تفسير القرآن العظيم - ج ٨

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم

تفسير القرآن العظيم - ج ٨

المؤلف:

عبد الرحمن بن محمّد ابن إدريس الرازي ابن أبي حاتم


المحقق: أسعد محمّد الطيّب
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٢

القرآن وعلومه تفسير القرآن

الإسلام علي من ناواهم فأنزل الله (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) إلى قوله : (عَذابَ الْحَرِيقِ) (١).

قوله تعالى : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ)

[١٣٨٢٠] عن سعيد بن جبير في قوله : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) من نحاس ، وليس من الآنية شيء إذا حمي اشتد بأحر منه. وفي قوله : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) قال : النحاس يذاب على رؤوسهم ، وفي قوله : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) قال : تسيل أمعاؤهم والجلود ، قال : تتناثر جلودهم حتى يقوم كل عضو بحياله.

[١٣٨٢١] عن إبراهيم التيمي ، أنه قرأ قوله : (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) قال : سبحان من قطع من النار ثيابا (٢).

قوله تعالى : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ)

[١٣٨٢٢] عن أبى هريرة أنه تلا هذه الآية فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن الحميم ليصب علي رؤوسهم فينفذ الجمجمة ، حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدمه وهو الصهر ، ثم يعاد كما كان».

[١٣٨٢٣] عن السدى قال : يأتيه الملك يحمل الإناء بكليتين من حرارته ، فإذا أدناه من وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفرغ دماغه ، ثم يفرغ الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه. فذلك قوله : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) (٣).

[١٣٨٢٤] عن سعيد بن جبير قال : إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود وجوههم ، فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها ، ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون (بِماءٍ كَالْمُهْلِ) وهو الذي قد سقطت عنه الجلود و (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ، ثم يضربون بمقامع من حديد فيسقط كل عضو علي حياله يدعون بالويل والثبور (٤).

[١٣٨٢٥] عن ابن عباس في قوله : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) قال :

__________________

(١) ـ (٢) الدر ٦ / ٢٠ ـ ٢١.

(٣) الدر ٦ / ٢٠ ـ ٢١.

(٤) الدر ٦ / ٢١ ـ ٢٢.

٤١

يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم. وفي قوله : (وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) قال : يضربون بها فيقع كل عضو على حياله (١).

[١٣٨٢٦] عن مجاهد في قوله : (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ) قال : يذاب إذابة (٢).

[١٣٨٢٧] عن عطاء الخراساني في قوله : (يُصْهَرُ بِهِ) قال : يذاب كما يذاب الشحم (٣).

قوله تعالى : (وَلَهُمْ مَقامِعُ) آية ٢١

[١٣٨٢٨] عن الضحاك في قوله : (وَلَهُمْ مَقامِعُ) قال : مطارق (٤).

[١٣٨٢٩] عن أبى سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لو ان مقمعا من حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ، ما ألقوه من الأرض ، ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان» (٥).

قوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها) آية ٢٢

[١٣٨٣٠] عن سلمان قال : النار سوداء مظلمة لا يضيئ لهبها ولا جمرها ، ثم قرأ (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها) (٦).

[١٣٨٣١] عن أبى جعفر القارئ ، أنه قرأ هذه الآية (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍ) فبكى وقال : أخبرني زيد بن أسلم في هذه الآية أن أهل النار في النار لا يتنفسون (٧).

[١٣٨٣٢] عن الفضيل بن عياش في الآية قال : والله ما طمعوا في الخروج ، لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة ، ولكن يرفعهم لهبها وتردهم مقامعها.

قوله تعالى : (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) آية ٢٣

[١٣٨٣٣] عن ابن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» قال ابن الزبير من قبل نفسه : ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة ، لأن الله تعالي قال : (وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٨).

__________________

(١) ـ (٧) الدر ٦ / ٢١ ـ ٢٢.

(٨) الدر ٦ / ٢٣ ـ ٢٤ ..

٤٢

قوله تعالى (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ) آية ٢٤

[١٣٨٣٤] عن ابن عباس في قوله : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ) قال : ألهموا (١).

[١٣٨٣٥] عن أبى العالية في قوله : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) قال : في الخصومة ، إذ قالوا : الله مولانا ولا مولى لكم (٢).

[١٣٨٥٦] عن إسماعيل بن أبى خالد (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) قال : الإخلاص (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ) قال : الإسلام (٣).

[١٣٨٥٧] عن ابن زيد في قوله : (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) قال : لا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي قال : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) (٤).

قوله تعالى : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) آية ٢٥

[١٣٨٥٨] عن ابن عباس في قوله : (سَواءً) يعني شرعا واحدا (الْعاكِفُ فِيهِ) قال : أهل مكة في مكة أيام الحج (وَالْبادِ) قال : من كان في غير أهلها من يعتكف به من الآفاق ، قال : هم في منازل مكة سواء ، فينبغي لأهل مكة ان يوسعوا لهم حتي يقضوا مناسكهم (٥).

[١٣٨٥٩] عن ابن عباس في الآية قال : البادي وأهل مكة سواء في المنزل والحرم (٦).

[١٣٨٦٠] عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) قال : «سواء المقيم والذي يرحل» (٧).

[١٣٨٦١] عن ابن عباس في قوله : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) قال : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام (٨).

قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ)

[١٣٨٦٢] عن ابن مسعود رفعه في قوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) قال : لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو بعدن أبين ، لأذاقه الله تعالى عذابا أليما (٩).

__________________

(١) ـ (٧) الدر ٦ / ٢٣ ـ ٢٤.

(٨) ـ (٩) الدر ٦ / ٢٦ ـ ٢٧.

٤٣

[١٣٨٦٣] عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين : أحدهما مهاجري والآخر من الأنصار فافتخروا في الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ، ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة فنزلت فيه (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) يعني من لجأ إلى الحرم (بِإِلْحادٍ) يعني بميل عن الإسلام (١).

[١٣٨٦٤] عن ابن عباس في قوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) قال : بشرك (٢).

[١٣٨٦٥] عن يعلي بن أمية ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه» (٣).

[١٣٨٦٦] عن ابن عمر قال : بيع الطعام بمكة إلحاد (٤).

[١٣٨٦٧] عن مجاهد قال : كان لعبد الله بن عمرو فسطاطان : أحدهما في الحل والآخر في الحرم ، فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم ، وإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الذي في الحل ، فقيل له ، فقال : كنا نحدث أن من الالحاد فيه أن يقول الرجل : كلا والله ويلي والله (٥).

[١٣٨٦٨] عن سعيد بن جبير في الآية قال : شتم الخادم في الحرم ظلم فما فوقه.

[١٣٨٦٩] عن ابن عباس قال : تجارة الأمير بمكة إلحاد (٦).

[١٣٨٧٠] عن الربيع بن أنس في قوله : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) قال : حدثنا شيخ من عقب المهاجرين والأنصار ، أنهم أخبروه أن أيما أحد أراد به ما أراد أصحاب الفيل ، عجل لهم العقوبة في الدنيا ، وقال : إنما يؤتي استحلاله من قبل أهله. فأخبرني عنهم أنه وجد سطران بمكة مكتوبان في المقام : أما أحدهما ، فكان كتابته : بسم الله والبركة ، وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر ، ومن دخله كان آمنا لا يحله إلا أهله. قال : لولا أن أهله هم الذين فعلوا به ما قد علمت لعجل لهم في الدنيا العذاب قال : ثم أخبرنى أن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال قبل أن يستحل منه الذي يستحل قال : أجد مكتوبا في الكتاب الاول : عبد الله يستحل به الحرم ، وعنده عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن الزبير

__________________

(١) ـ (٦) الدر ٦ / ٢٦ ـ ٢٧.

٤٤

فقال : عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال كل واحد منهما : لست قارا به إلا حاجا أو معتمرا أو حاجة لا بد منها وسكت عبد الله بن الزبير فلم يقل شيئا فاستحل من بعد ذلك (١).

[١٣٨٧١] عن ابن مسعود قال : من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها ، ولو أن رجلا كان بعد أن أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت ، والإلحاد فيه : أن يستحل فيه ما حرم الله عليه فمات قبل أن يصل إلى ذلك ، أذاقه الله من عذاب أليم (٢).

قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) آية ٢٦

[١٣٨٧٢] من طريق معمر عن قتادة قال : وضع الله البيت مع آدم حين اهبط الله آدم إلي الأرض ، وكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا ، فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله : «يا آدم ، إني قد أهبط لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي ، ويصلي عنده كما يصلى عند عرشي فاخرج إليه» فخرج إليه آدم ومدّ له في خطوة ، فكان بين كل خطوتين مفازة. فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك (٣).

وأتى آدم فطاف به ومن بعده من الأنبياء.

قال معمر : وأخبرنى أبان أن البيت أهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة. قال معمر : وبلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا ، حتى إذا أغرق الله قوم نوح فقد وأبقى أساسه ، فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك. فذلك قوله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) قال معمر : قال ابن جريج : قال ناس : أرسل الله سبحانه سحابة فيها رأس ، فقال الرأس : يا إبراهيم ، إن ربك يأمرك أن تأخذ قدر هذه السحابة ، فجعل ينظر إليها ويخط قدرها ، قال الرأس : قد فعلت؟ قال : نعم. ثم ارتفعت فأبرز عن أساس ثابت في الأرض. قال ابن جريج : قال مجاهد : أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم من الشام ، فقالت السكينة يا إبراهيم ، ريض على البيت قال : فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك من هذه الملوك ، إلا رزيت عليه السكينة والوقار (٤).

