شرح الكافية البديعية

صفي الدين الحلّي

شرح الكافية البديعية

المؤلف:

صفي الدين الحلّي


المحقق: الدكتور رشيد عبد الرحمن العبيدي
الموضوع : الشعر والأدب
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٦

وأما الثانية ، واسمها : (مليح البديع في مدح الشفيع) فقد نظمها سنة (١٠٧٧ ه‍) ، وزاد فيها على القصيدة الأولى تسمية الأنواع البديعية ، كما ترى ذلك في مطلعها :

يا حسن (مطلع) من أهوى بذي سلم

(براعة) الشوق في (استهلالها) ألمي

فقد خص (براعة الاستهلال) أو (براعة المطلع) بالمفردات الثلاث التي ذكرها في البيت (١) وعبد الغني في هذه البديعية الثانية حاكى من السابقين من ذكروا أسماء الأنواع البديعية في أبيات القصيدة ، ومنهم ابن حجة الحموي وعز الدين الموصلي. والرجلان ممن عارضا الصفي في بديعيته.

وهذا النوع من المحاكاة والمجاراة دليل على أثر بديعية الصفي فيمن جاء بعده ، واستمرار هذا التأثير ، حتّى يومنا هذا. وتبقى عندنا مسألة ، وهي مطروقة من قبل أن نذكرها هنا ، وهي أن الحلّي لم يكن مبتدعا (البديعيات) في مدح الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وسلم بل هناك من يدّعي (٢) أنّ الصفي مسبوق بهذا الفن الشعري ب «علي بن عثمان بن علي بن سليمان أمين الدين السليماني (ت ٦٧٠ ه‍)» لأن هذا الأخير قد نظم قصيدة من بحر (الخفيف) وروى اللام المكسورة : مطلعها :

بعض هذا الدلال والأدلال

حالي الهجر والتجنّب حالي

__________________

(١) البديعيات : علي أبو زيد : ١٢٨.

(٢) هو الدكتور أحمد إبراهيم موسى في كتابه : الصبغ البديعي في اللغة العربية ـ ط سنة : ١٣٨٨ ه‍ / ١٩٦٩ م : ص ٣٧٧ ـ ٣٨٨.

٦١

مضمنا كل بيت منها نوعا بديعيا. ويدعي كذلك أنّ ما ذهب إليه الدكتور زكي مبارك من كون البديعيات تطورا للمدائح النبوية إسراف وتجنّ.

وعلى الرغم من أنّ السليماني قد سبق إلى وجود مثل هذه المحاولة ، إلّا أنّ ثمة أمورا لا يغفلها الباحث تضع الريادة والتقدم للصفي الحلي ، وهي :

١. أن قصيدة السليماني من بحر الخفيف ، وقصائد البديعيات من بحر البسيط.

٢. أن الغالب على روي القصائد البديعية هو الميم وهو ما أسسه البوصيري في مدحته ثم تحولت عند الحلي إلى (بديعية) كما سبقت الإشارة.

٣. أن المعارضات والمجاراة والمتابعات بنيت جميعها على قصيدة الحلي ، ولم نسمع أن شاعرا عارض السليماني. أو بنى على بناء قصيدته ، مضمونا أو شكلا فضلا عن أنّ قصيدة السليماني ليست في مدح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٤. أن الصفي الحليّ قد وضع أسسا ملتزمة في بناء القصيدة من مطلعها حتّى اختتامها ، وهو ما سار عليه ، المقلدون ، إلّا في بعض الخروجات من مثل التورية عن الفن البديع ولعل أفضل من ناقش ريادة قصيدة الحلي في فن البديعيات النبوية ، هو الباحث علي أبو زيد في كتابه (البديعيات في الأدب العربي ـ نشأتها ـ تطورها ـ أثرها ...) (١) فقد ردّ كثيرا من المزاعم التي ادّعاها كل من زكي مبارك (٢) في تقديم ابن جابر

__________________

(١) انظر : البديعيات : علي أبو زيد : الصفحات : ٥٥ ـ فما بعد (نشأة البديعيات).

(٢) انظر : كتابه : المدائح النبوية : ٢٠٦.

٦٢

(٧٧٩ ه‍) على الصفي الحلي ، وأحمد إبراهيم موسى في جعل البديعيات من ريادة على السليماني (٦٧٠ ه‍) وغيرها. يقول زكي مبارك : «وفي عصر ابن جابر وضع صفي الدين الحلي المتوفى سنة ٧٥٠ ه‍ قصيدة سماها (الكفاية ـ كذا ـ (وهي الكافية) ـ البديعية في المدائح النبوية).

والمعلوم أن الصفي أقدم وفاة من ابن جابر بما يقرب من ثلاثين سنة.

مع العلم بأن ابن جابر قد أدخل تطويرا على البديعيات لم يفعله الصفي مما يدعو إلى القول بأسبقية الحلي.

النسخ التي اعتمدنا عليها في التحقيق :

تجمعت لديّ أكثر من نسخة ، أمكننا الاستناد إليها ، والانتفاع بها في ضبط النص المحقق من شرح بديعية الصفي ، ويمكن الإشارة إليها فيما يأتي :

أ. من المعلوم أن بديعية الحلي ، قد شرحها مؤلفها ، وأنها طبعت منذ زمن مبكر في المطبعة العلمية ، ولكنها طبعة وقع فيها الكثير من التحريف والتغيير إلّا أنها قد أفادت كثيرا في تحقيق نص الشرح ، وهذه الطبعة تقع في ثلاث وسبعين صفحة ، وقد طبعت عام ١٣١٦ ه‍ ، ووضع على جلدها عنوان : (كتاب شرح بديعية صفي الدين الحلي ، لناظمها ـ رحمه‌الله ـ. وقد أشرنا إليها بالرمز (ط).

