معجم مقاييس اللغة - ج ٣

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٣

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٨

فالقوم* يَسْمُرُون. والسامر : المكان الذى يجتمعون فيه للسَّمَر. قال :

وسامِرٍ طال لهم فيه السَّمَرْ (١)

والسَّمراء : الحِنطة ، للَونها. والأسمر : الرُّمح. والأسمر : الماء. فأما السَّمَار فالّلبَن الرقيق ، وسمِّى بذلك لأنّه إذا كان [كذلك كان] متغيِّر اللون. والسَّمُر : ضربٌ من شجر الطَّلْح ، واحدته سَمُرة ، ويمكن أن يكون سمِّى بذلك للونه. والسَّمار : مكان فى قوله :

لَئنْ وَردَ السَّمَارَ لنَقْتُلَنْه

فلا وأبكِ ما وَرَدَ السَّمَارا (٢)

سمط السين والميم والطاء أصلٌ يدلُّ على ضمّ شىء إلى شىء وشدِّه به. فالسَّميط : الآجُرُّ القائم بعضُه فوقَ بعض. والسِّمْط : القِلادة ، لأنَّها منظومةٌ مجموعٌ بعضُها إلى بعض. ويقال سَمَّط الشىء على مَعَاليق السَّرْج. ويقال خُذْ حقَّك مُسَمَّطاً ، أى خُذْه وعلِّقْه على مَعاليق رَحْلك. فأما الشِّعْر المُسَمَّط ، فالذى يكون فى سطر البيت (٣) أبياتٌ مسموطة تجمعها قافيةٌ مخالفة مُسمَّطة ملازمة للقصيدة. وأما اللبن السَّامط ، وهو الحامض ، فليس من الباب ؛ لأنَّه من باب الإِبدال ، والسين مبدلة من خاء.

__________________

(١) وكذا وردت روايته فى المجمل. وفى اللسان (٦ : ٤٣) :

وسامر طال فيه اللهو وانسمر

(٢) لعمرو بن أحمر الباهلى ، كما فى اللسان (٦ : ٤٦).

(٣) وكذا فى المجمل. وفى اللسان : «صدر البيت».

١٠١

سمع السين والميم والعين أصلٌ واحد ، وهو إيناسُ الشىء بالأُذُن ، من النّاس وكلِّ ذى أُذُن. تقول : سَمِعْت الشىء سَمْعاً. والسَّمع : الذُكْر الجميل. يقال قد ذَهَب سَمِعْهُ فى الناس ، أى صِيته. ويقال سَمَاعِ بمعنى استمِعْ. ويقال سَمَّعْتُ بالشىء ، إذا أشعتَه ليُتَكلَّم به. والمُسْمِعَة : المُغَنِّيَة. والمِسْمَع : كالأذن للغَرْب ، وهى عُروةٌ تكون فى وسط الغَرْبِ يُجعَل فيها حبلٌ ليعدل الدّلو : قال الشاعر :

ونَعدِل ذا المَيْل إن رامَنا

كما عُدِل الغَربُ بالمِسمعِ (١)

ومما شذّ عن الباب السِّمْع : ولد الذّئب من الضّبُع.

سمق السين والميم والقاف فيه كلمة. ولعلَّ القاف أن تكون مبدلة من الكاف. سَمَق ، إذا عَلَا.

سمك السين والميم والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على العُلُوِّ. يقال سَمَك ، إذا ارتفع. والمسموكات : السماوات. ويقال سَمَك فى الدَّرَج. واسمُكْ ، أى اعْلُ. وسَنامٌ سامك ، أى عالٍ. والمِسْماك : ما سَمَكْتَ به البيتَ. قال ذو الرمة :

كأنَّ رجلَيْهِ مِسما كانِ مِن عشَرٍ

سَقْبَانِ لم يتقشَّرْ عنهما النَّجَبُ (٢)

والسِّماك : نجم. ومما شذّ عن الباب وباين الأصل : السَّمَك.

سمل السين والميم واللام أصلٌ يدلُّ على ضعفٍ وقلّة. من ذلك السَّمَل ، وهو الثَّوْب الخَلَق. ومنه السَّمَل : الماء القليل يَبقى فى الحوض ، وجمعه

__________________

(١) البيت لعبد الله بن أوفى ، كما فى اللسان (سمع).

(٢) ديوان ذى الرمة ٢٨ واللسان (سقب ، سمك).

١٠٢

أسمال. وسَمَّلت (١) البئر : نقَّيتها. وأما الإسمال ، وهو الإصلاح بين النَّاس ، فمن هذه الكلمة الأخيرة ، كأنه نَقَّى ما بينهم من العَداوة. والله تعالى أعلم.

باب السين والنون وما يثلثهما

سنه السين والنون والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على زمانٍ. فالسَّنَة معروفة ، وقد سقطت منها هاء. ألا ترى أنّك تقول سُنيْهَة. ويقال سَنَهَتِ النخلةُ ، إذا أتت عليها الأعوام (٢). وقوله جل ذكره : (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)، أى لم يصر كالشىء الذى تأتى عليه السنُون فتغيِّره. والنَّخْلة السَّنْهاء (٣).

سنى السين والنون والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على سقْى ، وفيه ما يدل على العلوّ والارتفاع. يقال سَنَتِ النَّاقةُ ، إذا سقت الأرض ، تسنُو ، وهى السّانِيَة. والسّحابةُ تسنُو الأرضَ. والقوم يَسْتَنُون (٤) لأنفسهم إذا استَقَوا.

ومن الباب سانيت الرَّجُلَ ، إذا راضيتَه ، أُسانيه ؛ كأن الوُدَّ قد كان ذَوَى ويَبِس ، كما جاء فى الحديث : «بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسَّلام».

وأمّا الذى يدلُّ على الرِّفعة فالسَّناء ممدود ، وكذلك إِذا قصرته دلَّ على الرفعة ،

__________________

(١) يقال بالتخفيف والتشديد.

(٢) وكذلك تسنهت.

(٣) لم يصرح بتفسيرها. والسنهاء : التى أصابتها السنة المجدبة :

(٤) فى المجمل : «يسنون». وفى اللسان : «والقوم يسنون لأنفسهم ، إذا استقوا. ويستنون ، إذا سنوا لأنفسهم».

١٠٣

إلّا أنّه لشىءٍ مخصوص ، * وهو الضَّوْء. قال الله جلّ ثناؤُه : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ).

سنب السين والنون والباء كلمتان متباينتان. فالسَّنْبَةُ : الطائفة من الدَّهر. والكلمة الأخرى السَّنِب ، وهو الفرس الواسع الجَرى.

سنت السين والنون والتاء ليس أصلاً يتفرّع منه ، لكنّهم يقولون السَّنُوت (١) ، فقال قوم : هو العسل ، وقال آخرون : هو الكَمُّون.

قال الشاعر :

هم السَّمْن والسَّنُّوتُ لا أَلْسَ فيهمُ

وهُمْ يمنَعون جارهُمْ أن يُقَرَّدا (٢)

سنج السين والنون والجيم فيه كلمة. ويقولون : إن السِّناج أثرُ دُخَان السِّرَاج فى الحائط.

سنح السين والنون والحاء أصلٌ واحد يُحمَل على ظهور الشىء من مكانٍ بعينه ، وإن كان مختلَفاً فيه. فالسّانح : ما أتاك عن يمينك من طائرٍ أو غيره ، يقال سَنَحَ سُنُوحاً. والسانح والسَّنيح واحد. قال ذو الرمة :

ذكَرْتُكِ أنْ مرت بنا أمُّ شادن

أمام المطايا تشرئبُّ وتسنَحُ (٣)

ثم استُعير هذا فقيل : سنح لى رأىٌ فى كذا ، أى عَرَض.

__________________

(١) وفيه لعة أخرى : «سنوت» كسنور.

(٢) البيت للحصين بن القعقاع ، كما فى اللسان (سنت ، قرد) ، وروايته فى (سنت ، قرد ، ألس): «هم السمن بالسنوت».

(٣) ديوان ذى الرمة ٧٩ برواية : «إذ مرت».

١٠٤

سنخ السين والنون والخاء أصلٌ واحد يدلُّ على أصل الشىء. فالسِّنْخ : الأصل وأسنَاخُ (١) الثنايا : أصولُها. ويقال سَنَخ الرجل فى العِلم سُنوخاً أى علِمَ أصولَه. فأمّا قولهم سَنِخَ الدُّهن ، إذا تغيَّر ، فليس بشىء.

سند السين والنون والدال أصلٌ واحد يدلُّ على انضمام الشىء إلى الشىء. يقال سَنَدتُ إلى الشىء أسْنُدُ سنوداً ، واستندت استناداً. وأسندتُ غيرى إسناداً. والسِّناد : النّاقة القويّة ، كأنّها أُسنِدت من ظهرها إلى شىءٍ قوىّ. والمُسْنَدُ : الدهر ؛ لأن بعضَه متضامّ. وفلان سَنَدٌ ، أى معتمَدٌ. والسَّنَد : ما أقبل عليك من الجبل ، وذلك إذا علا عن السَّفْح. والإِسناد فى الحديث : أن يُسْنَد إِلى قائله ، وهو ذلك القياس. فأمّا السِّناد الذى فى الشعر فيقال إِنّهُ اختلافُ حركتى الرِّدفين. قال أبو عبيدة : وذلك كقوله :

كأنّ عيونَهن عيونُ عِينِ (٢)

ثم قال :

وأصبح رأسُه مثل اللُّجَيْنِ (٣)

وهذا مشتق من قولهم : خرج القوم متسانِدين ، إذا كانوا على راياتٍ شتى. وهذا من الباب ؛ لأنّ كلَّ واحدةٍ من الجماعة قد ساندت رايةً.

__________________

(١) فى الأصل والمجمل. «سناخ» صوابه ، من اللسان والجمهرة.

(٢) البيت لعبيد بن الأبرص فى ديوانه ٤٥ واللسان (سند). وصدره :

فقد ألخ الخباء على جوار

(٣) صواب إنشاد البيت بتمامه :

فإن يك فأتنى أسفا عبابي

وأضحى الرأس منى كاللجين

لكن كذا ورد إنشاده فى المجمل والمقاييس والصحاح. ويروى : «كاللجين» بفتح اللام ، وهو ورق الشجر يخبط ، فهو لونان : رطب ويابس.

