معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع - ج ٣

أبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع - ج ٣

المؤلف:

أبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي


المحقق: مصطفى السقا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٣
الصفحات: ٤٠٠

قد حلفت ليلة الصّورين جاهدة

وما على الحرّ إلّا الصّبر مجتهدا

صومحان بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده ميم مفتوحة ، وحاء مهملة ، على وزن فوعلان موضع مذكور فى رسم الكلندى.

وصومح بطرح الألف والنون : موضع آخر.

صوّران بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه ، بعده راء مهملة ، على وزن فوعلان : بلد دون دابق. وقال أبو الفتح : هو جبل فى طرف البرّية ، ممّا يلى الرّيف ، ببلاد الروم. وهو فوعلان ، من الصّور ، كأنّه مال إلى الرّيف. قال صخر الغىّ :

مآبه الرّوم أو تنوخ أوال

آطام من صوّران أو زبد

تنوخ : هم حاضرو حلب وسكّانها. وزبد : موضع قبل حمص.

الصاد والياء

الصّيح بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده حاء مهملة : حرّة من حرار اليمن ، مذكورة فى رسم فراة.

وادى صيحانبفتح أوّله ، وبالحاء المهملة : واد فى ديار ألهان أخى همدان ، نسب إلى صيحان بن ألهان.

صيحم بفتح أوّله ، وبحاء مهملة : قصر كان ينزله بنو أفرع بن الهميسع ابن حمير باليمن. واسمه صيح. وحمير تزيد الميم ، يريدون صيحاما ، ثم خفّف كما تقدّم فى تلثم.

عين صيد (١) بفتح أوّله وإسكان ثانيه ، بعده دال مهملة مذكورة ، فى رسم لعلع وفى رسم ذى قار.

__________________

(١) فى ق : صيداء ممدودا وهو خطأ من الناسخ ، لأن المؤلف ذكره فى رسم لعلع وكذا فى رسم ذى قار هكذا : عين صيد. كما ذكره فى كتاب العين كذلك.

١٤١

صيداء بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده دال مهملة ممدود ، على وزن فعلاء ؛ قال الذّبيانى :

لئن كان للقبرين قبر بجلّق

وقبر بصيداء الذي عند حارب (١)

قال الاثرم : حارب اسم رجل. والصحيح أنه اسم موضع. والصّيداء : أرض غليظة ذات حجارة ، ومنه اشتقّ اسم الرجل الذي منه بنو الصّيداء. قاله ابن دريد. قال : ويقال ماء ولا كصيداء ، ولا كصدّاء ، وهى بئر معروفة بالعذوبة.

صير بكسر أوّله ، وبالراء المهملة فى آخره بلد مذكور فى رسم راية.

بركة صيف بكسر أوّله : هى بركة يديرة من اليمن ، نسبت إلى صيف ، رجل من همدان.

صيلع بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، وفتح اللام ، بعدها عين مهملة : موضع من اليمن كثير الوحش والظباء. ولما خرج وفد همدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ساروا حتّى نزلوا الحرّة (٢) ، حرّة الرّجلاء ، ثم ساروا فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك ، وعليهم مقطّعات الحيرات ، والعمائم العدنيّة ، على المهريّة والارحبيّة برحال الميس ، فقام مالك بن نمط بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله ، نصيّة (٣) من همدان ، من كلّ حاضر وباد ، أتوك على قلص نواج ، من مخلاف خارف ويام وشاكر ، عهدهم لا ينقض ما أقام لعلع ، وما جرى اليعفور بصيلع.

ومالك بن نمط هو القائل فى رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا انصرف عنه (٤) :

__________________

(١) لم يرد الشطر الأول من البيت فى ق.

(٢) الحرة : ساقطة من ج.

(٣) النصية : الخيار الأشراف (عن اللسان).

(٤) فى ج : منه.

١٤٢

ذكرت رسول الله فى فحمة الدّجى

ونحن بأعلى رحرحان وصلدد

حلفت بربّ الرّاقصات إلى منى

صوادر بالرّكبان من هضب قردد

بأنّ رسول الله فينا مصدّق

رسول أنى من عند ذى العرش مهتد

وما حملت من ناقة فوق كورها

برّ وأوفى ذمّة من محمّد

صلى الله عليه وسلم ، وشرّف وكرّم (١).

ورواه الحسن بن أحمد الهمدانى : وما جرى اليعفور بضلع ، بالضاد المعجمة المفتوحة ، واللام المفتوحة. وقال : هو ما اتّسع من الأرض.

صيمرة بفتح أوّله ، وفتح الميم ، بعده راء مهملة على وزن فيعلة : أرض مهرجان. وأجود الجبن الصّيمرىّ.

الصّين : بلاد فى مشرق الشمس معروفة.

والصّين ، على لفظه أيضا : رستاق من كسكر ، وهما رستاقان ، يقال لهما الصين الاعلى ، والصّين الاسفل.