ب. نسخة مخطوطة تحت عنوان (شرح بديعية الصفي الحلي) تقع تحت الرقم : ٥٦٣٦ / أ. وتقع في تسع وثلاثين ورقة. ومسطراتها ٢٢* ١٤ سطرا ، وهذه النسخة تحتفظ بها مكتبة الأوقاف في العراق اتخذناها أصلا وعليها تملك ، (الفقير إليه عز شأنه مفتي زادة الآلوسي ، نعمان

٦٣

خير الدين الآلوسي سنة ١٢٧٧ ه‍) وعليها ـ أيضا ـ ختم : (وقف المكتبة النعمانية في المدرسة المرجانية) وهي نسخة مضبوطة ، واضحة الخط ، ولم ينقص منها شيء. وكانت هي الأصل الذي انتسخناه ، ثم قابلنا بها ما بين أيدينا من النصوص.

ت. نسخة مخطوطة ثانية تحتفظ بها مكتبة الأوقاف ـ أيضا ـ ولكنها مصابة بنقص من آخرها ، بما يقرب من خمس الكتاب ، وقد أشرنا إليها في مواضعها من التحقيق بالرمز (ن). غير أن بعض ما ورد في هذه النسخة مختلف عما ورد في نسخة الأصل. أشرنا إليه في حواشي التحقيق.

ث. نشر الشرح نشرا علميا في سوريا ، حاولنا أن نقابل بين تحقيقنا ، وما ورد في هذه النشرة ، وأثبتنا في صفحات التحقيق ما وقع من اختلاف بين نشرتنا والنشرة السورية.

ج. قابلنا بين ما ورد من نصوص في الشرح ، وما ورد من نصوص منقولة منها في المصادر المعنية بالبديعيات ، ولا سيما خزانة الحموي ، وأثبتنا في حواشي التحقيق. ما رأينا من اختلاف كما ذكرنا مصادر الأنواع البديعية. الواردة في بديعيات الآخرين ، وكتب البلاغة ، والمحسنات البديعية. لتيسير مهمة الباحثين في الرجوع إلى الأصناف البديعية وتفسير مصطلحاتها. ولذلك نرى أننا قد قدّمنا نصا تراثيا قيما ، مخدوما خدمة علمية متقنة.

والله الموفق

٦٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

المقدمة :

الحمد لله الذي حلل لنا سحر البيان ، وجعل تلقيه (١) بالعقول مشاهدا (٢) للعيان وصلّى الله على سيدنا محمد الذي نسخ بدينه سائر الأديان. وهدانا إلى التحقيق والتبيان وعلى آله الأطهار ، وصحبه الأعيان ما

اختلف الملوان (٣) وتعاقبت (٤) الأحيان.

وبعد (٥) :

فإن أحق العلوم بالتقديم (٦) ، وأجدرها بالاقتباس والتعليم ، بعد معرفة الله العظيم ، معرفة حقائق كلامه الكريم ، وفهم ما أنزل من الذكر الحكيم ، ليؤمن (٧) غائلة الشك والتدهيم (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٨). ولا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة علم

__________________

(١) الأصل : تلقبه ـ بالباء الموحدة ـ وفي : ط : تلعبه من اللعب.

(٢) في الأصل : شاهدا.

(٣) الملوان : الليل والنهار : والواحد (ملا) ، انظر : مختار الصحاح : ٦٣٤.

(٤) في الأصل : وتعاقب.

(٥) كتبت في الأصل بالأحمر مميزا.

(٦) رسمت في الأصل كألها (بالتقدمة) والسجعة تحتاج إلى (التقديم).

(٧) ط : لتؤمن.

(٨) الآية : ٢٢ من سورة الملك.

٦٥

البلاغة (١) وتوابعها من محاسن البديع اللذين (٢) بهما تعرف أوجه إعجاز القرآن وصحة نبوّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالدليل والبرهان : فقد قال الإمام أبو يعقوب السكاكي في كتاب (المفتاح) (٣) : «فالويل كل الويل لمن تعاطى الحديث والتفسير وهو فيهما راجل» (٤).

ولقد تصفحت كتابه المذكور ، فوجدته قد أتقن أصول البلاغة واستقصاها ، ولم يغادر فيها (صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها) (٥) ، ولم يذكر من أنواع البديع سوى تسعة وعشرين نوعا (٦). ثم قال : «ولك أن نستخرج من هذا القبيل ما شئت ، وتلقب (٧) كلا من ذلك بما أحببت (٨). وقال مخترعها الأول عبد الله بن المعتز (٩) في صدر كتابه (١٠) :

__________________

(١) انظر : مفتاح العلوم (ط : ١٤٠٢ ه‍ / ١٩٨٢ م) بغداد : ص ٢٣٩ ونهاية الإيجاز للرازي : ٨٩ والعمدة : ١ / ٢٤١ والطراز للعلوي : ج / ص ٢.

