معجم مقاييس اللغة - ج ٣

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٣

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد

من ذلك (الضِّرغام) : الأسد ، فهذا منحوتٌ من كلمتين : من ضغم ، وضرم. كأنّه يلتهب حتَّى يَضغَم. وقد فسَّرنا الكلمتين. ويقال ضَرْغَم الأبطالُ بعضُهم بعضاً فى الحرب.

ومن ذلك (الضُّبَارِك) و (الضِّبْراك) ، وهو الرّجل الضخْم. وهذا مما زِيدت فيه الكاف ، وأصله من الضَّبْر وهو الجمْع ؛ وقد مضى.

ومن ذلك (الضَّرْزَمة) وهو شدّة العضّ. وأفْعَى (ضِرْزِمٌ) : شديدة العضّ. وهذا مما زيدت فيه الميم ، وهو من ضرز ، وهو أنْ يشتدّ على الشىء. وقد فُسِّر.

ومن ذلك (الضفَّندد) ، وهو الضَّخْم ، والدال فيه زائدة. وهو من الضفن.

ومنه (الضِّبَطْر) ، وهو الشديد. وهى منحوتةٌ من كلمتين ، من ضبط وضطر.

ومنه (الضَّيْطَر) ، وقد مضى ذكره (١).

ومنه (الضُّبارِم) : الأسد ، والميم فيه زائدة ، وهو من الضَّبر.

ومنه (الضَّبْثَم) ، وهو الشديد ، وهو ممّا زِيدت فيه الميم. وهو من ضَبَث على الشىء ، إِذا قبَض عليه.

ومن ذلك (الضَّبَغْطَى) : كلمة يفزّع بها ، وهو ممّا زِيدت فيه الباء ، وهو من الضَّغط.

__________________

(١) انظر مادة (ضطر) ص ٣٦١.

٤٠١

ومن ذلك (الضَّبَنْطَى) : القوىّ ، وقد زيدت فيه النون ، وهو من ضبط.

ومن ذلك (المُضْرَغِطُّ) : الضَّخم ، والغضبان. وهو أيضاً ممّا زِيدت فيه الراء.

ومن ذلك (الضِّرْسامة) وهو اللئيم ، والميم فيه زائدة ، وهو من الضّرس.

ومما وُضِع وضعاً ولا أظنُّ له قياساً (الضَّمْعَج) ، وهو الضَّخمة من النوق ، ولا يقال ذلك للبعير. وامرأة ضَمعجٌ : ضخمة.

ومن ذلك (الضُّغْبُوس) ، وهو الرَّجل الضَّعيف. قال جرير :

قد جَرّبت عَرَكِى فى كلِّ مُعترَكٍ

غُلْبُ الليوث فما بالُ الضَّغابيسِ (١)

والضَّغابيس : صِغار القِثّاء ، وفى الحديث : «أنّه أُهدِيت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضَغابيس». والسين فيه زائدة ، والدليل على ذلك قولُهم للذى يأكلها كثيراً ضِغْبٌ.

ومن ذلك (اضمحلَ) الشَّىء : ذهب. واضمحلّ السحاب : تقشع.

ومن ذلك (الضِّفدِع (٢)) ، وهى معروفة.

__________________

(١) ديوان جرير ٣٢٤ واللسان (ضغبس).

(٢) فيه لغات ، كزبرج ، وجعفر ، وجندب ، ودرهم. وهذا الأخير أقل ، أو مردود.

٤٠٢

ومن ذلك ما رواه الكسائىّ : (اضبَأكّت) الأرض و (اضمأكّت) ، إذا خَرج نَبْتُها.

ومن ذلك (الضِّئبِل) ، وهى الدَّاهية

* ويقال (اضفَأدَّ) ، إذا انتفخ من الغضب ، اضفئداداً. والله أعلم.

تم كتاب الضاد

٤٠٣
٤٠٤

كتاب الطاء

باب [الطاء فى المضاعف والمطابق]

طع الطاء والعين ليس بشى. فأمّا ما حكاه الخليل ، من أن الطَّعطعة حكاية صوت اللاطع فليس بشىء.

طف الطاء والفاء يدلُّ على قلّةِ الشىء. يقال : هذا شىءٌ طفيف. ويقال : إناءٌ طَفَّانُ ، أى ملآن. والتَّطفيف : نقص المكيال والميزان. قال بعضُ أهل العلم : إنما سمِّى بذلك لأن الذى ينقصه منه يكون طفيفاً. ويقال لِمَا فوق الإناء الطِفَّاف والطُّفافة. فأمّا قولهم : طففّت بفلانٍ موضعَ كذا ، أى رفعتُه إليه وحاذيته (١) ، وفى الحديث : «طَفَّفَ بى الفرسٌ مسجدَ بنى فلان (٢)». فإنَّه يريد وثَب حتى كاد يساوى المسجد ـ فهذا على معنى التشبيه بطَفاف الإناء وطَفافته. والقياس واحد. ومما شذّ عن الباب قولهم : أطفّ فلانٌ بفلان ، إذا طَبَن له وأراد ختله ومنه استطفَ الأمرُ ، إذا أمكن وأُكْمِلَ (٣) ، وهذا من باب الإبدال ، وقد ذكر فى بابه.

