تراثنا ـ العدد [ 15 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 15 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٣٨

٤ ـ فبعثت (أي قطام) إلى رجل من تيم الرباب يقال له : وردان ، فكلمته في ذلك فأجابها ، وجاء ابن ملجم برجل من أشجع يقال له : شبيب بن بحرة ، فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة!! قال : وما ذاك؟ قال : قتل علي بن أبي طالب! قال : ثكلتك أمك ، لقد جئت شيئا إدا ، كيف تقدر على ذلك؟! قال : أكمن له في المسجد ، فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثارنا ، وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا!! (٣٤).

و ـ الإخبار ... قبل الحدث :

١ ـ حدثنا دعلج بن أحمد السجزي ـ ببغداد ـ ثنا عبد العزيز بن معاوية البصري ، ثنا عبد العزيز بن الخطاب ، ثنا ناصح بن عبد الله الملحمي ، عن عطاء بن السائب ، عن أنس بن مالك ، قال : دخلت مع النبي على علي بن أبي طالب يعوده وهو مريض ، وعنده أبو بكر وعمر فتحولا حتى جلس رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، فقال أحدهما لصاحبه : ما أراه إلا هالك! فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : إنه لن يموت إلا مقتولا ، ولن يموت حتى يملأ غيظا (٣٥).

٢ ـ قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : أشقى الأولين عاقر الناقة ، وأشفى الآخرين من هذه الأمة الذي يطعنك يا علي ، وأشار إلى حيث طعن (٣٦).

٣ ـ قال علي : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : من أشقى الأولين؟ قلت : عاقر الناقة ، قال : صدقت. قال : فمن أشقى الآخرين؟ قلت :

__________________

فضحك الصبح).

(٣٤) المناقب ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٦ ، الكامل في التاريخ ٣ / ٣٨٩ ، تفسير نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ١١٥.

(٣٥) المستدرك ٣ / ١٣٩ ، تاريخ دمشق ٣ / ٢٦٦.

(٣٦) أنساب الأشراف ٢ / ٤٩٩.

١٨١

لا علم لي يا رسول الله ، قال : الذي يضربك على هذا ، وأشار بيده إلى يافوخه (٣٧).

٤ ـ عن عبد الله بن سبع ، قال : سمعت عليا على المنبر يقول : ما ينظر أشقاها؟ والذي خلق الحبة وبرأ النسمة عهد إلي أبو القاسم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : لتخضبن هذه من هذه ، وأشار إلى لحيته ورأسه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، من هو؟ لنبيرنه ... قال : أنشدكم الله أن يقتل غير قاتلي (٣٨).

٥ ـ لما خرج علي عليه‌السلام لطلب الزبير ، خرج حاسرا ، وخرج إليه الزبير دارعا مدججا ... قال علي عليه‌السلام : إنه ليس بقاتلي ، إنما يقتلني رجل خامل الذكر ضئيل النسب غيلة ، في غير ما قط حرب ولا معركة ولا رجال ، ويل له ، إنه أشقى البشر ، ليودن أن أمه هبلت به ، أما إنه وأحيمر ثمود لمقرونان في قرن (٣٩).

٦ ـ حدثني العباس بن علي ومحمد بن خلف ، قالا : حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني ، قال : كان علي بن أبي طالب إذا أعطى الناس فرأى ابن ملجم قال :

أريد حياته ويريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد (٤٠)

٧ ـ عن سكين بن عبد العزيز العبدي أنه سمع أباه يقول : جاء عبد الرحمن ابن ملجم يستحمل عليه فحمله ، ثم قال : إن هذا قاتلي ، قيل : فما منعك منه؟ قال : إنه لم يقتلني بعد (٤١).

__________________

(٣٧) أسد الغابة ٤ / ٣٥ ، تاريخ دمشق ٣ / ٢٨١ ، تذكرة الخواص : ١٥٨ ، تاريخ الخلفاء ـ لابن قتيبة ـ ١ / ١٦٢.

