معجم مقاييس اللغة - ج ٥

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٥

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦

وسمِّي كِندةُ فيما زعموا لأنَّه كَنَد أباه ، أي فارَقَه ولَحِقَ بأخواله ورأَسَهُم (١) فقال له أبوه: كَندْتَ.

كنر الكاف والنون والراء ليس هو عندنا أصلاً ، وفيه كلمتان أظنُّهما فارسيَّتين. يقال الكِنَّار : الشُّقَّة من الثِّيَابِ الكَتَّانِ. ويقولون : الكِنَّارات : العِيدان أو الدُّفوف ، تفتح كافها وتكسر.

كنز الكاف والنون والزاء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع في شيء. من ذلك ناقة كِنَازُ اللَّحم ، أي مجتمِعة. وكَنزت التَّمْرَ في وعائه أكنِزُه. وكنَزت الكنْزَ أكنزِه. ويقولون في كَنْز التَّمر : هو زمن الكَنَاز. قال ابن السِّكِّيت : لم يُسمَع هذا إلَّا بالفتح ، أي إنَّه ليس هذا مما جاء على فعال وفَعال كجِداد وجَداد.

كنس الكاف والنون والسين أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على سَفْر شيءٍ عن وجهِ شيء ، وهو كَشْفُه. والأصل الآخر يدلُّ على استخفاء. فالأوّل : كَنْس البيتِ ، وهو سَفْرُ التُّرابِ عن وجه أرضه. والمِكْنسة : آلة الكنْس. والكُناسَة : ما يَكنَس.

والأصل الآخر : الكِناس : بيتُ الظَّبي. الكانس : الظبي يَدْخُل كِناسَه. والكُنَّس : الكواكب تَكْنِسُ في بُروجها كما تَدخُل الظِّباءُ في كِناسها. قال أبو* عبيدة : تَكنِس في المَغيب

__________________

(١) فى الأصل : «وأسهم» ، صوابه فى المجمل.

١٤١

كنع الكاف والنون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تشنُّجٍ وتقبّض وتجمُّع. من ذلك الكَنَع في الأصابع ، وهو تشنُّج وتقبُّض. يقال : كَنِعَتْ أصابعُه تَكنع كَنَعاً. ومنه تكنع فلانٌ بفلانٍ ، إذا ضَبِث به. وكَنَعَت العُقاب إذا ضمَّت جناحَها للانقضاض. واكتَنَع القومُ ، إذا مالوا (١). [و] كَنَع الأمرُ : قرُب. ويقولون : كَنَع الرّجلُ وأكنَع ، إذا لان. وهذا من الباب لأنه يتقبَّض ويتجمَّع. وفى الحديث : «أعوذُ بك من الكُنُوع (٢)». فهذا من كَنَع.

كنف الكاف والنون والفاء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على سَتْر. من ذلك الكَنِيف ، هو السَّاتر. وزعم ناسٌ أنَّ الترسَ يسمَّى كنيفًا لأنَّه ساتر. وكلُّ حظيرةٍ ساترةٍ عند العرب كَنِيف. قال عُروة :

أقولُ لقومٍ في الكنيف تَروَّحُوا

عشِيَّةَ بتنا عند ماوَانَ ، رُزَّحِ (٣)

ومن الباب كَنَفْتُ فلانا وأكنفتُه. وكَنَفَا الطّائرِ : جناحاه ، لأنّهما يستُرانِه. ومنه الكِنْف ، لأنَّه يستُر ما فيه وفي قول عمر لعبد الله بن مسعود : «كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلماً». أراد به تصغير كِنْف. وناقةٌ كَنوفٌ : يصيبها البردُ ، فهي تَسَتَّرُ بسائر الإبل. ويقال : حظَرت للإبل حظيرةً ، وكنَفْتُ لها وكَنَفْتُها أكنُفها. فأمّا قولُهم : كنَفتُ عن الشَّيء : عدلت ، وإنشادُهم :

__________________

(١) فى الأصل : «قالوا». وفى اللسان : «واكتنع عليه : تعطف ، والاكتناع : التعطف» وفى المجمل : «واكتنع القوم ، إذا تجمعوا» ، ومثله فى موضع آخر من اللسان.

(٢) فى اللسان : «الأصمعى : سمعت أعرابيا يقول فى دعائه : رب أعوذ بك من الخنوع والكنوع».

(٣) البيت فى ديوان عروة ٨٨ ومعجم البلدان (ماوان). وقد استشهد به السيوطى فى همع الهوامع (٢ : ١١٦) على الفصل بين الصفة والموصوف بمباين محض.

١٤٢

* ليُعْلَم ما فينا عن البَيع كانفُ (١) *

فليس ذلك بملخَّص على القياس الذي ذكرناه ، وإنما المعنى عدلت عنه متوارياً ومتستِّراً بغيره.

باب الكاف والهاء وما يثلثهما

كها الكاف والهاء والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة لا تنقاس ولا يُفرَّع عنها. ويقولون للنَّاقة الضَّخمة : كَهَاةٌ. قال :

إذَعَرِضَتْ منها كَهَاةٌ سمينةٌ

فلا تُهدِ منها واتَّشِقْ وتجَبْجَبِ (٢)

كهب الكاف والهاء والباء كلمةٌ. يقولون للغُبرة المَشُوبةِ سواداً في الإبل كُهْبَةٌ.

كهد الكاف والهاء والدال ، يقولون فيه شيئاً يدلُّ على تحرُّكٍ إلى فوق. يقولون : كَهَدَ الحِمارُ ، إذا رَقَص في مِشْيته. وأكهدتُه : أرقصتُه ، في شِعر الفرزدق :

يُكْهِدُون الحُمُرْ (٣) *

ويقولون : اكْوَهَدَّ الفَرْخُ ، إذا تحرَّك ليرتفع.

__________________

(١) للقطامى فى ديوانه ٢٥ واللسان (كنف). وصدره :

فصالوا وصلنا واتقونا باکر

(٢) البيت لخمام بن زيد مناة اليربوعى ، كما فى اللسان (جبب) ، وفى (كها ، وشق) بدون نسبة. وقد سبق فى (عرض).

(٣) فى المجمل : «الحمير».

١٤٣

كهر الكاف والهاء والراء كلمتانِ متباعدتانِ جداً : الأولى الانتهار ، يقال كَهَرَهُ يَكْهَرُه كَهْرًا. وفي الحديث : «بأبي وأُمي ما كَهَرَني ولا شَتَمنِي». وقرأ ناسٌ : فأمَّا اليَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ (١).

والأصل الآخَر : كَهْرُ النَّهارِ ، وهو ارتفاعُه ، يقال كَهَرَ يَكْهَرُ. قال :

* وإذا العانة في كَهْر الضُّحى (٢) *

كهف الكاف والهاء والفاء كلمةٌ واحدة ، وهي غارٌ في جَبَل ، وجمعه كُهوف.

كهل الكاف والهاء واللام أصلٌ يدلُّ على قُوَّة في الشَّيء أو اجتماع جِبِلَّة. من ذلك الكَاهل : ما بين الكِتفين : سمِّي بذلك لقُوّته. ويقولون للرَّجُل المجتمِع إذا وَخَطه الشَّيب : كَهْل ، وامرأة كَهْلة. قال :

ولا أعود بَعدَها كَرِيَّا

أُمارِسُ الكَهلة والصَّبِيَّا (٣)

وأمّا قولُهم للنَّبات : اكتَهَل ، فإنما [هو] تشبيه بالرّجُل الكهل. واكتهالُ الروضة : أن يعمَّها النَّوْر. قال الأعشى :

* مُؤزَّر بعَميم النبتِ مكتهلُ (٤) *

__________________

(١) هى قراءة ابن مسعود وإبراهيم التيمى. تفسير أبى حيان (٨ : ٤٨٦).

(٢) صدر بيت لعدى بن زيد ، كما فى اللسان (كهر). وعجزه :

دونها أحقب ذو لحم؟

(٣) الرجز لعذافر الكندى ، كما فى (كرا). وأنشده فى (كهل) بدون نسبة.

(٤) صدره كما فى ديوانه ٤٣ واللسان (كهل) :

يضاحك النمس منها كوكب شرق

١٤٤

كهم الكاف والهاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على كَلالٍ وبُطْء. من ذلك الفَرس الكَهَام : البَطيء. والسَّيف الكَهام : الكليل. واللِّسان الكَهام : العييّ. ثم يقولون للمُسِنّ كَهْكَمٌ. ويقولون : أكْهَمَ بَصرُه ، إذا رَقّ.

كهن الكاف والهاء والنون كلمةٌ واحدة. وهي الكاهن ، وقد تكهَّنَ يَتَكهَّن. والله أعلم.

باب الكاف والواو وما يثلثهما

كوى الكاف والواو والياء أصلٌ صحيح ، وهو كَوَيْتُ بالنَّار. وقد ذكرناه.

كوب الكاف والواو والباء كلمةٌ واحدة وهي الكُوب : القَدَح لا عُروةَ له ؛ والجمع أكواب. قال الله تعالى : (وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ).

ويقولون : الكُوبةُ : الطَّبلُ لِلَّعب.

كود الكاف والواو والدال كلمةٌ كأنَّها تدلُّ على التماسِ شيء ببعض العَناء. يقولون : كاد يَكُود كَوْداً ومَكاداً. ويقولون لمن يَطلُب منك الشّيءَ فلا تُرِيد إعطاءَه : لا ولا مَكادة. فأمَّا قولهم في المقارَبة : كاد ، فمعناها قارب. وإذا وقعت كادَ مجرَّدَةً فلم يقع ذلك الشيء تقول : كاد يَفْعل ، فهذا لم يُفعل. وإذا قُرِنَتْ بِجَحد فقد وقع ، إذا قلت ما كاد يَفعلُه فقد فعله. قال الله سبحانه : (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ).