طل الطاء واللام يدل على أصولٍ ثلاثة : أحدها غضاضة الشَّىء وغضارَته ، والآخَر الإشراف ، والثالث إبطال الشَّىء.

__________________

(١) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «دفعته» بالدال.

(٢) فى المجمل واللسان : «بنى زريق».

(٣) فى المجمل : «إذا استقام وأمكن».

٤٠٥

فالأوّل الطّلّ ، وهو أضعف المطر ، إنّما سمِّى به لأنّه يحسِّن الأرض. ولذلك تُسمِّى امرأة الرّجل طَلّته.

قال بعضهم : إنّما سمِّيت بذلك لأنّها غضّةٌ فى عينه [كأنّها] طَلّ. ومن الباب فى معنى القلَّة ، وهو محمولٌ على الطّلّ ، قولُهم : ما بالنّاقة طُلّ ، أى ما بها لبن ، يراد ولا قليلٌ منه. وضُمَّت الطاء فرقا بينه وبين المطر.

والباب الآخر : الطَّلَل ، وهو ما شَخَص من آثار الديار. يقال لشَخْصِ الرجل طَلَلُه. ومن ذلك أطَلَ على الشَّىء ، إِذا أشْرَف. وطَلَل السَّفِينة : جِلالها ، والجمع أطلال. ويقال: تطالَلْت ، إذا مددتَ عنقَك تنظرُ إلى الشىءِ يبعُد عنك. قال :

كفَى حَزناً أنِّى تطاللت كى أَرَى

ذُرى عَلَمَىْ دَمْخٍ فما يُريَانِ (١)

وأمّا إبطال الشىء فهو إطلال الدِّماء ، وهو إبطالها ، وذلك إذا لم يطلب لها. يقال طُلُ دمه فهو مطلول ، وأُطِلّ فهو مُطَلّ ، إذا أُهْدِر.

ومما شذ عن هذه الأصول ، وما أدرى كيف صحّته قولهم : إنّ الطِّلَ (٢) : الحيّة. والطَّلَاطِلَة : داءٌ يأخذ فى الصُّلْب.

طم الطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تغطيه الشَّيء للشَّىء حتى يسوّيه به ، الأرض أو غيرها. من ذلك قولهم طمَ البئر بالتراب : ملأها وسَوَّاها. ثم يحمل على ذلك فيقال للبحر الطِّمُ ، كأنَّه طَمَ الماءُ ذلك القرار. ويقولون : «له الطِّمّ والرِّم» ، فالطِّمّ : البحر ، والرِّمّ الثّرَى. ومن ذلك قولهم : طَمَ الأمر ، إذا علا وغَلَب. ولذلك سمِّيَت القيامة : الطَّامَّة. فأمّا قولهم : طَمَ شَعَرَه ، إذا أَخَذَ منه ،

__________________

(١) لطهمان بن عمرو الكلابى ، كما سبق فى حواشى (دمخ). وأنشده فى اللسان فى (طلل).

(٢) يقال أيضا بفتح الطاء ، كما فى اللسان (طلل ٤٣٢).

٤٠٦

ففيه معنى التَّسويَة وإنْ لم يكن فيه التغطية.

ومن الباب : الطِّمِطم : الرجل الذى لا يُفصح ، كأنّه قد طُمَ كما تُطَمّ البئر.

ومما شذَّ عن هذا الأصل شىءٌ ذكرهُ ابنُ السكّيت ، قال : يقال طَمَ الفرسُ إذا علا. وطمَ الطّائرُ إذا علا الشجرة.

طن لطاء والنون أصلٌ يدلُّ على صوت. يقال : طنَ الذباب طنيناً. ويقولون : ضرب يدَه فأطنّها ، كأنّه يُراد به صوتُ القَطْع.

ومما ليس عندى عربيًّا قولُهم للحُزمة من الحطب وغيرِه : طُنّ. ويقولون : طَنَ ، إذا مات. وليس بشىء.

طه الطاء والهاء كلمةٌ واحدة. يقال للفرس السريع : طَهطاهٌ.

طأ الطاء والهمزة ، وهو يدلُّ على هَبْط شىءٍ. من ذلك قولهم : طأطأ رأسَه. وهو مأخوذٌ* من الطَّأْطاءِ ، وهو منهبِطٌ من الأرض. وهو فى قول الكمُيت (١).

طب الطاء والباء أصلان صحيحان ، أحدهما يدلُّ على عِلْمٍ بالشىء ومهارةٍ فيه. والآخَر على امتدادٍ فى الشىء واستطالة.