(٣٨) تاريخ بغداد ١٢ / ٥٧ ، الرياض النضرة للطبري ٣ ـ ٤ / ٢٣٣.

(٣٩) شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد المعتزلي ـ ١ / ٧٨ طبعة القاهرة.

(٤٠) الأغاني ـ للأصبهاني ـ ١٤ / ٦٩ طبعة دار الفكر ، مقاتل الطالبيين : ٣١ ، ورواه ابن سعد في طبقاته ٣ / ٣٤.

(٤١) الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ٢٣٤.

١٨٢

ز ـ التنفيذ :

١ ـ روى ابن الأثير ، قال : وأنبأنا جدي ، حدثنا زيد بن علي ، عن عبيد الله بن موسى ، حدثنا الحسن بن كثير ، عن أبيه ، قال : خرج علي لصلاة الفجر فاستقبله الإوز يصحن في وجهه ، قال : فجعلنا نطردهن عنه ، فقال : دعوهن فإنهن نوائح ... (٤٢).

٢ ـ روى العلامة القندوزي في ينابيع المودة : في جواهر العقدين : عن الحسين بن كثير ، عن أبيه ، قال : فلما كانت الليلة التي قتل في صبيحتها ، أكثر الخروج والنظر إلى السماء ، وجعل يقول : والله ما كذبت ولا كذبت ، وإنها الليلة التي وعدت لي (٤٣).

٣ ـ أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد ، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسن بن بشران ، أنبأنا أبو علي بن صفوان ، حدثنا ابن أبي الدنيا ، حدثني هارون بن أبي يحيى ، عن شيخ من قريش أن عليا لما ضربه ابن ملجم قال : فزت ورب الكعبة ، ثم قال : لا يفوتنكم الرجل ، فشد الناس عليه فأخذوه (٤٤).

٤ ـ ... عن الزهري أن ابن ملجم طعن عليا حين رفع رأسه من الركعة ، فانصرف وقال : أتموا صلاتكم (٤٥).

٥ ـ أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أحمد بن محمد بن أحمد ، أنبأنا عيسى بن علي ، أنبأنا عبد الله بن محمد البغوي ، أنبأنا أحمد بن منصور ، أنبأنا

__________________

(٤٢) أسد الغابة ٤ / ٣٦ ، ومثله في الكامل ٣ / ١٩٥ ، البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ٨ / ١٣ ، الفصول المهمة : ١٢١ ، ذخائر العقبى : ١١٣.

(٤٣) ينابيع المودة : ١٦٤.

(٤٤) أسد الغابة ٤ / ٣٨ ، تاريخ دمشق ٣ / ٣٠٣ ، أنساب الأشراف ٢ : ٤٩٢ ، الإمامة والسياسة ـ للدينوري ـ ١ / ١٦٠.

(٤٥) كنز العمال ١٣ / ١٩٠.

١٨٣

يحيى بن بكير المصري ، أخبرني الليث بن سعد : أن عبد الرحمن بن ملجم ضرب عليا في صلاة الصبح على دهش بسيف كان سمه ... (٤٦).

أمير المؤمنين ... يوصي

أ ـ الوصايا العامة

١ ـ دعا (علي بن أبي طالب عليه‌السلام) حسنا وحسينا ، فقال : أوصيكما بتقوى الله ، وألا تبغيا الدنيا الفانية وإن بغتكما ، ولا تبكيا على شئ زوي عنكما ، وقولا الحق ، وارحما اليتيم ، وأعينا الضائع ، واصنعا للآخرة ، وكونا للظالم خصما وللمظلوم ناصرا ، اعملا بما في الكتاب ، فلا تأخذكما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال : هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال : نعم. قال : فإني أوصيك بمثله ، وأوصيك بتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك ، ولا تؤثر أمرا دونهما.

ثم قال للحسن والحسين : أوصيكما به ، فإنه أخوكما وابن أبيكما ، وقد علمتما أن أباكما كان يحبه ... (٤٧).

٢ ـ فلما حضرته الوفاة أوصى ، فكانت وصيته :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب :

أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، ثم إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين.