صيهد بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده هاء مفتوحة ، ودال مهملة : أرض باليمن. وهى ناحية منحرفة (٢) ما بين بيحان ، فمأرب ، فالجوف ، فنجران ، فالعقيق ، فالدّهناء ؛ فراجعا إلى عبر (٣) حضرموت.

والرّسّ المذكور فى التنزيل بناحية صيهد. قال الهمدانى ذهب فى صيهد بعهدنا قطار فيه (٤) سبعون محملا من حاجّ الخضام ، صادرين من نجران ، كانت فى أعقاب الناس ، ولم يكن فيهم دليل ، فساروا الليلة وأصبحوا قد تياسروا عن الطريق (٥) ، وتمادى بهم الجور (٦) ، حتّى انقطعوا فى الدّهناء ، فهلكوا.

__________________

(١) العبارة ساقطة من ج.

(٢) فى ج : منحرفة.

(٣) الغبر : منهل فيه آبار. كذا شرحه الهمدانى فى صفة جزيرة العرب ص ٨٤.

(٤) فى ج : فيها.

(٥) «فيناشدوا الطريق» : العبارة ساقطة من ج.

(٦) فى ج : الحور.

١٤٣

بسم الله الرّحمن الرّحيم

صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

كتاب حرف الضاد

الضاد والهمزة

الضّئيد : موضع رمل بقرب ودّان ؛ قال كثيّر :

إلى ظعن يتبعن فى قتر الضّحى

بعدوة ودّان المطىّ الرّواسما

تخلّلن أجزاع الضّئيد غديّة

ورعن امرأ بالحاجبيّة هائما

ومرّت تحثّ السائقات (١) جمالها

بها مجتوى ذى معيط فالمخارما

فلمّا انقضت أيّام نهبل كلّها

وواجهن ديموما من الخبت قائما

تيامنّ عن ذى المرّ فى مسبطرّة

يدلّ بها الحادى المدلّ المراوما

وورد فى شعر الراعى ضئيدة ، بزيادة هاء التأنيث ، وكذلك ورد فى شعر ابن مقبل ، قال الراعى :

دعاها من الحبلين حبلى ضئيدة

خيام وعكّاش لها ومحاضر (٢)

__________________

(١) فى ج : السائقات.

(٢) هذا البيت سقط من ق. وجعل الشطر الأول منه شطرا أول فى بيتى ابن مقبل الآتيين بعد هذا. ونقل بعض القراء فى هامش ق عن المحكم قوله : «ضئيدة : اسم موضع ؛ قال الراعى :

جعلن حبيّا باليمين ونكّبت

كبيشا لورد من ضئيدة باكر»

١٤٤

وقال ابن مقبل (١) :

ومن دون حيث استوقدت من ضئيدة (٢)

تناه بها طلح غريف (٣) وتنضب

وكتمى ودوّار كانّ ذراهما

وقد خفيا إلّا الغوارب ربرب

وروى الأصمعىّ : «بها (٤) طلح غريب» ، لأنّها لا تنبت بأرضهم.

الضاد والألف

ضا : قعر واد معروف ، إليه (٥) تنسب العجمضى ، وهو ضرب من التّمر (٦) ، وهما اسمان جعلا اسما واحدا : عجم ، وهو النّوى ، وضا ، وهو الوادى ؛ وأسكنت الميم تخفيفا ، لتوالى الحركات.

ضابئ على مثال لفظه (٧) ، إلّا أن الهمزة بدل من النون : موضع تلقاء ذى ضال من يلاد عذرة ، قال كثير بن مزرّد بن ضرار :

عرفت من زينب رسم أطلال

بغيقة فصابئ فذى ضال

ضابن بكسر الباء ، بعدها نون ، على وزن فاعل. قال الحربىّ فى باب المثّنى : الضّمر والضّابن : جبلان ، وإذا جمعا قيل : ضمران ، وهما فى شقّ بنى تميم.

__________________

(١) فى متن ق : قال الراعى ، وهو خطأ من الناسخ ، صوابه : ابن مقبل ، كما فى هامش ق.

(٢) فى ق : «دعاها من الحبلين حبلى ضئيدة» وهو تلفيق من الناسخ ، لأن هذا الشطر من قول الراعى المتقدم ، والتصويب من هامش ق ، قال : فى شعره :

ومن دون حيث استوقدت من ضئيدة

تناه بها طلح غريب وتنضب

(٣) الغريف : الشجر الكثير الملتف ، أى شجر كان (التاج).

(٤) بها : ساقطة من ج.

(٥) فى ج : تنسب إليه.

(٦) فى كتاب النخلة لأبى حاتم السجستانى : والعجمضى : يمرة لهم أيضا. (عن هامش ق.

(٧) أى على مثال لفظ ضابن الذي كان قبل ضابىء فى ترتيب المؤلف.