فالأول الطِّبّ ، وهو العلْم بالشىء. يقال رجلٌ طَبٌ وطبيب ، أى عالم حاذق. قال:

فإِنْ تسالونى بالنِّساء فإنّنى

بصيرٌ بأدواء النِّساءٍ طبيب (٢)

ويقال فحلٌ طَبٌ ، أى ماهر بالقِرَاع. ويقال للذى يتعهّد موضِعَ خُفِّه أبنَ يَطَأُ به : طَبٌ أيضاً. ولذلك سمِّى السِّحْر طِبًّا ؛ يقال مطبوب ، أى مسحور. قال :

__________________

(١) فى ديوانه (٢ : ٢٢). وأنشده فى اللسان والجمهرة (٣ : ٢٨٥) بدون نسبة :

منها اثنتان لما الطأطاء يحجبه

والأخريان لما يبدوبه اقبل

(٢) البيت لعلقمة الفحل فى ديوانه ١٣١ والمفضليات (٢ : ١٩٢).

٤٠٧

فإِن كنت مطبوباً فلا زِلْت هكذا

وإن كُنت مسحوراً فلا برأ السِّحرُ

وأمّا الذى يقال فى قولهم : ما ذاك بِطبِّى ، أى بدهرى ، فليس بشىء ، إنما معناه ما ذاك بالأمر الذى أمْهَرُه ، ما ذاك بالشىء الذى أقتُله علماً (١) ، كما جاء فى الحديث : «فما طهوى إذاً (٢)». وقد ذكرناه فى بابه.

وأمّا الأصل الآخَر فالطِّبَّة : الخِرْقَة المستطيلة من الثَّوب ، والجميع طِبَب. وطِبَب شُعاع الشَّمْس : الطَّرَائق الممتدّة تُرَى فيها حين تطلُع. والطِّبابة : السَّير بين الخُرْزَتين. والطِّبّة : مستطيل من الأرض دقيقٌ كثير النَّبات.

ومن ذلك قولُهم : تلقَى فلاناً عن طَببٍ كثيرة ، أى ألوان كثيرة.

طث الطاء والثاء ليس بشىء. ويزعمون أنّ الطَّثَ لُعبَةٌ بخشبةٍ تدعى المِطَثَّة.

طح الطاء والحاء قريبٌ من الذى قبله على أنهم يقولون : الطَّحُ : أن تسحَج الشىء بعَقِبك (٣). ويقال طَحطَح بهم ، إذا بدّدهم وطَحْطَحَهم : غَلَبهم.

طخ الطاء والخاء ليس [له] عندى أصلٌ مطرد ولا منقاس. وقد ذُكر عن الخليل : طَخْطَخَ السّحابُ : انضمَّ بعضُه إلى بعض. والطَّخْطخة : تسوية

__________________

(١) فى الأصل : «أقله علما».

(٢) انظر ما سيأتى فى (طهى). وفى اللسان (طها): «وقيل لأبى هريرة : أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : وما كان طهوى ـ أى ما كان عملى ـ إن لم أحكم ذلك».

(٣) فى الأصل : «يعقل» ، صوابه فى المجمل واللسان.

٤٠٨

الشَّىء. وهذا إنما يُحتاج فى تصحيحه إلى حُجّة ، فأمّا الحكاية فى هذا الباب فيقال إنّ الطّخْطَخَة الضّحك ؛ والحكاياتُ لا تُقاس.

ومما يقرب من هذا فى الضَّعف قولهم إنَ المتطخطخ : الضعيفُ البصر. وقالوا أيضاً : والطُّخوخ : سوء الخُلُق والشَّراسَة.

طر الطاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على حِدّة فى الشىء واستطالةٍ وامتداد من ذلك قولهم : طرَّ السِّنانَ ، إذا حدّده. وهذا سنان مطرور ، أى محدَّد. ومن الباب الرّجل الطَّرير : ذو الهَيْئَة ، كأنّه شىء قد طُرَّ وجُلِى وحُدِّد. قال :

ويُعجِبك الطّريرُ فتبتليه

فيُخلِفُ ظنَّك الرجلُ الطّريرُ (١)

ومن الباب فتًى طارٌّ : طَرَّ شاربُه. والطُّرَّةُ : كُفَّة الثَّوب. ويقال : رمى فأطَرَّ ، إذا أَنفَذ. وكلُّ شىء حُسِّن فقد طُرَّ ، حتى يقال طَرّ حوضَه (٢) ، إذا طيّنه. والطُّرَّة من الغيم : الطريقة المستطيلة. والخُطَّة السّوداء على ظهر الحمار طُرّة. وطُرَّة النهر : شَفيرُه. وطَرّ النّبتُ ، إذا أنبت ؛ وهو مِن طَرّ شاربُه. قال :

منّا الذى هو ما إنْ طَرَّ شاربُهُ

والعانسون ومنّا المُرْدُ والشِّيبُ (٣)

فأمَّا الطَّرّ الذى فى معنى الشَّلّ (٤) والطَّرد ، فهو من هذا أيضاً ؛ لأنّ مَن طرد شيئاً وشَلّه فقد أذْلَقه حتى يحتدّ فى شَدِّه وعَدْوه. فأمّا قول الحطيئة :

غضِبْتَم علينا أَن قتَلْنا بخالدٍ

بنى مالِكٍ ها إنَّ ذا غَضَبٌ مُطِرّ (٥)

__________________

(١) البيت من أبيات رويت فى الحماسة (٢ : ٢٠) منسوبة إلى العباس بن مرداس. وذكر فى اللسان (طرر) أن البيت يروى أيضا للمتلمس.

