتضاه. وأمْخَطَ السَّهمَ (١) : أنفَذَه إمخاطًا. وربَّما قالوا : امتخَطَ ما في يده : اختَلَسه.

مخن الميم والخاء والنون يقولون : المَخْن : الرَّجُل الطَّويل (٢).

مخي الميم والخاء والحرف المعتلّ. يقولون : تمخَّى من الشَّيء وامَّخى منه : تبرَّأ منه وتحرَّج. قال :

ولم تُراقِبْ مأثَماً فتَمَّخِهْ

من ظُلْمِ شيخٍ آضَ من تَشَيُّخِهْ (٣)

__________________

(١) فى الأصل : «السيف» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) يقال للطويل وللقصير أيضاً ، فهو من الأضداد.

(٣) بعده فى اللسان (مخا) :

أشهب مثل الفسر بين أفرحه

٣٠٤

مخج الميم والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون : مَخَج البئرَ ، إذا خَضْخَضَها. قال :

* يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما (١) *

ويَكنون به عن البِضاع ، فيقال : مَخَجَها. والله أعلم بالصَّواب.

باب الميم والدال وما يثلثهما

مدر الميم والدال والراء أصل صحيح يدلُّ على طينٍ متحبِّب ، ثم يشبَّه [به]. فالمَدَر معروف ، والواحدة مَدَرَةٌ ، وربَّما قالوا : سمِّيت البلدة مَدَرَة. قال :

* لَيْلاً وما نَادَى أذِين المَدَرَه (٢) *

والمَدْر : تطيينُك وجهَ الحَوض بالطِّين ، وهو المَدَر المبلول بَلًّا بالماء (٣). ومكان ذلك الطِّين مَمْدَرةٌ. والأمْدَر من الضِّباع ، لونُه لونُ المَدَرِ (٤). ويقال : رجلٌ أمدَرُ : عظيم الجَنْبَين ، وأظنُّه من تَراكُم اللَّحم عليه ، كأنَّه مَدَرٌ.

__________________

(١) فى الأصل : «الداء اجموها» ، صوابه مما سبق فى (جم). والرجز فى اللسان (جمم ، مخخ ، قلذم).

(٢) للحصين بن بكير الربعى ،؟؟ ف حمار وحش. اللسان (أذن). وقبله فى اللسان (مدر ، أذن) :

شد على أمر الورود متزره

(٣) فى الأصل : «لبلا الماء».

(٤) فى المجمل : «والأمدر من الضباع لون له».

٣٠٥

مدس الميم والدال والسين. ذكر ابن دريد (١) : المَدْس : الدَّلْك والفَرْك. ومَدَسْتُ الأديمَ مَدْساً.

مدش الميم والدال والشين. يقولون مَدْشاء : لا لحمَ على يدَيْها (٢). وقال أبو بكرٍ(٣) : مَدِشَتْ عينُه : أظلَمَتْ ، والرجُل مَدِشٌ.

مدق الميم والدال والقاف كلمةٌ واحدة حكاها أبوبكر : مَدَقْتُ الصَّخرَ (٤) وغيره : كسرته.

مدل الميم والدال واللام من كلمات أبي بكر أيضاً (٥) : المِدْل : اللَّبَن الخاثر.

مدن الميم والدال والنون ليس فيه إلّا مدينة ، إن كانت على فعيلة ، ويجمعونها مُدُنًا. ومدَّنْتُ مَدينةً.

مده الميم والدال والهاء ليس بأصل ، لأنَّ هاءه عن حاء : التَّمَدُّح والتَّمَدُّه. ومَدَهته. قال :

__________________

(١) فى الجمهرة (٢ : ٢٦٦).

(٢) بعده فى الأصل : «مدشت الصخرة وغيره كسرته. مدل الميم والدال واللام من كلمات أبى بكر» ، تحريف وإقحام لما سيأتى من الكلام.

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٦٩).

(٤) فى الأصل : «الصخرة». على أن نص الجمهرة (٢ : ٢٩٤) : «ومدقت الصخرة ، إذا كسرتها».

(٥) فى الجمهرة (٢ : ٢٩٩).

٣٠٦

* لِلَّهِ دَرُّ الغَانياتِ المُدَّهِ (١) *

قال الخليل : المَدْه يضارع المدح (٢) ، إلّا أنّ المَدْه في نعت الجَمَال والهيئة ، والمدح عامٌّ في كلِّ شيء.