١٤٥

ضاجع بكسر الجيم ، بعدها عين مهملة : موضع فى بلاد بنى سليم ، وهو مذكور فى رسم تغلمين : ضاحك

على لفظ فاعل ، من الضحك : موضع قد تقدّم ذكره وتحديده فى رسم ذهبان ، وفى رسم ملل. وقال جرير :

فسقى صدى جدث ببرقة ضاحك

هزم أجشّ وديمة مدرار

ضاح فاعل من ضحى ، قال ساعدة بن جؤيّة :

أضرّ به ضاح فنبطا أسالة

فمرّ فأعلى جوزها فخضورها

فرحب فأعلام الفروط فكافر

فنخلة تلّى طلحها وسدورها

أضرّ به : أى لصق. وضاح ونبط : واديان قبل مرّ ، المتقدّم ذكره وتحديده.

وسائر المواضع المذكورة فى البيتين محددة فى رسومها. والضواحى : يأتى ذكرها فى حرف الضاد والواو.

الضّارب على لفظ فاعل من ضرب : موضع مذكور فى رسم ذى بقر ، على ما تقدّم ؛ وقد جمعه نصيب فقال الضّوارب ، وقد تقدّم (١) أيضا فى رسم نصع.

ضارج بكسر الراء ، بعده جيم. قال اليزيدىّ وأبو زيد الضرير : ضارج : ماء لبنى عبس. وأنشد للحصين بن الحمام المرّى :

فقلت تأمّل (٢) أن ما بين ضارج

ونهى الأكفّ صارخ غير أخرما

أى غير منقطع فى الصّراخ. ونهى الأكفّ : غدير ماء هنالك (٣). وقال الطّوسى : ضارج : موضع باليمن. وأنشد لامرىء القيس :

قعدت له وصحبتى بين ضارج

وبين العذيب بعد ما متأمّل

__________________

(١) سيأتى رسم نصع فى موضعه من المعجم.

(٢) فى ج : تبين.

(٣) فى ج : هناك.

١٤٦

والعذيب : بالعراق ، وهو محدود فى موضعه. وروى الأصمعىّ هذا البيت :

«قعدت له وصحبتى بين حامر

وبين إكام (١) .........

قال : وحامر ورحرحان من بلاد غطفان. وإكام (٢) : جبل بالشام.

وروى أن ركبا من اليمن خرجوا يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابهم ظمأ شديد ، كاد يقطع أعناقهم ، فلمّا أتوا ضارجا ذكر أحدهم قول امرئ القيس :

ولمّا رأت أنّ الشريعة همّها

وأن البياض من فرائصها دام

تيمّمت العين التى عند ضارج

يفىء عليها الظلّ عرمضها طام

فقال أحدهم : والله ما وصف امرؤ القيس شيئا إلّا على حقيقة وعلم ، فالتمسوا الماء ، فهذا ضارج ، وكان ذلك وقت الظّهيرة ، فمشوا على فىء الجبل ، حتى عثروا على العين ، فسقوا واستقوا. فلمّا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله ، لولا بيتان لامّرئ القيس لهلكنا ؛ وأنشدوه إياهما. فقال : ذلك نبيه الذكر فى الدّنيا ، خامله فى الآخرة. كأنّى أنظر إليه يوم القيامة ، بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار :

ضاس بالسين المهملة : جبل من أقبال رضوى (٣). قال كثيّر :

ولو بذلت أمّ الوليد حديثها

لعصم برضوى أصبحت تتقرّب

تهبّطن من أكناف ضاس وأيلة

إليها ولو أغرى بهنّ المسكلّب (٤)

__________________

(١) فى ج : لكام. وكلاهما جبل بالشام. انظر معجم البلدان لياقوت.

(٢) الأقبال : جمع قبل ، بالتحريك ، وهو نشر من الأرض يستقبلك ، أو من الجبل.

يقال : رأيت فلانا بذلك القبل. أو هو رأس كل أكمة أو جبل. أو المرتفع من أصل الجبل ، كالسند. يقال : أنزل بقبل هذا الجبل ، أى سفحه (عن تاج العروس).

(٤) المكلب : الذي يدرب الكلاب على الصيد.

١٤٧

ذو ضال موضع كثير الشجر من الضّال ، فى ديار عذرة ، قال جميل :

ومن كان فى حبّى بثينة يمترى

فبرقاء ذى ضال علىّ شهيد

ولهذا البيت خبر.

ضالة على اسم الشجرة المعروفة : موضع تلقاء بيشة. روى أبو إسحاق الحربىّ عن رجاله ، عن أبى إسحاق الكنانى ، عن عيسى بن يزيد ، قال : قدم جرير بن عبد الله البجلىّ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال : أين منزلك؟ قال : بأكناف بيشة ، بين نخلة وضالة.

الضاد والباء

ضبّ بفتح أوّله ، وتشديد ثانيه : اسم الجبل الذي مسجد الخيف فى أصله.

الضّباع على لفظ جمع ضبع : واد فى بلاد بنى ضبيعة بن قيس بن ثعلبة ، قال المرقّش الأكبر :

جاعلات بطن الضّباع شمالا

وبراق النّعاف ذات اليمين

عامدات لخلّ سمسم ما ينظرن صوتا لحاجة المحزون سمسم : موضع هناك أيضا. والنّعف : ما ارتفع عن مسيل الوادى ، وانحدر عن الجبل.