(٢) فى الأصل : «خوصته» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٣) البيت لأبى قيس بن رفاعة. اللسان (عنس) وشرح شواهد المغنى ٢٤٤. وسيأتى فى (عنس) مر.

(٤) فى الأصل : «الشك» ، تحريف.

(٥) ديوان الحطيئة ٤٩ واللسان (طرر) وإصلاح المنطق ٣٢٠.

٤٠٩

فقال أبو زيد : الإِطرار الإغراء. وهذا قريبُ القياسِ من الباب ؛ لأنّه إذا أغراه بالشَّىء فقد أذْلَقه وأحدَّه. وقال آخَرون : المُطِرُّ : المدِلّ. والأوّل أحسن وأقيس. ويقال الغضب المطرّ الذى جاء من أطرار الأرض ، أى هو غضب لا يُدرى من أين جاء. وهو صحيح ؛ لأنّ أطرار الأرض أطرافها وطرف كلِّ شىءٍ : الحادّ منه.

طس الطاء والسين ليس أصلاً. والطَّسُ لغةٌ فى الطَّسْت

طش الطاء والشين أُصَيل يدلُّ على قِلّة فى مطَر ، ويجوز أن يستعار فى غيره أصلاً. من ذلك الطّشّ ، وهو المطر الضَّعيف. وقال رؤبة :

ولا نَدَى وَبْلِكَ بالطَّشيشِ (١)

والله أعلم بالصواب.

باب الطاء والعين وما يثلثهما

طعم الطاء والعين والميم أصل مطَّرد منقاسٌ فى تذوُّقِ الشّىء. يقال طَعِمْت الشىء طَعْما. والطَّعام هو المأكول. وكان بعضُ أهلِ اللُّغة يقول : الطَّعام هو البُرُّ خاصّة ، وذكر

حديث أبى سعيد (٢) : «كُنّا نُخرِج صدقةَ الفِطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، صاعاً مِن طعامٍ أو صاعا من كذا (٣)». ثم يُحمَل على باب الطعام استعارةً ما ليس من باب التذوُّق ، فيقال : استطعَمَنِى فلانٌ

__________________

(١) فى اللسان :

ولا جدا تيلك بالطشيش

وفى الديوان ٧٨ :

وما جدا غيثك بالعشوش

(٢) هو أبو سعيد الخدرى ، سعد بن مالك بن سنان ، الإصابة ٢١٨٩.

(٣) الذى فى المجمل واللسان : «أو صاعا من شعير».

٤١٠

الحديثَ ، إذا أرادكَ على أن تحدِّثه. وفى الحديث : «إذا استطعَمَكم الإمامُ فأطعِمُوه». يقول : إذا أُرْتِجَ عليه واستَفْتَح فافتحُوا عليه. والإطعام يقع فى كلِّ ما يُطعَم ، حتَّى الماء. قال الله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي). وقال عليه السلام فى زمزم : «إنّها طَعامُ طُعْم ، وشِفاء سُقْم». وعِيب خالدُ بن عبد الله القسرىّ بقوله : «أطعِمُونى ماءً» ، وقال [بعضهم] فى عيبه بذلك شعراً (١) ، وذلك عندنا ليس بعيب ؛ لما ذكرناه. ويقال رجلٌ طاعم : حسن الحال فى المَطْعَم. وقال الحُطيئة :

دعِ المَكارمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها

واقعُدْ فإنّك أنت الطاعُم الكاسِى (٢)

ورجلٌ مِطعامٌ : كثير القِرَى. وتقول : هو مُطعَم ، إذا كان مرزوقا. والطُّعْمة : المأكُلة. وجعَلْتُ هذه الضيعةَ لفلانٍ طعمة. فأما قول ذى الرُّمّة :

وفى الشِّمال من الشِّريان مُطعمة

كبداءُ فى عَجْسها عطفٌ وتقويمُ (٣)

فإِنّه يروى بفتح العين «مُطعَمة» : أنّها قوسٌ مرزوقة. ويروى : «مُطعِمة» ، فمن رواها كذا أراد أنّها تُطعِم صاحبَها الصَّيد.

ويقال للإصبع الغليظة المتقدِّمة من الجارحة مُطعِمة ؛ لأنّها تُطعمه إذا صادَ بها. ويقولون إنّ المطَعَّم من الإِبل : الذى يوجد فى مُخّه طَعم الشحم من السِّمَن. ويقال للنّخلة إذا أدرك ثمرُها : قد أطعَمَتْ. والتطعُّم : التذوُّق يقال : «تَطَعَّمْ تَطْعَم» ، أى ذُق الطعام تشتَهِهِ وتأكلْه. ويقال : فلانٌ خبيث الطُّعمة ، إذا كان ردىء الكسب ويقال : ادْن فاطْعَم، فيقول : ما بى طُعْم ، كما يقال من الشَّراب : ما بى شُرْب. ويقال شاةٌ طَعوم ، إِذا كان فيها بعض السِّمن

__________________

(١) انظر الحيوان (٢ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ / ٤ : ٣٢٣ / ٦ : ٣٩٠).

