شرح الكافية البديعية

صفي الدين الحلّي

شرح الكافية البديعية

المؤلف:

صفي الدين الحلّي


المحقق: الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي
الموضوع : الشعر والأدب
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٦

الْكافِرِينَ)(١) فلو اقتصر سبحانه على قوله : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) لكان مدحا تاما بالرياضة والانقياد لإخوانهم. فوصفهم أيضا بالعز والمنعة والغلبة. وكقول السموال : [من الطويل](٢)

وما مات منا سيّد حتف أنفه

ولا طلّ منّا حيث كان قتيل

فإنّه لما وصف قومه بأنهم لا يموتون موت الأذلاء والجبناء أكمل حسن مدحهم بأنهم ـ مع ذلك ـ لا يضيع بهم دم (٣) ، وقد شرك بعضهم بين التتميم والتكميل (٤) وجعلهما كالشيء الواحد ، والفرق بينهما من وجهين : أحدهما : أن التتميم يكون متمما للنقص فيجعل الناقص تاما. والتكميل يجعل التام كاملا ، والثاني : أن التتميم يكون لمعاني النفس لا لأغراض الشعر ومقاصده. والتكميل يكملها معا. ومراد قول زهير في التتميم (على علاته) (٥) متمم لمعنى نفس هرم يلزمه ، وقول غيره في التكميل مكمل لذلك ، ولأغراض أخرى كالمدح بالشجاعة والخلق والعفة بعد الكرم ،

__________________

(١) المائدة : آية : ٥٤ وفي : ط ومنه قوله تعالى.

(٢) للسموأل بن عادباء في الطراز : ٣ / ١١٠. وفيه : (سيد في فراشه).

(٣) قال العلوي : «فلو اقتصر على قوله :

وما مات منا سيد في فراشه

لأوهم أنهم صبر على الحروب والقتل دون الانتصار من أعدائهم فلا جرم أكمله بقوله : «ولا طل منا حيث كان قتيل ، فارتفع ذلك الاحتمال المتوهم وزال». الطراز : ٣ / ١١٠ وينظر ديوانه : ٩١ والمثل السائر : ١ / ١٧٣ وله في المصادر المذكورة روايات.

(٤) انظر تفريق العلوي بين التتميم والتكميل : ٣ / ١١١ وفي ط : تقديم وتأخير في التفريق بين الوجهتين. وانظر : العمدة : ٢ / ٥٠.

(٥) يريد قوله : (العمدة : ٢ / ٥١)

١٤١

ولأغراض أخرى كالمدح بالشجاعة والخلق والعفة بعد الكرم ، وموضع التكميل في بيت القصيدة قوله :

عناية صدرت عن بارئ النّسم

العكس (١)

[٥٣ ـ] أبدى العجائب فالأعمى بنفتته

غدا بصيرا وفي الحرب البصير عمي

وهو : عبارة عن أن يقدّم في الكلام جزءّ ثم يؤخر ، ويقع على وجوه.

وليس هذا موضع تفصيلها ، كقوله تعالى : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ)(٢).

__________________

(١) انظر : الخزانة : ١٦٢ والعكس ـ لغة. رد آخر الشيء على أوله. ويقال له (التبديل) وهو في الطراز باسم (القلب) ٣ / ٩٤ وفي الديوان ٤٨٠ ، والموضوع في التحرير باسم (العكس والتبديل) وكذا في بديع القرآن : ١١١ وهو في الصناعتين : ٣٧١ وسماه في سر الفصاحة (التبديل) : ١٨٢ وفي المثل السائر : (عكس الظاهر) ٢٩٣ وفي التبيان لابن الزملكاني : ١٣٢ وحسن التوسل : ٧٢ ونهاية الأرب : ٧ / ١٤٤ والإيضاح : ٦ / ٣٥ وأنوار الربيع : ٣ / ٣٣٧ وروضة الفصاحة : ٣٧ ونفحات الأزهار : ٧٣.

(٢) آية ١٠ / من سورة الممتحنة وفي ط : منها قوله تعالى : .. وانظر في تفسير العكس فيها بديع القرآن : ١١١.

١٤٢

ومنها قول (١) النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «جار الدّار أحقّ بدار الجار» (٢).

ومنها : قول الحسن بن سهل ، وقد قيل : «لا خير في السّرف» فقال : «لا سرف في الخير» (٣).

ومنها قول أبي نواس (٤) : [من الكامل]

فكأنّما خمر ولا قدح

وكأنّما قدح ولا خمر (٥)

وزادها ابن أبي الإصبع قسما معنويا ، وهو : أن يكون للشاعر معنى متقدم ، فيعكسه كما عكس على بن الجهم قول أبي العتاهية : [من الوافر](٦)

ورايات يحلّ النصر فيها

تمرّ كأنها قطع السّحاب

__________________

(١) ط : (وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وفي خزانة الحموي : ص ١٦٢ قال : «وقيل : إنه ورد في الحديث».

(٢) الحديث ذكره الحموي في الخزانة شاهدا على العكس ص : ١٦٢ وأتبعه بكلام الحسن بن سهيل.

(٣) هو في الخزانة : ١٦٢. والحسن بن سهل والي الخليفة المأمون وأبو زوجته بوران ، وكان وزيرا له توفي سنة ٢٣٦ ه‍ وفيات الأعيان : ٢ / ١٢٠.

(٤) كتب إلى جانبها في الأصل : شعر.

(٥) أورد الحموي مع بيت آخر ، ونسبها للصاحب بن عباد قال : «وبديع هنا قول الصاحب بن عباد وقد بالغ في وصف الزجاج والشراب» ، وهو :

رق الزجاج وراقت الخمر

فتشابها وتشاكل الأمر

فكأنما خمر ... وكأنما ...

الخزانة : ١٦٢ في حين نسيت في التحرير لأبو نواس ـ أيضا ـ.

(٦) خزانه بتحقيق شكري فيصل : ٤٩٣ وهو في التحرير بالرواية نفسها.

١٤٣

فقال علي بن الجهم يصف السحاب : [من الطويل](١)

سحاب تفوت الطرف حتّى كأنها

جنود عبيد الله ولّت بنودها

والعكس في بيت القصيدة ظاهر.

الترديد (٢)

[٥٤ ـ] له السّلام من الله السّلام وفي

دار السّلام تراه شافع الأمم

وهو أن يعلّق المتكلم أو الشاعر لفظة من كلامه بمعنى ، ثم يوردها بعينها ويعلقها بمعنى آخر ، كقوله تعالى : (حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ)(٣). وكقوله تعالى : (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ)(٤).

__________________

(١) ديوانه : ٥٩ وانظر : التحرير : ٣١٨ وفيهما : فمرت تفوق ، وهو في حلبة المحاضرة : (فمرت ـ سعيا) : ١ / ٢٢٧.

(٢) الطراز : ٣ / ٨٢ وهو مأخوذ من (ردّد الثوب من جانب إلى جانب وردّد الحديث ترديدا ، أي كرره). وانظر : العمدة : ١ / ٣٣٣. وفي الديوان : ٤٨٠ والخزانة : ١٦٤. وبديع القرآن : ٩٦ وبديع ابن منقذ : ٢٦ وحسن التوسل : ٧٠ والتحرير : ٢٥٣ ونهاية الأرب ٧١ / ١٤١ ونفحات الزهار : ١٤٢ وأنوار الربيع : ٣ / ٣٥٣ والباعونية : ٤٣٧.

(٣) الأنعام : آية ١٢٤.

(٤) آية ٢٠ من سورة الحشر.

١٤٤

وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)(١).

ومن الشعر قول أبي نواس (٢) : [من البسيط]

صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها

لو مسها حجر مسته سراء

وإن اتفق للشاعر توجيه اللفظ إلى معنى آخر ، أو اشتراكها بمعنى آخر كان أبلغ (٣) ، كما في بيت القصيدة فاللفظة بعينها هي (السلام) ، وهي متعلقة بكل موضع بمعنى غير (٤) الآخر ، وهي مشتركة ، فتأمل ذلك.

المبالغة

[٥٥ ـ]كم­قدجلت جنح ليل النقع طلعته

والشهب أحلك ألوانا من الدهم

__________________

(١) القدر : ٢ و ٣.

(٢) البيت في الطراز : ٣ / ٨٢ قال العلوي : «فأضاف المس الأول إلى الحجر في الأول ثم أضاف المس إلى السراء في الثاني ليكون الكلام متناسبا مفيدا لفائدة جديدة» : ٣ / ٨٣ والبيت في ديوانه : ١ / ١٥٤.

(٣) فرق الحموي في الخزانة (ص ١٦٤) بين الترديد والتكرار ، وأهمها أن اللفظة التي يرددها الناظم في بيته تفيد معنى غير معنى الأول .. وعلى هذا التقدير صار للترديد بعض مزية يتميز بها على التكرار ويتحلى بشعارها وعلى هذا الطريق نظم أصحاب البديعيات هذا النوع» : ١٦٤.

(٤) في الأصل : يغير الآخر وكذا في الخزانة : ١٦٤ وفي ط : كل موضع بمعنى آخر.