ضباعة بضمّ أوّله ، وبالعين المهملة : جبل قد تقدّم ذكره فى رسم الأصفر.

ضبر بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ، بعده راء مهملة : أرض بالمعافر من اليمن.

قال الأجدونىّ (١) : من أجدون حضرموت :

__________________

(١) فى ج : الأجرونى من أجرون حضرموت. ولم أجد هذا المكان فى المعاجم.

١٤٨

طوت ضبرا من ليليا ثمّ أصبحت

فقلت : خدير (١) بين سلع وشاهر

وهذه كلّها مواضع بالمعافر.

وقال الهمدانىّ فى موضع آخر : ضبر : جبل متّصل بريمان.

الضّبعان بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده عين مهملة ، على لفظ التثنية : موضع ينسب إليه : ضبعانىّ ، كما ينسب إلى البحرين (٢).

بئر الضّبوعة بفتح أوّله ، وضمّ ثانيه ، بعده عين مهملة ، على وزن فعولة : موضع مذكور فى رسم العشيرة.

ضبيب تصغير ضبّ : موضع ببلاد عبد القيس ، وهو مذكور فى رسم الذّرانح. فانظره هناك.

الضاد والجيم

الضّجن بفتح أوّله ، وثانيه ، بعدهما نون : جبل بين مكّة والمدينة (٣).

قاله أبو حاتم ، وأنشد لابن مقبل :

فى نسوة من بنى دهى مصعّدة

أو من قنان تؤمّ السّير للضجن (٤)

وقال الأعشى :

__________________

(١) خدير : بمعنى خادرة ، أى مقيمة فى مكانها لا تبرح.

(٢) زادت ج بعد البحرين : بحرانى.

(٣) كذا. وفى معجم البلدان عن الأصمعى : وفى بلاد هذيل موضع يقال له الضجن ، وأسفلة لكنانة ، على ليلة من مكة ، وأنشد بيت ابن مقبل ، ثم قال : وهو وقنان من بلاد بنى الحارث بن كعب. وفى التاج : الضجن : جبل معروف ، وأنشد بيت الأعشى.

(٤) فى معجم البلدان : «من ضجن» مرتين.

١٤٩

وطال السّنام على جبلة

كخلقاء من هضبات الضّجن

هكذا ضبطه اللّغويون ، وهكذا روى الرّواة هذين البيتين. وخالفهم صاحب كتاب العين ، فذكر الضّحن (١) ، بالضاد والحاء المهملة ، وقال : الضّحن : بلد (٢) : وأنشد عليه بيت ابن مقبل : «تؤمّ السّير للضّحن».

ضجنان بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه (٣) ، بعده نون وألف ، على وزن فعلان : جبل بناحية مكّة ، على طريق المدينة. قال ابن عبّاس : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بسورة براءة ، فلمّا بلغ أبو بكر ضجنان ، سمع بغام ناقة علىّ.

وفى حديث عمر بن الخطّاب أنه مرّ بضجنان ، فقال له (٤) : لقد رأيتنى بهذا الجبل أختطب مرّة وأحتطب أخرى ، على حمار للخطّاب ، وكان شيخا غليظا ، فأصبحت والناس بجنبنىّ ، ليس فوقى أحد.

ويدلّك أن بين ضجنان وقديد ليلة ، قول معبد بن أبى معبد الخزاعىّ ، وقد مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة ذات الرّقاع :

قد نفرت من رفقتى محمّد

__________________

(١) قال الجوهرى : والحاء فيه تصحيف. كذا فى معجم البلدان. وقد روى بيت الأعشى : «من هضبات الحضن».

(٢) الضجن : بلد ، عن ابن سيده فى المحكم ، وأنشد بيت ابن مقبل الذي أنشده الجوهرى فى ضجن. وقال الأكثرون : الحاء تصحيف ؛ إلا أن نصرا قال : (هو نصر بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن على الفزارى الإسكندرى النحوى ت سنة ٥٦١ ـ عن البغية للسيوطى) هو بلد فى ديار بنى سليم ، بالقرب من وادى بيضان. وقيل : هو بالصاد المهملة. (انظر تاج العروس : ضحن). وضبطه ياقوت بالفتح ثم السكون.

(٣) كذا ضبطه ابن دريد. وضبطه ياقوت بهذا الضبط ، وبتحريك الجيم.

(٤) له : ساقطة من ج. ولا مرجع للضمير. وانظر هذا الخبر بعبارة أخرى فى شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد (ج ١٢ ص ١١٠).