١٠٥

سنط السين والنون والطاء ليس بشىء إلّا السِّناط ، وهو الذى لا لِحْيَة له.

سنع السين والنون والعين إن كان صحيحاً فهو يدلُّ على جَمَالٍ وخيرٍ ورِفعة. يقال شرفٌ أسنعُ ، أى عالٍ مرتفع. وامرأة سنيعة : أى جميلة.

سنف السين والنون والفاء أصلٌ بدلُّ على شدّ شىءٍ ، أو تعليق شىءٍ على شىء. فالسِّنَاف : خيط يُشدّ من حَقِو البعير إلى تصديره ثم يشدُّ فى عنقه. قال الخليل : السِّنَاف للبعير مثل اللّبَبِ للدابّة. بعيرٌ مِسْناف ، وذلك إذا أُخّر الرجل فجعل له سناف. يقال أسنفت [البعير (١)] ، إذا شددتَه بالسِّناف. ويقال أسنَفوا أمرَهم ، أى أحكَموه. ويقال فى المثل لمن يتحيّر فى أمره : «قد عَىَ بالأسناف». قال :

إذا مَا عَىَ بالأسناف قومٌ

من الأمر المشبَّه أن يكوُنا (٢)

وحكى بعضهم : سَنَفْتُ البعير ، مثل أسنفْت. وأبى الأصمعىُّ إلّا أسنفت. وأما السِّنْف فهو وِعاء ثَمَر المَرْخِ يشبه آذانَ الخيل. وهو من الباب ؛ لأنه مُعلَّق على شجرة. وقال أبو عمرو : السِّنْف : الورقة. قال ابن مُقبل :

تَقَلْقُلَ سِنْفِ المَرْخِ فى جَعبةٍ صِفْرِ (٣)

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) لعمرو بن كلثوم فى معلقته واللسان.

(٣) صدره كما فى اللسان (سنف) :

تقلقل من ضغم اللجام لهاتها

١٠٦

سنق السين والنون والقاف فيه كلمةٌ واحدة ، وهى السَّنَق ، وهو كالبَشَم. يقال شرِب الفَصيل حتى سَنِق. وكذلك الفرس ، من العلَف. وهو كالتُّخَم فى الناس.

سنم السين والنون والميم أصلٌ واحد ، يدلُّ على العلوّ والارتفاع. فالسَّنَام معروف. وتسنَّمت : علَوت. وناقة سَنِمَةٌ : عظيمة السَّنام. وأسنمتُ النارَ : أعلَيْتُ لهبَها. وأَسْنُمَةُ: موضع.

باب السين والهاء وما يثلثهما

سهو السين والهاء والواو معظم الباب [يدلّ] على الغفلة والسُّكون فالسَّهْو : الغفلة ، يقال سَهَوْت فى الصلاة أسهو سَهْواً. ومن الباب المساهاة : حُسْن المخالَقَة ، كأن الإنسانَ يسهو عن زَلَّةٍ إن كانت من غيره. والسَّهْو : السُّكون. يقال جاء سَهْواً رَهْواً.

ومما شذّ عن هذا الباب [السَّهْوَة (١)] ، وهى كالصُّفّة تكون أمامَ البيت. وممّا يبعُد عن هذا وعن قياس الباب : قولهم حملت المرأةُ ولدَها سَهْواً ، أى على حَيْضٍ. فأمَّا السُّهَا فمحتمل أن يكون من الباب الأول ؛ لأنَّه خفىٌّ جدًّا فيُسهَى عن رؤيته.

سهب السين والهاء والباء أصلٌ يدل على الاتّساع فى الشىء. والأصل السَّهْب ، وهى الفَلاة الواسعة. ثم يسمَّى الفرس الواسعُ الجرىِ سَهْباً.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

١٠٧

ويقال بئر سَهْبةٌ ، أى بعيدة القعر. ويقال حفر القوم فأسهبوا ، أى بلغوا الرَّمْل. وإذا كان كذا كان أكثر للماء وأوسعَ له. ويقال للرّجُل الكثيرِ الكلام مُسْهَب ، بفتح الهاء. كذا جاء عن العرب أسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ ، وهو نادر (١).

سهج السين والهاء والجيم أصلٌ يدلُّ على دوامٍ فى شىء. يقال سَهَجَ القوم لَيْلتَهم ، أى ساروا سيراً دائماً. ثمَّ يقال سَهَجَت الرِّيحُ ، إذا دامت. وهى سَيْهَجٌ وسَيْهُوجٌ. ومَسْهَجُها : مَمرُّها.

سهد السين والهاء والدال كلمتانِ متباينتان تدلُّ إحداهما على خلاف النّوم ، والأخرى على السكون.

فالأولى السُّهاد ، وهو قِلَّة النّوم. ورجل سُهُدٌ ، إذا كان قليلَ النّوم. قال :

فأتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مبطَّناً

سُهُداً إذا ما نامَ ليلُ الهَوْجَلِ (٢)

وسَهَّدْتُ فلاناً ، إِذا أطرتَ نومَه.

والكلمة الأخرى قولُهم شىءٌ سَهْدٌ مَهْد ، أى ساكن (٣) لا يُعَنِّى. ويقال ما رأيت من فلان سَهْدَةً ، أى أمراً أعتمد عليه من خبر أو كلام ، أو أسكُن إليه.