١٤٥

وسماها ابن المعتز : الأفراط (١) في الصفة ، وسماها غيره التبليغ وشركها قوم في (الإغراق والغلو) (٢) ، ولم يعرفوا الفرق بينهما والفرق بين الثلاثة أن المبالغة : إفراد وصف شيء بالممكن القريب وقوعه عادة.

والإغراق : وصفه بالممكن البعيد وقوعه عادة والغلو (٣) : وصفه بالمستحيل وقوعه.

وقد جاء من المبالغة في الكتاب العزيز قوله تعالى : (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا (٤) أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) (٥).

وفي الأشعار كثيرة ، كقول المتنبي يصف الخيل : [من المتقارب]

__________________

(١) في الأصل : الأفراد. وموضوع المبالغة في الخزانة : ٢٢٥ وهو في الطراز ٣ / ١١٦ والعمدة : ٢ / ٦١ ولفظ الإفراط للجرجاني كما في العمدة. والباعونية : ٤١٤ والأنوار : ٤ / ٢٠٧ وانظره في : بديع ابن المعتز : ٦٥ والبيت في الديوان : ٤٨٠ وسماه ابن أبي الإصبع (الإفراط في الصفة) : التحرير : ١٤٧ كما سماه في بديعه : ٥٤ قال وسماه قدامة (المبالغة) ومن بعده : التبليغ والناس على تسمية قدامة. والموضوع في قواعد الشعر لتغلب باسم (الإفراط في الإغراق) : ٣٩. ونقد الشعر : ٥٠ والصناعتين : ٣٦٥ وسر الفصاحة ٣٥٦ والإيضاح : ٦ / ٦٢ وحسن التوسل : ٥٩ ونهاية الأرب : ٧ / ١٢٤ ونفحات الأزهار : ٢٤٨ وبديع ابن منقذ : ٥٣ والمثل السائر باسم : (الاقتصاد في التفريط والإفراط) : ٤٤٧.

(٢) في العمدة أن المبالغة لها أنواع منها : ترادف الصفات والغلو والإيغال انظر : العمدة : ٢ / ٥٣ ـ ٥٧ و ٥٨ ـ ٥٦ والمعاهد : ١ / ٢٥٥.

(٣) قال ابن رشيق : «ومن أسمائه : الإغراق والإفراط.» : ٢ / ٦٠ وانظر : الصنف الخامس عشر في المبالغة من الطراز : ٣ / ١١٦.

(٤) رسمت : عن ما ، وهو صواب كذلك.

(٥) سورة الحج : آية ٢.

١٤٦

حرجن من النّقع في عارض

ومن عرق الركض في وابل (١)

وموضع المبالغة في بيت القصيدة قوله :

والشهب أحلك ألوانا من الدّهم

الإغراق (٢)

[٥٦ ـ] في معرك لا تثير الخيل عثيره

مما تروي المواضي تربه بدم

والإغراق (٣) فوق المبالغة ، ودون الغلو ، لكونه وصفا بما يبعد وقوعه ـ عادة ـ. كما تقرر فبله ، كقوله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ)(٤).

__________________

(١) ديوانه : ٢٧٠ ومطلع القصيدة : (إلام طماعية العاذل) وفي ط : جرين من المنقع.

(٢) الديوان : ٤٨٠ والخزانة : ٢٢٧ والباعونية : ٤١٢ وأنوار الربيع : ٤ / ٢١٩ ، ومعاهد التنصيص : ١ / ٢٥٨ وتحرير التحبير : ٣٢١ والصناعتين (الغلو) : ٣٥٧ وكذا في العمدة (الغلو) : ٢ / ٦٠ و ٦٥. والإيضاح : ٦ / ٦٣ وانظر : الطراز : ٣ / ١١٦ في المبالغة.

(٣) قال ابن حجة : «وغالب النّاس عندهم : المبالغة والإغراق والغلو نوع واحد» : الخزانة : ٢٢٧ وقال في بيت الحلي : ٢٢٩ «وبيت عامر قريب من العقل بعيد من الوقوع ـ عادة ـ على شرط الإغراق».

(٤) الآية ٤٦ من سورة : إبراهيم.

١٤٧

فزوال الجبال ممكن عقلا ، لكنه بعيد ، خصوصا إذا كان موجب زوالها المكر ، وكقول المتنبي (١) [من الطويل] :

وثقنا بأن تعطي فلو لم تجد لنا

حسبناك قد أعطيت من قوة الدهم

الغلو (٢)

[٥٧ ـ] عزيز جار لو الليل استجار به

من النهار (٣) لعاش النّاس في الظلم

والغلو فوق الإغراق (٤) ـ كما تقدم ـ ؛ لاستحالة وقوعه عقلا.

