معجم مقاييس اللغة - ج ٥

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٥

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٦

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

كتاب القاف

باب القاف وما بعدها فى الثلاثى الذى يقال له المضاعف والمطابق

قل القاف واللام أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على نَزَارة الشَّىء ، والآخرُ على خلاف الاستقرارِ ، وهو الانزعاج.

فالأوَّل قولهم : قلَ الشَّىءُ يقِلُ قلّة فهو قَلِيل. والقُلُ : القِلّة ، وذلك كالذُّل والذِّلّة. وفي الحديثِ في الرِّبا : «إنْ كَثُرَ فإنَّه إلى قُلٍ». وأمَّا القُلَّةُ التى جاءت فى الحديث (١) ، فيقولون : إنّ القُلَّة ما أقلَّهُ الإنسانُ من جَرّةٍ أو حُبٍّ. وليس فى ذلك عند أهل اللُّغة حدٌّ محدود. قال :

فَظَلِلْنا بنَعْمةٍ واتَّكأْنا

وشَرِبنا الحَلالَ من قُلَلِهْ (٢)

ويقال : استقلَ القومُ ، إذا مضَوا لمسيرِهم ، وذلك من الإقلال أيضاً ، كأنَّهم استخفُّوا السَّيرَ واستقلُّوه. والمعنى فى ذلك كلِّه واحد. وقولنا فى القُلَّة ما أقلَّه الإنسان فهو من القِلّة أيضاً ، لأنَّه يقلُّ عنده.

__________________

(١) منه : «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجسا» ومنه فى ذكر الجنة وصفة سدرة المنتهى : «ونبقها مثل قلال هجر».

(٢) لجميل بن معمر ، كما فى اللسان (قلل).

٣

وأمّا الأصل الآخَر فيقال : تَقَلقلَ الرَّجُل وغيرُه ، إذا لم يثبُتْ فى مكانٍ. وتَقلقَل المِسمارُ : قَلِقَ فى موضعه. ومنه فرسٌ قُلقُلٌ : سريع. ومنه قولهم : أخَذَه قِلُ من الغضب ، وهو شِبه الرِّعْدة.

قم القاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على جَمْع الشَّىء. من ذلك : قَمْقَمَ الله عَصَبه ، أىْ جَمَعه. والقَمْقام : البحر ، لأنَّه مُجتَمَع للماء. والقَمقام : العدد الكثير ، ثمَّ يشبَّه به السيِّد الجامع للِسِّيادة الواسعُ الخير

ومن ذلك قُمَ البيتُ ، أى كُنِس. والقُمامَة : ما يُكنَس ؛ وهو يُجمَع. ويقال من هذا : أقمَ الفَحلُ الإبلَ ، إذا ألقَحَها كلَّها. ومِقَمَّة الشّاة : مِرَمَّتها (١) ، وسمِّيت بذلك لأنها تقمُ بها النَّباتَ فى فيها. ويقال لأعلى كلِّ شىءٍ : القِمَّة ، وذلك لأنَّه مُجتَمعُه الذى به قِوَامُه.

ومما شذَّ عن هذا الباب القَمقام : صغار القِرْدان.

قن القاف والنون بابٌ لم يُوضَع على قياسٍ ، وكلماتُه متبايِنة. فمن كلماته القِنُ ، وهو العَبْد الذى مُلِك هو وأبوه. والقُنَّة : أعلَى الجَبَل. والقُنَانُ : رِيح الإبِطِ أشَدَّ ما يكون(٢). والقُناقِن : الدليل الهادى ، البصيرُ بالماء تحتَ الأرض ، والجمع قَنَاقِن (٣).

__________________

(١) المقمة والمرمة ، كلاهما بكسر الميم وفتحها.

(٢) فى الأصل : «أشط ما يكون» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) فى اللسان : «وأصلها بالفارسية ، وهو معرب مشتق من الحفر ، من قولهم بالفارسية كِنْ كِنْ ، أى احفر احفر».

٤

قه القاف والهاء ليس فيه إلّا حكاية القَهْقَهة : الإغراب فى الضحك. يقال : قَهٌ وقهقَهةٌ ، وقد يخفَّف. قال :

* فهنَّ فى تَهَانُفٍ وفى قَهِ (١) *

ويقولون : القَهقهة : قَرَبُ الوِرد (٢)

قب القاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع. من ذلك القُبَّة ، وهى معروفة ، وسمِّيت لتجمُّعها. والقَبقَب : البطن ، لأنَّه مجتَمع الطَّعام. والقَبُ فى البَكَرة (٣). وأمَّا قولُهم : إنَ القَبَب : دِقَّة الْخَصْر فإنما معناه تجمُّعُه حتَّى يُرَى أنّه دقيق. وكذلك الخيلُ القُبّ ، هى الضَّوامر ، وليس ذلك [إلَّا] لذَهابِ لُحُومِها والصَّلابةِ التى فيها. وأمَّا القَابّة فقال ابنُ السِّكِّيت : القَابّة : القَطْرة من المَطَر. قال : وكان الأصمعى يصحِّف ويقول : هى الرَّعد. والذى قاله ابنُ السِّكيت أصحُّ وأقْيَس ؛ لأنَّها تَقُبُ التُّرْبَ أى تجمعه.

