المغرب في ترتيب المعرب - ج ٢

أبي الفتح ناصر الدين المطرّزي

المغرب في ترتيب المعرب - ج ٢

المؤلف:

أبي الفتح ناصر الدين المطرّزي


المحقق: محمود فاخوري و عبد الحميد مختار
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتبة اسامة بن زيد
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٣
الجزء ١ الجزء ٢

واثنتا عشْرة (١) وثلاث عَشْرِة.

وما في آخره الواو والنون : مُسْتَوٍ فيه المذكر والمؤنث ، نحو : العشرون ، والثلاثون ، والأربعون (٢). (٣٠٦ / أ). وكذا المائة والألف.

وقالوا : الأوّل والأولى (٣) ، والثاني والثانية ، والعاشر والعاشرة : فعادوا إلى أصل القياس. والحاديَ عشَرَ ، والحادية عشرةَ ، والثانِيَ عَشَر ، والثانيةَ عشْرةَ ، والتاسعَ عشَرَ ، والتاسعة عشْرةَ : تبني الاسمين على الفتح ؛ كما في : أحدَ عشَرَ.

(فصل)

ولكون الأعداد مبهمة ، تحتاج إلى مُميِّز ، وهو على ضربين ، مجرورٍ ومنصوب «فالمجرور» على ضربين : مجموع ، ومفرد. «فالمجموع» : مُميِّز الثلاثة إلى العشرة ، وحقه أن يكون جمع قلَّةِ ، نحو : ثلاثة أفلُسٍ ، وأربعة غِلْمةٍ ، وخمسة أثواب ، إلّا إذا لم يوجد (٤) ؛ نحو : ثلاثة شُسوعٍ ، وعشرة رجالٍ. وأما : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٥) ، مع وِجْدان «أَقْراءٍ» فلكونه أكثر استعمالاً. «والمفرد» : مميِّز المائة والألف وما بتضاعف منهما.

«والمنصوبُ» : مميِّز أحدَ عشَر إلى تسعةٍ وتسعين ، ولا يكون إلا مفردا. تقول أحدَ عشرَ رجلاً ، وإحدى عشْرة امرأةً ، و «اثْنَتا

__________________

(١) بسكون الشين وكسرها. وكتب فوقها في الأصل : «معا».

(٢) الكلمات الأربع الأخيرة ساقطة من ع.

(٣) ع : والأوّلة.

(٤) بعدها في ط : «أي إذا لم يوجد جمع قلة».

(٥) البقرة ٢٢٨ : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)

٤٢١

عَشْرَةَ عَيْناً» (١) و (تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً)(٢).

وإن أردت التعريف قلت فيما أُضيف : ثلاثة الأثواب ، ومائة الدينار ، وألف الدرهم ؛ على تعريف الثاني. وفيما سواه : الأحدَ عشرَ درهما ، والعشرون دينارا ؛ على تعريف الأوّل (٣).

(النسبة)

إذا نسبتَ إلى اسمٍ زدتَ في آخره ياء مشدّدة مكسورا ما قبلها ، وذلك على ضربين : حقيقي : كهاشميّ وبصْريّ. ولفظي ، نحو : كرسيّ ، وحُرديّ (٤) ، وهُرديّ.

وتغييرات هذا الباب كثيرة ، وهي على ضربين : قياسيّ ، وشاذ : فالأوّل : حذف تاء التأنيث ، ونوني التثنية والجمع : كبَصْريّ ، وكُوفيّ ، وقِنَّسْري ، ونَصيبيّ (٥). وعلى ذا ، السجدةُ الصلاتيَّة ، والأموال الزكاتيّة ، والحروف الشفتيّة : كلّها لحنٌ ، وأما التاء المبدلة من الواو في نحو : بنتٍ وأختٍ ففيها (٣٠٦ / ب) مذهبان : إبقاؤُها على حالها ، والثاني : الحذف والرجوع إلى الأصل. تقول : بنتيٌّ ، وأُختِيٌّ ، وبَنوِيٌّ ، وأخَويّ. وعلى ذا ، قولُ الفقهاء : «الأُخْتيَّة» صحيح. وأما قولهم : علْمٌ ذاتيّ ، وقُدرة ذاتيَّة ؛ فقد ذُكر في في باب الذال.

__________________

(١) البقرة ٦٠ : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) أو من سورة الاعراف ١٦٠.

(٢) ص ٢٣ : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ)

(٣) من قوله : «وإن أردت» إلى هنا : ساقط من ع.

(٤) قوله : «وحردي» ساقط من ع.

(٥) بعدها في ع : «في النسبة إلى قنَّسرين ونصيبين».

٤٢٢

ومن القياسيّ : فتح المكسور : كنَمَريّ ، ودُؤَليّ ، في : نَمِر ودُئِل. وحذف ياء «فَعِيلة» : كحنَفيّ ، ومدنيّ ؛ إلى حنيفة والمدينة ، والفَرضيّ : إلى الفريضة. إلا ما كان مُضاعفا أو معتلَّ العين : كشَدِيدِيّ وطَوِيليّ. وكذا «فُعَيْلة» بالضم ، كجُهَنيّ في جُهينة ، وعُرنيّ في عُرَينة ، وهما قبيلتان.

وأما «فَعِيلٌ» بلا هاء فلا يُغير : كحَنِيفيّ إلى الحَنِيف.