ولم ير منه في الكتاب العزيز إلّا مقرونا به ما يقربه من حدّ الصحة ويخرجه من باب الاستحالة ، من فعل تقريب أو حروف امتناع ، كقوله تعالى : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ)(٥).

__________________

(١) البيت في المعاهد : ١ / ٢٥٩ من شواهد الإغراق ، وهو في ديوانه : ٨٢ برواية : «لخلناك قد أعطيت ..» وفي ط : من شدة الوهم.

(٢) قال ابن رشيق : «اشتقاق الغلو من المغالاة وهو علوة السهم وانظر : الديوان : ٤٨٠ والخزانة : ٢٢٩ والصناعتين : ٣٥٧ وأنوار الربيع : ٤ / ٢٢٩ والإيضاح : ٦ / ٦٤ واللمعة في صنعة الشعر : ٣ ، وتحرير التحبير : ٣٢٣ والطراز : ٣ / ١٢٩ ومعاهد التنصيص : ١ / ٢٥٩ ونفحات الأسحار : ٢٠٦ والباعونية : ٤١٣.

(٣) استدرك على الحاشية في الأصل : بدل (النهار) : الصباح.

(٤) ط : (المبالغة) ، وهو وهم.

(٥) آية : ٣٥ من النور.

١٤٨

ومن الشعر قول الفرزدق (١) : [من البسيط]

يكاد يمسكه عرفان راحته

ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم

فهذا ما كان منه بفعل التقريب ، وأما ما كان منه بحرف الامتناع ؛ فكقول البحتري : [من الكامل](٢)

لو أن مشتاقا تكلّف فوق ما

في وسعه لسعى إليك المنبر

وأما ما جاء في الغلو الصريح المستحيل بغير فعل التقريب أو حرف الامتناع ، فكقول أبي نواس : [من الكامل](٣)

وأخفت أهل الشرك حتّى أنه

لتخافك النّطف التي لم تخلق

وقوله في الخمر : [من المنسرح](٤)

لا ينزل الليل حيث حلت

فدهر شرّابها نهار

والغلو في بيت القصيدة ظاهر.

__________________

(١) في الأصل : شعر والبيت للفرزدق قاله في زين العابدين : خزانة البغدادي ٤ / ٦٤ وانظر : الطراز : ٣ / ١٢٨ وفي ط : ومن أمثلته الشعرية.

(٢) للبحتري في المعاهد : ١ / ٢٦٠ وانظر ديوانه : ٢ / ١٠٧٣.

(٣) لأبي نواس في مدح الرشيد : ١ / ٢٥٩ من المعاهد ، من قصيدة مطلعها : [الديوان : ٤٠١] :

خلق الزمان وسرّني لم تخلق

ورميت في غرض الزمان بأفوق

(٤) لأبي نواس. في المعاهد : ١ / ٢٦٠ وفي ط : في وصف حمزة وهو في الديوان : ٧٤ برواية قليل شرابها ...

١٤٩

الإيغال (١)

[٥٨ ـ] كأنّ مرآه بدر غير مستتر

وطيب ريّاه مسك غير مكتتم

الإيغال : هو مأخوذ من إيغال السير وهو الإسراع ، وقطع منتهى الأرض ، وذلك أن الشاعر : إذا استكمل بيته بتمامه ، أتى بقافية تفيد معنى زائدا على معنى البيت ، فكأنه قد أو غل في الفكر ، حتّى استخرجها ، كقول امرئ القيس : [من الطويل](٢)

كأنّ عيون الوحش حول خبائنا

وأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب

وكقول زهير بن أبي سلمى المزني [من الطويل](٣)

كأن فتات العهن في كل منزل

نزلن به حبّ الفنا لم يحطّم

__________________

(١) قال في الطراز : ٣ / ١٣١ : «هو سرعة السير لغة ـ ويستعمل في المبالغة في الشيء .. وهو في مصطلح علماء البيان عبارة عن الإتيان في مقطع البيت وعجزه أو في الفقرة الواحدة بنعت لما قبله مفيد للتأكيد والزيادة فيه». انظر الخزانة ٢٣٤ والديوان : ٤٨٠ والتحرير : ٢٢٣ والبديع لابن أبي الإصبع : ٩١ ونقد الشعر : ١٠٠ والعمدة : ٢ / ٥٧ والصناعتين : ٢٨٠ والإيضاح ٣ / ٢٢٦ ونهاية الأرب : ٧ / ١٣٨ ولم تنظم الباعونية فيه.

(٢) البيت في الديوان : (حول بيوتنا).

(٣) البيت في ديوانه من معلقته :

أمن أم أوفى دمنة لم تكلّم

بحومانة ... الخ

١٥٠

فقول امرئ القيس : (لم يثقب) وقول زهير : (لم يحطم) هو إيغال زائد على تمام معنى بيتيهما.