١٤٥

كور الكاف والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَوْرٍ وتجمُّع. من ذلك الكوْر : الدَّور. يقال كار يَكُورُ ، إذا دار. وكَوْرُ العمامة : دَوْرُها : والكُورَةُ : الصُّقْع ، لأنَّه يدُور على ما فيه من قُرًى. ويقال طعَنَه فكَوَّرَه ، إذا ألقاه مجتمِعا. ومنه قولُه تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) ، كأنَّها جُمِعَت جَمْعا. والكُور : الرَّحْل ؛ لأنَّه يدور بِغارِب البَعير ؛ والجمع أكوار. فأمّا قولهم : «الحَوْر بَعْدَ الكَور» ، فالصحيح عندهم : «الحَوْر بعد الكَوْن» ، ومعناه حار ، أي رجع ونَقَص بعد ما كان. ومن قال بالراء فليس يبعُد ، أي كان أمرُه متجمِّعاً ثم حار ونَقَص. وقوله تعالى : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ) ، أي يُدير هذا على ذاك ، ويدير ذاك على هذا ، كما جاء في التفسير : زِيد في هذا من ذلك ، وفي ذاك [من هذا]. والكَوْر : قِطعةٌ من الإبل كأنَّها خمسون ومائة. وليس قياسُه بعيداً ، لأنها إذا اجتمعت استدارت في مَبْرَكها. وكُوَّارة النَّحل معروفة.

ومما يشِذُّ عن هذا الباب قولهم : اكتارَ الفَرسُ ، إذا رفَعَ ذَنَبه في حُضْرِه.

كوز الكاف والواو والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع. قال أبو بكر (١) : تكوَّرَ القومُ : تجمَّعوا. قال : ومنه اشتقاق بني كُوزٍ من ضَبَّة. والكُوز للماء من هذا ، لأنَّه يَجمع الماء. واكتاز الماء : اغتَرَفَه.

كوس الكاف والواو والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على صَرْعٍ أو ما يقاربه. يقال : كاسَه يَكُوسُه ، إذا صرعه. ومنه كاسَتِ النّاقةُ تكوسُ ، إذا

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ١٧).

١٤٦

عُقِرت فقامت على ثلاث. وإنَّما قيل لها ذلك لأنَّها قد قاربت أن تُصرَع قال :

ولو عند غَسَّانَ السَّلِيطىِّ عَرَّسَتْ

رَغَا قَرَنٌ منها وكاس عَقِيرُ (١)

وربَّما قالوا للفَرَس القَصير الدَّوارِجِ : كُوسِيٌ. وعُشْبٌ مُتَكاوِسٌ ، إذا كثُر وكثُف ، وهو من قياس الباب لأنَّه يتصرَّعُ بعضُه على بعض. فأمَّا الكأس ، فيقال هو الإناء بما فيه من خمر ، وهو من غير الباب.

كوع الكاف والواو والعين كلمةٌ واحدة ، وهي الكُوع ، وهو طرَف الزَّنْد مما يلي الإبهام. والكَوَعُ : خُروجُه ونُتوُّه وعِظَمُه. رجلٌ أكوعُ (٢). ويقال الكَوَع : إقبال الرُّسغين على المنْكِبين. وكوَّعَه بالسَّيف : ضَربَه. ولعلّه بمعنى أن يُصِيبَ كوعَه.

كوف الكاف والواو والفاء أُصَيل يقولون : إنّه يدلُّ على استدارةٍ في شيء. قالوا : تكوَّفَ الرّملُ : استدارَ. قالوا : ولذلك سمِّيت الكُوفةُ. ويقولون : وقعنا في كُوفَان وكُوَّفان(٣) ، أي عناء ومشقّة ، كأنَّهم اشتقُّوا ذلك من الرَّمل المتكَوِّف ، لأن المشيَ فيه يُعَنِّي.

__________________

(١) البيت للأعور النبهانى ، يهجو جريرا ويمدح غسان السليطى. اللسان (كوس ، قرن). وعجزه فى إصلاح المنطق ٦٣. وقبله :

أقول لها أى سليطا بأرضها

فبئس مناخ النازلين جرير

(٢) وكذا فى المجمل ، لم يذكر : امرأة كوعاء ، على ما هو مألوف عبارته.

(٣) يقال بضم الكاف وفتحها مع سكون الواو وتشديدها ، أربع لغان. وأنشد ابن برى :

فما أضحى وما أمسيت إلا

وأنى منكم في كوفان

١٤٧

كون (١) الكاف والواو والنون أصلٌ يدلُّ على الإخبار عن حدوثِ شيء ، إمَّا في زمانٍ ماضٍ أو زمان راهن. يقولون : كان الشيءُ يكونُ كَونا ، إذا وَقَعَ وحضر. قال الله تعالى: (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) ، أي حَضَر وجاء. ويقولون : قد كان الشِّتاءُ ، أي جاء وَحَضَر. وأمَّا الماضي فقولنا : كان زيدٌ أميراً ، يريد أنَّ ذلك كان في زمان سالف. وقال قوم : المكانُ اشتقاقه مِن كَانَ يَكُونُ ، فلمّا كثُر* تُوُهِّمت الميمُ أصليّةً فقيل تمكّن ، كما قالوا من المِسكين تَمَسْكَنَ.

