الباب الثّلاثون باب ما
يجرّ به في الاستثناء
[علّة إعراب «غير» إعراب الاسم بعد إلّا]
إن قال قائل : لم أعربت «غير» إعراب الاسم الواقع بعد «إلّا» دون «سوى وسواء»؟
قيل : لأنّ «غير» لمّا أقيمت ـ ههنا ـ مقام «إلّا» وكان ما بعدها مجرورا بالإضافة ، ولا بدّ لها في نفسها من إعراب ، أعربت إعراب الاسم الواقع بعد «إلّا» ليدلّ بذلك على ما كان يستحقّ الاسم الذي بعد «إلّا» من الإعراب ، ويبقى حكم الاستثناء ، وأمّا «سوى ، وسواء» فلزمهما النصب ؛ لأنّهما لا يكونان (إلّا ظرفين ، فلم يجز نقل الإعراب إليهما ، كما جاز في «غير» لأنّ ذلك يؤدّي إلى تمكّنهما ، وهما لا يكونان متمكّنين) (١) فلذلك ، لم يجز أن يعربا إعراب الاسم الواقع بعد «إلّا» وأمّا «حاشا» فاختلف النّحويّون فيها (٢) ؛ فذهب سيبويه ومن تابعه من البصريّين إلى أنّه حرف جرّ ، وليس بفعل ، والدّليل على ذلك : أنّه لو كان فعلا ؛ لجاز أن تدخل (٣) عليه «ما» كما / يجوز أن / (٤) تدخل على الأفعال ؛ فيقال : «ما حاشا زيدا» كما يقال : «ما خلا زيدا» فلمّا لم يقل ، دلّ على أنّه ليس بفعل ، فوجب أن يكون حرفا. وذهب الكوفيّون : إلى أنّه فعل ، ووافقهم أبو العبّاس المبرّد من البصريّين ، واستدلّوا على ذلك من ثلاثة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّه يتصرّف ، والتّصرّف من خصائص الأفعال ؛ قال النّابغة (٥) : [البسيط]
ولا أرى فاعلا في النّاس يشبهه |
|
وما أحاشي من الأقوام من أحد (٦) |
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (ط) في ذلك.
(٣) في (ط) يدخل.
(٤) زيادة من (س).
(٥) النّابغة : سبقت ترجمته.
(٦) المفردات الغريبة : ما أحاشي : ما أستثني.