قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإكتفا [ ج ٢ ]

378/632
*

إلا أن يدعو قوما بعد ما يغلبهم على أرضهم ويجليهم عنها إلى الجزاء والذمة فيرد عليهم أرضهم فيصيروا ذمة ما لم تقتسم ، وبذلك جرت السنة.

وأمر خالد على الجزاء سويد بن مقرن المزنى ، وأمره بنزول الحفير ، وأمره ببث عماله ، ووضع يديه فى الجباية ، وأقام لعدوه يتحسس الأخبار.

وقال عاصم بن عمرو فى ذلك من أبيات :

فلم أر مثل يوم السيب حتى

رأيت الثنى تخضبه الدماء

وألوت خيلنا لما التقينا

بقارن والأمور لها انتهاء

حديث الولجة (١) وهى مما يلى كسكر من البر

وكانت فى صفر سنة اثنتى عشرة.

قالوا : لما وقع الخبر إلى أردشير بمصاب قارن وأهل المذار ، أرسل الأنذرزعر ، وكان فارسيا من مولدى السواد وتنائهم ؛ ولم يكن ممن ولد فى المدائن ولا نشأ بها ، وأرسل بهمن جاذويه فى أثره ، وكان رافد فارس فى يوم من أيام شهرهم ، وذلك أنهم بنوا شهورهم كل شهر على ثلاثين يوما ؛ فكان لأهل فارس فى كل يوم رافد نصب لذلك يرفدهم عند الملك ؛ فكان بهمن أحدهم ، فخرج الأنذرزعر سائرا من المدائن حتى أتى كسكر (٢) ، ثم جازها إلى الوالجة (٣) ، وخرج بهمن جاذويه فى أثره ، فأخذ غير طريقه فسلك أوسط السواد ، وقد حشد الأنذرزعر من بين الحيرة وكسكر من عرب الضاحية والدهاقين فعسكروا إلى جنب عسكره بالولجة ؛ فلما اجتمع له ما أراد واستتم له أعجبه ما هو فيه ، وأجمع السير إلى خالد.

ولما بلغ خالدا خبره ونزوله الولجة ، نادى بالرحيل ، وخلف سويد بن مقرن ، وأمره بلزوم الحفير ، وتقدم إلى من خلف بأسفل دجلة ، وأمرهم بالحذر وقلة الغفلة ، وترك

__________________

(١) انظر : الطبرى (٣ / ٣٥٣ ، ٣٥٤) ، الكامل لابن الأثير (٢٦٣ ، ٢٦٤) ، البداية والنهاية لابن كثير (٦ / ٣٤٥) ، نهاية الأرب للنويرى (١٩ / ١٠٩).

(٢) كسكر : أى عامل الزرع ، وهو بلد بالعراق بين الكوفة والبصرة. انظر : معجم البلدان (٤ / ٤٦١).

(٣) الولجة والوالج : موضع يلى كسكر من البر. انظر : تاريخ الرسل والملوك للطبرى (٣ / ٣٥٣) ، معجم البلدان (٥ / ٣٨٣).