معجم مقاييس اللغة - ج ٣

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٣

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

يَزيغُ زَيْغا. والتَّزَيُّغ : التَّمايُل (١) ، وقوم زاغَةٌ ، أى زائغون. وزاغَت الشمس ، وذلك إذا مالت وفاء الفىء (٢). وقال الله جلّ ثناؤه : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ). فأمّا قولهم : تزيّغت المرأةُ ، فهذا من باب الإبدال ، وهى نونٌ أبدلت غَينا.

زيم الزاء والياء والميم أصلٌ يدلُّ على تجمّعٍ. يقال لحم زِيَمٌ ، أى مُكتنِز. ويقال اجتمع الناسُ فصارُوا زِيَما. قال الخليل :

«والخيل تعدُو زِيَمًا حولنا»

زيل الزاء والياء واللام ليس أصلاً ، لكنّ الياء فيه مبدلةٌ من واو ، وقد مضى ذِكره ، وذُكرتْ هنالك كلماتُ اللَّفظ. فالتَّزايل : التباين. يقال زَيَّلْتُ بينه ، أى فرّقْت ، قال الله تعالى : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ). ويقال إن الزَّيَل تباعُد ما بين الفَخِذين ، كالفَحَج. وذُكر عن الشيبانىّ إن كان صحيحاً تزايلَ فلانٌ عن فلانٍ ، إذا احتشَمَه. وهو ذاك القياسُ إن صحّ.

زين الزاء والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسن الشىء وتحسينه. فالزَّيْن نَقيضُ الشَّيْن. يقال زيَّنتْ الشىء تزيينًا. وأزْيَنتِ الأرضُ وازَّيَّنتْ وازدانت (٣) إذا حَسَّنَها عُشْبُها. ويقال إن كان صحيحًا ـ إنّ الزَّين : عُرف الدِّيك. ويُنشدون :

__________________

(١) فى الأصل : «والتماثل» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل : «وذلك إذا فاءت الفىء» صوابه ، من المجمل واللسان.

(٣) ويقال أيضا : «ازبنت» كاحمرت ، و «ازيأنت».

٤١

وجئتَ على بغلٍ تَزُفُّكَ تِسعةٌ

كأنّكَ دِيكٌ مائلُ الزَّين أعْوَر (١)

زيف الزاء والياء والفاء فيه كلام ، وما أظنُّ شيئاً منه صحيحاً. يقولون درهم زائِف وزَيْف. ومن الباب زَافَ الجملُ فى مَشيه يزيف ، وذلك إذا أسرع. والمرأة تَزِيف فى مَشيها ، كأنها تستدير. والحمامة تَزِيف عند الحَمَام. فأمّا الذى يُروَى فى قول عدىّ :

تَرَكونِى لدَى قُصورٍ وأعرا

ضِ قصورٍ لزَيْفهنّ مَرَاقِ (٢)

فيقولون إِنّ الزَّيف الطُّنُف الذى يقى الحائط : ويقال «لزيْفهن (٣)». وكلُّ هذا كلام. والله أعلم.

باب الزاء والهمزة وما يثلثهما

زأر الزاء والهمزة والراء أصلٌ واحد. زأر الأسد زأرأ وزئِيرا قال النابغة :

نُبِّئتُ أنّ أبا قابوسَ أوعَدَنِى

ولا قَرَارَ على زأر من الأسَدِ (٤)

ومنه قوله :

حَلّتْ بأرضِ الزَّائِرِينَ فأصْبَحتْ

عَسِراً علىَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَم (٥)

__________________

(١) البيت للحكم بن عبدل ، كما فى الحيوان (٢ : ٣٠٥) واللسان (زين).

(٢) الكلمتان الأخيرتان من البيت فى المجمل. وأنشده فى اللسان (زيف).

(٣) كذا فى الأصل.

(٤) ديوان النابغة ٢٦.

(٥) البيت لعنترة بن شداد فى معلقته المعروفة ، واللسان (زأر).

٤٢

ومن الباب الزَّأرَة : الأجَمة ، وهو كالاستعارة ؛ لأنّ الأُسْدَ تأوى إليها فتزأَر.

زأب الزاء والهمزة والباء كلمتان. يقال زَأَبَ الشىءَ ، إذا حَمله. والازدئاب : الاحتمال. والكلمة الأخرى زَأَبَ ، إذا شرِب شُربًا شديداً. ولا قياسَ لهما.

زأد الزاء والهمزة والدال كلمة واحدة ، تدلُّ على الفزع. يقال زُئِد الرّجُل ، إِذا فَزِع ، زُؤدًا. قال :

حَملَتْ يه فى ليلةٍ مَزءُودةٍ

كَرْها وعَقدُ نِطاقِها لم يُحْلَلِ (١)

زأم الزاء والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ وكلام. فالزَّأْمة : الصَّوت الشديد. ويقال زأم لى فلانٌ زأْمةً ، إذا طَرَح لى كلمةً لا أدرى أحقٌّ هى أم باطل.