١٥٠

وعجوة من يثرب كالعنجد (١)

تهوى على دين أبيها الأتلد (٢)

قد جعلت ماء قديد موعدى

وماء ضجنان لنا ضحى الغد

الضّجوع بفتح أوّله ، وضم ثانيه ، وبالعين المهملة : موضع من (٣) بلاد هذيل ، وبلاد بنى سليم ، قال أبو ذؤيب :

أمن آل ليلى بالضّجوع وأهلنا

بنعف قوىّ والصّفيّة عير

قوىّ والصّفيّة : موضعان فى بلاد هذيل. وقال ابن مقبل :

أقول وقد قطعن بنا شرورى

ثوانى واستوين من الضّجوع

الضّجيع بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ، على وزن فعيل : قال المفجّع : الضّجيع : موضع فى ديار هذيل ، وأنشد لابن ربع الهذلىّ :

فإن يمس أهلى بالضّجيع ودوننا

جبال السّراة؟؟ هور فعواهن

هكذا أورده ورواه. والرواية (٤) المعروفة فى البيت :

«فإن يمس أهلى بالرّجيع»

الضاد والحاء

ضحىّ بضم أوّله ، وفتح ثانيه ، وتشديد الياء : موضع ذكره أبو بكر (٥).

__________________

(١) العنجد : حب الزبيب. ويقال : هو الزبيب الأسود.

(٢) الدين : الدأب والعادة. والأتلد : الأقدم ، من المال التليد.

(٣) فى ج : فى.

(٤) فى ج : هكذا أورده بالرواية المعروفة فى البيت.

(٥) فى ج : موضع قد تقدم ذكره.

١٥١

الضاد والراء

ضرسام بكسر أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده سين مهملة. اسم ماء ، قال النّمر :

أرمى بها بلدا ترميه عن بلد

حتّى أنخت إلى أحواض ضرسام

ضرغد بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده عين معجمة ، ودال مهملة. وهى أرض هذيل وبنى غاضره وبنى عامر بن صعصعة. وقيل : هى حرّة بأرض غطفان من العالية. وقال الخليل : ضرغد : اسم جبل. ويقال موضع ماء ونخل.

وضرغد مذكور أيضا فى رسم عتائد. وقال عامر بن الطّفيل :

فلأبغينّكم قنا وعوارضا

ولأوردنّ الخيل لابة ضرغد

وأنشد سيبويه : «ولأقبلنّ». ورواه ابن دريد عن ثعلب (١).

فلأبغينّكم الملا وعوارضا

قال : والملا من أرض كلب. وعوارض : جبل لبنى أسد. وقنا : جبل.

هكذا قال ابن الأنبارىّ. وقال غيره : قنوين : موضع ، يقال صدنا بقنوين.

وأنشد للشمّاخ.

كأنّها وقد بدا عوارض

والليل بين قنوين رابض

بجلهة الوادى قطا نواهض

وانظر قنا فى رسم متالع. وضرغد مذكور أيضا فى رسم ذروة ، وفى رسم عتائد.

__________________

(١) فى ج : ثعلبة.

١٥٢

ضروان بفتح أوّله وثانيه ، وفتح الواو بعده : هو الموضع الذي كانت فيه نار اليمن التى يعبدونها ويتحاكمون إليها ، فإذا اختصم الخصمان خرج إليهما لسان ، فإن ثبت أكلت الظالم. قال الهمدانى كان يقال لمخرج النار حزبى (١) الخشاب ، جمع خشب ، وهو ما كان من الحزن يأكل الحذاء ، ومن هذا قيل جبل أخشب. قال : وهذه النار ظهرت فى بعض قرانات مثلّثات الحمل ، فأقامت قرانا كاملا ، وبلغت حدود (٢) شبام أقيان. ومن الشّمال بلاد الصّيد إلى ذى أبين ، ثم راجعا إلى حباشة وأسفل محصم ، إلى مدر ، فبيت الخالك ، راجعا إلى مكانها. ورئام البيت الذي كانوا يعبدونه أيضا هناك. قال : وقال اللماء : ضروان : هى الجنّة التى اقتصّ الله خبرها فى سورة ن.

الضّريب فعيل من ضرب وهو واد كثير الأسد ، قال الأفوّه الأودىّ :

وخيل عالكات اللّجم فينا

كأنّ كماتها أسد الضّريب

هم سدّوا عليكم بطن نجد

وضرّات الجبابة والهضيب

الضّرّات : الأظراب الصغار. والجبابة والهضيب : موضعان من نجد.

ضريّة بفتح أوّله ، وكسر ثانيه ، وتشديد الياء أخت الواو : نسب (٣) إلى ضريّة بنت ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان. ويقال إنه منسوب (٤) إلى خندف أمّ مدركة وإخوته. والصحيح أنّ اسم خندف ليلى بنت حلوان ابن عمران بن الحاف بن قضاعة.

وروى الحربىّ من طريق معتمر ، عن عاصم عن الحسن ، قال : خلق جؤجؤ (٥)

__________________

(١) فى ج : جربى.

(٢) فى ج : حذو.

(٣) فى ج : لسبت.

(٤) فى ج : إنها منسوبة.

(٥) الجؤجؤ : الصدر.