١٨٤

ثم أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم ، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ، ولا تفرقوا ، فإني سمعت أبا القاسم عليه‌السلام يقول : إن صلاح ذات البيت أفضل من عامة الصلاة والصيام.

انظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب.

الله الله في الأيتام فلا تغيروا أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم.

الله الله في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم ، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

الله الله في القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم.

الله الله في الصلاة فإنها عماد دينكم.

الله الله في بيت ربكم فلا يخلون ما بقيتم ، فإنه إن ترك لم تناظروا.

الله الله في شهر رمضان ، فإن صيامه جنة من النار.

الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم.

الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب.

الله الله في ذمة أهل بيت نبيكم ، فلا يظلموا بين ظهرانيكم.

الله الله في أصحاب نبيكم فإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوصى بهم.

الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.

الله الله فيما ملكت أيمانكم ، فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله أن قال : أوصيكم بالضعيفين ، نساؤكم وما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة ، لا تخافن في الله لومة لائم ، يكفيكم من أرادكم وبغي عليكم ، وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله ، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيتول الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم ، عليكم بالتواصل والتباذل وإياكم والتدابر والتقاطع والتفرق ، وتعاونوا على البر والتقوى ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.

١٨٥

حفظكم الله من أهل بيت ، وحفظ فيكم نبيكم ، أستودعكم الله ، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله ... (٤٨).

٣ ـ عن أبي وائل بن سعد ، قال : كان عند علي مسك ، فأوصى أن يحنط به ، وقال : هو فضلة حنوط رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (٤٩).

ب ـ الوصية باستخلاف الإمام الحسن عليه‌السلام

١ ـ ذكروا أن جندب بن عبد الله دخل على علي عليه‌السلام يسليه (بعد إصابته) فقال : يا أمير المؤمنين ، إن فقدناك فلا نفقدك فنبايع الحسن؟ قال : نعم (٥٠).

٢ ـ أخبرني حبيب بن نصر المهلبي ، قال : حدثنا عمر بن شبة ، قال : حدثنا علي بن محمد المدائني ، عن أبي بكر الهذلي ، قال : أتى أبا الأسود الدؤلي (٥١) نعي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وبيعة الحسن عليه‌السلام ، فقام على المنبر فخطب الناس ونعى لهم عليا عليه‌السلام ـ حتى قال : وقد أوصى بالإمامة بعده إلى ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وابنه وسليله وشبيهه في خلقه وهديه ، وإني لأرجو أن يجبر الله عزوجل به ما وهى ، ويسد به ما انثلم ، ويجمع به الشمل ، ويطفئ به نيران الفتنة ، فبايعوه ترشدوا.

فبايعت الشيعة كلها (٥٢).

__________________

(٤٨) المناقب ـ للخوارزمي : ٢٧٨ ، تاريخ الأمم والملوك ٥ / ١٤٧ ، مقاتل الطالبيين : ٣٩.

(٤٩) كنز العمال ١٣ / ١٩١.

(٥٠) المناقب ـ للحافظ الموفق بن أحمد الحنفي ، المعروف بأخطب خوارزم ـ : ٢٧٨.

(٥١) أبو الأسود الدؤلي : من المتحققين بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومحبته وصحبته ومحبة ولده ، وشهد معه الجمل وصفين وأكثر مشاهده ، واستعمله أمير المؤمنين عليه‌السلام على البصرة (إنباه الرواة ١ / ٥٢).

(٥٢) الأغاني ـ لأبي الفرج الأصبهاني ـ ١٢ / ٣٢٨ ونقله صاحب تعليقات كتاب (إحقاق الحق) ١٨ / ٢٥٧ عن مهذب الأغاني ـ لابن منظور ـ المجلد ٢.

١٨٦

جـ ـ الوصية بقاتله والقصاص منه

١ ـ قال الإمام علي عليه‌السلام : إنه أسير ، فأحسنوا نزله وأكرموا مثواه (٥٣) فإن بقيت قتلت أو عفوت ، وإن مت فاقتلوه قتلتي ، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (٥٤).