__________________

(١) الدر ٦ / ٢٨.

(٢) ـ (٣) الدر ٦ / ٢٨.

(٤) الدر ٦ / ٣٠

٤٥

[١٣٨٧٣] عن كعب الأحبار قال : كان البيت غثاة وهي الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عاما ، ومنه دحيت الأرض (١).

[١٣٨٧٤] عن السدى قال : إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل ، فانطلق إبراهيم حتى اتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت ، فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج ، لها جناحان ورأس في صورة حية ، فكنست لهما ما حول الكعبة من البيت الأول ، واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس. فذلك حين يقول الله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن ، قال إبراهيم لإسماعيل : اطلب لي حجرا حسنا أضعه هاهنا قال : يا أبت ، إني كسلان لغب قال : عليّ ذلك. فانطلق يطلب له حجرا فأتاه بحجر فلم يرضه فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا فانطلق يطلب حجرا فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الجنة ، وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الغثامة وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس ، فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنه الركن فقال : يا أبت من جاءك بهذا؟ قال : جاءني به من هو أنشط منك ، فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه ، فلما فرغا من البنيان أمره الله أن ينادي فقال : (أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) (٢).

[١٣٨٧٥] عن حوشب بن عقيل قال : سألت محمد بن عباد بن جعفر : متى كان البيت؟ قال : خلقت الأشهر له. قلت : كم كان طول بناء إبراهيم؟ قال : ثمانية عشر ذراعا. قلت : كم هو اليوم؟ قال : ستة وعشرون ذراعا قلت : هل بقي من حجارة بناء إبراهيم شيء؟ قال : حشي به البيت إلا حجرين مما يليان الحجر (٣).

قوله تعالى : (لِلطَّائِفِينَ)

[١٣٨٧٦] عن عطاء في قوله : (لِلطَّائِفِينَ) قال : الذين يطوفون به (وَالْقائِمِينَ) قال : المصلين عنده (٤).

[١٣٨٧٧] عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت قال : رب قد فرغت

__________________

(١) الدر ٦ / ٣٠.

(٢) ـ (٣) الدر ٦ / ٣٢ ـ ٣٣.

(٤) الدر ٦ / ٣٢ ـ ٢٣.

٤٦

فقال : (أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) قال : رب وما يبلغ صوتي؟ قال : أذن وعليّ البلاغ. قال : رب كيف أقول؟ قال : يا أيها الناس ، كتب عليكم الحج إلي البيت العتيق. فسمعه من بين السماء والأرض ، ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون.؟

[١٣٨٧٨] عن ابن عباس قال : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس فوضع إصبعيه في أذنيه ، ثم نادى : إن الله كتب عليكم الحج فأجيبوا ربكم. فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجل وأرحام النساء وأول من أجابه أهل اليمن. فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ (١).

قوله تعالى : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ)

[١٣٨٧٩] عن علي بن أبي طلحة ، أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن (أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) فقام على الحجر فقال : يا أيها الناس ، إن الله يأمركم بالحج ، فأجابه من كان مخلوقا في الأرض يومئذ ، ومن كان في أرحام النساء ، ومن كان في أصلاب الرجال ، ومن كان في البحور فقالوا : لبيك اللهم لبيك (٢).

[١٣٨٨٠] عن مجاهد قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج ، قام على المقام فنادى بصوت أسمع من بين المشرق والمغرب : يا أيها الناس أجيبوا ربكم (٣).

[١٣٨٨١] عن مجاهد قال : قال إبراهيم : كيف أقول؟ قال : قل : يا أيها الناس أجيبوا ربكم. فما خلق الله من جبل ولا شجر ولا شيء من المطيعين له ، إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك. فصارت التلبية.

[١٣٨٨٢] عن مجاهد قال : تطاول به المقام حتى كان أطول جبل في الأرض ، فأذن فيهم بالحج ، فأسمع من تحت البحور السبع ، وقالوا : لبيك أطعنا ، لبيك أجبنا. فكل من حج إلي يوم القيامة ممن استجاب له يومئذ (٤).

[١٣٨٨٣] عن ابن عباس قال : لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس تواضعت له الجبال ، ورفعت له الأرض فقام فقال : يا أيها الناس ، أجيبوا ربكم (٥).

[١٣٨٨٤] عن ابن عباس قال : صعد إبراهيم أبا قبيس فقال : الله أكبر الله أكبر

__________________

(١) الدر ٦ / ٣٢ ـ ٣٣.

(٢) ـ (٥) الدر ٦ / ٣٤ ـ ٣٥.

٤٧

أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد ان إبراهيم رسول الله. أيها الناس إن الله أمرني ان أنادي في الناس ، أجيبوا ربكم ، فأجابه من أخذ الله ميثاقه بالحج إلى يوم القيامة (١).

