معجم مقاييس اللغة - ج ٣

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٣

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

فأمَّا الصَّلاة من الله تعالى فالرَّحمة ، ومن ذلك الحديث : «اللهمَّ صلِّ على آل أبى أوْفى». يريد بذلك الرَّحمة.

ومما شذَّ عن الباب كلمةٌ جاءت فى الحديث : «إنَّ للشّيطان فُخوخاً ومَصَالِىَ». قال : هى الأشراك ، واحدتها مِصْلَاةٌ.

صلب الصاد واللام والباء أصلان : أحدهما يدلُّ على الشدة والقوّة ، والآخر جنس من الوَدَك.

فالأوَّل الصُّلب ، وهو الشىء الشَّديد. وكذلك سُمِّى الظَّهر صُلْباً لقوّته. ويقال إنّ الصَّلَبَ الصُّلْبُ. ويُنشَد :

فى صَلَبٍ مثلِ العِنان المُؤْدَم (١)

ومن ذلك الصَّالب من الحُمَّى ، وهىَ الشَّديدة. قال :

وماؤ كما العذب الذى لو شربتُه

وبى صالبُ الحمَّى إذاً لشَفَانى (٢)

وحكى الكسائىّ : صَلَبَتْ عليه الحمَّى ، إذا دامت عليه واشتدَّت ، فهو مصلوبٌ عليه.

ومن الباب الصُّلّبيَّة : حجارة المِسَنّ (٣) ، يقال سِنان مصَلَّبٌ ، أى مسنون. ومنه التَّصليب ، وهو* بلوغ الرُّطَب اليُبْس ؛ يقال صَلَّبَ ومن الباب الصَّليب ، وهو العَلَم. قال النابغة :

__________________

(١) البيت للعجاج كما فى إصلاح المنطق ٤٦ ، ٩٨. وليس فى ديوانه.

(٢) لطهمان بن عمرو الكلابى ، كما فى معجم البلدان (دمخ) من أبيات سبق أحدها (دمخ).

(٣) شاهده قول امرئ القيس :

كحد السنان الصلبي النحيض

أراد بالسنان : السن.

٣٠١

ظلَّت أقاطيعُ أنعامٍ مؤبّلةٍ

لدى صَلِيبٍ على الزوراء منصوبِ (١)

وأما الأصل الآخر فالصَّليب ، وهو وَدَك العَظْم. يقال اصطَلَب الرجُل ، إذا جَمَع العظامَ فاستخرج وَدَكها ليأْتدِم به. وأنشد :

وباتَ شَيخ العيال يصطلبُ (٢)

قالوا : وسمِّىَ المصلوبُ بذلك كأنَّ السِّمَن يجرى على وجهه (٣). [والصليب : المصلوب] ، ثمَّ سمِّى الشىء الذى يُصلَب عليه صَليباً على المجاورة وثوب مُصَلَّبٌ ، إذا كان عليه نقشُ صَليب. وفى الحديث فى الثوب المصلَّب ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «كان إذا رآه فى ثوبٍ قَضَبه». أى قَطَعَه. فأمَّا الذى يقال ، إنَ الصَّولبَ البَذْر يُنْثَر على وجه الأرض ثم يُكرَبُ عليه ، فمن الكلام المولّد الذى لا أصلَ له.

صلت الصاد واللام والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بروزِ الشىء ووضوحه. من ذلك الصُّلُت ، وهو الجبين الواضح ؛ يقال صَلْت الجبين ، يُمدَح بذلك. قال كُثَيِّر :

صَلْت الجبين إذا تبَّسم ضاحكاً

غلِقَتْ لضَحْكَتِه رقابُ المالِ

وهذا مأخوذٌ من السَّيف الصَّلْت والإصليت ، وهو الصَّقيل. يقال : أصْلَتَ فلانٌ سيفَه ، إذا شامهُ من قِرابِه.

__________________

(١) ديوان النابغة ١١.

(٢) للكميت الأسدى ، فى اللسان (صلب ١٦) وإصلاح المنطق ٤٦. وصدره :

واحتل يرك الشتاء منزلة

(٣) فى المجمل : «لأن ماء السمن يجرى فيه».

٣٠٢

ومن الباب الصُّلت (١) وهو السّكّين ، وجمعه أصلات ويقال : ضَرَبه بالسيف صَلْتاً وصُلْتاً. ومن الباب : الحمار الصَّلَتان ، كأنه إذا عدا انصلت ، أى تبرَّز وظَهَر. ومن الباب قولهم : جاء بمرَق يَصْلِت ، إذا كان قليلَ الدَّسَم كثيرَ الماء. وإنّما قيل ذلك لبُروز مائه وظُهوره، من قلَّة الدَّسَم على وجهه.

صلج الصاد واللام والجيم ليس بشىءٍ ، لقلّة ائتلاف الصاد مع الجيم. وحكيت فيه كلماتٌ لا أصل لها فى قديم كلام العرب. من ذلك الصَّولَج ، وهى فيما زعموا الفضَّة الجيدة. يقال هذه فضَّةٌ صوْلج. ومنه الصَّولَجان. ويقال الأصلج : الأملس الشَّديد. وكلُّ ذلك لا معنى له.

