معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع - ج ٢

أبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي

معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع - ج ٢

المؤلف:

أبي عبيد عبد الله بن عبد العزيز البكري الأندلسي


المحقق: مصطفى السقا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٣
الصفحات: ٣٥٧

كأنه البدر لاح فى ظلم الليل إذا حلّ بين جلّاسه

كأنّ طيب الحياة واللهو واللذات طرّا جمعن فى كاسه

فى دير فثيون ليلة الفصح والليل بهبم صعب لحراسه

دير القائم الأقصى : قال أبو الفرج : هو على شاطىء الفرات من الجانب الغربىّ ، على طريق الرّقّة ، قال : وقد رأيته ورأيت القائم الأقصى ، وهو مرقب من المراقب التى كانت بين الفرس والروم ، على أطراف الحدود ، مثل عقر قوف من بغداد وما جرى مجراه ؛ وعنده هذا الدّير ؛ وهو الآن خراب ؛ دخلته (١) وليس فيه أحد ، ولا (٢) عليه سقف ولا باب.

وأخبرنى هاشم بن محمد الخزاعىّ ، قال : أخبرنى عمى عبد الله بن مالك ، عن أبيه ، قال (٣) : خرجنا مع الرشيد إلى الرّقة ، فممرنا بالقائم الأقصى ، فاستحسن الرشيد الموضع ، وكان ربيعا (٤) ، وكانت تلك المروج مملوءة بالشقائق ، وأصناف الزهر ، فشرب على ذلك ثلاثة أيام. ودخلت الدير فطفنه ، فإذا فيه ديرانية حين نهد ثدياها ، عليها مسوح ، ما رأيت قطّ أحسن منها وجها وقدّا واعتدالا ؛ وكأن تلك المسوح عليها حلىّ ، فدعوت بنبيذ ، فشربت على وجهها أقداحا ، وقلت فيها :

__________________

(١) فى ج : ولما مررنا به دخلته.

(٢) فى ز : وليس.

(٣) فى الأغانى طبعة دار الكتب (ج ٥ ص ٤١٨) : أخبرنى محمد بن مزيد ، قال : حدثنا حماد عن أبيه ، قال خرجنا الخ. ورواية الخبر فى الأغانى مختلفة كثيرا عن رواية المؤلف هنا.

(٤) فى ج : وكان رفيعا. وفى المسالك : وكان الوقت ربيعا ، وهو الصواب.

٢٤١

بدير القائم الأقصى

غزال (١) شادن أحوى

برى حبّى له جسمى

ولا (٢) يدرى بما ألقى

وأخفى (٣) حبّه جهدى

ولا والله ما يخفى

ثم دعوت العود ، وغنّيت فيه صوتا (٤) حسنا ، ولم أزل أكرره وأشرب على وجهها (٥) حتى سكرت.

فلما كان الغد دخلت على الرشيد وأنا ميت سكرا فاستخبرنى ، فأخبرته بقصتى ، فقال : طيب وحياتى! ودعا بالشراب ، فشرب سائر يومه ، فلما كان العشىّ قال : قم حتى أتنكّر وأدخل معك على صاحبتك ، فأراها. فركب حمارا ، وتلثم بردائه ، فدخلنا ، فرآها ، وقال : مليحة والله! (٦) فامر فجىء بكأس ، وأحضرت عودى ، وغنّيته الصوت ثلاث مرات ، وشرب ثلاثة أرطال وأمر لى بعشرة آلاف درهم ؛ فقلت له : يا سيدى ، فصاحبة القصة؟ فأمر لها بمثل ذلك ؛ وأمر ألّا يؤخذ من مزارع ذلك (٧) الدير خراج ، وأقطعهم إياه ، وجعل عليه خراج عشرة دنانير فى كل سنة ، تؤدّى عنه ببغداد ، وانصرفنا.

دير قرّة (٨) : سمّى برجل من إياد ، يسمّى (٩) قرّة ، وهو بإزاء دير الجماجم (١٠). هذا فول ابن شبّة ؛ وقال الأصبهانىّ : قرّة الذي بناه رجل من

__________________

(١) كذا فى ج والأغانى طبعة دار الكتب (ج ٥ ص ٣٤٢) والمسالك.

وفى ز ، ق : غلام.

(٢) فى الأغانى (ج ٥ ص ٣٤٤) وما يدرى. وفى (صفحة ٤١٨) : ولا يعلم

(٣) الأغانى والمسالك : وأكتم.

(٤) فى ج : غناء.

(٥) فى ج : أشرب عليه ، وأنظر إلى وجهها.

(٦) فى ج : ما ضيعت ما صنعت.

(٧) فى ج : هذا.

(٨) انظره فى معجم البلدان لياقوت (مجلد ٢ ص ٦٨٥).

(٩) فى ج : سمى.

(١٠) فى ج بعد الجماجم : وهو الذي نزله الحجاج.

٢٤٢

لخم ، بناه فى أيام ملك (١) المنذر. وهو ملاصق لطفّ البرّ ودير الجماجم ، مما يلى الكوفة. وكان (٢) ابن الأشعث اختار دير الجماجم ، لتأتيه الأمداد والميرة ، كما كان عزم (٣) أن يقطع عن الحجّاج وأصحابه مجرى (٤) الماء ، فيقتلهم عطشا.

فنزل الحجّاج ضرورة هو وجيوشه دير قرّة ، وقال : ما اسم هذا الدير؟ قيل : دير قرّة. فقال : ملكنا البلاد ، واستقررنا فيها. وقال : ما اسم الذي نزله ابن الأشعث؟ قيل : دير الجماجم. قال : تكثر جماجم أصحابه عنده إن شاء الله.