وفي الباب كلمةٌ لعلَّها أن تكون من الكلام الذي دَرَج بدُروج مَن عَلِمه. يقولون : كُنْت على فلان أَكُونُ عليه ، وذلك إذا كَفَلت به. واكتَنْت أيضاً اكتِيَاناً. وهي غَرِيبة.

كوم (٢) الكاف والواو والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع في شيء مع ارتفاع فيه. من ذلك الكَوْماء ، وهي النَّاقة الطَّويلة السَّنام. والكَوْم : القِطعة من الإبل. والكَوْمة : الصُّبْرة من الطَّعام وغيرِه. وربّما قالوا : كامَ الفرسُ أُنثاه يَكُومها ، وذاك نَفْس التجمُّع.

كول الكاف والواو واللام كلمةٌ إن صحَّت. يقولون : تكَوَّلَ القومُ على فلانٍ ، إذا تجمَّعوا عليه.

__________________

(١) كذا وردت هذه المادة فى غير ترتيبها فى الأصل والمجمل أيضا ، فتركتها عليه ، إبقاء على أرفام صفحات الأصل.

(٢) وكذا وردت هذه المادة متقدمة على التى تليها ، وحقها أن تتأخر ، وآثرت إبقاءها لما أنها. وردت كذلك فى المجمل.

١٤٨

باب الكاف والياء وما يثلثهما

كيد الكاف والياء والدال أصلٌ يدلُّ على معالجةٍ لشيء بشدّة ، ثم يتَّسع الباب ، وكلّه راجعٌ إلى هذا الأصل. قال أهلُ اللُّغة : الكَيد : المُعالجة. قالوا : وكلُّ شيءٍ تُعالِجُه فأنت تَكِيدُه. هذا هو الأصل في الباب ، ثم يسمُّون المَكر كَيدا. قال الله تعالى : (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً). ويقولون : هو يَكِيدُ بِنَفْسِه ، أي يجودُ بها ، كأنَّه يُعالِجها لتخرُج. والكَيْد : صِياح الغراب بجَهْدٍ. والكَيد : أن يُخرِج الزّندُ النّار ببطءٍ وشدة. والكَيد : القَيء ، وربَّما سمَّوا الحَيض كيداً. والكَيد : الحرب ، يقال : خرجوا ولم يلقَوْا كَيداً ، أي حربًا.

كير الكاف والياء والراء كلمةٌ ، وهي كِيرُ الحَدّاد. قال أبو عمرو : الكُور : المبنيُّ من الطِّين ، والكِير : الزِّقّ. قال بشر :

كأنَّ حَفيف مَنْخَرِه إذا ما

كَتَمْنَ الرّبْوَ كِيرٌ مُستعارُ (١)

كيس الكاف والياء والسين أصيلٌ يدلُّ على ضمٍّ وجمع. من ذلك الكِيس ، سمِّي لِمَا أنَّه يَضُمُّ الشيء ويجمعُه. ومن بابه الكَيْس في الإنسان : خلاف الخُرْق ، لأنَّه مجتَمَع الرّأي والعقل. يقال رجلٌ كَيِّس ورجالٌ أَكْيَاس. وأكْيَسَ الرّجلُ وأكاسَ ، إذا وُلِد له أكياسٌ من الوَلَد. قال :

__________________

(١) البيت فى المفضليات (٢ : ١٤٤).

١٤٩

فلو كُنْتم لكَيِّسةٍ أَكَاست

وَكَيْسُ الأمِ أَكْيَسُ للبنينا (١)

ولعلَ كَيسان فَعلان من أكْيَس. وكانت بنو فَهمٍ تسمِّي الغَدْرَ كيسان. قال :

إذا ما دَعَوا كيسان كانت كهولُهم

إلى الغدر أدنى من شَبابهم المُرْدِ (٢)

كيص الكاف والياء والصاد إنْ صحَّ فهو يدلُّ على انقباضٍ وضِيق. ويقولون : كاصَ يَكيص ، مثل كَاعَ (٣). ويقولون : إنَ الكِيصَ : الرجُل الضيِّق الخُلُق. وحُكِيت كلمةٌ أنا أرتاب بها ، يقولون : كِصْنَا عند فُلانٍ ما شِئْنا ، [أي] أكلنا.

كيف الكاف والياء والفاء كلمةٌ. يقولون : الكِيفة : الكِسْفة من الثّوب. فأمَّا كيفَ فكلمةٌ موضوعة يُستفهَم بها عن حالِ الإنسان فيقال : كيف هو؟ فيقال : صالح.

كيل الكاف والياء واللام ثلاثُ كلماتٍ لا يُشْبِهُ بعضُها بعضاً. فالأولى : الكَيل : كَيْل الطعام. يقال : كِلْتُ فلاناً أعطيته. واكتَلْتُ عليه : أخَذْتُ منه. قال الله سبحانه : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).

__________________

(١) لرافع بن هريم فى اللسان (كيس) والبيان (١ : ١٨٥ / ٤ : ٥٧).

(٢) للنمر بن تولب فى أخواله بنى سعد ، كما فى المجمل واللسان (كيس) والبيان (٢ : ١٣٤) ، وروى فى اللسان أيضا لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن.

(٣) فى الأصل : «كع» ، صوابه فى المجمل.

