مثير الأحزان

مدرسة الإمام المهدي « عج »

مثير الأحزان

المؤلف:

مدرسة الإمام المهدي « عج »


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مدرسة الامام المهدي « عج »
المطبعة: مطبعة أمير
الطبعة: ٣
الصفحات: ١٢٦

الكوفة وقد ابتلى به زمانك من بين الازمان وبلدك من بين البلدان وابتليت به من بين العمال وعندها تعتق أو تعود عبدا كما تعبد العبيد (١).

[نصيحة عبدالله بن عمر للحسين (ع)]

وعن الشعبى عن عبد الله بن عمر انه كان بماء له فبلغه ان الحسين (ع) قد توجه الى العراق فجاء إليه واشار عليه بالطاعة والانقياد وحذره من مشاققة اهل العناد فقال يا عبد الله اما علمت ان من هوان الدنيا على الله ان راس يحيى بن زكريا (ع) اهدى الى بغى من بغايا بني اسرائيل اما تعلم ان بني اسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس سبعين نبيا ثم يبيعون ويشترون كان لم يصنعوا شيئا فلم يعجل الله عليهم بل اخذهم بعد ذلك اخذ عزيز مقتدر ذى انتقام ثم قال له اتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعن نصرتي (٢).

[خطبة الامام أثناء توجهه الى العراق]

ثم قام خطيبا فقال الحمد لله وما شاء الله ولا قوه إلا بالله خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما اولهنى الى اسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف وخير لي مصرع انا لاقيه كأني وأوصالي يتقطعها عسلان (٣) الفلوات بين النواويس وكربلاء فيملان منى اكراشا جوفا واجربة سغبا (٤) لا محيص عن يوم خط بالقلم رضى الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين لن تشذ على رسول الله لحمته (٥) وهي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه وينجز بهم وعده من كان باذلا فينا مهجته وموطنا على لقاء الله نفسه فليرحل فانى راحل مصبحا ان شاء الله (٦).

__________________

١ ـ عنه البحار : ٤٤ / ٣٦٠.

٢ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٤ / ٣٦٤ عن اللهوف : ص ١٤.

٣ ـ ذئاب.

٤ ـ جياع.

٥ ـ قرابته.

٦ ـ أخرجته في البحار : ٤٤ / ٣٦٦ عن اللهوف ص ٢٥ وأورده في كشف الغمة : ٢ / ٢٩.

٤١

ثم اقبل الحسين حتى مر بالتنعيم فلقى ابلا عليها هدية مع بحير بن ريسان (١) الحميرى الى يزيد بن معاوية وكان عامله على اليمن وعليها الورس والحلل فاخذها الحسين (ع) وقال لاصحاب الابل من احب ان ينطلق منكم معنا الى العراق وفيناه كراه واحسنا صحبته ومن احب ان يفارقنا من مكاننا هذا اعطيناه من الكراء بقدر ما قطع من الطريق فمضى قوم وامتنع آخرون.

[لقاء الحسين (ع) مع بشر بن غالب]

ثم سار (ع) حتى بلغ الى وادى العقيق ذات عرق فراى رجلا من بني اسد اسمه بشر بن غالب فسأله عن أهل الكوفة فقال القلوب معك والسيوف مع بني امية قال صدقت يا اخا بني اسد (٢).

فلما بلغ عبيد الله اقبال الحسين (ع) من مكة الى الكوفة بعث الحصين بن تميم [صاحب] (٣) شرطته حتى نزل القادسية ونظم الخيل بين القادسية الى خفان (٤) وما بين القطقطانية الى القلع (٥).

[الامام يبعث رسولا الى اهل الكوفة]

ولما بلغ الحسين ع الحاجز من بطن الرملة بعث قيس بن مسهر الصيداوي الى الكوفة وكتب معه بسم الرحمن الرحيم من الحسين الى اخوانه المؤمنين

__________________

١ ـ في نسختي الاصل : (ويسار) وما اثبتناه من البحار.

٢ ـ عنه : ٤٤ / ٣٦٧ ، وعن اللهوف : ٢٩. وأورده في الكامل في التاريخ : ٤ / ص ٤٠.

٣ ـ من النسخة الحجرية.

٤ ـ في نسختي الاصل : الخفان ، وخفان : موضع قرب الكوفة يسلكه الحاج أحياناً وهو مأسدة. راجع معجم البلدان : ٢ ص ٣٧٩.

٥ ـ في النسخة الحجرية خ ل : القطقطانية الى القادسية ، وفي النسخة النجفية : القطقطانية الى القلع ، والقطقطانية بالضم والسكون : موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف ، راجع معجم البلدان : ٤ / ٣٧٤.