(٢) رسمت في الأصل (الذين) وفي : ط : اللتين ، والصواب ما أثبتنا ، لأنّه يريد علمي البلاغة : البيان والبديع.

(٣) كتابه : هو مفتاح العلوم ، وقد طبع أكثر من طبعة وآخرها طبعة أكرم عثمان يوسف عام ١٤٠٢ ه‍ / ١٩٨٢ م في مطبعة الرسالة بغداد ، وهو رسالة الدكتوراه. وأما المؤلف فهو أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر بن محمد بن علي السكاكي سراج الدين. ولد سنة ٥٥٥ ه‍ وتوفي سنة ٦٢٦ ه‍. وله جملة من المؤلفات مثل (شرح الجمل) و (التبيان) و (الظلم) و (رسالة في علم المناظرة) وغيرها. انظر : روضات الجنات : ٤ / ٢٣٩ وكشف الظنون : ٢ / ١١٥ والجواهر المضية : ٢ / ٢٢٦ وهدية العارفين : ٢ / ٥٥٣.

(٤) ط : لمن يتعاطى التفسير.

(٥) اقتبس المؤلف من قوله تعالى : (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) الكهف ٤٩.

(٦) مفتاح العلوم : ٣٤١ فما بعد ، موضوع (علمي المعاني والبيان) وهو القسم الثالث. وأما الأنواع التسعة والعشرون فذكرها في ص ٦٣٢ فما بعد في (البديع). والعبارة في : ط (ولم يغادر من أنواعها سوى تسعة و..) وهو وهم.

(٧) أي تسمى.

٦٦

مخترعها الأول عبد الله بن المعتز (١) في صدر كتابه (٢) : ما جمع أحد قبلي فنون البديع (٣) ، ولا سبقني إلى تأليفه ، مؤلّف ، وألّفته في سنة أربع (٤) وسبعين ومائتين (٥). فمن أحبّ أن يقتدي بنا ، ويقتصر على هذه [الأنواع](٦) فليفعل ، ومن أضاف من (٧) هذه المحاسن ، أو غيرها إلى شيء من أنواع البديع ، ورأى غير ما رأيناه ، فله اختياره».

وكان جملة ما جمع فيها سبعة عشر نوعا. وعاصره قدامة بن جعفر الكاتب (٨) ، فجمع منها عشرين نوعا (٩) ، توارد معه على سبعة منها وسلّم له ثلاثة عشر ، فتكامل لها ثلاثون (١٠) نوعا. ثم اقتدى بهما النّاس في فنّ (١) في الأصل : أحبت.

__________________

(١) في الأصل : أحبت.

(٢) توفي سنة ٢٩٦ ه‍ وكان مولده سنة ١٤٧. انظر تاريخ بغداد : ١٠ / ٩٥.

(٣) البديع : لابن المعتز : ص ٣. طبعة : كراتشوفسكي ونقل عبارته هذه في مقدمة التميز ابن أبي الإصبع : ص ٨٤.

(٤) أصل العبارة (ما جمع أحد قبلي فنون البديع أحد) فكرر اللفظة. وقد اكتفينا بالأولى.

(٥) في الأصل : أربعة.

(٦) رسمت : ومائتين. والأصوب الرسم القياسي.

(٧) زدناها على الأصل ، وليست في ط ، كذلك.

(٨) في الأصل : عن ، وهي في الأصل (من ... أو غيرها شئن إلى).

(٩) وهو صاحب كتاب (نقد الشعر في البديع) مطبوع (انظر الكشف : ٢ / ١٩٧٣) وتوفي سنة ٣٣٧ ه‍ (انظر : معجم الأدباء : ج ١٧ / ١٢).

(١٠) في الأصل (توارد معه على سبعة عشر منها). وذكر ابن أبي الإصبع أسماءها.

(١١) وهو مجموع ثلاثة عشر نوعا وسبعة عشر نوعا ، مما جمعه قدامة. و (السبعة) اتفق الرجلان فيها و (عشرة) لابن المعتز و (١٣) لقدامة.

٦٧

التأليف ، فكان غاية ما جمع منها أبو هلال العسكري (١) سبعة وثلاثين (٢) نوعا.

ثم جمع منها ابن رشيق القيرواني (٣) مثلها ، وأضاف إليها خمسة وستين بابا (٤) في فضائل الشعر وصفاته ، وأغراضه وعيوبه وسرقاته ، وغير ذلك (٥) من أنساب الشعراء ، وأحوالهم مما لا تعلق له بالبديع. وتلاهما شرف الدين التيفاشي (٦) فبلغ بها السبعين.

ثم تصدّى لها الشيخ زكي الدين ابن أبي الإصبع (٧) فأوصلها إلى التسعين ، وأضاف إليها من مستخرجاته ثلاثين ، سلّم له منها عشرون ،

__________________

(١) توفي : أبو هلال سنة ٣٨٢ ه‍ وكان مولده سنة ٢٩٣ ه‍ انظر ترجمته في : إرشاد الأديب (ط : مارجليوث) : ٣ / ١٢٦.

(٢) في الأصل : وثلاثون ، والأصوب النصب.

(٣) هو الحسن بن رشيق القيرواني ولد سنة ٣٩٠ ه‍ وتوفي سنة ٤٥٦ ه‍. وفيات الأعيان : ١ ـ ٣٦٦ وانظر العمدة : ج / ص ١٩ فما بعد.