سهر السين والهاء والراء معظم بابه الأرَق ، وهو ذَهاب النوم. يقال سَهَرَ يَسْهَرُ سَهَراً. ويقال للأرض : السّاهرة ، سمِّيت بذلك لأن عملها

__________________

(١) يقال أيضا «مسهب» بكسر الهاء. وقيل بفتحها للإكثار من الخطأ ، وبكسرها للإكثار من الصواب.

(٢) البيت لأبى كبير الهذلى ، كما فى اللسان (سهد) ، وسيعيده فى (هجل). وقصيدته فى نسخة الشنقيطى من الهذليين ٦١.

(٣) فى الأصل : «ساكت» ، تحريف. وفى المجمل واللسان : «أى حسن».

١٠٨

فى النَّبت دائماً ليلاً ونهاراً. ولذلك يقال : «خَير المالِ عينٌ خَرّارة ، فى أرض خوَّارة ، تَسْهَرُ إذا نِمتَ ، وتشهَد إِذا غِبْتَ». وقال أميّة بن أبى الصلت :

وفيها لَحْمُ ساهرةٍ وبحرٍ

وما فاهُوا بِهِ لهمُ مقيم (١)

وقال آخَر ، وذكر حَميرَ وحْش :

يرتَدْنَ ساهرةً كأنَّ عميمَها

وجَمِيمَها أسدافُ ليلٍ مظلمِ (٢)

ثم صارت السّاهرةُ اسماً لكلِّ أرض. قال الله جلّ جلالُه : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ. فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ). والأسهران : عِرقان فى الأنف من باطن ، إِذا اغتلم الحِمارُ سالا ماءً. قال الشمّاخ :

تُوائِلُ من مِصَكٍ أنْصَبَتْهُ

حوالبُ أسهريهِ بالذَّنِينِ (٣)

وكأنّما سمِّيتا بذلك لأنّهما يسيلان ليلاً كما يسيلان نهاراً. ويروى «أسهرته». ويقال رجلٌ سُهَرَةٌ : قليل النّوم. وأمّا السَّاهور فقال قوم : هو غلاف القمر ؛ ويقال هو القمر. وأىَّ ذلك كان فهو من الباب ؛ لأنّه يسبح فى الفَلَك دائباً ، ليلاً ونهارا.

سهف السين والهاء والفاء تقلّ فروعه. ويقولون إنّ السَّهَف (٤) : تشحُّط القتيلِ فى دمِه واضطرابُه. ويقال إِن السُّهَاف : العطش.

__________________

(١) البيت فى اللسان (سهر) بدون نسبة.

(٢) البيت لأبى كبير الهذلى ، كما فى اللسان (سهر) ، وقصيدته فى نسخة الشنقيطى من الهذليين.

(٣) ديوان الشماخ ٩٣. وقد سبق فى (٢ : ٣٤٨).

(٤) ضبط فى الأصل والمجمل بفتح الهاء ، وفى اللسان والقاموس بسكونها.

١٠٩

سهق السين والهاء والقاف أصلٌ يدلُّ على طول وامتداد. وهو صحيح. فالسَّهْوَق : الرَّجُل الطويل. والسَّهْوق الكذَّابُ ، وسُمِّى بذلك لأنه يغلو فى الأمر ويزيدُ فى الحديث. والسهوق من الرياح : التى تَنسِج العَجَاج. * والسَّهْوق : الرّيّان من سُوق الشَّجر ؛ لأنّه إِذا رَوِىَ طال.

سهك السين والهاء والكاف أصلان : أحدهما يدلُّ على قَشْر ودقّ ، والآخر على الرّائحة الكريهة.

فالأوّل قولُهم : سَهَكَت الرِّيحُ التّرابَ ، وذلك إذا قشَرتْه عن الأرض. والمَسْهَكَة : الذى يشتدّ مرُّ الرّيح عليه : ويقال سهَكْتُ الشّىءَ ، إِذا قشرتَه ، وهو دونَ السَّحق. وسَهَكت الدّوابُّ ، إذا جرت جرياً خفيفاً. وفَرَسٌ مِسْهَكٌ ، أى سريع. وإِنما قيل لأنّه يسهَك الأرضَ بقوائمه.

والأصل الثانى السَّهَك ، قال قوم : هو رائحة السمك من اليَد. ويقال بل السَّهَك : ريحٌ كريهة يجدُها الإنسان إذا عَرِق. ومن هذا الباب السَّهَك : صدأ الحديد. ومنه أيضاً قولهم : بعينِه ساهكٌ ، أى عائرٌ من الرّمَد. قال الشاعر فى السَّهَك :

سَهكِينَ مِن صدأ الحديدِ كأنّهم

تحت السَّنَوَّرِ جِنّةُ البَقَّارِ (١)

سهل السين والهاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وخلافِ

__________________

(١) البيت للنابغة فى ديوانه ٣٥ واللسان (سهك) ، وسبق تخريجه فى مادة (بقر).