٤٢

سلام عليكم فانى أحمد اليكم الله الذي لا اله هو أما بعد فإن كتاب مسلم بن عقيل جاءني يخبرني بحسن رايكم واجتماع ملاكم على نصرتنا والطلب بحقنا

فسالت الله ان يحسن لنا الصنيع وان يثيبكم ذلك اعظم الاجر وقد شخصت اليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذى الحجة يوم التروية فإذا قدم عليكم رسولي فالتموا امركم وجدوا فانى قادم عليكم في ايامي هذه شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فاقبل قيس بن مسهر الصيداوي حتى انتهى الى القادسية فاخذه الحصين بن نمير (١) وبعث به الى عبيد الله بن زياد فاخرج الكتاب ومزقه فلما حضر بين يدى عبيد الله قال من أنت قال رجل من شيعة أمير المؤمنين (ع) قال فلماذا مزقت الكتاب قال لئلا تعلم ما فيه قال ممن الكتاب والى من قال من الحسين (ع) الى قوم من أهل الكوفة لا اعرف اسمائهم فغضب ابن زياد قال اصعد فسب الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي بن أبي طالب.

[احضار مبعوث الحسين بين يدي ابن زياد وسبه له]

فصعد قيس القصر فحمد الله واثنى عليه وقال ايها ان هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وانا رسوله [اليكم] (٢) وقد فارقته الحاجز فاجيبوه ثم لعن عبيد الله بن زياد واباه واستغفر لعلي بن أبي طالب.

فامر عبيد الله فالقي من فوق القصر فمات (٣).

[لقاء الامام (ع) مع جماعة من اهل الكوفة]

فبيت الحسين (ع) في الطريق إذ طلع عليه ركب اقبلوا من الكوفة فإذا فيهم

__________________

١ ـ في نسختي الاصل : تميم ، وفي احديهما خ ل : نمير.

٢ ـ من النسخة الحجرية.

٣ ـ اخرج صدره في البحار : ٤٤ / ٣٦٩ عن ارشاد المفيد : ٢٤٤ وذيله ص ٣٧٠ عن اللهوف : ص ٣١.

٤ ـ في نسختي الاصل : فبيت ، فبينا / خ ل.

٤٣

هلال بن نافع الجملي وعمرو بن خالد فسألهم عن خبر الناس فقالوا أما والله الشرف (١) فقد استمالهم ابن زياد بالاموال فهم عليك وأما سائر الناس فافئدتهم لك وسيوفهم مشهورة عليك.

قال فلكم علم برسولي قيس بن مسهر قالوا نعم قتله ابن زياد فاسترجع واستعبر باكيا وقال جعل الله له الجنة ثوابا اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلا كريما انك على كل شئ قدير (٢).

[خطبة الحسين (ع) «بذي حسم»]

قال عتبه بن أبي العبران ثم قام الحسين (ع) خطيبا بذى حسم اسم موضع وقال انه قد نزل بنا من الامر ما ترون وان الدنيا قد تحيزت وتنكرت وادبر معروفها واستمرت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل الا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله محقا فانى لا ارى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما (٣).

[كلامه (ع) في الثعلبية]

ثم سار (ع) حتى وصل الثعلبية نصف النهار فرقد واستيقظ فقال قد رايت هاتفا يقول انتم تسرعون والمنايا تسرع بكم الى الجنة.

فقال له ابنه علي يا ابه افلسنا على الحق قال بلى يا بني والذي إليه مرجع العباد فقال اذن لا نبالي بالموت (٤).

ورويت ان عبد الملك بن عمير قال كتب عمرو بن سعيد وهو والى المدينة بامر الحسين (ع) الى يزيد فلما قرا الكتاب تمثل بهذا البيت :

__________________

١ ـ في النسخة النجفية : الاشرف ، والشرف محركة جمع شريف والمراد هنا : أعيان أهل الكوفة.

٢ ـ البحار : ٤٤ / ٣٧٤ ذيله عن اللهوف ص ٣٢.

٣ ـ أخرج نحوه في البحار : ٤٤ / ١٩٢ عن حلية الاولياء : ٢ / ٣٩.

٤ ـ أخرجه في اللهوف : ص ٢٩ مع اختلاف يسير.

٤٤

فإن لا تزر قبر (١) العدو وتاته

يزرك عدو أو يلومنك كاشح (٢)

ولما ورد خبر مسلم وهاني ارتج الموضع بالنوح والعويل وسالت العزوب بالدموع الهمول (٣).

ونقلت من كتاب احداق العيون في اعلاق الفنون انه قال هذه الابيات وتروى لعلي (ع) :

لئن (٤) كانت الدنيا تعد نفيسة

فإن ثواب الله اعلى وانبل

وان (٥) كانت الابدان للقتل (٦) انشئت

فموت الفتى في الله اولى وافضل (٧)

وان كانت الارزاق قسما مقدرا

فقلة حرص المرء في الكسب اجمل

وان كانت الاموال للترك جمعها

فما بال متروك به المرء (٨) يبخل (٩)

ثم اراد عليه السلام الرجوع حزنا وجزعا لفقد احبته والمضى الى بلدته ثم ثاب إليه رأيه الاول وقال على ما كنت عليه المعول وقال متمثلا :

سامضى وما بالموت عار على الفتى

إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبورا وخالف مجرما

فإن مت لم اندم وان عشت لم الم

كفى بك موتا ان تذل وترغما (١٠)

__________________

١ ـ في النسخة الحجرية خ : (أرض).

٢ ـ في النسخة الحجرية خ : [وكاشح : أي كشح له بالعداوة : أضمرها له].

٣ ـ أورد نحوه في اللهوف : ص ٣٠.

٤ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (فان).

٥ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (تكن).

٦ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (للموت).

٧ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (فقتل امريء بالسيف في الله أفضل).

٨ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (الحر).

٩ ـ أخرجه في البحار : ٤٤ / ٣٧٤ عن اللهوف : ص ٣١.

١٠ ـ اخرج ذيله في البحار : ٤٤ / ١٩٢ عن المناقب لابن شهر آشوب : ٣ / ٢٤٤.

٤٥

[المحاورة بين الحسين وابوهريرة الاسدي]

ولقيه أبو هرة الاسدي فسلم عليه ثم قال يا ابن رسول الله ما الذي اخرجك عن حرم جدك محمد صلى الله عليه وآله فقال عليه السلام ويحك يا أبا هرة ان بني امية اخذوا مالي وشتموا عرضى فصبرت وطلبوا دمى فهربت وايم الله لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنهم الله ذلا شاملا وسيفا قاطعا وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا اذل من قوم سبا إذ ملكتهم امراة فحكمت في اموالهم ودمائهم (١).

[دعوة الحسين زهير بن القين وقبوله]

قال جماعة من فزارة وبجيلة كنا مع زهير بن القين نساير الحسين عليه السلام ناحية فنزلنا منزلا لا نجد بدا من ان ننازله فيه فبينما نحن نتغدى من طعام لنا إذ اقبل رسول الحسين (ع) حتى سلم وقال يا زهير بن القين ان أبا عبد الله بعثنى اليك لتاتيه فطرح كل انسان ما في يده حتى كانما على رؤوسنا الطير.

فقالت له زوجته ديلم بنت عمرو سبحان الله يبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه فلو اتيته وسمعت من كلامه.

فمضى إليه وما لبث ان جاء مستبشرا قد اشرق وجهه فامر بفسطاطه فقوض وثقله ومتاعه فحول الى الحسين (ع).

وقال لامراته أنت طالق فانى لا احب ان يصيبك بسببي الا خيرا وقد عزمت على صحبة الحسين لافديه بروحى واقيه بنفسى ثم اعطاها مالها وسلمها الى من يوصلها (الى اهلها) (٢).

فقامت إليه وبكت وودعته وقالت خارا (٣) الله لك اسالك ان تذكرني في

__________________

١ ـ عنه البحار : ٤٤ / ٣٦٨ وعن اللهوف : ٢٩.

٢ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (بعض بني عمها ليوصلها).

٣ ـ أي : جعل لك فيه خيراً.

٤٦

القيامة عند جد الحسين (ع) (١).

[ذكر زهير بن القين قصة سلمان]

ثم قال لاصحابه من احب منكم ان يصحبني وإلا فهو آخر العهد به اني سأحدثكم حديثا غزونا بالبحر (٢) ففتح الله علينا واصبنا غنائم فقال لنا سلمان رضى الله عنه فرحتم بما فتح الله عليكم واصبتم من الغنائم قلنا نعم قال إذا ادركتم قتال شباب آل محمد فكونوا اشد فرحا بقتالكم معهم مما اصبتم اليوم من الغنائم.

وأما انا فانى استودعكم الله ثم مشى الى الحسين (ع) فسار (٣) معه.

[رسالة الحر مع الف فارس الى الحسين (ع)]

وأما عبيد الله بن زياد فانه ارسل الحر بن يزيد الرياحي ومعه الف فارس فكان الحر يساير الحسين ولا تعرض له فنزل (ع) قصر أبي مقاتل (٤).

[منام الحسين (ع) بعد ارتحاله من قصر أبي مقاتل]

قال جابر بن عقبه بن سمعان ارتحلنا من قصر أبي مقاتل (٥) وقد اخذ الحسين (ع) طريق عذيب الهجانات فخفق براسه ثم انتبه يسترجع فسألته؟

فقال رايت في المنام آنفا يعنى الان فارسا يسايرنا وهو يقول القوم يسيرون والمنايا تسير معهم (٦).

__________________

١ ـ اخرج صدره في البحار : ٤٤ / ٣٧١ عن ارشاد المفيد ص ٢٤٦ واورده كاملا في اللهوف ص ٣٠.

٢ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (بلنجر).

٣ ـ اخرجه في البحار : ٤٤ / ٣٢٧ عن ارشاد المفيد : ٢٤٦.

٤ و ٥ ـ في معجم البلدان ٤ / ٣٦٤ ، ومراصد الاطلاع ٣ / ١١٠٠ : (قصر مقاتل) وفي الكامل وارشاد المفيد : قصر بني مقاتل.

٦ ـ اخرج نحوه في الكامل في التاريخ : ٤ / ٥١.

٤٧

[الحر وهو بجانب الحسين]

ثم ان الحر اخذ يسير يدى الحسين (ع) ويقول :

يا ناقتي لا تذعري من زجري

وشمري قبل طلوع الفجر

بخير ركبان وخير سفر

حتى تجلى بكريم النجر

بماجد الجد رحيب الصدر

اثابه الله بخير أمر (١)

وإذا بفسطاط مضروب فقال (ع) لمن هذا الفسطاط قيل لعبيد الله بن الحر الجعفي.

[دعوة الحسين (ع) لعبيدالله بن الحر]

حدث المجالد بن سعيد عن عامر الشعبى ان الحسين عليه السلام قال ادعوه لي.