ومما يُحمَل عليه الزَّأَم : الذُّعر. ويقال أزأَمْتُه على كذا ، أى أكرهْتُه.

ومما شذّ عن الباب الزّأْم : شِدّة الأكل. والله أعلم.

باب الزاء والباء وما يثلثهما

زبد الزاء والباء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تولُّد شىءٍ عن شىء. من ذلك زَبَدُ الماءِ وغيرِه. يقال أزْبَدَ إزْياداً. والزُّبد من ذلك أيضاً. يقال زَبَدْتُ الصبى أزبُده ، إذا أطعمتَه الزُّبد.

__________________

(١) البيت لأبى كبير الهذلى ، من قصيدة له فى نسخة الشنقيطى من الهذليين ٦١. وهو فى حماسة أبى تمام (١ : ٢٠).

٤٣

وربَّما حملوا على هذا واشتقّوا منه. فحكى الفرّاءُ عن العرب : أزْبَدَ السِّدرُ ، إذا نَوَّر. ويقال زَبَدَتْ فلانةُ سِقاءَها ، إذا مَخَضَتْه حتَّى يُخرِج زُبدَه.

ومن* الباب الزَّبْد ، وهو العطيّة. يقال زَبَدْتُ الرّجلَ زَبْدا : أعطيتُه. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنّا لا نَقبل زَبْد المُشْركين». يريد هداياهم.

زبر الزاء والباء والراء أصلان : أحدهما يدلُّ على إِحكام الشىء وتوثيقه ، والآخَر يدلُّ على قراءةٍ وكتابةٍ وما أشبه ذلك.

فالأوّل قولهم زَبَرْت البِئر ، إذا طويتَها بالحجارة. ومنه زُبْرة الحديد ، وهى القِطعة منه ، والجمع زُبَر. ومن الباب الزُّبْرة : الصّدر. وسُمّى بذلك لأنّه كالبئر المزبورة ، أى المطويّة بالحجارة. ويقال إنّ الزُّبْرة من الأسد مُجتمع وَبَرِه فى مِرفقيْه وصدره. وأسد مَزْبَرانىٌ ، أى ضخم الزُّبْرة.

ومن الباب الزَّبِير ، وهى الدّاهية. ومن الباب : أخَذَ الشّىءَ بزَوْبَرِه ، أى كُلِّه. ومنه قول ابن أحمَر (١) فى قصيدته :

عُدَّتْ علىَ بِزَوْبَرَا (٢)

__________________

(١) فى الأصل : «ابن الحمر» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٢) البيت بتمامه كما فى اللسان :

وإن قال عاو من معد قصيدة

بها جرب عدت على بزوبرا

وفى الصحاح : «إذا قال غاو من تنوخ». وكلمة «زوبر» إحدى الكلمات التى لم تسمع إلا فى شعر ابن أحمر ، ومثلها «ماموسة» علم للنار ، جاءت فى قوله يصف بقرة :

تطايح الطل عن أعطافها صعدا

كما تطابح من ماموسة الشرو

وكذلك سمى حوار الناقة «بابوسها» ولم يسمع فى شعر غيره. وهو قوله :

جنت فلوصي إلى يابوسها جزعا

فما حنينك أم مأ أنت والذكر

وسمى ما يلف على الرأس «أرنة» ولم توجد لغيره ، وهو قوله :

وتلقع الحرباء أرنته

متاوسا لوويده نمر

٤٤

فيقال إنّ معناه نُسِبتْ إلىَّ بكمالها. ومن الباب : ما لِفلَانٍ زَبْرٌ ، أى ما له عقلٌ ولا تماسُك. ومنه ازبأَرَّ الشّعر ، إذا انتفَش تقوى (١).

والأصل الآخر : زَبَرْتُ الكتابَ ، إذا كتبتَه. ومنه الزَّبور. وربَّما قالوا : زبَرتَه ، إذا قرأتَه. ويقولون فى الكلمة : «أنا أعرف تَزْبِرَتِى (٢)» أى كتابتى.

زبق الزاء والباء والقاف ليس من الأصول التى يُعوّل على صحّتها ، وما أدرى أَلِما قِيل فيه حقيقةٌ أم لا؟ لكنّهم يقولون : زَبَقَ شَعره ، إذا نَتَفَه. ويقولون : انْزَبق فى البيت : دخل. وزبَقْت الرّجلَ : حبستُه.

زبل الزاء والباء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون : ما أصبت مِن فلان زُبالاً (٣) ، قالوا : هو الذى تحمله النّملة بفيها. وليس لها اشتقاق. وذكر ناسٌ إن كان صحيحاً ـ : ما فى الإناء زُبَالة ، إذا لم يكن فيه شىءٌ. وأما قولهم زبَلْتَ الزّرعَ ، إذا سَمَّدته بالزِّبل ، فإن كان صحيحاً فهو من الباب أيضاً ؛ لأن الزِّبْل من الساقط الذى لا يُعتَدّ به.