مدي الميم والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيء وإمداد (٣). منه المَدَى : الغاية. والمَدِيُ فيما يقال : الماء المجتمع ، والحوضُ الذي يُمِدُّ ماؤه بعضُه بعضا ، والجمع أمدِيةَ. قال :

* إذا أُمِيلَ في المَدِيِ فاضا (٤) *

والمُدْي : مِكيال (٥).

ومما شذَّ عن هذا الباب المدْية (٦) : الشَّفرة ، وجمعها مُدًى. ويحتمل أنّها من الباب أيضاً ، فإنه إذا ذُبِحت الذَّبيحة بها كان ذلك مَداهَا. وإلى هذا أشار أبو علي (٧).

__________________

(١) لرؤبة فى ديوانه ١٦٥ واللسان (مده) والجمهرة (٢ : ٣٠٢) وفيها : «ومن روى المزه ، أراد المزح».

(٢) وكذا روايته عن الخليل فى؟؟؟. والذى فى اللسان : «وقال الخليل بن أحمد : مدهته فى وجهه ، ومدحته إذا كان غائباً».

(٣) فى الأصل : «وامتداد».

(٤) أنشده فى المجمل واللسان (مدى).

(٥) هو مكيال لأهل الشام يسع خمسة وأربعين رطلا ، وقيل غير ذلك.

(٦) المدية ، مثلثة الميم.

(٧) كذا ، ولعلها أبو عبيد.

٣٠٧

مدح الميم والدال والحاء أصلٌ صحيح يدل على وصفِ محاسنَ بكلامٍ جميل. ومَدَحَه يَمْدَحه مَدْحًا : أحسَنَ عليه الثَّناء. والأُمْدُوحة : المَدْح. ويقال المَنْقَبة أُمْدُوحةٌ أيضا. قال :

لو كان مِدحةُ حىٍّ مُنْشِراً أحداً

أحْيَا أبا كُنَّ يا ليلى* الأماديحُ (١)

مدخ الميم والدال والخاء. يقولون : المَدْخ : العظمة. والتَّمادُخ : البَغْي. قال :

تمادَخُ بالحِمَى جَهْلاً علينا

فهَلَّا بالقَنَانِ تُمادِخِينا (٢)

وحكى ابنُ دريد (٣) : تمدَّخَت النّاقة : تلوَّتْ في سَيرِها. وتمدَّخَت : امتلأَتْ شَحما.

باب الميم والذال وما يثلثهما

مذر الميم والذال والراء يدلُّ على فسادٍ في شيء. ومَذِرت البيضة : فسدَت. وأمْذَرَتْها الدَّجاجة. والتمذُّر : خُبْث النَّفس. ومَذِرَتْ له نفسي. ومَذِرت مَعِدتُه : فَسَدت. والأمْذَر : الكثير الاختلاف إلى الخَلاء ، وهو ذلك المعنى.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ١١٣). وأنشده فى اللسان ، ونبه ابن برى أن الرواية الصحيحة ما رواه الأصمعى ، وهى :

لو أن مدحه حى أنشرت أحدا

أحيا أبونك الشم الأماديح

(٢) كذا روايته فى المجمل. والقنان : موضع. وفى الأصل : «بالفتان» ، وفى اللسان (مدخ) : «بالقيان».

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٠٢).

٣٠٨

ويجوز أن يقال : إنّ من الباب قولَهم تفرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ.

مذع الميم والذال والعين. يقولون فيه المذَّاع : الكذَّاب ، والذي لا يكتُم السِّرَّ أيضًا. ومَذَع ببَوْلِه : رمى ببوله.

مذق الميم والذال والقاف أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيء لا عَلَى جهة النَّصاحة.

من ذلك مَذَق اللّبَنَ بالماء ، وإنَّما يراد بذلك تكثيره. واشتُقَّ منه المذَّاق : الذي يَمذق الوُدّ بملَلٍ يكون فيه. والمَذْق : اللَّبَن الممزوج أيضًا ، وكذا المَذِيق.