فاتاه الرسول فقال هذا الحسين يدعوك فقال عبيد انا لله وانا إليه راجعون والله ما خرجت من الكوفة إلا كراهية ان يدخلها الحسين وانا والله اريد ان لا اراه ولا يرانى فاتى الرسول فاخبره.

فقام الحسين ع حتى دخل عليه ودعاه الى الخروج معه فاعاد عليه ابن الحر مقالته قال فان لا تنصرنا فاتق الله ان تكون ممن يقاتلنا فو الله لا سمع واعيتنا (٢) احد ثم لا ينصرنا إلا هلك فقال ابن الحر أما هذا فلا يكون ابدا (٣).

[کتاب ابن زياد الى الحر]

قال جابر بن عبد الله بن سمعان ومضينا حتى إذا قربنا من نينوى وإذا رجل من كندة اسمه مالك ابن بشير معه كتاب من عبيد الله بن زياد الى الحر ان جعجع (٤) بالحسين ولا تنزله إلا بالعراء في غير خصب ولا نهر».

__________________

١ ـ الابيات مشهورة للطرماح وقد تمثل بها الحر ، كما في تاريخ الطبري ٤ / ٣٠٥ ومقتل أبي مخنف ص ٤٥ وارشاد المفيد ص ٢٥١.

٢ ـ صوتنا.

٣ ـ أخرجه في البحار : ٤٤ / ٣٧٩ عن ارشاد المفيد ص ٢٥١.

٤ ـ طالبه وضيق عليه.

٤٨

فقرأ الكتاب (١).

[نزول الحسين (ع) في كربلاء]

واخذ حسينا بالنزول فسأله عليه السلام عن الأرض قيل كربلاء فقال ارض كرب وبلاء وكان اليوم الثاني من المحرم فقال انزلوا ها هنا محط ركابنا وسفك دمائناك فنزلوا واقاموا بها وجلس الحسين (ع) يصلح سيفه ويقول :

يا دهر اف لك من خليل

كم لك بالاشراق والاصيل

من طالب وصاحب قتيل

والدهر لا يقنع بالبديل

وكل حى سالك سبيل

ما اقرب الوعد من الرحيل

وإنما الامر الى الجليل

[حوار زينب مع الحسين (ع)]

فلما سمعت زينب ايراده للابيات وان قولهم هذا يدل على رميهم بسهم الشتات فلم تملك نفسها ان وثبت تجر ذيلها وانها لحاسرة حتى انتهت إليه فقالت هذا كلام من ايقن بالقتل واثكلاه ليت الموت اعدمني الحياة اليوم ماتت امى فاطمة وأبي علي واخى الحسن يا خليفة الماضين وثمال (٢) الباقين.

فقال عليه السلام يا اختاه لا يذهبن حلمك الشيطان تعزي بعزاء الله فإن أهل السموات والأرض يموتون وكل شئ هالك إلا وجهه أبي خير مني واخى خير مني ولكل مسلم برسول الله صلى الله عليه واله اسوة ولطم النساء الخدود وشققن الجيوب (٣) فترقرقت عيناه بالدموع وقال لو ترك القطا (لغفا ونام) (٤) ليلا لنام (٥).

__________________

١ ـ أخرجه في البحار : ٤٤ / ٣٨٠ عن ارشاد المفيد ص ٢٥٢.

٢ ـ غياث ، رجاه.

٣ ـ الجيوب : مدخل الرأس من القميص وشبهه.

٤ ـ أثبتناه من الاصل وهو اشتباه، وعدمه أصح ، راجع مجمع الامثال : ٢ / ١٧٤.

٥ ـ البحار : ٤٥ / ١ ، عن ارشاد المفيد ص ٢٥٩.

٤٩

المقصد الثاني

[في وصف موقف النزال وما يقرب من تلك الحال]

[دعوة عمر قومه للقتال]

ثم ان عمر بن سعد دعا قومه الى القتال فأجابوه وندبهم الى محاربة الحسين عليه السلام وأهل بيته فلم يخالفوه.

فقد رويت ان عبيد الله بن زياد قال لعمر بن سعد اكفني امر الحسين وقتاله وقد وليتك بلاد الرى (١).

وروى ان عليا (ع) لقى عمر بن سعد يوما فقال له كيف تكون يا عمر إذا قمت مقاما تخير فيه بين الجنة والنار فتختار النار (١).

[رفض عمر بن سعد دعوة الحسين للمهادنة]

ثم ان الحسين (ع) لما علم انهم مقاتلوه وسئل عمر بن سعد المهادنة وترك القتال بواحدة من ثلاث :

ان يرجع الى موضعه الذي جاء منه.

أو يمضى الى بعض البلاد يكون كاحدهم.

أو يمضى الى يزيد فيرى فيه رأيه.

فقال عمر بن سعد اخاف ان تهدم داري.

فلما قامت الحرب على ساقها ومدت على اصحاب الحسين (ع) صافى رواقها واظلمت الايام بعد اشراقها ومد عمر بن سعد بالعساكر حتى تكملت العدة لست خلون من المحرم عشرين الفا وضيق على الحسين واصحابه.

__________________

١ ـ ذكره نفس المهموم ص ٢١١ عن تذكرة الخواص ص ١٤١ ـ طبعة الحجري ـ.