(٤) على هذه المفردة حاشية مصححة : نوعا بابا وفي ط : بابا ـ أيضا ـ.

(٥) العمدة : ج ٢ / ص ١٠٤ فما بعد : باب في التصرف ونقد الشعر. فضلا عما جاء في الجزء الأول منه في الشعر والشعراء.

(٦) رسمت في الأصل النفاسي ، وصححت على الحاشية : التيفاشي. وهو : أحمد بن يوسف بن أحمد بن أبي بكر ، توفي سنة ٦٥١ ه‍ ، (انظر : إيضاح المكنون : ١ / ٩٤). وأما كتابه فلم يذكر في ترجمته ولكن خليفة ذكره في مبحث (بديعية) كشف الظنون : ١ / ٢٣٣.

(٧) هو زكي الدين عبد السّلام بن عبد الواحد الشهير بابن أبي الإصبع ، له كتب في العربية وآدابها ، ومنها كتابه : التحبير ومخلصه : التحرير ، توفي ٦٥٤ ، الكشف ١ / ٣٥٥.

٦٨

وباقيها مسبوق إليه أو متداخل عليه ، وكتابه المسمّى (بالتحرير) (١) أصحّ كتاب ألف في هذا العلم ، لأنّه لم يتكل على النقل دون النقد ، ولم يختلف عليه فيه إلّا مواضع يسيرة لو أنعم (٢) النظر فيها لم تفته ، وسأذكرها في أماكنها ـ إن شاء الله ـ.

وليس من الباقين إلّا من غيّر بعض القواعد (٣) ، أو بدّل (٤) أكثر الأسماء والشواهد.

وذكر ابن أبي الإصبع (٥) : أنه لم يؤلف كتابه المذكور إلّا بعد الوقوف على أربعين كتابا في هذا العلم أو بعضه ، وعددها في صدر كتابه (٦) ، فأنهيت الكتاب مطالعة ، وطالعت مما لم يقف عليه مما كان قبله ومما ألف بعده ثلاثين كتابا ، وسأذكر تفصيل الجملتين (٧) بعد انتهاء الشرح إن شاء الله ـ تعالى ـ فجمعت ما وجدت في كتب العلماء ، وأضفت إليه / أنواعا

__________________

(١) رسمت في الأصل : (التحبير) ، ولعل المراد ما ثبتناه ، واسمه : (تحرير التحبير) في علم البديع ، ثم لخصه فسماه (التحرير). توفي سنة ٦٥٤ ه‍ والتحرير مطبوع بتحقيق : ط : د. حنفي محمد شرف : القاهرة : ٣٣٨٣ ه‍ ـ ١٩٦٣ م.

(٢) في الأصل : أمعن ، والأصح ما أثبته وفي ط : أمعن ، كذلك.

(٣) يريد أن الأصول التي وضعها السابقون هي التي استقرت ، ولم يزد الآخرون شيئا ، ولكنهم اكتفوا بتغيير بعض المصطلحات البديعية ، بمفردات جديدة. وهذا إلى حين نظم القصيدة وشرحها. أما بعد انتهاء الشاعر ، فإن كثيرا من التغيير قد وقع في بديعيات الآخرين كالحموي وغيره.

(٤) في الأصل : وبدّل ، والأصح ما أثبتنا. وفي ط : مثل ما في الأصل.

(٥) ترجمته فيما مضى. توفي سنة ٦٥٤ ه‍ كشف الظنون : ١ / ٣٥٥.

(٦) المذكور قبل قليل (التحرير) أو (التحبير). انظر : التحرير : ٨٧.

(٧) هكذا وردت هذه اللفظة ، ولعله أراد جملتيه اللتين ذكرهما وهما (ما لم يقف عليه مما كان قبله) و (مما أنف بعده). والعبارة نفسها في : ط.

٦٩

استخرجتها من أشعار القدماء ، وعزمت أن أؤلف كتابا محيطا بجلّها (١) ، إذ لا سبيل (٢) إلى الإحاطة بكلها ، فعرضت لي علة طالت سوأتها (٣) ، وامتدت شدّتها (٤) واتفق لي أن رأيت (٥) في المنام رسالة من النبي عليه‌السلام يتقاضاني المدح ، ويعدني البرء من السقام (٦) ، فعدلت عن تأليف الكتاب إلى نظم قصيدة تجمع أشتات أنواع البديع ، وتتطرّز (٧) بمدح مجده (٨) الرفيع ، فنظمت مائة وخمسة وأربعين بيتا من بحر البسيط ، تشتمل على مائة وواحدا (٩) وخمسين نوعا من محاسنه ، ومن عدّ جملة أصناف التجنيس واحدا (١٠) كانت العدة عنده مائة وأربعين نوعا (١١) فإن في السبعة الأبيات الأوائل (١٢) منها اثني عشر صنفا منه.

__________________

(١) يعترف الصفي هنا بأن الإحاطة بكل أنواع البديع أمر عسير ، ولذلك عبر عنها ب (جلها) ، أي معظمها وهو الحقّ. وفي : ط (بجملها) ، ولا مناسبة لها.

(٢) وفي : ط : محيطا بجملها. ونقل حاجي خليفة في الكشف مقدمة الحلي من شرحه : ج ١ / ص ٢٣٣ تحت عنوان : (بديعية الشيخ الأديب صفى الدين عبد العزيز ...).

(٣) في الأصل : سوّتها.

(٤) في الأصل : شوتها.

(٥) في الأصل : ريت.

(٦) ط : وتدني البرء من الأسقام.

(٧) في الأصل : وتتطرف ، وهو تصحيف. وانظر ديوانه : ٤٧٥.

(٨) في الديوان : محتده الرفيع.

(٩) في الأصل : واحد ، وهو كذلك صحيح. وفي ط على مائة وخمسين.

(١٠) ط : بنوع واحد.

(١١) يريد : أن جملة أنواع التحسيس (١٢) اثنا عشر نوعا كما سيشير إليه فيما يأتي ، وفي ط : كانت عنده العدة.

(١٢) رسمت في الأصل : الأوايل ـ بالباء. وفي ط : اثنا عشر وهو وهم ، لأنّه اسم (إن).

٧٠

وجعلت كل بيت منها مثالا شاهدا لذلك النوع (١) وربما اتفق (٢) في البيت الواحد منها النوعان والثلاثة. بحسب انسجام القريحة في النظم.

والمعتمد منها على ما أسس البيت عليه.

ثم أخليتها من الأنواع التي اخترعتها ، واقتصرت على نظم الجملة التي جمعتها ، لأسلم من شقاق جاهل حاسد ، أو عالم معاند ، فمن شاقق (٣) راجعته إلى النقل ، ومن وافق وكلته إلى شاهد العقل وألزمت نفسي في نظمها عدم التعنف ، وترك التكلف (٤) من رقة اللفظ وسهولته (٥) ، وقوة المعنى وصحته ، وبراعة المطلع والمنزع ، وحسن المطلب والمقطع ، وتمكن قوافيها (٦) ، وعدم الحشو فيها ، بحيث يحسها السامع غفلا من الصنائع (٧). ولم أرسل هذه [الدعوى](٨) عارية عن بينة فقد قالت الحكماء : «الأخير يتعقب النظر (٩)» فانظر أيها الناقد الأديب والعالم اللبيب إلى غزارة الجمع ضمن الرياقة (١٠) في السمع ، فإنها نتيجة سبعين كتابا ، لم أعد منها

__________________

(١) (النوع) من : ط وليست في الأصل يوفيها ـ أي ـ شاهدا ومثالا.

(٢) في الديوان : (ط : العلمية) : بما اتفق : ص ٤٧٥.

(٣) شاقق : على لغة فك الإدغام ، ويجوز له : ومن شاق.

(٤) في : ط : عدم التكلف وترك التصنيف وكذا في الديوان : ٤٧٥.

(٥) ساقطة في الأصل ، واستدركت على حاشية الكتاب.

(٦) يريد القصيدة البديعية ، وبعدها في ط : ظهور القوى فيها ، وعدم.

(٧) رسمت (الصنايع) بالياء ، يريد : انها تأتي طبيعة غير واضحة التصنع.

(٨) من : ط

(*) يريد أن معرفة الشيء وحقيقته تظهر بعد إطالة النظر والتأمل.

(**) في الاصل : الوفاقة ، والتصحيح من خزانة الحموي : ٣٧.

٧١

بابا ، فاستغني بها عن حشو الكتب المطوّلة ، ووعر الألفاظ المقلقة (١) : [من الطويل] :

ودع كلّ صوت بعد صوتي فإنني

أنا الصائح المحكي والآخر الصدى (٢)

وأعوذ بالله أن أكون ممن زكى نفسه ، أو مدح فهمه وحدسه ، وإنّما أشرت إلى حسن الاختيار ، لا إلى حسن الاختبار (٣) ؛ فقد قيل : «اختيار المرء شاهد عقله وشعره شاهد فضله» (٤).

[القصيدة وشرحها]

وهذه (٥) :

القصيدة المشار إليها ، والأنواع المتفق عليها :

ـ براعة المطلع ، وتجنيس المركب والمطلق (٦) :

__________________

(***) في ديوانه : ٤٧٥ : المغلغلة ، وكذا في ط. وانظر : ديوان المتنبي : ٣٧٣.

(١) رسمت في الأصل : الصدا ، وانظر : خزانة الأدب لابن حجة : ٢٧ فقد نقل فيه عبارة المؤلف من هذا الموضع.

(٢) حانس بين : الاختيار والاختبار. وفي : ط لا إلى الإحسان في الاختيار.

(٣) القول المذكور لم أقع له على أصل في كتب الأدب. وفي الأصل : وسعده شاهد فضله والمعنى أن قياس نضج الإنسان في اختياره السبيل غير المعيب لأنّه نتاج عقله. والشعر دليل فضله في اللسان.

(٤) في الأصل رسمت بالأحمر.

(٥) في الديوان : والتحنيس والمشتبه وفي : ط : وتجنيب.

٧٢

[١ ـ]إن­جئت­سلعا فسل عن جيرة العلم

وأقر السّلام على عرب بذي سلم (١)

 ـ أما براعة المطلع :

فهي : عبارة عن سهولة اللفظ ، وصحة السّبك ووضوح المعنى ، ورقة النسيب ، وتجنب الحشو ، وتناسب القسمين ، وأن لا يكون البيت متعلّقا بما بعده (٢) وتسمى ـ أيضا ـ حسن الابتداء ، وقد فرّعوا منه براعة الاستهلال (٣) في النّظم والنثر ، وشرطه في النظم : أن يكون المطلع دالا على ما بنيت القصيدة (٤) عليه ، من غرض الشاعر ، كقول أبي تمام : [من البسيط] :

السيف أصدق أنباء من الكتب (٥)

__________________

(١) البيت الأول من القصيدة ، وقد ضمت الأبيات الأولى منها كما أشار : (براعة) المطلع ، و (تجنيس) المركب والمطلق وسنضع لكل بيت رقما في أوله لضبط عدد الأبيات وانظر في البيت وبراعة مطلعه : خزانة ابن حجة : ص ١١ ـ ١٢. وفي الديوان : وأقر.

(٢) عدد شروط براعة المطلع بسبع مزايا متوافرة في مطلع القصيدة ، وأراد بالمبدأ السابع عيب التضمين.

(٣) ينظر كتابنا : (معجم مصطلحات العروض والقوافي) ط : مطبعة وزارة التعليم العالي بغداد : ١٩٨٦ وانظر في مصطلحات (براعة المطلع) خزانة الأدب : ابن حجة الحموي : ص ١٣ ـ ١٤. وفي البديع : ٧٥ حسن الابتداءات.

(٤) يريد إذا كانت القصيدة مدحا ، فاستهلال القصيدة ينبئ بذلك ، وإن كانت شيئا آخر دلّ المطلع عليه.

(٥) مطلع قصيدته في فتح عموريا ، وهي مشهورة : ديوانه : ٧.

٧٣

لما كان بناؤه على الفتح والتحريض على الحرب ، وكقول (١) أبي الطيب (٢) (من البسيط)

لا خيل عندك تهديها ولا مال

فليسعد النطق إن لم تسعد الحال

لما كان بناؤه على الاعتذار من عمل جميل (٣) تقدمه. وكذلك غير هذا من أغراض الشعراء. وأمثلتها كثيرة.

وفي النثر : أن يكون افتتاح الخطبة والرسالة أو غيرهما دالا على غرض المتكلم ، كقول صاحب عمرو بن مسعدة (٤) كاتب المأمون حين امتحنه عمرو بأن يكتب إلى الخليفة يعرفه أن بقرة ولدت عجلا وجهه كوجه الآدمي فكتب (٥) : «نحمد الله الذي خلق الأنام في بطون الأنعام» وكافتتاح خطبة هذا الكتاب ، إذ كان الغرض بيان أنواع البديع.

__________________

(١) في الأصل (كقول) بلا واو.

(٢) من قصيدة في مدح أبي شجاع فاتك المجنون : الديوان : ٤٨٦ ـ ٤٩٠. ط دار صادر.

(٣) المفردة مستدركة على الحاشية ، ولعلها زائدة ، إذ المعنى بها بعيد. وفي ط : عن حمل تقدمه.

(٤) في الأصل : عمرو بن أسعد ، والصواب ما ثبتناه وهو عمرو بن مسعدة بن سعد ، قال الحموي فيه : كنيته أبو الفضل من جملة كتاب المأمون ، وأهل الفضل والبراعة والشعر منهم توفي في خلافة المأمون ، وكان يتولى له الأعمال الجليلة ، والحق بذوي المراتب النبيلة حتّى سماه بعض الشعراء وزيرا لعظم مترلته :

وفي ط : كصاحب عمرو بن مسعدة

لقد أسعد الله الوزير ابن مسعدة

وبث له في النّاس شكرا ومحمده

إرشاد الأريب : ٦ / ٨٨ ـ ٩١.

(٥) يريد : بدأها بذكر الغرض من الرسالة وهو الإشارة إلى المخلوق الغريب والخير بكماله في خزانة ابن حجة : ص ١٣. وفي ط : كوجه الإنسان. ط : التركيب.

٧٤

ـ وأما تجنيس المركّب : فهو ما تماثل ركناه ، وكان أحدهما كلمة مفردة ، والآخر مركبا من كلمتين فصاعدا ، كقول أبي الفتح البستي (١) (من الكامل) :

أأروم في أيام غيرك بسطة

في الجاه لي أنّى لعين الجاهل (٢)

وكقوله ـ أيضا ـ : (من المتقارب)

إذا ملك لم يكن ذاهبه

فدعه فدولته ذاهبة (٣)

وهذا يسمى من أنواع المركب (٤) الثلاثة : المفروق.

ومثاله في مطلع القصيدة في صدره (٥) ، وهو (سل عن) و (سلعا).

ـ و «أما تجنيس المطلق» ، وسماه قوم تجنيس المشابهة (٦).

__________________

(١) أبو الفتح البستي هو علي بن محمد الكاتب الشاعر البليغ قال عنه الثعالبي : «صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس ..». ترجمته في اليتيمة : ٤ / ٣٠٢ والوفيات ٣ / ٥٨.

(٢) أراد قوله : «الجاه لي ... الجاهل». انظر : الخزانة : ٢٢.

(٣) يريد قوله : «ذاهبة ... ذاهبة» اليتيمة : ٤ / ٣٢٦ والطراز : ٢ / ٣٦٠ وفي ط : وفي قوله ـ سامحه الله تعالى ـ.