وقال المدائنى : قال الحجّاج لما نزل بدير قرة ، ونزل ابن الأشعث بدير الجماجم : أما تشاءم الحائك (٥) حين نزل بدير الجماجم ونزلت بدير قرة (٦)!.

وبلغ الحجاج أن ابن الأشعث يريد أن يسكّر (٧) فوّهة نهر كان الحجاج وأصحابه نازلين عليه ، فعلم الحجاج أنه إن تم هذا مات هو وجيشه عطشا ؛ فأمر الحجاج ببثق (٨) النهر ليلا ، فلم يصبح إلا وما حوله كالبحر من الماء ؛ وفسد على ابن الأشعث ما كان همّ به ، ووقعت الحرب بينهما ، وقامت متصلة تسعين يوما ، وأمدّ عبد الملك الحجاج بابنه عبد الله ، وأخيه محمد ، فى عدد وجيوش ، فوافوهم على تضعضع (٩) ، فأنجدوهم وشدّوا أزرهم ، فانهزم ابن الأشعث ، وعاد إلى البصرة.

دير القنفذ (١٠) بضم القاف ، على لفظ اسم الحيوان الذي يضرب به المثل

__________________

(١) ملك : ساقطة من ج.

(٢) فى ز. وقال : كان ...

(٣) فى ج : عزم على.

(٤) فى ج : مجارى.

(٥) فى ج : ابن الحائك.

(٦) فى ج : ونزلت أنا.

(٧) فى ج : يسد.

(٨) فى ج : بشق.

(٩) فى : تضعضهم.

(١٠) لم أعثر عليه فى ديارات الشابشتى ، ولم يذكره ياقوت فى المعجم ، ولا العمرى فى مسالك الأبصار.

٢٤٣

فيقال : «أسرى من قنفذ» وهو اسم لأيلة.

ولما نزل سعيد بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاصى أيلة ، وترك المدينة ، كتب إليه عبد الله بن (١) عنبسة بن سعيد بن العاصى :

أتركت طيبة رغبة عن أهلها

ونزلت منتبذا بدير القنفذ؟!

فكتب إليه سعيد ابن أخيه :

حللت أرضا قمحها كترابها

والجوع معقود بباب الجنبذ

قال الزّبير : جنبذ : دار بنى عنبسة. وقال غيره : الجنبذ : القبة التى على السّقاية بالمدينة. دير قنّى (٢) بضم القاف ، وتشديد النون (٣) : بفارس : قال العطوىّ :

أقول وحالتى تزداد نقصا

أيا من قد (٤) ظفرت فلا تهنّا

وللنفس التى تنقض حزنا

على طلب (٥) المعيشة : لا تغنّى

سيأتيك المقدّر فاعليه

ولا (٦) تعصى الإله ولا تمنّى

فهذا الدّهر صيرنا رذالا

وصار سراتنا من دير قنّى

دير كعب (٧) : بالشام. وهو الذي جاء فيه المثل : «أطول من فراسخ دير كعب». قال الشاعر :

ذهبت تماديا وذهبت عرضا

كأنّك من فراسخ دير كعب

__________________

(١) عبد الله بن : ساقطة من ج ، ز.

(٢) فى ج : قنة ، الهاء بدل الألف المقصورة. وقد ذكره الشابشتى فى الديارات : (الورقة ١١٦) ، وقال : ويعرف بدير مار مارى السليخ. وذكره ياقوت فى المعجم (مجلد ٢ ص ٦٨٧) وذكره العمرى فى المسالك (ص ٢٠٦) وكل هؤلاء كتبوا قنى بألف التأنيث المقصورة كما رسمناها.

(٣) عبارة (بضم الخ) : ساقطة من ز.

(٤) فى ج ، ز : ألا يا من ظفرت.

(٥) فى ج : على طيب

(٦) فى ز : فلا.

(٧) لم بذكره الشابشتى ولا ياقوت ولا العمرى.

٢٤٤

دير لبّى (١) بكسر اللام ، وتشديد الباء المعجمة بواحدة ، على وزن فعلى : هو دير قديم على دجلة ، فى الجانب الشرقىّ (٢) ؛ وهو من منازل تغلب بالجزيرة ، وقد ذكره الأخطل (٣) فقال :

عفا دير لبّى من أميمة فالحضر

فأقفر إلّا أنّ يلمّ به سفر

قضين من الدّيرين همّا طلبنه

فهن إلى لهو وجاراتها شزر (٤)

وكانت هناك وقائع بنى تغلب وبنى شيبان ، ومغالبة على تلك البلاد ومياهها ومراعيها ، وقد ذكرتها فى حرب ربيعة (٥). وقال الراعى :

هم تركوا على أكناف (٦) لبّى

نساءهم لنا لمّا لقونا

دير اللّجّ (٧) على لفظ لجّ (٨) البحر : دير بالحيرة. قال أبو الفرج : بناه أبو قابوس النعمان بن المنذر أيام (٩) ملكه ، ولم يكن فى ديارات الحيرة أحسن منه بناء ، ولا أنزه موضعا ؛ وفيه يقول الشاعر :

سقى الله دير اللّجّ غيثا (١٠) فإنه

على بعده دير (١١) إلىّ حبيب

قريب إلى قلبى ، بعيد محلّه (١٢)

وكم من بعيد الدار وهو قريب

__________________

(١) ذكره ياقوت فى المعجم (مجلد ٢ ص ٦٩٠) ، وروى فى ضبطه الضم والكسر ، قال : ويروى لبنى ، بالنون.