والإيغال في بيت القصيدة في موضعين ، وهما : (غير مستتر) و (غير مكتتم) ، [فاعلم ذلك].

نفي الشيء بإيجابه (١)

[٥٩ ـ] لا يهدم المنّ منه عمر مكرمة

ولا يسوء أذاه نفس متّهم

وهو (٢) : أن يثبت المتكلم شيئا في ظاهر كلامه : وينفي ما هو في سببه مجازا ، والمنفي في باطن الكلام ـ حقيقة ـ هو الذي أثبتّه ، كقوله تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)(٣). وكقوله (٤) جل وعلا : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً)(٥). فإن ظاهر الكلام نفي الإلحاف. والمراد نفي السؤال ، وكقول الشاعر (٦) [من السريع] :

__________________

(١) هكذا سمى ابن رشيق هذا النوع في العمدة : ٢ / ٨٠. وانظره في الديوان : ٤٨٠ والخزانة : ٢٣٣ والتحرير : ٣٧٧ وبديع القرآن : ١٥٢ وحسن التوسل : ٢٨١ ونهاية الأرب : ٧ / ١٦٣ ونفحات الأسحار : ٢٧٦ ، وفي أنوار الربيع : ٤ / ٣٦٤ والباعونية : ٤٣٨.

(٢) قال ابن رشيق : (من محاسن الكلام فإذا تأملته وجدت باطنه نفيا وظاهره إيجابا) : العمدة : ٢ / ٨٠.

(٣) الآية : ١٨ من سورة غافر.

(٤) الآية : ٢٧٣ من سورة البقرة.

(٥) علق في حاشية النسخة : إلحافا ولحافا بمعنى واحد. من تفسير غريب القرآن. والآية من شواهد ابن رشيق : ٢ / ٨٢.

(٦) في خزانة الأدب : ٤ / ٢٧٣ لعمرو بن أحمر الباهلي.

١٥١

لا يفزع الأرنب أهوالها

ولا ترى الضب بها ينجحر

والمراد : ليس بها ضب ، وكقول مسلم بن الوليد (١) [من البسيط] :

لا يعبق الطيب خديه ومفرقه

ولا يمسح عينيه من الكحل

فإن ظاهره نفي العبق والمسح ، والمراد نفي الطيب والكحل ـ مطلقا ـ (٢).

الإشارة (٣)

[٦٠ ـ] يولي الموالين من جدوى شفاعته

ملكا كبيرا عدا ما في نفوسهم

__________________

(١) في الخزانة : ٢٣٣ قال : «نفي عبق الطيب ومسح الكحل والمراد نفيهما مطلقا».

(٢) قال الحموي في بيت الحلي : «إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا يتبع المكرمة بمن وحاشاه من ذلك ولا يصدر منه لنفس متهم إساءة ، والمراد في الباطن نفي الإساءة والمن مطلقا ، فإن مقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في الكرم والحلم فوق ذلك» : الخزانة : ٢٣٣ وهو في ديوانه : ٥٠.

(٣) عقد ابن رشيق للإشارة مبحثا مفصلا (العمدة : ١ / ٣٠٢) وجعله من غرائب الكلام وعجائب البلاغة ، وجعلها أنواعا منها ما تجيء على معنى التشبيه ، ومنها التفخيم والإيماء والتعريض والرمز والتلويح والكناية واللمحة واللغز ، واللحن والتعمية والحذف والتورية. انظر العمدة : ١ / ٣٠٢ ـ ٣١١ والخزانة : ص ٢٥٧ ـ ٢٥٨ والديوان : ٤٨٠ والتحرير : ٢٠٠ وبديع القرآن ٨٢ والصناعتين : ٣٤٨ ونقد الشعر ٩٠ وبديع ابن منقذ ٥٠ وفي التبيان لابن الزملكاني باسم (الإيجاز) : ص ٧١ ونهاية الأرب : ٧ / ١٤٠ وحسن التوسل : ٧٠ واللمعة في صنعة الشعر : ٥ ونفحات الأزهار : ٢٢٢.

