ومما شَذّ عن هذه الأصول المِسْحلان ، وهما حَلْقتان على طرفَىْ شَكِيم اللِّجام. والإسْحِلُ : شجر.
سحم السين والحاء والميم* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سواد. فالأسحم : [ذو] السواد ، وسوادُه السُّحْمَة. ويقال للَّيل أسحم. قال الشاعر :
رضيعَىْ لِبَانٍ ثَدْى أمٍّ تقاسما |
|
بأسحَمَ داجٍ عَوضُ لا نتفرّق (١) |
والأسحم : السحاب الأسود. قال النابغة :
بأسحَمَ دانٍ مُزْنُهُ متصوّبُ (٢)
والأسحم : القرن الأسود ، فى قول زهير :
وتَذْبيبُها عنها بأسحَمَ مِذْوَدِ (٣)
سحن السين والحاء والنون ثلاثة أصول : أحدها الكسر ، والآخَر اللَّون والهيئة ، والثالث المخالطة.
فالأوّل قولهم : سحنَتْ الحجر ، إذا كسرتَه. والمِسْحنة ، هى التى تُكسَر بها الحجارة ، والجمع مَساحن. قال الهذلىّ (٤) :
كما صَرفَتْ فوق الجُذَاذ المساحنُ (٥)
__________________
(١) للأعشى فى ديوانه ١٥٠ واللسان (سحم) وسيأتى منسوبا فى (عوض).
(٢) ليس فى ديوانه. وصدره كما فى اللسان (سحم) :
عنا آيه صوب الجنوب مع الصبا
(٣) فى الأصل : «وتذيبها» ، صوابه فى الديوان ٢٢٩ واللسان (سحم). وصدره :
نجاء مجد ليس فيه وتيرة
عنها ، أى عن نفسها. وفى اللسان : «عنه» ، تحريف.
(٤) هو المعطل الهذلى. وقد سبق إشاد البيت فى (جذ).
(٥) صدره :
وفهم بن عمرو بعلكون ضريعهم
والأصل الثانى : السَّحنة : لِينُ البَشَرة. والسَّحناء : الهيئة. وفرسٌ مُسْحَنَة (١) أى حسنة المنظر. وناسٌ يقولون : السَّحَناء على فَعَلاء بفتح العين ، كما يقولون فى ثأْداء ثَأَداء(٢). وهذا ليس بشىء ، ولا له قياس ، إنّما هو ثأْدَاء وسَحْناء على فعلاء.
وأما الأصل الثالث فقولهم : ساحَنتُك مساحنةً ، أى خالطتُك وفاوضتُك.
سحو السين والحاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على قشر شىء عن شىء ، أو أخذِ شىءٍ يسير. من ذلك سَحَوت القِرطاسَ أسحوه. وتلك السِّحاءَة (٣). وفى السماء سِحاءة من سحاب. فإذا شددته بالسِّحاءَة قلتَ سَحَيتُه ، ولو قلت سحوتُه ما كان به بأس. ويقال سَحَوت الطِّين عن وجه الأرض بالمسْحاة أسحوه سَحواً وسَحياً ، وأسحاه أيضا ، وأَسحيه : ثلاث لغات. ورجلٌ أُسْحُوانٌ : كثير الأكل كأنّه يسحو الطّعامَ عن وجه المائدة أكلاً ، حتَّى تبدُوَ المائدة. ومَطْرةٌ ساحية : تقشِر وجه الأرض.
سحب السين والحاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جرِّ شىء مبسوطٍ ومَدِّه. تقول : سحبتُ ذبلِى بالأرض سحبا. وسمِّى السّحابُ سحاباً تشبيهاً له بذلك ، كأنه ينسحب فى الهواء انسحاباً. ويستعيرون هذا فيقولون : تسحّب فلانٌ على فلانٍ ، إذا اجتَرَأ عليه ، كأنه متدّ عليه امتداداً. هذا هو
__________________
(١) ضبطت بفتح الحاء فى الأصل والمجمل. وفى اللسان بالكسر ضبط قلم ، وقيد فى القاموس «كمحسن». ثم قال : «وهى بهاء».
(٢) نسب القول إلى الفراء فى اللسان. وقال : «قال أبو عبيد : ولم أسمع أحدا يقولهما بالتحريك غيره».
(٣) السحاءة والسحاية : ما انقشر من الشىء.
القياس الصحيح. وناسٌ يقولون : السَّحْب : شدّة الأكل. وأظنُّه تصحيفاً ؛ لأنّه لا قياس له ، وإنّما هو السَّحْت.
سحت السين والحاء والتاء أصل صحيح منقاس. يقال سُحِت الشىء ، إذا استُؤصل ، وأُسْحِت. يقال سحت الله الكافر بعذابٍ ، إذا استأصله. ومال مسحوتٌ ومُسْحَت فى قول الفرزدق :
وعَضُّ زمانٍ يا ابنَ مروان لم يَدَعْ |
|
من المال إلّا مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ (١) |
ومن الباب : رجلٌ مسحوت الجوف ، إذا كان لا يشبَع ، كأنَّ الذى يبلعه يُستأصل من جوفه ، فلا يبقى. المال السُّحْت : كلُّ حرامٍ يلزمُ آكلَه المارُ ؛ وسمِّى سُحتاً لأنّه لا بقاء له. ويقال أَسْحَت فى تجارته ، إذا كَسَبَ السُّحت. وأسْحَت مالَه : أفسده.