٢ ـ ... أنظر يا حسن ، إن أنا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة ، ولا تمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : إياكم والمثلة ولو أنها بالكلب العقور (٥٥).

٣ ـ قال له (أي الإمام علي عليه‌السلام لابن ملجم) : ولقد كنت أعلم أنك قاتلي ، وإنما أحسنت إليك لأستظهر بالله عليك ، ثم قال لبنيه : يا بني ، إن هلكت النفس بالنفس ، اقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيا (٥٦).

٤ ـ ... يا بني عبد المطلب ، لا تخوضوا دماء المسلمين خوضا تقولون : قتل أمير المؤمنين ، قتل أمير المؤمنين ، ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي ، انظروا ، إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة ، ولا تمثلوا به ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور (٥٧).

٥ ـ قال علي عليه‌السلام عندما أدخل عليه ابن ملجم بعد أن ضربه : النفس بالنفس ، إن هلكت فاقتلوه كما قتلني ، وإن بقيت رأيت فيه رأيي. وقال لابن ملجم : يا عدو الله ألم أحسن إليك؟! ... ألم أفعل بك ...؟! قال : بلى (٥٨).

__________________

(٥٣) إن هذا الخلق العظيم لم يسجله التاريخ إلا لأهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام ، فهل أوصى مقتول بقاتله قط ، إنها كلمة تدل على جوهر نفيس.

(٥٤) أنساب الأشراف ٢ / ٥٠٢ ، أسد الغابة ٤ / ٣٥ ، ومثله الإمامة والسياسة ـ لابن قتيبة ـ : ١٦٠.

(٥٥) تاريخ الطبري ٤ / ١١٤.

(٥٦) تذكرة الخواص : ١٦٢.

(٥٧) الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ٢٣٨.

(٥٨) مجمع الزوائد ٩ / ١٣٩.

١٨٧

الرحيل

١ ـ أنبأنا عبد الوهاب بن أبي منصور بن سكينة ، أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سليمان ، أنبأنا أحمد بن الحسين بن خيرون وأحمد بن الحسن الباقلاني ـ كلاهما إجازة ـ ، قالا : أنبأنا أبو علي بن شاذان ، قال : قراءة على أبي محمد بن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، حدثني جدي ، حدثنا أحمد بن محمد ابن يحيى ، حدثني إسماعيل بن أبان الأزدي ، حدثني فضيل بن الزبير ، عن عمرو ذي مر ، قال : لما أصيب علي بالضربة دخلت عليه وقد عصب رأسه ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين أرني ضربتك. قال : فحلها. فقلت : خدش وليس بشئ.

قال : إني مفارقكم فبكت أم كلثوم من وراء الحجاب. فقال لها : اسكتي ، فلو ترين ما أرى لما بكيت. قال : فقلت : يا أمير المؤمنين ، ماذا ترى؟ قال : هذه الملائكة وفود النبيون ، وهذا محمد صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول : يا علي أبشر فما تصير إليه خير مما أنت فيه (٥٩).

٢ ـ ... ثم كتب وصيته ولم ينطق إلا بلا إله إلا الله ، حتى مات (٦٠).

٣ ـ ... لما فرغ علي من وصيته قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، ثم لم يتكلم إلا بلا إله إلا الله حتى توفي (٦١).

٤ ـ عن ابن شهاب ، قال : قدمت دمشق وأنا أريد العراق ، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه ، فوجدته في قبة على فرش تفوت القائم وتحته سماطان ، فسلمت ثم جلست ، فقال لي : يا ابن شهاب ، أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب؟ قلت : نعم. قال : فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة ، وحول إلي وجهه وأحنى علي فقال : ما كان؟! فقلت : لم

__________________

(٥٩) أسد الغابة ٤ / ٣٨.

(٦٠) الكامل في التاريخ ٣ / ٣٩٢ ، المناقب ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٩.