(٢) ديوان الحطيئة ٥٤ واللسان (طعم).

(٣) ديوان ذى الرمة ٥٨٧ والمجمل واللسان (طعم).

٤١١

طعن الطاء والعين والنون أصلٌ صحيح مطَّرد ، وهو النَّخْس فى الشَّىءِ بما يُنْفِذُه ، ثمّ يُحمل عليه ويستعار. من ذلك الطَّعْن بالرُّمح. ويقال تطاعن القوم واطَّعَنوا ، وهم مطاعينُ فى الحرب. ورجلٌ طَعّان فى أعراض الناس. وفى الحديث : «لا يكون المؤمن طعَّانا». وحكىَ بعضُهم : طعنت فى الرَّجُل طَعَنَاناً لا غير ، كأنّه فَرَق بينه وبين الطَّعَن بالرُّمح. وقال:

وأبَى ظاهرُ الشَّنَاءةِ إلّا

طعَناناً وقولَ مالا يقالُ (١)

وطعن فى المفازة : ذهب. وقال بعضهم : طعن بالرُّمح يطعُن بالضمِّ ، وطعن بالقول يطعَن ، فتحاً (٢).

باب الطاء والغين وما يثلثهما

طغى الطاء والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح منقاس ، وهو مجاوَزَة الحدِّ فى العِصيان. يقال هو طاغٍ. وطَغَى السّيلُ ، إذا جاء بماءٍ كثير. قال الله تعالى : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) يريد والله أعلم خروجَه عن المقدار. وطَغَى البحر : هاجت أمواجُه. وطغى الدَّمُ : تبيَّغَ. قال الخليل : الطُّغيان والطُّغْوان لغة. والفعل منه طغَيت وطَغَوت.

وممّا شد عن هذا الأصل قولهم إنّ الطَّغْيَة : الصّفاة المَلْساء.

__________________

(١) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى اللسان (طعن) وليس فى ديوانه. ورواية اللسان : أبى المظهر العداوة ، وهى رواية الصحاح والمحكم والمخصص (٦ : ٨٧ / ١٢ : ١٧٠). ورواية التهذيب : وأبى الكاشحون يا هند إلا.

(٢) فى الأصل : «طعن بالرمح يطعن وبطعن بالقول» ، صوابه من المجمل.

٤١٢

طغم الطاء والغين والميم كلمةٌ ما أحسبها من أصل كلام العرب. يقولون لأوغاد النّاس: طَغَام.

باب الطاء والفاء وما يثلثهما

طفق الطاء والفاء والقاف كلمةٌ صحيحة. يقولون : طفِق يفعل كذا كما يقال ظلَّ يفعل. قال الله تعالى : (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) ، (وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ).

طفل الطاء والفاء واللام أصل صحيح* مطّرد ، ثم يقاس عليه ، والأصل المولود الصغير ؛ يقال هو طِفلٌ ، والأنثى طِفلة. والمُطْفِل : الظَّبية معها طِفْلُها ، وهى قريبة عهدٍ بالنِّتاج. ويقال طَفَّلْنا إبلَنا تطفيلاً ، إذا كان معها أولادُها فرفَقْنا بها فى السَّير. فهذا هو الأصل. ومما اشتُقّ منه قولهم للمرأة الناعمة : طَفْلة ، كأنّها مشبَّهة فى رُطوبتها ونَعمتها بالطِّفلة ، ثم فرق بينهما بفتح هذه وكسر الأولى.

ومن الباب أو قريب منه : طِفْل الظَّلام ، وهو أوَّلُه ، وإنّما سمِّى طِفلاً لقلَّته ودقته ؛ وذلك قبل مجىء مُعظَم الليل. قال لبيد :

فتدلَّيْتُ عليه قافلاً

وعلى الأرض غَيايات الطَّفَلْ (١)

ويقال : طَفَل اللّيل : أقبل ظلامُه. وأمّا قول القائل :

لوَهْدٍ جادَه طَفَلُ الثُّريّا (٢)

__________________

(١) سبق البيت وتخريجه فى (١ : ١٦٧) مادة (أيى).

(٢) أنشده فى المجمل واللسان (طفل ٤٢٩). والكلام بعد مبتور ، تقديره : «فالطفل هنا المطر». وفى المجمل قبل إنشاد البيت : «والطفل مطر. قال».

٤١٣

طفو الطاء والفاء والحرف المعتل أصل صحيح ، وهو يدلُّ على الشَّىء الخفيف يَعلُو الشَّىء. من ذلك قولهم طَفَا الشَّىءُ فوق الماء يطفو طَفْواً وطُفُوًّا ، إذا علاه ولم يرسُب ، وحتَّى يقولوا : طفا الثَّور فوقَ الرَّمْلة.

ومن الباب : الطُّفْية ، وهى خُوصة المُقْل ، وسمِّيت بذلك لأنّهم تَعظم (١) حتى تغطِّىَ الشجرة. وفى كتاب الخليل : الطُّفْية : حيَّة خبيثة. وهذا عندنا غلطٌ إنما الطُّفية خُوصة المقل ، والجمع طُفْىٌ ، ثم يشبَّه الخطُّ الذى على ظهر الحيَّة بها. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى الحيَّات : «اقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبتَر». ألَا تراه جعله ذا طُفيَتَيْنِ ، لأنَّه شبَّهَ الخطَّينِ اللذين على ظهره بذلك. وقال الهُذَلىً فى الطُّفْى :

عفتْ غيرَ نوئِ الدار ما إنْ تُبينُه

وأقطاعِ طُفْىٍ قد عفَتْ فى المعاقلِ (٢)

فأمّا قول القائل :

كما تَذِلُ الطُّفَى مِنْ رُقْيَةِ الرَّاقى (٣)

فإِنه أراد ذوات الطُّفَى. والعرب قد تتوسّع بأكثر من هذا. كما قال :

إذا حملتُ بِزَّتِى على عَدَسْ (٤)

أراد : على التى يقال لها عَدَسٌ ؛ وذلك زجرٌ للبغال.

__________________

(١) فى الأصل : «تعلم».

(٢) البيت لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوانه ١٤٠ واللسان (طعا). ورواية الديوان واللسان : هفا غير نؤي الدار ، بعود الضمير إلى «طلل» فى بيت قبله. وفى الديوان أيضا :

(٣) صدره فى اللسان (طفا) :

وعم يذلونها من بعى عزتها

(٤) انظر اللسان (عدس).

٤١٤

فإذا هُمِزَت كان فى معنى آخر ، يقال طَفِئَت النار تَطْفَأُ ، وأنا أطفأتُها. فأمّا الطَّفاء مثل الطَّخاء ، وهو السَّحاب الرَّقيق ، فهو من الباب الأول ، كأنه شىءٌ يطفو.

طفح الطاء والفاء والحاء ، وهو شبيه بالباب الذى قبله. يقال الطُّفَاحة : ما طَفَح فوق الشىءِ يُطْبَخُ من زُبْدٍ أو غيره ، ثمَّ يُحْمل عليه فيسمَّى كلُّ شىءٍ عَلا شيئاً فغطَّاه طافحا. يقال طَفَحَ النهرُ : امتلأ. وطَفحَ السّكرانُ من ذلك ، فهو طافح. وطفَّحت الرِّيح القُطنةَ فى الهواء ، إذا سطعَت بها.

طفر الطاء والفاء والراء كلمةٌ صحيحة ، يقال طفَر : وثب.

طفس الطاء والفاء والسين ، يقولون طفس : مات. والطَّفَس : الدَّرَن.

طفن الطاء والفاء والنون ليس بشىء. على أنهم يقولون : الطُّفَانِيَة نعتُ سَوءٍ فى الرّجل والمرأة. والله أعلم بالصَّواب.

باب الطاء واللام وما يثلثهما

طلم الطاء واللام والميم أصلٌ صحيح ، وهو ضرب الشىء بِبَسْط الشَّىء المبسوط. مثال ذلك الطَّلْم ، وهو ضربُك خُبْزة المَلَّة بيدك تنفُضُ ما عليها من الرّماد. وما أقرَبَ ما بين الطَّلْم واللَّطْم. والدّليل على ذلك قول حسّان :

٤١٥

تُطَلِّمهن بالخُمُر النِّساءُ (١)

فإنَّ ناسا يرونه كذا ، وآخرون يرونه : «تلطِّمُهنَّ». وذلك دليلٌ على أن المعنى واحد. ويقال إنَ الطلْمة الخُبْزة ، وإنّما سمِّيت بذلك لأنَّها تُلْطَم.

طله الطاء واللام والهاء ليس عندى بأصل يفرع منه ، ولا قياسه بذلك الصَّحيح ، لكنهم يقولون : طَلَه فى البلاد ، إذا ذهب ، يَطْلَه طَلْهاً. ويقولون الطُّلْهة : القليل من الكلام. ويقال الطُّلْهة : الأسمال من الثِّياب ؛ يقال : تَطَلَّهْ هذا [الخَلَق (٢)] حتَّى تَسْتَجِدَّ غيرَه

طلى الطاء واللام والحرف المعتل أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على لطْخ شىءٍ بشىء ، والآخر على شىءٍ صغيرٍ كالولدِ للشَّىء.

فالأوّل طلَيتُ الشَّىءَ بالشَّىء ، * أطليه.اطَّليتْ (٢)] بالشَّىء أَطَّلِى به. والطِّلاء : جنسٌ من الشَّراب ، كأنَّه ثَخُنَ حتَّى صار كالقَطِران الذى يُطلى به. والمِطلاء : أرضٌ مِئْناثٌ ، والجمع المَطَالِى ، وهو من القياس وذلك أنَّها قد طُليتْ بشىء حتَّى لانت.

ومن الباب : كلامٌ لا طَلاوَةَ له ، إذا كان غثًّا (٣) ، كأنه إذا كان خلاف ذلك فقد طُلِىَ بشىءٍ يُحلِّيه. وبأسنانهِ طَلِىٌ وطِلْيَانٌ. وقد طَلِىَ فوه يَطْلَى طَلاً ، وهى الصُّفْرَة ، كأنها طُلِيَت به.

__________________

(١) صدره كما فى ديوانه ٥ واللسان (طلم ، مطر) :

تظل جيادنا دتمطرات

وفى الأصل «تلطمهن» ، صوابه فى المجمل.

(٢) التكملة من المجمل.

(٢) التكملة من المجمل.

(٣) الطلاوة مثلثة الطاء ، وفى الأصل : «إذا كان غبا» ، صوابه فى المجمل.

٤١٦

والأصل الآخر الطِّلْوَة : ولد الوحشيّة الأنثى ، والذكر طِلاً. ويقولون الطِّلْو : الذِّئب ، ولعله أن يكون ولدَه ؛ لما ذكرناه.

ثم يشتَقّ من هذا فيقال للحبْل الذى يشدُّ به الطِّلَا طِلْوة. كذا قال ابن دريد (١). فأمَّا أحمد بن يحيى ثعلب فأنشدنى عنه القَطْان :

ما زال مذْ قُرِّف عنه جُلَبُه

له من اللّؤم طَلِىٌ يجذبُه (٢)

قال الفرّاء : طَلَيت الطِّلا وطَلَوْته ، إذا ربطتَه برِجْله.

وقد بقى فى الباب ما يبعُد عن هذا القياس ، إلا أنَّه فى بابٍ آخر. قال الشَّيبانىّ : الطلَا : الشَّخص ؛ يقال إنَّه لجميل الطَّلا. وأنشد :

وخدّ كمَتْنِ الصُّلَّبىِّ جَلَوتَه

جميلِ الطَّلَا متشرِبِ الوَرْسِ أكحلِ (٣)

فهذا إن صحَّ فهو عندى من الإبدال ، كأنَّه أراد الطَّلَل ثم أبدل إحدى اللامين حرفاً معتلًّا. وهو من باب : «تقضِّى البَازِى (٤)» وليس ببعيد. ومنه أيضاً الطُّلْيَة والجمع الطُّلَى: الأعناق. وإنَّما سمِّيت كذا لأنَّها شاخصةٌ ، محمولة على الطَّلا الذى هو الشَّخْص.

طلب الطاء واللام والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ابتغاء الشَّىء. يقال طلبت الشىء أطلبه طلَباً. وهذا مَطْلَبى ، وهذه طَلِبَتى. وأَطلبتُ فلاناً بما ابتغاه ،

__________________

(١) فى الجمهرة (٣ : ١١٧).

(٢) فى الأصل : «عنه حبله له من الطلى يجذبه» ، وتصحيحه من المجمل.

(٣) عجزه فى المجمل. وهو بتمامه فى اللسان (طلى).

(٤) أى تقضضه. أنشد فى اللسان (قضض) للعجاج :

تقضى البازى إذا البازى كسر

٤١٧

أى أسعفته به. وربما قالوا أطْلَبْتُه ، إذا أحوجتَه إلى الطَّلَب. وأطْلَبَ الكلأ : تباعد عن الماء ، حتّى طلبه القوم ، وهو ماء مُطْلِب. قال ذو الرّمّة :

[أضَلَّه راعيا كَلْبيَّةٍ صَدَرَا

عن مُطْلِبٍ قاربٍ وُرَّادُهُ عُصبُ (١)]

طلح الطاء واللام والحاء أصلانِ صحيحان ، أحدهما جنس من الشجر ، والآخر بابٌ من الهزال وما أشبهه.

فالأوّل الطَّلْح ، وهو شجرٌ معروف ، الواحدةُ طلحة. وذو طُلُوحٍ : مكان ، ولعلَّ به طَلْحاً. ويقال إبلٌ طَلَاحَى وطَلِحة ، إذا شكَتْ عن أكل الطَّلْح.

والثانى : قولهم ناقةٌ طِلْح أسفارٍ ، إذا جهَدها السَّير وهَزَلَها ؛ وقد طَلِحَتْ. والطِّلْح: المهزول من القِرْدان. قال :

إذا نام طِلْحٌ أشعثُ الرّأس خلفَها

هداه لها أنفاسها وزفيرُها (٢)

ومن الباب الطَّلاح : ضدُّ الصَّلاح ، وكأنَّه من سوء الحال والهُزَال.

طلخ الطاء واللام والخاء ليس بشىء ، وذكروا فيه كلمةً كأنَّها مقلوبة. قال الخليل : الطَّلْخ : اللَّطْخ (٣) بالقَذَر. ويقال الغِرْيَن الذى يبقى فى أسفل الحوض.

طلس الطاء واللام والسين أصل صحيح ، كأنَّه يدلُّ على ملاسة. يقال لفخِذ البعير إذا تساقط عنه شعره : طِلْس. ومنه طَلسْت الكتابَ (٤) ، إذا

__________________

(١) البيت ساقط فى الأصل ، وإثباته من الديوان ٣٠ واللسان (طلب).

(٢) للحطيئة فى ديوانه ١٠٠ واللسان (طلح).

(٣) فى الأصل : «واللطخ بالقدر» ، صوابه فى المجمل.

(٤) يقال بتشديد اللام وتخفيفها.

٤١٨

محوته ، كأنّك قد مَلّسته (١). فأمَّا الذِّئب الأطلس فيقولون الأغبر ، والقياس يدلُّ على أنَّه الذى قد تمعَّط شعره. فإِنْ كان ما يقولونه صحيحاً فكأنَّه من غُبْرته قد ألبس طيلساناً. والطَّيْلَسان بفتح اللام صحيح (٢) ، وفيه يقول الشاعر :

وليلٍ فيه يُحسَبُ كلّ نجمٍ

بدَالك من خَصَاصة طَيْلسانِ (٣)

طلع الطاء واللام والعين أصلٌ واحد صحيح ، يدلُّ على ظهورٍ وبُروز ، يقال طلعت الشمس طُلوعا ومَطْلَعاً. والمَطْلِع : موضع طلوعها. قال الله تعالى : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ). فمن فتح اللام أراد المصدر ، ومن كسر أراد الموضع الذى تطلعُ منه. ويقال طلَعَ علينا فلانٌ ، إذا هجم. وأطْلَعْتُك على الأمر إطْلاعا. وقد أطلعتُك طِلْعَهُ. والطِّلاع : ما طلَعت عليه الشَّمس من الأرض. وفى الحديث : «لو أنّ لى طِلَاعَ الأرض ذهباً». ونَفْسٌ طُلَعَةٌ : تتطلَّع للشىء. وامرأةٌ طُلَعَةٌ ، إذا كانت تكثر الاطِّلاع. والطَّلْع : طَلْع النَّخلة ، وهو الذى يكون فى جوفه الكافُور. وقد أطلعت النخلة. وقوس طِلَاعُ الكفِّ ، إذا كان عَجْسها* يملأُ الكفّ. قال أوس :

كَتُومٌ طِلَاع الكفِّ لا دونَ مِلْئِها

ولا عَجْسُها عن موضع الكفِّ أفضلا (٤)

ومن الباب : استطلعتُ رأىَ فلانٍ ، إذا نظرتَ ما الذى يَبْرزُ إليك منه. وطَلْعة الإِنسان : رؤيته ؛ لأنّها تطلُع. ورمى فلان فأطْلَعَ وأشْخَص ، إذا مرَّ سهمُه

__________________

(١) فى الأصل : «طلسته».

(٢) الحق أنه فارسى معرب من «تالسان».

(٣) فى الأصل : «يحسب فيه» ولا يستقيم به الوزن.

(٤) ديوان أوس ٢١ واللسان (طلع). وسيأتى فى (عجس).

٤١٩

برأس الغَرَض. وطليعة الجيش : من يطَّلِع طِلْعَ العدوّ. والمُطَّلَع : المأْتَى ؛ يقال أين مُطَّلع هذا الأمر ، أى مأْتاه. فأمَّا قوله عليه السّلام : «لافتدَيْتُ به من هول المُطَّلع (١)». ومن الباب الطلَعاء : القىء ؛ يقال أطْلَع : إذا قاء.

طلف الطاء واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إهانة الشَّىء وطَرْحه ، ثم يُحمَل عليه. فالطَّلَف : الهَدَر من الدِّماء. وكلُّ شىءٍ لم يُطْلب فهو هَدَر. قال :

حَكَمَ الدّهرُ علينا إِنه

طَلَفٌ ما نال منا وجُبارُ (٢)

والمحمول عليه الطَّنَف : العطاء ، ولا يُعطى الشّىءُ حتّى يكون أمره خفيفاً عند المعطِى. يقال أطْلَفَنى وأسْلَفَنى. فالطَّلَف : العطاء. والسَّلَف : ما يُقتضَى. والطَّلَف : الهَيِّن. قال :

وكلُّ شىءٍ من الدُّنيا نُصَاب به

ما عِشت فينا وإنْ جلَّ الرُّزَى طَلَفُ (٣)

والطَّلِيف والطَّلَف متقاربان. وقولهم إنّ الطَّلَفَ الفَضْل ، ليس بشىء ، إلّا أن يراه أنّه الفاضل عن الشىء ، لما ذكرناه.

طلق الطاء واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ مطّرد واحد ، وهو يدلُّ على التَّخلية والإرسال. يقال انطلق الرجل ينطلق انطلاقاً. ثمّ ترجع الفروع إليه ، تقول أطْلَقته إطلاقاً. والطِّلْق : الشىء الحلال ، كأنّه قد خُلِّى عنه فلم يُحظَر.

__________________

(١) الكلام بعده مبتور. وفى اللسان : «يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من مر الآخرة عقيب الموت».

(٢) للأفوه الأودى فى ديوانه ٩ مخطوطة الشنقيطى واللسان (طلف).

(٣) أنشده فى المجمل أيضا بهذا الضبط.

٤٢٠