(٤) بعدها في أصل النسخة : «وأما الثلاثة المفروق ومثاله» وفي ط : (وهذا يسمى من فروع المركب الثلاثة ...) وفي الأصل ضرب على قوله : (وأما) : فلعل العبارة زائدة. انظر الطراز : ٢ / ٣٦١. وفي ديوانه شعر من نظمه في التجنيس المركب : ٣٠٧.

(٥) يريد صدر البيت. وفي : ط : ما في صدره.

(٦) وفي الطراز للعلوي : ٢ / ٣٥٩. يقال له الناقص والمشبه. وانظر ابن حجة : ٢٢ ـ ٢٣.

٧٥

وقوم : (تجنيس) (١) المقارب (٢) ، كالسكاكي وغيره ، وهو ما اختلف ركناه في الحروف والحركات ، فاشتبه بالمشتق الراجع معناه إلى أصل واحد ، وليس ذلك من أصناف التجنيس ، كقوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ)(٣) ، وقوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)(٤).

وقد غلط فيه أكثر المؤلفين ، وعدوه تجنيسا ، ومثال (المشتبه به) قوله تعالى : (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ)(٥) وقوله سبحانه : (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ)(٦). ومثاله في مطلع القصيدة ـ ما في عجزه ـ وهما لفظتا : «السّلام وسلم» ، وتسمية (٧) هذا النوع بالمطلق على رأي الأوائل (٨) كالجرجاني (٩)

__________________

(١) زيادة للبيان والإيضاح. وسمي مطلقا لأنّه كانت حروفه مختلفة ولم يشترط فيه أمر سواه : الطراز : ٢ / ٣٦٠.

(٢) تجنيس المشابهة وتجنيس المقارب : انظر الطراز ٢ / ٣٦٠ ـ ٣٦١.

(٣) سورة النجم الآية : ٥٧ وانظر في الاستشهاد بها : ابن حجة : ٢٥.

(٤) سورة الروم الآية : ٤٣. وانظر في هذه التجنيسات : المفتاح : ٦٦٨.

(٥) يوسف : الآية : ٨٠ وتمامها : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ).

(٦) سورة النمل : الآية : ٤٤ : وانظر : ابن حجة : ص ٢٥.

(٧) في الأصل : وتسميت ـ بالتاء المبسطة. والكلام من هنا إلى بيت القصيدة الآتي ليس في : ط.

(٨) في الأصل : الأوايل.

(٩) قال ابن رشيق : لو اتفقت الحروف دون البناء ... والجرجاني يسميه التجنيس المطلق. انظر العمدة : ١ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

٧٦

وابن رشيق (١) والمطرزي (٢) والتبريزي (٣) وغيرهم (٤) وأما المتأخرون (٥) ، فاعتبروا (٦) فيه زيادة الحرف الواحد ، وسماه كل منهم باسم يصدق على (٧) غيره. فسماه بعض (بالمذيل) (٨) ، وسماه بعض (بالناقص) (٩) ، وبعض (بالزائد) (١٠) ، ومنها أسماء لأنواع أخر ، وسماه أحدهم (بالمفصول) (١١) ، وهو أقربها ، ولكنه غير مشتهر (١٢) ، فاقتصرت على رأي الأوائل لعدم الخلاف فيه.

__________________

(١) العمدة : ١ / ٣٢١.

(٢) انظر : معاهد التنصيص : ٢ / ٧٨ ـ ٧٩.

(٣) انظر في هذا الموضوع خزانة الحموي : ص ٢٥ ـ ٢٧.

(٤) قال العلوي : الطراز (٢ / ٣٦٠): «وما هذا حاله يقال له. المطلق»، ومثاله قول جرير : «فما نال معقولا عقال عن الندى ...».

(٥) في الأصل : المتأخرين.

(٦) استعمل لفظة (اعتبر) في موضع (عد).

(٧) (على) ساقطة من الأصل ، ومستدركه فوق الموضع.

(٨) سيأتي تفسيره في البيت الثالث من القصيدة. وانظر ما ورد فيه : خزانة الحموي : ٢٨.

(٩) انظر القسم الثاني من التجنيس في الطراز للعلوي : ٢ / ٣٥٩ وهو على عشرة أضرب عدّها العلوي ، ومثل لها. وانظر العمدة : ١ / ٣٢٥.

(١٠) في الأصل : بالزايد.

(١١) انظر خزانة ابن حجة : ٢٨ فما بعد وهو في العمدة (المنفصل) : ١ / ٣٢٨.

(١٢) عبارة الأصل : ما مشتهر ، وأثبتنا الأقرب إلى الصحة.

٧٧

تجنيس التلفيق (١)

[٢ ـ] فقد ضمنت وجود الدمع من عدم

لهم ولم أستطع مع ذاك منع دمي (٢)

والملفّق : ما تماثل ركناه ، وكان كل منهما مركبا من كلمتين فصاعدا (٣) ، وقليل من أفرد هذا الصنف عن صنف المركب ، إلّا المحتفون ، كالحاتمي (٤) وابن رشيق (٥) ، وأمثالهما وهو من أحسن التجنيس موقعا ، وأصعبه مسلكا ، ومثاله قول البستي (٦) :

(مجزوء الوافر) :

إلى حتفي سعى قدمي

أرى قدمي أراق دمي

__________________

(١) في الديوان (ط : النحف) : ٤٧٥ ومعاهد التنصصي : ٢ / ٨٢ وانظر : بديع القرآن : ٢٧ ، والتحرير : ١٠٢ وانظر : خزانة الحموي : ٢٧ وما بعد ...