وحكى أنّ الزَّأْبَل : الرّجلُ القصير. وينشدون :

حَزَنْبَلُ الْخُصْيَيْنِ فَدْمٌ زَأْبَلُ (٤)

وهذا وشِبهه مما لا يُعرَّج عليه.

__________________

(١) كذا وردت هذه الكلمة فى الأصل ، وليست فى المجمل.

(٢) فى اللسان : «إنى لا أعرف تزبرتى».

(٣) الزبال ، بالكسر وبالضم.

(٤) الرجز فى المجمل واللسان (زبل).

٤٥

زبن الزاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الدّفع. يقال ناقة زَبُون ، إذا زَبَنَتْ حالبَها. والحرب تزبِنُ النّاسَ ، إذا صَدَمتهم. وحربٌ زَبُون. ورجلٌ ذو زَبُّونةٍ ، إذا كان مانعاً لجانبِه دَفُوعاً عن نفسه. قال :

بذَبِّى الذَّمَّ عن حَسبِى بمالِى

وزَبُّوناتِ أشْوسَ تَيَّحانِ (١)

ويقال فيه زَبُّونَةٌ ، أى كِبر ، ولا يكونُ كذا إلّا وهو دافعٌ عن نفسه. والزَّبانِيَةُ سُمُّوا بذلك ، لأنّهم يدفعون أهلَ النار إلى النار. فأمَّا المُزابَنَة فبيع الثمر فى رءوس النّخل ، وهو الذى جاء الحديث بالنَّهى عنه. وقال أهل العلم : إنّه مما يكون بعد ذلك من النِّزاع والمدافَعة. ويقولون إن الزَّبْن البُعْد. وأما زُبَانَى العقرب فيجوز أن يكون من هذا أيضاً ، كأَنّها تدفَع عن نفسها به ، ويجوز أن يكون شاذًّا.

زبى الزاء والباء والياء يدلُّ على شرٍّ لاخير. يقال : لقيت منه الأَزابِىَ ، إذا لقى منه شرّا. ومن الباب : الزُّبْية : حفيرة يُزَبِّى فيها الرجلُ للصيد ، وتفر للذّئب والأسد فيصادان فيها. ومن الباب : زَبَيْت أَزْبِى ، إذا سقت إليه ما يكرهه. [قال] :

تلك استقِدْها وأَعطِ الحُكْم وَاليَها

فإنّها بعضُ ما تَزْنِى لك الرَّقِمُ (٢)

زبع الزاء والباء والعين قريبٌ من الذى قبله ، وهو يدلُّ على

__________________

(١) لسوار بن المضرب ، كما فى اللسان (زبن). وروايته : «عن أحساب قومى».

(٢) فى اللسان : «تلك استفدها» بالفاء.

٤٦

تغيُّظٍ وعزيمةِ شرّ. يقال تزبّع فلانٌ ، إذا تهيَّأ للشر. وتزبّع : تغيَّر. وهو فى شعر متمّم :

وإنْ تَلقَه فى الشَّرْب لا تَلقَ فاحشاً

من القوم ذا قاذُورة متزبِّعاً (١)

قال الشيبانىّ : الأزْبَع (٢) الدّاهية ، والجمع الأزابعْ. وأنشد :

وعَدْتَ ولم تُنْجِزْ وقِدْماً وعدتَنى

فأخلفْتَنى وتلك إحدى الأزابعِ

وهذا إنْ صح فهو من الإبدال ، وهو من الباب قبله.

باب الزاءِ والجيم وما يثلثهما

زجر الزاء والجيم والراء كلمة تدل على الانتهار. يقال زَجَرت البعيرَ حتَّى مضَى ، أزجُره. وزجَرْت فلانًا عن الشىء فانْزَجر. والزَّجور من الإبل : التى تعرف بعينها وتُنكر بأنْفها.

زجل الزاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على الرمى بالشىءِ والدفعِ له. يقال قَبَحَ اللهُ أمًّا زَجَلَتْ به. والزَّجْل : إرسال الحمام الهادِى. والمِزْجل : المِزْرَاق. وزَجَلَ الفَحْل ، إذا ألْقى ماءَه فى الرَّحِم. ويقال أن الزَّاجَلُ (٣) : ماءُ الظليم ؛ لأنه يزْجُل به. قال ابنُ أحمر :

__________________

(١) أنشده فى اللسان (زمع ، قذر). وهو من قصيدة فى المفضليات (٢ : ٦٥ ـ ٧٠) وجمهرة أشعار العرب ١٤١ ـ ١٤٣.

(٢) لم أجدها فى المعاجم المتداولة. لكن فى اللسان : «الزوابع : الدواعى».

(٣) الزاجل ، بفتح الجيم ، يهمز ولا يهمز.