ومما شذَّ عن هذا الباب تسميتُهم العام الثالث القُبَاقِب ، فيقولون عامٌ ، وقابلٌ ، وقُبَاقِب (٤).

ومما شذَّ أيضاً قولُهم : اقتبَ يدَه ، إذا قَطعَها.

__________________

(١) قبله فى اللسان :

نشأن في ظل النعيم الأرفه

(٢) زاد فى اللسان : «مشتق من اصطدام الأحمال لعجلة السير ، كأنهم توهموا لجرس ذلك جرس نغمة فضاعفوه».

(٣) هو الثقب الذى فى وسط البكرة.

(٤) فى المحمل : «وتقول : لا آتيك العام ، ولا قابلا ، ولا قباقبا».

٥

قت القاف والتاء فيه كلمتانِ متباينتان ، إحداهما القَتُ ، وهو نَمُّ الحديث. وجاء فى الأثر : «لا يدخُلُ الجنّةَ قَتَّاتٌ». وهو النَّمّام. والقَتُ : نَباتٌ. والقَتُ والتَّقتِيتُ (١) : تطييبُ الدُّهن بالرَّياحين.

قث القاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على الجمع. يقال : جاء فلانٌ يقُثُ مالاً ودنْيا عريضة.

قح القاف والحاء ليس هو عندنا أصلاً ، ولكنهم يقولون : القُحّ : الجافى من الناس والأشياء ، حتى يقولون للبطِّيخة التى لم تَنْضَج : إنّها لَقحٌ.

قد القاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْعِ الشىء طولاً ، ثم يستعار. يقولون : قَدَدْتُ الشَّىء قدَّا ، إذا قطعتَه طولا أقُدُّه ، ويقولون : هو حسَنُ القَدّ ، أى التقطيع ، فى امتدادِ قامته. والقِدُّ : سيرٌ يقَدُّ من جلدٍ غيرِ مدبوغٍ. واشتقاق القَدِيد منه. والقِدَّة : الطّريقةُ والفِرْقة من الناس ، إذا كان هوَى كلِّ واحدٍ غيرَ هوى صاحِبِه. ثمَّ يستعيرون هذا فيقولون : اقتدَّ فلانٌ الأمورَ ، إذا دَبَّرَها ومَيَّزها. وقَدَّ المسافرُ المَفازةَ. والقَيْدُود : النَّاقة الطَّويلة الظَّهر على الأرض. والقَدُّ : جِلد السَّخلة ، الماعزة ، ويقولون فى المثَل : «ما يَجْعَلُ قَدَّك إلى أديمك». ويقولون القُدَاد : وجَعٌ فى البطن.

قذ القاف والذال قريبٌ من الذى قبلَه ، يدلُّ على قطعٍ وتسويةٍ طولاً وغيرَ طُول. من ذلك القُذَذ : ريش السَّهم ، الواحدة قُذَّة. قالوا : والقَذُّ :

__________________

(١) اقتصر فى المجمل على «القت» ، وفى اللسان والقاموس على «التقتيت».

٦

قطعها. يقال : أُذُنٌ (١) مقذوذة ، كأنّها بُرِيَتْ بَرْياً. قال :

* مَقْذُوذةُ الآذانِ صَدْقاتُ الحَدَقْ (٢) *

وزعم بعضُهم أن القُذَاذات : قِطَعُ الذَّهب ، والجُذَاذات : قِطَع الفِضّة. وأمَّا السَّهم الأقَذُّ فهو الذى لا قُذَذَ عليه. والمَقَذُّ : ما بين الأُذُنين من خَلْف. وسمِّىَ لأنَّ شعره يُقَذّ قَذَّا.

ومما شذَّ عن الباب قولُهم : إنّ القِذَّانَ : البَرَاغيث.

قر القاف والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على* برد ، والآخر على تمكُّن.

فالأوَّل القُرُّ ، وهو البَرْد. ويومٌ قارٌّ وقَرٌّ : قال امرؤُ القَيس :

إذا ركِبُوا الخيلَ واستَلأَمُوا

تحَرَّقت الأرضُ واليومُ قَرّ (٣)

وليلة قَرَّةٌ وقارَّة. وقد قَرَّ يومُنا يَقِرُّ. والقِرَّة : قِرَّة الحُمَّى حين يجد لها فَترةً (٤) وتكسيراً. يقولون : «حِرَّةٌ تحت قِرَّة» ، فالحِرّة : العَطَش ، والقِرّة : قِرَّة الحُمَّى. وقولهم : أقَرَّ اللهُ عينَه ، زعم قومٌ أنَّه من هذا الباب ، وأنَّ للسُّرورِ دَمعةً باردة ، وللغمِّ دمعةً حارّة ، ولذلك يقال لمن يُدعَى عليه : أسخَنَ الله عينَه. والقَرور : الماء البارد يُغتَسَل به ؛ يقال منه اقتَرَرْت.

والأصل الآخَر التمكُّن ، يقال قَرَّ واستقرَّ. والقَرُّ : مركبٌ من مراكب النِّساء. وقال:

__________________

(١) فى الأصل : «إذا» ، صوابه فى المجمل.

