بذلك وقد بين النبي صلّى الله عليه وسلّم كثيرا من مراد الله بالآية نصا وتوفيقا ومنه ما بينه دليلا فلم يخل مراد الله من أن يكون معلوما عند أهل العلم بالتوقيف والاستدلال والربا الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قرض والدراهم والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرض على ما يتراضون به ولم يكونوا يعرفون البيع بالنقد وإذا كان متفاضلا من جنس واحد هذا كان المتعارف المشهور بينهم ولذلك قال الله تعالى (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) فأخبر أن تلك الزيادة المشروطة إنما كانت ربا في المال العين لأنه لا عوض لها من جهة المقرض وقال تعالى (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) إخبارا عن الحال التي خرج عليها الكلام من شرط الزيادة أضعافا مضاعفة فأبطل الله تعالى الربا الذي كانوا يتعاملون به وأبطل ضروبا أخر من البياعات وسماها ربا فانتظم قوله تعالى (وَحَرَّمَ الرِّبا) تحريم جميعها لشمول الاسم عليها من طريق الشرع ولم يكن تعاملهم بالربا إلا على الوجه الذي ذكرنا من قرض دراهم أو دنانير إلى أجل مع شرط الزيادة* واسم الربا في الشرع يعتوره معان أحدها الربا الذي كان عليه أهل الجاهلية والثاني التفاضل في الجنس الواحد من المكيل والموزون على قول أصحابنا ومالك ابن أنس يعتبر مع الجنس أن يكون مقتاتا مدخرا والشافعى يعتبر الأكل مع الجنس فصار الجنس معتبرا عند الجميع فيما يتعلق به من تحريم التفاضل عند انضمام غيره إليه على ما قدمنا والثالث النساء وهو على ضروب منها في الجنس الواحد من كل شيء لا يجوز بيع بعضه ببعض نساء سواء كان من المكيل أو من الموزون أو من غيره فلا يجوز عندنا بيع ثوب مروى بثوب مروى نساء لوجود الجنس ومنها وجود المعنى المضموم إليه الجنس في شرط تحريم التفاضل وهو الكيل والوزن في غير الأثمان التي هي الدراهم والدنانير فلو باع حنطة بجص نساء لم يجز لوجود الكيل ولو باع حديدا بصفر نساء لم يجز لوجود الوزن والله تعالى الموفق.
ومن أبواب الربا الشرعي السلم في الحيوان
قال عمر رضى الله عنه إن من الربا أبوابا لا تخفى منها السلم في السن ولم تكن العرب تعرف ذلك ربا فعلم أنه قال ذلك توقيفا فجملة ما اشتمل عليه اسم الربا في الشرع النساء والتفاضل على شرائط قد تقرر معرفتها عند الفقهاء* والدليل على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم