وهكذا قال ابن شُمَيْل ـ في حديثٍ رواه ـ :
«يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَيَخْنِسُ بِالْجَبَّارِينَ في النَّارِ».
قال شمر : قال ابن شُمَيْل : يريدُ : تَدْخُلُ بِهمْ في النَّار ، ويقَال : خَنَسَ به ـ أي : وَارَاهُ ، ويقالُ : تَخْنِسُ بهم ـ أي : تَغِيب بهم.
قال : وخَنَسَ الرجُلُ ـ إذا تَوَارَى وغَابَ ، وأَخْنَسْتُهُ أنا ـ أي : خَلَّفْتُهُ.
قال : وقال الفرَّاء : أَخْنَسْتُ عنه بعضَ حقّهِ.
وأنشدني أبُو بَكْرٍ الإيَادِيُ لشاعر ـ قَدمَ على النبي صلىاللهعليهوسلم فأنشدَه هذه الأبياتَ التي فيها :
وَإِنْ دَحَسُوا بِالشَّرِّ فَاعْفُ تَكَرُّماً |
وَإِنْ خَنَسُوا عَنْكَ الْحَدِيثَ فَلَا تَسَلْ |
وهذا حُجَّةٌ لمَنْ جَعَل : «خَنَسَ» وَاقِعاً.
ومما يدُلُّ على صحة هذه اللُّغة ما روَيْنَا عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الشَّهْرُ هَكَذَا ، وَهَكَذَا ، وَهَكَذَا ، وَخَنَسَ إِصْبَعَهُ في الثَّالِثَةِ» ، أي : قَبضها يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ الشهر يكون تسعاً وعشرين.
وأنشد أبو عبيد في «أَخْنَسَ» وهي اللُّغَةُ المعْرُوفَةُ :
إِذَا مَا الْقلَاسِي وَالْعَمَائِمُ أَخْنَسَتْ |
فَفِيهِنَّ عَنْ صُلْعِ الرِّجَالِ حُسُورُ |
وسمعتُ عُقَيْلِيّاً يقولُ لخادمٍ له ـ كان معه في طريقٍ فتخلَّفَ عنه ـ : لِمَ خَنَسْتَ عَنّي؟ ، أراد : لِمَ غِبْتَ وتخلَّفْتَ؟؟
وقال الأصمعيُّ : الْخَنَسُ ـ في الأنفِ ـ تَأَخُّرُ الأرْنَبَةِ في الْوَجْهِ ، وقِصَرُ الأنفِ.
وقال الزَّجَّاج : في قول الله جلّ وعزّ : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) [التكوير : ١٥ ، ١٦].
قال أكثَرُ أهل التفسير في «الْخُنَّسِ» : إِنَّها النُّجُومُ ، وخنُوسُها أنَّها تَغيبُ وتَكْنِسُ تَغِيبُ أيضاً ، كما يَدْخُلُ الظَّبْيُ في كِنَاسِه.
قال : والْخُنَّسُ جَمْعُ خَانِس ، تَسْتَتِرُ كما تَكْنِسُ الظّبَاءُ.
قال : وقال الفرَّاء : الْخُنَّسُ : هي النُّجُومُ الخمسة ـ تَخْنِسُ في مَجْرَاها وتَرْجِعُ ، وتَكْنِسُ كما تَكْنِسُ الظِّبَاء.
قال : وهي بَهْرَامُ وزُحَلُ وعُطَارِدُ والزّهَرَةُ والمُشْتَرِي.
أبو عبيدة : فَرَسٌ خَنُوسٌ ، وهو الذي يَعْدل ـ وهو مُسْتَقِيم ـ في حُضْرِه ذاتَ اليمين وذاتَ الشِّمال ، وكذلك الأُنْثى بغير هاء ، والْجَمِيعُ : خُنُسٌ ، والْمَصْدَرُ الْخَنْسُ ـ بسكون النُّون.
وقال الفرَّاء : الْخِنَّوْسُ ـ بالسِّينِ ـ : من صِفَاتِ الأسَد في وجهه وأنفه ، وبالصَّادِ ـ وَلَدُ الخِنْزِيرِ.
سخن : قال الليث : السُّخْنُ نَقِيضُ البارد تقول : سَخُنَ الْمَاءُ سُخُونةً وأَسْخَنْتُهُ إسْخاناً ، وسَخَّنْتُه تَسْخِيناً فهو سُخْنٌ وسَخِينٌ ومُسَخَّنٌ ورجُلٌ سَخِينُ الْعَيْن وقد سَخُنَتْ عينُه سُخْنَةً وسُخُوناً.
ويقال : سَخنَتْ ، وهو نَقِيضُ قَرَّتْ.
أبو عبيد ـ عن الكسائيِّ ـ : يومٌ سُخْنٌ وسَاخِنٌ وسَخْنَانٌ ، ولَيْلَةٌ سُخْنَةٌ وسَاخِنَةٌ ، وسَخْنَانَةٌ ، وقد سَخَنَ يومُنا يَسْخُنُ.
وبعضهُم يقول : سَخُنَ ، وسَخِنَتْ عينُهُ ـ بالكسر ـ تَسْخَنُ.
شمِرٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : إنِّي أجد سَخْنَةً ـ أي حُمَّى.
ويقالُ سَخِنَتْ عَينُه ـ من حرارةٍ ـ تَسْخَنُ سُخْنَة.
وأنشد :
إذَا الْمَاءُ مِنْ حَالِبَيْهِ سَخِن
قال : وسَخِنَتِ الأَرْضُ وسَخُنَت ، وأَمَّا سَخِنَتِ العَيْنُ فبالكَسْر لا غَيْرُ.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : يَوْمٌ سُخَاخِينُ ، مِثلُ سُخْنٍ.
وأنشد :
حُبّاً سُخاخِينَ وحُبّاً بَارِدَا
«سُخَاخِينُ» : يؤذي ، و «بارِدٌ» : يَسْكُنُ إلَيْه قَلْبي.
وأخبرني المنذريُّ ـ عن أبي الْهَيْثَم ـ أنه قال ـ عن أعرابيِّ ـ : السَّخِينَةُ دَقِيقٌ يُلْقَى على ماءٍ ، أو عَلَى لَبَنٍ ، فيُطبَخُ ثم يؤكلُ بتَمْرٍ ، أو يُحْسَى.
قال : وهي السُّخُونَةُ أيضاً.
وقال ابن السِّكِّيت : السَّخِينَةُ : التي ارتفعَتْ عن الْحَسَاءِ ، وثَقُلَت أن تُحْسَى ، وهما دُونَ العَصِيدَةِ.
قال : وإنّما يأكلونَ السخِينَةَ في شِدَّة الدَّهْرِ ، وغَلَاءِ السِّعْرِ ، وعَجَفِ المَالِ.
وقال غيرُه : السَّخِينَةُ تُعْمَلُ من دَقِيقٍ وسمْنٍ ، وبِهَا عُيِّرَتْ قُرَيْشٌ فسُمِّيَتْ سَخِينَة.
وقال كَعْبُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ :
زَعَمَتْ سَخِينَةُ أَنْ سَتَغْلِبُ رَبَّهَا |
وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ |
والمِسْخَنَةُ : قُدَيْرَةٌ كأنَّها تَوْرٌ.
قالَهُ أبو عبيدٍ عن الكسائيِّ.
وقال ابن شميل : هي الصَّغِيرةُ التي يُطْبَخُ فيها للصَّبيِّ.
ويقال : سَخَنَتِ الدَّابَّة ، وذلك إذا أُجْرِيتْ فسَخُنَ عِظَامُهَا وخَفَّت في حُضْرِهَا ، ومنه قول لَبِيدٍ :
حَتّى إذَا سَخَنَتْ وَخَفَّ عِظَامُهَا
ويروى : سَخِنَتْ.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنَّهُ بَعَثَ سَرِيَّةً ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يمْسَحُوا عَلَى المُشَاوِذِ وَالتَّسَاخِينِ».
قال أبو عُبيد : التَّسَاخِينُ : الْخِفَافُ.
وقال أبو عمرو : قال المبرِّدُ : واحد التَّسَاخِينِ تَسْخَانٌ وتَسْخَنٌ.
قال : وقال ثعلبٌ : ليس للتَّسَاخِين واحد منْ لَفْظها ـ كالنِّسَاءِ ... لا واحد لها من لفظها.
وقال ثعلب ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : هو المِعْزَقُ والسِّخِّينُ.
قلت : وَسمعتُ غيرَ واحد من أعراب بني سعد يقولون لِلْمَرِّ الذي يُعمل به في الطِّينِ : السِّخِّينُ ، وجَمْعُه السَّخَاخِينُ.
وقال أبو عمرو : يقال للسِّكِّينِ : السَّخِينَةُ والشِّلْقَاءُ.
قال : والسَّخَاخِينُ سَكاكِينُ الجَزَّار.
قال : وماءٌ سَخِيمٌ وسَخِينٌ ـ للَّذِي لَيْسَ بِحَارٍّ ولا بَارِدٍ.
وأنشد :
إنَّ سَخِيمَ الْمَاءِ لَنْ يَضِيرا
اللحياني : إني لأَجِدُ سُخْنَةً وسِخْنَةً وسَخْنَةً ، وسَخْنَاء ـ ممدودٌ ـ كلُّ ذلك من حَرَارَةِ الْحُمَّى.
خسن : أهمله الليث.
ورَوَى أبو العباس ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : أَخْسَنَ الرجُلُ ـ إذا ذَلَّ بَعْدَ عِزٍّ.
نخس : قال الليث : النَّخْسُ تَغْرِيزُك مؤخَّرَ الدَّابَّة أو جَنْبَهَا بعُودٍ أو غَيْرِه.
وقيل للنَّخَّاسِ : نَخَّاسٌ ـ لنَخْسِهِ الدَّوَابَّ حتَّى تنْبَسِط ، وفِعْلَهُ : النَّخَاسَةُ.
ويقال لابن زَنْيَةٍ : ابنُ نَخْسَةٍ.
وقال الشَّمَّاخ :
أَنَا الْجِحَاشِيٌّ شَمَّاخٌ وَلَيْسَ أَبِي |
لِنَخْسَةٍ ـ لِدَعِيٍّ غَيْرِ مَوْجُودِ |
أي : متروكٍ وحْدَه ، ولا يقال منْ هذا : وَحْدَهُ.
ويقال : نَخَسُوا بِفُلَان ، إذا هيَّجُوهُ وأَزْعَجُوهُ ، وكذلك إذا نَخَسُوا دَابَّتَه وطرَدُوه.