صلح الصاد واللام والحاء أصلٌ واحدٌ يدل على خِلاف الفَساد. يقال صلُح الشّىءُ يصلُح صلاحاً. ويقال صَلَح بفتح اللام. وحكى ابنُ السكّيت صلَح وصلُح. ويقال صَلَح صُلوحا. قال :

وكيف بأَطْرافى إذا ما شتمتَنى

وما بعد شَتْم الوالدَينِ صُلوحُ (٢)

وقال بعض أهل العلم : إنّ مكة تسمَّى صَلاحاً (٣)

صلخ الصاد واللام والخاء فيه كلمة واحدة. يقال إنّ الأصلَخَ الأصمّ. قال سَلَمة : قال الفرّاء : «كان الكميتُ أصمَ أصْلَخَ».

صلد الصاد واللام والدال أصلٌ واحدٌ صحيح ، يدلُّ على صلابةٍ ويُبْس. من ذلك الحجر الصَّلْد ، وهو الصُّلْب. ثم يُحمَل [عليه] قولُهم : صَلِدَ

__________________

(١) يقال بفتح الصاد وضمها.

(٢) إصلاح المنطق ١٢٤. وقال : وأطرافه : أبواه وإخوته وأعمامه وكل قريب له محرم». وفى اللسان (صلح): «بإطراقى» ، تحريف. وسيأتى فى (طرف).

(٣) ويقال أيضا : «صلاح» كقطام.

٣٠٣

الزّندُ ، إذا لم يُخرِج نارَه. وأصْلَدته أنا. ومنه الرّأْس الصَّلْد الذى لا يُنبِت شعراً ، كالأرض التى لا تنبت شيئاً. قال رؤبة :

برّاقَ أصلادِ الجبينِ الأجلهِ (١)

ويقال للبخيل أصْلَد ، فهو إمّا من المكان الذى لا يُنبت ، أو الزَّنْد الذى لا يُورِى. ويقال ناقةٌ صلودٌ ، أى بكِيئَةٌ قليلة اللّبَن غليظةُ جلدِ الضَّرع. ومنه الفَرسُ الصَّلُود ، وهو الذى لا يَعرَق. فإِذا نُتِجت النّاقةُ ولم يكن لها لبنٌ قيل ناقة مصلادٌ.

صلع الصاد واللام والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاسةٍ. من ذلك الصَّلَع فى الرّأْس ، وأصله مأخوذٌ من الصُّلَّاع ، وهو العريض من الصَّخر الأملس ، الواحد صُلَّاعة. وجبلٌ [صليع (٢)] : أملس لا ينبت شيئاً. قال عمرو ابن معديكرب :

[وزحفُ كتيبةٍ للقاء أخرى

كأنّ زهاءَها رأسٌ صليع (٣)]

ويقال للعُرفُطةِ إذا سقطت رءوسُ أغصانِها : صَلعاء. وتسمَّى الداهية صلعاء ، أى بارزة ظاهرة لا يَخفَى أمرُها. والصَّلْعة (٤) : موضع الصَّلَع من الرّأْس. والصَّلعاء من الرمال : مالا يُنبِتُ شيئاً مِن نَجْم ولا شجر. ويقال* لجنسٍ من الحيات : الأُصَيْلِع ، وهو مثل الذى جاء فى الحديث : «يجىء كنْزُ أحدهم يومَ القيامة

__________________

(١) قبله فى ديوانه ١٦٥ واللسان (جله) :

لما رأتني خلق؟

(٢) التكملة من جمهرة ابن دريد (٣ : ٧٧).

(٣) البيت ساقط من الأصل ، وليس فى المجمل. وإثباته من الجمهرة فى الموضع السالف. وفى الأصمعيات ٤٤ : «وسوق كتيبة دلفت لأخرى».

(٤) تقال بالتحريك ، وبالضم أيضا.

٣٠٤

شجاعاً أفْرَع (١)». ويريد بذلك الذى انمارَ (٢) شعَرَ رأسه ، لكثرة سِمَنه.

قال الشاعر :

قَرَى السُّمَّ حتَّى انمارَ فروةُ رأسِهِ

عن العظم صِلٌّ فاتكُ اللَّسْعِ ماردُ (٣)

صلغ الصاد واللام والغين ليس بأصلٍ ؛ لأنّه من باب الإِبدال. يقال للذى تَمَّ سِنُّه من الضّأن فى السّنَة الخامسة : صالغ. وقد صَلَغ صُلُوغاً.

صلف الصاد واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّةٍ وكَزازة. من ذلك الصَّلَف ، وهو قِلّة نَزَلِ الطَّعام (٤). ويقولون فى الأمثال : «صَلَفٌ تحتَ الرّاعِدة» ، يقال ذلك لمن يُكثِر كلامه ويَمدح نفسَه ولا خير عنده. ومن الباب : قولهم : صَلِفت المرأةُ عند زوجها ، إذا لم تَحْظَ عنده. وهى بيِّنة الصَّلَف. قال :

وآبَ إليها الحزْنُ والصَّلَفُ (٥)

__________________

(١) سبق الحديث فى مادة (شجع) ص ٣٤٨.

(٢) فى الأصل : «انماز» فى هذا الموضع والبيت التالى ، تحريف. وانمار الشعر : انتتف.

(٣) قرى السم : جمعه. وفى الأصل : «ترى» ، تحريف.

