الدِّماغ ، ولذلك يقال : أصَمَّ اللهُ صَدَاه. ويقال بل هذا صَدَى الصَّوْت ، وهو الذى يُجيبك إِذا صِحْت بقُرْبِ جَبَل. وقال يصف داراً :
صَمَ صداها وعفا رسمُها |
|
واستعحمَتْ عن منطقِ السَّائِل (١) |
والصَّدَى : الرَّجُل الحسَنُ القِيام على ماله ، يقال هو صَدَى مالٍ. ولا يقال إلّا بالإضافة. والصَّدَى : العَطَش ، يقال رجلٌ صَدٍ وصادٍ ، وامرأة صادية. وتصدَّى فُلانٌ للشَّىء يستشرفه ناظراً إليه. والتَّصدية : التَّصفيق باليدين. قال الله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً). فأمَّا الصَّوادى من النَّخْل فهى الطِّوال. ويقال : صاديتُ فلاناً ، إِذا دارَيْتَه. وصاديت [فلاناً مُصاداةً : عاملتُه بمثل صَنيعه (٢)].
وإِذا كان بعد الدَّال همزة تغيَّر المعنى ، فيكون من الصَّدَإ صدأ الحديد. يقولون : صاغِرٌ صَدِئٌ من صدإ العار (٣).
صدح الصاد والدال والحاء أصَيلٌ يدلُّ على صوت. يقال صدح الدِّيك والغُراب. وكان اللِّحيانى يقول : إنّه لَصَيْدَحٌ ، أى مرتفع الصَّوت. ويقولون ـ وليس هو من هذا القياس : إِنَ الصُّدْحَة خَرَزة يُؤَخَّذ بها. ويقال الصَّدَح : الإكام (٤). والله أعلم.
__________________
(١) لامرئ القيس فى الديوان ١٤٨ واللسان (صدى).
(٢) التكملة من المجمل ، وقد بيض لها فى الأصل.
(٣) فى اللسان : «وفلان صاغر صدىء إذا لزمه صدأ العار واللوم».
(٤) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «الأزهرى : الصدحان آكام صغار صلاب الحجارة واحدها صدح».
باب الصاد* والراء وما يثلثهما
صرع الصاد والراء والعين أصلٌ واحد يدلُّ على سقوطِ شىءٍ إِلى الأرض عن مراس اثنين ، ثم يُحمَل على ذلك ويشتقُّ منه. من ذلك صرَعْتُ الرّجلَ صرْعاً ، وصارعتُه مصارَعَة، ورجلٌ صَرِيع. والصَّريع من الأغصان : ما تَهدَّلَ وسقط إلى الأرض ، والجمع صُرُع. وإِذا جُعِلَتْ من ذلك السّاقط قَوْسٌ فهى صَرِيع.
وأمّا المحمول على هذا فقولُهم : هما صِرْعان ، يقال إنّ معنى ذلك أنَّهما يقعان معاً. وهذا مثَلٌ وتشبيه. وكذلك مِصْراعا البابِ مأخوذانِ من هذا ، أى هما متساويان يقعان معاً. والصَّرعانِ : إبلان يختلفان فى المشْى ، فتذهب هذه وتجىء هذه لكثرتها. قال :
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعينا لأرملةٍ |
|
أو بائس جاء معناه كمعناه (١) |
ومَصارع النَّاس : مَساقِطُهم. وقال أبو زيد : أتانا صَرْعَىِ النّهار ، غُدْوةً وعَشيّة. وهذا محمولٌ على ما ذكرناه ، من أنّ الصِرَّعَين المِثلان. والقياس فيه كلِّه واحد.
صرف الصاد والراء والفاء معظم بابِه يدلُّ على رَجْع الشىء. من ذلك صَرفْتُ القومَ صَرفاً وانصرفوا ، إِذا رجَعْتَهم فرَجَعوا. والصَّرِيف : اللّبَن ساعةَ يُحلَب ويُنصرَف به. والصَّرْف فى القُرْآن : التَّوبة (٢) ، لأنّه يُرجَع به
__________________
(١) البيت مع قرين له فى اللسان (صرع).
(٢) فى الآية ١٩ من سورة الفرقان : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً).