(٢) البيت لرؤبة فى ديوانه ١٠٤ وأراجيز العرب للسيد البكرى ٢٥.

(٣) ديوان امرىء القيس ٥.

(٤) فى الأصل : «قرة».

٧

* على حَرَجٍ كالقَرِّ تخفقُ أكفانِى (١) *

ومن الباب [القَرُّ (٢)] : صَبُّ الماءِ فى الشَّىء ، يقال قَرَرتُ الماء. والقَرُّ : صبُّ الكلامِ فى الأُذُن.

ومن الباب : القَرقَر : القاع الأملس. ومنه القُرارة : ما يلتزِق بأسفل القِدْر ، كأنَّه شىء استقرَّ فى القِدْر.

ومن الباب عندنا ـ وهو قياسٌ صحيح ـ الإقرار : ضدُّ الجحود ، وذلك أنَّه إذا أقَرَّ بحقٍّ فقد أقرَّهُ قرارَهُ. وقال قومٌ فى الدُّعاء : أقرّ الله عينه : أى أعطاه حتى تَقِرَّ عينُه فلا تطمَحَ إلى من هو فوقَه. ويوم القَرِّ : يومَ يستقرُّ الناسُ بمنًى ، وذلك غداةَ يومِ النَّحر.

قلنا : وهذه مقاييسُ صحيحةٌ كما ترى فى البابين معاً ، فأمَّا أنْ نتعدَّى ونتحمّل الكلامَ كما بلغنا عن بعضهم أنَّه قال : سمِّيت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيرِه ، فليس هذا من مذهبنا. وقد قلنا إنَّ كلامَ العرب ضربان : منه ما هو قياسٌ ، وقد ذكرناه ، ومنه ما وُضِع وضعاً ، وقد أثبَتْنا ذلك كلَّه. والله أعلم.

فأمَّا الأصواتُ فقد تكون قياساً ، وأكثرُها حكاياتٌ. فيقولون : قَرقَرت الحمامةُ قَرقرةً وقَرْقَرِيراً.

__________________

(١) لامرىء القيس فى ديوانه ١٢٦ واللسان (حرج ، قرر). وقد سبق فى (حرج) وصدره :

فإما تريني في رحالة جابر

(٢) التكملة من المجمل.

٨

قز القاف والزاء كلمةٌ واحدة ، تدلُّ على قِلَّةِ سُكونٍ إلى الشَّىء (١) ، من ذلك القزّ ، وهو الوَثْب. ومنه التقزُّز ، وهو التنطُّس. ورجلٌ قَزٌّ ، وهو لا يسكن إلى كلِّ شىء.

قس القاف والسين مُعظَمُ بابه تتبُّع الشَّى ، وقد يشذُّ عنه ما يقاربُه فى اللَّفظ.

قال علماؤُنا : القَسُ : تتَبُّع الشَّى وطلبُه ، قالوا : وقولهم إنَ القَسَ النَّميمة ، هو من هذا لأنه يتتبَّع الكلامَ ثمَّ ينُمُّه (٢). ويقال للدَّليل الهادِى : القَسْقاس ، وسمِّى بذلك لعلمه بالطَّريق وحُسْنِ طلَبِه واتِّباعه له. يقال قَسَ يَقُسّ. وتَقَسَّسْتُ أصواتَ القومِ بالليل ، إذا تتبَّعتَها. وقولهم : قَسَسْتُ القومَ : آذَيْتُهم بالكلام القبيح ، كلامٌ غير ملخَّص ، وإنَّما معناه ما ذكرناه من القَسّ أى النَّميمة (٣). ويقولون : قَرَبٌ قَسقاسٌ ، وسيرٌ قَسِيس (٤) : دائبٌ. وهو ذلك القياس ، لأنَّه يقُسُ الأرض ويتتبَّعُها.

ومما شذَّ عن الباب قولهم : [ليلةٌ] قسقاسة : مُظْلِمة. وربَّما قالوا لِلَّيلةِ الباردة : قَسِيَّة(٥). وقُسَاسٌ : بلدٌ تُنسَب إليه السُّيوف القُسَاسيَّة.

__________________

(١) فى الأصل : «قلة وسكون إلى الشىء».

(٢) ينمه ، أى ينقله على جهة الإفساد والشر. وفى الأصل : «ينميه» ، تحريف.

(٣) فى الأصل : «إلى النميمة».

(٤) وكذا فى المجمل. ولم تذكر الكلمة فى المعاجم المتداولة. وبدلها فى اللسان : «قِسْقيس».

(٥) الحق أنها من المعتل. وقد تنبه لذلك فى المجمل ، قال : «ودرهم قسى : ردىء ، وليلة قسية باردة ، ولعل هاتين من كلمات المعتل».