وأنشد :
النَّاخِسينَ بِمَرْوَانٍ بِذِي خَشَبِ |
والمُقْحِمين عَلَى عُثْمانَ في الدَّارِ |
أي : نَخَسُوا به مِنْ خَلْفِه حتى سَيَّرُوهُ من البلاد مَطْروداً.
أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : إذا صُبَّ لبَنُ الضأْنِ على لبن المَاعِز فهو النَّخِيسَةُ.
وقال أبو زيدٍ : مِثْلَه.
وقال الليث : النَّخِيسةُ : الزُّبْدَةُ.
قال : والنَّخَاسُ دَائِرَتانِ تكُونان في دَائِرَة الْفَخِذَيْنِ ـ كدائرة كَتِفِ الإنسان.
والدَّابَّةُ مَنْخُوسَةٌ : يُتَطيَّرُ منها.
وقال أبو عبيدة : ومن دوائر الْخَيْل النَّاخِسُ ، وهي التي تَكُون على الجَاعِرَتَيْن إلى الفَائِلَيْنِ.
قال : والنَّاخِسُ جَرَبٌ يكون عند ذَنَب البعير ، فهو مَنْخُوسٌ.
أبو عبيد ، عن أبي زيد : إذا اتَّسعت البَكَرَة أو اتسع خَرْقُها عنها. قيل : أَخَقَّتْ إخْقاقاً فانْخَسُوها نَخْساً ، وهو أن يسُدَّ ما اتَّسَعَ منها بخشبةٍ أو بحجَرٍ أو بغيره.
وقد نَخَسَ يَنْخَسُ.
وقال الليث : هي النَّخَاسَةُ .. للرُّقعة تدخُلُ في ثَقْبِ المِحْوَرِ إذا اتسع.
وقال غيره : النَّخُوسُ من الوُعُولِ الذي يَطُولُ قَرْناه حتى يَبْلُغا ذَنَبَهُ وإنَّما يكون ذلك في الذكور.
وأنشد :
يَا رُبَّ شَاةٍ فَارِدٍ نَخوسِ
وبَكَرَةٌ نَخِيسٌ ـ إذا اتسع ثَقْبُ محْوَرها ، فنُخِسَت بِنِخَاسٍ.
وأنشد :
دُرْنَا وَدَارَتْ بَكْرَةٌ نَخيسُ |
لا ضَيْقَةُ المجْرَى وَلَا مَرُوسُ |
وقال أبو سعيد : قال أعرابي : رأَيْتُ غُدْرَاناً تَنَاخَسُ ، وهي أن يُفْرِغَ بَعْضُها في بَعْض كَتَنَاخُسِ الغنَم ، إذا أصابها البرْدُ فاستدفأ بعضها ببعضٍ.
سنخ : قال الليث : السِّنْخُ أصْلُ كلِّ شيء ، وسِنْخُ السِّكِّينِ طَرَفُ سِيلانِهِ الدَّاخلِ في النِّصاب.
وأَسْنَاخُ الثَّنايا : أُصُولُها. وَرَجَعَ فُلَانٌ إلى سِنْخِ الكَرَم أو إلى سِنْخِه الْخَبِيثِ وسِنْخُ الكلمة أَصْلُ بنائها.
أبو عبيد ـ عن الفَرَّاء ـ : سَنَخَ فلان في العلم يَسْنَخُ سُنُوخاً ، إذَا رَسَخَ فيه.
وسَنِخَ الطعام يَسْنَخُ ، وَزَنِخَ يزْنَخُ ـ إذا تَغَيَّرَ وأَنْتَنَ ، فهو سَنِخٌ وزَنِخٌ.
نسخ : قال الله جلّ وعزّ : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) [البَقَرَة : ١٠٦].
قال أبو إسحاق الزَّجَّاجُ : النَّسْخُ في اللغة : إبْطَالُ شيء وإقامَةُ آخَرَ مُقَامَه.
والعرب تقول : نَسَخَتِ الشمسُ الظِّلَّ والمعنى أذهبت الظِّلَّ وحلَّت محله.
وقال غيرُه ـ في مُنَاسَخَةِ الفَرَائض وتَنَاسُخ الورثة ـ : وهو مَوْتُ ورثة بعد ورثة وأصلُ الميراث قائمٌ لم يُقْتَسَمْ.
وكذلك تَنَاسُخُ الأَزْمِنة والقَرْنِ بعدَ القَرْنِ.
والنَّسْخُ اكتتابك كِتَاباً عن كِتابٍ حَرْفاً بحرف.
تقول : نَسَخْتُهُ وانْتَسَخْتهُ ، فالأصلُ نُسْخَةٌ ، والمكتوبُ منه نسخة ـ لأنه قام مَقَامَه والكاتب نَاسِخٌ ومُنْتَسِخٌ.
وقال الليثُ : النَّسْخُ أن تُزَايل أمْراً كان من قبلُ يُعْمَلُ به ثم تَنْسَخُه بحادثٍ غَيْرِه.
وقال الفرَّاء : النَّسْخُ أن يُعْمَل بالآية ثم تُنْزَلُ آيةٌ أُخْرى فيُعْمَلُ بها ، وتُتْرَكُ الأُولى.
وقرأ عبد الله بن عامر : «مَا نُنْسِخْ مِنْ آية» بضَمِّ النّون ـ يعني ما نُنْسِخُكَ مِن آية والقراءة الجيِّدةُ «ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ» بفتح النّون.
أبو العباس ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : النَّسْخُ تبديل الشيء من الشيء. وهو غَيرهُ.
والنَّسْخُ نقل الشيء من مكانٍ إلى مكانٍ ، وهُوَ هُوَ.
وقال أبو تراب : قال الفراء وأبو سعيد : مَسَخه الله قرداً ، ونَسَخَهُ قِرْداً : بمعنًى واحد.
وقال أبو عُمَرَ : حضَرْتُ أبا العباسِ يوماً فجاء رجُلٌ معه كتابُ الصَّلاة ، في شَطْرٍ جُزْءٌ ، والشّطْرُ الآخرُ بياضٌ فقال له : إذا حَوَّلْتُ هذا المكتوبَ إلى الجانب الآخر فأيُّهُما كِتَابُ الصلاة؟
فقال أبو العباسِ : هما جميعاً كتاب الصلاة لا هذا أَوْلَى به مِنْ هذا ، ولا هذا أَوْلَى به من هذا.
خ س ف
خسف ، خفس ، سخف ، فسخ : مستعملة.
خسف : أبو عُبيد ـ عن الأصمعي ـ الْخَسْفُ : النُّقْصان.
أبو عبيد : قال : الْخَاسِفُ : المَهْزُول.
وأخبرني المنذريُّ ـ عن أبي الهيثم ـ أنه قال : الْخَسْفُ : الْجُوعُ.
والْخَاسِفُ : الجَائِعُ.
وأنشد قَوْلَ أَوْسٍ :
أَخُو قُتُراتٍ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ |
إذَا لَمْ يُصِبْ لَحْماً مِنَ الوَحْشِ خَاسِفُ |
قال : وخَسَفَتِ الشَّمْسُ وكَسَفَتْ : بمعنًى واحد.
قال : وخُسِفَ بالرَّجُل ـ وبالقوم ـ إذا أَخَذَتْه الأرضُ فدخل فيها.
قال الله جلّ وعزّ : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) [القَصَص : ٨٢].
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الْخَسْفُ إلْحاق الأرض الأُولَى بالثانية. والْخَسْفُ أن يَبْلُغَ الحافِرُ إلى ماءٍ عِدٍّ. والْخَسْفُ : الْجَوْزُ الذي يُؤكَلُ.
أبو عبيد ـ عن أبي عمرو ـ الْخَسِيفُ البِئْرُ التي تُحْفَر في الحجارة ، فلا ينقَطِع ماؤُها كَثْرَةً.
وأنشد غيره :
قَدْ نَزَخَتْ إنْ لَمْ تَكُنْ خَسِيفَا |
أَوْ يَكُنِ الْبَحْرُ لَهَا حَلِيفَا |
وقال ابن بُزُرْج : ما كانت البِئْرُ خَسيفاً ، ولقد خُسِفَتْ.
وقال الليث : الْخَسْفُ سُؤُوخُ الأرض بما عليها.
تقول : انْخَسَفَ به الأرضُ ، وخَسَفَ الله به الأرضَ ، وعَيْنٌ خَاسِفَةٌ وهي التي فُقِئَتْ حتَّى غابَتْ حَدَقَتُها في الرَّأْس ، وبِئرٌ خَسيفٌ ـ إذا نُقِبَ جَبَلُها عن عَيْلَمِ الماء فلا تَنْزَحُ أبداً.
والْخَسِيفُ من السحاب ما نشأ مِنْ قِبَلِ العَيْنِ حَامِلَ ماءٍ كثيرٍ ، والعَيْنُ عن يمين القِبْلَة.
والشمسُ تَخْسِفُ يوم القيامة خُسُوفاً وهو دُخُولُها في السماء ، كأنها تكَوَّرَتْ في جُحْرٍ.
والْخَسْفُ أن يُحَمِّلَكَ إنْسَانٌ ما تَكْرَهُ.
أبو زيد والأصمعيُّ : خَسَفَ المكانُ يَخْسِفُ ، وخَسَفَهُ الله ، رواه عنهما أبو عبيد.
وقال الفرَّاءُ : عَيْنٌ خَاسِفٌ ـ إذا غارتْ والبِئْرُ خَسِيفٌ لا غَيْرُ ، وناقةٌ خَسِيفٌ : غَزِيرَةٌ سريعةُ القَطْعِ في الشتاء.
وقد خَسَفْنَاهَا خَسْفاً.
والْخَسْفُ الْجَوْزُ ـ بِلُغَةِ الشِّحْر.
أبو عمرو : الْخَسْفُ الذُّلُّ. والْخَسْفُ الجُوعُ ، والْخَسْفُ غُؤُورُ العَيْن ، والْخُسُفُ النُّقَّةُ من الرِّجَال.
ويقال في الجَوْزِ والذُّلِّ : خُسْفٌ أيضاً.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : يقالُ للغلام الخفيف النَّشِيط : خَاسِفٌ وخَاشِفٌ ، ومِزاقٌ وقَضِيبٌ ، ومُنْهَمكٌ.
خفس : قال ابن المُظَفِّرِ : يقال للرَّجُلِ : خَفَسْتَ يا هذا وأَخْفَسْتَ ، وهو من سُوء
القول ـ إذا قُلْتَ لصاحبك أَقْبَحَ ما تَقْدِرُ عليه.
قال : والشَّرَابُ الْمُخْفِسُ : السَّرِيعُ الإسْكارِ ، واشْتِقَاقُه من الْقُبْح ، ألا ترى أنه يَخْرُجُ من سُكْره إلى قُبْحِ القوْل والفِعْل؟.
وقال الفرَّاء ـ في كتاب «المَصَادِرِ» يقال : أَخْفِسْ ـ أي : أقِلَّ المَاءَ ، وأَكْثِر النَّبِيذَ ، وكذلك : أَعْرِقْ.
ورَوَى أبو العباس ـ عن عمروٍ عن أبيه ـ أنه قال : الْخَفِيسُ : الشَّرَاب الكَثيرُ المِزَاج.
قال : وشَرَابٌ مُخْفَسٌ ـ إذا أُكْثِرَ ماؤُه ، وهذا ضدُّ ما قاله الفرَّاء.
وقال أبو عمرو : الْخَفْسُ : الاستهزاء والْخَفْسُ : الأكْلُ القَلِيل.
وكان أبو الهَيْثم ـ فيما أخبرني المنذِرِيُّ عنه ـ يُنْكِرُ قولَ الفرَّاء ـ في الشراب الْمُخْفَسِ ـ إنَّه الَّذي أُكْثِرَ نَبِيذُه وأُقِلَّ ماؤُه.
سخف : قال الليث : السُّخْفُ رِقَّةُ الْعَقْل ، ورجُلٌ سَخِيفُ العَقْل : بَيِّنُ السُّخْفِ وهذا من سَخْفَةِ عَقْلِك ، وسَخَافَةِ عقلك ، وثوبٌ سَخِيفٌ : رقِيقُ النَّسج ، بَيِّنُ السَّخَافَة لا يكادون يقولون : «السُّخْفُ» إلا في العقل خاصَّةً ، والسَّخَافَةُ عامٌّ في كل شيء نَحْوُ السحاب والسِّقَاءَ ـ إذا تغَيَّر وبَلِيَ ـ والعُشْبِ السَّخِيفِ ، والرجُلِ السَّخِيفِ.
وفي حديث أبي ذَرٍّ : «أَنَّهُ لَبِثَ أَيَّاماً فَمَا وَجَدَ سَخْفَةَ الّجُوعِ ـ أَيْ : رِقَّتَهُ وَهُزَالَهُ».
عمرو ـ عن أبيه ـ قال : السَّخْفُ رِقَّةُ العَيش ، والسَّخْفُ ضعف العقل.
ابن شميل : أرضٌ مُسْخِفَةٌ : قَلِيلَةُ الكَلأ ـ أُخِذَ من الثوب السَّخِيفِ.
فسخ : قال الليث : الْفَسْخُ زوالُ المَفْصِلِ عن موضعه.
يقال : وَقَعَ ، فانْفَسَخَتْ قَدَمُه وفَسَخْتُهُ أنا.
ويقال : فَسَخْتُ البيع بين البَيِّعَيْنِ فانْفَسَخَ البيعُ ـ أي : نَقَضْتُهُ فانتقض.
والْفَسِيخُ : الضَّعِيفُ المُتَفَسِّخُ عند الشِّدَّة ، واللحمُ إذا أَصَلَ انْفَسَخَ وَتَفَسَّخَ عن الْعَظْم ، وكذلك تَفَسُّخُ الْجِلْدِ عن العظم.
ويَتَفَسَّخَ الشَّعْرُ عن الْجِلْدِ ، ولا يقالُ إلا لشَعَر الْمَيْتَةِ وجِلْدِها ، ورجلٌ فَسِيخٌ : لا يَظْفَرُ بحاجته.
أبو عبيد ـ عن الكِسائيِّ ـ أَفْسَخْتُ الْقُرْآنَ : نَسِيتُهُ.
قال : وقال غيره : فَسَخْتُ الشيء ـ إذا فرَّقْتُهُ ، وفَسَخْت يَدَه فَسْخاً ـ بغير ألف.
خ س ب
خبس ، سخب ، سبخ ، بخس : مستعملة.
خبس : قال الليث : أَسَدٌ خبَّاسٌ وخابِسٌ وخَبُوسٌ وخُنابِسٌ ، وخَبْسُه أخْذُه ، وأُسْدٌ خَوابِسُ.
أَبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ الخُبَاسةُ ما تَخَبَّسْتَ من شيء ـ أي : أخذْته وغنِمته.
ومنه يقال : رجلٌ خَبَّاسٌ.
سخب : قال الليث : السِّخابُ قِلادةٌ تُتَّخَذ من قَرَنْفُلٍ وسُكٍّ ومحلبٍ .. ليس فيها من اللُّؤلؤ شيءٌ.
قلت : السِّخابُ ـ عند العرب ـ كلُّ قِلادة كانت ذاتَ جوهرٍ أوَ لمْ تكن.
وقال الشاعر :
ويَوْمُ السِّخَابِ مِنَ تَعَاجِيبِ رَبِّنا |
عَلَى أَنّه مِن بَلْدةِ السُّوءِ نجَّانِي |
وفي الحديث : «أَنَّ النبي صلىاللهعليهوسلم حَضَّ النِّساءَ عَلَى الصَّدقةِ ، فَجَعَلَتِ المرأةُ تُلْقِي القُرْطَ والسِّخَابَ».
يعني القِلادةَ والسَّخَبُ : لُغة في الصخَب.
وفي الحديث ـ في ذكر المنافقين ـ : «خُشُبٌ باللّيْلِ سُخُبٌ بالنَّهارِ».
سبخ : قال الليث : أَرضٌ سبِخَةٌ ، وهي ذات المِلْح والنَّزِّ.
ويقال : انتهينا إلى سَبَخَةٍ : يعني الموضعَ ، والنَّعتُ : أرضٌ سَبِخَةٌ ، وأَسْبَخَتِ الأرضُ وسَبِخَت.
وقال الفرّاء : هي السَّبخَةُ والصَّبَخَةُ.
ويقال : حَفَر بئراً فَأَسْبَخَ ـ إذا انتَهى إلى سَبَخَةٍ ذَكَرَ ذلك أبو عبيد.
ويقال : قد عَلَتِ الماء سَبَخَةٌ شديدة كأنها الطُّحْلُبُ من طول التَّرْك.
وقال ابنُ السكِّيت : يقال : هذه سَبِيخَةٌ مِن قُطْنٍ ، وعَمِيتةٌ من صُوفٍ ، وفَلِيلَةٌ من شَعَرٍ.
والسَّبِيخَةُ قطعةُ قُطْنَةٍ تُعَرَّضُ ليوضعَ عليها دواءٌ وتوضَعَ فوق جُرْحٍ ، وجمعُها سبَائخُ.
وقال الشاعر :
سَبَائِخُ مِنْ بُرْسٍ وَطُوطٍ وَبَيْلَمٍ |
وَقُنْفُعةٌ فِيهَا أَلِيلُ وَحِيحِها |
البُرْسُ : القُطن ، والطُّوطُ : قطن البَرْدِي ، والبَيْلَمُ : قُطنُ القصَب ، والقُنْفُعَةُ : القُنفُذَةُ ، والأليلُ : التَّوجُّع ، والوَحِيحُ : ضَرْبٌ من الْوَحْوَحَةِ.
وفي الحديث : أَنَّ سَارِقاً سَرق مِن بيْتِ عائشةَ شيئاً فدَعَتْ عليه ، فَقال لها النبي صلىاللهعليهوسلم : «لَا تُسَبِّخي عنهُ بِدُعائِكِ».
قال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : يقول : لا تُخَفِّفِي عنه بدعائك عليه.
قال : وهذا كما قال ـ في حديث آخر : «مَنْ دَعَا عَلَى مَن ظَلمه فقد انتَصر».
وكذلك كلُّ مَن خُفِّف عنه شيءٌ فقد سُبِّخَ عنه.
ويقال : اللهم سَبِّخْ عنه الحُمَّى ـ أي سُلَّها وخفِّفها.
قال أبو عبيد : ولهذا قيل لِقِطَع القطنِ ـ إذا نُدِفَ ـ : سَبَائخُ.
ومنه قول الأخطَل ـ يَذكر الكِلَابَ ـ :
فَأَرْسَلوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كَمَا |
يُذْرِي سبائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أَوْتَارِ |
وقال أبو زيد : يقال : سَبَّخَ الله عنا الأذَى ، يعني كَشَفَه وخفَّفَه.
ويقال لرِيشِ الطائر ـ الذي يَسْقُط ـ : سَبيخٌ ، لأنه يَنْسُلُ فيَسقط عنه.
وقال ابن الأعرابيّ : سمعتُ أَعرابيّاً يقول : «الحمد لله على تسبيخ العروق ، وإساغة الرِّيق» أراد سكون العُروق من ضَرَبَانِ الدَّم فيها.
وقول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً (٧)) [المُزمّل : ٧] وقُرىءَ : «سَبْخاً» بالخاء.
قال الفراء : هو من تَسْبِيخ القطن ، وهو تَوْسِعَتُه وتَنفيشُه.
يقال : سَبِّخِي قُطْنَكِ ـ أي : نَفِّشِيه ووَسِّعِيه.
وقال ابن الأعرابيّ : من قرأ «سَبْحاً» فمعناه : اضطراباً ومعاشاً ، ومَن قرأ «سَبْخاً» أراد راحةً وتخفيفاً للأبدان .. والنومَ.
وقال الزَّجَّاجُ : السَّبْحُ والسبْخُ قريبان من السَّواءِ.
أبو عبيد ـ عن الأمويِّ ـ : التسبِيخُ النَّوم الشديد ، وقد سبّختُ ـ إِذا نِمْتُ.
ابن شُمَيْل : السَّبخَةُ : الأرضُ المالحة.
بخس : أبو عبيد : من أمثالهم في الرجل ـ تحسبه مُغَفَّلاً. وهو ذُو نَكْراءَ ـ : تَحْسَبُها حَمْقاءَ وهي باخِسٌ.
قال أبو العباس : باخِسٌ : بمعنى ظالم (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ) [الأعراف : ٨٥] : لا تظلموهم.
ابن السِّكِّيت : يقال : بَخَصْتُ عينَه ـ بالصَّاد ـ ، ولا تَقُل : بَخَسْتُهَا ، إنَّما البَخْسُ نَقْصُ الحقِّ ، تقول : بَخَسْتُ حَقَّه.
ويقال للبيع ـ إذا كان قَصْداً ـ : لا بَخْسَ ولا شُطُوطَ.
وقال الليث : الْبَخْسُ فَقْءُ العَين بالأصبُعِ وغيرها ، والْبَخْسُ من الظلم تَبْخَسُ أخاك حقَّه فتَنْقُصُه ، كما يَبْخَسُ الكَيَّالُ مِكْيَالَه فَيَنْقُصُهُ.
وقال الله جلّ وعزّ : (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ) [يُوسُف : ٢٠] ـ أيْ : ناقِصٍ .. دُونَ ثَمنه.
وقال غيرُه : الْبَخْسُ : الخَسيسُ الذي بُخِسَ به البائعُ.
وقَوْلُه ـ جلّ وعزّ ـ : (فَلا يَخافُ بَخْساً) [الجنّ : ١٣] أي : لا يُنْقَصُ من ثوابِ عَمَلِهِ.
غيرُه : إنه لشديد الأبَاخِس ، وهي اللَّحْمُ العَصِبُ.
وقيل : الأَبَاخِسُ : ما بين الأصابع وأصولها.
وقال الكُمَيْتُ :
جَمَعْتَ نِزَاراً وَهْيَ شَتَّى شُعُوبُهَا |
كَمَا جَمَعَتْ كفٌّ إِلَيْهَا الأَباخِسَا |
أبو عبيد ـ عن الأُموِيِّ ـ : بَخَّسَ المُخ تَبْخِيساً ـ إذا دَخل في السُّلَامَى والعَينِ فَذَهَب ، وهو آخر ما يَبْقَى.
والْبَخْسِيُّ ـ من الزَّرْعِ ـ ما لم يُسْقَ بِماءٍ عِدٍّ ، إنَّما أَسْقاه ماءُ السَّماءِ.
خ س م
خمس ، سخم ، سمخ ، مسخ : مستعملة.
خمس : قال ابن شميل : يقال : غُلَامٌ خُمَاسِيٌ ورُباعِيٌّ.
قال : خَمْسةُ أَشْبارٍ ، وأَرْبَعَةُ أَشْبَارٍ وإِنَّمَا يقال : خُمَاسِيٌ ورُباعِيٌّ فيمنْ يَزْدادُ طُولاً.
ويقال في الثوب : سُباعِيٌّ.
وقال الليث : الخُماسِيٌ والْخُمَاسِيَّةُ من الوَصائِفِ ما كان طولُه خمسةَ أَشْبَارٍ.
قال : ولا يقال : سُداسِيٌّ ولا سُباعيٌّ .. إذا بلغ ستَّة أَشبار وسبعة أشبار.
قال : وفي غير ذلك : الخُماسِيُ : ما بلغ خمسةً. وكذلك السُّدَاسيُّ والعُشاريُّ والْخَمْسُ تأنيثُ خَمْسةٍ ، والخمْسُ أَخْذُك واحِداً من خَمْسةٍ ، تقول : خَمَسْتُ مال فلان ، وخَمَسْتُ القومَ ـ أي : تَمُّوا بِيَ خمسةً ، والخُمسُ جُزْءٌ من خمسة ، والْخِمْسُ شُرْبُ الإبل يَوْمِ الرَّابع من يوم صَدَرَتْ ـ لأنهم يحْسُبُونَ يومَ الصدَرِ فيه.
قلتُ : هذا غَلطٌ .. لا يُحْسَبُ يومُ الصدَر في وِرْدِ النَّعَم ، والْخِمْسُ أن تشْرَبَ يومَ وِرْدِها ، وتَصدُرَ يَوْمَهَا ذلك ، وتَظَلَّ بعد ذلك اليوم في المرعَى ثلاثةَ أيامٍ سوى يوم الصَّدَر ، وترِدَ اليَوْمَ الرَّابعَ ، فذلك الْخِمْسُ.
وإبِلٌ خَامِسَةٌ وخوَامِسُ ، ويقال : فَلَاةٌ خِمسٌ ـ إذا انْتَاط ماؤها حتى يَكُونَ وِرْدُ النَّعم في اليوم الرَّابع ، سِوَى اليوم الذي شَرِبَتْ فيه وَصَدَرت.
وَيقال : خِمْسٌ بَصْبَاصٌ ، وَقَعْقَاعٌ ـ إذا لم يكن في سَيرِها إلى الماء وتِيرَةٌ ، وَلا فُتُورٌ لبُعْدِه.
وقال ابن السِّكِّيتِ : يقال في مَثل : «لَيْتَنَا في بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ» ـ أي : ليتنا تَقَارَبْنَا.
ويُرَاد «بأَخماس» أَنَّ طُولَها خَمْسةُ أشبار.
والبُرْدَةُ شِمْلَةٌ من صُوفٍ مُخَطَّطَةٌ ، وجمْعُهَا الْبُرَدُ.
وقال ابنُ السِّكِّيتِ في قول الشاعر :
وَذَلِكَ ضَرْبُ أَخْماسٍ أُرِيدَتْ |
لأسْدَاسٍ عَسَى أَلَّا تكُونَا |
قال : وقال أبو عمرو : هذا كقولك : «شَشْ بَنْج» ، وهو أن يُظْهِرَ خَمْسةً يُريدُ ستَّةً.
وقال أبو عُبَيْدَة : قالوا : ضَرْبُ أَخْمَاسٍ لأَسْدَاسٍ.
يقال للذي يقَدِّم الأمر ، يُرِيدُ به غيره فَيَأْتِيه من أوَّله ، فَيَعْمَلُ فيه رُوَيداً رُوَيداً.
قال : والْخِمْسُ : الْوِرْدُ يومَ الخامس من يوم صَدرِها ، والسِّدْسُ : الوِرْدُ يومَ السادس.
وقال محمد بنُ سَهل ـ رَاوِيةُ الكُمَيتِ ـ : إذا أراد الرجلُ سَفَراً بعيداً عوَّدَ إِبِلَه أن تشرَبَ خِمساً ثم سِدْساً حتى إذا رُفعتْ في السقْي صَبَرْت.
ويقال لصاحب الإبل التي تَرِدُ خِمْساً : مُخْمِسٌ.
وأنشد أبو عمرو بْنُ العَلَاء :
يُثِيرُ وَيُذْرِي تُرْبَهَا وَيُهِيلُهُ |
إثَارَةَ نَبَّاثِ الْهَوَاجِرِ مُخْمِسِ |
وقال ابن السِّكِّيت : خَمَسْتُ القومَ أَخْمُسُهُمْ خَمساً ـ إذا أَخَذْتُ خُمْسَ أموالهم ، أو كُنْتَ لهم خامِساً والْخِمْسُ من أَظْماء الإبل.
وَقال الليث : الخَميسُ : الْجَيْشُ ، والخميس : يومٌ من أَيَّام الأُسْبُوع ، وثلاثة أَخْمِسَةٍ وخُمَاسَ ومَخْمَسَ ، كما يقال : ثُنَاءَ وَمَثْنَى ورُبَاعَ ومَرْبَعَ.
قال : والخَميسُ ، والمَخْمُوسُ ـ من الثَّوْب ـ : الذي طُولهُ خَمْسُ أَذْرُع.
ويقال : بل الخَميسُ ثَوْبٌ منسوبٌ إلى مَلِكٍ من مُلُوك اليمنِ ، كان أَمَرَ بعمل هذه الثِّياب ، فنُسِبَتْ إليه.
وفي حديث مُعَاذٍ : «أَنَّه كانَ يَقُول بِالْيَمَنِ : ائْتُوني بِخَميسٍ أَوْ لَبيسٍ آخذُهُ مِنْكُمْ في الصَّدَقَةِ».
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : الخَميسُ الثّوْبُ الذي طُولُه خَمْسُ أَذْرُعٍ.
قال أبو عُبَيدٍ : ويقال له : مَخْمُوسٌ.
وأنشد قول عَبِيدٍ :
هاتِيك تَحْمِلُني وَأَبْيَضَ صَارِماً |
وَمُذَرَّباً في مَارِنٍ مَخْمُوسِ |
قال وكان أبو عَمْرو بنُ العلاء يقول : إنما قيل للثَّوْبِ : خَمِيسٌ ـ لأن أولَ مَن عَمِله ملِكٌ باليمن يقال له : الخِمْسُ أمر بعمل هذه الثياب ، فنُسِبَتْ إليه ـ وأنشَد قول الأَعْشَى :
يَوْماً تَرَاها كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الخِمْ |
سِ وَيَوْماً أَدِيمَها نَغِلا |
ويقال : هما في بُرْدَةٍ أَخْمَاسٍ ـ إذا تقاربا واجْتَمَعا ، واصطلحا.
وأنشد ابن السِّكِّيت :
صَيَّرَني جُودُ يَدَيهِ وَمَن |
أَهوَاهُ في بُرْدَةِ أخمَاسِ |
كأنه اشتَرَى له جاريةً ، أو ساق مَهْرَ امرأته عنه.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : هما في بُرْدةٍ أخماسٍ ـ أي : يفعلان فعلاً واحداً كأنهما في ثوبٍ واحدٍ ، لاشتباههما.
سمخ : قال الليث : السِّمَاخُ لُغَةٌ في الصِّماخ ، وهو وَالِجُ الأُذُنِ عند الدِّمَاغ ، وسَمَخْتُه أَسْمَخُه إذا أَصَبتُ سِماخَهُ فعقَرْتَه.
ويقال : سَمَخَنِي ، لشدَّة صوته وكثرةِ كلامِه ، ولُغة تميمٍ : الصَّمْخُ.
ويقال : فلانٌ يَضْرِبُ أخماساً لأَسْدَاسٍ ـ إذا كان يُخَادِع ويَحتالُ يُظْهِرُ خمسةً وهو يريدُ سِتَّةً.
وأخبرني المنذريُّ ـ عن ثعلب عن ابن الأعرابي ـ : ضَرْبُ أخماس لأسْدَاسٍ أي : يُظْهِرُ غيرَ ما يُضْمِرُ.
قال : والخَميسُ : الجَيْشُ الجَرَّارُ.
وقال أبو عمرٍو : الخَمِيسُ : الجَيش الخَشِنُ.
وقال ابن السِّكِّيت : يُقال : صُمْنا خَمْساً من الشَّهْر ، فيُغَلِّبُون اللّيالِيَ عَلَى الأيَّامِ ، وإنما يَقعُ الصِّيام عَلَى الأيام ، لأنَّ ليلَةَ كلِّ يومٍ قَبْلَهُ ، فإذا أظهروا الأيام قالوا : صُمنا خمْسَة أيامٍ ، وكذلك أقمنا عنده عَشْراً بين يومٍ وليلة غلَّبوا التَّأْنيثَ ـ كما قال النَّابغةُ الْجَعْدِيُّ :
أقَامَتْ ثلاثاً بَيْنَ يوْمٍ وَلَيْلةٍ |
يَكُونُ النّكيرُ أنْ تُضِيفَ وتَجْأَرَا |
ويقال : له خَمْسٌ من الإبل ، وإن عَنَيْتَ أجْمَالاً ـ لأن الإبل مؤنَّثةٌ ، وكذلك : له خَمْسٌ من الغنم ، وإن عَنيْتَ أَكْبُشاً ـ لأن الغنمَ مُؤنَّثةٌ.
سخم : أبو عبيد ـ عن الأمويِّ : السُّخَامُ : سَوادُ الْقِدْرِ ـ يقال منه سَخَّمْتُ وَجْهَهُ.
قال : وقال الأصمعي : وأَما الشَّعْرُ السُّخامُ فهو اللَّينُ الْحَسَنُ ، وليس هو من السَّوادِ.
ويقال للخمر : سُخامٌ ـ إذا كانت ليِّنَةً سَلِسَةً.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ سَخَّمتُ الماءَ وأَوْغَرْتُه ـ إذا سَخَّنْتُهُ.
وقال الليث : السّخْمُ مصدرُ السَّخيمَةِ وهي الموْجِدَةُ ـ في النّفس ـ والْحِقْدُ ، وقد سَخِمْتُ بصَدْرِ فُلانٍ ـ إذا أَغْضبْتُهُ وَسَلَلْتُ سَخِيمتَهُ بالْقَوْلِ اللطيف والتَّرَضِّي.
قال : والسُّخَاميُ ـ من الخمرِ ـ لَوْنٌ يَضربُ إلى السَّوادِ ، وَالسُّخَامُ : الرِّيشُ اللَّينُ الذي تحتَ الرِّيش من الطَّيرِ ، والواحِدَةُ بالهاء.
وقال في الشَّعْرِ السُّخَامِ : إنَّه اللَّين.
مسخ : قال الليث : المَسْخُ تحويلُ خَلْقٍ إلى صُورَةٍ أخرى ، وكذلك المُشوَّهُ الْخلْقِ.
قال : والمسيخُ من الناسِ : الذي لا مَلَاحةَ له ، ومِنَ الطعام : الذي لا مِلْحَ فيه ، ومن الْفَواكِهِ : مَا لَا طَعْمَ لهُ.
وقد مَسُخَ مَسَاخَةً.
أبو عبيد : مَسَخْتُ النَّاقَةَ أَمْسَخُهَا مَسْخاً ـ إذا هَزَلْتُهَا وَأَدْبَرْتُهَا.
وقال الكُمَيْتُ ـ يَذْكُرُ نَاقَةً :
لَمْ يَقْتَعِدْها الْمُعَجِّلُونَ وَلَمْ |
يَمْسَخْ مَطَاهَا الْوُسُوقُ والْقَتَبُ |
قال : وَمَسَحْتُ النَّاقَةَ بالْحَاءِ إذا هَزَلْتهَا .. يقال بالْحَاءِ وَالْخَاءِ.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي : مَسَخْتُ النّاقَةَ ... بِالْخَاءِ.
أبو عبيد ـ عن ابن الكَلْبِيِّ ـ قال : أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الْقِسِيَ المَاسِخِيَّةَ من العرب ـ : ماسِخَةُ ، وهو رجلٌ من الأَزْدِ ، فلذلك قيل لِلْقِسِيِّ : مَاسِخِيَّةٌ ، وَأَنشد غيرُه :
كَقوْسِ الْمَاسِخيِ أَرَنَّ فِيهَا |
مِنَ الشِّرَعِيِّ مربوعٌ مَتِينُ |
وقال النَّضْرُ : الطعامُ الْمَسِيخُ : الذي لا مِلْحَ فيه ، ولا طَعْمَ لهُ ، ولا لون.
وقال مُدْرِكٌ الْقَيْسِيُّ : هو الْمَلِيخُ أيضاً.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ
(أبواب) الخاء والزاي (١)
خ ز ط ، ـ خ ز د ، ـ خ ز ت ، ـ خ ز ط
خ ز ذ ، ـ خ ز ث :
مُهْمَلَاتٌ.
خ ز ر
استعمل من وجوهه : خزر ، خرز ، زخر.
خزر : قال الليث : الْخَزَرُ : جِيلٌ خُزْرُ العيون.
قال : والْخُزْرَةُ انقِلَابُ الْحَدَقَةِ نحوَ اللِّحَاظِ ، وهو أقبحُ الْحَوَلِ وأَنشد :
إِذَا تَخَازَرْتُ وَما بي مِن خَزَرْ |
ثمَّ كَسَرْتُ الْعَيْنَ من غَيْرِ عَوَرْ |
قال : ويقال : خَزَرْتُ فُلَاناً خَزْراً إذا نظرتَ إليه بِلِحَاظ عَيْنِكَ ، وأنشد :
لا تخْزُرِ الْقَوْمَ شَزْراً عَن مُعَارَضةٍ
قال : وعدُوٌّ أَخْزَرُ العين ـ إذا نظرَ عن مُعارضَةٍ .. كالأخْزَرِ العَيْن.
عمرو ـ عن أَبيه ـ : الْخَازِرُ : الدَّاهيَةُ من الرجال.
وقال ابن الأعرابي ـ : خَزَرَ ـ إذا تَدَاهى وخَزِرَ ـ إِذا هَرَبَ.
وقال أبو زيد : الأخْزَرُ : الأحْولُ إحْدى الْعَيْنيْن ، والأَحْوَلُ : الذي حَوِلَتْ عَيْنَاهُ جميعاً.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ قال : الشَّيْخُ يُخَزِّرُ عَيْنَيْهِ ليجمَع الضَّوْءَ. حتى كأَنَّهما خِيطَتَا ، والشَّابُّ إذا خَزَّرَ عَيْنَيْهِ فإنَّه يَتَدَاهَى بذلك ، وأنشد
يا وَيْحَ هذا الرَّأْسِ كَيْفَ اهتَزَّا |
وَحِيصَ مُوقَاهُ وَقَادَ الْعَنْزَا |
ويقالُ للرجل إذا انْحنَى من الْكِبَرِ ـ : «قد قَادَ الْعَنْزَ» ، لأن قائدَها يَنْحَنِي.
قال ابنُ حَبِيبٍ : الأخْزَرُ : الذي أَقْبَلَتْ حَدقَتَاهُ إلى أَنْفِهِ ، والأحْوَلُ : الذي ارْتفَعَتْ حَدَقَتَاهُ إلى حاجبيه».
وقال ابن السكيت : الْخَزِيرَةُ أن تُنْصَبَ الْقِدْرُ بِلَحْمٍ يُقَطَّعُ صِغَاراً على ماءٍ كثيرٍ فإذا
__________________
(١) بعده في المطبوعة : «مع الطاء من حرف الخاء».
نَضِجَ ذُرَّ عليه الدَّقيق ، فإن لم يكُن فيها لحمٌ فهي عَصِيدةٌ.
وقال أبو عبيد : الْخَزِيرَةُ : الْحَسَاءُ من الدَّسَم والدقيق.
وقال الليث : الْخَزِيرةُ مَرَقَةٌ تُطْبَخُ بماءٍ يُصَفَّى من بُلَالةِ النُّخَالة.
أبو عبيد ـ عن الْعَدَبَّسِ الْكِنَانيِّ ـ قال : الْخُزَرَةُ دَاءٌ يَأْخُذُ في مُسْتَدَقِّ الظَّهْر بِفِقَرِ الظَّهْرِ.
وأنشد لراجز يَصفُ دَلْواً :
دَوابِهَا ظَهْرَكَ مِن تَوْجَاعِه |
مِن خُزَرَاتٍ فيه وانْقِطَاعِهِ |
وقال ابن السكيت ـ في باب «فُعَلَةَ» : الْخُزَرَةُ وجَعٌ يأخُذُ في الظَّهْر ، «وخَازِرٌ» : موضعٌ كانت به الوَقْعَةُ بين عُبَيْدِ الله بن زيادٍ وبين إبراهيمَ بن الأشْتَرِ ، ويومئذ قُتِلَ ـ ابنُ زيادٍ الفَاسِقُ.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابي ـ : هو يمشي الْخَيْزَرَى والْخَوْزَرَى ، والْخَيْزَلَى والْخَوْزَلَى ... كلُّهُنَّ مِشْيَةٌ فيها تَبَختُرٌ ، والْخَيْزُرَانُ عُودٌ معروفٌ ، وجَعَلَهُ الرَّاجزُ خَيْزُوراً فقال يصفُ حَيَّةً :
مُنْطَوِياً كالطَّبَقِ الْخَيْزُورِ
أبو عبيد : الْخَيْزُرَان : السُّكَّانُ ، وهو كوْثَلُ السّفِينَةِ.
قال الْمُبَرَّدُ : وَالْخَيْزُرَانُ كلُّ غُصْنٍ لَيِّنٍ يَتَثنَّى.
قال النّابِغَةُ :
يَظَلُّ مِن خَوْفِهِ المَلَّاحُ مُعْتَصِماً |
بالخيْزُرَانةِ بَعدَ الأيْنِ والنَّجَدِ |
قال الشيخُ : والْقوْلُ ما قال الْمُبَرَّدُ في الْخَيْزُرَان.
وقال أبو زُبَيْدٍ ـ فَجَعلَ المِزْمار خَيْزُراناً لأنَّه من اليَرَاع ـ يَصِفُ الأسَدَ :
كأَنَّ اهْتِزَام الرَّعْدِ خَالَطَ جَوْفَهُ |
إِذَا جَنَّ فيه الْخَيْزُرانُ الْمُثَجَّرُ |
والمُثَجَّرُ : المثقَّبُ المفجَّرُ.
يقولُ : كأَنَّ في جَوْفهِ المَزامِيرَ.
وقال أبو الهيثم : كلُّ ليِّنٍ من كلِّ خَشَبةٍ : خَيْزُرَانٌ.
قال عَمْرُو بنُ بَحْرٍ : قيل : الخيزُرانُ لجامُ السَّفينةِ التي بها يكون السُّكَّانُ ، وهو في الذَّنَبِ.
خرز : قال الليث : الْخَرَزُ فُصوصٌ من جَيِّد الجوْهَرِ ، وَرَديئُهُ من الْحِجَارةِ ، والخَرْزُ خِياطةُ الأَدَمِ ، وكلُّ كُتْبَةٍ منه خُرْزةٌ يَعْنِي كلَّ ثُقْبَةٍ وخَيْطَها.