مذل الميم والذال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاء وقلّةِ تشدُّدٍ في الشَّيء. منه الامذِلال : الفَتْرة في النَّفس. قال ذُو الرُّمَّة :

[وذكِرُ البَينِ يَصدعُ في فؤادي

ويُعقِبُ في مفاصِلِيَ]امذِلالاً (١)

والمَذِيلُ : المريضُ (٢) الذي لا يتَقَارُّ. وقد يكون من هذا القياسِ المَذِلُ لما عِندَه من مالٍ وسِرٍّ ، إذا لم يَقدِرْ على ضبطِ نَفْسِه. ومَذِل من كلامه : قَلِق.

مذي الميم والذال والحرف المعتلّ يدلُّ على سهولةٍ في جريانِ شيءٍ مائع. منه المَذْي ، وهو أرَقُّ ما يكون من النُّطفة ، والفِعل منه مَذَيْتُ وَأمْذَيْتُ ، [و] فيه الوضوء.

__________________

(١) لم يرد فى الأصل إلا هذه الكلمة ، ولم يرو فى المجمل واللسان (مذل). وتكملة البيت من ديوان ذى الرمة ٤٣٠.

(٢) فى الأصل : «والمذبل المرض».

٣٠٩

ومن هذا القياس المِذَاء : أن يجمع الرّجلُ بين نساء ورجال يُخَلِّيهم يُماذي بعضُهم بعضاً : وفي الحديث : «الغَيْرَة من الإيمان ، والمِذَاء من النِّفاق». ويقولون : إنَ ماذِيَ العسل أبيَضُهُ. وقياس الباب أنَ الماذِيَ السَّهلُ الجِرْية اللَّيِّن. وكذا الدُّروعُ (١) الماذِيَّة : السَّلِسَة. والخَمْر ماذِيَّة ، إذا سُهلت في حَلْقِ شارِبِها.

مذح الميم والذال والحاء. يقولون : المَذَح : أن يمشِيَ الرّجلُ فتسحج إحدى [رجليه] الأخرى.

باب الميم والراء وما يثلثهما

مرز الميم والراء والزاء أصلٌ يدلُّ على تقطيع شيءٍ وخَدْشه. ومرَزَتِ المرأةُ العجينَ : قطّعته ، وكلُّ قطعةٍ مَرْزَةٌ. ويقولون في القياس على هذا : امتَرزَ عِرْضَه ، إذا نال منه. ومرز جلدَه : خَدَشَه.

مرس الميم والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مُضامَّةِ شيءٍ لشيءٍ بشِدّةٍ وقُوّة.

منه المَرَس : الحَبْل ، سمِّيَ لتمرُّسِ قُواهُ بعضِها ببعض ، والجمع أَمْراس ومَرِسَ الحبلُ يَمرَسُ مَرَسًا : وقع بين الخُطّاف والبَكْرة ، فأنت تُعالِجُه أن تُخرِجَه. ورجلٌ مَرِسٌ : ذو جَلَد. وفحل مَرّاسٌ : ذو مِرَاسٍ شديد. يقال : امتَرَستِ الألسُنُ

__________________

(١) فى الأصل : «الدرماع».

٣١٠

في الخصومات : أخَذَ بعضها بعضا. ومنه الامتراس : اللُّزوق بالشَّيءِ وملازمتُه.

قال :

فَنكِرْنَه فنَفَرن وامتَرَستْ به

هَوْجاءُ هادِيةٌ وهادٍ جُرْشُعُ (١)

ومنه تمرَّسَ فلانٌ بالشَّيء : احتَكَّ به (٢). والمَرْمريس : الدَّاهية.

مرش الميم والراء والشين. يقولون : المَرْش : خَرْق الجِلد بأطراف الأظافير. والمَرْش أيضًا : الخَدْش الخفيف. والمَرْشُ : الأرض تَسيلُ من أدنَى مطر.

مرص الميم والراء والصاد. يقولون : المَرْص مثل المَرْش. وتمرَّصَ عن السُّلْتِ قِشرُه : طار. وهذا عندنا كلام.

مرض الميم* والراء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ما يخرج به الإنسان عن حدِّ الصّحَّة في أىِّ شيءٍ كان. منه العِلَّة. مَرِض و... يَمْرَض. وجمع المريضِ مَرْضَى. وأمْرَضَه : أعلَّه. ومرَّضَه : أحسَنَ القيامَ عليه في مرَضِه. وشمسٌ مريضة ، إذا لم تكن مُشرِقة ، ويكون ذلك لهَبْوَةٍ في وجهها. والنِّفاق مرضٌ في قوله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وقال : (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) ، قالوا : أراد القهْر. وقد قلنا : المرضُ : كلُّ شيءٍ خرَجَ به الإنسان عن حدِّ الصحَّة. وقياسُه مطَّرد.