قوله تعالى : (يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) آية ٢٧

[١٣٨٨٥] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما آسي علي شيء فاتني ، إلا أني لم أحج ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالي يقول : (يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) فبدأ بالرجال قبل الركبان (٢).

[١٣٨٨٦] عن قتادة رضي الله عنه في قوله : (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) قال : ما تبلغه المطي حتى تضمر (٣).

قوله تعالي : (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)

[١٣٨٨٧] عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) قال : طريق بعيد (٤).

قوله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) آية ٢٨

[١٣٨٨٨] عن ابن عباس رضي الله عنهما (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال : أسواقا كانت لهم. ما ذكر الله منافع إلا الدنيا (٥).

[١٣٨٨٩] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال : منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة فأما منافع الآخرة ، فرضوان الله عز وجل ، وأما منافع الدنيا ، فما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات (٦).

قوله تعالى : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ)

[١٣٨٩٠] عن مقاتل رضي الله عنه في قوله : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) قال : فيما ينحرون من البدن (٧).

[١٣٨٩١] عن قتادة رضي الله عنه (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ) قال : كان يقال : إذا ذبحت نسيكتك فقل بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا منك ولك عن فلان ، ثم كل وأطعم كما أمرك الله : الجار والأقرب فالأقرب (٨).

__________________

(١) ـ (٢) الدر ٦ / ٣٤ ـ ٣٥.

(٣) ـ (٨) الدر ٦ / ٣٥ ـ ٣٦.

٤٨

[١٣٨٩٢] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأيام المعلومات ، أيام العشر (١).

[١٣٨٩٣] عن ابن عباس رض الله عنهما قال : الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده (٢).

[١٣٨٩٤] عن ابن عمر رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات والمعدودات ، هن جميعا اربعة ايام. فالمعلومات ، يوم النحر ويومان بعده. والمعدودات ، ثلاثة ايام بعد النحر (٣).

قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ)

[١٣٨٩٥] عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائح نسائكهم ، فأنزل الله (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ) فرخص للمسلمين ، فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل (٤).

[١٣٨٩٦] عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (فَكُلُوا مِنْها) أن ابن مسعود كان يقال للذي يبعث بهديه معه : كل ثلثا وتصدق بالثلث ، وأهد لآل عتبة ثلثا (٥).

[١٣٨٩٧] عن جابر بن عبد الله قال : نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل جزور بضعة ، فجعلت في قدر فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي من اللحم وحسوا من المرق. قال سفيان : لأن الله يقول : (فَكُلُوا مِنْها) (٦).

[١٣٨٩٨] عن عكرمة رضي الله عنه قال : (الْبائِسَ) المضطر الذي عليه البؤس و (الْفَقِيرَ) الضعيف (٧).

قوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) آية ٢٩

[١٣٨٩٩] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : التفث : قضاء النسك كله (٨).

[١٣٩٠٠] عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في التفث : حلق الرأس ، والأخذ من العارضين ، ونتف الإبط وحلق العانة ، والوقوف بعرفة ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، وقص الأظافر ، وقص الشارب والذبح (٩).

[١٣٩٠١] عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال

__________________

(١) ـ (٢) الدر ٦ / ٣٥ ـ ٣٦.

(٣) ـ (٩) الدر ٦ / ٣٨ ـ ٣٩.

٤٩

يعني بالتفث : وضع إحرامهم من حلق الرأس ، ولبس الثياب ، وقص الأظفار ونحو ذلك (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) قال : هو الحج.

[١٣٩٠٢] عن مجاهد رضي الله عنه قال : (لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) قال : حلق الرأس والعانة ونتف الإبط وقص الشارب والأظفار ، ورمي الجمار ، وقص اللحية (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) قال : الحج (١).

[١٣٩٠٣] عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (وَلْيَطَّوَّفُوا) قال : هو الطواف الواجب يوم النحر (٢).

[١٣٩٠٤] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : البيت العتيق ، لأنه أعتق من الجبابرة (٣).

[١٣٩٠٥] عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الجبابرة لم يذعه جبار قط. وفي لفظ : فليس في الأرض جبار يدعي أنه له.

[١٣٩٠٦] عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق ، لأنه لم يرده احد بسوء إلا هلك (٤).

[١٣٩٠٧] عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق ، لأنه أعتق من الغرق في زمان نوح (٥).

[١٣٩٠٨] عن الحسن رضي الله عنه قال : إنما سمي العتيق ، لأنه أول بيت وضع (٦).

[١٣٩٠٩] عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه (٧).

[١٣٩١٠] عن أبى جمرة قال : قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج؟ يقول الله : (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال : فإن آخر المناسك الطواف بالبيت (٨).

قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) آية ٣٠

[١٣٩١١] عن مجاهد في قوله : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ) قال : الحرمة الحج والعمرة وما نهى الله عنه من معاصيه كلها.

__________________

(١) ـ (٨) الدر ٦ / ٤٠ ـ ٤١.

٥٠

[١٣٩١٢] عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لن تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها يعني مكة فإذا ضيعوا ذلك هلكوا (١).

قوله تعالى : (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)

[١٣٩١٣] عن مجاهد (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) قال : الكذب (٢).

[١٣٩١٤] عن مقاتل (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) يعني الشرك بالكلام ، وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت ، فيقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك (٣).

قوله تعالى : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) آية ٣١

[١٣٩١٥] عن ابن عباس في قوله : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) قال : حجاجا لله غير مشركين به ، وذلك ان الجاهلية كانوا يحجون مشركين فلما أظهر الله الإسلام قال الله للمسلمين : حجوا الآن غير مشركين بالله (٤).

[١٣٩١٦] عن أبي بكر الصديق قال : كان الناس يحجون وهم مشركون فكانوا يسمونهم حنفاء الحجاج ، فنزلت (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) (٥).

[١٣٩١٧] عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق قال : كان ناس من مضر وغيرهم يحجون البيت وهم مشركون ، وكان من لا يحج البيت من المشركين يقولون : قولوا حنفاء ، فقال الله : (حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) يقول : حجاجا غير مشركين به (٦).

[١٣٩١٨] عن مجاهد (حُنَفاءَ) قال : متبعين (٧).

[١٣٩١٩] عن قتادة في قوله : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) قال هذا مثل ضربه الله لمن أشرك بالله في بعده من الهدى وهلاكه (٨).

[١٣٩٢٠] عن مجاهد في قوله : (فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) قل : بعيد (٩).

__________________

(١) الدر ٦ / ٤٤ ـ ٤٥.

(٢) ـ (٧) الدر ٦ / ٤٤ ـ ٤٥.

(٨) ـ (٩) الدر ٦ / ٤٦ ـ ٤٧.

٥١

قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) الآية ٣٢

[١٣٩٢١] عن ابن عباس في قوله : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ) الله : قال : البدن (١).

[١٣٩٢٢] عن ابن عباس في قوله : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) قال : الاستسمان والاستحسان والاستعظام. وفي قوله : (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : ظهورها وأوبارها وأشعارها وأصوافها ، إلى أن تسمى هديا. فإذا سميت هديا ذهبت المنافع (ثُمَّ مَحِلُّها) يقول : حين يسمى (إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (٢).

[١٣٩٢٣] عن الضحاك وعطاء في هذه الآية قال : المنافع فيها ، الركوب عليها إذا احتاج ، وفي أوبارها وألبانها ، والأجل المسمى : إلى أن تقلد فتصير بدنا (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قالا : إلى يوم النحر تنحر بمنى (٣).

[١٣٩٢٤] عن محمد بن موسى في قوله : (ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) قال : الوقوف بعرفة من شعائر الله ، والجمع من شعائر الله والبدن من شعائر الله ورمي الجمار من شعائر الله ، والحلق من شعائر الله فمن يعظمها (فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) قال : لكم في كل مشعر منها منافع الي ان تخرجوا منه إلى غيره (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) قال : محل هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت العتيق (٤).

قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) آية ٣٤

[١٣٩٢٥] عن ابن عباس في قوله : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) قال : عيدا (٥).

[١٣٩٢٦] عن مجاهد في قوله : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) قال : إهراق الدماء (٦).

[١٣٩٢٧] عن عكرمة (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) قال : ذبحاً (٧).

[١٣٩٢٨] عن زيد بن أسلم أنه قال في هذه الآية (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) إنه مكة ، لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها (٨).

__________________

(١) ـ (٦) الدر ٦ / ٤٦ ـ ٤٧.

(٧) ـ (٨) الدر ٦ / ٤٨ ـ ٤٩.

٥٢

[١٣٩٢٩] عن جابر بن عبد الله : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للناس يوم النحر ، فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه وقال : بسم الله والله أكبر اللهم ، هذا عني وعمن لم يضح من امتي» (١).

[١٣٩٣٠] عن جابر قال : «ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين في يوم عيد فقال حين وجهها : (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً) مسلما (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ... ، (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ). اللهم منك ولك وعن محمد وأمته. ثم سمى الله. وكبر وذبح.» (٢).

[١٣٩٣١] عن مقاتل (فَلَهُ أَسْلِمُوا) يقول : فله أخلصوا (٣).

[١٣٩٣٢] عن مجاهد في قوله : (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) قال : المخبتون ، الذين لا يظلمون الناس ، وإذا ظلموا لم ينتصروا (٤).