سحج السين والحاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على قشر الشىء. يقال انْسَحج القِشر عن الشىء. وحمار مُسَحَّج ، أى مُكدَّم ، كأنهُ يكدّم حتى يُسحجَ جلدُه. ويقال بعيرٌ سَحَّاج ، إذا كان يَسحَج الأرضَ بخفّه ، كأنّه يريد قشر وجهها بخفّه ، وإذا فعل ذلك لم يلبث أن يَحْفَى. وناقة مِسحاجٌ ، إذا كانت تفعل ذلك.
__________________
(١) ديوان الفرزدق ٥٥٦ واللسان (سحت ، جلف) والخزانة (٢ : ٣٤٧) وقبله :
إليك مير المؤمنين رمت بنا |
|
هموم للمنى والهوجل المتصف |
باب السين والخاء وما يثلثهما
سخد السين والخاء والدال أصلٌ. فيه السَّخْد ، وهو الماء الذى يخرج مع الولد. ولذلك يقال : أصبح فلان مُسْخَداً ، إذا أصبح خاثِر النفس ثقيلا. وربَّما قالوا للذى يخرج من بطن المولود قبل أن يأكل : السُّخْد. وهذا مُختلَف فيه ، فمنهم من يقول سُخْد ، ومنهم من يقول بالتاء سُخْت. وكذلك حُدّثنا به عن ثَعْلب فى آخر كتابه الذى أسماه الفصيح (١). وقال بعض أهل اللُّغة : إن السُّخْد الورَم ، وهو ذلك القياس.
سخر السين* والخاء والراء أصلٌ مطّرد مستقيم يدلُّ على احتقار واستذلال. من ذلك قولنا سَخَّر الله عزّ وجلّ الشىء ، وذلك إذا ذلَّلَه لأمره وإرادته. قال الله جلّ ثناؤه : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ). ويقال رجل سُخْرةُ : يُسَخَّر فى العمل ، وسُخْرةٌ أيضا ، إذا كان يُسْخَر منه. فإن كان هو يفعل ذلك قلت سُخَرة ، بفتح الخاء والراء. ويقال سُفُنٌ سواخِرُ مَوَاخِرُ. فالسَّواخر : المُطِيعة الطيِّبة الرِّيح. والمواخر : التى تمخَر الماء تشُقّه. ومن الباب : سَخِرت منه ، إذا هزئت به. ولا يزالون يقولون : سخِرت به ، وفى كتاب الله تعالى : (فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ).
سخف السين والخاء والفاء أصلٌ مطَّرد يدلُّ على خفّة. قالوا : السُّخْفُ : الخفّة فى كلِّ شىء ، حتّى فى السَّحاب. قال الخليل : السُّخْف فى العَقل خاصة ، والسَّخافة عامّةٌ فى كلِّ شىء. ويقال وجدت سَخْفَة من جوع ، وهى خِفّةٌ تعترى الإنسانَ إِذا جاع.
__________________
(١) نص ثعلب فى آخر كتاب الفصيح ٩٨ : «ويقال له من ذوات الخف السخت والسخد».
سخل السين والخاء واللام أصلٌ مطرد صحيح ينقاس ، يدلُّ على حَقارة وضَعف. من ذلك السَّخْل من ولد الضّأن ، وهو الصّغير الضَّعيف ، والأنثى سَخلة. ومنه سَخّلتِ النَّخلة (١) ، إذا كانت ذاتَ شِيص ، وهو التَّمر الذى لا يشتدُّ نواه. والسُّخَّل : الرّجال الأراذل ، لا واحد له من لفظه. ويقال كواكبُ مَسخُولة ، إذا كانت مجهولة. وهو قول القائل :
ونحنُ الثُّرَيَّا وجَوزاؤُها |
|
ونحنُ الذّراعانِ والمِرْزمُ |
وأنتم كواكبُ مسْخُولةٌ |
|
تُرَى فى السماءِ ولا تعلمُ (٢) |
وذكر بعضُهم أنَّ هذيلاً تقول : سخَلْت الرجلَ ، إذا عبتَه.
سخم السين والخاء والميم أصلٌ مطرَّد مستقيم ، يدلُّ على اللِّين والسواد. يقال شَعرٌ سُخامىّ : أسود لَيِّن. كذا حُدِّثنا به عن الخليل. وحدّثنى علىّ بن إبراهيم القطَّان ، عن على بن عبد العزيز ، عن أبى عُبيد قال : قال الأصمعى : وأما الشَّعر السُّخام ، فهو الليِّن الحَسن ، وليس هو من السَّواد. ويقال للخمر سُخامِيَّة إذا كانت ليِّنة سَلِسَة. قال ابن السكِّيت : ثوب سُخامٌ : ليِّن. وقطنٌ سُخامٌ (٣).
قال :
قطنٌ سُخامِىٌّ بأيْدِى غُزَّلِ (٤)
__________________
(١) فى الأصل : «الناقة» ، صوابه من المجمل واللسان.
(٢) فى الأصل : «الراكب» ، صوابه من المجمل واللسان وما يقتضيه السياق.
(٣) البيتان سبق إنشادهما فى (٢ : ١٨٢) فى مادة (خسل) على أنه يقال «كواكب مخسولة».