٥٠

[خطبة الحسين في القوم بعد أن عزموا على قتاله]

قام (ع) فاتكا على سيفه ثم حمد الله واثنى عليه وقال أما بعد ايها الناس انسبوني وانظروا من انا ثم ارجعوا الى انفسكم فعاتبوها هل يحل لكم سفك دمي وانتهاك حرمتي الست ابن بنت نبيكم وابن ابن عمه وابن اولى الناس بالمؤمنين من انفسهم اوليس حمزة سيد الشهداء عم أبى اولم يبلغكم قول رسول الله صلى الله عليه واله مستبشراً (١) لي ولاخى انا سيد شباب الجنة اما في هذا حاجز لكم عن سفك دمى وانتهاك حرمتي قالوا ما نعرف شيئا مما تقول فقال ان فيكم من لو سالتموه لاخبركم انه سمع ذلك من رسول (ص) فيّ وفي اخى.

سلوا زيد بن ارقم والبراء بن عازب وانس بن مالك وجابر بن عبد الله الانصاري وسهل بن سعد الساعدي يخبروكم عن هذا القول فان كنتم تشكون افتشكون انى ابن نبيكم والله ما تعمدت كذبا منذ عرفت ان الله يمقت عليه اهله فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن نبى غيرى هل تطالبوني بقتيل قتلته أو بمال استهلكته أو بقصاص من جراحه فسكتوا.

فقال شمر بن ذي الجوشن (هو يعبد الله على حرف (٢) ان كان يعرف شيئا مما يقول) (٣).

فقال حبيب بن مظاهر انى اراك تعبد الله على الف حرف وانى اشهد انك لا تعرف شيئا مما يقول ان الله قد طبع على قلبك.

قالوا لا نخليك حتى تضع يدك في يد عبيد الله بن زياد.

قال لا والله لا اعطى بيدى اعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد انى عذت بربي وربكم ان ترجمون انى عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب (٤).

__________________

١ ـ في النسخة الحجرية : مستقياً.

٢ ـ أي : على طريقة منحرفة.

٣ ـ في النسخة الحجرية : (اني أعبد الله على حرف ان كنت ادري تقول).

٤ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٥ / ٦ عن ارشاد المفيد : ٢٦٢.

٥١

[دعوة عمر بن سعد للحرب والحسين يلتمس مهلة]

فلما كان التاسع من المحرم دعاهم عمر بن سعد الى المحاربة فارسل الحسين (ع) العباس يلتمس منهم التاخير تلك الليله فقال عمر لشمر ما تقول قال اما انا لو كنت الامير لم انظره فقال عمرو بن الحجاج بن سلمة بن عبد يغوث الزبيدى سبحان الله والله لو كان (١) من الترك والديلم وسالوك عن هذا ما كان لك ان تمنعهم حينئذ امهلهم.

فكان لهم في تلك الليله دوي كالنحل من الصلاة والتلاوة فجاء إليهم جماعة من اصحاب عمر بن سعد (٢).

[خطبة الحسين في أصحابه وخيرهم بين الانصراف والنصرة]

وجمع الحسين (ع) اصحابه وحمد الله واثنى عليه ثم قال :

واما بعد فاني لا اعلم لي اصحابا اوفى ولا خيرا من اصحابي ولا أهل بيت ابر ولا اوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني [جميعاً] (٣) خيرا إلا وانى قد اذنت لكم فانطلقوا انتم في حل ليس عليكم منى ذمام هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا (٤).

فقال له اخوته وابناؤه وابناء عبد الله بن جعفر ولم نفعل ذلك لنبقى بعدك لا ارانا الله ذلك وبدأهم العباس اخوه ثم تابعوه.

وقال لبنى مسلم بن عقيل حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم اذهبوا فقد اذنت لكم فقالوا لا والله لا نفارقك ابدا حتى نقيك باسيافنا ونقتل بين يديك فاشرقت عليهم باقوالهم هذا انوار النبوة والهداية وبعثتهم النفوس الابية على مصادمة خيول أهل الغواية وحركتهم حمية النسب وسنة اشراف العرب على اقتناص روح المسلوب ورفض السلب فكانوا كما وصفهم بعض أهل البصائر بانهم امراء العساكر وخطباء المنابر :

__________________

١ ـ في النسخة الحجرية : خ (كانوا).

٢ ـ البحار : ٤٤ / ٣٩٤ عن اللهوف : ص ٤٠.

٣ ـ من النسخة الحجرية.

٤ ـ اتخاذ ظلمة الليل ستراً للفرار.

٥٢

نفوس ابت الا تراث ابيهم

فهم بين موتور لذاك وواتر

لقد الفت ارواحهم حومة الوغى

كما انست اقدامهم بالمنابر

[اصرار مسلم بن عوسجة على نصرة الحسين (ع)]

ثم قال مسلم بن عوسجه نحن نخليك وقد احاط بك العدو لا ارانا الله ذلك ابدا حتى اكسر في صدورهم رمحي واضاربهم بسيفي ولو لم يكن لي سلاح لقذفتهم بالحجارة ولم افارقك.

وقام سعيد بن عبد الله الحنفي وزهير بن القين فاجملا في الجواب واحسنا في الماب (١).

