معجم مقاييس اللغة - ج ٣

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٣

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

الدِّماغ ، ولذلك يقال : أصَمَّ اللهُ صَدَاه. ويقال بل هذا صَدَى الصَّوْت ، وهو الذى يُجيبك إِذا صِحْت بقُرْبِ جَبَل. وقال يصف داراً :

صَمَ صداها وعفا رسمُها

واستعحمَتْ عن منطقِ السَّائِل (١)

والصَّدَى : الرَّجُل الحسَنُ القِيام على ماله ، يقال هو صَدَى مالٍ. ولا يقال إلّا بالإضافة. والصَّدَى : العَطَش ، يقال رجلٌ صَدٍ وصادٍ ، وامرأة صادية. وتصدَّى فُلانٌ للشَّىء يستشرفه ناظراً إليه. والتَّصدية : التَّصفيق باليدين. قال الله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً). فأمَّا الصَّوادى من النَّخْل فهى الطِّوال. ويقال : صاديتُ فلاناً ، إِذا دارَيْتَه. وصاديت [فلاناً مُصاداةً : عاملتُه بمثل صَنيعه (٢)].

وإِذا كان بعد الدَّال همزة تغيَّر المعنى ، فيكون من الصَّدَإ صدأ الحديد. يقولون : صاغِرٌ صَدِئٌ من صدإ العار (٣).

صدح الصاد والدال والحاء أصَيلٌ يدلُّ على صوت. يقال صدح الدِّيك والغُراب. وكان اللِّحيانى يقول : إنّه لَصَيْدَحٌ ، أى مرتفع الصَّوت. ويقولون ـ وليس هو من هذا القياس : إِنَ الصُّدْحَة خَرَزة يُؤَخَّذ بها. ويقال الصَّدَح : الإكام (٤). والله أعلم.

__________________

(١) لامرئ القيس فى الديوان ١٤٨ واللسان (صدى).

(٢) التكملة من المجمل ، وقد بيض لها فى الأصل.

(٣) فى اللسان : «وفلان صاغر صدىء إذا لزمه صدأ العار واللوم».

(٤) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «الأزهرى : الصدحان آكام صغار صلاب الحجارة واحدها صدح».

٣٤١

باب الصاد* والراء وما يثلثهما

صرع الصاد والراء والعين أصلٌ واحد يدلُّ على سقوطِ شىءٍ إِلى الأرض عن مراس اثنين ، ثم يُحمَل على ذلك ويشتقُّ منه. من ذلك صرَعْتُ الرّجلَ صرْعاً ، وصارعتُه مصارَعَة، ورجلٌ صَرِيع. والصَّريع من الأغصان : ما تَهدَّلَ وسقط إلى الأرض ، والجمع صُرُع. وإِذا جُعِلَتْ من ذلك السّاقط قَوْسٌ فهى صَرِيع.

وأمّا المحمول على هذا فقولُهم : هما صِرْعان ، يقال إنّ معنى ذلك أنَّهما يقعان معاً. وهذا مثَلٌ وتشبيه. وكذلك مِصْراعا البابِ مأخوذانِ من هذا ، أى هما متساويان يقعان معاً. والصَّرعانِ : إبلان يختلفان فى المشْى ، فتذهب هذه وتجىء هذه لكثرتها. قال :

فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعينا لأرملةٍ

أو بائس جاء معناه كمعناه (١)

ومَصارع النَّاس : مَساقِطُهم. وقال أبو زيد : أتانا صَرْعَىِ النّهار ، غُدْوةً وعَشيّة. وهذا محمولٌ على ما ذكرناه ، من أنّ الصِرَّعَين المِثلان. والقياس فيه كلِّه واحد.

صرف الصاد والراء والفاء معظم بابِه يدلُّ على رَجْع الشىء. من ذلك صَرفْتُ القومَ صَرفاً وانصرفوا ، إِذا رجَعْتَهم فرَجَعوا. والصَّرِيف : اللّبَن ساعةَ يُحلَب ويُنصرَف به. والصَّرْف فى القُرْآن : التَّوبة (٢) ، لأنّه يُرجَع به

__________________

(١) البيت مع قرين له فى اللسان (صرع).

(٢) فى الآية ١٩ من سورة الفرقان : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً).

٣٤٢

عن رتبة المذنبين. والصَّرْفة : نجم. قال أهلُ اللغة سمِّيت صرفةً لانصراف البرد عند طلوعها. والصَّرْفة : خَرَزة يؤخَّذ بها الرِّجال ، وسمِّيت بذلك كأنَّهم يصرفون بها القلبَ عن الذى يريده منها. قال الخليل : الصَّرْف فَضْل الدِّرهم على الدِّرهم فى القِيمة. ومعنى الصَّرف عندنا أنَّه شىءٌ صُرِف إلى شىءٍ ، كأنَّ الدِّينارَ صُرِف إلى الدراهم ، أى رُجِع إليها ، إِذا أخذتَ بدلَه. قال الخليل : ومنه اشتُقَّ اسمُ الصَّيَرفىّ ، لتصريفه أحدَهما إلى الآخَر. قال : وتصريف الدَّراهِم فى البِياعات كلِّها : إنفاقُها. قال أبو عُبيدٍ : صَرْف الكلام : تزيينه والزِّيادةُ فيه ، وإنَّما سمِّى بذلك لأنّه إِذا زيِّن صرف الأسماعَ إلى استماعه. ويقال لحَدَث الدَّهْر صَرفٌ ، والجمع صُروف ، وسمِّى بذلك لأنه يتصرَّف بالناس ، أى يقلِّبهم ويردِّدهم. فأمّا حِرْمةَ الشّاءِ والبقَر والكلاب ، فيقال لها الصِّرَاف ، وهو عندنا من قياس الباب ، لأنها تَصَرَّف أى تَرَدّدَ وتُراجِع فيه. ومن الباب الصَّريف ، وهو صَوت نابِ البعير. وسمِّى بذلك لأنّه يردِّده ويرَجِّعه. فأمّا قولُ القائل :

بَنِى غُدانةَ ما إنْ أنتمُ ذهباً

ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ (١)

فقال قومٌ : أراد بالصَّريف الفِضّة. فإن كان صحيحا فسميِّت صريفاً من قولهم : صّرَفت الدِّينارَ دراهمَ ، ليس له وجهٌ غير هذا.

وممّا أحسِبَه شاذًّا عن هذا الأصل : الصَّرَفَانُ ، وهو الرَّصاص. والصَّرَفانُ فى قوله :

أمْ صرفاناً باردا شديدا (٢)

__________________

(١) البيت فى اللسان (صرف) والخزانة (٢ : ١٢٤) بدون نسبة فيهما.

(٢) من الرجز المقول على لسان الزباء. اللسان (صرف).

٣٤٣

مختلفٌ فيه ، فقال قوم هو الرَّضاص. وقال آخَرون : الصَّرَفانُ : جنس من التَّمر. وأنشدوا :

أكْلَ الزُّبد بالصَّرَفان (١)

قالوا : ولم يكن يُهدَى للزّبّاء شىءٌ من الطُّرف كان أحبَّ إليها من التَّمر. وأنشدوا :

ولما أتتْها العير قالت أباردٌ

من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ (٢)

ومما شذّ أيضاً الصِّرْف : شىء من الصِّبْغ يُصبَغ به الأديم. قال :

كمَيْتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكنْ

كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديمُ (٣)

وعلى هذا يُحمَل قولهم : شرِب الشّرابَ صِرْفاً ، إِذا لم يمزُجْه ، كأنّه تُرِك على لونِه وحُمْرته.

صرم الصاد والراء والميم أصلٌ واحدٌ صحيح مطَّرد ، وهو القَطْع. من ذلك صُرْم الهِجْران. والصَّريمة : العزيمة على الشىء ، وهو قَطْعُ كلِّ عُلْقةٍ دونَه. والصُّرام : آخر اللّبَن بعد التغزير ، إِذا احتاج الرّجل إليه حلبَه ضرورةً.

قال بشر :

ألَا أبلِغْ بنى سعدٍ* رسولاً

ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرَامُ (٤)

__________________

(١) قطعة من بيت لعمران الكلبى فى اللسان (صرف). وهو بتمامه :

أكتم حسبتم ضربنا وجلادنا

على الحجر أكل الزبد بالصرفان

(٢) البيت فى المجمل واللسان (صرف).

(٣) لسلمة بن الخرشب الأنمارى فى المفضليات (١ : ٣٨). ونسب فى اللسان (صرف) إلى الكلحبة اليربوعى.

(٤) المفضليات (٢ : ١٣٥) واللسان (صرم).

٣٤٤

وهذا مَثلٌ ، كأنّه يقول : قد بُلِغ من الشر آخِرُه وآخر الشىء عند انقطاعه. ويقال : أكل فلانٌ الصَّيْرَم ، وهى الوَجْبة ؛ لأنّه إِذا أكلها قطع سائر يومه. ويقال صَرَمْتُه صَرْماً ، بالفتح وهو المصدر ، والصُّرْم الاسم. فأمَّا الصَّريم فيقال إنّه اسمُ الصُّبح واسم اللّيل. وكيف كان فهو من القياس ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَصرِم صاحبَه وبَنصرِم عنه. قال الله تعالى : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ). يقول : احترقت فاسوادَّت كاللَّيل. فهذا فيمن قاله إنّه اللَّيل. وأمّا الصُّبح فقال بشر :

فباتَ يقول أصبِحْ ليلُ حَتّى

تَجَلّى عن صَريمتِه الظَّلامُ (١)

والصَّريم : الرَّمل ينقطع عن الجدَد والأرض الصُّلبة. والصِّرام : وقت صَرْم الأعذاق. وقد أصرَمَ النّخلُ : حان صِرامُهُ. والصِّرْمة : القطيع من الإبل نحوٌ من الثَّلاثين. والصِّرَم : القِطَع من السَّحاب ، واحدتها صِرمة. قال النابغة :

وهبَّت الريحُ من تِلقاءِ ذِى أُرُلٍ

تُزْجِى من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما (٢)