(٤) كذا ورد إنشاده. وفى اللسان (سخم) مع نسبته إلى جندل بن المثنى الطهوى :
قطن سخام بأيادي غزل
ومما شذّ عن هذا الأصل السَّخيمة ، وهى الموجدة فى النَّفس. ويقال سَخَّم الله وجهه ، وهو من السُّخام ، وهو سواد القِدْر.
سخن السين والخاء والنون أصل صحيح مطَّرد منقاس ، يدل على حرارةٍ فى الشىء. من ذلك سخنّت الماءَ. وماءٌ سُخْن وسَخِينٌ. وتقول يوم سُخْنٌ وساخن وسُخْنانٌ ، وليلة سُخْنة وسُخْنانة. وقد سَخُن يومُنا. وسخِنَتْ عينُه بالكسر تَسخَن. وأسخن الله عينَه. ويقولون إنَّ دَمعة الغَمِّ تكون حارّة. واحتُجَّ بقولهم : أقرّ الله عينَه. وهذا كلامٌ لا بأس به. والمِسْخَنة : قُدَيرةٌ كأنَّها تَوْر. والسَّخينة : حَساءٌ يُتّخَذُ من دقيق. وقال : قريشٌ (١) يعيَّرُون بأكل السَّخينة ، ويُسَمَّون بذلك ، وهو قولهم :
يا شَدَّةً ما شدَدْنا غيرَ كاذبةٍ |
|
على سَخِينةَ لو لا اللَّيْلُ والحَرَمُ (٢) |
والتَّساخين : الخِفَاف (٣). وممكنٌ أن تكون سمِّيَت بذلك لأنها تُسَخِّن على لُبسها القَدَمَ. وليس ببعيد.
سخى السين والخاء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد ، يدلُّ على اتّساعٍ فى شىءٍ وانفراج. الأصل فيه قولهم : سَخَيْتُ القِدر وسَخَوتُها ، إذا جعلتَ لِلنارِ تحتها مَذْهباً.
__________________
(١) فى الأصل : «قوم».
(٢) البيت لخدلش بن زهير العامرى كما فى العمدة (١ : ٤٦) وحماسة ابن الشجرى ٣١. وهو أول من لقب قريشا «سخينة».
(٣) ذكر فى اللسان أن مفردها «التسخان» بالفتح ، وأنه معرب من «تَشْكَنْ» الفارسية وهو اسم غطاء من أغطية الرأس كان العلماء والموابذة يأخذونه على رءوسهم خاصة دون غيرهم ، وأن اللغويين من العرب أخطئوا فى تفسيره بالخف.
ومن الباب : سَخَاوِىُّ الأرض ، قال قوم : السَّخاوىّ : سعة المفازة. وقول بعضهم «سَخاوِى الفلا (١)» ، قال ابن الأعرابىّ : واحدةُ السخاوَىِ سَخْواةٌ. وقال أيضاً : السّخْواءُ (٢) الأرض السَّهلة. قال أهل اللغة : ومن هذا القياس : السّخاء : الجُود ؛ يقال سخا يسخُو سَخَاوةً وسَخَاء ، يمدّ ويقصر.* والسّخِىّ : الجواد.
ومما شذَّ عن الباب : السَّخا ، مقصورٌ : ظَلْع يكون من أن يثِبَ البعيرُ بالحِمْل فتعترض ريحٌ بين جِلْدِه وكَتِفه ، فيقال بعيرٌ سَخٍ.
سخب السين والخاء والباء كلمةٌ لا يقاس عليها. يقولون : السِّخاب : قِلادَةٌ من قَرنفُلٍ أو غيره ، وليس فيها من الجواهر شىء ، والجمع سُخُب.
سخت السين والخاء والتاء ليس أصلاً ، وما أحِسَب الكلام الذى فيه من محض اللغة. يقولون للشىء الصُّلب سَخْتٌ وسِخْتيتٌ. ثم يقولون أمرٌ مِسخاتٌ (٣) إذا ضعُف وذهب. وهذان مختلفانِ ، ولذلك قلْنا إنَّ البابَ فى نفسه ليس بأصل. على أنهم حكوا عن أبى زيد : اسْخَاتّ الجُرح : ذهب ورَمُه. فأما السُّخْت الذى ذكرناه عن ثعلب فى آخر كتابه ، فقد قيل إِنَّه السُّخْد (٤) وهو على ذلك من المشكوك فيه.
__________________
(١) فى المجمل «الفلاة».
(٢) فى الآصل : «السخوة» ، صوابه من المجمل.
(٣) هذه الكلمة لم أجدها فى غير المقاييس.
(٤) السخت ، بالضم ، والسخد كذلك : الماء الذى يكون على رأس الولد.
باب السين والدال وما يثلثهما
سدر السين والدال والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِبه الحَيْرة واضطراب الرأى. يقولون : السادر المتحيِّر. ويقولون سَدِرَ بصرهُ يَسْدَر ، وذلك إذا اسمدَّ وتحيَّر. ويقولون : السَّادر هو الذى لا يبالى ما صنَع ، ولا يهتمُّ بشىء. قال طرفة :
سادراً أحْسِب غَيِّى رَشَداً |
|
فتناهَيتُ وقد صَابَتْ بُقرّ (١) |
فأَمّا قولُهم : سَدَرت المرأة شَعرها ، فهو من باب الإبدال ، مثل سدلتُ ، وذلك إذا أرسلَتْه. وكذلك قولهم : «جاء يضربُ أسدرَيْه» ، وهو من الإِبدال ، والأصل فيه الصاد ، وقد ذُكر
سدع السين والدال والعين ليس بأصلٍ يُعوَّل عليه ولا يقاس عليه ، لكنّ الخليل ذكر الرجل المِسْدَع ، قال : وهو الماضى لوجهه. فإن كان كذا فهو من الإبدال ؛ لأنَّه من صَدَعت ، كأنَّه يصدع الفلاةَ صدعاً. وحكى أنَّ قائلا قال : «سلَامةً لك من كلِّ نكبة وسَدْعَةٍ (٢)» ، وقال : هى شبه النَّكبة. هذا شىء لا أصل [له].
سدف السين والدال والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إرسال شىءٍ على شىء غِطاءً له. يقال أَسْدَفَت القناعَ : أرسلتْه. والسُّدْفة : اختلاط الظَّلام والسَّديف : شحمُ السَّنام ، كأنه مُغَطٍ لما تحته ؛ وجمع السُّدْفة سُدَف. قال :
نحن بغَرس الوَدِىِّ أعلمُنا |
|
مِنَّا بركض الجياد فى السُّدَفِ (٣) |
__________________
(١) البيت فى اللسان (سدر) بدون نسبة. وهو فى ديوان طرفة ٧٥.
(٢) فى اللسان : «نقذا لك من كل سدعة» أى سلامة لك من كل نكبة.
(٣) لسعد القرقرة ، كما فى اللسان (سدف). وهو من شواهد النحو فى الجمع بين إضافة أفعل وبين من. انظر العينى (٤ : ٥٥).
وحكى ناسٌ : أسْدَف الفجر : أضاء ، فى لغةِ هَوَازنَ ، دونَ العرب. وهذا ليس بشىء ، وهو مخالفٌ القياس.
سدك السين والدال والكاف كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها. تقول : سَدِك به ، إذَا لزِمَه.
سدس السين والدال والسين أصلٌ فى العدد ، وهو قولهم السُّدُس : جزءٌ من ستَّة أجزاء. وإزارٌ سَدِيس ، أى سُداسىّ. والسِّدْس من الوِرد فى أظماء الإبل : أن تنقطع الإبل عن الوِرد خمسةَ أيام وتَرِدَ السّادسَ. وأسدَسَ البعير ، إذا ألقَى السّنّ بعد الرُّباعِيَة ، وذلك فى السنة الثامنة. فأمّا الستة فمن هذا أيضاً غير أنَّها مُدْغمة ، كأنَّها سِدْسَة.
ومما شذَّ عن هذا السُّدُوس : الطَّيلَسان. واسم الرّجل سَدُوس. قال ابن الكلبىّ : سَدوس فى شيبان بالفتح ، والذى فى طىٍ بالضمّ.
سدل السين والدال واللام أصلٌ واحد يدلُّ على نزول الشىء من علوٍ إلى سُفلٍ ساتراً له. يقال منه (١) أرخى اللَّيل سُدُولَه. وهى سُتُرُه. والسَّدْل : إرخاؤك الثّوب فى الأرض. وشَعْر مُلْسدلٌ على الظَّهر. والسُّدْل : السِّتْر. والسِّدْل : السِّمط من الجواهر ، والجمع سُدول. والقياس فى ذلك كلِّه واحد.
سدم السين والدال والميم أصلٌ فى شىءٍ لا يُهتَدى لوجهه. يقال رَكِيَّةٌ سُدُم ، إذا ادَّفَنَتْ. ومن ذلك البعير الهائج يسمَّى سَدِماً ، أَنَّه إذا هاج لم يَدرِ من حاله* شيئاً ، كالسَّكران الذى لا يَهتدى لوجهٍ. ومن ذلك قول القائل :
__________________
(١) فى الأصل : «له».
يأيُّها السَّدِم المَلوِّى رأسَه |
|
ليقودَ مِن أهل الحجاز بَرِيما (١) |
سدن السين والدال والنون أصلٌ واحد لشىء مخصوص. يقال إنَ السَّدانة الحِجابة. وسَدَنة البيت : حَجَبَتُه. ويقولون : السَّدَن (٢) السِّتر. فإنْ كان صحيحاً فهو من باب الإبدال ، والأصل السُّدْل.
سدو السين والدال والواو أصلٌ واحد يدلُّ على إهمال وذَهابٍ على وجه. من ذلك السَّدْو ، وهو ركوبُ الرأس فى السَّير. ومنه قولُه جلّ ثناؤه : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً) ، أى مُهْمَلا لا يؤمر ولا يُنهَى. قال الخليل : زَدْوُ الصِّبيان بالجوز إنَّما هو السَّدو. فإن كان هذا صحيحاً فهو من الباب ؛ لأنه يخلّيه من يده. ومن الباب : أسْدَى النّخلُ ، إذا استرخت ثَفاريقُه (٣) ، وذلك يكون كالشَّىء المخلّى من اليَدِ ، والواحدة من ذلك السَّدِية. وكان أبو عمرو يقول : هو السَّداء ممدود ، الواحدة سَداءة. قال أبو عبيد : لا أحفظ الممدود. والسَّدَى : النَّدَى ؛ يقال سَدِيَتْ ليلتُنا ، إذا كثُر نَداها. وهو من ذاك ، لأن السحاب يُهمِله ويُهمَل به.
ومن الباب السَّدَى ، وهو ما يُصطنع من عُرْف ؛ يقال أسدى فلانٌ إلى فلان معروفا. ومن الباب : تسدَّى فلانٌ أَمَتَه ، إذا أخذها من فَوقها ، كأنَّه رمى بنفسه عليها. قال :
__________________
(١) البيت لليلى الأخيلية ، كما سبق فى (١ : ٢٣٢). وانظر التحقيق هناك.
(٢) ضبط فى المجمل بسكون الدال ، وفى اللسان والقاموس بفتحها.
(٣) الثفاريق : جمع ثفروق ، كعصفور ، وهو قمع البسرة. فى الأصل : «تفاريقه» ، صوابه بالثاء المثلثة.
فَلَمَّا دنَوْتُ تسدَّيتُها |
|
فثوباً نسيتُ وثوباً أجُرّ (١) |
وقال آخر (٢) :
تَسَدَّى مع النَّوم تِمثالُها |
|
دُنُوَّ الضَّبَاب بطلٍ زُلالِ (٣) |
سدج السين والدال والجيم ، يقولون إنَّ المستعمَل منه حرفٌ واحد ، وهو التسدُّج ، يقال [رجلٌ] سدّاجٌ ، إذا قال الأباطيل وألّفها.
سدح السين والدال والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بسطٍ على الأرض ، وذلك كسَدْح القِربة المملوءة ، إذا طرَحَها بالأرض. وبها يشبَّه القتيل.
قال أبو النَّجم يصف قتيلا :
مُشَدّخَ الهامةِ أو مسدُوحا (٤)
فأما رواية المفضَّل :
بينَ الأراكِ وبين النّخل تَشدخُهم |
|
زُرق الأسنّة فى أطرافها شَبَمُ (٥) |
فيقال إنَّه تصحيف ، وإِنَّما هو «تسدحُهم». والسَّدحُ : الصَّرْع بَطْحاً على الوجه وعلى الظهر ، لا يقع قاعداً ولا متكوِّراً.
__________________
(١) البيت فى اللسان (سدا) بدون نسبة أيضا. وهو لامرئ القيس فى ديوانه ٩. ويروى : فثوب نسيب وثوب وللنحاة فى الرواية الأخيرة كلام.
(٢) لم يرو فى اللسان. وهو لأمية بن أبى عائذ الهذلى ، من قصيدة له فى شرح السكرى للهذليين ١٨٠ ونسخة الشنقيطى ٧٩.
(٣) الزلال : البارد الصافى. والرواية فى المصدرين السابقين : «مع الليل».
(٤) قبله ، كما فى اللسان (سدح) :
ثم يبيت عنده مذبوحا
(٥) البيت لخداش بن زهير ، كما فى اللسان (سدح).
وأمّا قولُهم فلانٌ سادحٌ ، أى مُخصِب ، فهو من هذا أيضاً ؛ لأنَّه إذا أخصب انسدحَ مستلقياً. وهو مَثَلٌ.
سدخ السين والدال والخاء لا أصلَ له فى كلام العرب. ولا معنَى لقول من قال : انسدخ مثل انسدح ، إذا استلقى عند الضرب أو انبطح. والله أعلم.
باب السين والراء وما يثلثهما
سرط السين والراء والطاء أصلٌ صحيح واحد ، يدلُّ على غَيبة فى مَرّ وذَهاب. من ذلك : سَرَطْت الطّعام ، إذا بَلِعْته ؛ لأنَّه إِذا سُرِطَ غاب. وبعضُ أهل العلم يقول : السِّراط مشتقٌّ من ذلك ، لأنَّ الذاهبَ فيه يغيب غيبةَ الطعام المُستَرَط. والسِّرِطْراط على فِعلّال(١) : الفالوذُ ؛ لأنَّه يُستَرط. والسُّراطُ : السّيف القاطع الماضِى فى الضَّريبة. قال الهذلىّ (٢) يصف سيفاً :
كلون المِلح ضربتُه هَبِيرٌ |
|
يُتِرُّ اللَّحمَ سَقّاطٌ سُراطِى (٣) |
سرع السين والراء والعين أصل صحيح يدلُّ على خلاف البطء. فالسَّريع : خلاف البطىء. وسَرْعَان (٤) النَّاس : أوائلهم الذين يتقدمون
__________________
(١) كذا. وصواب وزنه «فعلعال».
(٢) هو المتنخل الهذلى ، كما فى اللسان (سرط). وقصيدته فى القسم الثانى من مجموعة أشعار الهذليين ٨٩ ونسخة الشنقيطى ٤٧.
(٣) جاء «سراطى» على لفظ النسب وليس بنسب ، يقال سيف سراط وسراطى ، كما يقال أحمر وأحمرى.
(٤) يقال بفتح السين ، وبالتحريك أيضا.
سِراعا. وتقول العرب : لَسَرْعان (١) ما صنعتَ كذا ، أي ما أسرع ما صَنَعتَه. وأما السَّرْع من قُضبان الكرْم ، [فهو] أسرعُ ما يطلُع منه. ومثله السَّرَعْرَع ، ثم يشبَّه به الإنسان الرَّطيب الناعم.
سرف السين والراء والفاء* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تعدِّى الحدّ والإغفالِ أيضاً للشىء. تقول : فى الأمر سرَفٌ ، أى مجاوزَةُ القدر. وجاء فى الحديث : «الثالثة فى الوضوء شَرف ، والرَّابعة سَرف». وأمّا الإغفال فقول القائل : «مررتُ بكم فَسرِفتكم» ، أى أغفلتكم. وقال جرير :
أعطَوْا هُنيدةَ يحدُوها ثمانيةٌ |
|
ما فى عطائِهم مَنٌّ ولا سرَفُ (٢) |
ويقولون إنّ السّرَف : الجهل. والسَّرِف : الجاهل. ويحتجُّون بقول طرفة :
إنّ امرأ سرِف الفؤادِ يَرَى |
|
عسلاً بماء سحابةٍ شَتْمِى (٣) |
وهذا يرجع إلى بعض ما تقدَّم. والقياس واحد. ويقولون إنّ السَّرف أيضاً الضَّرَاوة. وفى الحديث : «إنّ للحم سَرَفاً كسَرف الخَمْر». أى ضَرَاوة. وليس هذا بالبعيد من الكلمة الأولى.
ومما شذّ عن الباب : السُّرْفة : دويْبَّة تأكل الخشَب. ويقال سَرَفت السُّرفةُ الشّجرةَ سَرْفاً ، إذا أكلَتْ ورقها ، والشجرةُ مسروفة. يقال إنّها تبنى لنفسها بيتاً
__________________
(١) يقال هذا بالفتح ، وبفتح فضم ، وبالكسر.
(٢) ديوان جرير ٣٨٩ واللسان (سرف).
(٣) ديوان طرفة ٦١ واللسان (سرف).
حسناً. ويقولون فى المثل : «أصنَعُ من سُرْفة (١)».
سرق السين والراء والقاف أصلٌ يدلُّ على أخْذ شىء فى خفاء وسِتر. يقال سَرَق يَسْرق سَرِقةً. والمسروق سَرَقٌ. واستَرَق السّمع ، إذا تسمَّع مختفياً. ومما شذّ عن هذا الباب السَّرَق : جمع سَرَقة ، وهى القطعة من الحرير.
سرو السين والراء والحرف المعتل بابٌ متفاوت جدًّا ، لا تكاد كلمتان منه تجتمعان فى قياسٍ واحد. فالسَّرو : سخاءٌ فى مروءة ؛ يقال سَرِى وقد سَرُو. والسَّرْو : محلّة حمير. قال ابن مقبل :
بِسَرْوِ حِميرَ أبوالُ البِغال به |
|
أنّي تسدّيتِ وهناً ذلك البِينا (٢) |
والسَّرْو : كشْف الشّىءِ عن الشىء. سرَوت عنّى الثوبَ أى كشفتُه. وفى الحديث فى الحَسَاء (٣) : «يَسْرُو عن فؤاد السَّقيم (٤)». أى يكشف. وقال ابن هَرْمة :
سَرَى ثَوبَه عنك الصِّبا المتخايلُ |
|
وقَرَّبَ للبَينِ الحبيبُ المزايلُ (٥) |
ولذلك يقال سُرِّى عنه. والسِّروة : دويْبَّة (٦) ، يقال أرض مسرُوّة ، من السِّروة إذا كثُرت بالأرض. والسّاريَة : الأسطُوانة. والسُّرَى : سير اللَّيل ، يقال سَرَيْت وأسريت. قال :
أسْرَتْ إليك ولم تكن تَسْرِى (٧)
__________________
(١) انظر الحيوان (١ : ٢٢٠ / ٢ : ١٤٧ / ٦ : ٣٨٥ / ٧ : ١٠).
(٢) سبق البيت فى مادة (بول ، بين).
(٣) فى الأصل : «الحياء» ، صوابه من اللسان (١٩ : ١٠٥).
(٤) فى اللسان : «إنه يرتو فؤاد الحزين ، ويسرو عن فؤاد السقيم».
(٥) البيت فى اللسان (سرا). قرب ، أى قرب الرواحل. اللسان : «وودع».
(٦) هى الجرادة أول ما تكون وهى دودة.
(٧) لحسان بن ثابت فى ديوانه ١٦٨ واللسان (١٩ : ١٠٣). وصدره :
حي النضيرة ربة الخدر
والسَّراء : شجرٌ. وسَرَاة الشىء : ظَهْره. وسَرَاة النّهار : ارتفاعُه. وهذا الذى ذكرناه بعيدٌ بعضُه من بعض ، فلذلك لم نحمله على القياس.
وإذا همز كان أبعد ، يقال سرأت الجرادة : ألقَتْ بيضَها. فإذا حان ذلك منها قيل : أسرأتْ.
سرب السين والراء والباء أصلٌ مطرد ، وهو يدلُّ على الاتّساع والذهاب فى الأرض. من ذلك السِّرْب والسُّرْبة ، وهى القطيع من الظّباء والشاء. لأنّه ينسرب فى الأرض راعياً. ثمَّ حُمل عليه السِّرب من النّساء. قالوا : والسرْب بفتح السين ، أصله فى الإبل. ومنه تقول العرب للمطلَّقة : «اذهبى فلا أَنْدَهُ سَرْبَك» ، أى لا أردُّ إبلَك ، لتذهب حيث شاءت. فالسِّرب فى هذا الموضع : المال الرّاعى. وقال أبو زيد : يقال خلِ سرْبه ، أى طريقه يذهب حيث شاء. وقالوا : يقال أيضاً سِرْب بكسر السين. ويُنشَد بيت ذى الرّمّة :
خَلَّى لها سرْبَ أُولَاها (١)
وقال : يعنى الطريق. ويقال انسرَبَ (٢) الوحشىُّ فى سربه. ومن هذا الباب : السَّرَب والسَّرِب ، وهو الماءُ السائل من المزادة ، وقد سَرِبَ سَرَباً. قال ذو الرمّة :
ما بال عَينِكَ منها الماءُ ينسكبُ |
|
كأنّه من كُلَى مَفْرِيّةٍ سَرَبُ (٣) |
__________________
(١) البيت بتمامه كما فى الديوان ٥٨٦ واللسان (سرب ، همم) :
خلى لها سرب أولاها وهيجها |
|
من خلفها لاحق الآطال هميم |
(٢) فى الأصل : «السرب» ، صوابه من المجمل واللسان.