(٢) فى ج : الشرقى منها.

(٣) فى ج : الأخطل فى شعره.

(٤) فى ج : قضينا ، فى مكان : قضين. وفى ز : جارتها ، فى مكان : جاراتها.

(٥) العبارة من أول : ومراعيها : ساقطة من ز.

(٦) فى ج : أطراف.

(٧) انظره فى الأغانى طبعة دار الكتب المصرية. (ج ١١ ص ٣٦٥) ، وفى معجم البلدان (ج ٢ ص ٦٩١) ، وفى مسالك الأبصار للعمرى (ج ١ ص ٣٢٦).

(٨) لج : ساقطة من ق ، ج.

(٩) ج : فى أيام ملكه ، وفى معجم البلدان : فى أيام مملكته.

(١٠) فى المسالك : خيرا.

(١١) فى المسالك ومعجم البلدان : منى ، فى مكان : دير.

(١٢) فى المسالك : مكانه ، فى مكان محله.

٢٤٥

يهيّج ذكراه غزال يحلّه

أغنّ سحور المقلتين ربيب

إذا رجّع الإنجيل واهتزّ مائدا

تذكّر محزون الفؤاد غريب

وهاج لقلبى عند ترجيع صوته

بلابل أسقام به ووجيب

وكان النعمان يركب فى كل أحد (١) إليه ، وفى كل عيد ، ومعه أهل بيته خاصّة من آل المنذر (٢) ، عليهم حلل الديباج المذهبة ، وعلى رءوسهم أكاليل الذهب ، وفى أوساطهم الزنانير المفصّصة (٣) بالجوهر ، وبين أيديهم أعلام فوقها صلبان ، وإذا قضوا صلاتهم انصرفوا إلى مستشرفة على النجف ، فشرب النّعمان وأصحابه فيه بقية يومه ، وخلع ووهب ، وحمل ووصل ، وكان ذلك أحسن منظر وأجمله (٤).

وفى دير اللّجّ يقول إسماعيل بن عمّار (٥) الأسدىّ :

ما أنس سعدة والزّرقاء يوم هما

باللّجّ شرقيّة فوق الدّكاكين

تغنّيانا كنفث السّحر نودعه

منا قلوبا غدت طوع ابن رامين (٦)

نسقى شرابا كلون النار عتّقه

يمسى الأصحاء منه كالمجانين

__________________

(١) كذا فى الأصول والأغانى والمسالك. وفى ج أحواله.

(٢) فى ج بعد المنذر : من ينادمه ؛ وفى مسالك الأبصار : «ومن ينادمه من أهل دينه». والعبارة ساقطة من ق ، ز.

(٣) كذا فى ز ، والمسالك. وفى ج ، ق : المفضضة ، وهو تحريف.

(٤) كذا فى ز ، ق. وفى ج والمسالك : وأشرفه.

(٥) فى الأصول : إسماعيل بن أبى عمار.

(٦) قال فى الأغانى : كان فى الكوفة صاحب قيان يقال له ابن رامين ، قدم من الحجاز ، وكان له جوار يقال لهن سلامة الزرقاء وسعدة وربيحة ، وكن من أحسن الناس غناء. وقد ذكر أبو الفرج أبياتا من هذه القصيدة ، معظمها غير ما أنشده المؤلف هنا. على أن المشترك بينهما ، مختلف اللفظ جدا ، وإثبات ذلك كله يطول.

٢٤٦

إذا ذكرنا صلاة بعد ما فرطت

قمنا إليها بلا عقل ولا دين

نمشى إليها بطاء لا حراك بنا

كأنّ أرجلنا يقلعن من طين

نمشى وأرجلنا عوج مواقعها

مشى الإوزّ التى تأتى من الصّين

أو مشى عميان دير لا دليل لهم

سوى العصىّ إلى دير (١) السّعانين

أهوى ربيحة إنّ الله فضّلها

بحسنها وغناء ذى أفانين

فمن يقول لها غنّى ويسعدها (٢)

«قتلتنى يوم دير اللّجّ فاحيينى»

دير مارة (٣) مريم هكذا وقع اسم هذا الدير ، وهو اسم أعجمى. مارة : ميم وألف وراء مهملة مفتوحة ، وتاء معجمة باثنتين من فوقها.

قال أبو الفرج : هذا دير قديم ، من بناء المنذر (٤) ، حسن الموضع (٥) ، بين الخورنق والسّدير ، وبين قصر أبى الخصيب ؛ مشرف على النجف ، كان فيه قسّ يقال له يحيى ، وله ابن يقال له يوشع ، يألفه الفتيان الظّرفاء ، ويشربون عنده على قراءة النصارى وضرب بالنّواقيس (٦). وله يقول بكر بن خارجة :

بتنا بمارة مريم سقيا لمارة مريم

ولقسّنا يحيى المهينم بعد نوم النّوّم

__________________

(١) فى ج : عيد ، وفى الأغانى : يوم.

(٢) فى ج. ويسعدنى.

(٣) كتبت أصول المعجم «مارة» بالتاء المربوطة. وفى معجم البلدان (ج ٢ ص ٦٩٢) ومسالك الأبصار (ج ١ ص ٣١٧) بالتاء الطويلة. وذكر هذا الدير فى الأغانى طبعة دار الكتب (ج ٥ ص ٤٢٧ ، ٤٢٨) ولكن عبارة البكرى ورواية الخبر تختلفان كثيرا عن رواية أبى الفرج ؛ قال مصحح الأغانى فى حاشية ص ٤٢٧ ولم نجد هذه الرواية التى ذكرها البكرى فى أصول الأغانى التى بأيدينا ؛ ولعله [البكرى] نقلها عن كتاب الديارات للمؤلف [أبى الفرج].