١٥٣

آدم من كثيب ضريّة. وروى غيره : من نقا ضريّة.

وإلى ضريّة هذه ينسب الحمى ، وهو أكبر الأحماء ، وهو من ضريّة إلى المدينة ، وهى أرض مربّ منبات كثيرة العشب ، وهو سهل الموطئ كثير الحموض ، تطول عنه الأوبار ، وتتفتق (١) الخواصر.

وحمى الرّبذة غليظ الموطئ ، كثير الخلّة. وقال الأصمعىّ : قال جعفر بن سليمان إذا عقد البعير شحما بالرّبذة سوفر عليه سفرتان لا تنفصان شحمه ، لأنها أرض ليس فيها حمض.

وأوّل من أحمى هذا الحمى عمر بن الخطّاب رحمه الله لإبل الصدقة ، وظهر الغزاة. وكان حما؟ ستّة أميال من كلّ ناحية من نواحى ضريّة ، وضريّة (٢) فى أوسط الحمى ؛ فكان على ذلك إلى صدر من خلافة عثمان رضى الله عنه ، إلى أن كثر النّعم ، حتّى بلغ نحوا من أربعين ألفا ، فأمر عثمان رحمه الله أن يزاد فى الحمى ما يحمل إبل الصدقة وظهر الغزاة ، فزاد فيها زيادة لم تحدّها الرّواة ، إلّا أنّ عثمان رحمه الله اشترى ماء من مياه بنى ضبينة ، كان أدنى مياه غنىّ إلى ضريّة ، يقال لها البكرة ، بينها وبين ضريّة نحو من عشرة أميال ، فذكروا أنها دخلت فى حمى ضريّة أيّام عثمان ؛ ثم لم تزل الولاة بعد ذلك تزيد فيه ، وكان أشدّهم فى ذلك انبساطا إبراهيم بن هشام.

وكان ناس من الضّباب قدموا المدينة ، فاستسقوا البكرة من ولد عثمان رحمه الله ، فاسقوهم (٣) إيّاها. والبكرة عن يسار ضريّة للمصعد إلى مكّة ،

__________________

(١) فى ج : وتنفتق.

(٢) وضرية : ساقطة من ج.

(٣) فى ج : فأسقاهم.

١٥٤

وكان عثمان رحمه الله قد احتفر عينا فى ناحية من الأرض التى لغنىّ خارج الحمى ، فى حقّ بنى مالك بن سعد بن عوف ، رهط طفيل ، وعلى قرب ماء من مياههم يقال له نفء ، وهو الذي يقول فيه امرؤ القيس :

غشيت ديار الحىّ بالبكرات

فعارمة فبرقة العيرات

فغول فحلّيت فنفء فمنعج

إلى عاقل فالجبّ ذى الأمرات

وبين نفء وبين أضاح نحو من خمسة عشر ميلا. وابتنى عمّاله عند العين قصرا يسكنونه ، وهو بين أضاخ وجبلة ، قريبا من واردات ، فلمّا قتل عثمان انكشف العمّال وتركوها ؛ واختصم فيها أيّام بنى العبّاس الغنويّون والعثمانيّون ، عند أبى المطرّف عبد الله بن محمد بن عطاء اللّيثى ، وهو عامل للحسن (١) بن زيد ، فشهدت بنو تميم للعثمانيّين ، وشهدت قيس للغنويّين ، فلم يثبت لفريق منهم حقّ ، وبقيت نفء مواتا دفينا.

وقد كان مروان بن الحكم احتفر حفيرة أيضا فى ناحية الحمى ، يقال لها الصّفوة ، بناحية أرض بنى الأضبط بن كلاب ، على عشرين ميلا من ضريّة ، ثم استرجعها بنو الأضبط فى أيام بنى العبّاس ، بقطائع من السلطان ، واحتفر عبد الله بن مطيع العدوىّ حفيرة بالحمى فى ناحية شعبى ، إلى جنب الثّريّا (٢) للكنديّين ، منهم العبّاس بن يزيد الشاعر ، الذي يقول فيه جرير :

أعبدا حلّ فى شعبى غريبا

ألؤما لا أبالك واغترابا

إذا خلّ الحجيج على قنيع

يدبّ الليل يسترق العيابا

__________________

(١) فى ج : للحسين.

(٢) فى ج بعد الثريا : وكانت الثريا.