وعليه حديث عمر رضي‌الله‌عنه : «وأنا الشيخ الحَنيفيّ». وكذا «فُعيلٌ» بالضم : كهُذيْلِيّ ؛ إلى هُذَيل. و «فَعيل» إذا كان معتلّ اللام غُيِّر : كعَلَويّ وعَدويّ : إلى عليّ وعَديّ. وكذا «فُعيل» و «فُعَيلة» من المعتلّ : كقُصَوِيّ وأُمويّ : إلى قُصَيّ وأُميّة.

ومن الخطأ الظاهر في هذا الباب قولهم : «اقتداء حَنِيفيِّ المذهب بشَفْعَويّ المذهب» ، وإنما الصواب : «حَنَفيٌّ» ، كما مر آنفا ، و «شافعيُّ المذهب» : في النسبة إلى الشافعيّ المَوْلَدِ (١) ، على حذف ياء النَّسَب من المنسوب إليه.

(فصل)

والألف الثالثة تُقلب واوا (٢) ، سواءٌ كانت من ياء أو واو : كرَحَويّ وعَصَوِيّ. والرابعة المنقلبة من حَرْفٍ أصلٍ (٣) تُقلب : كمعنويّ ومَولَويّ. وفي الرابعة الزائدة : الحذفُ والقلْب (٤) : كحُبليّ وحُبْلَوِيّ ، ودُنِيٍّ ودُنْيويّ. وأما «دُنياوي» بزيادة الألف فالمفصل بين الياء والواو. وليس فيما وراء الرابعة إلّا الحذفُ.

__________________

(١) كذا ضبطت في الأصل ، أي بفتح الميم واللام ، وكتب تحته : «صح صح». وفي ع : «شافعي المولد». بكسر اللام.

(٢) واوا : زيادة من ط.

(٣) ع : عن حرفٍ أصلي.

(٤) قوله : «والقلب» ساقط من ع.

٤٢٣

والألف الممدودة تثبُت ولا تُقلب ، إلا ما للتأنيث : كحَمْراويّ وصحراويّ.

ومن التغيير الشاذ : ثَقفيّ ، وقُرَشيّ ، وأنْبَجاني ، ومَنْبِجانيّ إلى مَنْبِج (٣٠٧ / أ) ، وإسكندرانيّ إلى إسكندريَّة ، وحَروريّ إلى حَروراء ، ودمٌ بَحْرانيٌّ إلى بحر الرَّحم (١) ، وأما البحرانيُّ ، إلى البحرين : فعلى قول مَنْ جعل النون مُعتَقَب الإعراب.

ومما غُيِّر للفرْق : الدَّهريُّ ، للقائل بقِدَم الدهر ؛ والدُّهريّ للمُسنّ.

(فصل)

ويُنسب إلى الصدر من المركَّبة ، فيقال : حَضْريّ ، ومَعْديّ ، في : حضْرَموت ، ومَعْدِيكرِب. وكذا في نحو : خمسة عشر واثنا عشر ، اسميْ (٢) رجلٍ : خَمْسىٌّ واثْنِيٌّ أو ثَنَويّ. وأما إذا كان للعدد فلا يجوز ؛ لأدائه إلى اللَّبس. هكذا نصَّ سيبويه وأبو علي الفارسي.

وعن أبي حاتم أنه أجاز النسبة إليهما مُنفردَيْن ؛ فرارا عن (٣) اللَّبس ، فقال : ثوبٌ أَحَدِيُّ عَشْرِيّ ، أي : طوله أحدَ عشَر شِبْرا ، وفي اثنا عشر : اثنيٌّ عشَريٌّ ، أو ثَنوِيٌّ عَشَريٌّ. وكأنه قاسَه على ما أنشد السِّيرافيّ

تزوجتُها راميَّةً هُرْمُزِيّةً

بفَضْل الذي أعطى الأميرُ من الرزْق (٤)

__________________

(١) كذا في الأصلين. وفي ط : بحر الروم.

(٢) ع ، ط : اسم.

(٣) ع. ط : من.

(٤) المقرب لابن عصفور ٢ / ٥٨ والشافية ٢ / ٧٢ وشواهدها ١١٥ والأشموني ٤ / ١٩٠ ودرة الغواص ١٥٤. ولا يعرف قائله. رام هرمز : بلدة بنواحي خوزستان. وفي هامش الأصل : «لقب ملكٍ».

٤٢٤

وعلى ذا (١) ، لو قيل في تلك المسألةِ : الاثنِيّةُ العَشَريّةُ ، أو الثَّنَويّةُ العشَريّة ، لجاز.

(فصل)

وللعرب في النسبة إلى الأسماء المضافة مذهبان. تقول في مثل أبي بكرٍ وابن الزبير : بكْرِيٌّ وزُبيريّ. وفي مثل امرئ القيس وعبد شمس : مَرْئيٌ (٢) وعَبْديّ. وربما أخذَتْ (٣) بعضَ الأوّل وبعض الثاني فركَّبتْهما وجعلتْ منهما اسما واحدا ، فتقول في عبد القيس (٤) وعبد الدار : عَبْقَسيّ وعبْدَريّ ، وهذا ليس بقياس ؛ وإنما يُسمع فحسب.

ومن ذلك قولهم : عُثمانُ عَبْشَميٌّ.