والصِّرْم : طائفةٌ من القوم ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء ، فهم أهل صَرم. والرَّجُل الصَّارم : الماضى فى الأمور كالسَّيف الصَّارم. وناقة مصرَّمة ، أى يُصَرَّم طبْيُها فيفْسُدُ الإحليل فييْبس ، فذلك أقوى لها ؛ لأنَّ اللبن لا يَخرج. ويقال إنّ التَّصريم يكون بكَىِّ خِلفَينِ. والصَّرماء : الأرض لا ماء بها. ويقال إنّ الصَّريمة الأرض المحصودُ زرعُها (٣). فأمّا قوله :

ومَوماةٍ يحَار الطَّرْفُ فيها

إِذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ (٤)

__________________

(١) المفضليات (٢ : ١٣٥) واللسان (صرم).

(٢) وكذا فى ديوانه ٦٦ ومعجم البلدان (أول). وفى اللسان : «ذى أرك» ، تحريف.

(٣) فى الأصل : «أرضها» ، وصوابه فى المجمل.

(٤) أنشده المحى فى جنى الجنتين ٢٠.

٣٤٥

فإنّ الأصرمَينِ الذِّئب والغراب ، سُمِّيا بذلك لقطعهما الأنيس.

صرى الصاد والراء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الجمع. يُقال : صَرَى الماءَ يصرِيه ، إذا جمعه. وماءٌ صَرًى : مجموع.

قال :

رأت غلاماً قد صَرَى فى فقرتهْ

ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتْه (١)

وكأَنَ الصَّرَاةَ (٢) مشتقَّة مأخوذة من هذا. وسمِّيت المُصَرَّاةُ من الشَّاء وغيرِها لاجتماع اللبن فى أخلافها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم. ومَن اشترى مصرّاةً فهو بآخر النَّظَرَين (٣) ، إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمر». ويقال صَرَيْت. ما بينهم : أصلحته ، وذلك هو القياس ؛ لأنه يجمع الكلمةَ المشتَّتةَ. وتقول : صَرَيت الرّجُل ، إذا منعته ما يريدُه. قال :

وليسَ صارِيَهُ عن ذِكرها صارِ (٤)

والقياس ذلك ؛ لأنَّه إذا مُنع الشىءَ فقد حُبِس (٥) دونه وجُمِع عنه ويقولون : صراه الله ، كما يقولون : وقاه ، أى لا نَشرَ أمرَه ، بل جَمَع مالَه. وصَرَى فلانٌ [فى يد فلانٍ ، إذا بقَى (٦)] فى يده رَهْنا محبوساً.

__________________

(١) للأغلب العجلى. وقد يسبق الكلام عليه وعلى تخريجه فى (رد ٣٨٧).

(٢) الصراة : نهران ببغداد ، الصراة الكبرى والصراة الصغرى. ياقوت.

(٣) فى اللسان : «فهو بخير النظرين».

(٤) لابن مقبل فى اللسان (صرى). وصدره :

ليس الفؤاد يراه أرضها أبدا

(٥) فى الأصل : «حين».

(٦) التكملة من المجمل.

٣٤٦

وشذَّ عن الباب الصَّرَاية : الحنظل ، فى قوله :

أَو صرَايةُ حَنْظَلِ (١)

صرب الصاد والراء والباء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الباب الذى قبله. وزاد الخليل فيه وصفاً آخر ، قال : الصرِيب : اللَّبن الذى قد حُقِن : والوَطْب مُصرَّب. وقال ابنُ دُريد : كلُّ شىءٍ أملسَ فهو صرَب. وهذا الذى قاله ابنُ دريدٍ أقْيَس ؛ لأنَّهم يسمُّون الصَّمغ الصرَب ، وينشدون :

أرض عن الخير والسُّلطانِ نائيةٌ

والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ (٢)

والصَّمغ فيه مَلاسَة. والذى قاله الخليل فَفرْعُه قولُهم للصبِّى إذا احتبس بَطْنُه : صرَب ليَسْمَن ، وذلك عند عَقْدِه شَحْمه. والصَّرَب : اللَّبَن الحامض.

صرح الصاد والراء والحاء أصلٌ منقاس ، يدلُّ على ظهور الشَّىء وبُروزه. من ذلك الشَّىء الصريح. والصريح : المحض الحسَب ، وجمعه صُرَحاء. قال الخليل : ويجمع الخليلُ على الصرائح. قال : وكلُّ خالصٍ صريح. يقال هو بَيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة. وصرَّحَ بما فى نفسه : أظهَرَه. ويقال : كأس صراحٌ ، إذا لم تُشَبْ بمِزاج. وصرَّحت الخمرُ ، إذا ذهب عنها الزَّبد.

قال الأعشى :

كُمَيتٌ تكشَّف عن حُمْرةٍ

إذا صرَّحَتْ بعد إزبادِها (٣)

__________________

(١) لامرئ القيس فى معلقته. والبيت بتمامه :

كأن سراته لدى؟ قائما

مداك عروس أو صراية حتفال

(٢) أنشده فى اللسان (صر) وإصلاح المنطق ٤٥.