٩

وذكر ناسٌ عن الشَّيبانى ، أنَ القَسْقَاس : الجُوع. وأنشَدُوا عنه :

أتانَا به القَسقاسُ ليلاً ودُونَه

جراثيمُ رَمْلٍ بينهنَّ نفانِفُ (١)

وإنْ صحَّ هذا فهو شاذٌّ ، وإن كان على القياس فإنما أراد به الشّاعِرُ القَسقاس (٢) ، وما أدرى ما الجُوعُ ها هنا. وأمّا قولهم. دِرهمٌ قَسِىٌ ، أى ردىء ، فقال قومٌ : هو إعراب قاس (٣) ، وهى فارسيَّة. والثِّياب القَسِّيَّة يقال إنَّها ثيابٌ يؤتى [بها] من اليَمَن. ويقولون : قَسْقَسْتُ (٤) بالكلب : صحتُ به (٥).

قش القاف والشين كلماتٌ على غير قياس. فالقَشُ : القشْر (٦). يقال تقشقش الشَّىء ، إذا تقشَّر. وكان يقال لسورتى : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) : المقَشْقِشَتان ، لأنَّهما يُخرِجان قارئهما مؤمناً بهما من الكُفْر.

ومما ليس من هذا الجِنْس : القِشَّة : القِرْدَة ، والصَّبِيَّة الصغيرة. ويقولون : التَّقشقُش : تطلّب الأكلِ من هاهنا وهنا ، وهذا إنْ صحَّ فلعلّه من باب الإبدالْ والأصلُ فيه السين ، وقد مضى ذكره. ويقال : قَشَ القَوْمُ : إذا أحْيَوْا بعدَ هُزَال.

__________________

(١) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. والبيت لأبى جهيمة الذهلى ، كما فى اللسان (قسس). وصواب إنشاده : «يينهن قفاف» ، كما نص ابن برى. وبعده :

فأطعمته حتى غدا وكانه

أسير يدانى منكبيه كفاف

(٢) كذا ولعله يريد «القرب القسقاس».

(٣) فى المعرب للجواليقى ٢٥٧ : «قاش» ، وفى اللسان : «قاشى».

(٤) فى الأصل ، «قسست» صوابه فى المجمل واللسان والقاموس.

(٥) زاد فى اللسان : «وقلت له : قُوس قُوس».

(٦) كذا. ولعل صوابها : «فالتقشقش : التقشر».

١٠

قص القاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تتبُّع الشَّىء. من ذلك قولهم : اقتصَصْتُ الأثَر ، إذا تتبَّعتَه (١). ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص فى الجِراح ، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلِه بالأوّل ، فكأنَّه اقتصَ أثره. ومن الباب القِصَّة والقَصَص ، كلُّ ذلك يُتَتبَّع فيذكر. وأمَّا الصَّدر فهو القَصُ ، وهو عندنا قياسُ الباب ، لأنَّه متساوى العِظام ، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر.

ومن الباب : قَصَصت الشّعر ، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بين كلِّ شعرةٍ وأُخْتِها ، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأخرى مُسَاويةٌ لها فى طريقها. وقُصَاص الشَّعر : نهايةُ مَنْبِته من قُدُمٍ (٢) ، وقياسُه صحيح. والقُصَّة : النَّاصية. [و] القَصِيصية من الإبل : البعير يقُصُ أثَرَ الرِّكاب. وقولهم : ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه ، أى أدناه ، من الموت. وهذا معناه أنَّه يقُصُ أثَرَ المنيَّة. وأقصَ فلاناً السُّلطانُ [من فلان (٣)] ، إذا قتله قَوَدا.

وأمَّا قولُهم : أَقَصَّت الشّاةُ : استبانَ حَمْلُها ، فليس من ذلك. وكذلك القَصْقاص ، يقولون : إنّه الأسد. والقُصقُصَة : الرَّجل القصير : والقَصِيص : نبتٌ. كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور (٤).

__________________

(١) فى الأصل : «إذا تبعد».

(٢) من قدم أى قدام ، وكذا وردت فى المجمل. وفى الأصل : «قدوم» ، تحريف.

(٣) تكملة ضرورية ليستقيم الكلام. والعبارة فى المجمل محرفة كعبارة الأصل ، ففيه : «وأقاد فلان فلانا وأقصه ، إذا قتله قودا» ، صوابه «أقاد فلان فلانا من فلان».

(٤) فى اللسان عند الكلام على القصيص : «قال أبو حنيفة : زعم بعض الناس أنه إنما سمى قصيصا لدلالته على الكمأة كما يقتص الأثر».

١١

قض القاف والضاد أصول ثلاثة : أحدُها هُوِىُّ الشَّىء ، والآخَر خُشونةٌ فى الشَّىء ، والآخِر ثَقْبٌ فى الشَّىء.