(٤) النزل ، بالتحريك وبالضم : البركة. وفى الأصل : «ترك الطعام» تحريف ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٥) من بيت للأعشى ، وهو بتمامه كما فى الديوان ٢١٠ والجمهرة (٣ : ٨١) :

إذا آب جارتها الخسناط فهما

رکضا وآب ؛لها الحزن والصلف

ويروى : «الثكل والتلف».

٣٠٥

قال الشيبانىّ : يقال للمرأة : أصلَفَ اللهُ رُفْغَها (١). وذلك أن يبغّضَها إلى زوجها.

والأصل فى هذا الباب قولهم للأرض الصُّلْبة صَلْفاء ، وللمكان الصُّلب أصلف. والصَّلِيف (٢) : عُرْض العُنُق ، وهو صلْبٌ. والصَّلِيفان : عُودانِ يعترضان على الغَبيط ثُشَدُّ بهما المَحامل. قال :

أقبُّ كأنَّ هادِيَه الصَّليفُ (٣)

فأمّا الرّجل الصَّلِف فهو من هذا ، وهو من الكَزازة وقِلّة الخير. وكان الخليل يقول : الصَّلف مجاوزة قدر الظَّرف ، والادِّعاءُ فوق ذلك.

صلق الصاد واللام والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على صيحةٍ بقوّة وصَدمةٍ وما أشبَهَ ذلك. فالصَّلْق : الصوت الشَّديد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ليس مِنَّا مَن صَلَق أو حَلَق». يريد شدّة الصِّياح عند المصيبةِ تَنزِل. والصَّلَّاق والمِصلاق : الشديد الصوت. والصَّلْقة : الصَّدْمة والوقعة المُنكَرة. قال لبيد :

فصَلَقْنا فى مُرادٍ صَلْقةً

وصُداءٍ ألحقتهم بالثَّلَلْ (٤)

قال الكسائىّ : الصَّلْقة الصِّياح ، وقد أصلَقُوا إصلاقاً. واحتجّ بهذا البيت.

__________________

(١) الرفغ ، بالضم : واحد الأرفاغ ، وهى المغابن من الآباط وأصول الفخذين. وفى الأصل : «رفعها» تحريف. وفى المجمل واللسان : «رفغك».

(٢) بدلها فى الأصل : «وهو» ، وأثبت ما فى المجمل واللسان.

(٣) صدره فى تاج العروس :

ويحمل بوه في كل هيجا

(٤) سبق البيت وتخريجه فى (١ : ٣٦٩).

٣٠٦

وقال أبو زيد : صَلَقَه بالعصا : ضرَبَه. والصَّلْق : صَدم الخَيل فى الغارة. ويقال صَلَق بنو فلانٍ بنى فلان ، إذا أوقعوا بهم فقتلوهم قتلاً ذَريعا. ويقال تصلَّقت الحاملُ ، إذا أخذها الطَّلْق فألقت بنفسها [على] جَنْبَيْها (١) مرَّةً كذا ومرَّة كذا. والفحل يُصْلِق بنا به إصلاقاً ، وذلك صَريفُه. والصَّلَقات : أنياب الإبل التى تَصلِق. قال :

لم تَبكِ حولك نِيبُها وتقاذفَتْ

صَلَقاتُها كَمنابتِ الأشجارِ (٢)

فأمّا القاع المستدير فيقال له الصَّلَق ، وليس هو من هذا ، لأنّه من باب الإِبدال وفيه يقال السَّلَق ، وقد مضى ذِكره. وينشد بيت أبى دؤاد بالسين والصاد :

تَرى فاه إذا أقب

ل مثل الصَّلَقِ الجَدْبِ (٣)

ولا أنكر أن يكون هذا البابُ كلُّه محمولاً على الإبدال. فأمّا الصَّلائق فيقال هو الخبز الرّقيق ، الواحدة صليقة ، فقد يقال بالراء الصريقة ، ويقال بالسين السَّلائق. ولعلَّه من المولّد.

__________________

(١) فى الأصل : «جبينها» ، وتصحيحها والتكملة قبلها من المجمل واللسان.

(٢) فى الأصل : «لمنابت الأشجار» ، صوابه من اللسان (صلق).

(٣) البيت مع قرين له فى اللسان (صلق).

٣٠٧

باب الصاد والميم وما يثلثهما

صمى الصاد والميم والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على السُّرعة فى الشىء. يقال للرَّجُل المبادِر إلى القتال شَجاعةً : هو صَمَيانٌ. وهو من الصَّمَيان وهو الوثْب والتقلُّب. ويقال انصمى الطائر ، إذا انقضَّ. ويقال أصمى الفَرسُ ، إِذا مضى على وجْهه عاضًّا على لجامه.

ومن الباب : رمى الرَّجُل الصّيدَ فأصمى ، إذا قتله مكانه ، وهو خلاف أنْمَى.