٤٧

وما بيضاتُ ذِى لِبَدٍ هِجَفّ

سُقِينَ بِزَاجَلٍ حَتى رَوِينا (١)

ويقال بل الزَّاجَل مُخُّ البيض ، والأوّل أقيس.

ومما شذّ عن الباب الزُّجلة : القِطعة من كل شىء ، وجمعها زُجَل والزِّئْجِيل (٢) : الرجل الضَّعيف.

ومن هذا ، إن كان صحيحاً ، الزَّاجَل : حَلقة تكون فى طرف حبل الثقَل (٣).

زجم (٤) الزاء والجيم والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صوتٍ ضعيف. يقال. ما تكلم بِزَجْمَةٍ ، أى بِنَبْسة والزَّجوم : القوس ليست بشديدة الإرنان. والله أعلم بالصواب.

زجى الزاء والجيم والحرف المعتلّ يدلُّ على الرّمى بالشىء وتسييره من غير حبس (٥). يقال أزجتِ البقرةُ ولدَها ، إذا ساقته. والرِّيح تُزْجِى السَّحابَ : تسوقُه سَوْقاً رفِيقاً. فأمّا المُزْجَى فالشىء القليل ، وهو من قياس الباب ، أى يُدفع به الوقت. وهذه بضاعةٌ مُزْجَاة ، أى يسيرة الاندفاع.

ومن الباب زجا الخراجُ يزجُو ، أى تيسَّرت جِبايته.

__________________

(١) البيت فى الحيوان (٤ : ٣٢٨ ، ٣٤١) واللسان (هجف ، زجل) والمخصص (٨ : ٥٥). وفى الأصل : «بعجف» بدل «هجف» ، تحريف.

(٢) والزتجيل أيضا ، يقال بالهمز وبالنون كما فى اللسان.

(٣) الثقل ، بالتحريك. متاع المسافر. وفى المجمل : «فى طرف الحبل حبل الثقل».

(٤) وردت هذه المادة فى الأصل مؤخرة عن (زجى) ورددتها إلى موضعها المطابق لموضعها من المجمل.

(٥) حبس ، أى إمساك. وفى الأصل : «جنس».

٤٨

باب الزاءِ والحاءِ وما يثلثهما فى الثلاثى

زحر الزاء والحاء والراء تنفُّسٌ بشدّة ليس إلّا هذا. يقال زَحَرَ يَزْحَرُ زحيراً ، وهو صوتُ نَفَسِه إذا تنفّس بشدة. وزَحَرَت المرأة بولدها عند الولادة.

زحل الزاء والحاء واللام أصلٌ يدلُّ على التنحِّى. يقال زحَل عن مكانه ، إذا تنحّى. وزَحَلت النّاقةُ فى سَيرها. والمَزْحَل : الموضع الذى تَزْحَل إليه.

زحم الزاء والحاء والميم أصلٌ يدل على انضمامٍ فى شدّة. يقال زَحَمَه يَزْحَمُه ، وازْدَحم الناس.

زحن الزاء والحاء والنون أصلٌ يدل على الإبطاء. تقول : زَحَنَ يَزْحَن زَحْنًا ، وكذلك التَّزحُّن. يقال تزَحَّن على الشىء ، إذا تكارَهَ عليه وهو لا يشتهيه.

زحف الزاء والحاء والفاء أصلٌ واحد يدلّ على الاندفاع والمضىّ قُدُمًا. فالزَّحف : الجماعة يزحَفون إِلى العدوّ. والصبىّ يزحَف على الأرض قبل المشى. والبعير إذا أعيا فجرَّ فِرْسِنَه فهو يزحَف. وهى إبلٌ زواحفُ ، الواحدة زاحفة. قال :

على زوَاحف نُزْجِيَهَا مَحَاسِيرِ (١)

__________________

(١) للفرزدق فى ديوانه ٢٦٣ واللسان (زحف) وصدره :

على عمائمنا تلقى وأرحلنا

٤٩

ويقال زحَفَ الدَّبَا ، إذا مضى قُدُمًا. والزاحف : السهم الذى يقع دون الغَرَض ثم يزحَف. والله أعلم بالصواب.

باب الزاء والخاءِ وما يثلثهما

زخر الزاء والخاء والراء أصلُ صحيح ، يدلُّ علي ارتفاع. يقال زَخَر البحر ، إذا طما ؛ وهو زاخرٌ. وزخَر النّبات ، إذا طال. ويقال أخذ المكان زُخَارِيَّه ، وذلك إذا نَمَا النبات وأخرجَ زَهره. قال ابن مقبل :

زُخارِىَ النّبات كأنَّ فيه

جيادَ العبقريّة والقُطوعِ (١)

باب الزاء والدال وما يثلثهما

هذا بابٌ لا تكاد تكون الزاءُ فيه أصليَّة ؛ لأنهم يقولون : جاء فلانٌ يضرب أزْدَرَيْه ، إذا جاء فارغًا. وهذا إنما هو أصْدَرَيْه. ويقولون : الزَّدْو فى اللعب ، وإنما هو السَّدْو. ويقولون: مِزْدَغَة* ، وإنما هى مِصْدَغة. والله أعلم.