(فصل)

إذا نُسب (٣٠٧ / ب) إلى الجمع رُدَّ إلى واحده ، فقيل : فَرَضيٌّ ، وصَحَفيّ ، ومَسجديّ : للعالم بمسائل الفرائض ، وللذي يقرأ من الصُّحف ويُلازم (٥) المساجدَ. وإنما يُردّ لأن الغرض الدَّلالة على الجنس ، والواحد يكفي في ذلك. وأما ما كان علما : كأنماريّ ، وكِلابيّ ، ومَعافِريّ ، ومَدائنيّ : فإنه لا يُردّ. وكذا ما كان جاريا مَجْرى العلم : كأنصاريّ وأعرابي.

__________________

(١) ع ، ط : وعلى هذا.

(٢) الراء ساكنة في الأصل ، ومفتوحة في ع.

(٣) أي العرب ، كما في هامش الأصل.

(٤) في الأصل : «العبد القيس» والمثبت من ع ، ط.

(٥) ع : وللذي يلازم.

٤٢٥

(فصل)

والأسماء المتصلة بالأفعال : (المصدر): وهو الاسم الذي يصدُر عنه الفعل. وبناؤه من الثلاثي المجرّد يتفاوت كثيرا إلا أن الغالب في متعدّي «فَعَلَ» : «فَعْلٌ» وفي لازِمه : «فُعُولٌ». وفي لازم «فَعِلَ» بالكسر : «فَعَلٌ». وفي «فَعُلَ» بالضم : «فَعالةٌ».

وأما الرباعية وذوات الزوائد فقياسه فيها مطَّرِد ، إلا أنهم قالوا في المعتل العين من «أَفعلَ» و «استفعل» : أقام إقامةً ، واستقام استقامةً ، معوِّضِين التاء من ألِف المصدر أو العين.

وبناء (المرَّة) من الثلاثي : «فَعْلة» نحو : ضَرب ضَرْبةً ، وشربَ شَرْبة ، وقام قَوْمة ، ورمى رَمْيةً. ومنها : الرَّكْعة والسَّجْدة والطَّلْقة والحَيْضة.

وبناء (الضَرْب (١) والحال) : «فِعْلة» ، بالكسر : كالقِعْدة ، والرِّكْبة ، والجِلْسة العُمَريّة (٢). وتجيء لغير الحال : كالدِرْية (٣) ، والحِجّة. كما تجيء «فَعْلة» لغير المرَّة : كالرَّغْبة والرَّهْبة.

(واسم الفاعل) : بناؤه من «فَعَلَ» على «فاعِلٍ» ، متعديا كان أو لازما ؛ ومن «فاعِلَ» إذا كان متعديا : «فاعِلٌ» (٤) أيضا : كحامِد ، وعامِل وعالِم.

__________________

(١) أي النوع أو الهيئة.

(٢) وصف للجلسة ، نسبة إلى عمر.

(٣) ع : «كالدرة» بكسر الدال وتشديد الراء.

(٤) في هامش الأصل : على فاعل.

٤٢٦

وإذا كان لازما : على «أَفْعَلَ» ، كأَنْجلَ ، وأَحْولَ (١) ، ومؤنثه «فعلاء» ، وجَمْعهما جميعا : «فُعْلٌ» ، إلا ما عَينُه ياءٌ ، فإنه يُكْسَر الفاءُ (٢) لأجل الياء : كعِينٍ ، وجِيدٍ (٣). وعلى «فَعِلٍ» : كفَرِقٍ وحَدِبٍ. وقد يجتمعان : كحَدِبٍ وأحدبَ ، وكدِرٍ وأكدَرَ.

وعلى «فَعْلانَ» : كعَطْشانَ ، وريّانَ ، ومؤنثه (٣٠٨ / أ) «فَعْلى» : كعَطْشى وريّا (٤) ، وجمعهما «فِعال» : كعِطاش ورِواء.

وعلى «فَعيلٍ» : كسعيدٍ ، وشقيّ.

ومن «فَعُلَ» على «فَعيلٍ» : كظريفٍ وشريف. وعلى «فَعْلٍ» كسَهْل وصَعْب. وعلى «فَعَلٍ» كحسَنٍ ، وعلى «فَعِلٍ» و «أفعَلَ» : كخشِنٍ ، وأسمرَ ، وآدمَ.

ومن الرُّباعي والمزيد فيه : على وزن مضارِعه. لا تصنع شيئا غير أن تضع الميمَ موضعَ الزائدة ؛ إلا في ثلاثة أبواب : «تفعَّل ، وتفاعل ، وتفعلَل» : فإنك تكسر (٥) الحرف الرابع في الفاعل ، وهو مفتوح في المضارع : كمتجنِّب ومتماثِل ومتدحرِج.

(واسم المفعول) من الثلاثي : على وزن «مفعول» : كمنصور ومشدود ، ومَقُولٍ ، ومبيعٍ ، والأصل : مَقْوُول ومَبْيُوع.

واسم المفعول من الرباعي وذوات الزوائد : على لفظ مضارعِهما المبني

__________________

(١) أنجل : واسع العين. وفي ع : كأحول وأصيد.

(٢) ع : بكسر الفاء.

(٣) جمع أعين وأجيد.

(٤) في الأصل : «وريي» والمثبت من ع ، ط.

(٥) من قوله : «فإنك تكسر» حتى قوله : «وأحسن وأبلغ» ص ٤٣١ مفقود من ع ، وهو لوح كامل برقم ٢٤٧.

٤٢٧

للمفعول بعد وضع الميم موضع الزائدة (١). ويُقال لما يجري على «يَفْعِلُ» من فعْلِه : اسمُ الفاعل ، ولما يجري على «يُفْعَلُ» : اسمُ المفعول ، ولما يجري على واحد منهما : الصفةُ المشبهة ، نحو : شريفٍ ، وكريم ، وحسَنٍ ، وجَرِبٍ ، وأَجرب ، وسهْلٍ ، وصعْب.

وهذه الأربعةُ تَعمل عمل أفعالها. تقول : عجبتُ من ضرْب زيدٍ عَمْرا ، وزيدٌ ضاربٌ غلامُه عمْرا ، وزيدٌ مضروبٌ غلامُه ، وحَسنٌ وجهُه ، وكريمٌ آباؤُه.

(وأفعل التفضيل) : لا يعمل ، وحكمه حكم فعل التعجب في أنه لا يُصاغ إلا من ثلاثيّ ، مجرّدٍ ، مما ليس بلون ولا عيب. وقد شذَّ : «هو أعطاهُم للدِّينار» ، و «هذا الكلام أخْصَر (٢)». وعلى ذا قولُ الفقهاء : «المَشْي أحْوط» (٣) ، و «أحمقُ من هَبنَّقَة» (٤).

ولا يُفضَّل على المفعول ، وقد شذَّ قولهُم : «أشغل من ذات النِّحْيَيْن» (٥) ، و «هو أشهر منه وأعرف».

ويستوي فيه المذكّر والمؤنث ، والاثنان (٣٠٨ / ب) والجمع ، ما دام مُنكَّرا مقرونا بمن. وإذا عُرَّف أُنِثّ وثُنّي وجُمع. تقول : هو الأفضل ، وهما الأفضلان ، وهم الأفضلون والأفاضل ، وهي الفُضْلى ، وهما الفُضْليان ، وهنّ الفُضليات والفُضَلُ.

وإذا أُضيف جاز الأمران. وقد تُحذف «مِن» ، وهي مقدَّرة ،

__________________

(١) ط : «الزوائد» وفي هامش الأصل : «نحو مدحرج».

(٢) من الاختصار.

(٣) من الاحتياط.

(٤) مجمع الأمثال ١ / ٢١٧.

(٥) أشغل : من الاشتغال. والمثل في مجمع الأمثال ١ / ٣٧٦.

٤٢٨

من ذلك قوله تعالى : (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)(١) أي وأخفى من السرّ.

قال الفرزدق

إنّ الذي سَمَك السماءَ بنى لنا

بيتا دعائمُه أعزُّ وأطْول (٢)

وعلى ذا قولك : «الله أكبر». أي أكبرُ من كل شيء.

ومنها (٣) «المَفْعَل». وقياسه : أن كل ما كان على «يَفْعَلُ» بفتح العين أو «يفعُل» بالضم ، فالمصدر وأسماء الزمان والمكان على «مَفْعَل» ، بالفتح ، نحو : ذهب يذهب ذهابا ومَذْهبا ، وهذا مذهبه ، وقتَل يقتُل قتْلاً ، وهذا مَقْتَلُه ؛ أي زمانُ ذهابه وقتْله أو مكانُهما. إلا أسماءً (٤) شذَّتْ عن القياس ، منها : المَنْسِك ، والمَجزرُ ، والمَشرِق ، والمَغرِب.

وأما «يفعِلُ» بالكسر : فالمصدر منه مفتوح ، وأسماء الزمان والمكان بالكسر. تقول : ضربته ضرْبا ومَضْرَبا ، وهذا مضرِبُه ، وفرَّ فرارا ومفَرّا ، وهذا مَفِرُّه.

والمعتل العين منه يجيء بالفتح والكسر ، نحو : المَعاش ، والمَحِيض والمَجيء. وأما الزمان والمكان : فبالكسر لا غير ، نحو : المَقِيل والمَبيت.

و «المُفْعَل» من الرباعيّة والمزيد فيه : على لفظ اسم المفعول منهما : كالمُدَحْرَج ، والمُدْخَل ، والمُخرَج ، والمُقام. وعليه قوله : «لقد ارتقيْتَ مُرْتَقىً صعبا» (٥).

__________________

(١) سورة طه ٧ : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)

(٢) ديوانه ٧١٤.

(٣) أي من الأسماء المتصلة بالأفعال.

(٤) قيدت في الأصل بتنويني الرفع والنصب.

(٥) قال ذلك أبو جهل لعبد الله بن مسعود يوم بدر حين أجهز عليه عبد الله. انظر السيرة النبوية ١ / ٦٣٦.

٤٢٩

(واسم الآلة) : هو اسمُ ما يُعْتمل به ويُنقل. ويجيء على «مِفْعَل ، ومِفْعَلة ، ومِفْعال» بكسر الميم فيها : كالمِثْقَب ، والمِكْسَحة ، والمِصْفاة ، والمِقْراض ، والمِفتاح. أما نحو : المُسعُط ، والمُنخُل والمُدهُن : فغير مبنيٍّ على الفعل. والله أعلم (١) (٣٠٩ / أ).

__________________

(١) في هامش الأصل : الموفق.

٤٣٠

الباب الثالث

في الأفعال غير المتصرفة وما يجري مجرى الأدوات

منها : (فعلا التعجب) ، وهما : ما أفعَلَه وأفْعِلْ به. تقول : ما أكرَم زيدا ، وأكْرِم بزيدٍ. ولا يُبنيان إلا من ثلاثيّ ليس فيه معنى لونٍ أو عيبٍ. ويُتوصَّل إلى التعجب مما (١) وراء ذلك بنحو : أشدّ ، وأحسَن ، وأبلَغ (٢). تقول : ما أشدَّ انطلاقَه ، وما أحسنَ اقتدارَه ، وما أبلغَ سُمْرتَه ، وما أقبَح عَوَره.