(٣) ديوان ذى الرمة ص ١ ـ وهو أول بيت فى ديوانه ـ واللسان (سرب). وفى الأصل : «عينيك».
بفتح الراء وكسرها. ويقال : سَرَّبت القربةَ ، إذا جعلتَ فيها ماءً حتى ينسدّ الخَرْز. والسَّرْب : الخَرْز ؛ لأن الماء ينسرب منه ، أى يخرج. والسارب. الذّاهب فى الأرض. وقد سَرَب سروباً. قال الله جلّ ثناؤه : (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) قال الشاعر :
أنّى سَرَبْتِ وكنتِ غيرَ سروبِ |
|
و* تُقَرِّبُ الأحلامُ غيرَ قريبِ (١) |
والمَسرَبة : الشّعر النابت وسط الصدر ، وإنما سمِّى بذلك لأنَّه كأنه سائل على الصدر جارٍ فيه. فأمّا قولهم : آمِنٌ فى سِرْبه ، فهو بالكسر ، قالوا : معناه آمنٌ فى نفسه. وهذا صحيح ولكن فى الكلام إضماراً ، كأنّه يقول : آمِنَة نفسه حيث سَرِب ، أى سعى. وكذلك هو واسع السِّرب ، أى الصدر. وهذا أيضاً بالكسر. قالوا : ويراد به أنّه بطئ الغضب. وهذا يرجع إلى الأصل الذي ذكرناه. يقولون : إنّ الغضب لا يأخذ فيَقْلَق ، وينسدّ عليه المذاهب.
سرج السين والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على الحسن والزِّينة والجمال. من ذلك السِّراج ، سمِّى لضيائه وحُسْنه. ومنه السرج للدّابّة ، هو زينته. ويقال سَرَّج وجهَه ، أى حَسَّنه ، كأنه جعله له كالسِّراج. قال :
وفَاحِماً ومِرْسَنِاً مُسَرَّجا (٢)
ومما يشذُّ عن هذا قولُهم للطَّريقة : سُرْجُوجَة.
__________________
(١) البيت لقيس بن الخطيم فى ديوانه ٥ واللسان (سرب).
(٢) للعجاج فى ديوانه ٨ واللسان (رسن ، سرج). والمرسن ، كمجلس ومنبر ، أصله موضع الرسن من أنف الفرس ، ثم كثر حتى قيل مرسن الإنسان ، أى أنفه.
سرح السين والراء والحاء أصلٌ مطّرد واحد ، وهو يدلُّ على الانطلاق. يقال منه أمر سريح ، إذا لم يكن فيه تعويق ولا مَطْل. ثمَّ يحمل على هذا السَّراح وهو الطَّلاق ؛ يقال سَرَّحت المرأةَ. وفى كتاب الله تعالى : (أَوْ سَرِّحُوهُنَ بِمَعْرُوفٍ). والسُّرُح : النّاقة السريعة. ومن الباب المنْسرِح ، وهو العريانُ الخارج مِن ثيابه. والسَّرْح : المال السَّائم. والسارح : الرَّاعى. ويقال السّارح : الرجل الذى له السَّرْح. وأمّا الشجرة العظيمة فهى السَّرْحة ، ولعلّه أن يكون شاذًّا عن هذا الأصل. ويمكن أن تسمَّى سَرْحة لا نسراح أغصانها وذَهابها في الجهات. قال عنترة :
بَطَلٍ كأنّ ثيابَه فى سرحَةٍ |
|
يُحذَى نِعالَ السِّبتِ ليس بتَوأمِ (١) |
ومن الباب السِّرحانُ : الذِّئب ، سمِّى به لأنّه ينسرح فى مَطالبه. وكذلك الأسدُ إذا سُمِّى سِرحانا.
وأمّا السَّريحة فقطعةٌ من الثِّياب.
سرد السين والراء والدال أصل مطرّد منقاس ، وهو بدلُّ على تَوالِى أشياءَ كثيرةٍ يتّصل بعضُها ببعض. من ذلك السَّرْد : اسمٌ جامعٌ للدروع وما أشبهها من عمل الحَلَق. قال الله جلّ جلالُه ، فى شأن داود عليه السلام : (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) ، قالوا : معناه ليكنْ ذلك مقدَّراً ، لا يكونُ الثَّقْب ضيّقاً والمِسمارُ غليظاً ، ولا يكون المسمار دقيقاً والثقب واسعاً ، بل يكون على تقدير.
__________________
(١) البيت من معلقته المشهورة.
قالوا : والزّرَّاد ، إِنّما هو السّرّاد. وقيل ذلك لقرب الراء من السين. والمِسْرَد : المِخْرز : قياسُه صحيح.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين
من ذلك (المُسْمَقِرُّ (١)) : اليوم الشديد الحرّ ، فهذا من باب السَّقَرات سَقراتِ الشّمس ، وقد مضى ذكره ، فالميم الأخيرة فيه زائدة.