١١٠

حُزونة. والسَّهْل : خلاف الحَزْن. ويقال النّسبةُ إلى الأرض السَّهلة سُهْلىٌ. ويقال أسْهَلَ القومُ ، إذا ركبوا السّهل. ونهرٌ سَهِلٌ : فيه سِهْلَةٌ ، وهو رملٌ ليس بالدُّفَاق. وسُهَيْلٌ : نجم.

سهم السين والهاء والميم أصلان : أحدهما يدلُّ على تغيُّرٍ فى لون ، والآخرُ على حظٍّ ونصيبٍ وشىءٍ من أشياء.

فالسُّهْمَة : النَّصيب. ويقال أَسهَم الرّجُلانِ ، إذا اقْترعا ، وذلك من السُّهْمَة والنّصيبِ ، أن يفُوز (١) كلُّ واحد منهما بما يصيبه. قال الله تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ). ثمّ حمل على ذلك فسُمِّى السّهمُ الواحد من السِّهام ، كأنّه نصيبٌ من أنصباءَ وحظٌّ من حظوظ. والسُّهْمَة : القرابة ؛ وهو من ذاك ؛ لأنّها حَظٌّ من اتّصال الرحم. وقولهم بُرْدٌ مسهَّم ، أى مخطّط ، وإنّما سمِّى بذلك لأنّ كلَّ خَطٍّ منه يشبّه بسهم.

وأمّا الأصلُ الآخَر فقولهم : سَهَمُ وجْهُ الرّجلِ (٢) ، إِذا تغيَّر يَسْهَمُ ، وذلك مشتقٌّ من السُّهَام ، وهو ما يصيب الإنسانَ من وَهَج الصّيف حتى يتغيَّرَ لونُه. يقال سهمَ الرَّجُل ، إذا أصابَه السُّهَام. والسُّهَام أيضاً : داءٌ يصيب الإِبل كالعُطَاش. ويقال إبلٌ سواهِمُ ، إذا غيَّرها السّفَر (٣). والله أعلم.

__________________

(١) فى الأصل : «يقول».

(٢) يقال سهم من بابى فتح وظرف ، وسهم بهيئة المبنى للمفعول.

(٣) فى الأصل : «غمرها» ، صوابه من المجمل.

١١١

باب السين والواو وما يثلثهما

سوى السين والواو والياء أصلٌ يدلُّ على استقامةٍ واعتدالٍ بين شيئين. يقال هذا لا يساوى كذا ، أى لا يعادله. وفلانٌ وفلانٌ على سَوِيّةٍ من هذا الأمر ، أى سواءٍ. ومكان سُوًى ، أى مَعْلَمٌ قد عَلِم القومُ الدّخولَ فيه والخروج منه. ويقال أسْوَى الرّجلُ ، إذا كان خَلَفُه وولدُه سَويًّا.

وحدثنا على بن إبراهيم القَطّان ، عن على بن عبد العزيز ، عن أبى عُبيد ، عن الكسائىّ قال : يقال كيف أمسيتم؟ فيقال : مستَوُون صالحون. يريدون أولادُنا وماشيتُنا سَوِيّةٌ صالحة.

ومن الباب السِّىُ : الفضاء من الأرض ، فى قول القائل (١) :

كأنَّ نَعَامَ السِّىِ باضَ عليهمُ (٢)

والسِّىّ : المِثْل. وقولهم سِيّانِ ، أى مِثلان.

ومن ذلك قولهم : لا سيّما ، أى لا مثلَ ما. هُو من السِّين والواو والياء ، كما يقال ولا سَواء. والدّليل على أن السّىَ المِثل قولُ الحطيئة :

فإيّاكم وحَيَّةَ بطنِ وادٍ

هَمُوزَ النّابِ لكم بسِىِ (٣)

ومن الباب السَّواء : وسَط الدَّارِ وغيرِها ، وسمِّى بذلك لاستوائه. قال الله جل ثناؤه : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ).

__________________

(١) هو زيد الخيل كما فى الحيوان (٤ : ٣٣٩) والشعر والشعراء فى أثناء ترجمة الأعشى ، ونقد الشعر ٣٩. وروى أيضا من قصيدة لمعقر البارقى فى الأغانى (١٠ : ٤٤).

(٢) عجزه : فأحداقهم تحت الحديد خوازر.

(٣) ديوان الحطيئة ٦٩ واللسان (سوا).

١١٢

وأمّا قولُهم : هذا سِوى ذلك ، أى غيرُه ، فهو من الباب ؛ لأنّه إذا كان سِواه فهما كلُّ واحدٍ منهما فى حَيِّزِه على سواء. والدّليل على ذلك مدُّهم السِّواء بمعنى سِوى * قال الأعشى :

وما عدلَتْ من أهلِها لِسوائكا (١)

ويقال قصدتُ سِوَى فلانٍ : كما يقال قصدت قصده. وأنشد الفراء :

فلَأصْرٍفَنّ سِوَى حُذيفة مِدْحتى

لِفَتى العَشىِّ وفارسِ الأجرافِ (٢)

سوء فأمّا السين والواو والهمزة فليست من ذلك ، إنما هى من باب القُبح. تقول رجلٌ أسوَأُ ، أى قبيحٌ ، وامرأةٌ سَوآء ، أى قبيحة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «سوْآءُ (٣) وَلودٌ خيرٌ مِن حسناءَ عقيم». ولذلك سمّيت السَّيِّئة سيّئة. وسمِّيت النار سُوأى ، لقُبْح منظرها. قال الله تعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى). وقال أبو زُبَيْد :

لم يَهَبْ حُرْمةَ النَّدِيم وحُقَّتْ

يا لَقومِى للسَّوأة السَّوآءِ (٤)

سوح السين والواو والحاء كلمةٌ واحدة. يقال ساحة الدار ، وجمعها ساحات وسُوح.