ومن المبنيّ للمفعول : ما أشدَّ ما ضُرِب زيدٌ ، أو ضَرْبَ زيدٍ ، وقد شذَّ : ما أعطاه للمعروف ، وما أَشْهاها.

(فعلا المدح والذم) ، وهما : نِعْمَ وبِئْسَ ، يدخلان على اسمين مرفوعين ، يُسمّى الأوّل الفاعلَ والثاني المخصوصَ بالمدح أو الذم. وحقُّ الأوّل التعريف (٣) بلام الجنس ، وقد يُضمر ويُفسَّر بنكرة منصوبة. تقول : نِعْم الرجلُ زيدٌ : وبئس الرجلُ عمْرٌ و، ونِعْم رجلاً زيدٌ. ومنه : (فَنِعِمَّا هِيَ)(٤). وقد يُحذف المخصوص كما في قوله تعالى : «نِعْمَ الْعَبْدُ» (٥) ، و (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(٦).

__________________

(١) تحتها في الأصل : فيما.

(٢) إلى هنا ينتهي اللوح المفقود من نسخة من ع.

(٣) التعرف.

(٤) البقرة ٢٧١ : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ). وفي هامش الأصل : «أي فنعم شيئا هي ، أي الصدقة ، أي إبداؤها».

(٥) سورة ص : (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) أو من سورة ص ٤٤.

(٦) المجادلة ٨ : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ). والواو قبل فَبِئْسَ زيادة من ع.

٤٣١

(أفعال المقاربة) ، وهي : «عسى ، وكاد ، وكرَب ، وأوشك».

تقول : عسى زيد أن يخرُج ، بمعنى : قارَبَ زيدٌ الخروج. ومنه : «عسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُسا» (١) ، كأنَّها لمّا تخيَّلتْ آثار الشرّ من ذلك الغار قالت : قارَب الغُوير الشِّدَّةَ والشرَّ. وعن سيبويه أنه بمنزلة قولك : كان الغُوَيْرُ.

والغَرضُ أنَّ «عسى» يرْفع وينصِب ، كما أن «كاد» كذلك. ويقال : «عسى أن يخرج زيدٌ» بمعنى : قرب خروج زيد ، و «كاد زيد يخرج». و «أوشك» : يُستعمل استعمال «عسى» مرَّةً واستعمالَ «كاد» أخرى. والجيّد في «كرَب» استعمالُ «كاد».

(الأفعال الناقصة) (٢) ، وهي : «كانَ ، وصار ، وأصبح ، وأمسى ، وأضحى ، وظَلَّ ، وبات ، وما زال ، وما بَرِح ، وما فتِئ وما (٣٠٩ / ب) انفكَّ ، وما دام ، وليس» : ترفع الاسم وتنصب الخبر. تقول : كان زيدٌ منطلِقا ، وصار زيدٌ غنيا. ويجوز في هذا الباب تقديمُ الخبر على الاسم. تقول : كان منطلِقا زيدٌ ، وكان في الدار زيدٌ. وفي التنزيل : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(٣) ، (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ)(٤) ، (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ)(٥). وعلى ذا ، قولهم : «كان في الدار زيدا» بالنصب خطأ. وكذا قوله : «ولو كان مكانَ البغداديّ خُراسانيا».

وتجيء «كان» تامةً بمعنى حدَث وحصَل. ومنه : كانت

__________________

(١) مجمع الأمثال ٢ / ١٧. وانظر مادة : «بأس». وعبارة ع بعد ذلك : «إنما قالت تلك المرأة ذلك لأنها لما تخليت ..».

(٢) في الأصل : «أفعال الناقصة». والمثبت من ع ، ط.

(٣) الروم : ٤٧.

(٤) الكهف : ٣٤.

(٥) الكهف ٤٣ : (وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً)

٤٣٢

الكائنةُ. وفي التنزيل : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ)(١). ويُستعمل في معنى : صحَّ وثبت. ثمَّ لما أرادوا نفي الأمر بأبلغ الوجوه قالوا : ما كان لك أن تفعل كذا ، حتى استُعمل فيما هو مُحال أو قريب منه.

فمن الأوّل قوله تعالى : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ)(٢). ومن الثاني قوله سبحانه : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً)(٣) ، والمعنى : ما صحَّ له ولا استقام أن يقتُل مؤمنا ابتداءً غيرَ قصاص.

(أفعال القلوب) وهي : «حَسِبتُ ، وخِلْت ، وظننت ، وأُرى بمعنى أظُنُّ ، وعلمتُ ، ورأيتُ ، ووجدتُ ، وزعمتُ» ، إذا كنَّ بمعنى معرفة الشيء بصفةٍ ، تنصِب الاسم والخبر على المفعوليّة. تقول : حسِبت زيدا منطلقا ، وعلمتُ زيدا فاضلاً ، وأُرى زيدا قائما. ومنه : «آلبِرَّ تُرَوْنَ بهنَّ» (٤).

ويقال : أرأيتَ زيدا ما شأنُه ، وأرأيتَك زيدا ، بمعنى أخبرني.

وعليه قول محمد رحمه‌الله : «أرأيت الرجلَ يفعل». وفي الحديث : «أرأيت إنْ عَجَز واستَحْمَق» (٥).