[١٣٩٣٣] عن الضحاك رضي الله عنه (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) قال : المتواضعين (٥).

[١٣٩٣٤] عن السدى رضي الله عنه (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) قال : الوجلين (٦).

قوله تعالى : (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) آية ٣٥

[١٣٩٣٥] عن مقاتل (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) عند ما يخوفون (وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ) من البلاء والمصيبات (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) يعني إقامتها بأداء ما استحفظهم الله فيها (٧).

قوله تعالى : (وَالْبُدْنَ) آية ٣٦

[١٣٩٣٦] عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ، ذات الخف (٨).

[١٣٩٣٧] عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ذات البدن من الإبل والبقر (٩).

[١٣٩٣٨] عن مجاهد رضي الله عنه قال : ليس البدن إلا من الإبل (١٠).

__________________

(١) ـ (٧) الدر ٦ / ٤٨ ـ ٤٩.

(٨) ـ (١٠) الدر ٦ / ٤٩ ـ ٥٠.

٥٣

[١٣٩٣٩] عن عبد الكريم قال : اختلف عطاء والحكم فقال عطاء : البدن من الإبل والبقر وقال الحكم : من الإبل (١).

[١٣٩٤٠] عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سميت البدن من قبل السمانة (٢).

قوله تعالى : (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ)

[١٣٩٤١] عن إبراهيم في قوله : (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) قال : هي البدنة ، إن احتاج إلى ظهر ركب ، أو إلى لبن شرب (٣).

[١٣٩٤٢] عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) قال : لكم أجر ومنافع للبدن (٤).

[١٣٩٤٣] عن مالك بن أنس قال : حج سعيد بن المسيب ، وحج معه ابن حرملة فاشترى سعيد كبشا فضحى به ، واشترى ابن حرملة بدنة بستة دنانير ، فنحرها فقال له سعيد : أما كان لك فينا أسوة؟ فقال : إني سمعت الله يقول (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ، لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) فأحببت أن آخذ الخير من حيث دلني الله عليه ، فأعجب ذلك ابن المسيب منه! وجعل يحدث بها عنه (٥).

قوله تعالى : (صَوافَ)

[١٣٩٤٤] عن ابى ظبيان قال : سألت ابن عباس ، عن قوله : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ) قال : إذا أردت أن تنحر البدنة ، فأقمها علي ثلاث قوائم معقولة ، ثم قل : بسم الله والله أكبر ، اللهم منك ولك (٦).

[١٣٩٤٥] عن ابن مر : أنه نحر بدنة وهي قائمة معقولة إحدى يديها وقال : (صَوافَ) كما قال الله عز وجل.

[١٣٩٤٦] عن الحسن أنه كان يقرأها صواف قال : خالصة لله تعالى قال : كانوا يذبحونها لأصنامهم (٧).

[١٣٩٤٧] عن زيد بن أسلم أنه قرأ فاذكروا اسم الله عليها صوافي بالياء

__________________

(١) ـ (٦) الدر ٦ / ٤٩ ـ ٥٠.

(٧) الدر ٦ / ٥٣ ـ ٥٤.

٥٤

منتصبة. وقال : خالصة لله من الشرك لأنهم كانوا يشركون في الجاهلية إذا نحروها (١).

[١٣٩٤٨] عن ابن عباس (فَإِذا وَجَبَتْ) قال : سقطت على جنبها (٢).

[١٣٩٤٩] عن ابن عباس (فَإِذا وَجَبَتْ) قال : نحرت (٣).

قوله تعالى : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)

[١٣٩٥٠] عن ابن عمر أنه كان يطعم من بدنه قبل أن يأكل منها ويقول : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا) هما سواء (٤).

[١٣٩٥١] عن ابن عباس قال : القانع المتعفف ، والمعتر السائل (٥).

[١٣٩٥٢] عن ابن عباس قال : القانع الذي يجلس في بيته (٦).

[١٣٩٥٣] عن ابن عباس ، القانع الذي يقنع بما أوتي ، والمعتر الذي يعترض (٧).

[١٣٩٥٤] عن سعيد بن جبير قال : القانع أهل مكة. والمعتر سائر الناس (٨).

قوله تعالى : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها) آية ٣٧

[١٣٩٥٥] عن ابن جريج قال : كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها. فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : فنحن أحق أن ننضح ، فأنزل الله (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها) (٩).

[١٣٩٥٦] عن مقاتل بن حيان (لَنْ يَنالَ اللهَ) قال : لن يرفع إلى الله (لُحُومُها وَلا دِماؤُها) ولكن نحر البدن من تقوى الله وطاعته. يقول : يرفع إلى الله منكم : الأعمال الصالحة والتقوى (١٠).

[١٣٩٥٧] عن إبراهيم (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) قال : على ذبحها في تلك الأيام (١١).

قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ ، عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) آية ٣٨

[١٣٩٥٨] عن قتادة رضي الله ، عنه في قوله : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ ، عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) قال : والله ما يضيع الله رجلا قط حفظ له دينه (١٢).

__________________

(١) ـ (١٠) الدر ٦ / ٥٣ ـ ٥٤.

(١١) ـ (١٢) الدر ٦ / ٥٦ ـ ٥٧.

٥٥

[١٣٩٥٩] عن سفيان في قوله : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُ) قال : لا يقرب (١).

[١٣٩٦٠] عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن (كَفُورٍ) يعني به الكفار (٢).

قوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)

[١٣٩٦١] عن ابن عباس قال : لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم ، (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) ، ليهلكن القوم! فنزلت (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية. وكان ابن عباس يقرأها أذن قال أبو بكر : فعلمت أنه سيكون قتال. قال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال (٣).

[١٣٩٦٢] عن مجاهد قال : خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة الى المدينة ، فاتبعهم كفار قريش فأذن لهم في قتالهم فأنزل الله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية. فقاتلوهم (٤).

[١٣٩٦٣] عن عروة بن الزبير أن أول آية أنزلت في القتال حين ابتلى المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم ليفتنوهم ، عن الإسلام ، وأخرجوهم من ديارهم وتظاهروا عليهم فأنزل الله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) الآية وذلك حين أذن لرسوله بالخروج ، وأذن لهم بالقتال (٥).

[١٣٩٦٤] عن ابن زيد في قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) قال : أذن لهم في قتالهم ، بعد ما عفى ، عنهم عشر سنين (٦).

[١٣٩٦٥] عن سعيد بن جبير في قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) قال : النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) يعني ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم من ديارهم (٧).

قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) آية ٤٠

[١٣٩٦٦] عن ابن عباس (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) أي من مكة إلى المدينة (بِغَيْرِ حَقٍ) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وأصحابه (٨).

[١٣٩٦٧] عن عثمان بن عفان قال : فينا نزلت هذه الآية (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ

__________________

(١) ـ (٦) الدر ٦ / ٥٦ ـ ٥٧.

(٧) ـ (٨) الدر ٦ / ٥٨ ـ ٥٩.

٥٦

دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍ) والآية بعدها ، أخرجنا من ديارنا بغير حق ثم مكنا في الأرض فأقمنا الصلاة ، وآتينا الزكاة ، وأمرنا بالمعروف ونهينا ، عن المنكر ، فهي لي ولأصحابي (١).

[١٣٩٦٨] عن ثابت بن عوسجة الخضيري قال : حدثني سبعة وعشرون من أصحاب علي وعبد الله منهم لاحق بن الأقمر ، والعيزار بن جرول ، وعطية القرظي أن عليا قال : إنما نزلت هذه الآية في أصحاب محمد (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) قال : لولا دفع الله بأصحاب محمد ، عن التابعين ، (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) (٢).

[١٣٩٦٩] عن مجاهد في الآية قال : منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق ، وفيما يكون مثل هذا يقول : لولا هذا لهلكت هذه الصوامع وما ذكر معها (٣).

[١٣٩٧٠] عن ابن عباس في قوله : (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) قال : الصوامع التي تكون فيها الرهبان ، والبيع مساجد اليهود ، وصلوات كنائس النصارى ، والمساجد مساجد المسلمين (٤).

[١٣٩٧١] عن الضحاك قال : صلوات كنائس اليهود ، يسمون الكنيسة صلاة (٥).

[١٣٩٧٢] عن عاصم الجحدري أنه قرأ : وصلوات قال : الصلوات دون الصوامع. قال : وكيف تهدم الصلاة!.

[١٣٩٧٣] عن أبي العالية في الآية قال : صوامع الرهبان ، وبيع النصارى ، وصلوات مسجد الصابئين : يسمونها بصلوات (٦).

[١٣٩٧٤] عن قتادة في قوله : (صَوامِعُ) قال : هي للصابئين ، وبيع للنصارى ، وصلوات كنائس اليهود ، ومساجد للمسلمين (٧).

[١٣٩٧٥] عن ابن زيد في قوله : (وَصَلَواتٌ) صلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدو تنقطع العبادة من المساجد (٨).

[١٣٩٧٦] عن الضحاك في قوله : (يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً) يعني في كل مما ذكر من الصوامع والصلوات والمساجد يقول : في كل هذا يذكر اسم الله ولم يخص المساجد (٩).

__________________

(١) ـ (٥) الدر ٦ / ٥٨ ـ ٥٩.

(٦) ـ (٩) الدر ٦ / ٦٠.

٥٧

قوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) آية ٤١

[١٣٩٧٧] عن أبي العالية في قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال : أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم (١).

[١٣٩٧٨] عن محمد بن كعب (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال : هم الولاة (٢).

