وهكذا تتعدّد التفسيرات وتتناقض لحقيقة واحدة !
كيف وقع الاختيار على تلك المسمّيات التي عُرفت بها الفِرق الإسلامية ؟
من المسلّم أنّ الاسم لم يولد مع الفرقة ، وإنّما يُطلق عليها بعد ولادتها ، فكيف تمّ اختيار هذا الاسم أو ذاك ؟
هل كان زعيم كلّ فرقة هو الذي يتولّى تسمية فرقته ؟ أم كان أصحاب الرأي فيها يتشاورون ليتّخذوا لفرقتهم اسماً تُعرف به ؟
إنّه ليس من المعقول أبداً أن ينبري زعماء فرقةٍ ما وكبراؤها ـ وهم بلا شكّ يعتقدون أنّهم أولى الناس بالحقّ لأنّهم دون سواهم على هدى القرآن والسنّة ـ ثمّ ينتخبون لأنفسهم اسماً مثل : « المعطّلة » أو « المعتزلة » أو « الخوارج » !
فكيف مع أسماء اُخرى هي أشدّ فظاظة وأدعى للنُفرة ، من مثل : « الخشبية » أو « الشيطانيّة » ؟!
إنّ نظرة واحدة إلى تلك الأسماء ونظائرها تبعث إلى يقين لا شكّ فيه بأنّها أسماء لا تصدر عن أصحاب هذه الفرقة ، أو تلك ، أنفسهم ، ولا عن جهة محايدة تنظر إلى شتّى الفرق بعين واحد ، إنما يستطيع المرء أن يقطع بأنّها لا تصدر إلّا عن خصم لا يعرف اللين والمداهنة.
فأي خصمٍ هذا الذي إذا أذاع بياناً ذاع وانتشر ، وإذا أطلق على طائفة اسماً نفذ واشتهر ، حتى تستجيب له تلك الفرقة نفسها وترتضيه عَلَماً عليها ؟!
_____________
للدراسات والنشر ـ ط ١ ـ ١٩٧٧ م.