(٣) فى ديوان الأعشى ٥٢ واللسان (صرح): «كميتاً».

٣٤٧

ويقال : جاء به صُرَاحا ، أى جِهارا. ولقيت فلاناً مُصارَحة وصِراحاً ، أى كِفاحا. ويقال صرَّح الحقُّ عن مَحْضه ، أى انكشف الأمرُ بعد غُيوبه. والصَّرْحة : المكان ، ويقالبل هو المَتْن من الأرض. ويقال يومُ مُصرِّح ، إذا كان لا سحابَ فيه ، وهو فى شعر الطِّرِمّاح (١). والصَّرْح : بيتٌ واحدٌ يُبنى منفرداً ضخماً طويلا فى السَّماء. وكلُّ بناءٍ عالٍ فهو صرْح.

صرخ الصاد والراء والخاء أُصيلٌ يدلُّ على صوتٍ رفيع. من ذلك الصُّراخ ، يقال صرَخ يَصرُخ ، وهو إذا صوّت. ويقال الصَّارخ : المستغيث ، والصارخ : المغيث ، ويقال بل المُغيث مُصرِخ ؛ لقوله تعالى فى قصة من قال : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ).

صرد الصاد والراء والدال أصولٌ ثلاثة : أحدها البرد ، والآخر الخلوص ، والآخر القِلَّة.

فالأوَّل : الصَّرْد : البَرْد ؛ ويومٌ صرِدٌ ؛ وقد صرِد الرَّجل ورجلٌ مِصرادٌ : جَزُوع من البَرْد. والاسم الصَّرَد. قال الشاعر :

نِعْمَ شِعارُ الفتى إذا برَدَ اللَّيلُ

سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ (٢)

ومن الباب قولهم : صرِد القلبُ عن الشىء ، إذا انتهى عنه. وذلك أنَّه يسلو عنه ويُبرد ويَصرَد. والصُّرَّاد : غَيم رقيق.

__________________

(١) يعنى قوله فى ديوانه ٨٥ واللسان (صرح) :

إذا أسئل بهوى قلت ظل؟

ذرى الريح في أعقاب يوم مصرح

(٢) أنشده الكامل فى المبرد ١٣٧ ليبسك. وبعده :

زينها الله في الفؤاد كما

زين في عين والد ولد

٣٤٨

وأمَّا الخلوص فالصَّرْد : البَحْت الخالص. ويقال كذِبٌ صرْد. وأُحِبُّك حُبًّا صَرْداً. وشرابٌ صرْد : خالص. قال :

فإنَّ النَّبيذ الصردَ إن شُرْبَ وحْده

على غير شىءٍ أوجع الكبْدَ جُوعُها (١)

ومن الباب : صرَد السَّهمُ من الرّميَّة ، إذا نفذ حَدُّه. ونَضْلٌ صارد. وأنا أصردته ، وهو الخلوص من الرَّميَّة.

والباب الثالث : التصريد فى السّقْى دون الرِّىّ. وشرابٌ مصرّد ، أى مقلَّل. وصرَّد له العَطاء ، إذا قلَّلهُ

ومما شذَّ عن الباب الصُّرَد : طائر. والصُّرَدَانِ : عِرقانِ تحت اللِّسان.

صرط الصاد والراء والطاء وهو من باب الإبدال ، وقد ذكر فى السين ، وهو الطَّريق. قال :

أكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْرى

وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ (٢)

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد

فالذى جاء منه على القياس ، الذى تقدَّم ذكره. [وأمّا المنحوت] فقولهم (الصَّعْنب) الصَّغير الرّأس ، فهذا مما زيدت فيه الباء ، وأصله الصاد والعين والنون ، وقد قلناه فى الصِّعْوَنّ ، ومضى تفسيره (٣).

ومن الباب : (اصْمَقَرَّ) اللّبنُ ، إذا اشتدَّت حُموضته. وهذا منحوتٌ من

__________________

(١) فى الأصل : «الصردان يشرب وحده» ، صوابه فى المجمل واللسان (صرد). وشرب ، هى شرب ، بالبناء للمجهول سكن منه الراء للضرورة كقوله : لو عصر منه البان والمسك انعصر.

(٢) أنشده فى المجمل واللسان (صرط).

(٣) مادة (صعن) ص ٢٨٦.

٣٤٩

كلمتين. من صقر ومقر. أمّا مقر فهو الحامض ، ومن ذلك يقال سمكٌ ممقور. وأما صقر فمن الخُثورة ، ولذلك سمِّى الدِّبْس صقراً ، وقد مرّ.

ومن ذلك قولهم : بعير (صلخد (١)) أى صُلْب ، فاللام فيه زائدة ، وإنّما هو من صَخَد والصَّخْرةِ الصَّيْخُود ، وقد فسرناه.

ومن ذلك : (الِصَّلْقَم) ، وهو الشديد العضّ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين : من صَلَقَ ولَقَم ، كأنّه يجعل الشّىءَ كاللُّقمة. والصَّلْق من الأنياب الصَّلَقات ، وقد مضى. ومن ذلك : (الصِّرْداح) و (الصَّرْدَح) ، وهى الناقة الصُّلْبة. وهذا مما زيدت فيه الدَّال. وأصله من الصَّرْح ، وهو البناء العالى القوىّ.

