مصابيح الظلام - ج ٨

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٨

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-6
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥٢٨

واختار المحقّق الشيخ سليمان البحراني الوجوب في كلّ صلاة (١) ، مستدلّا بالآية الشريفة (٢).

وفي دلالتها نظر ظاهر ، لأنّ القنوت لغة له معان متعدّدة ، ليس واحد منها المعنى الاصطلاحي ، والاصطلاحي لم يثبت ، بل الظاهر عدمه في زمان نزول الآية الشريفة.

مع أنّ إرادته لا يخلو عن الإشكال ، وإن قلنا بالثبوت ، لتوقّف الفهم على تقدير ، بل تقديرات خلاف الأصل والظاهر ، فلا يكون أولى من الحمل على معنى آخر متعارف ظاهر.

مع أنّ الظاهر منها وجوب القيام حال القنوت ، لا وجوب نفس القنوت ، سيّما مع عدم مأخوذيّة القيام فيه ، بل مأخوذ فيه كونه قبل الركوع ، فإن كان عن قيام لا جرم يصير قائما ، وإن كان عن جلوس لا جرم يصير جالسا ، وكذا الحال في الاضطجاع والاستلقاء.

سلّمنا ، لكن الأدلّة التي ذكرناها كافية للحمل على الاستحباب ، ومع ذلك الاحتياط معه ، بل كمال الصلاة فيه ، والحضور في الدعاء ، والإلحاح في العبادة غالبا يكون به ، وروح الصلاة أكثر تحقّقه منه ، بل قلّما يتحقّق بغير حضور القلب في الدعاء والإلحاح ، كما لا يخفى ، لكن مع هذا ، عدم الوجوب أقوى وأقرب بالنظر إلى الأدلّة والأقوال.

قوله : (ومحلّه). إلى آخره.

كونه قبل الركوع وبعد القراءة في الركعة الثانية ، هو المشهور المعروف بين

__________________

(١) نقل عنه في الحدائق الناضرة : ٨ / ٣٥٣.

(٢) أي الآية (وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) البقرة (٢) : ٢٣٨.

٨١

الأصحاب.

بل حكى في «المنتهى» و «التذكرة» اتّفاقهم عليه (١) ، بل الشّيخ ادّعى الإجماع (٢) ، وجعله أحد الأدلّة عليه ، كما صرّح به في «المختلف» (٣).

قال في «الذخيرة» : يظهر من المحقّق في «المعتبر» (٤) الميل إلى التخيير بينه وبين فعله بعد الركوع ، وإن كان الأوّل أفضل ، لرواية إسماعيل الجعفي ومعمّر بن يحيى عن الباقر عليه‌السلام قال : «القنوت قبل الركوع وإن شئت بعده» (٥).

وفي السند ضعف ، ويدلّ على الأوّل صحيحة زرارة السابقة (٦) ، وصحيحة أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام : «كلّ قنوت قبل الركوع إلّا الجمعة» (٧).

وصحيحة يعقوب بن يقطين عن الكاظم عليه‌السلام : عن القنوت في الوتر والفجر وما يجهر فيه قبل الركوع أو بعده ، فقال : «قبل الركوع حين تفرغ من قراءتك» (٨).

وصحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام قال : «ما أعرف قنوتا إلّا قبل الركوع» (٩).

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ٢٢٦ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٥٧ و ٢٥٨ المسألة ٣٠٨.

(٢) الخلاف : ١ / ٣٨٢ المسألة ١٣٨.

(٣) مختلف الشيعة : ٢ / ١٧٣.

(٤) المعتبر : ٢ / ٢٤١ و ٢٤٢.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٢ الحديث ٣٤٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٤١ الحديث ١٢٨٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٧ الحديث ٧٩٢٦.

(٦) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٦ الحديث ٧٩٢٣.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٠ الحديث ٣٣٤ ، الاستبصار : ١ / ٣٣٩ الحديث ١٢٧٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٣ الحديث ٧٩٤٤.

(٨) الكافي : ٣ / ٣٤٠ الحديث ١٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٨ الحديث ٧٩٢٧.

(٩) الكافي : ٣ / ٣٤٠ الحديث ١٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٨ الحديث ٧٩٢٨.

٨٢

وموثّقة سماعة قال : سألته عن القنوت في أيّ صلاة هو؟ فقال : «كلّ شي‌ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت ، والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة» (١) (٢).

قوله : (للموثّقين).

أحدهما صحيحة ابن أبي عمير عن أبي أيّوب الخزّاز الثقة عن أبي بصير قال : سأل عبد الحميد الصادق عليه‌السلام ـ وأنا عنده ـ عن القنوت يوم الجمعة ، فقال له : «في الركعة الثانية» ، فقال له : قد حدّثنا بعض أصحابنا أنّك قلت : في الأولى ، فقال : «في الأخيرة» ، وكان عنده ناس كثير ، فلمّا رأى غفلة منهم ، فقال : «يا أبا محمّد! هي في الأولى والأخيرة» ، قلت : جعلت فداك ، قبل الركوع أو بعده؟ قال : «كلّ القنوت قبل الركوع إلّا الجمعة ، فإنّ الركعة الاولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع» (٣).