__________________

(١) ديوان الأعشى ٦٦. وقد سبق تخريجه فى (جنف). وصدره :

تجائف عن جل اليمامة ناقتي

(٢) فى اللسان (١٩ : ١٤٣): «فارس الأحزاب» ، تحريف. والبيت من أبيات فائية فى الأغانى (١٤ : ١٢٧) منسوبة إلى رجل من بنى الحارث بن الخزرج ، أو إلى حسان بن ثابت.

وانظر تنبيه البكرى على الأمالى ٦٧.

(٣) ويروى أيضا : «سوداء».

(٤) البيت فى اللسان (سوأ).

١١٣

سوخ السين والواو والخاء كلمةٌ واحدة. يقال ساخت قوائمة فى الأرض تسوخ. ويقال مُطِرْنا حتى صارت الأرض سُوَّاخَى ، على فُعَّالَى ، وذلك إذا كثرت رٍزاغُ المطر. وإِذا كانت كذا ساخت قوائمُ المارّة فيها.

سود السين والواو والدال أصلٌ واحد ، وهو خلاف البياضِ فى اللون ، ثم يحمل عليه ويشتقّ منه. فالسَّواد فى اللَّون معروف. وعند قومٍ أن كلَّ شىءٍ خالف البياضَ ، أىَّ لونٍ كان ، فهو فى حيّز السواد. يقال : اسودّ الشىء واسوادَّ. وسوادُ كلِّ شىءٍ : شخصه. والسِّواد : السِّرار ؛ يقال ساوده مساودةً وسِواداً ، إذا سارّه. قال أبو عبيد : وهو من إدناء سَوادِك من سَواده ، وهو الشَّخص.

قال :

مَن يكنْ فى السِّواد والدادِ والإعْرامِ

زِيراً فإِنّنى غيرُ زيرِ (١)

والأساود : جمع الأسود ، وهى الحيّات. فأما قول أبى ذَرّ رحمة الله عليه : «وهذه الأساودُ حولى». فإنما أراد شخص آلاتٍ كانت عنده ؛ [وما حولَه (٢)] إلا مِطهرةٌ وإِجّانةٌ وجَفْنة. والسَّواد : العدد الكثير ، وسمِّى بذلك لأن الأرض تسوادُّ له.

فأمّا السِّيادة فقال قوم : السيِّد : الحليم. وأنكر ناسٌ أن يكون هذا من الحِلم ، وقالوا: إِنّما سمِّى سيّداً لأنّ الناس يلتجِئون إِلى سَواده. وهذا أقيس من الأوَّل وأصحّ. ويقال فلانٌ أسوَد من فلانٍ ، أى أَعْلَى سيادةً منه. والأسودان : التَّمر

__________________

(١) سبق البيت فى مادة (زير).

(٢) التكملة من اللسان. وفى المجمل «من» بدل «إلا».

١١٤

والماء. وقالوا : سَوَاد القَلب وسُوَيداؤُه ، وهى حَبّته. ويقال ساوَدَنى فلانٌ فسُدْته ، من سَوَاد اللون والسّؤدُد جميعا. والقياسُ فى الباب كلِّه واحد.

سور السين والواو والراء أصلٌ واحد يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. من ذلك سَار يَسُور ، إِذا غضب وثار. وإِنّ لغضبِهِ لَسَورةً. والسُّور : جمع سُورة ، وهى كلُّ منزلةٍ من البناء. قال :

ورُبَّ ذِى سُرادقٍ محجورِ

سُرْتُ إليه فى أعالى السُّورِ (١)

فأمَّا قولُ الآخر (٢) :

وشاربٍ مُرْبحٍ فى الكأسِ نادَمَنى

لا بالحَصُور ولا فيها بسَوَّارِ

فإِنّه يريد أنّه ليس بمتغضّب. وكان بعضهم يقول : هو الذى يَسُور الشَّرابُ فى رأسِه سريعا. وأما سِوار المرأة ، والأُسوار (٣) من أساورة الفُرس وهم القادة ، فأُراهما غيرَ عربييَّن. وسَورة الخمر : حِدّتُها وغلَيانها.

سوط السين والواو والطاء أصلٌ يدلُّ على مخالطة الشّىءِ الشىءَ. يقال سُطت الشّىءَ: خلطتُ بعضَه ببعض. وسَوَّط فلانٌ أمرَه تسويطا ، إذا خلَطَه. قال الشّاعر :

فَسُطْها ذَميمَ الرّأىِ غيرَ موفَّقٍ

فلستَ على تسويطها بمُعان (٤)

__________________

(١) البيت فى اللسان (٦ : ٥٥).

(٢) هو الأخطل. دينوله ١١٦. وقد سبق فى (٢ : ٧٣).

(٣) ضبط فى الأصل والمجمل بكسر الهمزة ، ويقال أيضا بضمِها.