باب الزاء والراء وما يثلثهما

زرع الزاء والراء والعين أصلٌ يدلُّ على تنمية الشىء. فالزّرع معروف ، ومكانه المُزْدَرَع. وقال الخليل : أصل الزّرع التنمية. وكان بعضهم يقول :

__________________

(١) قله فى اللسان (زخر) :

ويرتعيان ليتهما قرارا

سفته كل مدجنة هموع

٥٠

الزَّرع طرح البَذْر فى الأرض. والزَّرْع اسمٌ لِمَا نبت. والأصل فى ذلك كلِّه واحد. وزارِع : كلبٌ.

زرف الزاء والراء والفاء أصلٌ يدل على سعىٍ وحركة. فالزَّرُوف : النَّاقة الواسعة الخَطو الطويلةُ الرِّجْلين. ويقال : زَرَف ، إِذا قَفَزَ. ويقال زَرَفْت الرّجلَ عن نفسى إذا نحّيتَه. ومن الباب : الزَّرافات : الجماعات وهى لا تكون كذا إلا إِذا تجمّعت لسعىٍ فى أمر. ويقال زَرَافَّة ، مثقّلة الفاء. وكان الحجّاج يقول : «إِيَّاىَ وهذه الزّرَافات». يريد المتجمّعين المضطربين لفتنةٍ وما أشبهها. ومن الباب زَرِف الجُرح ، إذا انتقض بعد البُرْء.

زرم الزاء والراء والميم أصلٌ يدلُّ على انقطاع وقلّة. يقال زَرِم الدمعُ ، إذا انقطَع ؛ وكذلك كلُّ شىءٍ. ومن ذلك حديث النبى صلى الله عليه وآله وسلم حين بال عليه الحسَنُ عليه السلام فقال : «لا تُزْرِمُوا ابنى». يقول : لا تقطَعوا بولَه. زَرِمَ البولُ نفسُه ، إِذا انقطع. قال :

أو كماء المثمودِ بعد جِمامٍ

زَرِمَ الدّمعِ لا يئوبُ نَزُورا (١)

ويقال إِن الزَّرِم البخيل. وهو من ذاك. [و] يقال زَرِمَ الكلب ، إذا يبس جَعْرُه فى دُبُرِه.

زرب الزاء والراء والباء أصلٌ يدلّ على بعض المأوَى. فالزَّرْب زَرب الغنم ، وهى حظيرتها. ويقال الزَّرِيبة الزُّبْية. والزَّريبة : قُتْرَة الصائد.

__________________

(١) البيت لعدى بن زبد كما فى اللسان (زرم). وقد سبق فى (ثمد ، جم).

٥١

زرد الزاء والراء والدال حرف واحد ، وهو يدلُّ على الابتلاع ، والزاء فيه مبدلةٌ من سين. يقال ازدَرَد اللقمة يَزْدَرِدها (١). وممكنٌ أن يكون الزَّرَد من هذا ، على أن أصله السين ، ومعنى الزّرَّاد السَّرَّاد.

زرح الزاء والراء والحاء كلمة واحدة. فالزراوِح : الرَّوابى الصِّغار (٢).

زرى الزاء والراء والحرف المعتل يدلُّ على احتقارِ الشىء والتّهاون به. يقال زرَيْت عليه ، إذا عِبْتَ عليه. وأَزْريْتَ به : قصَّرت به.

باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء

وسبيلُ هذا البابِ سبيلُ ما مضى. فمنه المشتقُّ البيِّنُ الاشتقاق ، ومنه ما وُضع وضعْاً.

فمن المشتق الظاهرِ اشتقاقُه قولهم (الزُّرْقُم) ، أجمع أهلُ اللغة أنّ أصله من الزَّرَق ، وأن الميم فيه زائدة.

ومن ذلك (الزُّمَّلِق) و (الزُّمَالِق) ، وهو الذى إذا باشر أراق ماءَه قبل أن يجامِع. وهذا أيضاً مما زيدت فيه الميم ؛ لأنه من الزَّلَق. وهو من باب أزْلَقَتِ الأنثى ، وذلك إذا لم تقبل رحمُها ماءَ الفحل ورَمت به.

ومن ذلك (الزَّهْمَقَة) وهى الزَّهَم ، أو رائحة الزُّهُومة. فالقاف فيه زائدة.

__________________

(١) بعدها فى الأصل : «وزرد يزدردها» وهو كلام مقحم.

(٢) واحدها «زروح» بفتح الزاى وسكون الراء.

٥٢

ومن ذلك قولهم (ازْمَهَرَّت) الكواكبُ ، إذا لَمَعَت. وهذا مما زيدت فيه الميم ؛ لأنّه من زَهَرَ الشىء ، إذا أضاء.

فأما (الزَّرَجُون) ففارسيّة معرّبة (١) ، واشتقاقه من لون الذّهَب.

ومن ذلك سيل (مُزْلَعِبٌ) ، وهو المُتدافع الكثير القَمْش. وهذا ممّا زِيدت فيه اللام. وهو من السَّيل الزّاعب ، وهو الذى يتدافع.

ومن ذلك (الزُّلقوم) ، وهو الحلقوم فيما ذكره ابن دريد (٢). فإن كان صحيحاً فهو منحوت من زَلِق وزقم ، كأنّ اللقمة تزلَق فيه.

ومن ذلك (الزُّهلُوق (٣)) ، وهو الخفيف ، وهو منحوت من زلق وزهق (٤) ، وذلك إِذا تهاوى سِفْلاه.

ومن ذلك (الزُّعْرور) السَّيِّئُ الخُلُق. وهذا ممّا اشتقاقُه ظاهر ؛ لأنه من الزَّعارَة ، والراء* فيه مكرَّرة.

ومن ذلك (الزَّمْجَرة) : الصَّوت. والميم فيه زائدة ، وأصله من الزّجر.

ومن ذلك قول الخليل : (ازلَغَبّ (٥)) الشعر ، وذلك إذا نَبَت بعد الحلْق. وازلغَبَ الطائر ، إذا شوَّك (٦). وهذا مما نُحِت من كلمتين ، من زَغَب ولَغَب.

__________________

(١) هى بالمارسة «زرگون». و «زر» بمعنى الذهب. و «گون» لون ، فمعناه لون الذهب. انظر اللسان والمعرب ١٦٥ ومعجم استينجاس ٦١٥. والزرجون فى العربية : الخمر ، وقضبان الكرم فى لغة أهل الطائف وأهل الغور. وقال ابن شميل : الزرجون شجر العنب ، كل شجرة زرجونة.

(٢) الجمهرة (٣ : ٣٧٩).

(٣) هذه الكلمة مما فات صاحب اللسان. وقد وردت فى المجمل والقاموس والجمهرة (٣ : ٣٨١).

(٤) فى الأصل : «زعق» ، تحريف.

(٥) وردت فى الأصل بالعين المهملة فى هذا الموضع وتاليه. والصواب ما أثبت.

(٦) فى اللسان : «ازلغب الطائر : شوك ريشه قبل أن يسود».

٥٣

والزَّغب معروف ، واللَّغْب : أضعف الريش.

ومن ذلك (الزَّغْدَب) ، وهو الهدير الشديد ، حكاه الخليل. وأمرُ هذا ظاهر. لأن الباء فيه زائدة. والزَّغْد : أشدّ الهدير.

ومن ذلك (الزَّغْبَد (١)).

ومن ذلك (الزَّرْدَمَة (٢)) : موضع الازدرام ، وهو الابتلاع. فهذا مما زيدت فيه الميم. لأنّه من زرِدت الشىء.

ومن ذلك (ازرَأَمَ) الرجلُ فهو (مزرئمّ) ، إذا غضب. وهذا مما زيدت فيه الهمزة ، وهو من زَرِم ، إذا انقطع ، كذلك إذا غضب تغيَّر خَلُقه وانقطع عمّا عُهد منه.

ومن ذلك (الزَّغْرَب) وهو الماء الكثير. فهذا مما زِيدت فيه الزّاء ، والأصل راجع إلى الغَرَب ، وهو من باب كثرة الماء.

ومما وُضع فيه وضعا (الزَّنْتَرَة) : ضِيق الشىء. (والزَّعْفقة (٣)) : سوء الخُلق. و (الزِّعْنِف) : الرجل اللئيم. و (زعانف) الأديم : أطرافه.

ومما وُضع وضعا وبعضُه مشكوك فى صحته (الزِّبرج) ، و (الزَّعْبَج). فالزِّبرِج : الزينة. والزَّعْبَج : سحاب رقيق.

حدثنا علىّ بن إبراهيم قال : حدثنا علىّ بن عبد العزيز قال : حدثنا أبو عبيد

__________________

(١) لم يفسره. وفى اللسان : «الزغبد : الزبد» ، وأنشد :

صبحونا بزغبد وحتى

بعد طرم وتامك وثمال

(٢) الزردمة : الغلصمة ، وقيل هى فارسية.

(٣) الزعفقة ، بالعين المهملة. ووردت فى الأصل بالمعجمة محرفة.

٥٤

قال : قال الفراء : الزَّعبج السحاب الرقيق. قال أبو عبيد : وأنَا أنكر أن يكون الزَّعبَج من كلام العرب. والفرّاء عندى ثِقة.

وأمّا (الزَّمْهَرِير) فالبرد ، ممكنٌ أن يكون وضع وضعا ، وممكنٌ أن يكون مما مضى ذكره ، من قولهم : ازمهرَّت الكواكب ؛ وذلك أنّه إذا اشتدّ البرد زهرَت إذاً [و] أضاءت.