(٤) فى معجم البلدان : آل المنذر.

(٥) فى ق ، ج : الوضع.

(٦) كذا فى ق وفى ج : ويضرب بالنواقيس.

٢٤٧

وليوشع ولخمره الحمراء مثل العندم

ولفتية حفّوا به يعصون لوم اللّوّم

يسقيهم ظبى أغنّ لطيف خلق المعصم

يرمى بعينيه القلوب كمثل رمى الأسهم

وقد حدّده الثروانىّ فقال :

بمارة مريم الكبرى وظلّ فنائها فقف

بقصر أبى الخصيب المشرف الموفى على النّجف

فأكناف الخورنق والسّدير ملاعب السّلف

إلى النّخل المكمّم والحمائم فوقه الهتف

فدع قول العذول وباكر الصّهباء فى لطف وفيه يقول بكر بن خارجة (١) :

بمارة مريم وبدير زكّى

ومرتوما ودير الجاثليق

وبالإنجيل يتلوه شيوخ

من القسّان فى البيت (٢) العتيق

وبالقربان والصّلبان إلّا

رثيت لقلبى الدّنف المشوق

أجرنى متّ قبلك من هموم

وأرشدنى إلى وجه الطريق

فقد ضاقت علىّ وجوه أمرى

وأنت المستجار من المضيق

قال أبو الفرج : هذا الشعر يقوله فى غلام امرئ نصرانى من أهل الحيرة ، يقال له : عشير بن البراء الصّرّاف ؛ وله فيه شعر كثير ، يذكر فيه أعياد النصارى

__________________

(١) مقطوعة بكر بن خارجة هذه وما بعدها إلى آخر الرسم : ساقطة من ز.

(٢) فى ق : فى البلد.

٢٤٨

وبيعهم. وكان دعبل يستحسن قوله :

زنّاره فى خصره معقود

كأنه من كبدى مقدود

ويقول : ليت هذين لى بمائة بيت من شعرى.

دير مارة مريم آخر (١)

هو بالشام ، وهو دير قديم من دياراتها ، لا أدرى أين موضعه : وقد ذكره بعض الشعراء القدماء ، وغنّى فيه ابن محرز ، فقال (٢) :

نعم المحلّ لمن يسعى للذّته

دير لمريم فوق النّهر (٣) معمور

ظلّ ظليل وماء غير ذى أسن

وقاصرات كأمثال الدّمى حور

قال (٤) أبو الفرج : (نا) (٥) الحسين بن يحيى ، عن حماد بن إسحاق ، عن أبيه : قال نزلنا مع الرشيد بدير مارة مريم ، فى بعض خرجاته إلى الشام ، فرأى منه موضعا حسنا ، فنشط للشراب ، وقال : غنّنى صوتا فى معنى موضعنا ، فغنيته

نعم المحلّ لمن يسعى للذته

... البيتين. فطرب وشرب. فقال : أهذا لك؟ قلت لا ، هو لابن محرز ، فقال (٦) : أنت إذن صدى ، تؤدّى ما سمعت. قلت : فأنا أصنع فيه لحنا ، فصنعته فيه ، وغنّيته.

قال أبو الفرج : ولحن ابن محرز وإسحاق فى هذا الشعر ، كلاهما من الثقيل الأول.

__________________

(١) لم يذكره الشابشتى ، ولا العمرى ، وإنما ذكره دير الحيرة المسمى بهذا الاسم.

ولم بفرد له ياقوت فى المعجم ترجمة ، وإنما ذكره فى رسم الذي قبله : (ج ٢ ص ٦٩٢)

(٢) فى ج : قال.

(٣) فى ج ومعجم البلدان : الظهر.

(٤) من هنا إلى آخر الرسم : ساقط من ز.

(٥) فى ج : حدثنا.

(٦) فى ج : فقال لى.

٢٤٩

دير ما سرجبيس (١) : بمطيرة (٢) سرّ من رأى ، وهو الذي يذكره عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع فى غنائه ، وكان هوى جارية نصرانية رآها هناك (٣) فى بعض أعيادهم (٤) ، فكان لا يفارق معها البيع ، شعفا بها ، وجالسها مرة فى بستان إلى جانب البيعة ، ومعها نسوة كانت تأنس بهن ، فشرب (٥) معهنّ أسبوعا ، ثم انصرف فى يوم خميس ، وقال فى ذلك :

ربّ صهباء من شراب (٦) المجوس

قهوة بابلية خندريس

قد تلقيتها (٧) بناى وعود

قبل ضرب الشّماس بالناقوس

وغزال مكحّل (٨) ذى دلال

ساحر الطّرف بابلىّ (٩) عروس

قد خلونا بظبيه نجتليه (١٠)

يوم سبت إلى صباح الخميس

بين ورد وبين آس جنّى (١١)

وسط بستان دير ماسرجبيس

يتثنّى فى (١٢) حسن جيد غزال

ذى صليب مفضّض آبنوس

كم لثمت الصليب فى الجيد منها

كهلال مكلّل بشموس

دير ما سرجس (١٣) بحذف الباء والياء من الاسم الذي قبله.

__________________

(١) ذكره الشابشتى (الورقة ١٠١) وذكره ياقوت (مجلد ٢ ص ٦٩٣). ولم يذكره العمرى فى المسالك.

(٢) فى ج : بمطيرة فى.

(٣) هناك : ساقطة من ج.

(٤) فى ز : أسفارهم.

(٥) فى ج : فأكل وشرب.

(٦) فى الديارات للشابشتى : بنات.

(٧) فى الشابشتى : تحسيتها.

(٨) فى الشابشتى : مكمل.

(٩) فى الشابشتى : سامرى.

(١٠) فى ج : بظبية نجتليها.

(١١) فى الشابشتى :

بين ورد ونرجس وبهار

(١٢) فى ج : بحسن.

(١٣) انظر دير ماسرجس فى المسالك للعمرى (ج ١ ص ٢٧١).

٢٥٠

قال أبو الفرج : ولهذا الرجل عدّة ديار (١) ، منها دير بإزاء البردان ، فى ظهر قرية يقال لها كاذى (٢).

حدّث حماد بن إسحاق ، عن محمد (٣) بن العباس الرّبيعى ، قال :

دخلت أنا وأبو النصر (٤) البصرى بيعة ماسرجس ، وقد ركبنا مع المعتصم نتصيّد ، فوقفت أنظر إلى جارية كنت أهواها ، وجعل ينظر إلى صورة فى البيعة ، فاستحسنها (٥) ، ثم أنشدنى :

فتنتنا صورة فى بيعة

فتن الله الذي صوّرها.

زادها الناقش فى صورتها (٦)

فضل ملح (٧) إنه نضّرها

وجهها لا شكّ عندى فتنة

وكذا هى عند من أبصرها

أنا للقسّ عليها حاسد

ليت غيرى عبثا كسّرها

قال : فقلت له : شتان ما نحن (٨) : أنا أهوى بشرا ، وأنت تهوى حجرا! فقال لى : هذا عبث ، وأنت فى جدّ.

وغنى عبد الله بن العباس فى هذا الشعر (٩) ، ونسب الناس الشعر إليه ، لكثرة شعره فى امرأة نصرانية كان يهواها.

__________________

(١) فى المسالك : ديارات. وفى ج : أديار.

(٢) كاذى : هكذا ورد فى الأصول ، وفى المسالك ومعجم البلدان : كاذة بالتاء المربوطة.

(٣) فى المسالك : عن عبد الله الربيعى.

(٤) فى ج : البصير.

(٥) فى المسالك بعد استحسنها : حتى طال ذلك ، ثم قال أبو النصر.

(٦) فى المسالك : فى تحسينها

(٧) فى المسالك : حسن.

(٨) فى ج : ما نحن فيه. وفى المسالك : بيننا.

(٩) فى هذا الشعر : ساقطة من ج ، وبعد ما فى المسالك : غناء حسنا سمعته منه.

والعبارة من أول وغنى إلى آخر الرسم : ساقطة من ز

٢٥١

دير مرّان بضم الميم ، وتشديد الراء المهملة. وهو دير بنواحى الشام ، وهناك عقبة المرّان ، سمّيت بذلك ، لأنها تنبت شجرا طوالا مستوية ، تشبّه بالمرّان.

ومرّان ، بفتح الميم : موضع آخر ، لكنه ليس بالشام).

وهذا الدير على تلعة مشرفة على مزارع زعفران ، ورياض حسنة ، نزله الرشيد (١) ، وشرب فيه ، ومعه الحسين بن الضحاك ؛ وقال الرشيد (٢) للحسين : قل فيه شعرا ، فقال :

يا دير مرّان (٣) لا عرّيت من سكن

قد هجت لى حزنا يا دير مرّانا

هل عند قسّك من علم فيخبرنى

أم كيف يسعد وجه الصّبر من بانا

حثّ المدام فإن الكأس مترعة

مما يهيج دواعى الشوق أحيانا

وحدث حماد عن أبيه : أن صاحب الدير خرج إلى الرشيد وهو شيخ كبير ، فدعا له ، واستأذنه فى إحضار مأكول ، فأذن له ، فأتاه بأطعمة لطف ، فى نهاية الحسن والطيب ، فأكل منها أكثر أكله ، وأمره بالجلوس فجلس ، وحدثه وهو يشرب ، إلى أن جرى ذكر بنى أمية ، فقال له الرشيد : هل نزل بك أحد

__________________

(١) فى معجم البلدان : المعتصم.

(٣) هذه رواية الأغانى فى جميع أصوله المخطوطة بدار الكتب المصرية. وفى الديارات للشابشتى (الورقة ١٢) ، وفى معجم البلدان لياقوت تبعا له (ج ٢ ص ٦٩٥) مديان بالميم مضمومة ، كما فى الديارات ، ثم الدال والياء بعدها ألف. ولعل هذه هى الرواية الصحيحة ، يؤيدها ما فى الديارات أن الخليفة المعتصم طلب من ابن الضحاك أن يقول شيئا فى وصف دير مران الذي بالشام وما حوله ، فأجاب بقوله : (أما أن أقول شيئا فى وصف هذه الناحية ، فلا أحسب لسانى ينطق به ؛ ولكنى أقول متشوقا إلى بغداد ، فقال هذا الشعر فى دير مديان ، وانظر الأغانى طبعة دار الكتب المصرية (ج ٦ صفحة ١١٢ ، ١٩٥).