[١٣٩٧٩] عن زيد بن أسلم في قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال : أرض المدينة (أَقامُوا الصَّلاةَ) قال : المكتوبة (وَآتَوُا الزَّكاةَ) قال : المفروضة (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ) بلا إله إلا الله : (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) قال : الشرك بالله : (وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) قال : وعند الله ثواب ما صنعوا (٣).

[١٣٩٨٠] عن أبي العالية في الآية قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلي الله وحده وعبادته لا شريك له ، وكان نهيهم أنهم نهوا ، عن عبادة الشيطان وعبادة الأوثان.

[١٣٩٨١] عن قتادة في قوله : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ) قال : هذا شرط الله علي هذه الأمة (٤).

قوله تعالى : (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) (٥) أية ٤٥

[١٣٩٨٢] عن ابن عباس رضي الله ، عنهما (وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) قال : هو المجصص.

قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٦) آية ٤٦

[١٣٩٨٣] عن قتادة في قوله : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) قال : ما هذه الأبصار التي في الرؤوس فإنها جعلها الله منفعة وبلغة ، وأما البصر النافع فهو في القلب. ذكر لنا أنها نزلت في عبد الله بن زائدة يعني ابن أم مكتوم (٧).

__________________

(١) ـ (٣) الدر ٦ / ٦٠.

(٤) ـ (٧) الدر ٦ / ٦٠ ـ ٦١.

٥٨

قوله تعالى : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ

وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١) الآيات ٤٧ ـ ٤٨

[١٣٩٨٤] عن قتادة في قوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) قال : قال ناس من جهلة هذه الأمة : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ ، عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٢).

[١٣٩٨٥] عن ابن عباس في قوله : (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) قال : من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض (٣).

[١٣٩٨٦] عن إبراهيم قال : ما طول ذلك اليوم على المؤمن ، إلا كما بين الأولى والعصر (٤).

[١٣٩٨٧] عن ابن عباس قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة ، فقد مضى منها ستة آلاف.

[١٣٩٨٨] عن محمد بن سيرين ، عن رجل من أهل الكتاب أسلم قال : إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام ، (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وجعل أجل الدنيا ستة أيام وجعل الساعة في اليوم السابع ، فقد مضت الستة الأيام ، وأنتم في اليوم السابع ، فمثل ذلك مثل الحامل إذا دخلت في شهرها ، ففي أية ساعة ولدت كان تماما (٥).

[١٣٩٨٩] عن صفوان بن سليم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الأغنياء من المسلمين بنصف يوم. قيل : وما نصف اليوم؟ قال : خمسمائة عام» وتلا (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٦).

قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * فَالَّذِينَ آمَنُوا

وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ * وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) الآيات ٤٩ ـ ٥٠ ـ ٥١

[١٣٩٩٠] عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا سمعت الله يقول : (رِزْقٌ

__________________

(١) ـ (٤) الدر ٦ / ٦٠ ـ ٦١.

(٥) ـ (٦) الدر ٦ / ٣٦.

٥٩

كَرِيمٌ) فهي الجنة (١).

[١٣٩٩١] عن ابن عباس رضي الله ، عنهما في قوله : (مُعاجِزِينَ) قال : مراغمين (٢).

[١٣٩٩٢] عن ابن الزبير أنه كان يقرأ والذين سعوا في آياتنا معجزين يعني مثبطين (٣).

[١٣٩٩٣] عن عروة بن الزبير أنه كان يعجب من الذين يقرءون هذه الآية (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) قال : ليس معاجزين من كلام العرب ، إنما هي معجزين يعني مثبطين (٤).

[١٣٩٩٤] عن مجاهد رضي الله ، عنه (فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) قال : مبطّئين ، يبطئون الناس ، عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

[١٣٩٩٥] عن قتادة رضي الله ، عنه (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) قال : كذبوا بآيات الله وظنوا أنهم يعجزون الله ، ولن يعجزوه (٥).

قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍ) آية ٥٢

[١٣٩٩٦] عن سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : إن فيما أنزل الله : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث فنسخت محدث والمحدثون : صاحب يس ولقمان وهو من آل فرعون ، وصاحب موسى (٦).

[١٣٩٩٧] عن مجاهد رضي الله ، عنه قال : النبي وحده الذي يكلم وينزل عليه ولا يرسل (٧).

[١٣٩٩٨] عن سعيد بن جبير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة النجم ، فلما بلغ هذا لموضع (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجي. قالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم ، فسجد وسجدوا ثم جاءه جبريل بعد ذلك قال : اعرض عليّ ما جئتك به ، فلما بلغ : تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجي ، قال له جبريل : لم آتك

__________________

(١) ـ (٣) الدر ٦ / ٣٦.

(٤) الدر ٦ / ٦٣.

(٥) ـ (٧) الدر ٦ / ٦٥.

٦٠