١٥٠

والكلمة الثانية : كالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ ، إذا لم يُخرِجْ ناراً.

والكلمة الثالثة : الكَيُّول : مُؤخَّر الصَّفِّ في الحرب. قال :

إنِّي امْرُؤٌ عاهَدَني خليلي

ألَّا أَقُومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ (١)

كين الكاف والياء والنون شيءٌ يقولون إنَّه في عضوٍ من أعضاء المرأة يَضِيق به ، والجمع كُيون. قال جرير :

غَمَزَ ابنُ مرّةَ يا فرزدقُ كَيْنَها

غَمْزَ الطبيبِ نَغانِغَ المعذورِ (٢)

فأمّا الكِينة ، في قولهم : بات فُلانٌ بكِينةِ سَوْءِ ، أي بحال سوء ، فأصله الكَوْن فِعلَة من الكون.

كيت الكاف والياء والتاء كلمةٌ إن صحَّت ، يقولون : التَّكييت : تيسير الجَهَاز. قال:

كَيِّت جهازك إمّا كنتَ مرتحِلاً

إنِّي أخاف على أذْوادِك السَّبُعا (٣)

كيح الكاف والياء والحاء* كلمةٌ واحدة. يقولون : الكِيح : سَنَد الجَبَل. قال الشَّنْفرَى :

ويركضْنَ بالآصالِ حَولي كأنّني

من العُصْمِ أدْفى يَنْتحِي الكِيحَ أعْقَلُ (٤)

__________________

(١) الرجز لأبى دجانة سماك بن خرشة الصحابى ، يقوله فى غزوة أحد. السيرة ٥٦٣ جوتتجن واللسان (كيل).

(٢) ديوان جرير ١٩٤ واللسان (كين ، نغغ ، عذر). وقد سبق فى (دغر ، عذر).

(٣) أنشده فى المجمل واللسان (كيت).

(٤) البيت من لاميته المشهورة التى يسمونها «لامية العرب».

١٥١

باب الكاف والألف وما يثلثهما

وقد تكون الألف منقلبة وتكتب هاهنا للَّفظ ، وقد تكون مهموزة.

كاذ الكاف والألف والذال كلمة ، وهي الكَاذَة : لحمُ أعالى الفَخِذين

كار الكاف والألف والراء. يقولون : الكَأْر : أن يَكْأَر الرّجُل من الطّعام ، أي يصيب منه أخْذاً وأكلا.

كان الكاف والألف والنون. يقولون : كَأَنَ ، أي اشتدّ ، وكَأَنْتُ : اشتددت.

كأب الكاف والهمزة والباء كلمةٌ تدلُّ على انكسارٍ وسوءِ حال. من ذلك الكآبة. يقال كَأْبة وكَآبة ، ورجلٌ كَئِيب.

كأد الكاف والألف والدال يدلُّ على شِدَّة ومَشَقّة. يقولون : تكَاءَده الأمرُ ، إذا صعُب عليه. والعَقَبة الكَؤُود : الصَّعبة.

باب الكاف والباء وما يثلثهما

كبت الكاف والباء والتاء كلمة واحدة ، وهي من الإذلال والصَّرفِ عن الشيء. يقال : كَبَتَ اللهُ العدُوَّ يَكْبِتُه ، إذا صَرَفَهُ وأذلَّهُ. قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).

١٥٢

كبث الكاف والباء والثاء كلمةٌ ، وهي الكَبَاث ، يقال : إنّه حَمْل الأَراك. وحَكَوْا عن الشَّيباني : كَبِثَ اللَّحمُ : تغيَّرَ وأرْوَحَ. قال :

أصبَحَ عمّارٌ نَشِيطًا أبِثَا

يأكُلُ لحمًا بائتًا قد كَبِثَا (١)

كبح الكاف والباء والحاء كلمة. يقال : كَبَحْتُ الفرس بلجامه أكْبَحُه.

كبد الكاف والباء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّة في شيء وقُوّة. من ذلك الكَبَد ، وهي المشَقّة. يقال : لَقِيَ فلانٌ من هذا الأمر كَبَداً ، أي مشَقة. قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ). وكابَدْتُ الأمر : قاسيتُه في مشَقّة. ومن الباب الكَبِد ، وهي معروفة ، سمِّيت كَبِدًا لتكبُّدِها. والأَكْبَد : الذي نَهَدَ موضعُ كَبِده. وكبَدْتُ الرّجُلَ : أصبتُ كَبِدَه. وكَبِدُ القوسِ : مستعارٌ من كَبِد الإنسان ، وهو مَقْبِضُها. وقوسٌ كَبْداءُ : إذ مَلَأَ مَقْبِضُها الكفّ. ومن الاستعارة : كَبِد السَّماء : وسطها. ويقولون : كُبَيْدَاء السَّماء ، كأنَّهُم صغّروها ، وجمعوها على كُبَيْدات (٢). ويقال : تكبَّدَتِ الشّمس ، إذا صارت في كَبِد السماء. والكُبَادُ : وجَعُ الكَبِد. وتَكبَّدَ اللَّبنُ : غَلُظَ وخَثُر.