[استعداد عمر بن سعد للحرب وتنظيمه للجيش]

وعبا عمر بن سعد اصحابه.

فجعل على ربع أهل المدينة عبد الله بن زهير بن سليم بن مخنف العامري.

وعلى كندة وربيعة قيس بن الاشعث.

وعلى مذحج واسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي.

وعلى تميم وهمدان رجلا من بني تميم.

وعلى ميمنته عمرو بن الحجاج الزبيدى.

وعلى ميسرته شمر بن ذى الجوشن.

وعلى الخيل عروة بن قيس الاحمسي.

وعلى الرجالة شبث بن ربعى.

والراية مع دريد مولى لعبيد الله بن زياد (٢).

وفي ذلك الوقت وصل الخبر الى محمد بن بشير الحضرمي ان ابنه قد اسر بثغر الرى فقال عند الله احتسبه ونفسي ما كنت اؤثر ان يؤسر وابقى بعده فسمع

__________________

١ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٤ / ٣٩٢ عن ارشاد المفيد : ٢٥٨.

٢ ـ البحار : ٤٥ / ٤ عن ارشاد المفيد : ٢٦١.

٥٣

الحسين عليه السلام قوله فاذن له في المضى فقال اكلتني السباع حيا ان فارقتك فاعطاه خمسة اثواب برودا قيمتها الف دينار.

وقال احملها مع ولدك هذا لفك اخيه فحملها معه (١).

[حديث برير الهمداني مع ابن عبد ربه الانصاري]

ودخل (ع) ليطلى ووقف على باب الفسطاط برير بن خضير الهمداني وعبد الرحمن ابن عبد ربه الانصاري فجعل برير يضاحك عبد الرحمن فقال يا برير ما هذه ساعة باطل فقال برير والله ما احببت الباطل قط وإنما فعلت ذلك استبشارا بما نصير إليه (٢).

[خطاب الحسين لخصومه بعد تعبئة أصحابه]

وعبا الحسين (ع) اصحابه للقتال وكانوا خمسة واربعين فارسا ومائة راجل (٣).

وركب ناقته وامرهم بالاستماع فانصتوا.

فقال تبا لكم ايها الجماعة وترحا احين استصرختمونا (٤) ولهين فاصرخناكم موجفين (٥) سللتم علينا سيفا لنا في ايمانكم وحششتم علينا نارا اججناها على عدوكم فاصبحتم البا (٦) لاوليائكم ويدا عليهم لاعدائكم لغير عدل افشوه فيكم ولا اهلا اصبح لكم فيهم فهلا لكم الويلات تركتمونا والسيف مشيم (٧) والجاش (٨) طامن والراى لما يستحصف (٩) ولكن اسرعتم إليها كطيرة الدبا وتداعيتم إليها كتهافت الفراش (١٠) فبعدا وسحقا لطواغيت الامة ونبذة الكتاب وشذاذ الاحزاب

__________________

١ ـ البحار : ٤٤ / ٣٩٤ عن اللهوف : ٤٠.

٢ ـ البحار : ٤٥ / ١ عن اللهوف : ٤٠.

٣ ـ عنه البحار : ٤٥ / ٤ وعن اللهوف : ٤٢.

٤ ـ طلب النجدة.

٥ ـ مسرعين.

٦ ـ خصماً.

٧ ـ في غمده.

٨ ـ القلب.

٩ ـ يمتحن.

١٠ ـ حشره معروفة.

٥٤

الذين جعلوا القرآن عضين (١). ولبئس ما قدمت لهم انفسهم في العذاب وهم خالدون.

ألا وان الدعى بن الدعى قد ركز بين اثنتين السلة والذلة وهيهات منا الذلة يابى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وحجور طهرت ونفوس أبية وانوف حمية من ان نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام إلا واني زاحف بهذه الاسرة مع قلة العدد وكثرة العدو وخذلة الناصر.

ثم وصل هذا الكلام بشعر فروة بن مسيك المرادى :

فإن نهزم فهزامون قدما

وان نغلب فغير مغلبينا

وما ان طبنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

إذا ما الموت رفع عن اناس

كلا كله (٢) اناخ بآخرينا

فافنى ذلكم سروات قوم

كما افنى القرون الاولينا

فلو خلد الملوك إذا خلدنا

ولو بقى الكرام إذا بقينا

فقل للشامتين بنا افيقوا

سيلقى الشامتون كما لقينا

ثم لا تلبثون إلا كريث (٣) ما يركب الفرس حتى تدور بكم دور الرحى وتقلقون قلق المحور عهد عهده الي أبي عن جدي فاجمعوا امركم وشركائكم ثم لا يكن امركم عليكم غمة ثم اقضوا الى ولا تنظرون انى توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربى على صراط مستقيم.

ثم نزل عن ناقته وأمر عطية بن سمعان فعقلها (٤).

[تهيؤ الحسين (ع) للقتال ودعوة الشمر له بطاعة يزيد]

ثم ركب فرسه وتهيأ للقتال فنادي الشمر يا بني اختى لا تقتلوا انفسكم مع اخيكم الحسين والزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد.

__________________

١ ـ مهجوراً ، وفي النسخة الحجرية : غضين وهو تصحيف.