والمخرَّزُ من الطيرِ والحمَامِ : الذي عَلَى جَنَاحَيهِ نَمنَمةٌ وتَحبيرٌ شَبيهٌ بالخَرَزِ.
وقال ابن السكيت : يقال : خَرَزَ الخارِز خَرْزَةً واحدةً ، وهي الغَرْزةُ الواحدةُ.
فأمّا الخُرْزَةُ فهي ما بينَ الغَرْزَتَيْن ، وكذلك خُرْزَةٌ الظهرِ : ما بين كلّ فِقْرَتَيْنِ ، وكذلك مَفاصِلُ الدَّأَيَاتِ : خُرَزٌ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابي ـ : خَرِزَ الرجلُ إذا أَحكم أمْرَهُ بعد ضَعْفٍ. عن ابن السكيتِ : ـ في بَابِ «فُعَلةَ» ـ.
قال : عُقَرَةُ خَرَزةٌ يقال لها : خَرَزةُ الْعَقْرِ ، تَشُدُّها المرأةُ على حَقْوَيْهَا.
زخر : أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : إذا الْتَفَّ العُشْبُ وَأخْرَجَ زَهْرَهُ. قيلَ : قد جُنّ جُنُوناً ، وقد أخذَ زُخَارِيَّهُ.
وقال ابنُ مُقبِلٍ :
زُخَاريَ النَّبَاتِ كأنَّ فيهِ |
جِيَادَ الْعَبْقَرِيَّةِ والْقُطُوعِ |
وقال أبو عمرو : الزاخِرُ : الشَّرَفُ العالي.
ويقال للوادي ـ إذا جَاشَ مَدُّهُ وطَمَا سَيْلهُ ـ : زَخَرَ يَزْخَرُ زَخْراً.
وقال الليث نحْوَهُ ـ إذا جَاشَ ماؤهُ وارتفعَتْ أمْواجُهُ.
قال : وإذا جاشَ القومُ للنَّفِيرِ قِيلَ : زَخَرُوا.
وقال أبو ترابٍ : سمعتُ مُبتكِراً يقول : زَاخَرْتُهُ فَزَخَرْتُهُ ، وفاخَرْتهُ فَفَخَرْتُهُ.
وقال الأصمعي : فخَر بما عِندَهُ ، وزخَرَ : بمعْنى واحدٍ.
خ ز ل
استعمل من وجوهِه : خزل ، زلخ.
خزل : قال الليث : الْخَزَلُ منَ الانخزالِ في المشي ، كأَنَّ الشَّوْكَ شَاكَ قَدَمَهُ.
وقال الأعشى :
إِذا تَقومُ يكادُ الْخَصْرُ يَنْخَزِلُ
قال : والأخْزَلُ : الذي في وسط ظَهْرهِ كسْرٌ ، وهو مَخْزُولُ الظَّهْرِ ، وفي ظهرهِ خُزْلةٌ ـ أي : هو مثلُ سَرْجٍ. والْفِعْلُ : خَزِل يَخْزَلُ خَزَلاً.
قال : والأخْزَلُ ـ من الإبل ـ : الذي ذهبَ سَنامُهُ كلُّهُ.
قلت : أُرَاهُ أرادَ «الأجْزَلَ» ـ بالْجِيم ـ فَصَحَّفَهُ ، وجَعَلهُ خَاءً.
وروى أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : الْجَزَلُ أن يصيبَ الْغارِبَ دَبَرَةٌ فيخرُجَ منه عَظْمٌ فَيطْمئنَّ موضِعُه ، وأنشد :
يُغادِرُ الصَّمْدَ كَظَهْرِ الأجْزَلِ
وأما الْخَزْلُ ـ بالْخاءِ ـ : فهو القطْعُ.
يقال : خَزَلْتُهُ فانخَزَلَ ـ أي قطَعْتهُ فانقطع.
وقول الأعشَى :
إذا تأَنَّى يكادُ الْخَصْرُ يَنْخَزِلُ
معناه : ينقطعُ لِهَيَفِهِ ، كما قال قيسٌ :
.. تَكادُ تَنْغَرِفُ
أيْ : تَنقطعُ.
قلت : وقد يكون الْجَزْلُ ـ بالجيم ـ قَطْعاً.
يقال : جاءَ زمنُ الْجَزَالِ والْجِزَالِ ، ولعلّ الْخاءَ والجيمَ تَعَاقَبَا في هذا الحرف.
ويقال : اخْتَزَلَ الْعاملُ المالَ الذي جَبَاه ـ إذا اقْتَطَعَه ، ولا يقال إلَّا بالْخَاء.
وهو يمشي الخَيْزَلَى والْخَوْزَلَى ـ إذا تَبَخْتر .. لا يُقَال إلا بالخاء.
وقال الليث : المخْزُولُ من الشِّعر : ما فيه خُزْلَةٌ.
قال : والخُزْلَة سقوطُ تَاء «متفَاعِلُنْ» و «مُفَاعَلَتُنْ».
وبعضهم يقول : خَزْلَةٌ ـ كقوله :
وأَعطَى قَوْمهُ الأنصَارَ فَضلاً |
وَإِخْوَتَهُمْ مِنَ المُهَاجِرِينَا |
وتمامُهُ :
... مِن المُتَهاجِرِينَا
ولا يكون هذا إلا في الوافر والكامل ـ ومِثْلُه : ـ
لَقَدْ بَحَحْتُ من النِّدا |
ءِ لِجَمْعِكُمْ هلْ من مُبارزْ |
تمامُهُ :
ولَقَدْ ...
بالواو ، ويسمَّى هذا أَخْزَل. ومخزولاً.
ورجلٌ خُزَلةٌ وخُزَرَةٌ ـ أي : يحبسُكَ عما تُرِيدُ ، ويُعَوِّقُك عنه.
زلخ : قال الليث : الزَّلْخُ رَفْعُكَ يدكَ في رَمْي السَّهمِ إلى أَقصَى ما تَقْدِرُ عليه ـ تُرِيد به بُعْدَ الْغَلْوَةِ ، وأَنشد :
مِنْ مِائَةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غَالْ
قال : وسألتُ أبا الدُّقَيْشِ عن تفسير هذا البيت بعينه ، فقال : «الزَّلْخُ» أقصى غاية المُغَالِي ، وأنشدني :
قامَ عَلَى مَرْتَبَةٍ زَلْخٍ فَزَلْ
ابن السِّكَّيت : بئرٌ زَلُوخٌ وزلُوجٌ ، وهي المتزلِّقَةُ الرأس.
قال : ومكانُ زَلِخٌ ـ بكسر اللام ـ ويقال : زَلْخٌ ، وأنشد :
قامَ عَلَى مَرْتَبَةٍ زَلْخٍ فَزَلْ
قال : وقال أبو زيد : زَلِخَتْ رِجْلُه وَزَلَجتْ.
وقال الشاعر :
فَوَارِسُ نازَلُوا الأبطالَ دُوني |
غَدَاةَ الشِّعبِ في زَلْخِ المَقَام |
وقال خليفةُ الضِّبابيُّ : الزَّلَخَانُ والزَّلَجَانُ في المشي : التقَدُّمُ في السُّرعة.
وقال شمِرٌ : مكانٌ زلِخٌ ـ أي : دَحْضٌ مَزِلَّةٌ.
قلتُ : والذي قاله الليث في الزَّلْخِ أَنَّهُ رَفْعُكَ يَدَك في رمْي السَّهم ـ : حرفٌ لا أَحْفَظهُ لغيره ، وأَرْجو أن يكونَ صحيحاً.
وأخبرني المنذِريُّ ـ عن أبي الهيثم ـ أنه قال : اعتَلَّتْ أُمُّ الهيثمِ الأعرابيَّةُ فزارَها أبو عبيدة ، وقال لها : عَمَّ كانتْ عِلَّتُكِ؟؟
فقالت : كنت وَحْمَى سَدِكَةً فشهدْتُ مَأدُبَةً فأكلْتُ جُبْجُبَةً من صَفِيفِ هِلَّعَةٍ فاعْترَتْني زُلَّخَةٌ.
قلنا لها : ما تقولين يا أُمَّ الهيثم؟ فقالت : أَوَللنَّاسِ كلامانِ؟!
وقال شمرٌ : الزُّلَخَّةُ وَجَعٌ يعترضُ في الظهر ، وأنشد :
كأَنَّ ظَهْرِي أخَذَتْهُ زُلَّخَهْ |
لمّا تَمَطَّى بالْفَرِيِّ الْمِفْضَخَهْ |
وكان اسمُ صاحبة يوسُفَ عليهالسلام زُلَيخَا ، فيما رُوِيَ والله أعلم وهُوَ حَسبُنا (وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
خ ز ن
خزن ، خنز ، زنخ : مستعملة خزن : في «نوادر الأعراب» : يقال : اخْتَزَنْتُ طريقاً واختصَرْتُه ، وأخذْنا مخازن الطريق ومخاصِرَها ـ أي : أَخَذْنا أَقْرَبها.
وقال الليث : خَزَنَ الشيءَ يَخْزُنُه خَزْناً ـ إذا أحرزه في خِزَانَةٍ ، واخْتَزَنَه لنفسه ، وخِزَانَةُ الرجل قلْبُه ، وخازِنهُ لسانه.
ورُوِيَ عن لُقْمَانَ الحكيم أنَّه قال لابنه : إذا كان خَازِنُكَ حَفِيظاً وَخِزَانَتُكَ أَمِينَةً سُدْتَ في دُنْيَاكَ وآخِرَتِكَ» يَعْنِي اللسانَ والقلبَ.
والْخِزَانَة اسم المكان الذي يُخْزَنُ فيه الشيءُ ، والخِزَانَةُ عَمَلُ الْخَازِنِ.
قال ابن الأنْبَاريِّ ـ في قول الله عزوجل : (وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ) [هُود : ٣١] ـ قال : معناها : غُيُوبُ عِلْمِ الله التي لا يَعْلَمُهَا إلا الله.
وقيل لِلْغُيُوب : خَزَائِنُ لغُمُوضها على النَّاس ، واستِتَارِها عنهم ، وخَزَنَ المالَ ـ إذا غَيَّبَهُ.
وقال سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ : إنَّما آياتُ القرآن خزَائِنُ ، فإذا دَخَلْتَ خِزَانَةً فاجْتَهِدْ ألَّا تَخْرُجَ منها حتَّى تَعْرِفَ ما فيها.
قال : شَبَّه الآيةَ مِنَ القُرْآن بالوِعَاء الَّذي يُجْمَعُ فيه المالُ الْمَخْزُونُ فيه.
وخَزِنَ اللَّحْمُ يَخْزَنُ ، وخَزَنَ ، يَخْزُنُ ويَخْزِنُ ، وخَنَزَ يَخْنَزُ ـ كُلُّهُ بمعنًى واحدٍ ـ إذا تَغيَّرَ.
قال ذلك كلَّهُ أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ وأنشد لِطَرفَةَ :
ثُمَّ لَا يَخْزِنُ فِينَا لَحْمُهَا |
إِنّما يَخْزِنُ لَحْمُ المُدَّخِرْ |
أبو العبَّاسِ ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ : أَخْزَنَ الرَّجُلُ ـ إذا اسْتَغْنَى بعد فَقْرٍ. وتُجْمَعُ الْخِزَانَةُ : خَزَائِنَ.
خنز : في الحديث : «لَوْلَا بنُو إسْرَائِيلَ وَادِّخَارُهُمْ مَا أَنْتَنَ اللَّحْمُ ، وَلَا خنِزَ الطَّعَامُ كَانُوا يَرْفَعُونَ طَعَامَهُمْ لِغَدِهِمْ».
يقال : خَنِزَ الطّعامُ يَخْنَزُ خَنَزاً فهو خَنِزٌ.
قال أبو عبيد : خَنِزَ ـ أيْ : أنْتَنَ ، وكذلك خَزِنَ ـ إذا أَرْوَحَ.
ثعلبٌ ـ عن ابن الأعرابي ـ : الْخُنَّازُ : الْوَزَغَةُ ، وَالْخُنَّازُ : اليَهُود الذين ادَّخَرُوا اللحمَ حتّى خَنِزَ.
قال : والْخَنزُوَانُ ـ بالفتح ـ ذَكَرُ الخَنَازِير ، وهو الدَّوْبَلُ ، والرَّتُّ.
قال : والْخُنزُوَانَةُ : الكبْرُ ... يقَال : في رأسِه خُنْزُوَانَةٌ ـ أي : كبِرٌ.
المنذريُّ ـ عن ثعلبٍ عن سَلَمَةَ عن الفرَّاء ـ : أنّه أَنْشَدَ قولَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ :
فَصَافَ يُقَرِّي جُلَّهُ عَنْ سَرَاتِهِ |
يَبُذُّ الجِيَادَ فَارِهاً متَتَابِعَا |
|
فَآضَ كَصَدْرِ الرُّمْحِ نَهْداً مُصَدَّراً |
يُكَفْكِفُ مِنْهُ خُنْزُوَاناً مُنَازِعَا |
قال : الخُنْزُوَانَةُ : الكِبْرُ ، يقال : لأنْزِعَنَّ خُنْزُوَانَاتِكَ ، ولأُطَيِّرَنَّ نُعْرَتَك.
زنخ : أبو عبيد : سَنِخَ الطَّعامُ وزَنِخَ ـ إذا تَغَيَّر.
وفي الحديث : «أَنَّ رَجُلاً دَعَا النَّبِيّ صلىاللهعليهوسلم إلَى طَعَامِهِ فَقَدَّمَ إلَيْهِ إهَالَةً زَنِخَةً فِيهَا قَرْعٌ.
فَجَعَلَ النبيّ صلىاللهعليهوسلم يَتَتَبَّعُ الْقَرْعَ وَيَأْكُلُهُ».
أراد بِ «الزَّنِخَةِ» : الَّتي قد أرْوحَتْ وَتَغَيَّرَتْ.
وقال أبو عمرو : زَنَخَ القُرَادُ زُنُوخاً ، ورَتَخَ رُتُوخاً ـ إذا تَشَبَّثَ بِمَنْ عَلِقَ به ، وأنشد أبو عمرو :
فَقُمْنَا وَزَيْدٌ رَاتِخٌ في خِبَائِهَا |
رُتُوخَ القُرَادِ لَا يَرِيمُ إذَا زَنَخْ |
ويُرْوَى : «... إذَا رَتَخْ» ، ومعناهما واحد.
خ ز ف
استعمل من وجوهه : خزف ، فخز ، زخف.
خزف : قال الليث : الخَزفُ : الْجَرُّ.
وقال غَيْرُهُ : يقال للَّذي يبيعها : خَزَّافٌ.
زخف : أهمله الليث.
وفي «نوادر الأعراب» : الشَّوْذَقَةُ والتَّزْخِيفُ : أَخْذُ الإنسانِ ـ عن صاحبه ـ بأصابعه الْبَشَيْذَقَ.
قُلْتُ : أَمَّا الشَّوْذَقَةُ : فمعرَّبٌ مأخوذ من الْبَشَيْذَقِ ، وأمَّا التَزْخِيفُ فأرجو أن يكون عربيّاً صحِيحاً.
ويقال زَخَفَ يَزْخَفُ ـ إذا فَخَرَ. ورجُلٌ مِزْخَفٌ : فَخُورٌ.
وقال البُرَيْقُ الْهُذَلِيُّ :
وَأَنْتَ فَتَاهُ غَيْرَ شَكٍّ زَعَمْتَه |
كَفَى بِكَ ذَا بَأْوٍ بِنَفْسِكَ مِزْخَفَا |
ذَكَرَ ذلك الأصمعيُّ ، وأَظُنُّ «زَخَفَ» مَقْلُوباً عن «فَخَزَ».
فخز : قال الليث : الْفَخْزُ والتَّفَخُّزُ : هو التَّعَظُّم.
يقال : هو يَتَفَخَّزُ علينا.
أبو عبيد ـ عن الأصمعي ـ : يقال ـ من الكِبْرِ والْفَخْر ـ : فَخِزَ الرَّجُل وجَمَخَ وجَفَخَ : بمعنًى واحدٍ.
ثعلب ـ عن ابن الأعرابيّ ـ : يُقال : فَخَزَ الرَّجُلُ ـ إذا جاء بفَخْزِهِ وفَخْزِ غَيْرِهِ ، وكَذَبَ في مُفَاخَرَته ، والاسمُ : الْفَخْزُ ـ بالزاي.
وقال أبو عبيدة : فَرَس فَيخَزٌ ـ بالخاء والزَّاي ـ إذا كان ضَخْمَ الْجُرْدَانِ.
خ ز ب
خزب ، خبز ، زخب ، بزخ ، بخز : مستعملة.
خزب : قال الليث : الْخَزَبُ تهَيُّجٌ في الْجِلْدِ كهيئة وَرَمٍ من غير أَلَمٍ.
تقول : خَزِبَ جِلْدُه ، وتَخَزَّبَ ضَرْعُها عند النِّتَاجِ ، وضَرْعُهَا خَزِبٌ ـ إذا كان فيه شِبْهُ الرَّهَلِ.
أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ : يقال : خَزِبَتِ النَّاقَةُ خَزَباً ـ إذا وَرِمَ ضَرْعُها.
ابن الأعرابيِّ : الْخَزْباه : النَّاقةُ التي في رَحِمِهَا ثَآلِيلُ تَتَأَذَّى بها.
وقال أبو عمرو : العَرَبُ تُسَمِّي مَعْدِنَ الذَّهبِ : خُزَيْبَةَ : وأنشد :
فَقَدْ تَرَكَتْ خُزَيْبَةُ كُلَّ وَغْدٍ |
يُمَشِّي بيْنَ خَاتَامٍ وَطَاقِ |
وأما الخازِبَازِ الّذي جاء في شعر ابْنِ أَحْمَرَ يَصِفُ الرَّوْضَ :
تَفَقُّعُ فَوْقَهُ الْقَلَعُ السَّوَارِي |
وَجُنَ الْخَازِبَازِ بِهِ جُنُونَا |
فإن الأصمعي قال : عَنَى ب «الْخَازِبَازِ» الذُّبَابَ حَكَى صَوْتَهُ.
وقال ابن السِّكِّيتِ : قال ابن الأعرابي : الْخَازِبَازِ نَبْتٌ ، وأنشد :
أَرْعَيْتُهَا أَطْيَبَ عُودٍ عُودَا |
الصِّلَّ وَالصِّفْصِلَّ وَالْيَعْضِيدَا |
وَالخَازِبَازِ السَّنمَ الْمَجُودَا
قال ابن السِّكِّيتِ : والْخَازِبَازِ ـ في غير هذا ـ : دَاءٌ يأْخُذُ الإبِلَ في حُلوقِها.
والنَّاسَ ، وأنشد :
يَا خَازِبَازِ أرْسِلِ اللهازِمَا |
إنِّي خَشِيتُ أَنْ تَكُونَ لازِمَا |
وروى أبو العبَّاس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ قال : خَازِبَازِ : ورمٌ ، وخَازِبَازِ : صوتُ الذبابِ ، وخَازِبَازِ : كَثْرَةُ النبات ، وخَازِبَازِ : السِّنَّوْر.
بخز : أبو تُرَابٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : يقال : بَخَز عَيْنَه وبَخَسها ـ إذا فَقَأَها وبَخَصَها كذلك.
بزخ : قال الليث : الْبَزْخُ : الجَرْفُ بلُغَة عُمَانَ : قلت : هذا تصحيف ، والصَّواب : البَرْخ ـ بالرَّاء ـ وقد ذكرْتُه في بابه ورَوَى أبو العباس ـ عن ابن الأعرابيِّ ـ يقال : رجلٌ أَبْزَخُ من قَوْمٍ بُزْخٍ وقد بَزِخَ بَزَخاً ، وبرْذَوْنٌ أَبْزَخُ ـ إذا كان في ظهره تطامنٌ ، وقد أشرَفَ حارِكهُ ، وأنشد أبو الهيثم :
فَتَبازَتْ فَتَبازَخْتُ لَهَا |
جِلْسَةَ الْجَازِرِ يَسْتَنْجي الوَتَرْ |
قال : والْبَزَى : أن يستأخرَ الْعَجُزُ ويستقدِمَ الصَّدْرُ.
ورَوَى أبو عمرٍو قولَ الْعَجَّاج : ـ وَلَوْ أَقُولُ : بَزِّخُوا لَبَزَّخُوا قال : بزِّخَوا : اسْتَخْذُوا.
ورواه غيره : بَرِّخُوا ـ بالراء ـ والزَّايُ ـ عندي ـ أفْصحُ.
وقال ابن الأعرابي : في صدره بَزَخٌ ـ أي : نُتُوءٌ ، وفي وَرِكِهِ بزَخٌ.
