قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أحكام القرآن [ ج ٢ ]

279/376
*

من أصلكم إيجاب فرض التسمية على الذبيحة ولو تركها عامدا كانت ميتة وإذا تركها ناسيا حلت وكانت مذكاة ولم تجعلوها بمنزلة تارك الطهارة ناسيا حتى صلى فيكون مأمورا بإعادتها بالطهارة قطعا وكذلك الكلام في الصلاة ناسيا* قيل له لما بينا من أنه لم يكلف في الحال غير ما فعل على وجه النسيان والذي لزمه بعد الذكر فرض مبتدأ آخر وكذلك نجيز في هذه القضية أن لا يكون مكلفا في حال النسيان للتسمية فصحت الزكاة ولا تتأتى بعد الزكاة فيه ذبيحة أخرى فيكون مكلفا لها كما كلف إعادة الصلاة والصوم ونحوه قوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) هو مثل قوله تعالى (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) وقوله (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) وفيه الدلالة على أن كل واحد من المكلفين فأحكام أفعاله متعلقة به دون غيره وإن أحدا لا يجوز تصرفه على غيره ولا يؤاخذ بجريرة سواه وكذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لأبى رمثة حين رآه مع ابنه فقال هذا ابنك قال نعم قال إنك لا تجنى عليه ولا يجنى عليك وقال صلّى الله عليه وسلّم لا يؤاخذ أحد بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه فهذا هو العدل الذي لا يجوز في العقول غيره وقوله تعالى (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) يحتج به في نفى الحجر وامتناع تصرف أحد من قاض أو غيره على سواه ببيع ماله أو منعه منه إلا ما قامت الدلالة على خصوصه ويحتج به في بطلان مذهب مالك بن أنس في أن من أدى دين غيره بغير أمره أن له أن يرجع به عليه لأن الله تعالى إنما جعل كسبه له وعليه ومنع لزومه غيره* قوله عز وجل (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) قد قيل في معنى الإصر إنه الثقل وأصله في اللغة يقال إنه العطف ومنه أو أصر الرحم لأنها تعطفه عليه والواحد آصرة والمأصر يقال أنه حبل يمد على طريق أو نهر تحبس به المارة ويعطفون به عن النفوذ ليؤخذ منهم العشور والمكس والمعنى في قوله (لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً) يريد به عهدا وهو الأمر الذي يثقل روى نحوه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وهو في معنى قوله تعالى (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يعنى من ضيق وقوله (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) الآية وقوله تعالى (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم جئتكم بالحنيفية السمحة وروى عنه أن بنى إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فقوله (وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً) يعنى من ثقل الأمر والنهى (كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) وهو كقوله (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