صمت الصاد والميم والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على إبهام وإغلاق. من ذلك صَمَت الرّجُل ، إذا سكَتَ ، وأَصْمَت أيضاً. ومنه قولهم : «لقيتُ فلانا ببلدة إِصْمِتَ» ، وهي القَفر التى لا أحدَ بها ، كأنها صامتةٌ ليس بها ناطق. ويقال : «ما له صامتٌ ولا ناطق». فالصَّامت : الذّهب والفِضّة. والنَّاطق : الإِبل والغنَم والخيل. والصَّمُوت : الدِّرْع* الليِّنة التى إذا صَبَّها (١) الرَّجُل على نفسه لم يُسمَع لها صوت. قال :

وكلِ صموتٍ نثرةٍ تُبّعيَّةٍ

ونسج سْليمٍ كل قَضَّاءَ ذائلِ (٢)

وبابٌ مُصْمَت : قد أُبْهِم إغلاقه. والصامت من اللبن : الخاثر ؛ وسمِّى بذلك لأنه إذا كان كذا فأفرغ فى إناءٍ لم يُسمع له صوت. ويقال : بِتُّ على صِمات ذاكَ ، أى على قَصْده. فيمكن أن يكون شاذًّا ، ويمكن أن يكون من الإِبدال ، كأنّه مأخوذٌ من السَّمْت ، وهى الطَّريقة. قال :

__________________

(١) صبها ، أى لبسها. وفى الأصل : «صلبها» ، تحريف. وفى المجمل : «إذا صبت».

(٢) البيت للنابغة فى ديوانه ٦٤ واللسان (صمت). ورواية الديوان واللسان : «نثلة» وهما سيان.

٣٠٨

وحاجةٍ بتُّ على صِمَاتِها (١)

أتيتُها وَحْدِىَ من مَأْتاتها

ويقال : رمَاه بصِماتِهِ ، أى بما أصمته. وأعطى الصَّبىَ صُمْتَةً ، أى ما يسكّنه.

صمج الصاد والميم والجيم ليس بشىء ، على أنَّهم يقولون : الصَّمَج : القناديل ، الواحدة صَمَجة. وينشدون :

والنَّجم مثل الصَّمَج الرُّوميَّاتْ (٢)

صمح الصاد والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على قوّةٍ فى الشىء ، أو طُول. يقال الصَّمَحْمَح : الطَّويل. ويقولون إنّ الصُّمَاح الكىّ. والصُّمَاح : النَّتن والصِّمحاءَةُ : المكان الخَشن.

صمخ الصاد والميم والخاء أصلٌ واحد وكلمة واحدة ، وهو الصِّماخ : خَرْق الأُذُن. يقال صَمَخْتُه ، إذا ضربتَ صِماخَه.

صمد الصاد والميم والدال أصلان : أحدهما القَصْد ، والآخَر الصَّلابة فى الشَّىء.

فالأوَّل : الصَّمْد : القصد. يقال صَمَدتُه صَمْداً. وفلان مُصَمَّدٌ ، إذا كان سيِّداً يُقصَد إليه فى الأمور. وصَمَدٌ أيضاً. والله جلّ ثناؤه الصَّمد ؛ لأنه يَصْمِد إليه عبادُه بالدُّعاء والطَّلَب. قال فى الصَّمَد (٣) :

__________________

(١) البيت فى اللسان (صمت ٣٦١).

(٢) البيت للشماخ ، كما فى اللسان (صمج). وفى ديوانه ١٠٣ أرجوزة البيت وليس فيها البيت.

(٣) بدله فى المجمل : «أنشدنى أبى رحمه الله».

٣٠٩

علوتُه بحُسامٍ ثم قلتُ له

خذْها حُذَيفُ فأنت السيِّد الصّمَدُ (١)

وقال فى المصَمَّد طرَفَة :

وإنْ يلتقِى الحىُّ الجميعُ تُلاقِنِى

إِلى ذِروة البيت الرَّفيع المصمَّدِ (٢)

والأصل الآخر الصَّمْد ، وهو كلُّ مكان صُلْب. قال أبو النَّجم :

يغادِرُ الصَّمْدَ كظَهْر الأجزَلِ (٣)

صمر الصاد والميم والراء ، قال ابن دريد (٤) : فعلٌ ممات ، وهو أصل بناء الصَّمير. يقال رجل صَمِير : يابس اللَّحم على العِظام.

ويقال الصَّمْر : النَّتْن. ويقال المتصمِّر : المتشمِّس. ويقولون : لقيتُه بالصُّمَير ، أى وقتَ غُروب الشّمس. وفى كلِّ ذلك نظَر.

صمع الصاد والميم والعين أصلٌ واحد ، يدلُّ على لطافةٍ فى الشَّىء وتضامٍّ. قال الخليلُ وغيره : كلُّ منضمٍّ فهو متصمِّع. قال : ومن ذلك اشتقاق الصَّومعة. ومن ذلك الصَّمع فى الأذُنَين. يقال هو أصمعُ ، إذا كان ألصق (٥) الأذنين. ويقال : قلبٌ أصمع ، أى لطيف ذكىّ. ويقال للبُهمَى إِذا ارتفعت ولم تتفَقأ : صَمْعاء. وذلك أنَّها [إذا] كانت كذا كانت منْضَمَّةً لطيفة. وإذا تلطَّخ الشَّىءُ بالشىء فتجمَّعَ كريش السَّهم فهو متصمِّع. قال :

__________________

(١) أنشده فى اللسان (صمد) بدون نسبة.

(٢) البيت من معلقته المشهورة.

(٣) أنشده فى اللسان (صمد ، جزل). وقد سبق فى (جزل) حيث نبهت على أن صواب روايته : «تغادر» بالتاء. ويؤيد هذا الصواب أيضا أنها رويت بالتاء فى «أم الرجز» المنشورة فى مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق فى العدد ٨ سنة ١٣٤٧.

(٤) فى الجمهرة (٢ : ٣٥٩).

(٥) كذا وردت هذه التكملة. وفى المجمل : «الأصمع : اللاصق الأذنين».

٣١٠

فرمَى فأنفَذَ من نَحُوصٍ عائطٍ

سبماً فخرّ وريشُه متصمِّعُ (١)

أى متلطّخ بالدّم منْضمّ. والكلاب صُمْعُ الكعوب ، أى صِغارُها ولِطافُها. فقال النابغة.

صُمْعُ الكُعوبِ بريئاتٌ من الحَردِ (٢)

صمغ الصاد والميم والغين كلمةٌ واحدة ، هى الصَّمغ (٣).

صمك الصاد والميم والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على قوةٍ وشدة. من ذلك الصمكْمَك ، وهو القوىّ. وكذلك الصَّمكُوك : الشَّىء الشديد. والصَّمكيك : كلُّ شىءٍ لزِج كالُّلبان ونحوِه. ويقال اصْماكَ الرّجلُ ، إذا تغضّبَ (٤). وهو ذاك القياس. واصماكّ اللّبنُ ، إذا خثُر حتَّى يشتدّ فيصير كالجبْن.

صمل الصاد والميم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّة وصلابة. يقال صَمَل الشىء صُمُولاً ، إذا صلُب واشتدَّ. ورجل صُمُلٌ : شديد البَضْعة. وكان الخليل يقول : لا يقال ذلك إلّا للمجتمع السنّ. واصمأَلَ النَّباتُ ، إذا قوِى والتفّ. والصّامل من كلِّ شىءٍ : اليابس وصَمَل الشّجر ، إذا لم يجد رِيًّا فخُشن. ويقال صَمَله بالعصا ، إذا ضَرَبه. والله أعلم بالصَّواب.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوانه ٨ والمفضليات (٢ : ٢٢٥) واللسان (صمع).

(٢) صدره كما فى الديوان ١٩ واللسان (صمع) :

فيهن عليه واستمر به

(٣) الصمغ ، بسكون الميم ، وقد ثفتح.

(٤) فى الأصل : «تغضت» ، صوابه فى المجمل.

٣١١

باب الصاد والنون وما يثلثهما

صنو الصاد والنون والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على تقارُب بين شيئين ، قرابةً أو مسافة. من ذلك الصِّنو : الشَّقيق. وعمُّ الرّجل صِنوُ أبيه. وقال الخليل ، يقال فلانٌ صِنْوُ فلانٍ ، إذا كان أخاه وشقيقَه لأمِّه وأبيه. والأصل فى ذلك النَّخْلتانِ تخرجان (١) من أصلٍ واحد ، فكلُّ واحدة منهما على حيالها صِنوٌ ، والجمع صِنوانٌ. قال الله تعالى : (وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ). قال أبو زيد : ركِيَّتانِ صِنْوانِ ، وهما المتقاربتان حتى لا يكونَ بينهما من تقارُبهما حَوْض.

ومما شذَّ عن هذا الأصل الصِّنْو : مثل الرّدْهَة تُحفَر فى الأرض ، وتصغيره صُنَىٌ. قالت ليلى :

أنابِغَ لم تَنْبَغْ ولم تكُ أوَّلَا

وكنْتَ صُنَيًّا بين صُدَّيْن مَجْهَلا (٢)

صند الصاد والنون والدال أصلٌ صحيح ، يدلُّ على عظم قدْر وعظم جِسْم. من ذلك الصِّندِيد ، وهو السَّيِّد الشَّريف ، والجمع صناديد. ويقال صناديد البَرْدِ : باباتٌ منه ضِخام. وغيثٌ صِنديدٌ : عظيم القَطْر ويقال للدَّواهِى الكبارِ صناديد. ويروى عن الحسن فى دعائه : «نَعوذُ بك من صناديد القَدَر». أى دواهِيه.

صنر الصاد والنون والراء ليس بأصلٍ ، ولا فيه ما يعوَّل عليه

__________________

(١) فى الأصل : «تخرج».

(٢) أنشده فى اللسان (صنا). تقوله للنابغة الجعدى.

٣١٢

لقلَّة الرّاء مع النون. على أنَّهم يقولون الصِّنَارة بلغة اليمن : الأذُن. والصِّنَارة : حديدةٌ فى المِغْزل مُعَقفَّةَ. وليس بشىء.

صنع الصاد والنون والعين أصلٌ صحيح واحد ، وهو عملُ الشىء صُنْعاً. وامرأة صَنَاعٌ ورجلٌ صَنَعٌ ، إذا كانا حاذقَين فيما يصنعانه. قال :

خَرقاء بالخيرِ لا تَهْدِى لوِجْهَتِه

وهى صَنَاعُ الأذَى فى الأهل والجارِ

والصَّنِيعة : ما اصطنعتَه مِن خير. والتصنُّع : حُسن السَّمْت. وفرسٌ صَنِيعٌ : صَنَعَه أهلُه بحُسْن القِيام عليه. والمَصانع : ما يُصنَع من بئرٍ وغيرِها للسَّقى. ومن الباب : المُصانَعة ، وهى كالرِّشْوة.

وممّا شذّ عن هذا الأصل الصِّنْع ، يقال إِنّه السَّفُّود. وقال المَرّار (١) :

صنف الصاد والنون والفاء أصلٌ صحيح مطّرد فى معنيين ، أحدهما الطّائفة من الشَّىء ، والآخر تمييز الأشياء بعضها عن بعض.

فالأوَّل الصِّنْف ، قال الخليل : الصِّنْف طائفةٌ من كلِّ شىء. وهذا صِنفٌ من الأصناف أىْ نوع. فأمّا صنفة الثَّوب (٢) فقال قوم : هى حاشيتُه. وقال آخرون : بل هى النّاحية ذات الهُدْب.

والأصل الآخَر ، قال الخليل : التَّصنيف : تمييز الأشياءِ بعضها عن بعض.

__________________

(١) كذا ورد الكلام مبتورا. وفى المجمل : «والصنع فى شعر المرار السفود». ولم أجد. شاهدا إلا قول الشاعر فى اللسان (صنع) :

صنع اليدين بحيث يكوى الأصيد

(٢) يقال صنفة ، بفتح فكسر ، وبكسر فسكون.

٣١٣

ولعلَ تصنيف الكتاب من هذا. والنريب المصنَّف من هذا ، كأنّه مُيِّزَت أبوابُه فجُعِل لكلِّ بابٍ حَيِّزُه. فأمَّا أصله فى لغة العرب فمن قولهم صَنّفَت الشّجرةُ ، إذا أخرجت ورقَها. قال ابن قَيسِ الرُّقيّات :

سَقْياً لحُلْوَانَ ذى الكُروم وما

صَنَّفَ من تينه ومن عِنَبِه (١)

صنق الصاد والنون والقاف كلمة إن صحّت. يقولون إنّ الصَّنَق : الذَّفر. وحكى بعضُهم : أصنَقَ الرجلُ فى ما له ، إذا أحسَنَ القيامَ عليه.

صنم الصاد والنون والميم كلمةٌ واحدة لا فرعَ لها ، وهى الصَّنَم. وكان شيئاً يُتَّخَذ من خشبٍ أو فضّة أو نُحاسٍ فيُعبَد.

صنج الصاد والنون والجيم ليس بشىء. والصَّنْج دَخِيل.

باب الصاد والهاء وما يثلثهما

صهو الصاد والهاء والحرف المعتلّ أُصَيْلٌ يدلُّ على علوّ. من ذلك الصَّهْوة ، وهو مَقعد الفارس مِن ظَهْر الفَرَس. والصَّهَوات : أعالى الرَّوَابِى ، ربما اتُّخِذَت فوقها بُرُوج ، الواحدة صَهْوَة. وقال الشيبانى : الصِّهاء : مناقع الماء الواحد صهوة. وهذا وإن كان صحيحاً فإنّ القياسَ أن يكون مناقِعَ فى أماكنَ عالية.

ومن الباب أن يصيب الإنسان جُرْجٌ ثم يَنْدَى دائماً ، فيقال صَهِىَ يَصْهَى ، وهو ذلك القياس ؛ لأنّه ندًى يعلو الجُرح.

__________________

(١) ديوان ابن قيس الرقيات ٨٢ واللسان (صنف).

٣١٤

صهر الصاد* والهاء والراء أصلان : أحدهما يدلُّ على قُربَى ، والآخر على إذابة شىء.

فالأوّل الصِّهْر ، وهو الخَتَن. قال الخليل : لا يقال لأهل بيت الرجل إلّا أَخْتَانٌ ، ولا لأهل بيت المرأة إِلّا أصهار. ومن العرب من يجعلهم أصهاراً كلَّهُم. قال ابن الأعرابىّ : الإصهار : التَّحَرُّم بجِوارٍ أو نَسَب أو تَزَوُّج. وفى كلِّ ذلك يُتأَوَّل قولُ القائل :

قَود الجياد وإِصهارُ الملوك وصَب

رٌ فى مواطنَ لو كانوا بها سئموا (١)

والأصل الآخر : إِذابة الشَّىء. يقال صَهَرْتُ الشَّحمةَ. والصُّهارة : ما ذاب منها. واصطهرتُ الشَّحمة. قال :

وكنتَ إذا الوِلدانُ حَانَ صهيرُهم

صَهَرَت فلم يَصْهَرْ كصهرِكَ صاهرُ (٢)

يقال صَهَرته الشّمسُ ، كأنّها أذابته. يقال ذلك للحِرباء إِذا تلألأ ظَهْرُه من شدّة الحرّ. ويقال إنّهم يقولون : لأصْهَرنَّه بيمينٍ مُرَّة. كأنه قال : لأُذِيبَنَّه.

صهد الصاد والدال والهاء بناءٌ صحيح يدلُّ على ما يقارب البابَ الذى قبله. يقولون: صَهَدَته الشّمس مثل صَهَرته الشَّمس. ثم يقال على الجِوار

__________________

(١) البيت لزهير فى ديوانه ١٦١ واللسان (صهر). وقبله :

فضله فوق أقوام وبجده

مالن ينالوا وإمن جادوا وإن كرموا

(٢) أنشده فى المجمل أيضا.