قال أبو عبيد : البَزَخُ في الظهر : أَنْ يطمئنَّ وسَطُ الظَّهْر. ويخْرُجَ أَسْفَل.
وقال الليث : البزَخُ تقَاعُسُ الظَّهر عن البَطْن ، وربَّما مَشى الإنسانُ مُتَبازِخاً كمِشْيَةِ العَجُوز ، إذا تكلَّفتْ إقامةَ صُلْبِهَا ، فَتَقَاعَسَ كاهِلُها ، وانحَنَى ثَبَجُهَا.
ومن العرب مَنْ يقول : تَبَازَخْتُ عن هذا الأمر ـ أي : تقاعَسْتُ عنه.
وإذا ضرَبْتَ ذلك الموضع. قلتَ : بَزَخْتُ ظهْرَهُ بالعصا بَزْخاً.
قال : وأَمَّا البَزَى فكأَنَّ العَجُزَ خرج حتى أشرف على مؤخَّر الفَخِذَين وبُزَاخَةُ : موضعٌ ، ويومُ «بُزَاخَةَ» مِنْ أيام العرب : مَعْروفٌ.
خبز : قال الليث : الخَبْزُ : الضّرْبُ باليد ، والخَبْزُ : السَّوْقُ الشدِيد.
وقال الراجز :
لا تَخْبِزَا خَبْزاً وَنُسَّانَسَّا |
وَلا تُطِيلَا بِمُنَاخ حَبْسَا |
ويُرْوَى :
...... وبُسَّابَسَّا
مأخوذٌ من البَسِيسِ ، وهو أن يُلَتَّ الدقيقُ بالسَّمْن ثم يُسَفَّ.
والنِّسُّ سَوْقٌ لَطِيفٌ.
أبو عبيد عن أبي زيد : الخَبْزُ : السَّوْق الشديدُ والضَّرْب ، والبَسُّ : السير الرَّفيقُ بَسَسْتُ أَبُسُّ بَسّاً ، وأنشد :
لا تَخْبِزَا خَبْزاً وَبُسَّابَسَّا
وقال غيرُ أبي زيد : الخَبْزُ ـ ههنا ـ : خَبْزُ الخُبْزِ ، والبُسُّ : بَسُّ السَّوِيق ، وهو لَتُّهُ بالزّيْتِ أو الماء ـ فأمر صاحِبَيهِ بِلَتِّ السَّوِيق ، وتَرْكِ المُقَام على خَبْزِ الخُبْزِ ومِرَاسِه لأنهم كانوا في سَفَرٍ لا مُعَرَّجَ لهم ، فَحَثَّ صاحبيه على عُجَالةٍ يتبلّغون بها ونهاهم عن إطالَةِ المُقَام على عَجْن الدَّقيق وخَبْزِه.
أبو عبيد : الخُبْزَةُ : هي الطُّلْمَةُ التي تُدْفَنُ في المَلَّةِ ، والمَلَّةُ : الرَّمَادُ والتراب الذي أُوقِدَ عليه النَّارُ.
يقال : أطعَمَنا خُبْزَ مَلَّةٍ : ولا يقال : أَطعَمَنا مَلَّةً.
واخْتَبَزَ فلانٌ ـ إذا عالج دَقِيقَاً فعَجَنه ثم خَبزَه في مَلّةٍ أو تَنُّورٍ.
والخَبْزُ : مصدَرُ «خَبَزْتُ» والخبازَةُ : صَنْعَة الخَبّازِ ، والخَبِيزُ : الخُبْز الْمَخْبُوزُ ، وخبَزْتُ القومَ أَخْبِزُهم ـ إذا أطعمتَهُمُ الْخُبْزَ.
حكاه أبو عبيد عن الكسائي.
والخُبَّازُ بَقْلةٌ معروفةٌ ، عريضةُ الورق لها ثمرةٌ مستديرةٌ ، ويقال لها : الخُبَّازَى.
وتخبَّزَتِ الإبلُ العُشْبَ تَخَبُّزاً ـ إذا خَبَطَتْه بقوائمها.
زخب : أبو العباس ـ عن ابن الأعرابي ـ : قال : الزَّخْبَاءُ : الناقة الصُّلبة على السير.
ورُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه سئل عن الفَرَع ـ وهو أول ولَدٍ يُنْتَجُ من الناقة فيُذْبَحُ؟ فقال : حَقٌّ ، ولأنْ تَتْرُكَهُ حتى يكونَ ابنَ لَبُونٍ ، أو ابنَ مَخَاضٍ زُخْزُبّاً : خيرٌ من أن تَكْفَأَ إناءَك وتُوَلِّهَ ناقتَكَ.
قال أبو عبيد : الزُّخْزُبُ : هو الذي غلُظ جسمُه ، واشتدَّ لحمُه.
خ ز م
خزم ، خمز ، زمخ ، زخم : مستعملة.
خمز : أَمَّا «خَمَزَ» فإني لا أحفظ للعرب فيه شيئاً صحيحاً.
وقد قال الليث : الخَامِيزُ اسمٌ أَعْجَمِيٌّ وإعرابُه : عَامِصٌ وآمِصٌ.
خزم : قال الليث : الخَزْمُ : الشّكُّ.
تقول : شِرَاكٌ مخْزُومٌ ومشكوك.
قال : والْخِزَامةُ بُرَةٌ في أَنْفِ الناقة يُشَكُّ فيها الزِمامُ ، والجميعُ : الخزائمُ ، وبَعِيرٌ مخزومٌ.
أبو عبيد ـ عن أبي عبيدة ـ : قال : الخِزَامَةُ هي الحَلْقة التي تُجْعَلُ في أنف البَعِير فإن كانتْ من ضفْرٍ فهي بُرَةٌ ، وإن كانت من شَعْر فهي خِزَامَةٌ.
وقال غيره : كلُّ شيء ثَقَبْتَهُ فقد خَزَمتَهُ.
وقال ابن الأعرابيِّ : الخُزُمُ : الخَرَّازُون.
قال : والخزْمَاءُ : الناقةُ المشقوقة المَنْخِرِ.
وقال الليث : كَمَرَةٌ خَزْمَاء : قصيرةٌ وَتَرَتُها ، ويقال : ذَكَرٌ أَخْزَمُ.
قال : وقال رجلٌ لِبُنَيٍّ له أعجبَه :
شِنْشِنَةٌ أَعرِفهَا مِنْ أَخْزَمِي
أي قطرة ماءٍ من ذكَرِي الأَخْزَمِ.
قالَ : وَقيلَ : أَخْزَمُ : قِطعةٌ منْ جَبَلٍ.
قال : والأَخْزَمُ : الحيَّةُ الذَّكَرُ.
وقال أبو عبيد : أخبرني ابن الكلبِيِّ أَنَّ هذا الشَّعْرَ لأبي أَخْزَمَ الطَّائيِّ ، وهو جَدُّ أبي حاتم ، أو جَدّ جَدِّه وكان له ابْنٌ يقال له : أَخْزَمُ ، وقيل : كان عاقّاً فمات وتَرك بنين فوثَبوا يوماً على جدِّهِم أبي أخْزَمَ فأَدْمَوْهُ فقال :
إنَّ بنِيَّ زمَّلُونِي بالدَّمِ |
شنْشِنَةٌ أَعْرِفُها مِن أَخْزَمِ |
قلتُ : والذي ذَكره الليث ـ في الكَمَرَةِ الْخَزماءِ والأَخْزَمِ في أَسماء الحيَّاتِ : لمْ أَسْمَعه لغيره.
وقد نظرتُ في كتاب «الحيَّاتِ» لِشَمِرٍ وفيما وُجد لابن الأعرابيِّ ، ولأبي عمرو ولأبي عُبَيد في أسماء الحيَّات ـ مجموعةً ـ فلم أَرَ «الأخْزَمَ» فيها.
شمر ـ عن أبي عمرو ـ : والخَزَمُ شَجَرٌ له لِيفٌ يُتَّخَذُ منه الحِبال ، وأنشد قولَ أُمَيّة :
وانْبَعَثَتْ حَرْقَفٌ يَمَانِيَةٌ |
يَيْبَسُ مِنْهَا الأَرَاك والخَزَمُ |
وقال الليث : الخَزَمَةُ خُوصُ المُقْلِ يُعمل منه أَحْفَاشُ النساء ، والْخَزَمُ شَجَرٌ.
وقال الأصمعيُّ : الْخَزَمُ شجرٌ يُتَّخَذُ مِن لِحَائِه الحِبالُ.
قال : وبالمدينة سُوقُ الخَزَّامِينَ ، وأنشد قولَ الجَعْدِيِّ في صِفَة الفَرس :
في مِرْفَقَيْهِ تَقَارُبٌ وَلَهُ |
بِرْكَةُ زَوْر كَجَبْأَةِ الخَزَمِ |
والمُخَزَّمُ : من نعتِ النَّعَامِ ـ قيل له : «مُخَزَّمٌ» لثَقْبٍ في مِنقارِه.
ومنه قوله :
وأَرْفَعُ صَوتِي للنَّعامِ المُخَزَّمِ
وخَزَمْتُ الكِتَابَ وغيره ـ إذا ثقبْته فهو مَخْزُومٌ.
أبو عبيد : الخَزُومةُ : البَقَرَةُ في لُغَة هُذَيْلٍ.
قال أبو ذَرَّةَ الهُذَلِيُّ :
إنْ يَنْتَسِبْ يُنْسَبْ إلى عِرْقٍ وَرِبْ |
أَهْلِ خَزُومَاتٍ وشَحَّاج صَخِبْ |
أبو عبيد ـ عن الفرَّاء ـ : خازَمْتُ الرّجل الطريقَ ، وهو أن تأخذَ في طريق ويأخذَ هو في غيره ، حتى تَلتقيا في مكانٍ واحد.
قال وهي الْمُخَاصَرَةُ ، والمُخَاصَرَةُ ـ أيضاً ـ أَخْذُ الرَّجُل بِيَد الرجل.
وقال غيرُه : المُخازَمة : المُعَارَضة في السَّير.
وقال : ابن فَسْوَةَ :
إذَا هُوَ نَحَّاهَا عَنِ القَصْدِ خَازَمَتْ |
به الجَوْرَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ ضُحَى الْغَدِ |
ذَكَرَ ناقته أن راكبها إذا جَار بها عن القَصْد ذهبَت به خلافَ الجَوْر كأنها تُبارِي الجَوْرَ حتى تَغْلِبَه فتأخذَ على القَصْد.
وأما قول الرَّاجز :
قَطَعْتُ ما خَازَمَ مِن مُزْوَرِّه