وقالوا : مَرَّضَ في الحاجة : قَصَّر ولم يصِحَّ عزْمُه فيها.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ٨) ، واللسان (مرس ، جرشع).

(٢) فى الأصل : «اختل به» ، صوابه فى اللسان.

٣١١

وقد شذَّتْ عن هذا القياسِ كلمةٌ ، وهي من المشكل عندنا ، يقولون : أمرضَ إذا قارَبَ إصابة حاجَتِه. قال :

ولكنْ تحت ذاكَ الشَّيبِ حزمٌ

إذا ما ظَنَ أمْرَضَ أو أصابا (١)

مرط الميم والراء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تحاتِّ الشيءِ أو حَتِّه. وتمرَّط الشَّعر : تحاتَّ ، ومَرَطتُه. والأمرط من السِّهام : الساقط قُذَذُه. والأمْرَط : الفرس لا شَعرَ على أشاعِرِه. والمُرَيْطاء : ما بين الصَّدر إلى العانة من البَطْن ، وهي أقَلُّ من ذلك شَعراً. والمَرَطَى : سُرعة العَدْو ، كأنَّه من سُرعتِه يتمرَّط عنه شَعرُه. وناقة مِمْرَطةٌ (٢) : سريعة.

مرع الميم والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على خِصْب وخَير. ومَرَعَ المكانُ. وأمْرَعَ القومُ : أصابوه مَرِيعاً. وأمْرَعَ الوادِي : أكلَأَ.

مرغ الميم والراء والغين أصلٌ صحيح يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ أو إسالة شيء. والمَرْغ : اللُّعاب. وأمْرَغ الإنسانُ : سال لعابُه. ومَرَّغْتُ الشَّيءَ : أشبعتُه دُهْنًا. والإمراغ في العَجين : أن يكثَّرَ ماؤُه. ويقولون : أمرَغَ : أكثَرَ الكلامَ في غيرِ صواب ، كأنَّه يُسِيلهُ إسالة. ويقال أمْرَغَ عِرْضَه ومَرَّغه ، كأنه لَطَخه وأسال عليه قيحاً.

وقريبٌ من هذا القياس مرَّغتُه في التُّراب فتمرّغ ، أي قلَّبته فتقلَّبَ.

__________________

(١) البيت لكثير عزة ، كما فى البيان (٤ : ٦٧) ، وهو فى اللسان (مرض) بدون نسبة.

(٢) فى الأصل : «مرطة» ، صوابه فى المجمل واللسان. وما أثبت هو ضبط اللسان ، وضبط فى المجمل بضم أوله وفتح ثانية وتشديد ثالثه مع الفتح. والذى فى القاموس : «وهى ممرط وممراط» الأولى كمحسن ، والثانية كمهذار.

٣١٢

مرق الميم والراء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ من شيء. منه المَرَق لأنَّه شيءٌ يَمرُق من اللَّحم. وأمْرَقْتُ القِدرَ ومَرَقْتُها (١). والمُروق : الخروج من الشيء. ومرق السهمُ من الرَّمِيَّة : نفذ. ومرقت الإهاب (٢) ، إذا حلقْتَ عنه صُوفَه ، وهو قياسٌ صحيح لأنَّك كأنَّك أبرزتَ الجلدَ عن شعره. وإذا عُطِنَ الإهابُ حَتَّى يُنتِنَ فهو مَرْقٌ. ويقال إن المُرَاقَةَ : الكَلأُ اليسير ، ومعناه أنَّ الأرضَ كأنَّها تجرَّدت ومَرِقَت.