١٥٢

وهو عبارة عن أن يشير المتكلم إلى معان كثيرة بكلام قليل يشبه الإشارة باليد ، فإن المشير بيده يشير دفعة واحدة إلى أشياء ، لو عبر عنها بلسانه لاحتاج إلى ألفاظ كثيرة ، وهذا من مستخرجات قدامة ، ومن أمثلتها في الكتاب العزيز قوله تعالى : (وَغِيضَ الْماءُ)(١) فإنّه أشار ـ سبحانه وتعالى ـ بهاتين اللفظتين إلى انقطاع ماء المطر ونبع الأرض وذهاب ما كان حاصلا من الماء على وجهها من قبل (٢) ، وكقوله تعالى : (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ)(٣). ولو شرح ذلك لملأ الأوراق. ومن أمثلته الشعرية قول امرئ القيس (٤) [من الطويل] :

على هيكل يعطيك قبل سؤاله

أفانين جري غير كزّ (٥) ولا واني

فإنّه أشار بقوله : «أفانين جري» إلى جميع صنوف عدو الخيل المحمودة ، واحترز بنفي الكزز والونى عن الحرن والجماح والفتور.

وموضع الإشارة من البيت في القصيدة قوله : (ملكا كبيرا). فتأمله.

__________________

(١) آية : ٤٤ من سورة هود.

(٢) في : ط : على وجه الأرض من قبل ...

(٣) آية ٧١ من سورة الزخرف وفي ط : ومنه قوله تعالى ...

(٤) في الخزانة : ٣٥٨ وهو في ديوانه : ٩١. وانظر حلية الحاتمي : ١ / ١٣٩.

(٥) في الأصل : غير كزر.

١٥٣

النوادر (١)

[٦١ ـ] كأنما قلب معن ملء فيه فلم

يقل لسائله يوما سوى نعم

وسماه قوم : الأغراب والطرفة. كقدامة ومن تبعه. وهو : أن يأتي الشاعر بمعنى غريب لقلته في الكلام ؛ لا لأنّه لم يسمع مثله ، هذا رأي قدامة (٢) دون غيره ، واعتذر بأن قال : إن الورد وغيره إذا جاء في عير أو انه سمي ظريفا ونادرا ؛ لا لأنّه لم ير مثله. ومثاله قول المتنبي : [من البسيط](٣)

يطمّع الطير فيهم طول أكلهم

حتّى يكاد على هاماتهم يقع

__________________

(١) في الخزانة : ٢٢٣. ونقل من الشرح عبارة الحلي مع بعض التصرف وانظر ديوانه : ٤٨١ ، والموضوع مبحوث في : نقد الشعر : باسم (الاغتراب والطرفة) كما أشار المؤلف : ٥٤ وفي بديع ابن منقذ باسم (الاغتراب) : ٦٧ ، وفي العمدة أشار إليه تحت عنوان المثل السائر : ١ / ٢٨٠ فيما بعد ، وبديع القرآن : ٢٢٢ والتحرير : ٥٠٦ قال وقد سماه قدامة بعد ذلك (التصريف) ونفحات الأزهار : ١١٤.

(٢) قال الحموي : «لكن غالب علماء البديع اختاروا غير رأي قدامة في هذا النوع ، بأنهم قالوا : لا يكون المعنى غريبا إلّا إذا لم يسمع بمثله ، وأورد زكي الدين بن أبي الإصبع في كتابه المسمى بتحرير التحبير لنوع النوادر حدا أقرب إليه من اختيار قدامة وأبلغ واوقع في النفوس ، وهو أن يعمد الشاعر إلى معنى مشهور ليس بغريب في بابه ، فيغرب فيه بزيادة لم تقع لغيره ليصير بها ذلك المعنى المشهور غريبا» الخزانة : ٢٢٣.

(٣) البيت في ديوانه : ٣١٢ وفيه (.. على أحيائهم يقع) ومطلع القصيدة :

غيري بأكثر هذا النّاس ينخدع

إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا

١٥٤

والنادر في بيت القصيدة ، قلب حروف (معن) ب (نعم) (١) فتامله.

الترشيح (٢)

[٦٢ ـ] إن حلّ أرض أناس شدّ أزرهم

بما أتاح (٣) لهم من حطّ وزرهم

وهو : أن يأتي بكلمة لا تصلح لضرب من المحاسن ، حتّى يأتي بلفظة تؤهّلها لذلك ؛ كقول علي عليه‌السلام للأشعث بن قيس : «وهذا كان أبوه ينسج الشمال باليمين» (٤) ، فرشح (الشمال) بقوله : (اليمين) للتورية ، ولو قال : (بيده) ؛ أو ذكر (الشمال) وسكت! لم يكن في لفظ (الشمال) تورية.

ومثاله من الشعر قول التهاميّ : [من الكامل](٥)

وإذا رجوت المستحيل فإنّما

تبني الرجاء على شفير هار

فلو لا ذكر (الشفير) ، لما كان في (الرجاء) تورية (برجاء البئر) ؛ ولكان من (رجوت) ؛ لقوله ـ أولا ـ : (وإذا رجوت المستحيل ...)

__________________

(١) قال ابن حجة «قلب معن بنعم لم يعد من نوع النوادر ، بل من أنواع الجناس المسمى بالقلب ، والعكس ..» ٢٢٣ من الخزانة. وهو محق فيه.