ومن ذلك (الزَّرْنَب) : ضرب من الطِّيب (١). و (الزَّبَنْتَر (٢)) القصير. و (الزِّخْرِط): مُخاط النعجة. و (الزُّخْرُف) : الزينة. ويقال الزُّخْرُف الذهب. وزخارف الماء : طرائقُ تكونُ فيه.

و (زمْخَرَ) الصوت : اشتد. والزَّمْخَرة : الزَّمَّارة. و (الزَّمْخَر (٣)) : القصب الأجوف الناعم من الرّىّ. والزَّمْخر : نُشَّاب العَجَم. والزَّمْخَر : الكثير الملتفّ من الشجر. وممكن أن يكون الميم فيه زائدة ، ويكون من زَخَر النبات. وقد مضى ذكره. والله أعلم.

تم كتاب الزاء

__________________

(١) هو الزعفران. وقيل الزرنب : ضرب من النبات طيب الرائحة.

(٢) فى الأصل : «الزبتر» تحريف ، صوابه من المجمل واللسان.

(٣) وردت هذه الكلمة والكلمتان قبلها بالجيم ، صوابهما بالخاء المعجمة كما أثبت.

٥٥
٥٦

كتاب السِّيْن

باب ما جاء من كلام العرب وأوله سين فى المضاعف والمطابق

سع السين والعين فى المضاعف والمطابق يدلُّ على أصل واحد ، وهو ذَهاب الشىء. قال الخليل : يقال تَسَعْسَعَ الشَّهر ، إذا ذهب أكثره ، ويقال تَسَعْسَعَ الرجل من الكِبَر ، إذا اضطرب جسمه. قال :

يا هندُ ما أسرعَ ما تَسعسَعا (١)

سغ السين والغين أصلٌ يدلّ على دَرْج الشىء فى الشىء باضطرابٍ وحركة. من ذلك سَغْسَغْتُ رأسى بالدُّهْن ، إذا روَّيته. قال الخليل وغيره : سغسغت الشَّىء فى التراب ، إذا دحدحتَه فيه. وأما قولهم : تَسَغْسَغَت ثَنِيّته ، فممكنٌ أن يكون من الإبدال ، ومن الباب الذى قبل هذا.

سف السين والفاء أصلٌ واحد ، وهو انضمام الشىء إلى الشىء ودنوُّه منه ، ثم يُشتقّ منه ما يقاربه.

من ذلك أسفَ الطائرُ ، إذا دنا من الأرض فى طيرانه. وأسفَ الرجل للأمر ، إذا قارَبَه. ويقال أسفَّت السحابةُ ، إِذا دنت من الأرض. قال أوسٌ يصف السّحاب :

__________________

(١) لرؤبة فى ديوانه ٨٨ واللسان (سعع) وقبله.

وبعده :

قلت ولم تال به أن يسمعا

من بعد ما كان فتى سرعرعا

٥٧

دانٍ مِسفٌ فويق الأرض هَيْدَبُه

يكاد يدفعُه مَن قام بالرّاحِ (١)

ومن الباب : أسَفَ الرجل النَّظرَ ، إِذا أدامَه. ومنه السَّفْساف : الأمر الحقير. وسمِّى يذلك لأنّه مِن أسَفَ الرجل للأمر الدنىّ. ومن ذلك المُسَفْسِفَةُ ، وهى الريح التى تجرى فوَيق الأرض. والسِّفّ (٢) : الحَيَّة التى تسمَّى الأرقم ، وذلك أنّه يلصق بالأرض لُصوقا فى مَرِّهِ. فالقياس فى هذا كلِّه واحد. وأمّا* سفَفت الخُوص والسَّفيف : بِطانٌ يشدُّ به الرَّحْل ، فمن هذا ؛ لأنَّه إذا نُسِج فقد أدْنِيَتْ كلُّ طاقةٍ منه إلى سائرها.

ومما يجوز أن يُحمَل على الباب ويجوزُ أن يكون شاذًّا ، قولك : سفِفْتُ للدواء أسَفّه. ويقال أَسَفَ وجهَه ، إذا ذرَّ عليه الشىء (٣). قال ضابيء (٤) يذكر ثورا :

شديد بريقِ الحاجبَين كأنّما

أُسِفَ صَلَى نارٍ فأصبَحَ أكحلا

سك السين والكاف أصلٌ مطّرد ، يدلُّ على ضِيق وانضمام وصِغَر. من ذلك السَّكَك ، وهو صِغَر الأذُن. وهذه أذنٌ سَكاَّء. ويقال استكَّت مَسامعه ؛ إذا صَمَّت. قال النابغة :

__________________

(١) سبق البيت وتخريجه فى (٢ : ٤٥٧).

(٢) السف ، بكسر السين وضمها.

(٣) فى المجمل : «إذا ذر عليه شىء» ، وفى اللسان : «وأسف وجهه النؤور ، أى ذر عليه».

