قائمة الکتاب
غلوّ المارقين وآثاره
١١٣
إعدادات
المذاهب والفرق في الإسلام النشأة والمعالم
المذاهب والفرق في الإسلام النشأة والمعالم
تحمیل
وفي تلك الأيّام ظهر تكذيب بموت النبي صلىاللهعليهوآله انتهى بأصحابه إلى الردّة ! أولئك « بنو عبد القيس » قوم من البحرين لمّا بلغهم نبأ وفاة النبي صلىاللهعليهوآله قالوا : لو كان محمّد نبيّاً لما مات ! وارتدّوا !! فجمعهم سيدهم الجارود بن المعلّى ، فقال لهم : إنّي سائلكم عن أمر فأخبروني به.. قالوا : سل عمّا بدا لك. قال : اتعلمون أنّه كان لله أنبياء في ما مضى ؟ قالوا : نعم. قال : تعلمونه أو ترونه ؟ قالوا : لا بل نعلمه. قال : فما فعلوا ؟ قالوا : ماتوا. قال : فإنّ محمّداً صلىاللهعليهوآله مات كما ماتوا ، وأنا أشهد ألّا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله. فعادوا إلى رشدهم ودينهم (١).
ـ ثمّ اتخذ الغلوّ أشكالاً ، مختلفة ، وأصبح يؤلّف فرقاً وأحزاباً تتعصّب لمقولاتها أشدّ التعصّب حتّى تموت دونها ! وكان أبشع تلك المقولات ما انتهى إلى تأليه البشر وهدم النبوّة والإمامة.
غلو المارقين وآثاره :
كان أكثر أنواع الغلوّ خطراً على تاريخ الإسلام ومستقبله غلوّ المارقة ، الذي كان أساسه : السذاجة ، والسطحية في التفكير ، مع تطرّف شديد في ما يظنّونه الموقف الديني ! ذلك الذي بلغ بهم أن مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية مع أنه ليس في الأمّة أحد يجتهد في العبادة اجتهادهم ، كما وصفهم الحديث النبوي الشريف « تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم وصيامكم إلى صيامهم » !
فكان أوّل مظاهر سطحيّتهم في التفكير ، تأويلهم الفاسد لقوله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ) (٢) فظنّوا أنّ تحكيم شخص في قضية بين اثنين شرك بالله تعالى !
_____________
(١) تاريخ الطبري ٣ : ٣٠٢.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ٥٧.