فالأوَّل قولُهم : انقَضَ الحائطُ : وقع. ومنه انقضاضُ الطّائِر : هُوِيُّه فى طَيَرانه. والثانى قولهم : دِرع قَضّاءُ : خشِنة المَسِّ لم تنسَحِقْ بعدُ. وأصلُه القِضّة ، وهى أرضٌ منخفِضةٌ ترابُها رملٌ ، وإلى جانبها مَتْن. والقَضَضُ : كِسَرُ الحِجارة. ومنه القَضْقَضة : كَسْرُ العِظام. يقال أسدٌ قضقاضٌ. والقَضُ (١) : ترابٌ يعلو الفِراش. يقال أقضَ عليه مضجَعُه. قال أبو ذُؤيب:

أم ما لِجسمِكَ لا يلائمُ مَضْجعاً

إلا أَقَضَ عليكَ ذاك المضجع (٢)

ويقال لحمٌ قَضٌ ، إذا تَرِبَ عند الشَّىّ. ومن الباب عندى قولُهم : جاءوا بقَضِّهم وقضيضهم (٣) ، أى بالجماعة الكثيرة الخشِنة. قال أوس :

وجاءت جِحاشٌ قَضَّها بقَضيضِها

كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا (٤)

والأصل الثالث قولهم : قَضَضت اللُّؤلؤةَ أقُضُّها قَضَّا ، إذا ثقَبْتَها. ومنه اقتِضاض البِكْر. قاله الشّيبانى.

قط القاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع الشّىء بسُرعةٍ عَرْضاً.

__________________

(١) وكذا ورد فى المجمل. وفى القاموس : «والقضض ، محركة : التراب يعلو الفراش» ، ونحوه فى اللسان.

(٢) ديوان الهذليين (١ : ٢) والمفضليات (٢ : ٢٢١) واللسان (قضض).

(٣) ويقال أيضا «قضُّهم بقضيضهم» ، و «قضَّهم بقضيضهم».

(٤) ديوان أوس بن حجر ١١ واللسان (قضض). وانظر لمثله الخزانة (١ : ٥٢٥) وسيبويه (١ : ١٨٨). ورواية الديوان واللسان : بأكثر ما كانوا.

١٢

يقال : قَطَطت الشّىءَ أَقُطُّه قَطّاً. والقَطّاط : الخَرَّاط الذى يَعمل الحُقَق ، كأنَّه يقْطَعها. قال :

* مِثْلَ تقطِيط الحُقَق (١) *

والقِطْقِط : الرَّذَاذ من المطر ، لأنّه من قِلّتِه كأنّه متقطِّع. ومن الباب الشَّعْرَ القَطَط(٢) ، وهو الذى ينْزَوِى ، خلافُ السَّبْط ، كأنَّه قُطّ قَطًّا. يقال : قَطِطَ شَعرُه ، وهو من الكلمات النَّادرة فى إظهار تضعيفها.

وأمَّا القِطُّ فيقال إنّه الصَّكُّ بِالجائزة. فإنْ كان من قياس الباب فلعلّه من جهة التَّقطيع الذى فى المكتوب عليه. قال الأعشى :

ولا الملكُ النُّعمان يومَ لقيتُه

بغِبْطَتِه يُعطِى القُطوطَ ويأفِقُ (٣)

وعلى هذا يفسَّر قولُه تعالى : (وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) كأنَّهم أرادوا كُتُبَهم التى يُعطَوْنها من الأجْر فى الآخرة.

ومما شذّ عن هذا الباب القِطّةُ : السِّنَّورة. يقال [هو] نعتٌ لها دونَ الذَّكَر. فأمَّا قَطْ بمعنى حَسْب فليس من هذا الباب ، إنما ذاك من الإبدال ، والأصل قدْ. قال طَرَفة :

أخِى ثِقةٍ لا ينثنى عن ضريبةٍ

إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبُه قَدِ (٤)

__________________

(١) كذا. وإنشاد البيت كما فى ديوان رؤبة ١٠٦ واللسان (قطط) والمخصص (١٢ : ١٣٣ ١٥ : ١٠١) :

سوى مساحبهن تقطيط الحقق

(٢) يقال شعر قطط وقط أيضا بفتح القاف فيهما.

(٣) ديوان الأعشى ١٤٦ واللسان (قطط ، أفق). وقد سبق فى (أفق). فوجه التكملة هناك : «بغبطته» لا «بإمته».

(٤) من معلقته. والرواية المشهورة. «قال حاجزه».

١٣

لكنَّهم أبدَلُوا الدّال طاءً فيقال : قَطِى وقَطْكَ وقَطْنى. وأنشدوا :

امتلأ الحَوْضُ وقال قَطنِى

حَسْبى رويداً قد ملأْتَ بَطْنِى (١)

ويقولون قَطَاطِ ، بمعنى حسبى (٢). وقولهم : ما رأيتُ مثلَه قطّ ، أى أقطع الكلام فى هذا (٣) ، بِقوله على جهة الإمكان. ولا يقال ذلكْ إلا فى الشَّىء الماضى.

قع القاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على حكاياتِ صوتٍ. من ذلك القَعقَعة : حكايةُ أصوات التِّرَسةِ وغيرها. والمُقَعقِع : الذى يُجيل القِداح. ويكون للقِداح عند ذلك أدنَى صوت. ويقال رجلٌ قَعقعانىٌ ، إذا مَشَى سمِعتَ لمفاصله قَعقَعةً. قال :

* قَعْقعَةَ المِحوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ (٤) *

وحِمارٌ قَعقعانىٌ ، وهو الذى إذا حَمَلَ على العانة صَكَّ لَحْيَيْه. ويقال : قَرَبُ قَعْقاعٌ : حثيث ، سمِّى بذلك لما يكون عندهُ من حركات السَّير وقَعْقَعته. وطريقٌ قعقاعٌ : لا يُسلَك إلَّا بمشقَّة. فأمَّا القُعَاعُ فالماء المُرُّ الغليظ. يقال : أَقَعُّوا ، إذا أنْبَطُوا قُعَاعاً. فهذا ممكنٌ أنْ يكون شاذَّا عن الأصل الذى ذكرناه ، وممكن أن يكون مقلوباً من عَقَّ ، وقد مضى ذِكره. ويقولون : قَعْقَع فى الأرض : ذَهَب. وهذا من قياس الباب ، لما يكون له عند سَيرِه من حركةٍ وقَعقعة.