(٤) ضابئ بن الحارث البرجمى. وفى الأصل : «الصابى» ، صوابه من المجمل واللسان حيث أنشد البيت.

٥٨

وخُبِّرْتُ ، خَيْرَ الناس ، أنّك لمتَنى

وتلك التى تسْتَكّ مِنها المسامعُ (١)

والسّكّة : الطريقة المصطفّة من النخل. وسمِّيت بذلك لتضايقها فى استواء. ومن هذا اشتقاق سكّة الدراهم ، وهى الحديدة ؛ لتضايُق رَسم كتابتها. والسَّكُ : أن تَضُبَّ البابَ بالحديد. والسَّكّىّ : النّجّار (٢). ويقال إن السُّكَ من الرّكايا المستوية الجِرَاب (٣). ويقال السُّكُ : جُحر العقرب. ويقال للدِّرع الضّيقة أو الضيقة الحَلَق : سُكُ. ويقال للنبت إِذا انسدَّ خَصَاصُه (٤) : قد استَكَ. والقياس مطّردٌ فى جميع ما ذكرناه.

ومما حُمل عليه ما حكاه ابنُ دريد (٥) : سَكَّه يَسُكُّه سَكًّا ، إذا اصْطَلم أذنَيه.

ومما شذّ عن الباب : السُّكاك : الُّلوح بين السّماء والأرض. والسُّكُ : الذى يُتطيَّبُ به. ويقال إنّه عربىٌّ صحيح.

سل السين واللام أصلٌ واحد ، وهو مدُّ الشىء فى رِفق وخَفاء ، ثم يُحمَل عليه. فمن ذلك سَلَلْتُ الشىء أسُلُّه سَلًّا. والسَّلَّة والإسلال : السَّرِقة. وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين كتب : «لا إِغْلَالَ ولا إِسْلَال (٦)». فالإغلال : الخيانة. والإسلال : السرقة.

__________________

(١) ديوان النابغة ٥٢ والمجمل واللسان (سكك) ، برواية : أتاني أبيت اللعن.

(٢) السكى ، بالفتح والكسر ، وقيل هو المسمار وقيل الدينار ، وقيل البريد ، وقيل الحداد ، وقيل البواب ، وقيل الملك.

(٣) فى الأصل : «الخراب» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٤) فى الأصل : «للبيت إذا اشتد خصاصه» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٥) الجمهرة (١ : ٩٤).

(٦) من كتاب الحدييية حين وادع أهل مكة.

٥٩

ومن الباب : السَّليل : الولد ؛ كأنه سُلَ من أمّه سَلًّا. قالت امرأةٌ من العرب فى ابنها:

سُلَ مِن قلبى ومن كبدى

قمراً مِن دونه القَمرُ

ومما حُمل عليه : السِّلْسِلَة ، سمّيت بذلك لأنّها ممتدة فى اتّصال. ومن ذلك تَسَلْسَلَ الماء فى الحلْق ، إِذا جرى. وماءٌ سَلْسَلٌ وسَلْسَالٌ وسُلاسِل. قال الأخطل :

إذا خاف مِن نجمٍ عليها ظَمَاءةً

أمَالَ إليها جدوَلاً يَتَسَلْسَلُ (١)

قال بعضُ أهل اللغة : السَّلْسَلَة اتّصال الشىء بالشىء ، وبذلك سُمّيت سِلسلة الحديد ، وسِلسِلة البرق المستطيلة فى عَرض السحاب. والسَّالُ : مَسِيل فى مَضيق الوادى، وجمعه سُلّانٌ ، كأنَّ الماء ينسَلُ منه أو فيه انْسِلالا. ويقال : فرس شديد السَّلَّة ، وهى دَفعته فى سِباقه (٢). ويقال : خرَجَت سَلَّته على جميع الخيل. والمِسَلَّة معروفة ؛ لأنّها تسلّ الخيط سَلًّا. والسُّلَّاءَة من الشوك مِن هذا أيضاً ، لأن فيها امتداداً. ومنه السُّلَال من المرض، كأن لحمه قد سُلَ سَلًّا منه ، أسَلَّه الله.

سن (٣) السين والنون أصلٌ واحد مطرد ، وهو جريَان الشىء وإطرادُه فى سهولة ، والأصل قولهم سَنَنْتُ الماءَ على وجهى أَسُنُّه سَنًّا ، إِذا أرسلتَه إرسالا. ثمّ اشتُقّ منه رجل مسنون الوجه ، كأنَّ اللحم قد سُنَ على وجهه. والحَمَأُ المسنون من ذلك ، كأنّه قد صُبَّ صَبًّا.

__________________

(١) ديوان الأخطل. والمجمل (سلل).

(٢) فى الأصل : «ساقته» ، صوابه من المجمل واللسان.

(٣) كذا وردت هذه المادة سابقة لتاليتها ، وهى فى المجمل على الترتيب المطرد.

٦٠