(٦١) وسيلة النجاة ـ للمولوي ـ : ١٨٨ ، الإتحاف ـ للزبيدي ـ ١٠ / ٣١٩ ، البصائر ـ للداجوني الحنفي ـ : ٤٤.

١٨٨

يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم (٦٢).

٥ ـ أخبرنا أبو محمد الشاهد ، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا أبو الحسن المقرئ ، أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس.

حيلولة ، وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنبأنا محمد بن محمد ، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، أنبأنا عمر بن الحسن ، قالا : أنبأنا ابن أبي الدنيا ، أنبأنا سعيد بن يحيى الأموي ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق.

وقال ابن السمرقندي : أنبأنا أب ي ، عن محمد بن إسحاق ، قال : مات علي في إحدى وعشرين ليلة مضت من شهر رمضان (٦٣).

٦ ـ أخبرني أحمد بن بالويه العقصي ، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عباد بن يعقوب ، ثنا نوح بن دراج ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزهري أن أسماء الأنصارية قالت : ما رفع حجر بإيلياء ليلة قتل علي إلا ووجد تحته دم عبيط (٦٤).

٧ ـ روى الحاكم ، عن أبي عبد الله الحافظ أنه بلغه : قال علي للحسن والحسين رضي‌الله‌عنهم : إذا مت أنا فاحملاني على سرير ، ثم ائتيا بي الغري ـ وهو نجف الكوفة ـ فإنكما تريان صخرة بيضاء تلمع نورا ، فاحتفرا فإنكما تجدان فيها ساجة ، فادفناني فيها (٦٥).

٨ ـ ... ثنا المعتمر ، قال : قال أبي : حدثنا الحريث بن مخشى أن عليا قتل صبيحة إحدى وعشرين من رمضان ، قال : فسمعت الحسن بن علي يقول وهو يخطب ـ وذكر مناقب علي ـ فقال : قتل ليلة أنزل القرآن ، وليلة أسري بعيسى ، وليلة قبض موسى (٦٦).

__________________

(٦٢) الرياض النضرة ٣ ـ ٤ / ٢٣٧ ، وروى الخوارزمي في مناقبه : ٢٨١ بنفس المعنى ، ومثله في الصواعق المحرقة ـ لابن حجر ـ : ١٩٢ طبعة مصر.

(٦٣) تاريخ دمشق ٣ / ٣١٧ ترجمة الإمام علي عليه‌السلام.

(٦٤) مستدرك الحاكم ٣ / ١٤٤.

(٦٥) أرجح المطالب : ٦٦٩.

(٦٦) المستدرك ٣ / ١٤٣ ، تلخيص المستدرك ـ للذهبي ـ ٣ / ١٤٣.

١٨٩

القصاص

١ ـ فلما مات علي رضي‌الله‌عنه ، استدعى الحسن ابن ملجم ، فقال له ابن ملجم : إني أعرض عليك خصلة. قال : وما هي؟ قال : إني كنت عاهدت الله عند الحطيم أن أقتل عليا ومعاوية أو أموت دونهما ، فإن خليتني ذهبت إلى معاوية ، على أني إن لم أقتله أو قتلته وبقيت فلله علي أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك ، فقال الحسن : كلا والله حتى تعاين النار فلا. ثم قدمه فقتله (٦٧).

٢ ـ فلما قبض عليه‌السلام بعث الحسن إلى ابن ملجم فقال للحسن : هل لك في خصلة ، إني والله ما أعطيت الله عهدا إلا وفيت به ، إني كنت قد أعطيت الله عهدا عند الحطيم أن أقتل عليا ومعاوية أو أموت دونهما ، فإن شئت ... فقال الحسن : أما والله حتى تعاين النار فلا ، ثم قدمه فقتله ... (٦٨).

٣ ـ ودعا الحسن ـ بعد دفنه ـ بابن ملجم ـ لعنه الله ـ فأتي به فأمر بضرب عنقه ، فقال له : إن رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام ، فأنظر ما صنع صاحباي بمعاوية ، فإن كان قتله وإلا قتلته ثم أعود إليك تحكم في بحكمك ، فقال له الحسن : هيهات والله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار ، ثم ضرب عنقه (٦٩).