(٢) الديوان : ٤٨١ والخزانة : ٣٧٢ وأنوار الربيع : ٦ / ١٧٢ وأسرار البلاغة : ٢٥٧ وتحرير التحبير : ٢٧١ وبديع القرآن : ١٠٣.

(٣) في الخزانة : بما أباح لهم .. وكذا في : ط.

(٤) الشمال جمع شملة ، وانظر في ذلك تحرير التحبير : ٢٦٨ و ٢٧١ فقد ذكر الخبر.

(٥) ط ومن أمثلته الشعرية. وفي الخزانة : ٣٧٢ ذكر بيت التهامي.

١٥٥

وقد يشتبه (الترشيح) على قوم بغيره (١) ، وبينهما فروق ، أوضحها (٢) ؛ أن (المرشح) لا يختص بنوع واحد من البديع. والترشيح في بيت القصيدة قوله (شدّ أزرهم) فإن لفظة (شدّ) رشحت لفظة (حل) للمطابقة.

وإلا بقيت (٣) على حالها من معنى الحلول.

الجمع (٤)

[٦٣ ـ] آراؤه وعطاياه ونعمته

وعفوه رحمة للناس كلّهم

والجمع : هو : أن يدخل نوعين فصاعدا في نوع واحد ، كقوله تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا)(٥).

ومن أمثلته الشعرية قول بعضهم : [من الرجز](٦)

إن الشباب والفراغ والجده

مفسدة للمرء. أيّ مفسدة

والجمع في بيت القصيدة ظاهر.

__________________

(١) ذكر ابن حجة وجهين من أوجه الاختلاف بين (الترشيح) وغيره وفي : ط (وقد يختلف الترشيح على ...).

(٢) في الأصل (فرق) والصواب ما أثبت لمناسبة قوله (وأوضحها).

(٣) في الأصل : لبقيت ، وهو غير صحيح في القواعد لأن اللام تدخل على جواب (لو) أو (لو لا) والفعل هنا جواب (إن) الشرطية المدغمة في (لا). وكذا في : ط.

(٤) في الخزانة : ٣٦١ وقال العلوي في الطراز : ٣ / ١٤٠ (من عوارض البلاغة) وفي المفتاح : ٦٦٣ وبديع القرآن (التفريق والجمع) : ٣١٣ وفي الديوان : ٤٨١.

(٥) الآية ٤٧ من سورة الكهف.

(٦) البيت في الخزانة بلا نسبة : ٢٦١ وكذا في الطراز : ٣ / ١٤٢ وهو لأبي العتاهية كما في الديوان : ٣٤٨ يخاطب به مجاشع بن مسعدة.

١٥٦

التفريق (١)

[٦٤ ـ] فجود كفّيه لم تقلع سحابته

عن العباد وجود السحب لم يدم

والتفريق هو : أن يقصد الشاعر إلى شيئين من نوع واحد فيوقع بينهما تباينا [وتفريقا بفرق يفيد زيادة وترجيحا فيما هو بصدده من مدح أو ذم أو نسيب أو غيره من الأغراض الأدبية](٢) كقول الشاعر : [من الخفيف](٣)

ما نوال الغمام وقت ربيع

كنوال الأمير يوم سخاء

فنوال الأمير بدرة عين

ونوال الغمام قطرة ماء

والمثال في بيت القصيدة ظاهر.

__________________

(١) في الخزانة : ١٧٢ وفي الطراز ٣ / ٤١ (هو من عوارض البلاغة) وفي المفتاح : ٦٦٣ وبديع القرآن : ٣١٣ وفي الديوان : ٤٨١.

(٢) في الخزانة : ١٧٢ وفي ط : فيفرق بينهما ويوقع بينهما تباينا.

(٣) في الخزانة : ١٧٢ وفي ط : (بدرة عين) و (بدرة مال). وهما في الطراز : ٣ / ٤١ والإيضاح : ٢ / ٣٥٧.

١٥٧

التقسيم (١)

[٦٥ ـ]أفنى جيوش العدى­غزوا فلست ترى

سوى قتيل ومأسور ومنهزم

[والتقسيم] : هو أن يذكر ذا جزأين فصاعدا ، ثم يضيف إلى كل واحد من أجزائه ما هو له عدل (٢).

واشترط البديعيون أن يستوفى أقسام القسمة ، فلا يغادر منها قسما ، كقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)(٣). وليس في رؤية البرق غير الخوف من الصواعق والطمع في الغيث ، وكقول زهير بن أبي سلمى : [من الوافر](٤)

فإن الحقّ مقطعة ثلاث

يمين أو شهود أو جلاء

وقسمة (فناء الجيش) مستوفاة في بيت القصيدة بثلاثة ليس لها رابع ، [فتأمل ذلك].