١٥٥

قنيع الذي ذكره : ماء كان للعبّاس بن يزيد وأهل بيته ، على ظهر محجّة أهل البصرة من الضربة (١) ، وبينه وبينها للمصعد إلى مكّة تسعة أميال ، والعبّاس بن يزيد هو الذي يقول :

سقى الله نجدا من ربيع وصيّف

وما ذا ترجّى من ربيع سقى نجدا

أعاذل ما نجد بأمّ ولا أب

ولا بأخى حلف شددت له عقد

تلوّمت نجدا فرط حين فلا أرى

عن العيش فى نجد سعيدا ولا سعدا

لحى الله نجدا كيف يترك ذا النّدى

بخيلا وحرّ القوم يحسبه عبدا

وفى الثّريّا يقول صخر بن الجعد الحضرمىّ (٢) :

فارنقبت العشاء وهو يسامى

شعبى بارزا لعين البصير

يحضر العصم من جبال الثريّا

ويرامى شعابه بالصّخور

وقد تنازع الجعفريّون : بنو جعفر بن كلاب وبنو أبى بكر بن كلاب فى قنيع ، كلّهم ادّعاه ، واجتمعوا بقنيع ، وسفرت بينهم سفراء من ضريّة ، فاصطلحوا على أن حكّموا سلمة بن عمرو بن أنس ، فلم يحكم بينهم حتّى عقد لنفسه عقدا ألّا يردّوا حكمه ، وأخذ عليهم الأيمان ، فلمّا استوثق قال : ما لأحد من الفريقين حقّ فى قنيع ، إنّه ممات دفن. فرضوا جميعا ، وصوّبوا رأيه.

وكان سلمة بن عمرو شريفا قارئا لكتاب الله عزّ وجلّ ، حسن العلم به. فمدحه شعراؤهم ، فقال عقيل بن العرندس ، أحد بنى عمرو بن عبد بن أبى بكر بن كلاب ، وهو القتّال :

يا دار بين كليّات وأظفار

والحمّتين سقاك الله من دار

__________________

(١) فى ج : ضربة ، بدون أل.

(٢) فى ج : الخضرى. تحريف.

١٥٦

وهى مشهورة يقول فيها بعد قوله «وأنت عليها عاتب زار» :

بل أيّها الرّجل المفنى شبيبته

يبكى على ذات خلخال وأسوار

عدّ نحىّ بنى عمرو فإنّهم

ذوو فضول وأحلام وأخطار

هينون لينون أيسار ذوو يسر

سوّاس مكرمة أبناء أيسار

لا ينطقون عن الفحشاء إن نطقوا

ولا يمارون من ماروا بإكثار

فاحتفر بعض بنى جسر بالحمى وبشاطئ الريان فى غربى طخفة ، وسمّى تلك العين المشقّرة ، وهى اليوم فى أيدى ناس من بنى جعفر ، وبين هذه الحفيرة وبين ضريّة ثلاثة عشر ميلا.

ولبنى الأدرم بطن من قريش ، ماء قديم جاهلىّ بناحية الحمى ، على طريق ضرية إلى المدينة ، على ثمانية عشر ميلا يسمّى حفر بنى الأدرم. وكان ينو الأدرم (١) وبنو بجير القرشيّون وقد نموا بهذا الحفر ونواحيه ، فكثرت رجالهم به ، ثم وقعت بينهم شرور ، واغتال بعضهم بعضا ، فتفرّقوا فى البلاد.

وكان سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق احتفر عينا على ميل من حفر بنى الأدرم ، وأبحرها ، وغرس عليها نخلا كثيرا وازدرع ، وبنى هناك دار تدعى بدار (٢) الأسود ، لأنّها بين جبل عظيم ورملة. واحتفر إبراهيم ابن هشام الذي زاد فى الحمى على ما تقدّم ذكره ، حفيرتين بالحمى ، إحداهما بالهضب الذي بينه وبين ضريّة ستّة أميال ، وسمّاها النّامية ، وهى بين البكرة التى اشتراها عثمان وبين ضريّة ، وفيها يقول الراجز :

نامية تنمى إلى هضب النّما

__________________

(١) من ج : قوله «بنو الأدرم و» : ساقطة.

(٢) فى ج : دار.

١٥٧

والثانية إلى ناحية شعبى بوادى فاضحة. ووادى فاضحة أيضا أنساع بين جبال (١) ، بينها وبين ضريّة تسعة أميال ، وفيها يقول حكم الخضرىّ :

يا بن هشام أنت عالى الذّكر

جلد القوى (٢) مويّد بالنّصر

سدت (٣) قريشا بالنّدى والفخر

كيف ترى عاملك ابن عمرو

غدا عليها برجال زهر

فأنبطوها فى ليالى العشر

ركيّة جيبت بخير قدر

بين النخيل واللّماع القمر

لولا دفاع الله وهو يصرى

جاشت على الأرض بمثل البحر

وقد درس أمر النامية وأمر البكرة. واحتفر مولى لابن هشام يقال له جرش ، حفيرة فى شعب شعبى ، بينها وبين حفيرة بنى الأدرم ، وسمّاها الجرشيّة ، اشتراها من الأنصار ، فقاتلهم عليها محمّد بن جعفر بن مصعب ، ووقعت بينهم خظوب ، ولم يزل الناس يتقاتلون على الحمى أشدّ قتال.

فجميع ما فى الحمى من المياه المذكورة عشرة أمواه.

وقد دخل فى الحمى من مياه بنى عبس ستة أمواه ، ومن مياه بنى أسد مثلها.