__________________

(١) البقرة ٢٨٠. وتمامها : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ).

(٢) مريم : ٣٥.

(٣) النساء : ٩٢.

(٤) حديث رواه البخاري في باب الاعتكاف. انظر عمدة القاري ١١ / ١٤٧.

(٥) النهاية ١ / ٤٤٣. استحمق الرجل : فعل فعل الحمقى.

٤٣٣

الباب الرابع : في الحروف

وهي أنواع : عامل ، وغير عامل ، ومختلَف فيه ، ومنظور فيه [الحروف العاملة]

(فالأوّل) ضربان : عامل في الاسم ، وعامل في الفعل.

[العامل في الاسم] والعامل في الاسم صنفان : عامل في المفرد ، وعامل في الجملة.

[العامل في المفرد] «فالأوّل» : (٣١٠ / أ)

[حروف الجر] ما يجر الاسم وهو سبعةَ عشرَ : «مِنْ» : لابتداء الغاية ، نحو : خرجتُ من البصرة. وللتبعيض ، نحو : أخذتُ من الدراهم. وللبيان ، نحو : عشَرة من الرجال.

وزائدة ، نحو : ما جاءني من أحد.

و «إلى» لانتهاء الغاية ، نحو : وصلت إلى الكوفة. وتفسيرُها بمعنى «مع» مَرْويٌّ عن المبرّد ، ومنه قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(١).

و «في» : للظرفية ، نحو : المال في الكيس. وأما : «نظرت في الكتاب» فمجاز.

و «الباء» : للإلصاق والالتباس ، نحو : مسحَ برأسه ، وبه داء.

و «اللام» : للاختصاص ، نحو : المال لزيدٍ ، والسَّرْج للدابّة ، وهو ابنٌ له ، وأَخٌ له ، وأصلها الفتح ؛ وإنما كُسرت مع المُظْهَر فرقا بينها وبين لام الابتداء (٢). و «رُبَّ» : للتقليل ، وتُختصّ بالنكرة نحو : ربَّ رجلٍ لقيته. وتُضمر (٣) بعد الواو ، نحو (٤) :

«وبلدةٍ ليس بها أنيسُ»

__________________

(١) النساء : ٢.

(٢) ع : لام التعريف.

(٣) ع : «ويختص ... ويضمر».

(٤) قوله : «نحو» زيادة من ع ، ط. والبيت لجران العود في ديوانه ٥٢ وروايته : «بَسابسا ، ليس به أنيس». وبعده : «إلا اليعافير وإلا العيسُ». وهو شاهد نحوي مشهور.

٤٣٤

و «واو القسم وتاؤه» ، نحو : واللهِ وتاللهِ. وهي ـ أعني الواو ـ بدل من الباء ، ولذا لا تَدخُل إلّا على المُظهَرات ، ولا يستعمل معها الفعل (١). والتاء بدلٌ من الواو ولا تُستعمل في غير اسم الله تعالى (٢).

و «حتى» : بمعنى إلى ، نحو : أكلتُ السمكةَ حتى رأسِها ، ونمتُ البارحة حتى الصباح.

و «على» : للاستعلاء ، نحو : زيد على السرير ، وعليه ثوب.

و «عن» : للبُعد والمجاوزة ، نحو : سمعتُ عن الغائب كذا ، ورميتُ عن القوس.

و «الكاف» : للتشبيه ، نحو : جاءني الذي كزيدٍ.

و «مُذْ» و «منذُ» : لابتداء الغاية في الزمان ، كَ «مِن» في المكان ، نحو : ما رأيتُه مذ يوم الجمعة ، ومنذ يوم الجمعة. وهذه الخمسة تكون أسماء أيضا.

و «حاشا» (٣) ، و «خَلا» و «عَدا» : بمعنى إلّا ، نحو : أساؤوا (٤) حاشا زيدٍ ، وجاؤوا خلا زيدٍ ، وعَدا زيدٍ. ويجوز : خلا زيدا بالنصب ؛ فإذا وَصلْتَ بهما «ما» المصدريّة فالنصب لا غير ، نحو : جاؤوا ما خلا زيدا ، وما عدا زيدا.

و «الصنف الثاني» : «إنَّ» و «أنَّ» : للتوكيد. و «كأن» : للتشبيه. و «لكنَّ» للاستدراك. و «ليت» : للتمنيّ. و «لعلَّ» : للترجّي. تنصب هذه (٣١٠ / ب) الستةُ الاسم وترفع الخبر. تقول : إن زيدا منطلق ، وبلغني أنَّ زيدا ذاهبٌ ، وكأنَّ زيدا الأسدُ ، وما جاءني زيدٌ لكنَّ عمْرا جاءني ، وجاءني زيد لكنَّ عمْرا لم يجئ ، وليت عمْرا حاضر ، ولعل بكرا خارجٌ.

__________________

(١) لا يقال : أقسم والله.

(٢) تعالى : من ع ، ط.

(٣) رسمت ألفها في الأصلين بصورة الياء ، هنا وفي المثال التالي.

(٤) ع ، ط : أساء القوم.

٤٣٥

والفرق بين «إنَّ» و «أنَّ» هو أنَّ المكسورة مع ما في حيّزها جملةٌ ، والمفتوحة مع ما في حيّزها مفرد ، ولذا تحتاج إلى فعل أو اسم قبلها حتى تكون كلاما ، تقول : علمتُ أَنَّ زيدا فاضل ، وحَقٌّ أنَّ زيدا ذاهب.