__________________

(٦٧) البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ٧ / ٣٣٠.

(٦٨) تاريخ الطبري ٤ / ١٤٤ ، ومثله في المناقب ـ للخوارزمي ـ : ٢٧٩.

(٦٩) مقاتل الطالبين : ٤١ ، تفسير نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٦ / ١٢٥.

١٩٠

من ذخائر التراث

١٩١
١٩٢

مختصر

إثبات الرجعة

للفضل بن شاذان

السيد باسم الموسوي

المؤلف :

هو أبو محمد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري ، المتوفى سنة ٢٦٠ ه.

قال عنه الشيخ الطوسي : (فقيه متكلم جليل القدر ، له كتب ومصنفات) (١) ثم ذكر كتبه وعد منها كتاب (إثبات الرجعة).

وقال عنه النجاشي : (كان أبوه من أصحاب يونس ، وروى عن أبي جعفر الثاني وقيل عن الرضا أيضا عليهما‌السلام ، وكان ثقة ، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلمين ، وله جلالة في هذا الطائفة ، وهو في قدره أشهر من أن نصفه وذكر الكنجي أنه صنف مائة وثمانين كتابا) (٢) ثم عد كتبه ومنها : (إثبات الرجعة).

وقال عنه ابن داود الحلي ـ بعد أن نقل قولي الشيخ والنجاشي ـ : (كان أحد أصحابنا الفقهاء العظام المتكلمين ، حاله أعظم من أن يشار إليها ، قيل : إنه

__________________

(١) الفهرست : ١٢٤ رقم ٥٥٢.

(٢) فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي) : ٣٠٦ رقم ٨٤٠.

١٩٣

دخل على أبي محمد العسكري عليه‌السلام فلما أراد أن يخرج سقط منه كتاب من تصنيفه فتناوله أبو محمد عليه‌السلام ونظر فيه وترحم عليه ، وذكر أنه قال : (أغبط أهل خراسان لمكان الفضل وكونه بين أظهرهم) وكفاه بذلك فخرا) (٣).

الكتاب :

لقد ذكر النجاشي نقلا عن أبي القاسم يحيى بن زكريا الكنجي كتابين للفضل بن شاذان ـ من جملة كتبه ـ هما : (الرجعة) و (إثبات الرجعة).

أما كتابه الأول فقد ذكره الشيخ آقا بزرك الطهراني في الذريعة ١٠ / ١٦٢ رقم ٢٩٤ تحت عنوان (الرجعة وأحاديثها) وقال : (الرجعة وأحاديثها : للفضل بن شاذان بن الخليل بن أبي محمد الأزدي النيشابوري ، المتوفى سنة ٢٦٠ ه ، وهو غير (إثبات الرجعة) له أيضا ، وهذا هو الذي يعبر عنه بكتاب الغيبة كما يأتي بتصريح النجاشي ، وكان عند الميرلوحي الأصفهاني على ما ينقل عنه في كتابه الأربعين الموسوم : كفاية المهتدي).

وعاد فذكره في الذريعة ١٦ / ٧٨ رقم ٣٩٥ بعنوان (كتاب الغيبة) وذكر أن نسخة منه عند الميرزا إبراهيم الأصفهاني ، كما ذكر أن المحدث النوري نقل في (مستدرك الوسائل) عن هذا الكتاب بتوسط الميرلوحي الأصفهاني الذي كان يمتلك نسخة من هذا الكتاب.

أما كتابه الثاني (إثبات الرجعة) فهو أصل رسالتنا هذه ، وقد ذكره له إسماعيل باشا البغدادي في إيضاح المكنون ١ / ٢٣ إضافة إلى من ذكره له من الشيعة.

__________________

(٣) الرجال : ١٥١ رقم ١٢٠٠.