كبر الكاف والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِلاف الصِّغَر. يقال : هو كَبيرٌ ، وكُبَار ، وكُبَّار. قال الله تعالى : (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً). والكِبْرُ : مُعظَم الأمر ، قوله عَزّ وعلَا : (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) أي مُعظَم أمرِه. ويقولون : كِبْرُ سياسةِ القوم في المال. فأمَّا الكُبْر بضم الكاف فهو القُعدد. يقال : الوَلاء للكُبْر ،

__________________

(١) الرجز لأبى زرارة النصرى ، كما سبق فى حواشى (أبث).

(٢) الحق أن هذه جمع «كبيدة» تصغير كبد.

١٥٣

يراد به أقْعَد القَوم في النَّسَب ، وهو الأقربُ إلى الأبِ الأَكْبَر.

ومن الباب الكِبَر ، وهو الهَرَم. والكِبْر : العظمَة ، وكذلك الكِبرِيَاء. ويقال : وَرِثُوا المجدَ كابِراً عن كَابِرٍ ، أي كبيراً عن كبيرٍ في الشَّرفِ والعِزّ. وعَلَتْ فلاناً كَبْرَةٌ ، إذا كَبِر. ويقال: أكبَرْتُ الشّيءَ : استعظمتُه.

كبس الكاف والباء والسين أصلٌ صحيح ، وهو من الشَّيء يُعْلَى بالشَّيء الرَّزين ، ثم يقاس على هذا ما يكونُ في معناه. من ذلك الكَبْس : طَمُّك الحُفَيرةَ بالتُّراب. والتُّراب كِبْسٌ. ثمّ يتَّسعون فيقولون : كَبَس فلانٌ رأسَه في ثوبه ، إذا أدخَلَه فيه. والأرنبةُ الكَابِسَة ، هي المقبلةُ على الجَبْهة في غِلَظٍ وارتفاع. يقال منه كَبَسَتْ. ومن الباب الكِباسَة : العِذْق التامُّ الحمل. [و] الكبيس : التمرُ يُكبَس. والكَابُوس : ما يَقَع على الإنسان باللَّيل. قال ابن دريد (١) : أحسبه مولَّدا. والكَبِيس : حَلْيٌ يُصاغ مجوَّفا* ثمّ يُحشَى طيناً. والكُبَاس والأكْبَس : العظيم الرأْس.

كبش الكاف والباء والشين كلمةٌ واحدة ، وهي الكَبْش ، وهو معروف. وكبْشُ الكتيبةِ : عظيمُها ورئيسُها. قال :

ثمَّ ما هابُوا ولكن قدّموا

كبشَ غاراتٍ إذا لاقى نَطَح (٢)

كبع الكاف والباء والعين. قالوا ـ والله أعلم بصحَّته ـ إنَ الكَبْع : نقد الدِّرهم والدِّينار. قال :

__________________

(١) الجمهرة (١ : ٢٨٧).

(٢) للأعشى فى ديوانه ١٦٠ برواية : «ثم ما كانوا».

١٥٤

قالوا لِي اكْبَعْ قلتُ لَسْتُ كابِعا

وقُلتُ لا آتِي الأميرَ طائعا (١)

كبل الكاف والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبْسٍ ومنْع. من ذلك الكِبْل : القَيد الضَّخم. يقال : كَبَلْتُ الأسيرَ وكَبَّلتُه. ويقولون : إنَ الكابُول : حِبالةُ الصَّائد. فأمَّا المكَابَلة فهو من هذا أيضاً ، وهو التَّأْخير في الدَّين ، يقال : كَبَلْتُك دينَك ؛ وذلك من الحبس أيضاً. ومن الباب أيضاً المكابَلة : أن تُباعَ الدَّارُ إلى جنب دارِك وأنت محتاجٌ إليها فتؤخَر شراءها ليشتريَها غيرُك ثم تأخذَها بالشُّفعة. وقد كُرِه ذلك

كبن الكاف والباء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على قَبْضٍ وتقبُّض. يقال للبخيل : الكُبُنَّة : وقد اكبَأَنَ ، إذا تَقَبَّض حين سئل. ويقال : كبَن الدَّلوَ ، إذا ثَنَى فَمَها وخَرزَه ويقال له الكَبْن. ومن الباب كَبَن عن الشيء : عَدَل ، وكَنَب أيضاً. والمَكْبُون من الخيل : القصير القوائم.

ومما قيس على هذا قولُهم : تَكبَّن (٢) ، إذا سَمِن. ولا يكون ذلك إلَّا في تجمُّع لحم. ويقولون : كَبَن كُبُوناً ، إذا عَدا في لِينٍ واسترسال.

كبو الكاف والباء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوطٍ وتزيل. يقال : كبالوجهه يَكبُو ، وهو كابٍ ، إذا سَقَط. قال :

فكَبَا كما يَكْبُو فنِيقٌ تَارِزٌ

بالخَبْتِ إلّا أنّه هو أبْرَعُ (٣)

__________________

(١) الرجز فى اللسان (كبع).

(٢) فى الأصل : «كمن» ، وأثبت ما فى المجمل. على أن الكلمة لم ترد فى اللسان أو القاموس.