وروى أيضا بطريق آخر في الصّحيح عن الخزّاز مثله ، بأدنى تفاوت في ألفاظه (٤).

وثانيهما : موثّقة سماعة قال : سألته عن القنوت في الجمعة ، فقال : «أمّا الإمام فعليه القنوت في الركعة الاولى بعد القراءة قبل أن يركع ، وفي الثانية بعد ما يرفع رأسه من الركوع قبل السجود» (٥) الحديث.

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٩ ، الحديث ٣٣٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٣٩ الحديث ١٢٧٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٧ الحديث ٧٩٢٥.

(٢) ذخيرة المعاد : ٢٩٣.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٧ الحديث ٦٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٣ الحديث ٧٩٤٤ مع اختلاف يسير.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٩٠ الحديث ٣٣٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٣ الحديث ٧٩٤٤.

(٥) تهذيب الأحكام : ٣ / ٢٤٥ الحديث ٦٦٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٢ الحديث ٧٩٤٠ مع اختلاف يسير.

٨٣

وعدّ المصنّف الاولى موثّقا تبعا لبعض الأصحاب (١) ، من جهة أبي بصير ، فإنّه عندهم مشترك بين الثقة المرادي ، ويحيى الأسدي وهو موثّق عندهم (٢).

وحقّقنا في الرجال أنّه أيضا ثقة ، جليل القدر عظيم المنزلة ، لم يكن واقفيا قطعا ، وأنّ الواقفي يحيى بن أبي القاسم الحذّاء ، فوقع اشتباه من «الخلاصة» (٣) ، وتبعه من لم يتأمّل (٤).

مع أنّ أبا بصير الأسدي كان مكفوفا ، ومع ذلك قيل : إنّه كان يكنّى بأبي محمّد (٥) ، يعني لم يثبت عند أهل الرجال كونه مكنّى به ، وأمّا أبو بصير المرادي فلا تأمّل لهم في كونه مكنّى بأبي محمّد.

فظهر أنّ أبا بصير في سند هذه الصحيحة هو المرادي ، لم يتأمّل أحد في كونه ثقة جليل القدر ، من الأوتاد الأربعة الذين لم يوجد مثلهم في الرواة ، من جهة أنّه قال : فلمّا رأى غفلة من الناس ، فقال عليه‌السلام : «يا أبا محمّد». إلى آخره. إذ يظهر أنّه رأى الصادق عليه‌السلام أنّه لمّا رأى غفلة من الناس توجّه إليه ، فقال عليه‌السلام : «يا أبا محمّد». إلى آخره ، والأعمى المكفوف كيف يدرك أنّ المعصوم عليه‌السلام رأى غفلة من الناس؟ ومن هذه الجهة توجّه إليه وقال ما قال.

مع أنّه قال : يا أبا محمّد! ، ومعلوم أنّ المرادي كان يكنّى به عند أهل الرجال بلا تأمّل منهم ، وأنّ الأسدي وإن لم يثبت عندهم تكنيته به ، ولذا نسبوه إلى القائل المجهول.

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ٢٢٦.

(٢) جامع الرواة : ٢ / ٣٣٤.

(٣) خلاصة الرجال للحلّي : ٢٦٤.

(٤) تعليقات على منهج المقال : ٣٧١ و ٣٧٢.

(٥) لاحظ! خلاصة الرجال للحلّي : ٢٦٤.

٨٤

ولعلّه أيضا توهّم ، وغفل من حيث أنّه رأى ، كون المرادي يكنّى به ، وأنّه أبو بصير فتوهّم واشتبه ، ولذا ذكر الكشّي في ترجمة المرادي وفي شأنه كثير من الأحاديث الواردة في شأن الأسدي بلا شكّ ، من حيث كونه أعمى ومكفوفا ، ومن جهة ذكر كونه أسديّا وغير ذلك (١) ، كما ظهر ذلك في الرجال ، ولا يخفى على المطّلع ، من دون حاجة إلى الإظهار له.

هذا مع انجبارهما بالشهرة العظيمة ، مع المسامحة في أدلّة السنن ، فتأمّل!

مع أنّ الصدوق في «الفقيه» نقل حديثا صحيحا عن حريز ، عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام : «إنّ على الإمام في الجمعة قنوتان قنوت في الركعة الاولى قبل الركوع ، وفي الركعة الثانية بعد الركوع ، ومن صلّاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الاولى قبل الركوع» (٢).