ومن ذلك (السَّحْبل) : الوادى الواسع ، وكذلك القِرْبة الواسعة : سَحْبلة. فهذا منحوت من سحل إذا صبّ ، ومن سَبَل ، ومن سَحَب إذا جرى وامتدّ. وهى منحوتةٌ من ثلاث كلمات ، تكون الحاء زائدة مرَّة ، وتكون الباء زائدة ، وتكون اللام زائدة.
ومن ذلك (السَّمادِيرُ) : ضَعف البَصَر ، وقد اسمدَرَّ. ويقال هو الشَّىء يتراءَى للإِنسان من ضَعف بصره عند السُّكر من الشراب وغيرِه. وهذا ممّا زِيدت فيه الميم ، وهو من السَّدَر وهو تحيُّر البَصر ، وقد مضى ذِكره بقياسه.
ومن ذلك فرسٌ (سُرْحُوب) ، وهى الجَوادُ ، وهى منحوتةٌ من كلمتين : من سرح وسرب ، وقد مضى ذكرُهما.
__________________
(١) لم يعقد له صاحب اللسان مادة خاصة ، بل ذكره فى مادة (سقر). وأما صاحب القاموس فقد عقد له ، والوجه ما صنع صاحب اللسان فإن الميم فيه زائدة.
ومن ذلك ناقة (سِرْداحٌ) : سريعة كريمة ، فالدّال زائدة ، وإنَّما هى من سَرَحَت.
ومن ذلك (اسْلَنْطح) الشَّىء ، إذا انبسط وعَرُض (١) ، وإنّما أصلُه سطح ، وزيدت فيه* اللام والنون تعظيماً ومبالغَة.
ومن ذلك (اسَمَهدَّ) السَّنام ، إذا حسُن وامتلأ. وهذا منحوتٌ من مهد ، ومن مهدت الشّىءَ إذا وثَّرْته (٢). وقال أبو النَّجم :
وامتَهَدَ الغاربُ فِعْلَ الدُّمْلِ (٣)
ومن قولهم هو سَهْد مَهْد. وقد فسَّرناه.
ومن ذلك (السَّمْهريَّة) : الرِّماح الصِّلاب ، والهاء فيه زائدة ، وإنّما هى من السُّمْرة(٤).
ومن ذلك (المُسْلَهِبُ) : الطويل ، والهاء فيه زائدة ، والأصل السَّلِب ، وقد مضى.
ومن ذلك قولهم (اسْلهَمَ) ، إذا تغيَّر لونُه. فاللام فيه زائدة ، وإنّما هو سَهُمَ وجهه يسْهُم ، إذا تغيَّر. والأصل السُّهام.
__________________
(١) عرض يعرض عرضا ، مثل صغر يصغر صغرا.
(٢) وثرت الشىء : وطأته وسهلته. وفى الأصل : «وترته» ، تحريف.
(٣) سبق إنشاد البيت فى (دمل) وسيأتى فى (مهد).
(٤) تذكر المعاجم أن السمهرية من الرماح منسوبة إلى «سمهر» : رجل كان يصنع الرماح بالخط ، وامرأته «ردينة» التى تنسب إليها الرماح الردينية.
ومن ذلك العجوز (السَّمْلَق) : السَّيئة الخُلُق ، والميم فيه زائدةٌ ، وإنّما هى من السِّلْقة.
ومن ذلك (السَّرطَمِ) : الواسع الحَلْقِ ، والميم فيه زائدة ، وإنَّما هو من سَرِطَ ، إذا بَلِع.
ومن ذلك (السَّرمَد) : الدائم ، والميم فيه زائدة ، وهو من سَردَ ، إذا وَصل ، فكأنّه زمان متّصل بعضُه ببعض.
ومن ذلك (اسْبَغَلّ) الشّىءُ اسبِغْلالاً ، إذا ابتلَّ بالماء. واللام فيه زائدة ، وإنما ذلك من السُّبوغ ، وذلك أنّ الماءَ كثُر عليه حتّى ابتلّ
ومما وُضِع وضعاً وليس قياسُه ظاهراً : (السِّنَّوْرُ) ، معروف. و (السَّنَوَّر) : السِّلاح الذى يُلبَس. و (السَّلْقَع) بالقاف (١) : المكان الحزْن. و (السَّلْفَع) بالفاء (٢) : المرأة الصَّخَّابة. و (السَّلفَع) من الرِّجال : الشجاع الجَسور.
قال الشاعر :
بَينا يُعانِقُه الكماةُ ورَوْغِهِ |
|
يوماً أتيِحَ له جرِىءٌ سَلْفَعُ (٣) |
وقال فى المرأة :
فما خَلَفٌ عن أُمِّ عِمران سلفعٌ |
|
من السُّود وَرهاء العِنان عَروبُ (٤) |
__________________
(١) فى المجمل : «بنقطتين».
(٢) فى المجمل : «بنقطة».
(٣) رواية الديوان ١٨ والمفضليات (٢ : ٢٢٨): «بينا تعنقه» مصدر تعنقه تعنقا. وفى رواية المقاييس عطف الاسم على الفعل ، وهو مسموع. انظر همع الهوامع (٢ : ١٤٠).
(٤) فى اللسان (سلفع): «وما بدل من أم عثمان».