(٣) لأبى ذؤيب فى ديوان الهذليين (١ : ١٥) واللسان (كبا ، ترز) والمفضليات (٢ : ٢٢٧).

١٥٥

ويقال : كَبَا الزّنُد يَكْبُو ، إذا لم يُخرِجْ نارَه. ويقال : كَبَوْتُ الكُوزَ وغيرَه ، إذا صبَبْتَ ما فيه. والتُّراب الكَابِي : الذي لا يستقرُّ على وَجْه الأرض. ويقال : هو كابِي الرَّماد ، أي عظيمُه ، ينهال. ومن الباب الكِبا (١) : الكُنَاسة ؛ والجمع الأَكْباء.

ومما شذَّ من هذا الأصل الكِبَاء ممدود ، وهو ضربٌ من العُود. يقال كَبُّوا ثيابَكم ، أي بَخِّروها. قال :

* ورنداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرَا (٢) *

باب الكاف والتاء وما يثلثهما

كتد الكاف والتاء والدال حرفٌ واحد ، وهو الكَتَد : ما بين الكاهل إلى الظَّهر. والكَتَد : نجمٌ.

كتر الكاف والتاء والراء. يقولون : الكَتْر : وسط كلِّ شيء. ويقال : الكَتْر : السَّنام نفسُه. قال :

* كِتْرٌ كحافَة كِير القَيْنِ ملمومُ (٣) *

__________________

(١) وكذا فى اللسان. وفى اللسان أيضا : «الكبا : الكناسة والزبل ، يكون مكسورا ومضموما ، فالمكسور : جمع كبة ـ أى بالكسر ـ والمضموم جمع كبة ـ أى بالضم».

(٢) لامرئ القيس فى ديوانه ٩٤ واللسان (كبا). وصدره :

وبانا وألوبا من الهند ذاكيا

(٣) لعلقمة بن عبدة فى ديوانه ١٣٠ واللسان (كتر) والمفضليات (٢ : ١٩٨). وصدره :

لقد هريت زمنا حق استطف لها

١٥٦

قال الأصمعىّ : لم أسمع بالكِتْر إلَّا في هذا البيت. ويقولون : الكَتْر : الحَسَب والقَدْر.

كتع الكاف والتاء والعين كلماتٌ غير موضوعةٍ على قياس ، وليست من الكلام الأصِيل. يقولون الكُتَع : الرّجُل اللَّئيم. ويقولون كَتَع بالشيء : ذَهَب به. وما بالدّارِ كتيعٌ ، أي ما فيها أحد. وكَتَع فلانٌ في أمره : شَمَّر. وجاء القومُ أجمعون أكتَعُون على الإتباع

كتل الكاف والتاء واللام أُصيلٌ يدلُّ على تجمُّع. يقال : هذه كُتْلةٌ من شَيء ، أي قطعةٌ مجتمعةٌ. قال ابنُ دريد (١) يقال : ألقى فلانٌ عليَ كَتَالَهُ ، أي ثِقْله. وذكر في شِعر [ابن] الطَّثْريّة (٢).

كتم الكاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إخفاء وسَتر. من ذلك كَتَمت الحديثَ كتْما وكِتماناً. قال الله تعالى (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ويقال : ناقةٌ كَتومٌ : لا ترغُو إذا رُكِبت ، قُوّةً وصَبرا. قال :

* وكانت بقيّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ (٣) *

وسحابٌ مُكْتَتِم : لا رعد فيه. وخَرْزٌ كَتِيمٌ : لا يَنْضَح الماء. وقوسٌ كَتوم : لا تُرِنُّ. وأمّا الكَتَم ، فنباتٌ يُختَضَب به.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ٢٧).

(٢) التكملة من المجمل : ويعنى بذلك قوله :

أقول وقد أيقنت أنى مواجه

من الصرمم بابات شديدا كفالها

(٣) للأعشى فى ديوانه ٢٩ واللسان (كتم). وصدره :

كدوم الرغاء إذا هجرت

١٥٧

كتن الكاف والتاء والنون أصلٌ يدلُّ على لطخٍ ودَرَن. يقال الكَتَن : لَطخ الدُّخانِ البيتَ. ويقال : كَتِنَتْ جَحافِل الدّابة : اسوَدَّت من أكل الدَّرِين. وكَتن السِّقاءُ ، إذا لَصِق به اللَّبَنُ من خارج فَغلظ. والكَتَّان معروف ، وزعموا أنَّ نُونَه أصليّة. وَسَمَّاه الأعشى الكَتَن(١). قال ابن دريد : هو عربىٌّ* معروف ، وإِنَّما سمي بذلك لأنه يلقَى بعضُه على بعضٍ(٢) حَتَّى يَكْتِن.

كتو الكاف والتاء والواو. الكَتْو : مُقارَبة الْخَطْو. يقال : كتا يَكتُو كَتواً. حكاه ابنُ دريدٍ عن أبى مالك (٣).