٢٥٢

منهم؟ قال : نعم ، نزل بى الوليد بن يزيد وأخوه الغمر ، فجلسا فى هذا الموضع. فأكلا وشربا وغنّيا ، فلما دبّ فيهما السّكر ، وثب الوليد إلى ذلك الحوز (١) ، فملأه خمرا ، وما زال هو وأخوه يتعاطيان الكأس حتى سكرا ، وملأه لى دراهم. فنظر إليه الرشيد (أعنى إلى الكأس) فإذا هو لا يقدر أن يشرب ملاه ، فقال : أبى بنو أمية إلّا أن يسبقونا إلى اللّذّات سبقا لا يجاريهم فيه أحد ، ثم رفع الشراب ، وركب من وقته.

دير نجران (٢) وهو المسمى كعبة نجران ، كان لآل عبد المدان بن الدّيّان ، سادة بنى الحارث بن كعب. وكان بنوه مربّعا مستوى الأضلاع والأقطار ، مرتفعا من الأرض ، يصعد إليه بدرجة ، على مثال بناء الكعبة ، فكانوا (٣) يحجّونه هم (٤) وطوائف من العرب ، ممن يحلّ الأشهر الحرم ، ولا يحجّون الكعبة ، وتحجّه خثعم قاطبة.

وكانوا أهل ثلاثة بيوتات يتبارون فى البيع وزيها : آل المنذر بالحيرة ، وغسّان بالشّام ، وبنو الحارث بن كعب بنجران ؛ ويعتمدون ببنائها (٥) المواضع الكثيرة الشجر والرياض والمياه ؛ وكانوا يجعلون فى حيطانها وسقوفها الفسافس والذهب ؛ وكان على ذلك بنو الحارث ، إلى أن أتى الله بالإسلام ، فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم منهم العاقب والسّيد وغيرهما للمباهلة ، فاستعفوا منها : وفى كعبتهم هذه يقول الأعشى :

__________________

(١) فى ج : الجرن.

(٢) انظر الأغانى طبعة دار الكتب المصرية (ج ١٢ ص ٣٨١). وعبارة الأغانى تختلف عن رواية المؤلف هنا كثيرا. وانظر معجم البلدان لياقوت (مجلد ٢ ص ٧٠٣)

(٣) فى ز : كانوا.

(٤) هم : ساقطة من ج.

(٥) فى ج : بينائهم.

٢٥٣

وكعبة نجران حتم عليك حتى تناخى بأبوابها

نزور يزيد وعبد المسيح

وقيسا هم خير أربابها

وشاهدنا الجلّ والياسمين والمسمعات بقصّابها (١)

دير هند (٢) : بالحيرة.

هذا دير بنته هند بنت النّعمان ، وهى هند التى تعرف بحرقة ، ويقال : حريقة (٣). وهى التى دخلت على خالد بن الوليد لما افتتح الحيرة ، فقال لها : أسلمى حتى أزوجك رجلا شريفا من المسلمين ، قالت : أمّا الدين فلا رغبة لى (٤) عن دينى ، ولا أبغى (٥) به بدلا ؛ وأمّا التزويج ، فلو كانت فىّ بقيّة لما رغبت فيه ، فكيف وأنا عجوز هامة اليوم أو غد. قال (٦) : سلينى حاجة. قالت : (٧) هؤلاء النصارى الذين فى أيديكم تحفظونهم. قال (٨) :هذا فرض علينا ، وقد وصّانا به نبيّنا صلى الله عليه وسلم. قالت : مالى حاجة غير هذه. أنا ساكنة فى دير بنيته ، ملاصق هذه الأعظم البالية من أهلى ، حتى ألحق بهم.

__________________

(١) الجل : الورد أبيضه وأحمره وأصفره. والمسمعات : القيان. والقصاب : قال أبو الفرج هى : أوتار الأعواد. وقيل هى جمع قاصب ، أى زامر.

(٢) ذكر فى معجم البلدان (مجلد ٢ ص ٧٠٧) والبلدان للهمذانى (ص ١٣٨) وابن العبرى (ص ١٧٢) ونفح الطيب (ج ١ ص ٣٢٩) وانظر الأغانى (ج ٢ ص ٣٣ ، ٣٤) ، (ج ٨ ص ٦٤) والطبرى (قسم ١ صفحة ٢٤٩٤) ، (قسم ٢ صفحة ٦١٩ ، ٦٢٠ ، ١٨٨٢ ، ١٩٠٣). وابن الأثير (ج ٤ ص ١٨١ ، (ج ٥ ص ٢٤٧) والكامل للمبرد (ص ٢٦٦) وذكره الشابشتى فى الديارات (الورقة ١٠٧) والعمرى فى مسالك الأبصار (ج ١ ص ٣٢٢).

(٣) فى ج : ويقرأ بحريقة.

(٤) فى ج : بى.

(٥) فى ج : أبتغى

(٦) فى ج : فقال.

(٧) فى ج : فقالت.

(٨) فى ز ، ج : فقال.

٢٥٤

فأمر لها بمعونة (١) ومال وكسوة. فقالت : مالى إلى شىء من هذا حاجة ؛ لى عبدان يزرعان مزرعة لى أتقوّت منها ما يمسك رمقى (٢) ، وقد اعتددت بقولك فعلا ، وبعرضك نقدا ، فاسمع دعاء أدعو لك به ، كنا ندعو به لأملا كنا

«شكرت لك يد افتقرت بعد غنى ؛ ولا وصلتك يد استغنت بعد فقر ؛ وأصاب الله بمعروفك مواضعه ، ولا أزا عن كريم نعمة إلا جعلك سببا لردّها إليه» وهذا الدير يقارب بنى عبد الله بن دارم بالكوفة ، مما يلى الخندق ، فى موضع نزه. وقد ذكره عدة من الشعراء ، منهم معن بن زائدة الشيبانى ، وكان هناك منزله. وفيه يقول.

ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة

لدى دير هند والحبيب قريب

فتقضى لبانات وتلقى أحبّة

ويورق غصن للسرور رطيب

وفيه يقول أيضا :

لئن طل فى بغداد ليلى فربّما

يرى بجنوب الدّير وهو قصير

قال أبو الفرج (٣) : ودخل إليها المغيرة بن شعبة وقد عميت ، فحادثها ، طويلا ، ثم خطبها ؛ فضحكت وقالت : شيخ أعور ، وعجوز عمياء! والصّليب ما أردتنى طلبا للنسل ، ولا رغبة فى مال ، ولا شغفا بجمال ؛ ولكنك أردت

__________________

(١) فى ج : بعونة

(٢) فى ج رقمى ؛ تحريف.

(٣) ورد هذا الخبر فى الجزء الثانى من الأغانى طبعة دار الكتب المصرية ص ١٣١ ، ١٣٢ بعبارة تختلف عن عبارة المؤلف هنا.

٢٥٥

أن تقول (١) : نكحت ابنة النعمان! انصرف راشدا. فانصرف وهو يقول :

أدركت ما منيت نفسى خاليا

لله درك يا ابنة النّعمان

فلقد رددت على المغيرة ذهنه

إنّ الملوك ذكية (٢) الأذهان

يا هند إنّك (٣) قد صدقت فأمسكى

والصّدق خير مقالة الإنسان

إنّى لحلفك بالصّليب مصدّق

والصّلب أصدق حلفة الرّهبان (٤)

وفى دير هند هذا (٥) يقول أبو حيّان :

يا دير هند لقد أصبحت لى أنسا

ولم تكن كنت لى يا دير مئناسا (٦)

سقيا لذلك ديرا كنت آلفه

فيه أعاشر رهبانا وشماسا

دير هند الأقدم (٧) : هو دير بنته هند الكبرى ، أم عمرو بن هند ، فى صدر هيكله مكتوب :

«بنت هذه البيعة هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر ، الملكة بنت الأملاك ، وأمّ الملك عمرو بن المنذر ، أمة المسيح ، وأمّ عبده ، وأمة عبده ، فى زمن ملك الأملاك ، خسرو أنوشروان ، وفى زمن أفراييم الأسقف. فالإله الذي بنت له هذا البيت يغفر خطيّتها ، ويترحّم عليها وعلى ولدها ، ويقبل بهما ويقومهما إلى إقامة (٨) الحق ؛ ويكون الإله معها ومع ولدها الدّهر الدّاهر».

__________________

(١) فى ج : تقول إنى.

(٢) فى الأغانى : نقية ، وفيه أيضا : بطية الإذعان.

(٣) فى الأغانى. حسبك.

(٤) ليس هذا البيت فى رواية الأغانى.

(٥) هذا : ساقطة من ق ، ج.

(٦) فى ج : ميئاسا ، تحريف.

(٧) سماه ياقوت : دير هند الكبرى (ج ٢ ص ٧٠٩).

(٨) فى ج : إباتة.

٢٥٦

قال أبو الفرج : فحدثنى جعفر بن قدامة ، عن محمد بن عبد الله الخزاعىّ ، عن أبيه ، قال : دخلت مع يحيى بن خالد دير هند الأول ، لما خرجنا مع الرشيد إلى الحيرة ، وقد قصدها ليتنزّه بها ، ويرى آثار المنذر ، فرأى قبر أبيها النعمان ، وقبرها إلى جانبه ثم خرج إلى دير هند الآخر ، وهو الأكبر ، وهو على طفّ النجف ، فرأى فى جانب حائطه كتابة ، فأمر بسلّم ، فأحضر ، وأمر بعض أصحابه أن يرقى إليها ، فاذا هى :

إنّ بنى المنذر حيث (١) انقضوا

بحيث شاد البيعة الراهب

تنفح بالمسك ذفاريّهم

وعنبر يقطبه القاطب

القزّ والكتّان أثوابهم

لم يجب الصوف لهم جائب (٢)

والعزّ والملك لهم راتب (٣)

وقهوة ناجودها ساكب

أضحوا وما يرجوهم طالب

خيرا ولا يرهبهم راهب

وأصبحوا فى طبقات الثّرى

وكل جمع زائل ذاهب (٤)

شرّ البقايا من بقى (٥) منهم

قلّ وذلّ جدّه خائب

قال : فبكى يحيى لما قرئ هذا الشعر ، وقال : هذه سبيل الدنيا (٦) ، وانصرف عن (٧) وجهه ذلك (٨)

__________________

(١) فى ج : عام.

(٢) فى المسالك للعمرى :

لم يجلب الصوف لهم جالب

(٣) فى المسالك : راهن.

(٤) فى المسالك :

بعد نعيم لهم راتب

(٥) فى المسالك : من ترى.

(٦) فى ج : هذا سبيل الدنيا وأهله.

(٧) فى ج : من.

(٨) انتهى ذكر الديارات التى أوردها البكرى. وقد اقتضى ترتيبنا لمعجم ما استعجم على حروف المعجم بدقة ، أن ننقل من الديارات المذكورة هنا ، إلى حرف القاف قلاية العمر ، وقلاية القسس ، لأن موضعهما الحقيقى فى حرب القاف ، كما فعل ياقوت فى معجم البلدان إذ ذكر قلاية القس فى حرف القاف ، لا فى الديارات.

٢٥٧

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم

كتاب حرف الذال (١)

الذال والهمزة

الذّئبة على لفظ الأنثى من الذئاب : ماءة مذكورة فى رسم ضريّة.