ومن ذلك كلمةٌ ذكرها ابن دريد (٢) ، وهى فى القياس جيّدة صحيحة. قال : «ناقة صَيْلَخود : صُلْبة شديدة» ، وقد فسرناها فى الصّلخد.

ومن ذلك (اصمَعَدَّ) الرّجل : ذهب فى الأرض. وهذا ممّا زيدت فيه الميم. وإنّما هو من أَصْعَدَ فى الأرض ، وقد فسَّرناه.

ومن ذلك (صَلْفَع) رأسَه ، إذا حلقه. والفاء فيه زائدة ، وهو من الصَّلَع. وقال قومٌ: صلفَعَه ، إذا ضرب عنقَه. وهو قريبٌ ، إِلّا أنّ الأوّل أقْيَس.

ومن ذلك قول الأحمر : (صَلْمعتُ) الشىء ، إِذا قلعتَه من أصله. وقال الفرّاء : صَلْمَعَ رأسَه ، إِذا حلق شعْره. والميم فى الكلمتين زائدة. ويقال إِن (الصَّلْمعة) و (الصَّلْفعة): الإفلاس. وهو القياس.

__________________

(١) يقال (صَلْخَد) و (صِلَخْد) و (صِلْخَدّ).

(٢) الجمهرة (٣ : ٤٠٣).

٣٥٠

ومن ذلك (الصِّمْرِد) : النّاقة القليلة اللَّبن ، والميم فيه زائدة. وهو من صرد. وقد قلنا إِنّ التَّصريد : التَّقليل.

ومن ذلك (الصُّمَّلِك) : الشديد القُوّة ، والكاف فيه زائدة ، والأصل الصُّمُلّ.

ومن الباب (الصَّهْصَلِق) الشَّديد الصَّوت الصّخّاب. يقال امرأة صَهْصَلِق : صخّابة. وهذا منحوتٌ من كلمتين : من صهل وصلق ، وقد ذكرناهما. قال ابنُ أحمر :

صَهْصَلِق الصّوت إذا ماغَدَتْ

لم يَطْمَع الصَّقرُ بها المنكدِرْ (١)

ومن ذلك (المصمئِلّة) : الدَّاهية. والأصل صَمَل ، وقد مضى ذكره ومن ذلك (الصّفاريت) ، وهم الفُقَراء ، الواحد صِفْريت. قال ذو الرّمّة :

ولا خُورٍ صَفَاريتِ (٢)

والتاء فيه زائدة ، وإنّما هو من الصِّفْر ، وهو الخالى.

ومن ذلك (الصَّعْنَبة) ، أى تَصَومُع الثَّريدة. والباء فيه زائدة ، وهو من المُصْعَنّ (٣) والصِّعْوَنّ ، وقد ذكرناه.

ومن ذلك (الصَّمْعَرةُ (٤)) ، وهو ما غلُظ من الأرض. و (الصَّمْعَريّة) من الحيّات. الخبيثة. و (الصَّمعرىُ) : اللئيم. وقياس هؤلاء الكلماتِ واحد ، وهى

__________________

(١) فى الأصل : «إذا ما عذب* لم يطمع الصفو» ، صوابه فى المجمل.

(٢) قطعة من بيت لذى الرمة فى ملحقات ديوانه ٦٦٣ واللسان (صفر). وهو بتمامه :

بفتية كسيوف الهند لا ورع

من الشباب ولا؟ صفاريت

(٣) فى الأصل : «الصعن». تحريف.

(٤) وكذا فى المجمل. ولم تذكر فى اللسان. وذكر فى القاموس : «الصمعر».

٣٥١

منحوتةٌ من صَمَر ومَعَر. أمّا صمر فاشتدّ. وأمَّا معر فقلّ نبته وخَيره. وقد ذُكِر فى بابه.

ومن ذلك (الصِّمْلَاخ) : خَرْق لأُذُن ، واللام فيه زائدة ، وإنّما هو الصِّماخ ، وقد ذكرا. ومن ذلك (الصُّمَالخ) : اللبن الخاثر المتلبِّد (١). فهذا من صلخ وصمل أمّا صمل فاشتدّ ، وأمّا صَلَخ فمن الصَّمَم. فكأنّ اللّبَن إذا خثُر لم يكنْ له عند صبِّه صَوت.

ومن ذلك (الصِّقَعْل) ، وهو التَّمر اليابس (٢). وهذا من الصَّقْل. والعين فيه زائدة ، وذلك أنّه إذا يبس صار كالشَّىء الصَّقيل (٣).

ومن ذلك (الصِّلْدمَة). الفَرَس الشَّديدة. وهذه من صَلَدْ وصَدَمَ. أمَّا الصَّلْد فالشَّديد ، وهو من الصَّخْرة الصَّلْد. والصَّدْم من صَدْم الشّىء ، وقد مرّ ذكره.

فأمَّا (الصِّنْتِيت) : وهو السيِّد ، فمضى ذكرُه ؛ لأنّه من باب الإبدال ، وهو الصِّنْديد.