__________________

(١) كذا ورد البيت. والرواية المشهورة : «سلا رويدا» ، أو «مهلا رويدا». نظر اللسان (قطط ، قطن) ، والمخصص (١٤ : ٦٢) ومجالس ثعلب ١٨٩ والإنصاف ٨٣ وإصلاح المنطق ٦٧ ، ٣٧٧.

(٢) وشاهده قول عمرو بن معديكرب ، فى اللسان :

أطلت فراطيم حتى إذا ما

قتلت سراتهم قالت قطاك

(٣) فى الأصل : «فيه هذا».

(٤) لرؤبة فى ديوانه ١٠٦ واللسان (قعع).

١٤

قف القاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع وتقبُّض. من ذلك القُفَّة : شَىءٌ كهيئة اليقطينة تُتَّخَذ من خُوط أو خُوص. يقال للشَّيخ (١) إذا تقبَّضَ من هَرَمه : كأنَّه قُفَّة. وقد استَقفّ ، إذا تشنَّج. ومنه أَقَفَّتِ الدَّجاجةُ ، إذا كَفَّت عن البَيض. والقَفُ : جنسٌ من الاعتراض للسَّرَق ، وقيل ذلك لأنَّه يقُفُ الشَّىءَ إلى نفسه. فأمَّا قولُهم : قَفْقَف الصَّرِدُ ، إذا ارتَعَد ، فذلك عندنا من التقبُّض الذى يأخذُه عند البرد. قال :

نِعْمَ شِعارُ الفَتَى إذا بَرَدَ ال

ليلُ سُحيْراً وقَفْقَفَ الصَّرِدُ (٢)

ولا يكون هذا من الارتعاد وحدَه.

ومن الباب القُفّ ، وهو شىءٌ يرتفع من مَتْن الأرض كأنّه متجمِّع ، والجمع قِفاف. والله أعلم.

باب القاف واللام وما يثلثهما

قلم القاف واللام والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تسويةٍ شىء عند بَرْيه وإصلاحه. من ذلك : قَلَمْتُ الظُّفُر وقلَّمْته. ويقال للضَّعيف : هو مَقلُوم الأظفار. والقُلَامَة : ما يسقُط من الظُّفُر إذا قُلِم. ومن هذا الباب سمِّى القلمُ قَلَماً ،

__________________

(١) فى الأصل : «قال الشيخ».

(٢) سبق إنشاد البيت فى (صرد). ونسب إلى عمر بن أبى ربيعة فى تهذيب الألفاظ ١٢١ ، ٢١٢ والجمهرة (١ : ١٦١). وقد أثبت فى ملحقات ديوان عمر طبع ليبسك ص ٣٣٣. وهو بدون نسبة فى المخصص (٥ : ٧١) وأمالى المرتضى (٤ : ٨١). وأنشده فى الكامل ١٣٦ ليبسك واللسان (قفف) وعيون الأخبار (٣ : ٩٥) : «نعم ضجيع الفتى». وفى اللسان : «فقفقف الصرد» ، وفى الكامل : «وقرقف».

١٥

قالوا : سمِّى به لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلَمُ من الظُّفر ، ثمَّ شُبِّه القِدْح به فقيل : قلم. ويمكن أن يكون القِدحُ سُمِّى قلَماً لما ذكرناه من تسويته وبَرْيه. قال الله تعالى : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ). ومن الباب المِقْلَم : طَرَف قُنْب البعير ، كأنَّه قد قُلِم ، ويقال إنّ مَقَالم الرُّمح : كُعوبه.

ومما شذَّ عن هذا الأصل القُلَّام ، وهو نبتٌ. قال :

أتَوْنى بِقُلَّامٍ فقالوا تَعَشّهُ

وهل يأكُلُ القُلَّامَ إلا الأباعرُ (١)

قله القاف واللام والهاء لا أحفَظُ فيه شيئاً ، غير أنّ غَديرَ قَلَهَى : موضع.