عن رتبة المذنبين. والصَّرْفة : نجم. قال أهلُ اللغة سمِّيت صرفةً لانصراف البرد عند طلوعها. والصَّرْفة : خَرَزة يؤخَّذ بها الرِّجال ، وسمِّيت بذلك كأنَّهم يصرفون بها القلبَ عن الذى يريده منها. قال الخليل : الصَّرْف فَضْل الدِّرهم على الدِّرهم فى القِيمة. ومعنى الصَّرف عندنا أنَّه شىءٌ صُرِف إلى شىءٍ ، كأنَّ الدِّينارَ صُرِف إلى الدراهم ، أى رُجِع إليها ، إِذا أخذتَ بدلَه. قال الخليل : ومنه اشتُقَّ اسمُ الصَّيَرفىّ ، لتصريفه أحدَهما إلى الآخَر. قال : وتصريف الدَّراهِم فى البِياعات كلِّها : إنفاقُها. قال أبو عُبيدٍ : صَرْف الكلام : تزيينه والزِّيادةُ فيه ، وإنَّما سمِّى بذلك لأنّه إِذا زيِّن صرف الأسماعَ إلى استماعه. ويقال لحَدَث الدَّهْر صَرفٌ ، والجمع صُروف ، وسمِّى بذلك لأنه يتصرَّف بالناس ، أى يقلِّبهم ويردِّدهم. فأمّا حِرْمةَ الشّاءِ والبقَر والكلاب ، فيقال لها الصِّرَاف ، وهو عندنا من قياس الباب ، لأنها تَصَرَّف أى تَرَدّدَ وتُراجِع فيه. ومن الباب الصَّريف ، وهو صَوت نابِ البعير. وسمِّى بذلك لأنّه يردِّده ويرَجِّعه. فأمّا قولُ القائل :
بَنِى غُدانةَ ما إنْ أنتمُ ذهباً |
|
ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ (١) |
فقال قومٌ : أراد بالصَّريف الفِضّة. فإن كان صحيحا فسميِّت صريفاً من قولهم : صّرَفت الدِّينارَ دراهمَ ، ليس له وجهٌ غير هذا.
وممّا أحسِبَه شاذًّا عن هذا الأصل : الصَّرَفَانُ ، وهو الرَّصاص. والصَّرَفانُ فى قوله :
أمْ صرفاناً باردا شديدا (٢)
__________________
(١) البيت فى اللسان (صرف) والخزانة (٢ : ١٢٤) بدون نسبة فيهما.
(٢) من الرجز المقول على لسان الزباء. اللسان (صرف).
مختلفٌ فيه ، فقال قوم هو الرَّضاص. وقال آخَرون : الصَّرَفانُ : جنس من التَّمر. وأنشدوا :
أكْلَ الزُّبد بالصَّرَفان (١)
قالوا : ولم يكن يُهدَى للزّبّاء شىءٌ من الطُّرف كان أحبَّ إليها من التَّمر. وأنشدوا :
ولما أتتْها العير قالت أباردٌ |
|
من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ (٢) |
ومما شذّ أيضاً الصِّرْف : شىء من الصِّبْغ يُصبَغ به الأديم. قال :
كمَيْتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكنْ |
|
كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديمُ (٣) |
وعلى هذا يُحمَل قولهم : شرِب الشّرابَ صِرْفاً ، إِذا لم يمزُجْه ، كأنّه تُرِك على لونِه وحُمْرته.
صرم الصاد والراء والميم أصلٌ واحدٌ صحيح مطَّرد ، وهو القَطْع. من ذلك صُرْم الهِجْران. والصَّريمة : العزيمة على الشىء ، وهو قَطْعُ كلِّ عُلْقةٍ دونَه. والصُّرام : آخر اللّبَن بعد التغزير ، إِذا احتاج الرّجل إليه حلبَه ضرورةً.
قال بشر :
ألَا أبلِغْ بنى سعدٍ* رسولاً |
|
ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرَامُ (٤) |
__________________
(١) قطعة من بيت لعمران الكلبى فى اللسان (صرف). وهو بتمامه :
أكتم حسبتم ضربنا وجلادنا |
|
على الحجر أكل الزبد بالصرفان |
(٢) البيت فى المجمل واللسان (صرف).
(٣) لسلمة بن الخرشب الأنمارى فى المفضليات (١ : ٣٨). ونسب فى اللسان (صرف) إلى الكلحبة اليربوعى.
(٤) المفضليات (٢ : ١٣٥) واللسان (صرم).
وهذا مَثلٌ ، كأنّه يقول : قد بُلِغ من الشر آخِرُه وآخر الشىء عند انقطاعه. ويقال : أكل فلانٌ الصَّيْرَم ، وهى الوَجْبة ؛ لأنّه إِذا أكلها قطع سائر يومه. ويقال صَرَمْتُه صَرْماً ، بالفتح وهو المصدر ، والصُّرْم الاسم. فأمَّا الصَّريم فيقال إنّه اسمُ الصُّبح واسم اللّيل. وكيف كان فهو من القياس ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَصرِم صاحبَه وبَنصرِم عنه. قال الله تعالى : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ). يقول : احترقت فاسوادَّت كاللَّيل. فهذا فيمن قاله إنّه اللَّيل. وأمّا الصُّبح فقال بشر :
فباتَ يقول أصبِحْ ليلُ حَتّى |
|
تَجَلّى عن صَريمتِه الظَّلامُ (١) |
والصَّريم : الرَّمل ينقطع عن الجدَد والأرض الصُّلبة. والصِّرام : وقت صَرْم الأعذاق. وقد أصرَمَ النّخلُ : حان صِرامُهُ. والصِّرْمة : القطيع من الإبل نحوٌ من الثَّلاثين. والصِّرَم : القِطَع من السَّحاب ، واحدتها صِرمة. قال النابغة :
وهبَّت الريحُ من تِلقاءِ ذِى أُرُلٍ |
|
تُزْجِى من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما (٢) |
والصِّرْم : طائفةٌ من القوم ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء ، فهم أهل صَرم. والرَّجُل الصَّارم : الماضى فى الأمور كالسَّيف الصَّارم. وناقة مصرَّمة ، أى يُصَرَّم طبْيُها فيفْسُدُ الإحليل فييْبس ، فذلك أقوى لها ؛ لأنَّ اللبن لا يَخرج. ويقال إنّ التَّصريم يكون بكَىِّ خِلفَينِ. والصَّرماء : الأرض لا ماء بها. ويقال إنّ الصَّريمة الأرض المحصودُ زرعُها (٣). فأمّا قوله :
ومَوماةٍ يحَار الطَّرْفُ فيها |
|
إِذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ (٤) |
__________________
(١) المفضليات (٢ : ١٣٥) واللسان (صرم).
(٢) وكذا فى ديوانه ٦٦ ومعجم البلدان (أول). وفى اللسان : «ذى أرك» ، تحريف.
(٣) فى الأصل : «أرضها» ، وصوابه فى المجمل.
(٤) أنشده المحى فى جنى الجنتين ٢٠.
فإنّ الأصرمَينِ الذِّئب والغراب ، سُمِّيا بذلك لقطعهما الأنيس.
صرى الصاد والراء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الجمع. يُقال : صَرَى الماءَ يصرِيه ، إذا جمعه. وماءٌ صَرًى : مجموع.
قال :
رأت غلاماً قد صَرَى فى فقرتهْ |
|
ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتْه (١) |
وكأَنَ الصَّرَاةَ (٢) مشتقَّة مأخوذة من هذا. وسمِّيت المُصَرَّاةُ من الشَّاء وغيرِها لاجتماع اللبن فى أخلافها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم. ومَن اشترى مصرّاةً فهو بآخر النَّظَرَين (٣) ، إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمر». ويقال صَرَيْت. ما بينهم : أصلحته ، وذلك هو القياس ؛ لأنه يجمع الكلمةَ المشتَّتةَ. وتقول : صَرَيت الرّجُل ، إذا منعته ما يريدُه. قال :
وليسَ صارِيَهُ عن ذِكرها صارِ (٤)
والقياس ذلك ؛ لأنَّه إذا مُنع الشىءَ فقد حُبِس (٥) دونه وجُمِع عنه ويقولون : صراه الله ، كما يقولون : وقاه ، أى لا نَشرَ أمرَه ، بل جَمَع مالَه. وصَرَى فلانٌ [فى يد فلانٍ ، إذا بقَى (٦)] فى يده رَهْنا محبوساً.
__________________
(١) للأغلب العجلى. وقد يسبق الكلام عليه وعلى تخريجه فى (رد ٣٨٧).
(٢) الصراة : نهران ببغداد ، الصراة الكبرى والصراة الصغرى. ياقوت.
(٣) فى اللسان : «فهو بخير النظرين».
(٤) لابن مقبل فى اللسان (صرى). وصدره :
ليس الفؤاد يراه أرضها أبدا
(٥) فى الأصل : «حين».
(٦) التكملة من المجمل.
وشذَّ عن الباب الصَّرَاية : الحنظل ، فى قوله :
أَو صرَايةُ حَنْظَلِ (١)
صرب الصاد والراء والباء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الباب الذى قبله. وزاد الخليل فيه وصفاً آخر ، قال : الصرِيب : اللَّبن الذى قد حُقِن : والوَطْب مُصرَّب. وقال ابنُ دُريد : كلُّ شىءٍ أملسَ فهو صرَب. وهذا الذى قاله ابنُ دريدٍ أقْيَس ؛ لأنَّهم يسمُّون الصَّمغ الصرَب ، وينشدون :
أرض عن الخير والسُّلطانِ نائيةٌ |
|
والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ (٢) |
والصَّمغ فيه مَلاسَة. والذى قاله الخليل فَفرْعُه قولُهم للصبِّى إذا احتبس بَطْنُه : صرَب ليَسْمَن ، وذلك عند عَقْدِه شَحْمه. والصَّرَب : اللَّبَن الحامض.
صرح الصاد والراء والحاء أصلٌ منقاس ، يدلُّ على ظهور الشَّىء وبُروزه. من ذلك الشَّىء الصريح. والصريح : المحض الحسَب ، وجمعه صُرَحاء. قال الخليل : ويجمع الخليلُ على الصرائح. قال : وكلُّ خالصٍ صريح. يقال هو بَيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة. وصرَّحَ بما فى نفسه : أظهَرَه. ويقال : كأس صراحٌ ، إذا لم تُشَبْ بمِزاج. وصرَّحت الخمرُ ، إذا ذهب عنها الزَّبد.
قال الأعشى :
كُمَيتٌ تكشَّف عن حُمْرةٍ |
|
إذا صرَّحَتْ بعد إزبادِها (٣) |
__________________
(١) لامرئ القيس فى معلقته. والبيت بتمامه :
كأن سراته لدى؟ قائما |
|
مداك عروس أو صراية حتفال |
(٢) أنشده فى اللسان (صر) وإصلاح المنطق ٤٥.
(٣) فى ديوان الأعشى ٥٢ واللسان (صرح): «كميتاً».
ويقال : جاء به صُرَاحا ، أى جِهارا. ولقيت فلاناً مُصارَحة وصِراحاً ، أى كِفاحا. ويقال صرَّح الحقُّ عن مَحْضه ، أى انكشف الأمرُ بعد غُيوبه. والصَّرْحة : المكان ، ويقالبل هو المَتْن من الأرض. ويقال يومُ مُصرِّح ، إذا كان لا سحابَ فيه ، وهو فى شعر الطِّرِمّاح (١). والصَّرْح : بيتٌ واحدٌ يُبنى منفرداً ضخماً طويلا فى السَّماء. وكلُّ بناءٍ عالٍ فهو صرْح.
صرخ الصاد والراء والخاء أُصيلٌ يدلُّ على صوتٍ رفيع. من ذلك الصُّراخ ، يقال صرَخ يَصرُخ ، وهو إذا صوّت. ويقال الصَّارخ : المستغيث ، والصارخ : المغيث ، ويقال بل المُغيث مُصرِخ ؛ لقوله تعالى فى قصة من قال : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ).
صرد الصاد والراء والدال أصولٌ ثلاثة : أحدها البرد ، والآخر الخلوص ، والآخر القِلَّة.
فالأوَّل : الصَّرْد : البَرْد ؛ ويومٌ صرِدٌ ؛ وقد صرِد الرَّجل ورجلٌ مِصرادٌ : جَزُوع من البَرْد. والاسم الصَّرَد. قال الشاعر :
نِعْمَ شِعارُ الفتى إذا برَدَ اللَّيلُ |
|
سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ (٢) |
ومن الباب قولهم : صرِد القلبُ عن الشىء ، إذا انتهى عنه. وذلك أنَّه يسلو عنه ويُبرد ويَصرَد. والصُّرَّاد : غَيم رقيق.
__________________
(١) يعنى قوله فى ديوانه ٨٥ واللسان (صرح) :
إذا أسئل بهوى قلت ظل؟ |
|
ذرى الريح في أعقاب يوم مصرح |
(٢) أنشده الكامل فى المبرد ١٣٧ ليبسك. وبعده :
زينها الله في الفؤاد كما |
|
زين في عين والد ولد |
وأمَّا الخلوص فالصَّرْد : البَحْت الخالص. ويقال كذِبٌ صرْد. وأُحِبُّك حُبًّا صَرْداً. وشرابٌ صرْد : خالص. قال :
فإنَّ النَّبيذ الصردَ إن شُرْبَ وحْده |
|
على غير شىءٍ أوجع الكبْدَ جُوعُها (١) |
ومن الباب : صرَد السَّهمُ من الرّميَّة ، إذا نفذ حَدُّه. ونَضْلٌ صارد. وأنا أصردته ، وهو الخلوص من الرَّميَّة.
والباب الثالث : التصريد فى السّقْى دون الرِّىّ. وشرابٌ مصرّد ، أى مقلَّل. وصرَّد له العَطاء ، إذا قلَّلهُ
ومما شذَّ عن الباب الصُّرَد : طائر. والصُّرَدَانِ : عِرقانِ تحت اللِّسان.
صرط الصاد والراء والطاء وهو من باب الإبدال ، وقد ذكر فى السين ، وهو الطَّريق. قال :
أكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْرى |
|
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ (٢) |
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد
فالذى جاء منه على القياس ، الذى تقدَّم ذكره. [وأمّا المنحوت] فقولهم (الصَّعْنب) الصَّغير الرّأس ، فهذا مما زيدت فيه الباء ، وأصله الصاد والعين والنون ، وقد قلناه فى الصِّعْوَنّ ، ومضى تفسيره (٣).
ومن الباب : (اصْمَقَرَّ) اللّبنُ ، إذا اشتدَّت حُموضته. وهذا منحوتٌ من
__________________
(١) فى الأصل : «الصردان يشرب وحده» ، صوابه فى المجمل واللسان (صرد). وشرب ، هى شرب ، بالبناء للمجهول سكن منه الراء للضرورة كقوله : لو عصر منه البان والمسك انعصر.
(٢) أنشده فى المجمل واللسان (صرط).
(٣) مادة (صعن) ص ٢٨٦.
كلمتين. من صقر ومقر. أمّا مقر فهو الحامض ، ومن ذلك يقال سمكٌ ممقور. وأما صقر فمن الخُثورة ، ولذلك سمِّى الدِّبْس صقراً ، وقد مرّ.
ومن ذلك قولهم : بعير (صلخد (١)) أى صُلْب ، فاللام فيه زائدة ، وإنّما هو من صَخَد والصَّخْرةِ الصَّيْخُود ، وقد فسرناه.
ومن ذلك : (الِصَّلْقَم) ، وهو الشديد العضّ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين : من صَلَقَ ولَقَم ، كأنّه يجعل الشّىءَ كاللُّقمة. والصَّلْق من الأنياب الصَّلَقات ، وقد مضى. ومن ذلك : (الصِّرْداح) و (الصَّرْدَح) ، وهى الناقة الصُّلْبة. وهذا مما زيدت فيه الدَّال. وأصله من الصَّرْح ، وهو البناء العالى القوىّ.
ومن ذلك كلمةٌ ذكرها ابن دريد (٢) ، وهى فى القياس جيّدة صحيحة. قال : «ناقة صَيْلَخود : صُلْبة شديدة» ، وقد فسرناها فى الصّلخد.
ومن ذلك (اصمَعَدَّ) الرّجل : ذهب فى الأرض. وهذا ممّا زيدت فيه الميم. وإنّما هو من أَصْعَدَ فى الأرض ، وقد فسَّرناه.
ومن ذلك (صَلْفَع) رأسَه ، إذا حلقه. والفاء فيه زائدة ، وهو من الصَّلَع. وقال قومٌ: صلفَعَه ، إذا ضرب عنقَه. وهو قريبٌ ، إِلّا أنّ الأوّل أقْيَس.
ومن ذلك قول الأحمر : (صَلْمعتُ) الشىء ، إِذا قلعتَه من أصله. وقال الفرّاء : صَلْمَعَ رأسَه ، إِذا حلق شعْره. والميم فى الكلمتين زائدة. ويقال إِن (الصَّلْمعة) و (الصَّلْفعة): الإفلاس. وهو القياس.
__________________
(١) يقال (صَلْخَد) و (صِلَخْد) و (صِلْخَدّ).
(٢) الجمهرة (٣ : ٤٠٣).
ومن ذلك (الصِّمْرِد) : النّاقة القليلة اللَّبن ، والميم فيه زائدة. وهو من صرد. وقد قلنا إِنّ التَّصريد : التَّقليل.
ومن ذلك (الصُّمَّلِك) : الشديد القُوّة ، والكاف فيه زائدة ، والأصل الصُّمُلّ.
ومن الباب (الصَّهْصَلِق) الشَّديد الصَّوت الصّخّاب. يقال امرأة صَهْصَلِق : صخّابة. وهذا منحوتٌ من كلمتين : من صهل وصلق ، وقد ذكرناهما. قال ابنُ أحمر :
صَهْصَلِق الصّوت إذا ماغَدَتْ |
|
لم يَطْمَع الصَّقرُ بها المنكدِرْ (١) |
ومن ذلك (المصمئِلّة) : الدَّاهية. والأصل صَمَل ، وقد مضى ذكره ومن ذلك (الصّفاريت) ، وهم الفُقَراء ، الواحد صِفْريت. قال ذو الرّمّة :
ولا خُورٍ صَفَاريتِ (٢)
والتاء فيه زائدة ، وإنّما هو من الصِّفْر ، وهو الخالى.
ومن ذلك (الصَّعْنَبة) ، أى تَصَومُع الثَّريدة. والباء فيه زائدة ، وهو من المُصْعَنّ (٣) والصِّعْوَنّ ، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (الصَّمْعَرةُ (٤)) ، وهو ما غلُظ من الأرض. و (الصَّمْعَريّة) من الحيّات. الخبيثة. و (الصَّمعرىُ) : اللئيم. وقياس هؤلاء الكلماتِ واحد ، وهى
__________________
(١) فى الأصل : «إذا ما عذب* لم يطمع الصفو» ، صوابه فى المجمل.
(٢) قطعة من بيت لذى الرمة فى ملحقات ديوانه ٦٦٣ واللسان (صفر). وهو بتمامه :
بفتية كسيوف الهند لا ورع |
|
من الشباب ولا؟ صفاريت |
(٣) فى الأصل : «الصعن». تحريف.
(٤) وكذا فى المجمل. ولم تذكر فى اللسان. وذكر فى القاموس : «الصمعر».
منحوتةٌ من صَمَر ومَعَر. أمّا صمر فاشتدّ. وأمَّا معر فقلّ نبته وخَيره. وقد ذُكِر فى بابه.
ومن ذلك (الصِّمْلَاخ) : خَرْق لأُذُن ، واللام فيه زائدة ، وإنّما هو الصِّماخ ، وقد ذكرا. ومن ذلك (الصُّمَالخ) : اللبن الخاثر المتلبِّد (١). فهذا من صلخ وصمل أمّا صمل فاشتدّ ، وأمّا صَلَخ فمن الصَّمَم. فكأنّ اللّبَن إذا خثُر لم يكنْ له عند صبِّه صَوت.
ومن ذلك (الصِّقَعْل) ، وهو التَّمر اليابس (٢). وهذا من الصَّقْل. والعين فيه زائدة ، وذلك أنّه إذا يبس صار كالشَّىء الصَّقيل (٣).
ومن ذلك (الصِّلْدمَة). الفَرَس الشَّديدة. وهذه من صَلَدْ وصَدَمَ. أمَّا الصَّلْد فالشَّديد ، وهو من الصَّخْرة الصَّلْد. والصَّدْم من صَدْم الشّىء ، وقد مرّ ذكره.