مرن الميم والراء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينِ شيءٍ وسُهولة. ومَرَنَ الشيء يَمْرُنُ مُرُوناً : لانَ. والمارنُ : ما لانَ من الأنفِ وفَضَل عن القَصَبَة. وأمْرَانُ الذراع : عَصَبٌ تكون فيها ، سُمِّيَت لُمُرونها ، أي لِينِها. والمَرِن (٣) : الحال والعادة. يقال : ما زال ذاك مَرِنَه ، أي حالَه. وهو في شعر الكميت ، وهو الأمرُ يَمرُنُ عليه الإنسان ، إذا اعتاده والمَرْن ، فيما يقال : الفِراء ؛ إن (٤) كان صحيحًا ، وهي (٥) ليِّنة. قال النَّمر :

* كأنَّ جُلودَهُنَّ ثِيابُ مَرْنِ (٦) *

ومما شذَّ عن هذا الأصل مارَنَت النّاقةُ : انقطَعَ لبنُها. والمرَانَةُ : ناقةُ ابنِ مُقْبِل. قال :

__________________

(١) أى أكثرت مرقها ، وهذا من باب نصر ، وضرب.

(٢) بعده فى الأصل : «قال : كأن جلودهن ثياب مرن» ، وإنما هذا الاستشهاد من شواهد المادة التالية ، وسيأتى فى موضعه.

(٣) ضبط فى الأصل بفتح الراء ، والصواب كسرها كما فى المجمل واللسان والقاموس.

(٤) فى الأصل : «فإن».

(٥) فى الأصل : «أى».

(٦) صدره فى اللسان (مرن) : خفيفات الشخوس وهن خوص.

٣١٣

يا دارَ سلمَى خلاءً لا أُكَلِّفُها

إلَّا المَرَانَةَ حتى تعرِفَ الدِّينا (١)

مره الميم والراء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بياضٍ في شيء. سَرَابٌ أو شَرَابٌ (٢) أمْرَه ، أي أبيض. والمرأة لا تتعهَّد الكُحلَ مَرْهاء.

مري الميم والراء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان يدلُّ [أحدُهما] على مسحِ شيءٍ واستِدرار ، والآخر على صلابةٍ في شيء.

فالأوَّل المَرْيُ : مَرْيُ الناقة ، وذلك إذا مُسِحَتْ للحَلْب ، يقال مَرَيْتُها أمْرِيها مَرْياً. ومما يشبَّه بهذا : مَرَى الفرسُ بيدِهِ ، إذا حرَّكها على الأرض كالعابث ، وكأنَّه يشبَّه بمنْ يَمرِي الضَّرْعَ بيدِه. والمَرايا : العُروق التي تمتلئ وتَدِرَّ باللبن. قال ابن دريد (٣) : مُرْيَةُ النّاقة : أن تُستدرَّ بالمَرْيِ ، بضمّ الميم هي الفصيحة ، وقد يقال بالكسر (٤).

والأصل الآخر* المَرْو : جمع مَرْوَة ، وهي حجارةٌ تبرُق. قال :

حتَّى كأنِّي للحوادِثِ مَروةٌ

بصَفَا المشَرَّقِ كلَّ حينٍ تقرَعُ (٥)

وعندنا أنَ المِراءَ ممَّا يتمارَى فيه الرّجُلانِ من هذا ، لأنَّه كلامٌ فيه بعضُ الشدّة. ويقال: ما رَاهُ مِراءً ومُماراةً.

__________________

(١) لابن مقبل ، كما سبق تخريجه فى (دين) وانظر تعليق الجرجانى على هذا البيت فى الوساطة ٣١١.

(٢) فى الأصل : «سراب أو سراب».

(٣) الجمهرة (٢ : ٤١٩ ـ ٤٢٠).

(٤) فى المجمل : «هذا قول ابن دريد. فأما أهل العلم باللغة بعد فإنهم يقولون : مرية» ، أى بالكسر.

(٥) لأبى ذؤيب الهذلى ، فى ديوان الهذليين (١ : ٣) والمفضليات (٢ : ٢٢٢). وهذه الرواية تطابق ما فيهما. والمشرق : مسجد الخفيف بمنى. وروى : «المشقر» ، وهو جبل لهذيل. كما فى معجم البلدان عند إنشاده.

٣١٤

ومما شذَّ منهما المِرْية : الشَّكّ.

مرأ الميم والراء والهمزة. وإذا هُمِز خَرَج عن القياس وصارت فيه كلماتٌ لا تنقاس. يقال امْرُؤٌ وامرآنِ ، وقوم امرئٍ. وامرأةٌ تأنيث امرئٍ. والمُرُوَّة : كمال الرُّجُوليّة ، وهي مهموزة مشدَّدة ، ولا يُبنَى منه فِعل. والمَرَاءَة : مصدرُ الشيء المَريء الذي يُستَمرَأ ، ويقال مَرَأني الطَّعامُ وأمرأَني. والمَرِيء : رأس المَعِدَة والكَرِش اللازقُ بالْحُلقوم.

مرت الميم والراء والتاء كلمةٌ واحدة ، هي المَرْتُ : الفلاةُ القَفْر. ومكانٌ مَرْتٌ : بيِّنُ المُروتةِ ، إذا لم يكن فيه خَير. وجَمعُ مَرتٍ أمراتٌ ومُرُوت. وبلَغَنا أنَّ اشتِقاق مَارُوتَ منه. ويقال المَرْت : أرضٌ لا يجفُّ ثَرَاها ولا ينبتُ مَرعاها.

مرث الميم والراء والثاء كلمةٌ ليست بأصل ، بل هي من الإبدال. ومَرَثَ الدواء يَمْرِثُه مثل مَرَسه يَمرُسُه. ومنه رجل مِمْرَث : صبورٌ على الخُصومات ؛ والجمع مَمَارِث ، والأصل السين وقد ذُكِرَتَا.

مرج الميم والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مجيء وذَهابٍ واضطراب.

ومَرِج الخاتَم في الإصبع : قَلِقَ. وقياس البابِ كلِّه منه. ومَرِجَت أماناتُ القوم وعُهودُهم : اضطربت واختلطت. والمَرْج : أصلُه (١) أرضٌ ذاتُ نباتٍ تَمْرُجُ فيها الدّوابُّ. [و] قولُه تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) ، كأنَّه جلّ

__________________

(١) فى الأصل : «أصل».

٣١٥

ثناؤه أرسَلَهما فَمرِجا. وقال : (هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ).

مرح الميم والراء والحاء أصلٌ يدلُّ على مَسَرَّةٍ لا يكاد يستقرُّ معها طرباً. ومَرِحَ يَمْرَحُ. وفرسٌ مِمْرَاحٌ ومَرُوح. قال الله تعالى : (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ). ومنه المِراح ، وقد ذكرناه. قال :

يقولُ العاذِلاتُ علاكَ شيبٌ

أهذا الشَّيب يمنعني مِرَاحِي

وقوسٌ مَرُوحٌ : يمرَح مَن رآها عجبًا بها ، ويقال بل التي كأنَّ بها مَرَحاً من حسن إرسالها السَّهم. ويقولون : عينٌ مِمْرَاحٌ : غزيرةُ الدَّمع. وهذا بعضُ قياس الباب ، لأنَّهم ذهبوا فيه إلى ما قلناه من قِلّهِ الاستقرار. وكذلك مرَّحْتُ المَزَادةَ : ملأتها لتتسرَّبَ وتسيل. ومَرِحَت العَينُ مَرَحاناً (١). قال :

كأنَّ قَذًى في العَين قد مَرِحَتْ بهِ

وما حاجةُ الأُخرى إلى المَرَحَانِ (٢)

ومَرْحَى : كلمةُ تعجُّبٍ وإعجاب. يقال للرَّامي إذا أصابَ : مَرْحَى له.

وقال ابنُ دريد (٣) : وإذا أخطأ قالوا بَرْحَى. قال :

مَرْحَى وأَيْحَى إذا ما يُوالِى (٤) *

__________________

(١) بعده فى المجمل : «إذا نظرت من وراء اليد إلى الشىء». وفى اللسان : «إذا اشتد سيلانها».

(٢) أنشده فى اللسان (مرح) منسوبا إلى النابغة الجعدى ، وفى أساس البلاغة (مرح) إلى كثير عزة ، وقال : «وكان أعور».

(٣) الجمهرة (٢ : ١٤٥).