راجع في تفصيل ترجمته : اختيار معرفة الناقلين (رجال الكشي) ٢ / ٨١٧ ، منهج المقال : ٢٦٠ ، تنقيح المقال ٢ / ٩ ، جامع الرواة ٢ / ٥ ، الرجال ـ للشيخ الطوسي ـ : ٤٢٠ رقم ١ ، معجم رجال الحديث ١٣ / ٢٩٨ رقم ٩٣٥٥ ، مصفى المقال : ٣٦٠ ، الأعلام ـ للزركلي ـ ٥ / ١٤٩ ، مقدمة تحقيق كتابه (الإيضاح)

١٩٤

وقد ذكره العلامة الطهراني في الذريعة ١ / ٩٣ رقم ٤٥٠ بعنوان (إثبات الرجعة).

وعبر عنه في الذريعة ٢٢ / ٣٦٧ رقم ٧٤٧٢ قائلا : (منتخب إثبات الرجعة : للفضل بن شاذان ، انتخبه بعض فضلاء المحدثين ، كما كتب عليه الشيخ الحر بخطه ، صورة الخط في آخر النسخة الموجودة عند الشيخ محمد السماوي : هذا ما وجدناه منقولا من رسالة (إثبات الرجعة) للفضل بن شاذان ، بخط بعض فضلاء المحدثين).

وذكرها أيضا في الذريعة ٢٠ / ٢٠١ رقم ٢٥٧٤ بعنوان (مختصر الغيبة للفضل بن شاذان) ونسب المختصر هذا إلى السيد بهاء الدين علي النيلي النجفي ، وقال : (وذكرت هذه النسخة بعنوان : منتخب إثبات الرجعة ، لاحتمال تعددهما ، فراجع) كما مر آنفا.

النسخة :

إن ما حصلنا عليه من نسخ هذه الرسالة هي النسخة التي فرغ من كتابتها ابن زين العابدين محمد بن حسين الأرموي في ثمان ليال بقين من ذي القعدة سنة ١٣٥٠ ه نقلا عن نسخة صاحب الوسائل المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ، المتوفى سنة ١١٠٤ ه ، وكان عليها خطه قدس‌سره.

ونسخة رسالتنا هذه محفوظة في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام في مشهد ، ضمن مجموعة رقم ٧٤٤٢ مع مخطوطتي كتابي الأمالي والإفصاح في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكلاهما للشيخ المفيد ، وقد احتلت نسختنا هذه الأوراق من ١ ـ ١١ من المجموعة ، وقد فات المفهرس أن يذكر وجودها ضمن المجموعة المذكورة آنفا فذكر كتابي الشيخ المفيد دونها! وقد دلنا عليها سماحة العلامة المحقق السيد عبد العزيز الطباطبائي على أثر تتبعاته وتنقيباته في مخطوطات المكتبات المختلفة ، وزودتني مؤسسة آل البيت ـ عليهم‌السلام ـ لإحياء التراث مشكورة بمصورتها ،

١٩٥

وفقهم الله جميعا.

والنسخة هذه تحتوي على (٢٠) حديثا فقط تدور حول موضوع إمامة المهدي عليه‌السلام وغيبته وبعض علائم الظهور اختارها منتخبها من أصل الكتاب لهذا الغرض كما يبدو ، ولا ندري نسبة ما خرج في هذه الرسالة من الأحاديث إلى أصل الكتاب ، ومن الجدير بالذكر أن هذه الأحاديث العشرون لم تذكر موضوع الرجعة إلا في الحديثين رقم ٧ و ١٦.

كما أن هناك نسخة مخطوطة أخرى ـ لم نستطع الحصول عليها ـ بعنوان (مختصر كتاب الرجعة) لابن شاذان في مكتبة آية الله الحكيم ، في النجف الأشرف ، ضمن مجموعة تحتوي على خمسة كتب أخرى ، جاء ذكرها في فهرس المكتبة ١ / ٥٦ برقم ٣١٦ ، وهي نسخة المحدث الحر العاملي ـ صاحب (وسائل الشيعة) ـ وعلى ظهرها تملك جماعة من الأعلام بخطوطهم ، وآخر من تملك النسخة الشيخ محمد السماوي ، المتوفى سنة ١٣٧٠ ه.