فأمَّا (الصِّنْتِيت) : وهو السيِّد ، فمضى ذكرُه ؛ لأنّه من باب الإبدال ، وهو الصِّنْديد.
ومن ذلك (الصَّقْعب) : الطَّويل من الرِّجال. فهذا منحوتٌ من كلمتين من صَقَب وصَعَب. أمّا الصَّقْب فالطَّويل ، والصَّعب من الصُّعوبة.
ومن ذلك (الصَّلْهب) : الرّجُل الطَّويل. فهذا معنيان : الإبدال والزِّيادة. أمّا الإبدال فالصاد بدل السين ، وهو السَّلْهَب. وإذا كانت الهاء زائدة فهو من السَّلِب ، وهو الطَّويل.
__________________
(١) فى الأصل : «المتكبد» ، صوابه فى اللسان.
(٢) زاد فى اللسان : «ينقع فى المخض» ، وأنشد :
ترى لهم حول الصعقل عشيرة
(٣) فى الأصل : «الصفقل».
وأمَّا الذى وُضع وَضْعاً ، وهو غيرُ منقاسٍ عندى ، (فالصُّنْبور) النَّخلة تبقى منفردةً ويَدِقُّ أسفلُها. والصُّنْبور : مَثْعَب الحوض. والصُّنبور : الرَّجل الفَرْد الذى لا ولدَ له ولا أخ. والصُّنبور : القَصَبة التى تكون فى الإداوة من حديد أو رصاصٍ يُشرَب بها. وأمَّا (الصِّنَّبْر) وهو البرد الشديد ، فالنون والباء فيه زائدتان ، وهو من الصِّرّ.
ومما وُضِع وضعاً ، ولعله أن يكون كالنَّبَز : (الصَّعافقة) ، يقال الذين ليست معهم رءوس أموال ، يحضرون الأسواق فإذا اشترى واحدٌ شيئاً دخَلُوا معه فيه.
تم كتاب الصاد
كتاب الضاد
باب الضاد فى المضاعف [والمطابق]
ضع الضاد والعين فى المضاعف أصلٌ واحدٌ صحيح ، يدلُّ على الخضوع والضَّعْفِ. يقال تضعضع ، إذا ذلَّ وخَضَع. قال أبو ذؤيب :
وتجلُّدِى للشّامِتِين أرِيهِمُ |
|
أَنِّى لرَيْبِ الدَّهرِ لا أَتضعضعُ (١) |
وكلُّ ضعيفٍ ضعْضاعٌ ، إذا لم يكن ذا رأىٍ ولا قُوَّة.
ضغ الضاد والغين ليس بشىء ، ولا هو أصلاً يفرّع منه أو يقاس عليه ، لكنَّهم يقولون : إنَ الضَّغْضَغة : حكايةُ أكلِ الذئب اللحْم. وقال الخليل : الضَّغْضغة : لوك الدَّرداء. ويقولون : الضَّغَّاغة (٢) : الأحمق. والضغيعة : العجين* الرَّقيق. وأقاموا فى عيشٍ ضغيغٍ ، أى خَصيب. وليس هذا كلُّه بشىءٍ وإنْ ذُكِر.
ضف الضاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين : أحدهما الاجتماع ، والآخر القِلة والضَّعف.
[فأما الأوَّل فهو الضَّفف] ، وهو اجتماع النَّاس على الشىءِ. ويقال
__________________
(١) ديوان أبى ذؤيب ٣ والمفضليات (٢ : ٢٢٢) واللسان (ضعع).
(٢) هذا اللفظ مما انفرد به فى المجمل والمقاييس.
ماءٌ مضفوف ، إذا كثُر عليه الناس. وطعامٌ مضفوف. وفى الحديث : «أنه عليه السلام لم يشبَع من خُبزٍ ولحم إلَّا على ضَفَف». يراد بذلك كثرةُ الأيدى على الطَّعام. وقال فى الماء:
لا يَسْتَقِى فى النَّزَحِ المضفوفِ |
|
إلّا مُدَارَاتُ الغروب الجُوفِ (١) |
وجانبا النَّهْرِ : ضَفّتاه ؛ لاجتماعهما عليه. قال الخليل : ناقةٌ ضَفوفٌ ، أى كثيرة اللَّبن لا تُحلَبُ إلّا ضَفًّا. والضَّفُ : الحَلَب بالكفِّ كلِّها.
وأمّا الآخر فقولُهم : فى رأىِ فلانٍ ضَفَفٌ ، أى ضَعف. ولقيتُه على ضَفَفٍ ، أى عَجلَةٍ لم أتمكَّنْ منه.
ضك الضاد والكاف أُصَيل صحيح فيه كلمتان : امرأةٌ ضكضاكة ورجل ضكضاكٌ ، يراد به القِصَروا كتنازُ اللَّحم. والكلمة الأخرى : الضَّكْضَكة سُرعة المَشْى.