قلو القاف واللام والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة. من ذلك القِلْو : الحِمار الخفيف. [و] يقال : قَلَتِ النَّاقةُ براكبها قَلْواً ، إذا تقدَّمَت به. واقلَوْلَت الحُمْر فى سرعتها. والمُقلَوْلِى : المتجافى عن فِراشه. وكلُّ نابٍ عن شىء متجافٍ عنه : مُقْلَوْلٍ. قال :

أقولُ إذا اقْلَوْلَى عليها وأقْرَدَتْ

ألَا هَلْ أخو عيشٍ لذيذٍ بدائمِ (٢)

والمُنْكمش مُقْلَوْلٍ. وفى الحديث : «لو رأيتَ ابنَ عُمَرَ لرأيتَه مُقْلولياً». أى متجافِياً عن الأرض ، كأنّه يريد كَثْرَةَ الصَّلاة. ومن الباب قَلَا العَيْرُ آتُنَه قَلْوًا. ومن الباب القِلَى ، وهو البُغْض. يقال منه : قَلَيْتُه أَقلِيه قِلًى. وقد قالوا : قَلَيتُهُ أَقلاه (٣). والقِلَى تجافٍ عن الشّىء وذَهابٌ عنه والقَلْى : قَلىُ الشّىء عَلَى المِقْلَى.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان قلم).

(٢) للفرزدق فى ديوانه ٨٦٣ برواية «يقول» ، وفى اللسان (قرد ، قلا) : «تقول».

(٣) فى اللسان أنها لغة طيء. وأنشد ثعلب :

أيام أم الغمر لا تقلاها

ولو تشاء قبلت عيناها

١٦

يقال : قَلَيْت وقَلَوْت. [و] القَلَّاء : الذى يَقْلى. وهو القياس ، لأن الحَبَّة تُستَخَفُ بالقلْى وتَخِفُّ أيضاً.

قلب القاف واللام والباء أصلانِ صحيحان : أحدهما يدلّ على خالِص شَىءٍ وشَريفِه، والآخَرُ على رَدِّ شىءٍ من جهةٍ إلى جهة.

فالأوَّل القَلْبُ : قلب الإنسان وغيره ، سمِّى لأنَّه أخْلَصُ شىءٍ فيه وأرفَعُه. وخالِصُ كلِّ شىءٍ وأشرفُه قَلْبُه. ويقولون : عربىٌ قَلْبٌ (١). قال :

[فلا] تُكثِروا فيها الضَّجَاجَ فإنَّنى

تخيَّرتُها منهم زُبيرِيّةً قَلْبَا

والقُلَاب : داءٌ يصيب البعير فيَشْتَكِى قَلْبَه. والقُلْبُ من الأَسورة : ما كان قُلْباً واحداً لا يُلوَى عليه غيرُه. وهو تشبيهٌ بقُلْب النَّخْلة. ثم شبِّه الحَيَّة بالقُلْب من الحَلْىِ فسمِّى قُلْباً. والقَلْب : نجمٌ يقولون إنه قَلْبُ العَقرب. [و] قَلَبْتُ النَّخلةَ : نَزَعت قَلْبها.

والأصل الآخر قَلَبْتُ الثَّوبَ قَلْباً. والقَلَب : انقلابُ الشَّفَة ، وهى قَلْباءُ وصاحبُها أَقْلَب. وقَلَبْتُ الشَّىء : كبَبتُه ، وقلَّبته بيدىَ تقليباً. ويقال : أقْلَبَتِ الخُبْزةُ ، إذا حان لها أن تُقْلَب. وقولهم : ما به قَلبَةٌ ، قالوا : معناه ليست به عِلَّة يُقْلب لها فيُنْظَر إليه. وأنشدوا :

ولم يقلِّب أرضَها بيطارُ

ولا لحبلَيْهِ بها حُبَارُ (٢)

أى لم يقلِّب قوائمها من عِلَّةٍ بها. والقَلِيب : البئرُ قبل أنْ تُطوَى ؛ وإنّما

__________________

(١) يقال بفتح اللام وضمها ، ويستوى فيه المذكر والمؤنث واجمع ، وإن شئت ثنيت وجمعت.

(٢) لحميد الأرقط ، كما فى اللسان (قلب ، حبر ، أرض). وقد سيق فى (حبر).

١٧

سمِّيت قليباً لأنَّها كالشَّىء يقلَب من جهة إلى جهة ، وكانت أرضاً فلما حُفِرت صار ترابُها كأنَّه قُلِب. فإذا طُوِيت فهى الطَّوِىّ. ولفظ القليب مذكَّر (١). والحُوَّلُ القُلَّب : الذى يقلِّب الأمور ويحتال لها. والقياس فى جميع ما ذكرناه واحد. فأمَّا القِلِّيب والقِلّوْب (٢) فيقال إنَّه الذئب. ويمكن أن يُحمَل على هذا القياس فيقال سمِّى بذلك لتقلُّبه فى طلب مأكله. قال:

أيَا جَحْمَتَا بَكِّى على أُمِّ عامرٍ

أكيلةِ قِلَّوْبٍ بإحدى المَذَانبِ (٣)

قلت القاف واللام والتاء أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على هَزْمَةٍ فى شَىء ، والآخَر على ذَهابِ شىء وهَلاكِه.

فالأوّل القَلْت ، وهو النُّقرة فى الصَّخرة ، والجمع قِلاتٌ. وقال :

وعينان كالماويَّتَينِ استَكَنَّتا

بكهفَىْ حِجَاجَىْ صَخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ (٤)

وقَلْتُ العَين : نُقْرتها. وقَلْتُ الإبهام : النُّقرة تَحتَها. وقَلْت الثّريدة : الهَزْمة وسْطَها.