وجاء ذكرها أيضا في (سلسلة تعريف المخطوطات) نشر جامعة طهران ٥ / ٤٢٣ رقم ٤٠ في عداد نوادر مخطوطات مكتبة آية الله الحكيم.

وهناك روايات في رجوع الأموات إلى الحياة الدنيا تجدها في مصادر أهل السنة المعتمدة ولم يستنكروها بل عدوها من الكرامات (٤) فابن أبي الدنيا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد الله الأموي القرشي ألف كتابا في ذلك بعنوان (من عاش بعد الموت) وصدر هذا الكتاب بتحقيق علي أحمد جاب الله عن دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٩٨٧ م ، فليس بدعا أن تقول الشيعة بالرجعة

__________________

(٤) لاحظ : الإستيعاب ١ / ١٩٢ ، البداية والنهاية ٦ / ١٥٦ و ١٥٨ ، الروض الآنف ٢ / ٣٧٠ ، الإصابة ١ / ٥٦٥ و ٢ / ٢٤ تهذيب التهذيب ٣ / ٤١٠ ، الخصائص الكبرى ٢ / ٨٥ ، شرح شفا القاضي عياض ـ للخفاجي ـ ٣ / ١٠٥ و ١٠٨.

راجع : الغدير ١١ / ١٠٣ و ١٠٥ و ١١٣ و ١١٩ و ١٣٥ و ١٦٧ و ١٨٧ و ١٩٠.

١٩٦

بعد أن نطق بها القرآن الكريم (٥) والأحاديث الواردة عن النبي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام ، كما أن العقل لا يمنع من وقوع ذلك ، وكل ذلك في مقدور الله سبحانه ..

ولمزيد الاطلاع على موضوع الرجعة راجع (الايقاظ من الهجعة في إثبات الرجعة) للمحدث الحر العاملي.

منهج التحقيق :

لما كانت جل كتب الفضل بن شاذان قد فقدت على مر العصور ولم يصلنا منها إلا النزر القليل ـ ومما فقد منها كتابا (الرجعة) و (إثبات الرجعة) على فرض تعددهما ، ولم يصلنا إلا هذا المنتخب من الأصل ـ كان أساس العمل في هذه النسخة هو محاولة تخريج أحاديثها على أكبر عدد ممكن من المصادر الأصول تعضيدا لها ، ومن ثم تشخيص الاختلافات فيما بينها وبين هذه الرسالة وإثبات ما هو الصواب أو الأرجح في المتن بما في ذلك الإضافات على النسخة وقد حصرناها بين معقوفتين () ، فما كان منها مأخوذا من المصادر لم نذكر له هامشا ، وما كان من عندنا ـ وهو قليل ـ أثبتنا له هامشا موضحا ذلك.

هذا ولم نطلب التطابق التام بين أحاديث هذه الرسالة وبقية المصادر لما لهذه الرسالة من مسحة مصدرية ، وما ذكر من مصادر لأحاديثها إنما لوحظ فيه اتحاد المتن نصا أو مضمونا ، إلا ما كان من (إثبات الهداة) حيث نقل مؤلفه

__________________

(٥) من الآيات الشريفة التي استدل بها الشيعة على وقوع الرجعة : قول تعالى : (... ثم بعثناكم من بعد موتكم ...) البقرة ٢ : ٥٥.

وقوله تعالى : (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) البقرة ٢ : ٢٤٣.

وقوله تعالى : (... فأماته الله مائة عام ثم بعثه ... وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما ...) البقرة ٢ : ٢٥٩.

وقوله تعالى : (... ثم أدعهن يأتينك سعيا ..) البقرة ٢ : ٢٦٠.

١٩٧

المحدث الحر العاملي بعض أحاديث هذه الرسالة فكان بذلك نسخة أخرى لها ، أو بالأحرى النسخة الأم لهذه النسخة والتي كانت عنده.

والحمد لله رب العالمين.

السيد باسم الموسوي

١٩٨

١٩٩

٢٠٠