وفي «الخصال» روى هذه الصحيحة سنده إلى حريز بطريق صحيح ، وحريز عن زرارة عن الباقر عليه‌السلام (٣) ، وفيها أحكام اخر أيضا ، مثل كون صلاة الجمعة جهريّة ، وثبوت الغسل لها ، ثمّ قال في «الفقيه» ـ بعد ما نقل الصحيحة ـ : وتفرّد بهذه حريز عن زرارة ، والذي استعمله وأفتي به ومضى عليه مشايخي ـ رحمة الله عليهم ـ هو أنّ القنوت في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية قبل الركوع (٤).

وظاهره القول بأنّ الجمعة كسائر الصلوات في القنوت ، موافقا لقول ابن

__________________

(١) رجال الكشي : ١ / ٣٩٧ الرقم ٢٨٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٦ الحديث ١٢١٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧١ الحديث ٧٩٣٦.

(٣) الخصال : ٢ / ٤٢٢ الحديث ٢١.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٦ و ٢٦٧ ذيل الحديث ١٢١٧.

٨٥

إدريس (١) ، وعلمت عدم تفرّد حريز عن زرارة ، بل هو المشهور المعروف عند القدماء ، فضلا عن المتأخّرين.

نعم ، فيها حزازة ظاهرة ، وهي كون القنوت حال الفرادى وفي الاولى ، ولعلّه وهم من الراوي.

وكيف كان ، لا يضرّ الاستدلال ، لما عرفت مكرّرا ، وأنّ ما قلنا هو المشهور عند القدماء ، بأنّه قول الشيخ ، وابن أبي عقيل ، وأبي الصلاح ، وسلّار ، وابن حمزة (٢).

ونسبه المحقّق إلى المفيد في «المقنعة» أيضا (٣) ، بل هو قول الصدوق أيضا في «المقنع» (٤) ، وإن احتمل كون ابن أبي عقيل ، وأبي الصلاح قائلين بكون القنوتين قبل الركوع ، لأنّهما ذكرا في صلاة الجمعة أنّ لها قنوتين من غير تعيين الموضع ، وفي باب القنوت أنّ كلّ القنوت قبل الركوع (٥).

وفيه ، أنّ ذلك لا يفي لبيان الموضع في الكلّ ، فظهر أنّهما أحالا المعرفة إلى الخارج ، وأنّ ذكر كون الكلّ قبل الركوع ردّ على البعض ، كما يفعله غيرهما ، مع إرادة قنوت غير الجمعة ، ولهذا نسب في «المنتهى» إلى ابن أبي عقيل القول المشهور (٦) ، كما قلنا أوّلا ، ونسب إلى ابن البرّاج وسلّار والشيخ في أكثر كتبه

__________________

(١) السرائر : ١ / ٢٩٩.

(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٦ ، نقل عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٢٣ ، الكافي في الفقه : ١٥١ ، المراسم : ٧٧ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ١٠٤.

(٣) المعتبر : ٢ / ٢٤٤ ، لاحظ! المقنعة : ١٦٤.

(٤) المقنع : ١٤٨.

(٥) نقل عن ابن أبي عقيل في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٢٣ ، الكافي في الفقه : ١٢٣ و ١٥١.

(٦) منتهى المطلب : ٥ / ٤٦٣.

٨٦

أيضا (١) ، وعلى أيّ تقدير قولهما بالقنوتين لا تأمّل فيه.

ومستند ابن إدريس الأخبار السابقة في قنوت غير الجمعة (٢) ، بل ربّما يظهر من رواية أبي بصير (٣) ، أنّ اشتهار كون القنوت في خصوص الثانية قبل الركوع عند الشيعة ، كان بحيث لا يرضون خلافه في موضع من المواضع ، بأنّهم كانوا يشنّعون على أهل السنّة ، في جعلهم القنوت على خلاف ذلك ، ويعدّون خطأ وقبيحا ، فكيف كانوا يتحمّلون كون القنوت في الجمعة على خلاف ذلك؟ لأنّه يتحقّق حقّية مذهب العامّة عندهم ، أو عدم فساده.

ولأجل ذلك أجاب السائل عن موضع قنوت الجمعة ، بأنّه في الركعة الثانية. ولمّا كان السائل سمع عن بعض الأصحاب ، أنّه روى عنهم عليهم‌السلام أنّه في الاولى ، سأل عن ذلك ، فأجاب عليه‌السلام بأنّه في الثانية ، تأكيدا لحكمة الأوّل ، وردّا لما سأل عنه ، ولمّا رأى من الناس غفلة قال عليه‌السلام ما قال.

فظهر أنّ هذا الاشتهار كان بحيث أثّر في مشايخه ، وفيه أيضا في «الفقيه» ما أثّر ، ثمّ أنّه بعد ما ظهر عليه بأنّه من جملة الاشتهارات التي لا أصل لها ، أو لم يكن من الواقعيّات ، بل من التي صارت بحسب المصالح التي أشرنا إلى بعضها ، رجع ووافق المشهور (٤) ، وظهر علينا أيضا كون المشهور أظهر على حسب ما ظهر.

وفي «المختلف» نسب إلى المفيد القول بكونه في الركعة الاولى خاصّة قبل الركوع ، واختاره واحتجّ عليه بأنّ الجمعة صلاة كغيرها ، فلا يتعدّد فيها

__________________

(١) نسب إليهم في منتهى المطلب : ٥ / ٤٦٣ ، لاحظ! المهذب : ١ / ١٠٣ ، المراسم : ٧٧ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٠٦ ، المبسوط : ١ / ١٥١.

(٢) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٦ الباب ٣ من أبواب القنوت.

(٣) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٧ الحديث ٦٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٣ الحديث ٧٩٤٤.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦٦ ذيل الحديث ١٢١٧.

٨٧

القنوت (١).

وأمّا كونه في الاولى ، فلموثّقة سليمان بن خالد ، عن الصادق عليه‌السلام قال : «القنوت في يوم الجمعة في الركعة الاولى» (٢).

وعن عمر بن حنظلة أنّه قال للصادق عليه‌السلام : القنوت يوم الجمعة ، فقال : «إذا صلّيتم في جماعة ففي الركعة الاولى ، وإذا صلّيتم وحدانا ففي الثانية» (٣).

وموثّقة أبي بصير قال : «القنوت في الركعة الاولى قبل الركوع» (٤).

وصحيحة معاوية بن عمّار أنّه سمع الصادق عليه‌السلام يقول في قنوت الجمعة : «إذا كان إماما قنت في الركعة الاولى وإن كان يصلّي أربعا ففي الثانية» (٥).

والجواب عن الأوّل أنّ العبادة على ما ورد من الشرع ، فإن ورد أنّ فيه قنوتا واحدا ، كما هو الحال في الأكثر فهو ، وإن ورد أن ليس فيه قنوت ، أم لم يرد فيه قنوت ، فهو كما قالوا في الشفع (٦) ، وسيجي‌ء الحال في ركعتي الاحتياط ، وإن ورد فيه قنوتين ، فهو كما قيل في الوتر وسيجي‌ء ، وقد عرفت الأدلّة الواضحة التامّة في المقام ، بل يسامحون في مقام الاستحباب ، وأين هذا ممّا عرفت؟

__________________

(١) مختلف الشيعة : ٢ / ٢٢٣ و ٢٢٥ ، لاحظ! المقنعة : ١٦٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦ الحديث ٥٦ ، الاستبصار : ١ / ٤١٧ الحديث ١٦٠٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧١ الحديث ٧٩٣٨.

(٣) الكافي : ٣ / ٤٢٧ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦ الحديث ٥٧ ، الاستبصار : ١ / ٤١٧ الحديث ١٦٠١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧١ الحديث ٧٩٣٧ مع اختلاف يسير.

(٤) تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦ الحديث ٥٨ ، الاستبصار : ١ / ٤١٧ الحديث ١٦٠٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧١ الحديث ٧٩٣٩.

(٥) الكافي : ٣ / ٤٢٧ الحديث ٢ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٦ الحديث ٥٩ ، الاستبصار : ١ / ٤١٧ الحديث ١٦٠٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٠ الحديث ٧٩٣٣ مع اختلاف يسير.

(٦) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٦ / ٣٩ و ٤٠.

٨٨

وأمّا الروايات ، فلا تعارض تلك الأدلّة في القنوت الأوّل ، بل تؤكّدها فيه.

وأمّا المعارضة بالنسبة إلى القنوت الآخر فمرفوعة بكون المدار في أمثال ذلك الجمع بين الكلّ بالحمل على تفاوت مرتبة الاستحباب ، ودلالة هذا بالنسبة إلى نفي استحباب القنوت في الثانية مطلقا ، ظاهرة غير خالية من وهن ما ، بخلاف دلالة المعارض ، فإنّها صريحة في إثبات مطلوبيّة ما في القنوت الآخر ، مضافا إلى مخالفته لمذهب العامّة قطعا ، وللمداراة مع العوام جزما على حسب ما عرفت.

والظاهر لا يعارض الصريح فيما لا يسامح فيه من الأحكام ، فضلا عمّا يسامح فيه ، وخصوصا بالحيثيّة التي ذكرت ، وسيّما بملاحظة الشهرة العظيمة ، ووهن ما في الظاهر ، من جهة عدم مطلوبيّة القنوت في سائر الصلوات ، في الركعة الاولى أصلا ، فربّما كان المطلوب إثبات المطلوبيّة فيها في الجمعة ، لا نفيها رأسا أيضا من غيرها ، وإن كان لها ظهور فيه أيضا ، ولذا حمل ما ورد في غير واحد من المعتبرة ، ممّا دلّ على نفي القنوت رأسا على عدم وجوبه ـ مع صراحته في النفي ـ وكون القنوت من أكيد المستحبّات (١) حتّى ورد فيه ما ورد.

وأين هذا من ظهور في مقام استحباب ما ، فتأمّل!

ثمّ اعلم! أنّه قال بعض الفقهاء : إنّ في الوتر أيضا قنوتين ، أحدهما قبل الركوع ، والآخر بعده (٢) ، لما ورد من أنّ أبا الحسن عليه‌السلام كان إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام من حسناته نعمة وشكره ضعيف ، وذنبه عظيم ، وليس لذلك إلّا رفقك ورحمتك ، فإنّك قلت في كتابك المنزل على لسان نبيّك المرسل (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ. وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (٣) ، طال

__________________

(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٤ الباب ٢ ، ٢٧٠ الباب ٥ من أبواب القنوت.

(٢) منتهى المطلب : ٥ / ٢٢١ و ٢٢٢.

(٣) الذاريات (٥١) : ١٧ و ١٨.

٨٩

هجوعي ، وقلّ قيامي ، وهذا السحر وأنا استغفرك لذنوبي ، استغفار من لا يجد لنفسه ضرّا ولا نفعا ، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، ثمّ يخرّ ساجدا صلوات الله عليه (١).

ونقل عن «المعتبر» أيضا أنّه سمّاه قنوتا (٢) ، وفيه ما فيه.

وربّما اعتذر بعض العلماء ، بأنّ القنوت ليس إلّا الدعاء (٣).

وفيه ، أنّه على هذا ، لا وجه للاقتصار على القنوتين في المقام ، فإنّ الدعاء في السجود ، وبعد السجدتين وغير ذلك موجود ، بل الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا ، دعاء مستحبّ في كلّ ركوع وسجود وقيام ، كما مرّ.

مع أنّ القنوت له آداب ومستحبّات ، من رفع اليد بعد التكبير له ، مستقبل القبلة ، بطنها إلى السماء ، والنيّة.

وفي «المنتهى» جوّز كون قنوت الوتر قبل الركوع وبعده ، لرواية عمّار عن الصادق عليه‌السلام : عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غيره ، قال : «ليس عليه شي‌ء» ، وقال : «وإن ذكره وقد أهوى إلى الركوع قبل أن يضع يده إلى الركبتين فليرجع قائما فليقنت ثمّ ليركع ، وإن وضع يديه على ركبتيه فليمض في صلاته وليس عليه شي‌ء» (٤).

ثمّ قال : فهذه الرواية تدلّ على أنّ القنوت قبل الركوع ورواية بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه‌السلام يدلّ على أنّه بعد الركوع (٥) ، وكلاهما حسن (٦) ، انتهى.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٢٥ الحديث ١٦ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٤١٤ الحديث ٥٠٤٥ مع اختلاف يسير.

(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٨٥ ، لاحظ! المعتبر : ٢ / ٢٦ و ٢٤١.

(٣) ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٨٣.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣١ الحديث ٥٠٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٦ الحديث ٧٩٨٤ مع اختلاف يسير.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٢٥ الحديث ١٦ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٤١٤ ، الحديث ٥٠٤٥.

(٦) منتهى المطلب : ٥ / ٢٢٤.

٩٠

وفيه ما فيه ، لأنّ ما صدر عن أبي الحسن عليه‌السلام ، لم يظهر كونه قنوتا ، بل الظاهر خلافه ، كما فهم المعظم.

مع أنّ المعصوم عليه‌السلام ، لم يرخّص في تدارك القنوت فيه بعد الركوع في صورة نسيانه ، وذكره حال الركوع (١).

بل منع عن التدارك على ما رواه الصدوق عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام حيث سأله عن القنوت في الوتر ، فقال : «قبل الركوع» ، فقال : فإن نسيت فأقنت إذا رفعت رأسي؟ فقال : «لا» (٢).

قال رحمه‌الله : حكم من نسي القنوت حتّى يركع أن يقنت إذا رفع رأسه من الركوع ، وإنّما منع عليه‌السلام عن ذلك في الوتر والغداة خلافا للعامّة ، فإنّهم يقنتون فيهما بعد الركوع ، وإنّما أطلق في سائر الصلاة لأنّهم لا يرون القنوت فيها (٣). وأين منعهم عليهم‌السلام عن التدارك بعده من التجويز مطلقا؟

قوله : (ولو نسي). إلى آخره.

الظاهر أنّه وفاقي ، قال في «المنتهى» : لا خلاف عندنا في استحباب الإتيان بالقنوت بعد الركوع مع نسيانه قبله ، وأمّا أنّه هل أداء أو قضاء؟ فيه تردّد ، ثمّ قرب كونه قضاء (٤).

ويدلّ على الاستحباب المذكور بعد الإجماع صحيحة زرارة وابن مسلم عن

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦١ الحديث ٦٣٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٥ الحديث ١٣٠٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٢ الحديث ١٤٢١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١٢ ذيل الحديث ١٤٢١ مع اختلاف يسير.

(٤) منتهى المطلب : ٥ / ٢٢٨.

٩١

الباقر عليه‌السلام : عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع ، قال : «يقنت بعد ركوعه فإن لم يذكر فلا شي‌ء عليه» (١).

ومثلها صحيحة ابن مسلم ، عن الصادق عليه‌السلام (٢) ، وموثّقة عبيد بن زرارة أنّه قال للصادق عليه‌السلام : الرجل ذكر أنّه لم يقنت حتّى ركع ، قال : فقال : «يقنت إذا رفع رأسه» (٣).

فما في صحيحة معاوية بن عمّار أنّه سأل عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع أيقنت؟ قال : «لا» (٤) ، لعلّها محمولة على نفي الوجوب ، أو نفيه حال الركوع ، أو كون المراد قنوت الوتر ، بأن تكون هذه الصحيحة هي الصحيحة السابقة (٥) ، وقع لفظ «الوتر» سهوا.

وكيف كان ، عرفت الحال في قنوت الوتر ، وكونه مستثنى من هذه الكلّية عند الصدوق ، بل قنوت الغداة أيضا.

وفي «الذخيرة» ـ بعد ذكر ما ذكرنا عن الصدوق ـ قال : وكلامه يقتضي انضمام الغداة إلى الوتر في السؤال ، فلعلّ عدم ذكره سهو من الناسخين (٦) ، انتهى.

أقول : الظاهر أنّ إلحاقه الغداة من جهة ما فهمه من العلّة لعدم التدارك ، كما يظهر من عبارته من الخارج ، فتأمّل جدّا!

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٠ الحديث ٦٢٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٤ الحديث ١٢٩٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٧ الحديث ٧٩٨٩ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٠ الحديث ٦٢٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٠ الحديث ٦٣٠ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٤ الحديث ١٢٩٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ ، الحديث ٧٩٩١.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦١ الحديث ٦٣٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩٢.

(٥) مرّت الإشارة إلى مصادرها آنفا.

(٦) ذخيرة المعاد : ٢٩٥.

٩٢

وعن المفيد : لو لم يذكر القنوت حتّى يركع في الثالثة قضاه بعد الفراغ (١). ومثله كلام «نهاية» الشيخ (٢).

وفي «الدروس» : ويقضيه الناسي بعد الركوع ، ثمّ بعد الصلاة وهو جالس ، ولو انصرف قضاه في الطريق مستقبل القبلة (٣) ، والفاضلان اقتصرا على القضاء بعد الركوع (٤).

وفي «المنتهى» ادّعى عدم الخلاف في القضاء من بعد الرفع من ذلك الركوع ، ثمّ نقل عن «المبسوط» (٥) عدم القضاء ، إن فاته بعد ذلك الرفع ، وعن «النهاية» والمفيد ما ذكرنا عنهما ، وأتى بدليل الطرفين ، واختار ما في «المبسوط» (٦).

وقال بعض العلماء : من نسي حتّى ركع فلا شي‌ء عليه ، لكن يستحبّ له القنوت بعده ، وإن لم يذكره حتّى سجد استحبّ له قضاؤه بعد الصلاة ، ولو في الطريق يستقبل به القبلة ويجوز جالسا (٧) ، انتهى.

وأمّا الأخبار ، ففي صحيحة ابن مسلم وزرارة أنّهما سألا الباقر عليه‌السلام : عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع ، قال : «يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر فلا شي‌ء عليه» (٨).

ومثلها صحيحة ابن مسلم عن الصادق عليه‌السلام إلّا أنّ فيها : «وإن لم يذكر حتّى

__________________

(١) المقنعة : ١٣٩.

(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ٩٠.

(٣) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٧٠.

(٤) المعتبر : ٢ / ٢٤٥ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ٢٦١ المسألة ٣١٣.

(٥) المبسوط : ١ / ١١٣.

(٦) منتهى المطلب : ٥ / ٢٢٧.

(٧) لاحظ! الدروس الشرعيّة : ١ / ١٧٠ مع اختلاف يسير.

(٨) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٧ الحديث ٧٩٨٩.

٩٣

ينصرف فلا شي‌ء عليه» (١).

وفي كصحيحة عبيد بن زرارة أنّه قال للصادق عليه‌السلام : الرجل ذكر أنّه لم يقنت حتّى ركع ، قال : «يقنت إذا رفع رأسه» (٢).

وفي صحيحة أبي بصير قال : سمعته يذكر عند الصادق عليه‌السلام قال : في الرجل إذا سها في القنوت قنت بعد ما ينصرف وهو جالس (٣).

وصحيحة زرارة أنّه قال للباقر عليه‌السلام : رجل نسي القنوت وهو في بعض الطريق ، فقال : «يستقبل القبلة ثمّ ليقله» ، ثمّ قال : «إنّي لأكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو يدعها» (٤).

وغير خفيّ أنّ الأخيرتين أيضا صحيحتان ، ومع ذلك صريحتان في القضاء بعد الركوع أيضا ، وليس في الروايات السابقة ظهور تام فيما يخالفهما ، فضلا [عن] أن يقاومهما ، وفضلا عن [أن] يغلب عليهما ، سيّما مع التسامح في أدلّة السنن.

وأمّا اشتراط الشيخين بالدخول في الركعة الثالثة (٥) ، فلم يظهر لي وجهه. والصحيحة الأخيرة وإن كان ظاهرها كون الذكر بعد الفراغ في أثناء الطريق بعد ما مشى فيها ، إلّا أنّ مقتضى العلّة المذكورة التدارك مطلقا ، أيّ وقت تحقّق الذكر.

وصحيحة أبي بصير ظاهرها التدارك إذا سها في القنوت ، وكون التدارك بعد الانصراف وهو جالس أيّ وقت تحقّق الذكر ، ولذا قال المصنّف ما قال (٦). ولعلّ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩٠.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩١.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦٠ الحديث ٦٣١ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٥ الحديث ١٢٩٨ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٧ الحديث ٧٩٨٧.

(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣١٥ الحديث ١٢٨٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٦ الحديث ٧٩٨٦.

(٥) المقنعة : ١٣٩ ، النهاية للشيخ الطوسي : ٩٠.

(٦) راجع! الصفحة : ٧٦ من هذا الكتاب.

٩٤

مراد صاحب «الدروس» أيضا ذلك (١).

وتخصيص الصحيحة بما إذا لم يذكره حتّى سجد ـ كما قاله بعض العلماء ـ لم أجد وجهه غير الجمع بينها وبين الصحاح السابقة ، والجمع غير منحصر فيما ذكر ، مع أنّ الجمع المذكور يقتضي حملها على ما إذا وقع الذكر حال الهويّ إلى السجود أو ما بعده.

وكيف كان ، الأولى أن يختار خصوص التدارك بعد الرفع من ذلك الركوع ، سواء وقع الذكر في أثناء الركوع أو بعد رفع الرأس منه ، وإذا وقع الذكر بعد ذلك ، يختار التدارك بعد الفراغ من الصلاة وهو جالس ، وإن مشى في الطريق وذكر بعده ، ففي الطريق مستقبل القبلة ، وإن تذكّر بعد ما قام وقبل الدخول في المشي في الطريق ، فلعلّ الأولى الجلوس في موضع صلاته والتدارك حينئذ ، سيّما إذا قام ولم يمش بعد أصلا.

واعلم! أنّه ورد في غير واحد من الأخبار أنّ ناسي القنوت ليس عليه شي‌ء (٢) ، لأنّ كلمة «على» تفيد اللزوم.

نعم ، في صحيحة معاوية بن عمّار قال : سألته عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع أيقنت؟ قال : «لا» (٣) ، وعرفت الجواب عنها.

قوله : (وهو جهر). إلى آخره.

هذا هو المشهور لصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام أنّه قال : «القنوت كلّه

__________________

(١) الدروس الشرعيّة : ١ / ١٧٠.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٥ الباب ١٥ من أبواب القنوت.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٦١ الحديث ٦٣٣ ، الاستبصار : ١ / ٣٤٥ الحديث ١٣٠٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٨ الحديث ٧٩٩٢.

٩٥

جهار» (١) ، وعن السيّد والجعفي أنّه تابع للقراءة فيه (٢) ، ولم نعرف مأخذه ، سوى عموم ما ورد من أنّ «صلاة النهار عجماء ، وصلاة الليل جهر» (٣).

وفيه ، أنّ الجهر والإخفات فيه ، إنّما يكون في القراءة خاصّة ، كما هو المعروف بين المسلمين فضلا عن العلماء ، مع أنّ التخصيص بإخراج النصف ، لا يرضى به المحقّقون ويمنعه الدليل ، فضلا عن التخصيص بأزيد منه ثمّ أزيد ، بل لا يبقى غير أمرين ، فتأمّل! سلّمنا ، لكنّ العامّ مخصّص ، والمخصّص قد عرفت.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٩ الحديث ٩٤٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩١ الحديث ٨٠٠١.

(٢) نقل عنهما في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٨٧.

(٣) بحار الأنوار : ٨٢ / ٢٠٢ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ١٩٤ الحديث ٤٤٦٩.

٩٦

١٦٨ ـ مفتاح

[ما يستحبّ في القنوت]

يستحبّ التكبير قبله ، رافعا يديه للنصوص (١). وأن يرفع يديه تلقاء وجهه مبسوطتين ، يحاذي ببطونهما السماء وظهورهما الأرض ، كذا قيل (٢).

وفي الصحيح : «ترفع يديك [في الوتر] حيال وجهك» (٣). وتترك للتقيّة كما في الخبر (٤).

وأن ينظر إلى بطونهما كما هو المشهور ، وأن يدعو فيه بالأذكار المأثورة (٥).