(٤) لأمية بن أبى عائذ الهذلى فى ديوان الهذليين (٢ : ١٨٦) واللسان (مرح). وهو بتمامه :

يصيب الفريص وصدفا يقو

ل مرحى وابحى إذا ما يوالى

٣١٦

مرخ الميم والراء والخاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تليينٍ في شيء. ومَرَخْتُ (١) الجِلْدَ بالدُّهْن وأمرَخْتُه. وأمْرَخْتُ العجينَ : أكثرتُ ماءَه حتى يسترخىَ. والمَرْخ : شجرٌ سريع الوَرْى. قال :

أَمَرْخٌ خيامُهُمْ أم عُشَرْ

أم القلبُ في إثرهم مُنحدِرْ (٢)

ومما شذَّ عن هذا الباب المِرِّيخ : سهمٌ طويل يُقتَدَرُ به الغِلاء (٣) ، له أربع قُذَذ ؛ وهو نجمٌ أيضاً.

مرد الميم والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تَجريدِ الشَّيء من قِشْرِه أو ما يعلوه من شَعَرِه. والأمرد : الشّابُّ لم تَبدُ لحِيتُه. ومَرِدَ يَمْرَدُ. ومرَّدَ الغُصن تمريداً : ألقَى عنه لِحاءه فتركَهُ أمْرَد ، ومنه شجرةٌ مَرْداء. والمَرْداء : رملةٌ منبطِحةٌ لا نَبْتَ فيها ، والجمع مَرادَى (٤). والمارد : العاتي ، وكذا المَرِيد ، كأنَّه تجرّد من الخير. والأمْرد من الخيل : الذي لا شَعر على ثُنَّتِه. والمُمَرَّد : البناء الطَّويل ، وهو قياسُ الباب ، لأنَّه كأنَّه مجرّد يشبه الشَّجرةَ المَرداء. ويقولون : المَرَاد : العُنق ، وهو القياس إن صحّ. وتمرَّد فلانٌ زماناً : بقي أمرد. وقولهم : مَرَدَ الطَّعامَ يَمرُدُه مرداً : ماثَهُ حتَّى يَلِين ، هو من الإبدال ، والأصل مَرَسَ ؛ فأُقِيمت الدال مقامَ السِّين. وكذا* مَرَدَ الصَّبِىُّ ثديَ أمِّه يَمْرُدُهُ. وكذا المَرِيد : التَّمر يُنقَع في اللَّبَن ، كلّ ذلك معناه واحدٌ ، والأصل السين.

__________________

(١) يقال بتخفيف الراء وتشديدها.

(٢) لامرئ القيس فى ديوانه ٦.

(٣) الغلاء : المغالاة بالسهم ليعرف كم مدى ذهابه. وفى الأصل : «الغلاء» ، تحريف.

(٤) كذا ضبطت فى المجمل ، وهو نحو عذراء وعذارى. وفى اللسان «مراد».

٣١٧

باب الميم والزاء وما يثلثهما

مزع الميم والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قطع وتَقطُّع. والقِطعَة من اللحم مُزْعة ، وقد تكسر الميم. والمُزْعة : الجُرعة في الإناء من الماء. وفلان يتمزَّعُ من الغَيظ ، أي يكاد يتقطّع. ومنه مَزَع الظّبْي مَزْعاً : أسرع ، كأنَّه ينقدّ من شدة عَدْوِه ؛ وقد يقال للفَرَس.

مزق الميم والزاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تخرُّقٍ في شَيء ومَزَقه يَمْزِقُه ، ومزَّقَه يمزِّقه. والمِزَق : قطاع الثّوب الممزوق. وناقةٌ مِزَاقٌ : سريعةٌ جدًّا يكاد يتمزَّق عنها جِلدُها. ومَزَق الطَّائرُ بذَرْقِهِ : رمى به. ومزَّقت القومَ : فرّقتهم فتمزَّقُوا.

مزن الميم والزاء والنون أصلٌ صحيح فيه ثلاث كلمات متباينةِ القياس : فالأولى : المُزْن : السَّحاب ، والقطعة مُزْنَة. ويقال في قول القائل وأظنُّه مصنوعاً :

كأنَّ ابن مُزْنتها جانِجاً

فَسِيط لدى الأُفق من خِنْصرِ (١)

إنّ ابن المُزْنة : الهِلال.

والثانية المازن : بَيض النَّمل.

والثالثة : مَزَنَ قِربَته : مَلأَها. وهو يتمزَّنُ على أصحابه ، أي يتفضّل

__________________

(١) لعمرو بن قميئة فى اللسان (مزن ، فسط). وانظر شروح سقط الزند ٦٥٧ ، ١١٣٢.