(٢) (مع) في البيت ساكنة العين ، وهي لغة. والبيت ذكره الحموي ص : ٢٧. قال : «ولم يمكن الشيخ صفي الدين أن يحصر مع الملفق غيره من أنواع الجناس في بيت واحد» قال : «وبيت الشيخ صفي الدين في غاية الرقة والانسجام» وهو في ديوانه : ٦٨٥ وانظر ديوانه (ط : العلمية) : ٣٠٧.

(٣) يريد ما ورد في البيت : «من عدم» و «منع دمي».

(٤) هو أبو علي الحاتمي المتوفى سنة ٣٨٨ ه‍. وانظر العمدة : ١ / ٣٢٣ وكتابه حلية المحاضرة : ١ / ١٤٦.

(٥) ابن رشيق سماه المنفصل. انظر العمدة : ١ / ١٢٨. وانظر المفتاح ٦٧٠ وهو نوعان (متشابه ومفروق).

(٦) اليتيمية : ٤ / ٣٢٦. ويسمى أيضا بالمفروق. الطراز : ٢ / ٣٦٠ وسماه السكاكي : المتشابه : ٦٧٠ والمفروق غيره.

٧٨

وقد سومح في هذا النوع باختلاف الحركات (١) لعزة وقوعه.

المذيل واللاحق (٢)

[٣ ـ] أبيت والدمع هام هامل سرب

والجسم في اضم لحم على وضم (٣)

المذيل : ما زاد أحد ركنيه على الآخر حرفا في آخره فكان له كالذيل ؛ كقولهم «العار ذل العارف» (٤) ومثاله في صدر البيت : «هام هامل». وأما اللاحق : فهو ما أبدل من أحد ركنيه حرف بغيره من غير مخرجه ، ولا قريب منه (٥) ، كقوله تعالى : (وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ* وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)(٦).

__________________

(١) قوله : (باختلاف الحركات) ساقطة من الأصل ومستدركة على الحاشية ، وهي ليست في : ط.

(٢) من العنوانات المرسومة بالأحمر. وكذا كل عنوان يرد. وهو المعروف بالناقص عند الجرجاني أو المضارعة عند ابن رشيق : ١ / ٣٢٥ وانظر المفتاح : ٦٦٩ والمعاهد : ٢ / ٧٧ والديوان : ٤٧٥ والخزانة : ٣٨.

(٣) يلاحظ في البيت من التذييل : «هام وهامل» ويلاحظ معه «اضم ووضم» من اللاحق يقول العلوي (٢ / ٣٦٢): «وهو أن تجيء الكلمتان متجانستي اللفظ متفقتي الحركات والزنة».

(٤) من معاني العارف في اللغة : الصبور. انظر القاموس المحيط : (عرف). وقد أورد العلوي في الطراز (٢ / ٣٦٢) شاهدا له قول الشاعر أبي تمام :

يمدّون من أيد عواص عواصم

تصول بأسياف قواض قواضب

ونظار : الخزانة : ٢٨.

(٥) ما كان من المخرج نفسه هي أصوات المجاميع والأحياز كأصوات الحلق : ع ح ه خ غ الهمزة ، أو أصوات الذلاقة : ر ل ن والشفوية ، ف ب م وغيرها. وانظر خزانة الحموي : ٢٨.

(٦) الآية : ٧ و ٨ من سورة العاديات. وفيها (شديد شهيد).

٧٩

ومتى كان الحرف المبدل من مخرج المبدل (١) منه أو ما يقاربه سمي مضارعا. كقوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)(٢). ومثال اللاحق في عجز البيت : «اضم ووضم» (٣).

التام والمطرّف

[٤ ـ] من شأنه حمل أعباء الهوى كمدا

إذا همى شأنه بالدّمع لم يلم

 ـ والتامّ : هو أكمل أصناف التجنيس (٤) ، وأعلاها رتبة ، وهو أولها في الترتيب الأصلي ، وهو ما تماثل ركناه (٥) لفظا وخطا ، كقوله تعالى : (وَيَوْمَ (٦) تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) (٧). وقيل : ليس في القرآن العظيم من صنف التّامّ سوى هذه الآية الكريمة ، ومثاله في البيت : «شأنه» و «شأنه».

__________________

(١) المبدل ، مستدركة على الموقع.

(٢) الآية ٢٦ من سورة : الأنعام.

(٣) اضم ووضم ، اختلاف الهمزة والواو في الكلمتين ، وهما ليسا من مخرج واحد ولا قريبين.

(٤) كلمة (أصناف) ساقطة من الأصل واستدركت على الحاشية. وانظر في التام والمطرف : الديوان : ٤٧٦ والخزانة : ص ٣٠ والمفتاح : ٦٦٨ والطراز : ٢ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦ والتحرير : ١٠٢ وبديع القرآن ٢٧.

(٥) هو عند ابن رشيق تجنيس المماثلة : أن تكون اللفظة واحدة باختلاف المعنى. العمدة : ١ / ٣٢١ وانظر : الخزانة : ٣٠ والديوان : ٤٧٦ والمفتاح ٦٦٩.

(٦) في الأصل : يوم تقوم.

(٧) آية ٥٥ / سورة الروم.

٨٠