ضل الضاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على معنًى واحد ، وهو ضَياع الشىء وذهابُه فى غير حَقِّه. يقال ضَلّ يَضِلّ ويَضَلّ ، لغتان. وكلُّ جائرٍ عن القصد ضالٌ. والضَّلَال والضَّلَالَة بمعنى. ورجلٌ ضِلِّيل ومُضلَّل ، إِذا كان صاحبَ ضَلَالٍ وباطل. وممّا يدُلُّ على أنّ أصل الضّلَال ما ذكرناه ، قولُهم أُضِلّ الميّتُ ، إذا دُفِن. وذاكَ كأنَّهُ شىءٌ قد ضاع. ويقولون: ضَلَ اللّبَنُ فى الماء ، ثم يقولون استُهْلِك. وقال فى أُضِلَ الميّت :
وآبَ مُضِلُّوه بعينٍ جَلِيَّةٍ |
|
وغودِرَ بالجَوْلان حَزمٌ ونائلُ (٢) |
__________________
(١) الرجز فى اللسان (ضفف).
(٢) البيت للنابغة ، كما أسلفت فى حواشى (جول).
قال ابنُ السكِّيت : يقال أضلَلْتُ بعيرى ، إذا ذَهبَ منك ؛ وضللت المسجد والدَّارَ، إذا لم تهتدِ لهما. وكذلك كلُّ شىء مُقِيمٍ لا يُهتَدَى له. ويقال : أرضٌ مَضِلّة ومَضَلّة. ووقعوا فى وادى تُضَلِّلَ ، إذا وَقعوا فى مَضِلَّة.
ضم الضاد والميم أصلٌ واحد يدلُّ على مُلاءَمةٍ بين شيئين. يقال ضَمَمت الشّىء إلى الشىء فأنا أضُمُّه ضمًّا. وهذه إضْمامةٌ من خَيل ، أى جماعة. وفرسٌ سَبّاق الأضاميم ، أى الجماعات. وإضمامةٌ من كُتُب مثل إضْبارة.
ومن الباب : أسد ضَمْضَم وضُماضِمٌ : يضمُ كلَّ شىء.
ضن الضاد والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على بُخْلٍ بالشىء. يقال ضَنِنْتُ بالشّىءِ أضَنُ به ضَنًّا وضَنانةً ، ورجلٌ ضَنين. وهذا عِلْقُ مَضَنَّةٍ ومَضِنّة ، إذا كان نفيساً يُضَنُ به. وفلانٌ ضِنِّى مِن بين إخوانى ، إذا كان النّفِيسَ الذى يُضَنُ به. وربما قالوا ضَنَنْت بفتح النون.
ضأ الضاد والهمزة كلمة صحيحة ، وهى الضِّئْضئُ ، وهو الأصل. وفى الحديث : «يخرج من ضِئْضىءِ هذا قومٌ يمرُقون من الدِّين (١)».
وأمّا الضاد والحرف المعتلّ فهو يدلُّ على صِياحٍ وجَلَبة. من ذلك الضَّوَّة والضَّوضاة(٢): أصوات النّاس وجَلَبتهم. يقال ضَوْضَوْا بلا همز.
ضب الضاد والباء أصلٌ واحد يدلُّ عُظْمُه على الاجتماع. قال
__________________
(١) فى اللسان : «وفى الحديث أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم فقال له : عدل فإنك لم تعدل. فقال : يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».
(٢) والضوضاء ، بالهمز أيضا.
أبو زيد : أضَبّ القومُ إضباباً ، إذا تكلّموا جميعاً. ثمّ يُحْمَل على هذا الأصلِ أكثرُ الباب. من ذلك ضَبَّة الحديد ، والجمع ضَبَّات. والضَّبّ : الغِلُّ فى القلب. وقد أَضَبَ على غِلٍّ فى صدره ، إذا جَمَعه فى صدره. ومنه الضَّبَاب ، وهو الذى كأنّه غبارٌ يجتمع فيَستُر. وهذا يومٌ مُضِبٌّ. وضَبِب البلدُ : كثُر ضَبابه.
ومن الباب : التَّضَبُّب ، وهو السِّمَن. والضَّبِيبة : سمنٌ ورُبٌ (١) يُجمع بينهما ، يقال ضَبِّبُوا لضبِّيكم. والضبُ من دوابِّ الأرض معروف ، وسمِّى لتجمُّع خَلْقه ولحْمِه ؛ والجمع ضِباب. وربَّما شبِّه الطَّلْع به. قال :
أطَافَ بفُحَّالٍ كأنَ ضِبابَهُ |
|
بُطونُ الموالى يومَ عِيدٍ تَغَدَّتِ |
يقول : طَلْعُها ضخمٌ كأنّه ضِبابٌ ممتلئة. ثم شَبَّه تلك الضِّبابَ ببطونِ موالٍ تغدَّوْا فتضَلَّعُوا. ويقال : وقَعْنا فى مَضَابَ مُنْكَرة ، أى قِطَعٍ من الأرض كثيرة الضِّباب. والضُّبَاضِب : الرّجل* القصير السمين. فأمّا قولهم : ضبَ النّاقة ، فهو مِثل ضَفَّها (٢) إذا حَلَبَها بالكفّ جميعاً. قال الكسائىّ : فَطَرت النّاقةَ أفطرُها ، إذا حلبتَها بطرف أصابعك. وضَبَبْتُها أضُبُّها ضبًّا ، إذا حَلَبْتَها بالكفِّ كلِّها. قال الفرَّاء : هذا هو الضَّفُّ. فأمّا الضَّبُ فأنْ تجعل إِبهامك على الخِلْف وأصابعَك على الإبهام والخِلْف معاً.
ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم : ناقة ضَبّاءُ وبعيرٌ أضبُ ، وهو وجعٌ يأخذهما
__________________
(١) فى الأصل : «وربما» ، تحريف. وفى المجمل : «والضبيبة : السمن والرب يجمع بينهما ويؤكل».
(٢) فى الأصل : «ضبها» ، صوابه فى المجمل.
فى الفِرْسِن (١). فأمّا قولُهم : ضَبّت لِثَتُه دماً ، وضبَّت يدُه إذا سالت دماً ، فليس من هذا الباب ، إِنّما هو مقلوب من بَضَ (٢) ، وقد مرّ.
ضج الضاد والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على صِياحٍ بضَجَر من ذلك ضجَ يضِجُ ضجيجا ، وضجَ القوم ضِجاجاً. قال أبو عبيد : أضجَ القوم إِضجاجاً ، إِذا جَلبُوا (٣) وصاحُوا. فإذا جزِعوا من شىءٍ وغُلِبوا قيل ضَجُّوا. وقال : الضِّجَاج : المشاغَبة والمُشارَّة. قال غيره : الضَّجُوج من الإبل ؛ التى تضجُ إِذا حُلِبَت.
ومما شذَّ عن هذا الباب : الضَّجاج (٤) ، وهو خَرَز (٥).
ضح الضاد والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على رقَّةِ شىءٍ بعينه. من ذلك الضَّحضاح : الماء إلى الكَعبَين ، سمِّى بذلك لرقّته. والضَّحضحة : تَرقرُقُ السَّراب. ومنه الضِّحّ ، وهو ضَوء الشّمس إِذا استمكَنَ من الأرض. وكان أبنُ الأعرابىِّ يقول : هو لون الشَّمس. ويقولون: جاء فلانٌ بالضِّحِ والرِّيح ، يُراد به الكَثْرة ، أى ما طلَعت عليه الشَّمس وما جرَت عليه الرِّيح. قال : ولا يقال [الضِّيح (٦)].
__________________
(١) فى الأصل : «الفرس» ، صوابه فى المجمل.
(٢) فى الأصل : «بضن».
(٣) يقال جلب ، وأجلب ، بالتشديد.
(٤) ضبطه فى القاموس كسحاب ، وفى المجمل بتشديد الجيم. وهذا اللفظ لم يرد فى اللسان.
(٥) فى القاموس : «خرزة».
(٦) التكملة من المجمل.
ضخ الضاد والخاء ليس بشىء. على أنَّهم يقولون : الضَّخّ : امتداد البَول. والمِضَخَّة: قَصَبَةٌ يرمَى بها الماء فيمتدّ.
ضد الضاد والدال كلمتان متباينتان فى القياس.
فالأولى : الضِّدّ ضِدّ الشىء. والمتضادّان : الشَّيئان لا يجوز اجتماعهما فى وقتٍ واحد ، كالليل والنَّهار.
والكلمة الأخرى الضَّدُّ ، وهو المَلْء ، بفتح الضاد ، يقال ضَدَّ القِربةَ : ملأها ، ضَدًّا.
ضر الضاد والراء ثلاثة أصول : الأوّل خلاف النَّفع ، والثانى اجتماعُ الشَّىء ، والثالث القوّة.
فالأوَّل الضَّرّ : ضدُّ النَّفْع. ويقال ضَرَّه يضُرُّه ضَرًّا. ثمَّ يحمل على هذا كلُّ ما جانَسَه أو قارَبه. فالضُّرُّ : الهُزال. والضِّرّ : تزوُّج المرأة على ضَرَّة. يقال نكحَتْ فلانةُ على ضِرّ ، أى على امرأةٍ كانت قَبْلَها. وقال الأصمعىّ : تزوّجَت المرأةُ على ضُرٍّ وضِرّ. قال : والإضرار مثلُه ، وهو رجلُ مُضِرٌّ. والضَّرَّة : اسمٌ مشتقٌّ من الضَّرِّ ، كأنَّها تضرُّ الأخرى كما تضرُّها تلك. واضطُرَّ فلانٌ إلى كذا ، من الضرورة. ويقولون فى الشِّعر «الضَّارُورة». قال ابنُ الدُّمينة :
أثيِبى أخا ضارورةٍ أشفَقَ العِدَى |
|
عليه وقَلّت فى الصديق مَعاذرُهْ (١) |
والضَّرِير : المُضارّة. وأكثر ما يُستَعمل فى الغَيْرة ؛ يقال ما أشدَّ ضريره عليها.
__________________
(١) فى الأصل : «اتتنى» ، صوابه فى اللسان (ضرر) حيث ورد البيت بدون نسبة. ولم أجد البيت فى ديوان ابن الدمينة.