(٤) البيت فى المجمل واللسان (سوط).

١١٥

ومن الباب السَّوط ، لأنّه يُخالِط الجِلدة ؛ يقال سُطْتُه بالسَّوط : ضربتُه. وأمَّا قولهم فى تسمية النَّصيب سوَطاً فهو من هذا. قال الله جل ثناؤه : (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ (عَذابٍ) ، أى نَصيباً من العذاب

سوع السين والواو والعين يدلُّ على استمرار الشّىء ومُضيِّه. من ذلك السّاعة سمِّيت بذلك. يقال جاءنا بعد سَوْعٍ من الليل وسُوَاعٍ ، أى بعد هَدْءِ منه. وذلك أنَّه شىءٌ يمضى ويستمرّ. ومن ذلك قولهم عاملته مُساوعةً ، كما يقال مياوَمة ، وذلك من السّاعة. ويقال أسَعْتُ الإبلَ إساعةً ، وذلك إذا أهملتَها حتَّى تمرَّ على وجهها. وساعت فهى تَسُوع. ومنه يقال هو ضائع سائِع. وناقة مِسياعٌ ، وهى التى تذهب فى المرعى. والسِّياع : الطِّين فيه التِّبن.

سوغ السين والواو والغين أصلٌ يدلُّ على سهولة الشىء واستمراره فى الحلق خاصّة ، ثم يحمل على ذلك. يقال ساغ الشّرابُ فى الحَلْق سَوغاً وأساغَ اللهُ جلّ جلالُه. ومن المشتقّ منه قولُهم : أصاب فلانٌ كذا فسوَّغْتُه إياه. وأمَّا قولهم هذا سَوْغُ هذا ، أى مثله ، فيجوز أن يكون من هذا ، أى إنَّه يَجرى مجراه ويستمرُّ استمراره. ويجوز أن يكون السّبن مُبدَلة من صادٍ ، كأنه صِيغَ صياغتَه. وقد ذُكر فى بابه.

سوف السين والواو والفاء ثلاثة أصول : أحدها الشمُّ. يقال سُفْت الشَّىءَ أسُوفُه سَوْفاً ، وأَسَفْتُه. وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنّ قولهم : بيننا وبينهم مَسافةٌ ، مِن هذا. قال وكان الدَّليل يَسُوف التُّرَابَ ليعلمَ على قصدٍ هو أم على جَور. وأنشدوا :

١١٦

إذا الدّليلُ استافَ أخلاقَ الطرُقْ (١)

أى شَمّها.

والأصل الثّانى : السُّوَاف : ذَهاب المال ومَرَضُه. يقال أساف الرّجُلُ ، إذا وقع فى مالِه السُّواف. قال حُميد بن ثور :

أسافَا من المال التِّلادِ وأَعْدَما (٢)

وأمّا التّأخير فالتسويف. يقال سوَّفتُه ، إذا أخّرتَه ، إذا قلتَ سوف أفعلُ كذا.

سوق السين والواو والقاف أصل واحد ، وهو حَدْوُ الشَّىء يقال سَاقَه يَسُوقُه سَوْقا. والسَّيِّقَة : ما اسْتِيق من الدوابّ. ويقال سُقْتُ إلى امرأتى صَدَاقها ، وأسَقْتُه. والسُّوق مشتقّةٌ من هذا ، لما يُساق إليها من كلَّ شىء ، والجمع أسواق. والسَّاق للإِنسان وغيره ، والجمع سُوق ، إنّما سمّيت بذلك لأنَّ الماشى ينْساق عليها. ويقال امرأة سَوْقَاء ، ورجلٌ أسْوَق ، إذا كان عظيمَ السّاق. والمصدر السَّوَق. قال رؤبة :

قُبٌّ من التَّعْداء حُقْبٌ فى سَوَق (٣)

وسُوق الحرب : حَومة القِتال ، وهى مشتقّة من الباب الأول.

سوك السين والواو والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ

__________________

(١) البيت لرؤبة فى ديوانه ١٠٤ واللسان (سوف).

(٢) صدره كما فى اللسان (سوف) :

فيالهما من مرسلين لحاجة

(٣) ديوان رؤبة ١٠٦.

١١٧

واضطراب. يقال تَسَاوَقَت الإبل : اضطربَتْ أعناقُها من الهُزال وسوء الحال. ويقال أيضاً : جاءت الإِبل ما تَسَاوَكُ هُزالاً ، أى ما تحرِّك رءوسَها. ومن هذا اشتق اسم السِّواك ، وهو العُود نفسُه. والسِّواك استعماله أيضا. قال ابن دريد : سُكْتُ الشىءَ سَوْكاً ، إذا دَلكتَه. ومنه اشتقاق السِّوَاك ، يقال سَاكَ فاهُ ، فإذا قلت اسْتَاكَ لم تُذكر الفمُ (١).

سول السين والواو واللام أصلٌ يدلُّ على استرخاءٍ فى شىء يقال سَوِلَ يَسْوَلُ سَوَلا. قال الهذلىّ (٢) :

كالسُّحْلِ البيض جلا لونَها

سَحُّ نِجَاءِ الحَمَل الأسْوَلِ

فأمّا قولهم سَوَّلْتُ له الشىءَ ، إذا زيّنتَه له ، فممكن أن تكون أعطيته سُؤلَه ، على أن تكون الهمزةُ مُلَيَّنَةً من السُّؤل.