٢ ـ في النسخة الحجرية : منازله.

٣ ـ مدة قليلة.

٤ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٥ / ٨٣ ح ١٠ عن الاحتجاج : ٢ / ٢٤.

٥٥

فقال له العباس بن علي تبت يداك يا عدو الله اتامرنا ان نترك سيدنا واخانا وندخل في طاعة اللعناء واولاد اللعناء واقبلوا يزحفون الى الحسين (ع).

[بدء عمر بن سعد بالحرب]

ثم رمى عمر بن سعد الى اصحاب الحسين عليه السلام وقال اشهدوا لي عند الامير اني اول من رمى (١).

فقال (ع) قوموا الى الموت الذي لا بد منه.

فنهضوا جميعا (٢) والتقى العسكران [وامتاز] (٣) الرجالة من الفرسان واشتد الصراع (٤) وخفى لاثارة العثير الشعاع والسمهرية ترعف نجيعا والمشرفية يسمع لها في الهام رقيعا ولا يجد الحسين عليه السلام في مساقط الحرب لوعظه سميعا وقد كفروا بالرسول ولا يميلون الى الصوارم والنصول ولم يبقى بينهم سوى اللهازم الرزق والصوارم الذلق والسهام تسرى (٥) كالغيث الغدو والشرار المحرق.

فقلت في وصف الحال ابياتا لما علمت ان القتال يصيرهم رفاتا :

ولما رأينا عثير النقع ثائرا

وقد مد فوق الأرض اردية حمرا

وسالت عن الخرصان انفس فتية

عن العنصر الزاكى واعلى الورى قدرا

وشدوا لقتل السبط عمدا واشرعوا

مع المرهفات البيض خطية شمرا

وتيقن حزب الله ان ليس ناجيا

من النار الا من راى الاية الكبرى

ومن رفض الدنيا وباع حياته

من الله نعم البيع والفوز والبشرى

وكان اول من قتل مولى لعبيد الله بن زياد اسمه سالم فصل من الصف.

__________________

١ ـ البحار : ٤٥ / ١٢ عن ارشاد المفيد : ٢٦٤.

٢ ـ البحار : ٤٥ / ١٢ عن كتاب اللهوف ص ٤٢.

٣ ـ ما بين المعقوفتين ليس في النسخة النجفية.

٤ و ٥ ـ في النسخة الحجرية «ايضاع بدل الصراع ، وتقرى بدل تسرى».

٥٦

[خروج عبدالله بن عمير وقتله لمولى ابن زياد]

فخرج إليه عبد الله بن عمير الكلبى وكان طويلا بعيدا ما بين المنكبين فنظر إليه الحسين (ع) وقال اني احسبه للاقران قتالا فقتله سالم ثم رجع وعطف عليه مولى لابن زياد فصاح [به الناس] (١) قد رهقك الرجل فانعطف عليه وضربه فاتقى بيده فقطعها وجال عليه فقتله ورجع وهو يقول :

ان تنكروني فإنا ابن كلب

حسبى ببيتى من عليم حسبى

انى امرؤ ذو مرة (٢) وعضب

ولست بالخوّار (٣) عند النكب

انى زعيم لك ام وهب

بالطعن فيهم صادقا والضرب (٤)

وفي يده سيف تلوح المنية في شفرتيه فكأن ابن المعتز وسيفه يقوله في بيته :

ولي صارم فيه المنايا كوامن

فما ينتضى إلا لسفك دماء

ترى فوق متنيه الفرند كانه

بقيه غيم رق دون سماء

حدث مهران مولى بني كاهل قال شهدت كربلا مع الحسين (ع) فرايت رجلا يقاتل قتالا شديدا لا يحمل على قوم إلا كشفهم ثم يرجع الى الحسين (ع) ويرتجز ويقول :

ابشر هديت الرشد تلقى احمدا

في جنة الفردوس تعلو صعدا

فقلت من هذا فقالوا أبو عمر النهشلي وقيل الخثعمي ،

فاعترضه عامر ابن نهشل أحد بني تيم اللات من ثعلبة فقتله واحتز راسه وكان أبو عمرو هذا متهجدا كثير الصلاة (٥).

فما احق لهذا الشجاع الماهر بقول عرقلة بن حسان الدمشقي الشاعر :

ويرد صدر السمهرى بصدره

ماذا يؤثر ذابل (٦) في يذبل

__________________

١ ـ من النسخة الحجرية.

٢ ـ القوة.

٣ ـ ضعيف العزيمة.

٤ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٥ / ١٢ عن ارشاد المفيد : ٢٦٤.

٥ ـ عنه البحار : ٤٥ / ٣٠.

٦ ـ يقصد به الرمح مجازاً.

٥٧

وكانه والمشرفي بكفه

بحر يكر على الكماة بجدول

وتقدم عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان واحدهما يقول :

قد علمت حقا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

لنضربن معشر الفجار

بالمشرفى والقنا الخطار (١)

فقاتلا حتى قتلا رحمة الله عليهما (٢).

واقتتل العسكران الى ان علا النهار.

[حديث الحسين (ع) عند زحف عمر بن سعد اليه]

قال عدى بن حرملة لما زحف عمر بن سعد الى الحسين (ع) ضرب يده على لحيته وقال اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا وعلى النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة وعلى المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه.

