الأجل ولم يدل عليه ومن جهة أخرى أن الأجل إنما يوجب نقصا فيه من طريق الحكم لأن المقبوض بعد الأجل وقبله إذا كان على صفة واحدة فقد علمت أنه لا تأثير له في نقصان المقبوض وإنما يقال أنه نقص فيه من طريق الحكم على المجاز لا على الحقيقة وقد تناولت الآية البخس الذي هو حقيقة وهو نقصان المقدار ونقصانه في نفسه من ردائة أو غبن أو غيرها نحو إقراره بالدرهم السود والحنطة الردية فإن ذلك كله بخس من جهة الحقيقة لاختلاف صفات المقبوض عنه فلم يجز أن يتناول بعض الأجل الذي ليس بحقيقة فيه بل هو مجاز لأن اللفظ متى أريد به الحقيقة انتفى دخول المجاز فيه* وفي هذه الآية دلالة على أن القول قول الطالب في الأجل لأنه ابتدأ الخطاب بقوله تعالى (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) ـ إلى قوله ـ (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) اقتضى ذلك الاشهاد على المتداينين جميعا إذا كان المال مؤجلا فلو كان القول قول المطلوب في الأجل لما احتيج إلى الإشهاد به على الطالب وفي وجوب الإشهاد على الطالب بالتأجيل دلالة على أن القول قوله وأن المطلوب غير مصدق عليه إذ لو كان مصدقا فيه لما بقي للإشهاد على الطالب موضع ولا معنى* فإن قال قائل إنما حكم الإشهاد مقصور على* المطلوب دون الطالب* قيل له هذا خلاف مقتضى الآية لأنه قال (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ثم عطف عليه قوله تعالى (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) فخاطب المتداينين جميعا وأمرهما بالاستشهاد فلو جاز لقائل أن يقول إن المطلوب مخصوص به لجاز الآخر أن يقول هو مقصور على الطالب دون المطلوب فلما لم يصح ذلك وجب بظاهر الآية أن يكون الإشهاد عليهما جميعا وأن يكونا مندوبين إليه وإذا ثبت ذلك لم يكن للإشهاد على الطالب بالدين المؤجل حكم لأنه مقبول القول في نفيه دل ذلك على أن المرجع إلى قوله في الأجل وإنما جعل الله الإملاء إلى المطلوب إذا أحسن ذلك وإن كان لو أملى غيره وأقر المطلوب به جاز لأنه أثبت في الإقرار وأذكر للشهود متى أرادوا أن يتذكروا الشهادة وكان الإملاء سببا للاستذكار كما أمر باستشهاد امرأتين لتذكر إحداهما الأخرى والله تعالى أعلم.
باب الحجر على السفيه
قال الله تعالى (فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