فمن مياه بنى عبس محج والبئر ، وهى واسعة الجوف ، إلى جوف (٤) أبرق خترب ، وكان بأبرق خترب معدن فضّة ، رغيب واسع النيل ، وماء يقال له الفروغ. ومن أمواه بنى أسد الحفر ، وهو قريب من النائعين ، وهو لبنى كاهل ؛ والنائعان : جبل قد تقدّم ذكره. والحفير والذّئبة وعطير فى أصل بيدان ، وهو ماء ملح ، وفى رملة بيدان ماء عذب. وفى بيدان يفول جرير :

__________________

(١) فى ج : جبلين.

(٢) فى ج : القرى.

(٣) فى ج : سادت.

(٤) فى ج : جنب.

١٥٨

كاد الهوى بين سلمانين يقتلنى

وكاد يقتلنى يوما ببيدانا

وبالحمى غير أن لم يأننى أجل

وكنت من عدوان البين قرحانا

وسلمانان الذي ذكره : جبل من أعظم جبال سواج

وكانت ضرية فى الجاهليّة من مياه ضباب ، وكانت لذى الجوشن الضّبابى ، أبى شمر قاتل الحسين بن علىّ رضى الله عنه ، ولعن قاتله أسلم ذو الجوشن عليها ، وقال فى الجاهليّة يعنيها :

دعوت الله إذ سغبت عيالى

ليجعل لى لدى وسط طعاما

فأعطانى ضريّة خير بئر

تثجّ الماء والحبّ التّؤاما

ووسط الذي ذكر : جبل بينه وبين ضريّة ستة أميال ، يطأ طريق الحاجّ للمصعد خيشومة ، وطرفه الأيسر عن يمين المصعد ، وفى طرفه الذي يلى الطريق خربة تدعوها الحاجّ الخرابة ، وهى فى شرقىّ وسط ، وبناحيته اليسرى دارة من دارات الحمى ، كريمة منبات واسعة ، نحو ثلاثة أميال فى ميل. وقنيع المتقدّم ذكره فى أعلى هذه الدارة ، كاد يكون خارجا منها ؛ وهذه الدارة بين وسط وجبل آخر يقال له عسعس ، وعسعس : جبل عال (١) مجتمع ، عال فى السماء ، لا يشبهه شىء من جبال الحمى ، هيئته كهيئة الرجل ، فمن رآه من المصعدين حسب خلقته خلقة رجل قاعد ، له رأس ومنكبان ، قال الشاعر :

* إلى عسعس ذى المنكبين وذى الراس»

وقال ابن شوذب :

وكان محلّ فاطمة الرّوابى

تتمّت لم تكن لتحلّ قاعا

__________________

(١) عال : ساقطة من ج.

١٥٩

بدارة عسعس درجت عليها

سوافى الريح بدءا وارتجاعا

وقد دخل فى حمى ضريّة حقوق لسبعة أبطن من بنى كلاب ، وهم أكثر الناس أملاكا فى الحمى ، ثم حقوق غنىّ. ولمّا ولى أبو للعبّاس السّفّاح وكانت تحته أمّ سلمة المخزوميّة ، وأمّها من بنى جعفر (١) ، وكان خالها معروف بن عبد الله ابن حبّان (٢) ابن سلمى بن مالك ، فوفد إلى أبى العبّاس ، فأكرمه وقضى حوائجه ، فسأله معروف أن يقطعه ضريّة وما سقت ، ففعل ، فنزلها معروف ، وكان من وجوه بنى جعفر ، وكان ذا نعم كثير ، فغشيه الضّيفان ، وكثروا ، وجعل يجنى لهم الرّطب ، ويحلب اللبن ، فأقام كذلك شهرين ، ثم أتاه ضيفان بعد ما ولّى الرّطب ، فأرسل رسوله ، فلم يأته إلّا بشىء يسير قليل ، فأنكر ذلك عليه ، فقال : ما فى نخلك رطب ، فإنّه قد ذهب. فقال : ثكلتك أمّك! أما هو إلّا ما أرى. والله لشولى أعود على ضيفانى وعيالى من نخلكم هذا ، قبحه الله من مال. وأتاه قيّمه هناك بقثّاء وبطّيخ ، فقال : قبح ما جئت به! احذر أن يراه أهلى ، فأسوءك (٣). فكره معروف ضريّة ، وأراد أن يبيعها ، فذكرها للسّرى بن عبد الله الهاشمىّ ، وهو يومئذ عامل اليمامة ، وقد دخل إليه معروف ، فاشتراها منه بألفي دينار ، وغلّتها تنتهى فى العام ثمانية آلاف درهم وأزيد.

ثم إن جعفر بن سليمان كتب إلى السّرىّ أن يولّيه إيّاها بالثمن ، ففعل ، وورثها عنه بنوه ، واشترى سليمان أكثر سهمان من بقى فيها ، فعامّتها اليوم لولد سليمان بن جعفر.

__________________

(١) فى ج بعد جعفر : «بن كلاب».

(٢) فى ج : جبار.

(٣) فى ج : فأساءوك.

١٦٠