واشتد غضبه على قوم اتفقت على قتل ابن بنت نبيهم والله اجيبهم الى شئ مما يطلبون حتى القى الله تعالى وانا مخضب بدمى مغلوب على حقى (٣).

فلما راى الحر بن يزيد اقبال عمر بن سعد على الحسين (ع) قال اصلحك الله أمقاتل انت هذا الرجل قال أي والله قتالا أيسره ان تسقط الرؤوس وتطيع الايدى.

[موقف الحر بن يزيد وتردده في قتال الحسين (ع)]

فتنحى حتى وقف من الناس موقفا ومعه قرة بن قيس فقال له المهاجر بن اوس يا بن يزيد لو قيل لي من اشجع أهل الكوفة ما عدوتك وانى لمرتاب بك فقال انى خيرت نفسي بين الجنة والنار وانى لا اختار على الجنة شيئا.

ثم قال الحر لقرة بن قيس التميمي يا قرة سقيت فرسك قال لا قال

__________________

١ ـ الطمان بالرمح.

٢ ـ اخرج نحوه في البحار : ٤٤ / ٣٢٠ عن أمالي لصدوق : ١٣٦.

٣ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ١٢ عن اللهوف : ٤٢.

٥٨

فما تريد ان تسقيه قال فظننت انه يريد ان يتنحى ولا يشهد القتال وكره ان اراه يضع ذلك فارفعه عليه وانا منطلق ساسقيه واعتزل الحر المكان الذي فيه ولو اطلعني على سره لخرجت معه الى الحسين (ع)

[التحاق الحر في معسكر الحسين وطلبه للتوبة]

واخذ يدنو قليلا فقال له المهاجرين أو تريد ان تحمل فسكت فاخذته الرعدة ثم لحق بالحسين (ع) وقال له جعلني الله فداك يا بن رسول الله انا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق وجعجعت بك الى هذا المكان وما ظننت ان القوم يبلغون منك هذه المنزلة فهل لي توبة قال نعم يتوب الله عليك.

ثم قال يا أهل الكوفة لامكم الهبل (١) دعوتموه حتى إذا اتاكم خرجتم تقاتلونه وتمنعونه الماء الذي تشربه الكلاب والخنازير لا سقاكم الله الماء [قال له الحسين انزل] (٢) فقال (٣) : انا لك فارسا خير من ان اكون راجلا والى النزال (٤) آخر امرى (٥).

ثم حمل على القوم وهو يتمثل بقول عنترة :

ما زلت ارميهم بغرة وجهه

ولبانه حتى تسربل بالدم (٦)

[حديث للحر مع الحسين]

ورويت باسنادى انه قال للحسين (ع) : [لما] (٧) وجهنى عبيد الله اليك خرجت

__________________

١ ـ الهبل : الثكل.

٢ ـ من النسخة الحجرية.

٣ ـ في النسخة الحجرية : (فقاتل).

٤ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (نزول).

٥ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ١٠ عن ارشاد المفيد : ص ٢٦٣.

٦ ـ أخرجه في ارشاد المفيد : ص ٢٦٥.

٧ ـ من النسخة الحجرية.

٥٩

من القصر فنوديت من خلفي ابشر يا حر بخير فالتفت فلم ار احدا فقلت والله ما هذه بشارة وانا اسير الى الحسين عليه السلام وما احدث نفسي باتباعك فقال عليه السلام لقد اصبت اجرا وخيرا (١).

ثم خرج الى القتال فبرز إليه زيد بن سفيان فقتله الحر ثم بعث عمر بن سعد بعض الرماة فعقر فرس الحر فكان يقاتل ويقول :

ان تعقرونى فانا ابن الحر

اشجع من ذى لبد هزبر

فلم يزل يقاتل الى ان قتل رحمه الله (٢).

فقال عبيد الله بن عمرو البذائى من بني البذاء وهم من كندة :

سعيد بن عبد الله لا تنسينه

ولا الحر إذ آسى زهيرا على قسر (٣)

[خروج نافع بن هلال]

وخرج نافع بن هلال المرادى فبرز إليه واجم بن حريث الرشدى فتطاعنا فقتل نافع واجما فقال عمرو بن الحجاج يا حمقى اتدرون من تقاتلون مبارزة فرسان الحر (٤) وقوما مستميتين فصاح عمر بن سعد فرجعوا الى مواقفهم (٥).

[موقف عمر بن أبي قرطة الانصاري ودفاعه عن الحسين (ع)]

وقاتل عمرو بن أبي قرظة الانصاري دون الحسين (ع) وهو يقول :

قد علمت كتيبة الانصار

ان سوف احمى حوزة الذمار

ضرب غلام ليس بالفرار

دون حسين مهجتي ودارى

__________________

١ ـ عنه البحار : ٤٥ / ١٥.

٢ ـ أخرجه في ارشاد المفيد : ٢٦٦.

٣ ـ أخرجه في نفس المهموم ص ٢٧٣.

٤ ـ في النسخة الحجرية خ ل : (المصر).

٥ ـ أخرجه في البحار : ٤٥ / ١٩ عن ارشاد المفيد : ص ٢٦٥.

٦٠