ولا يجوز تقديم الخبر على الاسم في هذا الباب كما جاز في «كان» ؛ إلا إذا وقع ظرفا نحو : إنَّ في الدار زيدا ، وإن أمامك راكبا. وفي التنزيل : «إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً» (١) ، (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ)(٢) ، (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً)(٣). ويُبطل عملَها الكفُّ والتخفيف ؛ وحينئذ كانت (٤) داخلة على الأسماء والأفعال. قال تعالى : «أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» (٥) ، (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(٦) ، وإنْ زيدٌ لذاهبٌ ، وإنْ كان زيدٌ لكريما.

والفعل الذي تدخل عليه «إنْ» المخففة يجب أن يكون مما يدخل على المبتدأ والخبر ، واللام لازمة لخبرها ، وهي التي تسمى الفارقة ؛ لأنها تَفْرُق بينها وبين إنْ النافية.

«ومن الداخلة على الجملة» : «لا» لنفي الجنس ، تنصِب المنفيَّ إذا كان مضافا أو مضارِعا له ، وإذا كان مفردا فهو مفتوح ، والخبر في جميع الأحوال مرفوع. تقول : لا غلامَ رجلٍ كائنٌ عندنا ، ولا خيرا من زيد جالسٌ عندنا ، ولا رجلَ أفضلُ منك. ومنه كلمة الشهادة (٧).

__________________

(١) آل عمران : ١٣ ، والنور : ٤٤ ، والنازعات : ٢٦.

(٢) الغاشية ٢٥.

(٣) المزمل : ١٢.

(٤) ع : تكون.

(٥) الكهف : ١١٠ ، والأنبياء : ١٠٨ ، وفصلت : ٦. وفي ع ، ط : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) ، من سورة النساء ١٧١.

(٦) المائدة ٢٧ : (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ، قالَ : إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)

(٧) أي : لا إله إلا الله.

٤٣٦

وأما (العامل في الفعل) فصنفان أولهما : ما ينصب المضارع وهو ثلاثة أحرف «أنْ» المصدرية ، و «لَنْ» لتوكيد نفي المستقبل ، و «إذن» جواب وجزاء. تقول : أُحِبّ أن تقوم ، ولن تخرجَ ، وإذن أكرمَك.

و «أنْ» من بينها : تدخل على الماضي ، وتُضمَر بعد ستة أحرف وهي : «حتى» ، نحو : سرت حتى أدخلَها. و «لام كي» : جئتُك لتُكرمَني. و «لام الجحد» في قوله تعالى (٣١١ / أ) : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ)(١) ، (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ)(٢). و «أو» بمعنى «إلى» أو «إلّا» ، نحو : لألزَمنَّك أو تعطِيَني (٣). و «واو الجمع» نحو : لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبن ، أي لا تجمعْ بينهما ، وتُسمّى واو الصرف لأنها تصرِف الثانيَ عن إعراب الأوّل. «والفاء» : في جواب الأشياء الستة ، وهي «الأمر» : زُرْني فأكرِمَكَ.

و «النهي» : لا تَدْنُ من الأسد فيأكلَكَ. وفي التنزيل : (لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ)(٤). و «النفي» : (لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا)(٥).

و «الاستفهام» : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(٦). و «التمني» : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ)(٧). و «العَرْض» : ألا تنزِيلُ فتُصيبَ خيرا. وعلامة صحة ذلك أن يكون المعنى : إن فعلْتَ فعلْتُ.

__________________

(١) آل عمران ١٧٩ : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)

(٢) الأنفال : ٣٣.

(٣) بعدها في ط : حقي.

(٤) طه ٨١ : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)

(٥) فاطر ٣٦ : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا).

(٦) الأعراف ٥٣ : (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)

(٧) النساء : ٧٣.

٤٣٧

والصنف الثاني : حروف تجزم المضارع وهي : «لم» و «لمّا» : لنفي الماضي ، وفي «لمّا» توقّعٌ. و «لام» الأمر. و «لا» في النهي. و «إنْ» في الشرط والجزاء. نقول : لم يخرجْ ، ولمّا يركبْ ، وليضرِبْ زيدٌ ، ولا تفعلْ ، وإن تكرمْني أشكُرْك.

وتُضمر «إنْ» مع فعل الشرط في جواب الأشياء التي تُجاب بالفاء ؛ إلا النفيَ مطلقا والنهيَ في بعض المواضع. تقول : زُرني أُكرمْك ، وأين بيتُك أَزُرْكَ ، وليت لي مالاً أُنفِقْه ، وأَلا تنزلُ تُصبْ خيرا. ولا يجوز : ما تأتينا تحدثْنا ، ولا تدنُ من الأسد يأكلُك ؛ لأن النفي لا يدل على الإثبات. وجاز : لا تفعلْ يكنْ خيرا لك ؛ لأن المعنى : إن لم تفعل يكنْ خيرا لك.

(والنوع الثاني : في غير العوامل) (١) : وهي أصناف ، منها (حروف العطف) ، وهي تسعة : «الواو» : للجمع بلا ترتيب.

و «الفاء» و «ثُمَّ» و «حتى» : للجمع مع الترتيب ، وفي «ثُمَّ» تراخٍ دون الفاء ، وفي «حتى» معنى الغاية. تقول : جاءني زيدٌ وعمْرو ، وخرج زيد فعمْرو ، وقام زيد ثم عمْرو ، وقدم الحاجُّ حتى المشاةُ.