الذّؤيب على لفظ تصغير ذئب : جبل ؛ قال حميد بن ثور :

حضرتم لنا يوم الذّؤيب بناشئ

أشمّ كنصل السّيف حلو شمائله

ذاقنة بالنون أيضا ، على بناء فاعلة : موضع فى ديار محارب. قال عمرو ابن الأهتم :

محاربيّين حلّوا بطن ذاقنة

منهم جميع ومنهم حولها فرق

وينبئك أن ذاقنة قبل ذى قار ، قول عتبة (٢) بن الحارث :

أبلغ سراة بنى شيبان مألكة

أنى أبأت بعبد الله بسطاما

إن يحصروه (٣) بذى قار فذاقنة

فقد أعرّفه بيدا واعلاما

__________________

(١) انظر الورقة ٤٩ فى المخطوطة ق ، والورقة ٥٨ فى المخطوطة ز ؛ والصفحه ٣٨٢ فى مطبوعة جوتنجن.

(٢) فى ز : عيينة. وفى ج : عتيبة.

(٣) فى ج ، ق : يحضروه.

٢٥٨

الذال والباء

ذباب بضم أوّله (١) ، على لفظ الواحد من الذّبّان : اسم جبل بجبانة المدينة ، أسفل من ثنيّة المدينة (٢).

ذبذب بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، وبعده ذال وباء كاللّذين قبلهما : مياه (٣) مذكورة فى رسم الرّبذة.

الذّبل بضمّ أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده لام : هضاب يذبل. هكذا قال بعض اللّغويّين ، وأنشد لأرطاة بن سهيّة :

هما سيّدا غيظ بن مرّة لو هوى

من الذّبل ميزاناهما لتضعضعا

وجاء هذا الاسم فى شعر الطّرمّاح : الذّبل ، بفتح أوّله (٤) ، قال :

أضحت قلوصى بعد إهمالها

فى جزأة الذّبل وتسوامها

قال أبو نصر : الذّبل : جبل. والجزأة : عين ماء. وقال (٥) أبو عمرو : الذّبل : نبت يجزأ به (٦). وقال غيره : الذّبل : النبت كلّه حين يأخذ فى اليبس ويذبل. والجزأة : أن تجتزئ بالرّطب عن الماء. والصحيح ما قاله أبو نصر ؛ أنشد ابن الأعرابىّ لعبد الرحمن بن دارة :

وما الشمس تبدو يوم غيم فأشرقت

لها الشّامة العنقاء (٧) فالنّير فالذّبل

بدا حاجب منها وضنّت بحاجب

بأحسن منها يوم زال بها (٨) الحمل

هكذا نقلته من كتاب أبى عليّ ، بخطّ أبى موسى الحامض : الذّبل ، بفتح

__________________

(١) ضبطه الحازمى بكسر أوله ، والعمرانى بالضم. انظر معجم البلدان.

(٢) «أسفل من ثنية المدينة» : ساقطة من ق.

(٣) فى ج : ماءة. وفى معجم البلدان لياقوت : ركية.

(٤) وكذلك ضبطه ياقوت فى المعجم.

(٥) كذا فى ز. وفى ق ، ج : بدون واو.

(٦) فى ج : بجزائه ، تحريف.

(٧) العنقاء : ساقطة من ج.

(٨) فى ج : لها.

٢٥٩

الذال. والنّير : من جبال ضريّة ، والنير هنالك (١) لا محالة ، وكذلك الشامة العنقاء. وأنشد أبو حنيفة :

عقيلة إجل تنتمى طرفاتها (٢)

إلى مؤنق من جنبة الذّبل راهن (٣)

قال : والذّبل : جبل ؛ هكذا نقلته من خطّ علىّ بن حمزة اللّغويّ.

الذال والخاء

ذخر بفتح أوّله ، وإسكان ثانيه ، بعده راء مهملة : جبل بأرض المعافر من اليمن ، وهو أحد مواضع كنوزهم ، وهو ذخر الله فى أرضه.

الذال والراء

ذرا بضمّ أوّله مقصور : موضع باليمن.

ذراة بفتح أوّله وثانيه ، وبهاء التأنيث : موضع مذكور فى رسم فدك.

الذّرانح (٤) بفتح أوّله وثانيه ، وبالنون والحاء المهملة : موضع بين كاظمة والبحرين ، قال المثقّب العبدىّ :

لمن ظعن تطالع من ضبيب (٥)

فما خرجت من الوادى لحين (٦)

__________________

(١) فى ج : فالنير هناك.

(٢) الإجل ، بالكسر : القطيع من بقر الوحش والظباء. وطرفاتها : جمع طرفة بالتحريك ، لنوع من الشجر. وفى ج : طرقاتها.

(٣) راهن : أى دائم. كذا فى معجم البلدان لياقوت.

(٤) فى معجم البلدان لياقوت «الذرانح ، بعد الألف نون ، وآخره حاء مهملة ، أظنه مرتجلا : موضع بين كاظمة والبحرين. قال : هكذا وجدته ، وأنا شاك فيه ، ولعله الذرائح ، جمع ذريحة ، وهى الهضبة». وفى ديوان المثقب العبدى المخطوط بدار الكتب المصرية ، رقم ٥٦٥ أدب ، الصفحة ٢٢ الذرانح : نهر بين كاظمة والبحرين.

(٥) فى الديوان : تطلع. وضبيب ، بالضاد : اسم واد.

(٦) كذا فى هامش ق وديوان المثقب. وفى ج ، ز : كما خرجت. ومعنى لحين : أى بعد حين

٢٦٠