__________________

(١) الديوان : ٤٨١ والخزانة : ٣٦٢ والباعونية : ٤٠٢ وفي الطراز للعلوي ٣ / ١٤١ (الصنف العشرون) والمفتاح : ٦٦٣ ـ ٦٦٤ والعمدة : ٢ / ٢٠ والتحرير : (صحة الأقسام) : ١٧٣ وبديع القرآن : ٦٥ والمثل السائر (التناسب بين المعاني) : ٤٢٩ ... الإيضاح : ٦ / ٤٧ ونهاية الإيجاز ٢٩٤ ـ ٢٩٥ ونهاية الأرب : ٧ / ١٣٦ وحسن التوسل : ٦٧.

(٢) الأصل : عندل. والعبارة نقلها المؤلف من المفتاح مع شيء من التغيير ، وفي ط : أعدل.

(٣) الآية : ١٢ من سورة الرعد.

(٤) الديوان : ٥٧ وهو في بيان الجاحظ ١ / ٢٤٠.

١٥٨

الجمع مع التفريق (١)

[٦٦ ـ] سناه كالنار تجلو كلّ مظلمة

والبأس كالنار يفنى كلّ مجترم

وهو : أن يدخل شيئين في معنى واحد ويفرق بين جهتي الإدخال ؛ كقولهم : [من المجتث](٢)

أسود كالمسك صدغا

قد طاب كالمسك خلقا

فقد شبه (الصدغ) و (الخلق) ب (المسك) ، ثم فرّق بين جهتي المشابهة كما ترى بالسواد والطيب.

وبيت القصيدة من هذا القبيل (٣) فتأمله.

الجمع مع التقسيم (٤)

[٦٧ ـ] أبادهم فلبيت المال ما جمعوا

والروح للسيف والأجساد للرخم

__________________

(١) الديوان : ٤٨١ والخزانة : ٣٥٧ وأنوار الربيع : ٥ / ١٦٨ والباعونية : ٤١٦ والطراز : ٣ / ١٤٢ والمفتاح : ٦٦٤ وبديع القرآن : ٣١٣ وحسن التوسل : ٧٧ ونهاية الإيجاز : ٢٩٥ ونهاية الأرب : ٧ / ٧٧ ونفحات الأزهار : ١٦١. ورواية البيت في الخزانة (سناه كالبرق .. والعزم).

(٢) في المفتاح بلا عزو : ٦٦٤ وجعله من المتقارب بإضافة (قد) في أوله و (الواو) في صدر عجزه. وهو في الطراز : ٣ / ٤٣ بلا نسبة.

(٣) يريد أن (النار) في الشطرين هو المشبه به مع اختلاف جهتي المشابهة.

(٤) الخزانة : ٣٥٦ والطراز : ٣ / ١٤٣ وعبارته أكثر تبسيطا. ومفتاح العلوم : ٦٦٤ والبيت في الديوان : ٤٨١ وفي العمدة (التقسيم) : ٢ / ٢٦ وأنوار الربيع : ٥ / ١٧٣ والباعونية : ٤٠٥.

١٥٩

وهو أن يجمع أمورا كثيرة تحت حكم ثم يقسم ، أو يقسم ثم يجمع ، والمثال ـ هاهنا ـ على الأول ـ خاصة ـ وهو الأحسن ، كقول المتنبي : [من البسيط]

الدهر معتذر والسيف منتظر

وأرضهم لك مصطاف ومرتبع (١)

للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا

والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا

والمثال في بيت القصيدة منه فاعلم ذلك.

ائتلاف المعنى مع المعنى (٢)

[٦٨ ـ] من مفرد بغرار السّيف منتثر

ومزوج بسنان الرمح منتظم

__________________

(١) في الأصل : (وأرضهم مصطاف) ، وهو وهم من الناسخ. والبيتان في الديوان : ٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٤ (برقوقي) وهما في المفتاح : ٦٦٤ والطراز : ٣ / ١٤٣ والخزانة : ٣٥٦. وانظر كذلك العمدة بالنسبة للبيت الثاني : ٢ / ٢٦.

(٢) الخزانة : ٢٣١ وأنوار الربيع : ٤ / ١٩٨ والطراز : ٣ / ١٤٧ وعبارته : «هو أن يكون الكلام مشتملا على أمرين فيقرن بكل واحد منهما ما يلائمه من حيث كان لاقترانه به مزية غير جافية ومثاله ما قاله المتنبي في السيفيات». والديوان : ٤٨١.

١٦٠