ويجوز الدعاء فيه للمؤمنين وعلى المنافقين كما كان يفعله أهل البيت عليهم‌السلام (٦) ، وبالفارسيّة ، وفاقا للصدوق (٧) للأصل وظاهر بعض

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ١٨ الباب ٥ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٢) السرائر : ١ / ٢٢٨ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٤٥٠.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٢ الحديث ٧٩٧٢.

(٤) لاحظ! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦٩ الحديث ٧٩٣١.

(٥) راجع! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٤ الباب ٧ من أبواب القنوت.

(٦) لاحظ! بحار الأنوار : ٨٢ / ٢١١ ـ ٢٧٥ الباب ٣٣.

(٧) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٨ ذيل الحديث ٩٣٧.

٩٧

الأخبار (١) ، وأن يطيله ما استطاع ، كما في المعتبرة (٢).

وفي الحسن : «أطولكم قنوتا في دار الدنيا أطولكم راحة يوم القيامة» (٣) ، وأن يستغفر فيه في ثالثة الوتر سبعين مرّة ، كما في الصحاح (٤).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٩ الباب ١٩ من أبواب القنوت.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٢ الحديث ٨٠٠٤.

(٣) أمالي الصدوق : ٤١١ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩١ الحديث ٨٠٠٤.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧٩ الباب ١٠ من أبواب القنوت.

٩٨

قوله : (يستحبّ). إلى آخره.

أمّا التكبير فقد مرّ (١) ، وأمّا رفع اليد تلقاء وجهه مبسوطتين ، فلما رواه ابن بابويه ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام ، في الحديث الذي وصف فيه قنوته (٢) ، ولم يثبت ، كذا في «المنتهى» (٣).

وفي «الذخيرة» بعد ذكر استحبابه قال : قاله الأصحاب (٤).

وفي «الفقيه» عن أبي حمزة الثمالي قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول في آخر وتره : «ربّ أسأت وظلمت نفسي وبئس ما صنعت وهذه يداي جزاء بما صنعتا» ، قال : ثمّ يبسط يديه جميعا قدّام وجهه (٥) ، الحديث.

وروى عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : «وترفع يديك [في الوتر] حيال وجهك ، وإن شئت تحت ثوبك ، وتتلقّى بباطنهما السماء» (٦).

وروى محمّد بن سليمان قال : كتبت إلى الفقيه عليه‌السلام أسأله عن القنوت ، فكتب : «إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين» (٧).

ومفهومه استحباب الرفع عند عدم الضرورة.

__________________

(١) في (د ٢) : (عرفت).

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١١ الحديث ١٤١٣ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ٤١٦ الحديث ٥٠٤٩.

(٣) منتهى المطلب : ٥ / ٢٣٣.

(٤) ذخيرة المعاد : ٢٩٤.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣١١ الحديث ١٤١٣.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ١٣١ الحديث ٥٠٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٢ الحديث ٧٩٧٢ ، بحار الأنوار : ٨٢ / ٢٠٤.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣١٥ الحديث ١٢٨٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨٢ الحديث ٧٩٧٤.

٩٩

وقال المفيد : يرفع يديه حيال صدره (١) ، وحكى في «المعتبر» قولا يجعل باطنهما إلى الأرض (٢) ، انتهى.

وفي «المنتهى» جوّز هذا أيضا (٣) ، وعن ابن إدريس أنّه يفرّق الإبهام من الأصابع (٤) ، وربّما قيل : بتفريق الكفّين حتّى يقع النظر إلى موضع السجود حال القيام (٥).

وفي «الذخيرة» : وذكر الأصحاب أنّه يستحبّ كون نظره إلى بطونهما حال القنوت .. ولم أطّلع على رواية تدلّ عليه بمنطوقها ، قال في «المعتبر» : ذكر ذلك بعض الأصحاب ، وهو بناء على أنّ القانت يجعل باطن كفّيه إلى السماء ، والنظر إلى السماء في الصلاة مكروه (٦) ، رواه زرارة عن الباقر عليه‌السلام قال : «اجمع بصرك ولا ترفعه إلى السماء» (٧) وتغميض العين كذلك ، فتعيّن شغلها بما يمنعها عن النظر إلى ما يشغل ، ولا بأس به (٨) ، انتهى.

ونظر القائل المذكور إلى الأخبار الصحاح الدالّة على كون النظر إلى موضع السجود (٩) ، فإنّها بإطلاقها تشمل المقام ، وسيجي‌ء ذكر تلك الصحاح.

__________________

(١) المقنعة : ١٢٤.

(٢) المعتبر : ٢ / ٢٤٧.

(٣) منتهى المطلب : ٥ / ٢٣٤.

(٤) السرائر : ١ / ٢٢٨.

(٥) لم نعثر عليه.

(٦) المعتبر : ٢ / ٢٤٦.

(٧) وسائل الشيعة : ٥ / ٥١٠ الحديث ٧١٩٣.

(٨) ذخيرة المعاد : ٢٩٤ و ٢٩٥.

(٩) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٥١٠ الباب ١٦ من أبواب القيام.

١٠٠