٣١٥

للسَّراب الجارى صَيْهَد. قال الهذلىُ (١) فى صيهد الحَرِّ :

وذكّرها فَيْحُ نَجْمِ الفُرو

عِ من صَيْهدِ الصَّيْفِ بَرْدَ الشَّمالِ (٢)

صهب الصاد والهاء والباء بناءٌ صحيح ، وهو لونٌ من الألوان. من ذلك الصُّهْبَة : حُمرةٌ فى الشَّعر. يقال رجلٌ أصهب. والصَّهباء : الخمْر ؛ لأنّ لونَها شبيهٌ بهذا. والمُصَهَّب من اللحم : ما اختلطت حُمرتُه ببياض الشَّحم وهو يابس. وأمّا الصُّخور فيقال لها الصَّياهِب ، فممكنٌ أن يكون ذلك اللَّون ، ويمكن أن يكون لشدتها ، أو يكون من الصَّيْخَد ويصير من باب الإبدال. ويقولون لليوم الشَّديد البرد : أصهب ، وذلك لما يعلو الأرض من الألوان.

صهل الصاد والهاء واللام أصلٌ صحيح ، وفروعه قليلة ، ولعلّه ليس فيه إِلّا صَهَل الفرس ، وفرسٌ صَهَّال.

صهم الصاد والهاء والميم أصلٌ صحيح قليل الفروع ، لكنَّهم يقولون : الصِّهْميم : السيّئ الخُلق من الإبل ، ويشبِّهون به الرّجُلَ الذى لا يثبت على رأىٍ واحد. والله أعلم.

__________________

(١) هو أمية بن أبى عائذ الهذلى. وقصيدته فى شرح السكرى للهذليين ١٨٠ ونسخة الشنقيطى ٧٩.

(٢) فى اللسان (صهر): «فأوردها فيج». وأنشده فى (فرع) بروايتنا هذه وقال : «هى فروع الجوزاء بالعين ، هو أشد ما يكون من الحر. فإذا جاءت الفروغ بالغين ، وهى من نجوم الدلو ، كان الزمان حينئذ بارداً ولا فيح يومئذ».

٣١٦

باب الصاد والواو وما يثلثهما

صوى الصاد والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ وصَلابة ويُبْس. عن ابن دريد (١) : «صَوَى الشىء ، إِذا يَبِس ، فهو صاو. ويقال صوِىَ يَصوَى». والصَّوَّانُ : حجارةٌ فيها صلابة. وربَّما استُعِير من هذا وحُمِل عليه فقيل صَوَّيْت لإبلى فَحْلاً ، إذا اخترتَه لها. ولا يكون الاختيارُ وحدَه تصويَةً ، لكن يُصنَع لذلك حتَّى يقوَى ويصلُب. قال :

صَوَّى لهاذا كِدْنَةٍ جُلْذيَّا (٢)

وهذا مشتقٌّ من التَّصوية فى الشتاء ، وذلك أن يُيَبَّس أخلافُ الشَّاة ليكون أسمَنَ لها. يقال صوّاها أصحابُها.

ومن الباب الصُّوَى ، وهى الأعلام من الحجارة. وقول من قال إنّها مُخْتَلَف الرِّياح فالأعلام لا تكون إلّا كذا. قال :

وهبَّتْ له ريحٌ بمختلَف الصُّوى (٣)

صوب الصاد والواو والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على نزولِ شىءٍ واستقرارِه قَرَارَه. من ذلك الصَّوَابُ فى القول والفعل ، كأنَّه أمرٌ نازلٌ مستقِرٌّ قرارَه. وهو خلاف الخطأ. ومنه الصَّوْب ، وهو نزول المطر. والنازل صَوٌ

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٩١).

(٢) الكدنة ، بضم الكاف وكسرها. والبيت للفقعسى ، كما فى اللسان (صوى). وأنشده فى (جلذ) بدون نسبة.

(٣) لامرئ القيس. وعجزه فى الديوان ٥٤ واللسان (ضوى) :

صبا وشمال في منازل فقال

٣١٧

أيضاً. والدّليلُ على صحّة هذا القياس تسميتُهم للصَّواب صَوْباً. قال الشاعر (١) :

ذَرِينى إنّما خطئى وصَوبِى

علىَّ وإِنما أنفقتُ مالِى (٢)

ويقال الصَّيِّب السّحاب ذو الصَّوْب. قال الله تعالى : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ). والصّوْب : النُّزول. قال :

فَلَسْتَ لأنسىٍ ولكن لمْلأَكٍ

تَنَزَّلَ من جوِّ السَّماءِ يَصوبُ (٣)

ويقال للأمر إِذا استقرَّ قرارَه على الكلام الجارى مَجرى الأمثال : «قد صابت بِقُرّ». قال طرَفة :

سادراً* أحسَبُ غَيِّى رشَداً

فتناهيتُ وقد صابَت بِقُرّ (٤)

والتَّصويب : حَدَب فى حَدور ، لا يكون إلّا كذا. فأمّا الصُّيَّابة فالخِيار من كلِّ شىء ، كأنه من الصَّوب ، وهو خالصُ ماءِ السَّحاب ، فكأنَّها مشتقّةٌ من ذلك.

صوت الصاد والواو والتاء أصلٌ صحيح ، وهو الصَّوت ، وهو جنسٌ لكلِّ ما وقَرَ فى أذُن السَّامع. يقال هذا صوتُ زَيد. ورجل صيِّت ،

__________________

(١) هو أوس بن غلفاء ، كما فى اللسان (صوب).