سوم السين والواو والميم أصلٌ يدل على طلب الشىء. يقال سُمْتُ الشىءَ أسُومُه سَوْماً. ومنه السَّوم فى الشِّراء والبيع. ومن الباب سَامَت الرّاعيةُ تَسُومُ ، وأسَمْتُهَا أنا. قال الله تعالى : (فِيهِ تُسِيمُونَ) ، أى تُرعُون. ويقال سَوَّمْت فلاناً فى مالى تسويماً ، إِذا حكمَّتَه فى مالك. وسَوَّمْت غُلامى : خَلّيته وما يُريد. والخيل المُسَوَّمة : المرسلة وعليها رُكبانُها. وأصل ذلك كلِّه واحد.

ومما شذّ عن الباب السُّومَةُ ، وهى العلامة تُجعَل فى الشىء. والسِّيما مقصور

__________________

(١) الجمهرة (٣ : ٤٨).

(٢) هو المتنخل الهذلى ، كما فى اللسان (سول) من قصيدة فى القسم الثانى من مجموعة أشعار الهذليين ٨١ ونسخة الشنقيطى ٤٤.

١١٨

من ذلك* قال الله سبحانه : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ). فإذا مدُّوه قالوا السيماء.

سوس السين والواو والسين أصلان : أحدهما فسادٌ فى شىء ، والآخر جِبلّة وخليقة. فالأوّل ساس الطّعامُ يَسَاسُ ، وأَسَاسَ يُسِيسُ ، إذا فسَدَ بشىء يقال له سُوس. وسَاسَت الشّاة تَسَاسُ ، إذا كثر قَمْلها. ويقال إنّ السَّوَسَ داءٌ يصيب الخيل فى أعجازها.

وأمّا الكلمة الأخرى فالسُّوس وهو الطّبع. ويقال : هذا من سُوس فلان ، أى طبعه.

وأمّا قولهم سُسْتُه أسُوسُه فهو محتملٌ أن يكون من هذا ، كأنه يدلُّه على الطبع الكريم ويَحمِله عليه.

والسِّيساء (١) : مُنتَظَم فَقَار الظهر. وماء مَسُوسٌ وكلأٌ مَسُوسٌ (٢) ، إذا كان نافعاً فى المال (٣) ، وهى الإبل والغنم. والله أعلم بالصواب.

باب السين والياء وما يثلثهما

سيب السين والياء والباء أصلٌ يدلُّ على استمرارِ شىءٍ وذهابِه. من ذلك سَيْبُ الماء: مجراه. وانْسَابت الحَيَّة انسياباً. ويقال سيَّبت الدّابّة : تركتُه حيث شاء. والسائبة : العبد يُسَيَّب من غير وَلاءٍ ، يَضَعُ مالَه حيث شاء.

__________________

(١) حقه أن يكون فى مادة (سيس).

(٢) وصواب هاتين أن يكونا فى مدة (مسس).

(٣) النافع. الذى يشفى غلة العطش. وفى الأصل : «نافعا» ، تحريف.

١١٩

ومن الباب [السَّيْب (١)] ، وهو العَطاء ، كأنَّه شىءٌ أُجرِىَ له. والسُّيُوب : الرِّكاز ، كأنه عطاءٌ أجراه الله تعالى لمن وَجَده.

ومما شذّ عن هذا الأصل السَّيَابُ ، وهو البلح ، الواحدة سَيَابةٌ

سيح السين والياءُ والحاء أصلٌ صحيح ، وقياسه قياسُ ما قبلَه يقال ساح فى الأرض. قال الله جلّ ثناؤه : (فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) والسَّيْح : الماء الجارى. والمَسَايِيح

فى حديث على كرَّم الله وجهه فى قوله : «أولئك مصابيح الدُّجَى ، ليسوا بالمَذَاييع ولا المَسَايِيح البُذُر (٢)». فإنّ المَذَايِيع جمع مِذْيَاع ، وهو الذى يُذيع السرّ لا يكتُمه. والمَسَايِيح ، هم الذين يَسِيحُونَ فى الأرض بالنَّميمة والشّرّ والإفساد بين الناس.

ومما يدلُّ على صحَّة هذا القياس قولُهم سَاحَ الظّلُّ ، إذا فاء. والسَّيْح : العَباءة المخطَّطة. وسمِّى بذلك تشبيهاً لخطوطها الشَّىء الجارى

سيد السين والياء والدال كلمةٌ واحدة ، وهى السِّيد. قال قومٌ : السِّيد الذئب. وقال آخَرون : وقد يسمَّى الأسَد سِيداً. وينشدون :

كالسِّيد ذى الِّلبْدة المستأسِدِ الضّارى (٣)

سير السين والياء والراء أصلٌ يدلُّ على مضىٍّ وجَرَيان يقال سار يسير سيراً ، وذلك يكونُ ليلاً ونهاراً. والسِّيرة : الطَّريقة

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) البذر : جمع بذور ، كصبر وصبور ، وهو الذى يذبع الأسرار.

(٣) الشطر فى المجمل واللسان (سيد).

١٢٠