٥١
مسألة
[القول في ندبة النكرة والأسماء الموصولة؟](١)
ذهب الكوفيّون إلى أنه يجوز ندبة النكرة والأسماء الموصولة ، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز ذلك.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه يجوز ندبة النكرة والأسماء الموصولة ، وذلك لأن الاسم النكرة يقرب من المعرفة بالإشارة نحو «واراكباه» فجازت ندبته كالمعرفة ، والأسماء الموصولة معارف بصلاتها كما أن الأسماء الأعلام معارف ، وكما يجوز ندبة الأسماء الأعلام نحو زيد وعمرو فكذلك يجوز ندبة ما يشبهها ويقرب منها ، والدليل على صحة هذا التعليل ما حكي عنهم من قولهم «وامن حفر بئر زمزماه» وما أشبه ذلك.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه لا يجوز ذلك لأن الاسم النكرة مبهم لا يخصّ واحدا بعينه ، والمقصود بالندبة أن يظهر النادب عذره في تفجّعه على المندوب ليساعد في تفجعه فيحصل التأسّي بذلك فيخف ما به من المصيبة ، وذلك إنما يحصل بندبة المعرفة ، لا بندبة النكرة ، وإذا كان ندبة النكرة ليس فيها فائدة وجب أن تكون غير جائزة ، وأما الأسماء الموصولة فإنها أيضا مبهمة ، فأشبهت النكرة ؛ فوجب أن لا تجوز ندبتها كالنكرة.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم «إن الإشارة قد قرّبت الاسم النكرة من المعرفة فجازت ندبته كالمعرفة» قلنا : إلا أنه باق على إبهامه ، والمندوب يجب [١٦٠] أن يندب بأعرف أسمائه ، وأما الأسماء الموصولة وإن كانت قد تخصصت بالصلة فإنها لا تخلو عن إبهام ؛ لأن تخصيصها إنما يحصل بالجمل ، والجمل في الأصل نكرات.
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : تصريح الشيخ خالد الأزهري (٢ / ٢٣٩) وشرح الأشموني بحاشية الصبان (٣ / ١٤٤) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١٨٧) وشرح الرضي على الكافية (١ / ١٤٤ وما بعدها).