المطالبة قائمة عليه إذا مات مفلسا كان لا يترك الصلاة عليه إذا مات مفلسا لأنه كان يكون بمنزلة من لا دين عليه وفي هذا دليل على أن الإعسار لا يسقط عنه اللزوم والمطالبة وقد روى إسماعيل بن المهاجر عن عبد الملك بن عمير قال كان على بن أبى طالب إذا أتاه رجل بغريمه قال هات بينة على مال أحبسه فإن قال فإنى إذا ألزمه قال وما منعك من لزومه وأما قول الزهري والليث بن سعد في إجازتهما الحد واستيفاء الدين من أجرته فخلاف الآية والآثار المروية عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أما الآية فقوله تعالى (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) ولم يقل فليؤاجر بما عليه وسائر الأخبار المروية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ليس في شيء منها إجارته وإنما فيها أو تركه وحديث أبى سعيد الخدري ليس لكم إلا ذلك حين لم يجدوا له غير ما أخذوا.
قوله عز وجل (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) يعنى والله أعلم أن التصدق بالدين الذي على المعسر خير من إنظاره به وهذا يدل على أن الصدقة أفضل من القرض لأن القرض إنما هو دفع المال وتأخير استرجاعه وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال قرض مرتين كصدقة مرة وروى علقمة عن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال السلف يجرى مجرى شطر الصدقة وروى عن عبد الله بن مسعود من قوله وعن ابن عباس مثله وعن إبراهيم وقتادة في قوله (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) قالا برأس المال* ولما سمى الله الإبراء من الدين صدقة اقتضى ظاهره جوازه عن الزكاة لأنه سمى الزكاة صدقة وهي على ذي عسرة فلو خلينا والظاهر كان واجبا جوازه عن سائر أمواله التي فيها الزكاة من عين ودين وغيره إلا أن أصحابنا قالوا إنما سقط زكاة المبرأ منه دون غيره لأن الدين إنما إنما هو حق ليس بعين والحقوق لا تجرى مجرى الزكاة مثل سكنى الدار وخدمة العبد ونحوها وتسميته إياه بالصدقة لا توجب جوازه عن الزكاة في سائر الأحوال ألا ترى أن الله تعالى قد سمى البراءة من القصاص صدقة في قوله تعالى (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) ـ إلى قوله ـ (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) والمراد به العفو عن القصاص ولا نعلم خلافا بين أهل العلم أن العفو عن القصاص غير مجزئ في الكفارة وقال تعالى حاكيا عن أخوة يوسف (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) وهم لم يسألوه أن يتصدق عليهم بماله وإنما سألوه أن يبيعهم ولا يمنعهم الكيل لأنهم كانوا منعوا بديا ألا ترى أنهم