والأصل الآخر القَلَت ، وهو الهلاك. يقال : قَلِت قَلَتاً. وفى الحديث : «إن المسافِرَ ومتاعَهُ على قَلَتٍ إلَّا ما وَقَى اللهُ تعالى». والمِقْلَاتُ من النوق : التى لا يَعيش لها ولد ، وكذلك من النِّساء ، والجمع مقاليت. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «والقليب بلفظ القليب مذكر».

(٢) بوزن سفود ، وعِجَّول ، ورَسُول.

(٣) البيت فى اللسان (حجم ، قلب). وقد سبق فى (حجم).

(٤) البيت لطرفة فى معلقته.

١٨

يَظَلُ مَقاليتُ النِّساء يطأْنَهُ

يقُلْنَ ألا يُلقَى على المرءِ مئزرُ (١)

وقال :

لا تَلُمْها إنّها من نِسوةٍ

رُقَدِ الصَّيفِ مَقَالِيتَ نُزُرْ

قلح القاف واللام والحاء كلمةٌ واحدة ، وهى القَلَح : صُفْرَةٌ فى الأسنان. رجلٌ أقْلَحُ. قال :

قد بَنَى اللُّوم عليهم بيتَه

وفَشَا فيهم مع اللُّومِ القَلَحْ (٢)

ويقال إنَ الأقْلَح : الجُعَل.

قلخ القاف واللام والخاء كلمة واحدةٌ ، يقولون : إنَ القَلْخ : هَدير الجمل.

قلد القاف واللام والدال أصلانِ صحيحانِ ، يدلُّ أحدهما على تعليق شىء على شىء وليِّه به ، والآخَر على حَظٍّ ونصيب. فالأوَّل التقليد : تَقليد البَدَنة ، وذلك أن يعلَّق فى عُنُقها شىءٌ ليُعْلَم أنَّها هَدْىٌ. وأصل القَلْد : الفتل ، يقال قَلَدْتُ الحبلَ أقلِدُه قَلْداً ، إذا فتَلْتَه. وحبلٌ قليدٌ ومقلود. وتَقَلَّدْتُ السَّيف. ومُقَلَّدُ الرَّجُل : موضِعُ نِجاد السَّيف على مَنْكِبه. ويقال : قَلَّدَ فلانٌ فلاناً قِلادةَ سَوء ، إذا هجاه بما يَبْقَى عليه وَسْمُه. فإذا أكَّدوه قالوا : قَلَّدَهُ طَوْقَ الحمامة ، أى لا يفارقُه كما لا يُفارِق الحمامةَ طوقُها. قال بِشْر :

__________________

(١) البيت لبشر بن أبى خازم ، كما فى إصلاح المنطق ٨٧ واللسان (قلت). وأنشده ثعلب فى مجالسه ٧١. وانظر المخصص (٦ : ١٢٨ / ١٦ : ٩٩).

(٢) للأعشى فى ديوانه ١٦٤ واللسان (قلح).

١٩

حبَاكَ بها مولاكَ عَنْ ظَهْرِ بِغْضَةٍ

وقُلِّدَها طوقَ الحمامة جَعْفَرُ (١)

والمِقْلَد : عصاً فى رأسها عَوَج يُقْلَدُ بها الكَلأ ، كما يُقْلَدُ القَتُّ إذا جُعِل حِبالاً. ومن الباب القِلد : السِّوار (٢). وهو قياس صحيح لأنَّ اليدَ كأنَّها تتقلَّدُه. ويقولون : إنَ الإقليد : [البُرَة (٣)] التى يشدُّ بها زِمام الناقة.

والأصل الآخر : القِلْد : الحَظُّ من الماء. يقال : سقَينا أرضَنا قِلْدَها ، أى حظّها. وسقَتْنا السَّماء قِلْداً كذلك ، أراد حظَّا. وفى الحديث : «فَقَلَدَتْنَا السَّماء قِلْداً فى كلِّ أسبوع».

فأمّا المقاليد ، فيقال : هى الخزائن. قال الله تعالى : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْض) ، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها تُحْصِنُ الأشياء ، أى تَحفظُها وتَحوزُها. والعرب تقول : أقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير ، إذا أحْصَنَهُم فى جَوفه.

ومما شذَّ عن الباب القِلْدة والقِشْدة : تمر وسَويقٌ يخلط بهما سَمْن.

قلز القاف واللام والزاء. يقولون : إنَ التقَلّز (٤) : النَّشاط.

قلس القاف واللام والسين كلمتان : أحدهما رَمْىُ السَّحابة النَّدَى من غير مطر ، ومنه قَلَس الإنسانُ ، إذا قاءَ ، فهو قالس. وأمّا التَّقليس فيقال : هو الضَّرب ببعض الملاهى(٥). وهى الكلمة الأخرى (٦).

__________________

(١) فى الأصل : «حبال بها».

(٢) فى المجمل : «السوار من الفضة.

(٣) التكملة من المجمل واللسان.

(٤) ومثله «القلز» ، كما فى القاموس.

(٥) فى المجمل : «التقليس :» الضرب بالدف. ويقال إن التقليس : وضع اليدين على الصدر خضوعا».

(٦) فى الأصل : «وهى كلمة الأخرى».

٢٠