(٢) كذا ورد إنشاده. وصوابه : «وإن ما أهلكت مال» ، بالقافية المرفوعة الروى. وقبله كما فى اللسان :

ألا قالت أمامة يوم غول

تقطع بابن غلفاء الحبال

(٣) قال ابن برى : «البيت لرجل من عبد القيس يمدح النعمان. وقيل هو لأبى وجزة يمدح عبد الله بن الزبير ، وقيل هو لعلقمة بن عبدة».

(٤) ديوان طرفة ٧٥.

٣١٨

إذا كان شديدَ الصَّوت ؛ وصائتٌ إذا صاحَ. فأمّا قولهم : [دُعىَ (١)] فانصات (٢) ، فهو من ذلك أيضاً ، كأنه صُوِّتَ به فانفَعل من الصَّوت ، وذلك إذا أجاب. والصِّيت : الذِّكر الحسَن فى النَّاس. يقال ذهب صِيتُه.

صوح الصاد والواو والحاء أُصَيْلٌ يدلُّ على انتشارٍ فى شىء بعد يُبْس. من ذلك تصوَّحَ البقلُ ، وذلك إذا هاج وانتثَرَ بعد هَيجه. وصوَّحتْه الرِّيخ ، إذا أيبسَتْه وشققَّته وبثَرتْه. قال ذو الرّمة :

وصَوّح البَقْلَ نَآجٌ تجىءُ به

هَيْفٌ يمانيةٌ فى مرّها نَكبُ (٣)

ومن الباب أنَّهم يسمُّون عَرَق الخيل الصُّوَاح. فإن كان صحيحاً فلا يكون إلّا إذا يَبِس ، ويسمُّونه اليبيس يبيس الماء. قال الشاعر فى الصُّواح :

جلبْنَا الخيل دامِيَةً كُلَاها

يُسَنُّ على سنابكها الصُّواحُ (٤)

ثم يقال تصوَّح الشعَر ، إذا تشقَّق وتناثر.

ومما يجوز أن يُحمَل على هذا القياس الصُّوح : حائط الوادى ، وله صُوحانِ. وإنّما سُمِّى صُوحاً لأنَّه طينٌ يتناثر حتّى يصير ذلك كالحائط.

صور الصاد والواو والراء كلماتٌ كثيرةٌ متباينة الأصول. وليس هذا الباب ببابِ قياس ولا اشتقاق. وقد مضى فيما كتبناه مثله (٥).

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) فى الأصل : «وانصاتا» ، صوابه من المجمل.

(٣) ديوان ذى الرمة ١١ واللسان (صوح).

(٤) أنشده فى اللسان (صوح) بدون نسبة.

(٥) أى فى تباين أصوله.

٣١٩

ومما ينقاس منه قولُهم صِورَ يَصْوَر ، إذا مال. وصُرْت الشَّىءَ أَصُورُه ، وأصَرْتُه ، إذا أمَلته إليك. ويجىء قياسُه تَصَوَّر ، لِمَا ضُرِب ، كأنَّه مال وسَقط. فهذا هو المنقاس ، وسِوى ذلك فكلُّ كلمةٍ منفردةٌ بنفسها.

من ذلك الصُّورة صُورة كلِّ مخلوق ، والجمع صُوَر ، وهى هيئةُ خِلْقته. والله تعالى (الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ). ويقال : رجل صَيِّرٌ إذا كان جميل الصورة. ومن ذلك الصَّور : جماعةُ النَّخْل ، وهو الحائش. ولا واحدَ للصَّوْر من لفظه. ومن ذلك الصُّوار ، وهو القَطيع من البقر ، والجمع صِيران. قال :

فظَلَّ لصِيران الصَّريم غَماغِم

يُدَاعِسُها بالسَّمْهرىِّ المعلَّبِ (١)

ومن ذلك الصُّوار ، صُوار المِسْك ، وقال قوم : هو ريحُه ، وقال قوم : هو وعاؤه. ويُنشِدون بيتاً وأخلِقْ به أن يكون مصنوعاً ، والكلمتان صحيحتان :

إذا لاح الصُّوار ذكرتُ ليلَى

وأذكرُها إذا نَفَح الصّوارُ (٢)

ومن ذلك قولهم : أجِدُ فى رأسى صَوْرة ، أى حِكَّة. ومن ذلك شىءٌ حكاه الخليل ، قال : عصفور صَوَّار ، وهو الذى إذا دُعى أجابَ. وهذا لا أحسبه عربيًّا ، ويمكن إنْ صحّ أن يكون من الباب الذى ذكرناه أوّلاً ؛ لأنه يميل إلى داعِيه. فأمّا شَعَر النّاصية من الفَرَس فإنه يسمى صَوْرا. وهذا يمكن أن يكون على معنى التشبيه بصَوْر النَّخل ، وقد ذُكِرَ. قال :

كأنَّ عِرقا مائلاً من صَوْره (٣)

ويقال : الصَّارَةُ : أرض ذات شجَر.

__________________

(١) البيت لامرئ القيس فى ديوانه ٨٧ واللسان (غلب) بدون نسبة.

(٢) وكذا أنشده فى المجمل واللسان بدون نسبة.

(٣) فى اللسان (صور) :

كأن جذعا خارجا من وصوره

ما بين أذنيه إلى سنوره

٣٢٠