كتب الكاف والتاء والباء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على جمع شيء إلى شيءٍ. من ذلك الكِتابُ والكتابة. يقال : كتبت الكتابَ أكتُبه كَتْبًا. ويقولون : كتبتُ البَغلَة ، إذا جمعتُ شُفرَي رَحِمها بحَلْقة. قال :

لا تأمنَنَّ فَزارِيًّا حَلَلْتَ به

على قَلُوصِك واكتُبْهَا بأسيار (٤)

والكُتْبَةُ : الخُرْزَة ، وإِنما سمِّيت بذلك لجمعها المخروز. والكُتَب : الخُرَز. قال ذو الرُّمَّة :

وَفْرَاءَ غَرْفِيَّةٍ أثْأَى خوارِزَها

مُشَلشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بينَها الكُتَبُ (٥)

__________________

(١) انظر ما سبق فى مادة (كت).

(٢) فى الجمهرة (٢ : ٢٨) : «لأنه يخيس ويلقى بعضه على بعض».

(٣) الجمهرة (٢ : ٢٨).

(٤) البيت لسالم بن دارة كما فى الكامل ٤٨١ ليبسك والشعر والشعراء ٣٦٣. وأنشده فى اللسان (كتب) وعيون الأخبار (٢ : ٢٠٣) بدون نسبة. والرواية المشهورة : «خلوت به».

(٥) ديوان ذى الرمة ص ١ واللسان (وفر ، غرف ، ثأى ، شلل ، كتب).

١٥٨

ومن الباب الكِتَابُ وهو الفَرْضُ. قال الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ، ويقال للحُكْم : الكِتَاب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أَمَا لَأَقْضِيَنَّ بينكما بكِتَاب الله تعالى». أراد بحُكْمِه. وقال تعالى : (يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) أي أحكامٌ مستقيمة. ويقال للقَدَر : الكِتاب. قال الجعدىّ :

يا ابنةَ عمِّي كتابُ الله أخرَجَنِي

عنكم وهل أَمنعَنَّ الله ما فَعَلا (١)

ومن الباب كَتَائِب الخيل ، يقال : تكتَّبُوا. قال :

* بألفٍ تكتَّبَ أو مِقْنَبِ*

قال ابنُ الأعرابىّ : الكاتب عند العرب : العالم ، واحتجَّ بقوله تعالى : (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ).

والمُكاتَب : العبدُ يُكاتِبُه سيِّده على نفسه. قالوا : وأصله من الكِتاب ، يراد بذلك الشَّرْطُ الذي يكتب بينهما.

كتف الكاف والتاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عِرَضٍ في حديدة أو عَظْم. من ذلك الكَتِيفة ، وهي الحديدة التي يُضَبُّ بها. ومنه الكَتِف وهي معروفة ، سمِّيت بذلك لما ذكرناه. ويقال : رجلٌ أكتَفُ : عظيم الكَتِف. وقولهم : كَتف البعيرُ في المَشْي فإِنما ذلك إذا بَسَط يديه بَسْطاً شديداً ، ولا يكون ذلك إلّا ببسطه موضِعَيْ كتِفَيْه. والكَتْف : أن يُشَدَّ حِنْوا الرَّحْلِ أحدُهما إلى الآخر بالكِتاف ، وذلك كبعض ما ذكرناه. وكَتَفْتُ اللّحم ، كأنَّك قَطعته على تقدير

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (كتب).

١٥٩

الكَتِف أو الكَتِيفة (١). وكذلك كَتَفت الثّوب إذا قَطَعته. وأما قولهم للضِّغن والحِقد كَتِيفة ، فذلك من الباب أيضاً ، وهو من عجيب كلامهم : أن يحملوا الشيء على محمول غيره. والمعنى في هذا أنَّهم يسمُّون الضِّغْن ضبًّا ، لأنَّه يُضِبُّ على القَلْب. فلما كانت الضَّبَّة في هذا القياس بمعنى أنّها تُضَبُّ على الشَّيء وكانت تسمَّى كَتيفةً ، سمَّوا الضِّغن ضَبًّا وكَتِيفة ، والجمع كَتَائف. [قال] :

أخوكَ الذي لا يَمْلِكُ الحسَّ نَفسُه

وتَرفَضُّ عند المُحْفِظات الكَتَائفُ (٢)

وأما الكتْفَان من الجَرَاد فهو أوّلُ ما يطير منه. وهو شاذٌّ عن هذا الأصل.

كتو الكاف والتاء والواو فيه كلمةٌ لا معنَى لها ، ولا يُعرَّج على مِثلها. يقولون : اكْتَوْتَى الرّجلُ ، إذا بالَغَ في صفة نَفْسِه من غير عمل. واكْتَوْتَى تعتع. وليس هذا بشيء.

باب الكاف والثاء وما يثلثهما

كثر الكاف والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ خِلاف القِلَّة. من ذلك الشَّيء الكثير ، وقد كَثُر. ثم يُزَاد فيه للزِّيادة في النّعت فيقال : الكَوْثَر : الرّجلُ المِعطاء. وهو فَوْعلٌ من الكَثْرة. قال :

__________________

(١) فى المجمل : «كتفت اللحم : قطعته صغارا».

(٢) البيت للقطامى فى ديوانه ٢٧ واللسان (حس ، رفض ، حفظ ، كتف).

١٦٠