و «أو» (٢) : لأحد الشيئين أو الأشياء (٣١١ / ب) ، نحو : جاءني زيدٌ أو عَمْرٌو ، وأَزَيدٌ عندك أو عمْرٌو ، وجالس الحسنَ أو ابن سيرين ، وكُلِ السمكَ أو اشربِ اللبن.

و «أم» : للاستفهام ، متَّصلةً ، نحو أزيدٌ عندك أم عمرو ، بمعنى : أيُّهما عندك؟. ومنقطعةً ، نحو : أزيدٌ عندك أم عندك عمْرٌو ،

__________________

(١) أي في الحروف غير العاملة.

(٢) في الأصل : «أو» بلا واو قبلها. والمثبت من ع ، ط.

٤٣٨

وإنها لإبلٌ أم شاءٌ ، بمعنى : بل أهي شاءٌ.

و «لا» : لنفي ما وجَب للأوّل ، نحو : جاءني زيدٌ لا عمْرو.

و «بل» : للإضراب عن الأوّل والإثبات للثاني ، نحو : جاءني زيدٌ بل عمرو.

و «لكنْ» : للاستدراك بعد النفي ، نحو : ما جاءني زيد لكنْ عمْرٌو ، وهي في عطْف المفردات نقيضةُ «لا» ، وفي عطف الجمل نظيرة «بل» في مجيئها بعد النفي والإثبات (١).

ومنها (٢)

(حروف التصديق) ، وهي : «نَعَم» ، و «بَلى» ، و «أَجَلْ» ، و «إيْ» : [نعم] «فنَعَم» : تصديقٌ لما تقدّمها من كلام مُثبتٍ أو مَنْفيّ ، خبرا كان أو استفهاما ؛ كما إذا قيل لك : قام زيد ، فقلتَ : نعم ، كأنَ (٣) المعنى : قام ، أو قيل : لم يقم ، فقلتَ : نعم ، فالمعنى : لم يقم. وكذا إذا قيل : أقام زيدٌ أوْ ألم يقم (٤)؟

وقد قالوا : إنَّ «نَعَمْ» تصديقٌ لما بعد الهمزة.

و «بَلَى» : إيجابٌ لما بعد النفي. كما إذا قيل : لم يقم زيدٌ ، أو : ألم يقم زيدٌ؟ فقلت : بلى. كأنَ (٥) المعنى : قد قام.

و «أجَلْ» : يختص بالخبر نفيا وإثباتا.

و «إيْ» : لا تُستعمل إلا مع القسم.

ومنها (حروف الصلة) ، أي الزيادة «إنْ» في : «ما إنْ رأيتُ» (٦).

__________________

(١) في هامش الأصل : «في المفصل : وأما في عطف الجملتين فنظيره «بل» ، تقول : جاءني زيد لكن عمرو لم يجىء ، وما جاء زيد لكن عمرو قد جاء».

(٢) أي من الحروف غير العاملة.

(٣) ع ، ط : كان.

(٤) ع ، ط : أو لم يقم.

(٥) ع ، ط : كان.

(٦) في مثل قول دريد بن الصمة

ما إن رأيت ولا سمعت بمثله

كاليوم طالي أينقٍ جُرُب

٤٣٩

و «أنْ» في : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ)(١). و «ما» في قوله : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ» (٢). و «لا» في : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ)(٣).

ومنها (حرفا الاستفهام): «الهمزة» و «هل» ، نحو : أقام زيدٌ؟ وهل خرج عمرو؟.

ومنها (المفردات): «أمَّا» : لتفصيل المُجْمَل ، وفيها معنى الشرط. ولذا وجب الفاءُ في جوابها ؛ نحو : أمَّا زيد فذاهب. وأمّا عمرو فمقيم.

و «إمّا» بالكسر : لأحدِ الشيئين أو الأشياء ، نحو : جاءني إمّا زيدٌ وإما عمْرو ، وخُذْ إمّا هذا وإمّا ذاك (٣١٢ / أ).

و «إنْ» النافية ، نحو : إنْ زيدٌ منطلق. وفي التنزيل : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ)(٤) ، (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ)(٥) ، (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(٦). وفي أحاديث السِّيَر : «والله إنْ رأيتُ مثلَه قطُّ».

وفيها : «وإنْ شعرْنا إلا بالكتائب» (٧).

و «قد» : للتقريب في الماضي ، نحو : قد قامتِ الصلاةُ ؛ وللتقليل في نحو قولهم : إنَّ الكذوب قد يَصدُق.

و «كلّا» : للرَّدْع والتنبيه ، نحو : (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ)(٨).

و «لو» (٩) : لامتناع الثاني لامتناع الأوّل ، نحو : لو أكرمتَني لأكرمتُك.

«لو لا» : لامتناع الثاني لوجود الأوّل ، نحو : لو لا عليٌّ لهلَك عُمر.

__________________

(١) يوسف ٩٦ : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً)

(٢) آل عمران ١٥٩.

(٣) الحديد ٢٩.

(٤) الأنبياء ١٠٩ : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)

(٥) الأحقاف : ٢٦.

(٦) الأنعام : ٥٧ ، ويوسف : ٤٠ ، ٦٧.

(٧) ع ، ط : بالكتاب.

(٨) سورة النبأ : ٤.

(٩) ع : «لو» بلا واو قبلها.

٤٤٠