ومن ذلك (الصَّقْعب) : الطَّويل من الرِّجال. فهذا منحوتٌ من كلمتين من صَقَب وصَعَب. أمّا الصَّقْب فالطَّويل ، والصَّعب من الصُّعوبة.

ومن ذلك (الصَّلْهب) : الرّجُل الطَّويل. فهذا معنيان : الإبدال والزِّيادة. أمّا الإبدال فالصاد بدل السين ، وهو السَّلْهَب. وإذا كانت الهاء زائدة فهو من السَّلِب ، وهو الطَّويل.

__________________

(١) فى الأصل : «المتكبد» ، صوابه فى اللسان.

(٢) زاد فى اللسان : «ينقع فى المخض» ، وأنشد :

ترى لهم حول الصعقل عشيرة

(٣) فى الأصل : «الصفقل».

٣٥٢

وأمَّا الذى وُضع وَضْعاً ، وهو غيرُ منقاسٍ عندى ، (فالصُّنْبور) النَّخلة تبقى منفردةً ويَدِقُّ أسفلُها. والصُّنْبور : مَثْعَب الحوض. والصُّنبور : الرَّجل الفَرْد الذى لا ولدَ له ولا أخ. والصُّنبور : القَصَبة التى تكون فى الإداوة من حديد أو رصاصٍ يُشرَب بها. وأمَّا (الصِّنَّبْر) وهو البرد الشديد ، فالنون والباء فيه زائدتان ، وهو من الصِّرّ.

ومما وُضِع وضعاً ، ولعله أن يكون كالنَّبَز : (الصَّعافقة) ، يقال الذين ليست معهم رءوس أموال ، يحضرون الأسواق فإذا اشترى واحدٌ شيئاً دخَلُوا معه فيه.

تم كتاب الصاد

٣٥٣
٣٥٤

كتاب الضاد

باب الضاد فى المضاعف [والمطابق]

ضع الضاد والعين فى المضاعف أصلٌ واحدٌ صحيح ، يدلُّ على الخضوع والضَّعْفِ. يقال تضعضع ، إذا ذلَّ وخَضَع. قال أبو ذؤيب :

وتجلُّدِى للشّامِتِين أرِيهِمُ

أَنِّى لرَيْبِ الدَّهرِ لا أَتضعضعُ (١)

وكلُّ ضعيفٍ ضعْضاعٌ ، إذا لم يكن ذا رأىٍ ولا قُوَّة.

ضغ الضاد والغين ليس بشىء ، ولا هو أصلاً يفرّع منه أو يقاس عليه ، لكنَّهم يقولون : إنَ الضَّغْضَغة : حكايةُ أكلِ الذئب اللحْم. وقال الخليل : الضَّغْضغة : لوك الدَّرداء. ويقولون : الضَّغَّاغة (٢) : الأحمق. والضغيعة : العجين* الرَّقيق. وأقاموا فى عيشٍ ضغيغٍ ، أى خَصيب. وليس هذا كلُّه بشىءٍ وإنْ ذُكِر.

ضف الضاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين : أحدهما الاجتماع ، والآخر القِلة والضَّعف.

[فأما الأوَّل فهو الضَّفف] ، وهو اجتماع النَّاس على الشىءِ. ويقال

__________________

(١) ديوان أبى ذؤيب ٣ والمفضليات (٢ : ٢٢٢) واللسان (ضعع).

(٢) هذا اللفظ مما انفرد به فى المجمل والمقاييس.

٣٥٥

ماءٌ مضفوف ، إذا كثُر عليه الناس. وطعامٌ مضفوف. وفى الحديث : «أنه عليه السلام لم يشبَع من خُبزٍ ولحم إلَّا على ضَفَف». يراد بذلك كثرةُ الأيدى على الطَّعام. وقال فى الماء:

لا يَسْتَقِى فى النَّزَحِ المضفوفِ

إلّا مُدَارَاتُ الغروب الجُوفِ (١)

وجانبا النَّهْرِ : ضَفّتاه ؛ لاجتماعهما عليه. قال الخليل : ناقةٌ ضَفوفٌ ، أى كثيرة اللَّبن لا تُحلَبُ إلّا ضَفًّا. والضَّفُ : الحَلَب بالكفِّ كلِّها.

وأمّا الآخر فقولُهم : فى رأىِ فلانٍ ضَفَفٌ ، أى ضَعف. ولقيتُه على ضَفَفٍ ، أى عَجلَةٍ لم أتمكَّنْ منه.

ضك الضاد والكاف أُصَيل صحيح فيه كلمتان : امرأةٌ ضكضاكة ورجل ضكضاكٌ ، يراد به القِصَروا كتنازُ اللَّحم. والكلمة الأخرى : الضَّكْضَكة سُرعة المَشْى.