٣١٨

عليهم ، كأنّه يتشبَّه بالمَزنِ سَخاءً. ولعل المُزْن هو الأصل في الباب ، وما سواه فمفرَّعٌ عليه.

مزي الميم والزاء والياء. يقولون : المزِيَّة في كلِّ شيء : التمام والكمال. ولك عندي مزِيَّةٌ. ولا يُبنَى منه فِعل.

مزج الميم والزاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْطِ الشيء بغيره. ومزَجَ الشّرابَ يَمْزُجُه مَزْجاً. وكأنَّ العَسَلَ يسمَّى المِزْج قالوا : لأنَّه كانَ يُمزَج به كلُّ شراب. قال أبو ذؤيب :

فجاءَ بِمَزْجٍ لم يَرَ الناسُ مِثلَه

هو الضَّحْكُ إلّا أنّه عملُ النّحلِ (١)

وكلُّ نوعٍ من شيئينِ مِزاجٌ لصاحبِه.

مزح الميم والزاء والحاء كلمة واحدة. يقولون : مَزَح مَزْحاً ومُزَاحَة (٢) : داعَبَ ؛ وهي الممازَحَة.

مزر الميم والزاء والراء كلمتان : الأولى المَزِير : الرّجُل القوِيّ. قال :

تَرَى الرّجُلَ النَّحِيفَ فتزدريهِ

وفي أثوابِهِ أسدٌ مَزيرُ (٣)

والثانية المَزْر : الذوق والشُّرْب القليل ، وكذا التمزُّر. وقال :

تكون بَعدَ الحَسْوِ والتمزُّرِ

في فمِهِ مثلَ عصير السُّكّرِ (٤)

ويقولون : المِزْر : نَبيذ الشَّعير. وإن صحَّ فهو من الباب.

__________________

(١) ديوان الهذليين (١ : ٤٢) واللسان (مزج ، ضحك) ، وقد سبق فى (ضحك).

(٢) كذا ضبط بالضم فى المجمل والقاموس ، وضبطه فى المصباح بفتح الميم. ومثله المزاح بضم الميم وكسرها.

(٣) للعباس بن مرداس ، فى الحماسة (٢ : ٢٠) واللسان (مزر).

(٤) الرجز فى اللسان (مزر ، سكر).

٣١٩

باب الميم والسين وما يثلثهما

مسط الميم والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خَرْط شيءٍ رطْبٍ (١) ، وعلى امتدادهِ من تِلقاءِ نَفْسه.

يقال إنَ المَسيطَةَ (٢) : ما يبقى في الحوض من الماء بكُدورةٍ قليلة. قال الأصمعىّ بئر ضَغِيط ، وهو الرَّكِىُّ إلى جَنْبِهِ ركىٌّ آخر فيَحمأُ فيُنْتن فيسيلُ في الماء العذب فلا يُشرب ، فالبئر ضَغيط ، وذلك الماء مَسِيط. قال :

يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغيطِ

ولا يَعَفْنَ كَدَر المَسِيط (٣)

ومن الباب المَسْط : أن تَخرِطَ في السِّقاء من لبنٍ خاثرٍ بأصابعك ليخثُر

مسك الميم والسين والكاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على حَبْس الشيء أو تحبُّسه. والبَخِيل مُمسِكٌ. والإمساك : البُخْل ؛ وكذا المَسَاك والمِسَاك (٤) والمَسِيك (٥) : البخيلُ أيضاً ورجل مُسَكةٌ ، إذا كان لا يَعلَق بشيءٍ فيتخلَّص منه. والمَسَك : السِّوار من الذَّبْل ، لاستمساكِهِ باليدِ ، الواحدةُ مَسَكة : قال :

__________________

(١) يقال خرط الدلو فى البئر : ألقاها وحدرها. وخرط البازى : أرسله. والخرط ، بالتحريك : ضرب من الفساد يصيب اللبن ونحوه ، كأن يخرج اللبن منعقدا كقطع الأوتار ومعه ماء أصفر.

(٢) وكذا «المسيط» يطرح الهاء.

(٣) أنشده فى اللسان (ضغط ، مسط).

(٤) وكذا المساكة والمساكة بالهاء فيهما ، كما فى القاموس. واقتصر فى اللسان على «المساكة» بفتح الميم.

(٥) ويقال أيضا «مسيك» كسكير.

٣٢٠