ضل الضاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على معنًى واحد ، وهو ضَياع الشىء وذهابُه فى غير حَقِّه. يقال ضَلّ يَضِلّ ويَضَلّ ، لغتان. وكلُّ جائرٍ عن القصد ضالٌ. والضَّلَال والضَّلَالَة بمعنى. ورجلٌ ضِلِّيل ومُضلَّل ، إِذا كان صاحبَ ضَلَالٍ وباطل. وممّا يدُلُّ على أنّ أصل الضّلَال ما ذكرناه ، قولُهم أُضِلّ الميّتُ ، إذا دُفِن. وذاكَ كأنَّهُ شىءٌ قد ضاع. ويقولون: ضَلَ اللّبَنُ فى الماء ، ثم يقولون استُهْلِك. وقال فى أُضِلَ الميّت :

وآبَ مُضِلُّوه بعينٍ جَلِيَّةٍ

وغودِرَ بالجَوْلان حَزمٌ ونائلُ (٢)

__________________

(١) الرجز فى اللسان (ضفف).

(٢) البيت للنابغة ، كما أسلفت فى حواشى (جول).

٣٥٦

قال ابنُ السكِّيت : يقال أضلَلْتُ بعيرى ، إذا ذَهبَ منك ؛ وضللت المسجد والدَّارَ، إذا لم تهتدِ لهما. وكذلك كلُّ شىء مُقِيمٍ لا يُهتَدَى له. ويقال : أرضٌ مَضِلّة ومَضَلّة. ووقعوا فى وادى تُضَلِّلَ ، إذا وَقعوا فى مَضِلَّة.

ضم الضاد والميم أصلٌ واحد يدلُّ على مُلاءَمةٍ بين شيئين. يقال ضَمَمت الشّىء إلى الشىء فأنا أضُمُّه ضمًّا. وهذه إضْمامةٌ من خَيل ، أى جماعة. وفرسٌ سَبّاق الأضاميم ، أى الجماعات. وإضمامةٌ من كُتُب مثل إضْبارة.

ومن الباب : أسد ضَمْضَم وضُماضِمٌ : يضمُ كلَّ شىء.

ضن الضاد والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على بُخْلٍ بالشىء. يقال ضَنِنْتُ بالشّىءِ أضَنُ به ضَنًّا وضَنانةً ، ورجلٌ ضَنين. وهذا عِلْقُ مَضَنَّةٍ ومَضِنّة ، إذا كان نفيساً يُضَنُ به. وفلانٌ ضِنِّى مِن بين إخوانى ، إذا كان النّفِيسَ الذى يُضَنُ به. وربما قالوا ضَنَنْت بفتح النون.

ضأ الضاد والهمزة كلمة صحيحة ، وهى الضِّئْضئُ ، وهو الأصل. وفى الحديث : «يخرج من ضِئْضىءِ هذا قومٌ يمرُقون من الدِّين (١)».

وأمّا الضاد والحرف المعتلّ فهو يدلُّ على صِياحٍ وجَلَبة. من ذلك الضَّوَّة والضَّوضاة(٢): أصوات النّاس وجَلَبتهم. يقال ضَوْضَوْا بلا همز.

ضب الضاد والباء أصلٌ واحد يدلُّ عُظْمُه على الاجتماع. قال

__________________

(١) فى اللسان : «وفى الحديث أن رجلا أتى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم فقال له : عدل فإنك لم تعدل. فقال : يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية».

(٢) والضوضاء ، بالهمز أيضا.

٣٥٧

أبو زيد : أضَبّ القومُ إضباباً ، إذا تكلّموا جميعاً. ثمّ يُحْمَل على هذا الأصلِ أكثرُ الباب. من ذلك ضَبَّة الحديد ، والجمع ضَبَّات. والضَّبّ : الغِلُّ فى القلب. وقد أَضَبَ على غِلٍّ فى صدره ، إذا جَمَعه فى صدره. ومنه الضَّبَاب ، وهو الذى كأنّه غبارٌ يجتمع فيَستُر. وهذا يومٌ مُضِبٌّ. وضَبِب البلدُ : كثُر ضَبابه.

ومن الباب : التَّضَبُّب ، وهو السِّمَن. والضَّبِيبة : سمنٌ ورُبٌ (١) يُجمع بينهما ، يقال ضَبِّبُوا لضبِّيكم. والضبُ من دوابِّ الأرض معروف ، وسمِّى لتجمُّع خَلْقه ولحْمِه ؛ والجمع ضِباب. وربَّما شبِّه الطَّلْع به. قال :

أطَافَ بفُحَّالٍ كأنَ ضِبابَهُ

بُطونُ الموالى يومَ عِيدٍ تَغَدَّتِ

يقول : طَلْعُها ضخمٌ كأنّه ضِبابٌ ممتلئة. ثم شَبَّه تلك الضِّبابَ ببطونِ موالٍ تغدَّوْا فتضَلَّعُوا. ويقال : وقَعْنا فى مَضَابَ مُنْكَرة ، أى قِطَعٍ من الأرض كثيرة الضِّباب. والضُّبَاضِب : الرّجل* القصير السمين. فأمّا قولهم : ضبَ النّاقة ، فهو مِثل ضَفَّها (٢) إذا حَلَبَها بالكفّ جميعاً. قال الكسائىّ : فَطَرت النّاقةَ أفطرُها ، إذا حلبتَها بطرف أصابعك. وضَبَبْتُها أضُبُّها ضبًّا ، إذا حَلَبْتَها بالكفِّ كلِّها. قال الفرَّاء : هذا هو الضَّفُّ. فأمّا الضَّبُ فأنْ تجعل إِبهامك على الخِلْف وأصابعَك على الإبهام والخِلْف معاً.

ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم : ناقة ضَبّاءُ وبعيرٌ أضبُ ، وهو وجعٌ يأخذهما

__________________

(١) فى الأصل : «وربما» ، تحريف. وفى المجمل : «والضبيبة : السمن والرب يجمع بينهما ويؤكل».

(٢) فى الأصل : «ضبها» ، صوابه فى المجمل.

٣٥٨

فى الفِرْسِن (١). فأمّا قولُهم : ضَبّت لِثَتُه دماً ، وضبَّت يدُه إذا سالت دماً ، فليس من هذا الباب ، إِنّما هو مقلوب من بَضَ (٢) ، وقد مرّ.

ضج الضاد والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على صِياحٍ بضَجَر من ذلك ضجَ يضِجُ ضجيجا ، وضجَ القوم ضِجاجاً. قال أبو عبيد : أضجَ القوم إِضجاجاً ، إِذا جَلبُوا (٣) وصاحُوا. فإذا جزِعوا من شىءٍ وغُلِبوا قيل ضَجُّوا. وقال : الضِّجَاج : المشاغَبة والمُشارَّة. قال غيره : الضَّجُوج من الإبل ؛ التى تضجُ إِذا حُلِبَت.

ومما شذَّ عن هذا الباب : الضَّجاج (٤) ، وهو خَرَز (٥).

ضح الضاد والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على رقَّةِ شىءٍ بعينه. من ذلك الضَّحضاح : الماء إلى الكَعبَين ، سمِّى بذلك لرقّته. والضَّحضحة : تَرقرُقُ السَّراب. ومنه الضِّحّ ، وهو ضَوء الشّمس إِذا استمكَنَ من الأرض. وكان أبنُ الأعرابىِّ يقول : هو لون الشَّمس. ويقولون: جاء فلانٌ بالضِّحِ والرِّيح ، يُراد به الكَثْرة ، أى ما طلَعت عليه الشَّمس وما جرَت عليه الرِّيح. قال : ولا يقال [الضِّيح (٦)].

__________________

(١) فى الأصل : «الفرس» ، صوابه فى المجمل.

(٢) فى الأصل : «بضن».

(٣) يقال جلب ، وأجلب ، بالتشديد.

(٤) ضبطه فى القاموس كسحاب ، وفى المجمل بتشديد الجيم. وهذا اللفظ لم يرد فى اللسان.

(٥) فى القاموس : «خرزة».

(٦) التكملة من المجمل.

٣٥٩

ضخ الضاد والخاء ليس بشىء. على أنَّهم يقولون : الضَّخّ : امتداد البَول. والمِضَخَّة: قَصَبَةٌ يرمَى بها الماء فيمتدّ.

ضد الضاد والدال كلمتان متباينتان فى القياس.

فالأولى : الضِّدّ ضِدّ الشىء. والمتضادّان : الشَّيئان لا يجوز اجتماعهما فى وقتٍ واحد ، كالليل والنَّهار.

والكلمة الأخرى الضَّدُّ ، وهو المَلْء ، بفتح الضاد ، يقال ضَدَّ القِربةَ : ملأها ، ضَدًّا.

ضر الضاد والراء ثلاثة أصول : الأوّل خلاف النَّفع ، والثانى اجتماعُ الشَّىء ، والثالث القوّة.

فالأوَّل الضَّرّ : ضدُّ النَّفْع. ويقال ضَرَّه يضُرُّه ضَرًّا. ثمَّ يحمل على هذا كلُّ ما جانَسَه أو قارَبه. فالضُّرُّ : الهُزال. والضِّرّ : تزوُّج المرأة على ضَرَّة. يقال نكحَتْ فلانةُ على ضِرّ ، أى على امرأةٍ كانت قَبْلَها. وقال الأصمعىّ : تزوّجَت المرأةُ على ضُرٍّ وضِرّ. قال : والإضرار مثلُه ، وهو رجلُ مُضِرٌّ. والضَّرَّة : اسمٌ مشتقٌّ من الضَّرِّ ، كأنَّها تضرُّ الأخرى كما تضرُّها تلك. واضطُرَّ فلانٌ إلى كذا ، من الضرورة. ويقولون فى الشِّعر «الضَّارُورة». قال ابنُ الدُّمينة :

أثيِبى أخا ضارورةٍ أشفَقَ العِدَى

عليه وقَلّت فى الصديق مَعاذرُهْ (١)

والضَّرِير : المُضارّة. وأكثر ما يُستَعمل فى الغَيْرة ؛ يقال ما أشدَّ ضريره عليها.

__________________

(١) فى الأصل : «اتتنى» ، صوابه فى اللسان (ضرر) حيث ورد البيت بدون نسبة. ولم أجد البيت فى ديوان ابن الدمينة.

٣٦٠